• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    رجل مطلق يحبني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    إحباط من جميع النواحي
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    أكل الحقوق بين الإخوة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات اجتماعية / استشارات أسرية / المشكلات المادية
علامة باركود

الفقر والخوف من المجهول

أ. شريفة السديري

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/12/2011 ميلادي - 19/1/1433 هجري

الزيارات: 17081

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمدٍ وعلى آله وصَحْبه أجمعين.

أمَّا بعدُ:

أنا فتاة في الثامنةَ عشرة، وأعيش وأسرتي في بيت صفيحي برُفقة بعضٍ من أقاربنا العدوانيين، وعلاقتنا بهم علاقة تَضادٍّ، الأهم من هذا كله، أن أبي كان يعمل ويُنفق علينا ونحن ندرس، وكنَّا نقضي معظم أوقاتنا في السلف والديون المُتراكمة، وفي أحد الأيام تفاقَم الوضَع ليشمل مصاريف سيَّارات الأُجرة؛ لأن البيت الذي نعيش فيه في منطقة خالية تمامًا، كنا دائمًا نعيش حالات الجوع والكآبة والحزن، ونكتفي بسماع أُمِّنا التي تُنشد الآهات على قَدَرها الذي جمَعها بعائلة تسعى للتخلُّص منها، وكذا تُنشد الآهات لحياة القسوة والظلم التي كانتْ تَعيشها برُفقة مَن نعيش معهم الآن، ولطالَما لامَت أبي على عقله الطفولي، وغياب منطق الرجولة عنده، وغياب رُوح المسؤوليَّة، كيف لا وهو ابن عمِّها؟ وكذا لَم يحسَّ يومًا بمسؤوليَّاته كأبٍ لأسرة، واكتفى بدلاً من ذلك بالرجوع للعيش مع الذئاب وسط هذا البيت، الذي أضحى اليوم قذارة ومزبلة تَستوطنها الضفادع والحشرات والنمل، والأعشاب الضارة التي تَهجم على بيتنا أينما كنَّا، في حين أن أصحاب المنزل الحقيقيين يعيشون حياة الذُّل والتسوُّل بين الأزِقَّة.

هذا الأمر الذي لوَّث اسْمنا في البيت، وكذا صار يَختلق المشكلات الكثيرة مع الجيران، ومع هذا الوضع الذي يتطوَّر الآن لأقصى الدرجات، صِرنا في تعبٍ شامخٍ وإعياءٍ، وكآبة لا توصَف، نُنشد الآهات، نُنشد بماضينا وحاضرنا، ونخشى مستقبلنا، فهذا المنزل أضحى قمامةً نعيش فيها؛ بيوت ضيِّقة أضحَت مُظلمة، لا نتوفَّر على حمَّام، ولا على صرفٍ صحي، ونكتفي بوضْع القذارة في أكياس بلاستيكيَّة، وصفائح السقف القصديري تتساقَط علينا من الأمطار لنعيشَ وسط بركة مائيَّة، الزبالة والقذارات تدخل إلى بيوتنا، والصراصير تُهاجمنا، وكذلك الحال للنمل، والعديد من أصناف الحشرات، فصار العمل الدائم في تنظيف هذا المنزل صباحَ مساء يُلاحقنا باستمرارٍ، في حين لا يترك لنا مجالاً للراحة، فهذا المنزل أصبَح سجنَ عذابٍ دائمٍ، إضافة إلى عذابنا النفسي من جهة الأقارب الذين لا يُساندوننا، ولا يدعموننا، ولا يَزوروننا أبدًا، وبعبارة أوضح: لا عائلة لنا، ونحن الذين اعْتَدنا سماع العائلة وزياراتها المتكرِّرة، وكذا الأفراح والمسرَّات على لسان زُملائنا في المدرسة، هذا ما أثَّر علينا، فلا توصَف حياتنا بالفقر والضيق، بقَدْر ما توصَف بكارثة أننا لا نَسْتَحم إلاَّ مرتين أو ثلاث مرات في السنة، لا نسافر أبدًا ونعيش صيفنا وسط هذه الغابة، حتى عيد الأضحى لا نحتفل به أبدًا؛ فأبونا يقبض أُجرته التي لا تَكفينا؛ إذ إنَّ مُعظمها يضيع في مصاريف سيارات الأُجرة.

