أريد الزواج من أستاذي الجامعي الستيني

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فأهلكِ حريصون على مصلحتكِ، ويريدون لكِ الخير، وعندهم من خبرات الحياة ما يفوق خبرتكِ بكثيرٍ، ولا يُرضي الله ورسوله أن يكون ردُّكِ لفضلهم عليكِ أن تُفكِّري في عصيانهم، والخروج عن طاعتهم، ولا يجوز لكِ شرعًا أن تتزوجي بغير ولاية أهلكِ، فأنتِ في جميع الأحوال مَدينةٌ لهم وفي حاجة لهم.

فرق السنِّ بينكما كبيرٌ (أربعون سنة)، وهذا عند أغلب الناس مرفوض، وخاصة أن أغلب الناس بعد الستين تضعف صحتهم، وتعرف أمراض الشيخوخة طريقهم، أنتِ لم تذكري الحالة الصحية لهذا الرجل، وقد يكون في تمام الصحة والقوة، ولا يعاني شيئًا، وقد يمد الله في عمره سنوات طويلة وهو في صحة وعافية، وهذا ما ندعو الله به له ولسائر عباده الصالحين.

من رسالتكِ أنتِ لا تعانين قلةِ الخُطَّاب، بل يتقدم لكِ الكثير، وكل الصفات التي ذكرتِها في الرجل متوفرة في كثير من الرجال، ولا أظن أنكِ افتقدتِها في كل الخُطَّاب الذين طرقوا بابكِ.

هذا الرجل حاله ميسور، ومركزه مرموق، ولن يعدم أن يجد عشرات النساء اللاتي يقبلن به، فلا يجب أن يكون للشفقة عليه أي تأثير في تفكيركِ.

بصفة عامة، أنا لا أرى أن فرق السنِّ يجب أن يكون عائقًا في الزواج، ولكنه أحد أهم العناصر التي تُوضع في الحسبان عند تقييم الشخص.

ومن رسالتكِ لو وضعنا تقييمًا لكِ من حيث السنِّ والجمال، والنسب والمؤهل الجامعي، فيمكن أن تحصلي على فرصة أفضل، إذًا فأنتِ غير مضطرة لقبول هذه الزيجة نهائيًّا.

وأريد أن ألفتَ نظركِ لنقاط في غاية الأهمية:

1- أن عنده أطفالًا في سنٍّ حرجة، وأنتِ لا خبرةَ لكِ في تربية الأطفال أساسًا، وسوف تقفزين من مرحلة تربية الأطفال إلى مرحلة تربية الشباب في مرحلة المراهقة.

2- المسؤولية سوف تكون كبيرة عليكِ، وخاصة عندما يرزقكِ الله بالأطفال.

3- استشرفي المستقبل بعد 15 عامًا من الآن، فسوف تكونين شابة في سن الأربعين، وزوجكِ - إن أطال الله بقاءه - سيكون شيخًا في الثمانين من عمره، وهذه مرحلة صعبة، ولن يكون فيها كما هو الآن، وقد لا يكون قادرًا على الوفاء باحتياجاتك النفسية والجسدية.

4- انبهاركِ به شيء مفهوم وطبيعي، خاصةً إذا ما قارنتِهِ بأي شاب في سنِّكِ، قليل العلم والخبرة، وخاصة أنكِ لا تُلقِين بالًا لفرق السن الكبير بينكما.

5- ليس بالضرورة أن تكون مشاعركِ نحوه حبًّا، فربما تكون إعجابًا وانبهارًا بالعلم والأخلاق، وخاصة أنكِ رأيتِ فيه صفة مهمة جدًّا تحبها النساء؛ ألَا وهي إخلاصه وتفانيه في رعاية زوجته المريضة.

ربما بعد التفكير العميق في هذه النقاط تجدين أن أهلكِ على صواب في موقفهم، ولو كانت عندي بنتٌ في نفس ظروفكِ، وفي نفس الموقف، فلا أظن أن موقفي سوف يختلف كثيرًا عن موقف أهلكِ؛ فهم يفكرون بشكل منطقي وصحيح، وأنتِ تحت تأثير عاطفة لا يمكن أن تتأكد أبدًا، ولو أنكِ نحَّيْتِ هذه العاطفة بعيدًا عن قراركِ، فلا شكَّ عندي أن قراركِ سوف يكون هو نفس قرار أهلكِ، عزيزتي، التفكير العقلاني المنطقي لا يخطئُ أبدًا، والعواطف كثيرًا ما تُخطئ.

نقطة أخيرة: شجاعة هذا الرجل واتخاذه قرارَ التقدم لخِطبتك سببُهُ - في ظني - تشجيعٌ منكِ، فلا تجعلي خوفكِ من مواجهته بعد ذلك، وقد رفضه أهلكِ يؤثر على قراركِ، فهذا من الحياء المذموم، ولو أنه حريص عليكِ، ويُكِنُّ لكِ مشاعرَ طيبة، فلن يقبل نهائيًّا أن يكون سببًا للوقيعة بينكِ وبين أهلكِ.

وفقكِ الله لِما يحب ويرضى.