صارَت أعيادنا فرصة لرَسْم الابتسامة التي ما تَنْفَكُّ أن تذوبَ لحظة انْعَدَمت البركة من الشيء، وصِرنا كما حالنا دومًا، لا نتناول وجبة الفطور ولا الغداء ولا العشاء، وبمعنى الكلمة: صائمون قائمون للأشغال، فإذا تناوَلنا وجبة الفطور فهي وجبة الغداء في موعدها، وإذا تناوَلنا وجبة الغداء، فهي وجبة العشاء في موعدها، وما نَنْفَكُّ أن نُصبح نائمين.

وهكذا، فالوضع يتكرَّر، وفي معظم الأحيان، ففطورنا خُبزٌ وشاي، وإنِ اقْتَنينا منتجات من السوق الذي يَبعُد عنا عشرات الكيلومترات، فإننا نُصَبِّر جوعنا بعصير برتقال نُقَسِّمه معًا، أو خُبز وجُبن، وزيتون أسود وشاي، في حين أن غداءَنا عبارة عن مَرقٍ بالبطاطس والجزر، أو في كثير من الأحيان لا شيء، وإن جادَت القريحة، فإننا نَحلم بفرصة لتناول وجبة دَسمة، لكنَّ ذلك بمعدَّل مرتين إلى خمس مرَّات في السنة.

أصبنا بالقُمَّل الذي لَم نتخلَّص منه إلى حدود السنة السابعة، والآن أُصِبنا بأمراض نفسيَّة، وأُصِبنا بأمراض الحساسية، صِرْنا قِصارَ القامَة، وكذلك صِرنا نحفاء الجسم، وما زاد الطين بلَّة أنَّ أخي الكبير أضحى كالمجنون بشعره الخَشِن الذي لا يَحلقه، وكذا بوسواسه القهري من ناحية النظافة، وبعد فَشَلِ أَخَوَيّ الأكبر مني سنًّا في النجاح في الباكلوريا على أساس أنها نصيب وقَدَرٌ، صِرْت أتخوَّف من نفس التجربة، وأنا التي أُولِي للفشل خطًّا كبيرًا، وأسعى للاجتهاد دائمًا، لكن أمام النصيب والحظ، فأنا أقبع فاشلة تمامًا، صِرتُ أتخوَّف من مستقبلنا: مَن سيُساندنا؟ مَن سيدعمنا ونحن لا عائلَ لنا سوى والِدَيْنا؟ صِرنا نتخوَّف من إمكانيَّة العمل؛ لأنها صارَت فكرة صعبة بالنسبة لنا، فقد عِشنا طوال حياتنا في غياب من التواصُل مع الآخرين، فكيف نجد عملاً وقد اسْتَصْعَب على الأقوياء وأصحاب الجُرأة والعزيمة، بل حتى حلمي لأُصبح صحفية، قد انتهى وتلاشى سنةً بعد سنة.

فأوَّل العوائق لدينا: حياتنا، وانعدام مَن يُساندنا، وكذا بُعْدُ منطقتنا عن المدرسة المخصوصة.

ثاني العوائق: شَكْلُنا بأسناننا البارزة، ونحافة جسمنا، وقِصَر قامَتنا، وكذلك بإصابتنا بالقُمَّل، وأنا أعلم أن الصحافة تُحَبِّذ المظهر الحَسَن، إلا أنَّ هذا الحلم أضحى كغيره من الأحلام التي تبدَّدت؛ فلقد صِرْتُ أخاف من المستقبل وأتشبَّث كثيرًا بالحاضر، وعلى الرغم من دعائي اللهَ، فأنا أخاف أن تأتي لحظة في المستقبل نعيش فيها كالمُشرَّدين والمذلولين، بلا عملٍ.

إني أخشى ذلك حقًّا، أخاف من المجهول، وأتشبَّث بالحاضر المعلوم، لكنَّ الوقت لا يرحم أبدًا، ويجري على غير ما تَشتهي نفسي، فحتى لو نَجَحت في الدراسة، وحَصلت على شهادة الباكلوريا، فسيكون مصيري كإخوتي بلا عملٍ، وسأبقىوسط المنزل.

 

الجواب:

أهلاً بكِ عزيزتي.

لماذا تتشبَّثين بالحاضر السيِّئ؟ هل أنت مستعدة لتعيشي فيه طوال عُمرك؟ 

الواقع المأساوي الذي ذكرتِه في رسالتك، والذي أورثكم أمراضًا جسديَّة ونفسيَّة كثيرة، لن يغيِّره سواكم، وإن عِشْتم الباقي من عُمركم في هذه الكآبة وهذا اليأس، فستموتون كذلك، الآن أو بعد ستين سنة.

أنتم لستم مسؤولين عن الواقع الذي وُلِدْتُم فيه، ولكنَّكم مسؤولون عن مستقبلكم الذي ستعيشون فيه، أيُّهما أسهل: تعويض ما فاتَك من علمٍ ومعرفة، ومهارات اجتماعيَّة وتعلُّمها الآن، أم الاستسلام للخوف والكآبة والأفكار التشاؤميَّة السوداء، التي سقاكم إيَّاها واقعُكم السيِّئ؟ 

لا تُفكِّري في ماضيكم، ولا تَخافي من المستقبل؛ بل اعْمَلي له وجاهِدي؛ لتحقِّقي أحلامك التي لن تتحقَّق إن بَقِيتم في هذا التشاؤم والخوف.

ولأن الإنسان عدوُّ ما يجهل، فأنت تَعتقدين أن مستقبلك مهما كان، فلن يكون أفضلَ من واقعك؛ لذا فأنت تُفضِّلين التشبُّث بهذا الحاضر، فعلى الأقل صارَت لَدَيك الخبرة والقدرة على التكيُّف عليه والتعامُل معه، أليس كذلك؟

طبعًا ستقولين: لا؛ لأن لَدَيك أحلامًا ترغبين في تحقيقها، وحياةً أفضلَ لتعيشيها، وهناك تجارب وخبرات، والكثير من الأمور التي ترغبين في خَوْضها واكتشافها؛ لتُثري حياتك.

مهما كان وَضْع الإنسان سيِّئًا اليوم، فهذا لا يعني أنه لن يَنجح في المستقبل، فالمجتهد الصبور صاحب الهدف، الذي يسعى بكل إخلاص وصبرٍ إلى هدفه، سيصل أيًّا كانت ظروفه، وأيًّا كان وَضْعه.

سأحكي لكِ حكاية "محمد بن أبي عامر"، الحاجب المنصور الذي أسَّس الدولة العامرية في الأندلس.

"كان محمد حمَّارًا يحمل للناس بضائعهم على حمار يَملكه، ويوصِّلهم للمكان المطلوب،

وفي نهاية يوم من الأيام الشاقَّة، كان محمد يتناول طعام العشاء مع صاحِبَيْه - وكانا يعملان حمَّارين مثله - فقال لهما:

افتَرِضا أنني خليفة، ماذا تتمنَّيان؟ فقالا: يا محمد، إنَّ هذا غيرُ ممكنٍ، فقال: افترِضَا جدَلاً أنني خليفة، فقال أحدهما: هذا محال، وقال الآخر: يا محمد، أنت تَصْلُح حمَّارًا، أمَّا الخليفة فيختلف عنك كثيرًا، لكنَّ محمدًا هامَ في أحلام اليقظة، وتخيَّل نفسه على عرش الخلافة، فقال لأحدهما: ماذا تتمنَّى أيها الرجل؟
فقال: أريد حدائقَ غنَّاءَ، فردَّ محمد: وماذا بعدُ؟ قال الرجل: إسطَبْلاً من الخيل، فردَّ محمد: وماذا بعدُ؟ قال الرجل: أريد مائة جارية، فردَّ محمد: وماذا بعدُ أيها الرجل؟ قال: مائة ألف دينار من الذهب، فردَّ محمد: ثم ماذا بعدُ؟ فقال صاحبه: يكفي ذلك يا أمير المؤمنين، كل هذا ومحمد بن أبي عامر يسبَح في خياله، ويرى نفسه على عرش الخلافة، ويسمع نفسه وهو يعطي العطاءَات الكبيرة، بعد أن كان يأخُذ، ويُنفق بعد أن كان يَطلب، ويأمُر بعد أن كان يُنَفِّذ.

ثم الْتَفَت إلى صاحبه الآخر وقال: وأنت، ماذا تريد أيها الرجل؟ فردَّ صاحبه: يا محمد، إنما أنت حمَّار، والحَمَّار لا يَصْلُح أن يكون خليفة!

فقال محمد: يا أخي، افْتَرِض جدلاً أنني الخليفة، ماذا تتمنَّى؟ فقال صاحبه: أن تقعَ السماء على الأرض أيسرُ من وصولك إلى الخلافة، فقال محمد: دَعْني من هذا كله، ماذا تتمنَّى أيها الرجل؟ فقال الرجل: اسمع يا محمد، إذا أصبَحْت خليفة، فاجْعَلني على حمارٍ ووَجِّه وجهي إلى الوراء، وأْمُر مناديًا يمشي معي في أَزِقَّة المدينة، ويُنادي: أيُّها الناس، أيُّها الناس، هذا دَجَّال مُحتال، مَن يمشي معه أو يُحَدِّثه، أَوْدَعْتُه السجنَ.

وانتهى الحوار ونام الجميع، ومع بزوغ الفجر استيقَظ محمد وصلَّى، وجلَس يُحَدِّث نفسه: صحيح الذي يعمل حمَّارًا لن يصل إلى الخلافة، وأخَذ يفكِّر في الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف، فباع الحمار وانطلَق بكلِّ إصرار وجدٍّ، فعَمِل في الشرطة، وأُعْجِب به الرؤساء والزُّملاء والناس، وترقَّى في عمله؛ حتى أصبَح رئيسًا لقسم الشرطة في الدولة الأُمويَّة في الأندلس.

وكان بحكم عمله قريبًا من الخليفة، الذي تولَّى الخلافة بعده ابنه هشام المؤيَّد بالله، وعُمره في ذلك الوقت عشر سنوات، فجعلوا عليه مجموعة من الأوصياء، هم: محمد بن أبي عامر، واثنان آخران، وكان محمد بن أبي عامر مقرَّبًا إلى "صبح" أُمِّ الخليفة، واستطاع أن يَمتلِك ثقتها، وبدهاءٍ وذكاءٍ أصبَح محمد بن أبي عامر هو الوصيَّ الوحيد على الخليفة، ثم اتَّخذ مجموعة من القرارات تقضي ألاَّ يَخرج الخليفة إلاَّ بإذنه، وأن تَنتقل شؤون الحكم إلى قصره.

ثم قام بتجييش الجيوش وفَتْح الأمصار؛ حتى اتَّسَعت دولة بني أُميَّة في عهده اتساعًا غير مسبوقٍ، وحقَّق من الانتصارات ما لَم يُحَقِّقه خلفاء بني أُميَّة في الأندلس، وقد اعتبَر بعض المؤرِّخين أن تلك المدة مدةُ انقطاعٍ في الدولة الأمويَّة، وسُمِّيت بالدولة العامرية؛ لقوَّتها وعَظَمتها".

حسنًا يا عزيزتي، قد تقولين لي: إنه زمنٌ مضى، والحياة قديمًا ليستْ كالحياة الآن، ولكنَّ النفوس هي هي، لَم تتغيَّر، والأرواح لَم تتبدَّل!

كان بإمكانه أن يستمعَ لكلام أصحابه ويقول لنفسه: نعم، الحمَّار لن يكون يومًا سوى حمَّارٍ، رِزْقه قليل، ثيابه رَثَّة، ولا يريد سوى قوتِ يومه، ورِزق عِياله.

ولكنَّه فكَّر وقرَّر، وعَمِل واجتهَدَ، ومشى خُطوةً خطوة، صَبر على القليل في البداية، وأخْلَص أداءَ كلِّ عملٍ يَعمله، توكَّل على الله، ولَم يُعِرْ بالاً للمُحْبِطين من حوله، عوَّض ما كان يَجهله من علمٍ، والْتَحَق على كِبَرٍ بحلقات العلم والفقه، وصاحَب أهل الفضل والتُّقى، وبعد ذلك لَم يُصبح مجرَّد خليفة، ولكنَّه صار وصيًّا على الخُلفاء.

عزيزتي، لا تَدَعي شيئًا يقف في طريقك، وصمِّمي على الوصول إلى هدفك، اكْتُبيه على خُطوات ومراحل، وكلما أنْهَيتِ مرحلة، انتقلي للتي تليها، وكلما مَشَيْتِ خطوة، واصِلي التي بعدها؛ حتى لا تَفْتُر عزيمتُكِ، ولا تَقِلَّ هِمَّتُك.

لا تَحقري إنجازاتك وأعمالك؛ فوصولك لآخر مرحلة دراسيَّة هو إنجاز في حدِّ ذاته لشخص في مثل وَضْعك وحالك، وكونك تخطَّيتِ السنين الماضية كلها، فما الذي سيجعلكِ تَرْسُبين في آخر سنة؟!

وبإذن الله ستتخرجين بتقدير ممتاز، وستلتحقين بجامعة ممتازة، فقط توكَّلي على الله بصدقٍ، ويُمكن أن تبدَئي عملك متدرِّبة في إحدى الصحف، فإن أثبتِّ مهارتك وجَدارتك، عيَّنوكِ فورًا؛ لأنكِ ربما لن تَجدي مَن يقبل أن يوظِّف فتاة مُبتدئةً بلا خِبرة، فبدلاً من أن تَجلسي في المنزل بلا عملٍ، تدرَّبي في صحيفة أو إذاعة، أو قناة تلفازيَّة لمدَّة شهرين أو ثلاثة، وبنهاية المدَّة، إما أن تتركيهم مقابل شهادة خِبرة تكون دافعًا لقَبول توظيفك في إحدى الصحف، أو تتعيَّني لَدَيهم، بعدما تكونين قد أثبَتِّ نجاحك وجَدَارتك.

عزيزتي، معك حقٌّ أنَّ الحظ والنصيب يلعبان دورًا مهمًّا في حياة الناس، ولكن مَن يصنع حظَّ الإنسان ونصيبه؟

هو يصنع حظه بنفسه، نراه قد تبنَّى فكرة معيَّنة واقتنَع بها، وصار يعلِّق كلَّ فشله ومَصاعبه في الحياة عليها، ويقول دائمًا: هذا حظي، وهذا نصيبي، فماذا بيدي أن أفعل؟! وإنْ نظَرنا إلى وضْعِه، نرى رجلاً رفَضَتْ شركتان أو ثلاث أو أربع توظيفَه، فأُحْبِط وجَلَس في المنزل؛ لأنه يؤمن أن حظَّه هكذا، ولا يُمكن أن يتغيَّر!

ولو أنه خرَج وبحَث وعَمِل، لتغيَّر حظُّه، واختَلَفَت حياته.

فكِّري مَليًّا في حياة إخوانك، ألا تَعتقدين أنَّ لهم يدًا في وضْعهم، ومسؤولية كبيرة تقع على عاتقهم؛ كونهم جلسوا في المنزل، واستسلموا للإحباط والفقر؟!

الحياة منذ خلَق الله آدمَ - عليه السلام - صعبة، وتحتاج منَّا لجهاد وصبرٍ، وعمل دؤوبٍ مستمر، وكما قال - سبحانه - في مُحكم تنزيله: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4].

ولكنه قال أيضًا: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5 - 6]؛ أي: إنَّ المصاعب ستَتَيَسَّر، والغموم ستَنجلي، ولكن بأيدينا نحن، وبجهودنا نحن، وهذا تصديقًا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

هذه نصيحتي لكِ يا عزيزتي؛ لذا أعِيدي ترتيب أمورك، وضَعي لائحةً بأهدافك وأدوات تحقيقها؛ حتى يأتي اليوم الذي أجدُ منكِ رسالة تُخبرينني فيها بأنَّكِ أصبَحتِ رئيسة تحرير أهمِّ صحيفة في الوطن العربي.

 

وأنا متيقِّنة من ذلك اليوم - بإذن الله تعالى.

وفَّقكِ الله عزيزتي، ويسَّر لكِ كلَّ عسير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشكلات صاحبت الفقر وتغير الحال
  • الفقر ليس عيبا
  • لا أستطيع تحمل الفقر
  • الفقر والزواج
  • نخاف من الوقوع في أكل الحرام
  • أنا مهمومة دائما
  • سؤال عن الفقر والغنى
  • نظرة بعض الأغنياء إلى الفقراء

مختارات من الشبكة

  • تنمية العمل الاجتماعي: مواجهة الفقر (الوقفة الرابعة: الإسلام ومعالجة الفقر)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • تنمية العمل الاجتماعي: مواجهة الفقر (الوقفة الثالثة: تحليل أسباب الفقر)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • تنمية العمل الاجتماعي: مواجهة الفقر (الوقفة الثانية: تعريف الفقر وقياسه)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الفقر الأسود والفقر الأبيض!!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • معنى الافتقار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الفقر والفقراء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • معالجة الفقر في الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفقر والفقراء: قمم مستنسخة ونتائج وهمية!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • تأثير الفقر على الأطفال يفوق كل التأثيرات(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خبراء: تأثيرات الفقر على المجتمع كبيرة، وأخطرها على التعليم(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب