• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات دعوية / العلاقات المحرمة والتوبة
علامة باركود

هل كثرة الاعتذار للآخَرين تجرحهم؟

أ. شريفة السديري


تاريخ الإضافة: 12/12/2011 ميلادي - 16/1/1433 هجري

الزيارات: 20227

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

بدايةً أشكُركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، وإنِّي لَسعيدةٌ جدًّا به، وأرجو أنْ تُفِيدوني في استشارتي هذه.

 

لا أعلم كيف أبدأُ تفصيلَ استشارتي، لكن ليَكُنِ الله المعين في هذه الحالة، أرجو أنْ تُجِيبوني جَوابًا يَشفِي خاطِري، ويسدُّ فكري الملتهِب، أرجو أنْ تُجِيبوني على كلِّ نقطةٍ من النِّقاط المطروحة:

أولاً: أنا فتاة عُمري سبعة عشر عامًا، ولعلَّ عُمري هذا أخطر مرحلةٍ في حياتي، بداية القصَّة أنِّي فتاة مجتهدةٌ - ولله الحمد - أهتمُّ بدِراستي أكثر من اهتِمامي بالعلاقات داخِل المجتمع؛ لأنِّي أخشى اللهَ - عزَّ وجلَّ - لذا فقد عوَّدت نفسي على حُبِّ الخير دائمًا والبُعد عن الشر، لكنَّ الشرَّ يُلاحِقني، المهمُّ كنت كلَّما مرَرْت بمرحلةٍ دِراسيَّة، أجدُ نفسي أحملُ عبئًا ثقيلاً يُساوِرني كلَّما فكَّرت في السَّنوات التي خلَتْ، ومَدَى الأحزان التي تعرَّضت لها بسبب استِغلالي كفتاةٍ مجتهدة، إلا أنِّي كنتُ أعلم بأمْر هذا الاستغلال، وأُساعِد نفسي بذِكر الله، لكن هذه السَّنة بالذات تغيَّر كلُّ شيءٍ تقريبًا؛ لأنِّي واجَهتُ نوعًا آخَر من الأزمات النفسيَّة التي لطالما أثَّرت على تفكيري، خاصَّة أنِّي دعوت الله في بداية هذه السَّنة أنْ يُخفِّف عني حدَّة تلك المشاكل، إلا أنِّي أُفاجأ أنَّ المشاكل تتزايَدُ عليَّ باستمرارٍ دائمٍ، لطالما كانت السُّخرية تُشكِّل عليَّ حِملاً ثقيلاً، لكنِّي مع الأيَّام، وبفضلٍ من الله - عزَّ وجلَّ - استطَعتُ تجاوُزَها، لكنَّ المشكل الذي رعبني حقًّا لم يحدُثْ معي طوال سنوات الدِّراسة؛ فقد أحسست بأنَّ بعضَ أساتذة هذه السَّنة يكرهونني، بل لا يُبالون بي، لكن مع ذلك صبرت وصبرت، وبصراحةٍ ما زاد حِدَّةَ ألمي، وما جعلني أتمسَّك بهذه السَّنة، هو أنِّي علمت بأنَّ أحد زُمَلائي معجبٌ بي، وأنا التي لا أستجيز هذه الأمور؛ لأنِّي أعرفُ تمامًا أنها حرام؛ المهم تفكيري انشَغَل معه، لا من أجل حبِّه - والعياذ بالله - بل لمجرَّد أنَّه معجبٌ بي، بدأتُ أتخيَّل مدى سَذاجة الموقف، وكوني ملتزمةً تمامًا، فقد كانت أفكاري تحمِلُني على الشكِّ دومًا، هل أنا أيضًا مُعجَبة به لتفكيري الدائم، أو أُبدي له احترامًا كبيرًا فقط؟ في حين أنه هو الوحيد الذي لا أستطيع التحدُّث معه بطريقةٍ انسيابيَّة؛ خشية أنْ يُصارِحَني بالأمر فأقع في الأمر الخطأ، لكن هيهات! حاولت مِرارًا وتكرارًا الابتعادَ عنه، ولكن لا أنكر أنَّه لم يُبدِ لي سُوءًا أبدًا، بل كان محترمًا للغاية.

المهم: مع اقتراب موعدِ الامتحانات عجزت في مادَّةٍ من المواد الدِّراسيَّة، وكان المعنيُّ بالأمر متفوقًا فيها، هذا ما جعلني ألغي الحدودَ الكثيرة التي كانت بيننا لأتواصَلَ معه بحجَّةٍ منطقيَّة، المهم صِرنا نُراجِع الدُّروس برفقة بعض زُمَلائنا، وهكذا مضى الأمر، وأعطيتُه رقم هاتفي وأعطاني رقم هاتفه، وهكذا بقيَّة زملائنا، المهم صِرنا نضربُ مواعيد اللقاء قُرب المدرسة للمراجعة استِعدادًا للامتحان، وكنت سعيدةً جدًّا لأنِّي أُراجع وأساعدُ زُمَلائي في بعض المواد المستعصية، والحمد لله وفَّقني الله في ذلك، وهكذا تطوَّرت العلاقة بيننا نحن المجموعة؛ إذ أصبحنا كالإخوة تمامًا، إلى أنْ جاء يومٌ فكَّرت فيه كثيرًا وراجعت تفكيري جيدًا، وهذا من طبعي دائمًا، وقلت في خاطري: على الرغم من أنَّني أسعَى وراء نَيْلِ مَرْضاة الله، فهل يا تُرى أقومُ بالعمل الصائب عند مُراجعتي مع هذه المجموعة - ثلاث بنات وولدان - ثم أرجعُ وأفكِّر، ربما صارت المسافة بيننا قريبة، وربما حاول أنْ يُضايِقني أو أنْ يعرف كلَّ أفكاري وطريقة تفكيري، حِرتُ كثيرًا في اتخاذ القَرار، لكنِّي قرَّرت أنْ أُكمِلَ إلى النهاية، ومع تَردُّدٍ كبيرٍ في الإجابة على الرسائل التي كانت تحملُ مواعيد، صِرت أتلعثَمُ في الإجابة عنها؛ نظَرًا للحيرة التي اجتاحَتْ فُؤادي، حِينَها قُمت ذاتَ يومٍ بإرسال رسالةٍ له، ودون شعور أطلُب منه الاعتذارَ فيها، في حين أن هذا الاعتذار كان مُوجَّهًا إلى نفسي، لكنَّني كتبته له لعلِّي ألقى الراحة الكاملة، وحين أرسلت الرسالة ساورَنِي الندم على كتابتها، لكنْ فات الأوان! فأجابني: لماذا الاعتذار؟ وبأني إنْ فعلت أيَّ شيء فسيُسامحني دُون أنْ أطلُبَ منه ذلك؛ نظَرًا لأنِّي إنسانةٌ محترمةٌ، أمام هذه العِبارات، أنا أجهَلُ تمامًا ما السبب الذي دفعني للاعتِذار، بل أكثر من ذلك ندمت ندَمًا شديدًا؛ لأنِّي شعرت بالضعف حينها، بل أكثر، فسمحت بشكلٍ آخَر من أشكال الحوار معه، والتقَيْنا في صَباح اليوم التالي، وكانت الأمور عاديَّة جدًّا، إلا أنَّ الشعور القاسي رجَع من جديد حين دخَلتُ لمنزلي وصار ضميري يُؤنِّبني لأفتَح صفحةً جديدة، هذه المرَّة كنت في حاجةٍ ماسَّة لأسرد تجربتي الحزينة، لكن في رسالةٍ، وبالفعل؛ كتبتُ له رسالةً جديدةً هذه المرَّة بعباراتٍ حزينة يحسُّ قارئها كأنَّني أُودِّعه، ولم يفهَمْ قصدي جيِّدًا بأنِّي لم أكنْ أَعنِيه بالكلام، بل فقط كنت أريدُ التخفيف عن نفسي المقهورة لسنين وأعوام؛ لأنَّ فكرة أنْ أجدَ أصدقاء محترمين كتلك المجموعة، فاجأَتْني حقًّا؛ لذلك صار فِكري منشغلاً بسرْد تجارب الماضي، المهم هو فهمها على أساس أنَّه أخطأ معي؛ لذلك قام بالرد عليَّ ردًّا حزينًا يطلب منِّي أنْ أُسامحه فيه؛ فحاولت إجابته بردٍّ آخَر؛ لكنِّي ربما جرحته باعتذاراتي المتكرِّرة، وفي صباح اليوم التالي تأخَّرت عن الموعد وبقيتْ صديقتي تنتظرني، لكن عندما جِئتُ فُوجِئت بأنَّ الفتيان لم يأتوا، حِينها لم أُركِّز أبدًا في شرحي لزميلتي وأحسست أنِّي ظَلمتهما معي، بل أكثر من ذلك علمت بأنَّ الفتى يقيمُ علاقة صداقة مع إحدى أعضاء المجموعة، لكن لم يُهمَّني الأمر في شيءٍ، ولكنَّ زميلته فاجأَتْني وطلبتْ منِّي أنْ أخبرها لماذا أنا غاضبة منه؟ حينها حاولت أنْ أشرح لها أنَّه يفهمني خطأً، لكن لم يهدأ لي بالٌ، واستمرَّت حملات التأنيب نحوي؛ لذا قرَّرت أنْ أُرسِل له رسالةً من جديدٍ أستفسِرُ منه وأوضح له الأمر، لكنِّي فُوجِئتُ بأنَّه يمزحُ معي، حِينَها أحسست كأنَّه ابتسم في رسالته، وشعرت بأنِّي جرحته كثيرًا، وعاهدت نفسي على وقْف الرسائل الحزينة.

وهكذا انشغَلْنا بباقي الأيام تحضيرًا للامتحان، ومرَّت الأيَّام وحلَّ موعد الامتحان، ومرَّ - والحمد لله - على ما يُرام، ثم افترقنا مجدَّدًا، لكن هذه المرَّة اتَّجهتإلى الإنترنت، وتحديدًا إلى صفحات (الفيسبوك) لأتواصَل معهم، وتَمَّ التواصُل بالفعل، لكن هذه المرَّة مع زميلي الآخَر، كنت أرجو له النجاحَ، وقد رجونا أنْ يجمَعَنا القدَرُ - إنْ شاء الله - في العام القادم، لكن وبمزحة ثقيلة منِّي، ولم أقصد حِينَها، نطقتْ ألفاظي بجملة: إنَّك تستغلُّني وتريد حاجتك مني فقط، حينها أحسست بأنِّي جرَحته؛ لأنَّه لم يُجِبني حينها، ولكن أفهمته الوضع بأنِّي كنت أمزح معه فحسْب، لكنَّه لم يُجِبْ، حاوَلتُ الاعتذارَ له لكنَّه لم يُجِبْ، حينها شعرت بأنَّ نفسي أضحَتْ شرِّيرة من كثْرة الاعتِذارات، بل صِرت لا أزنُ كلامي وأقول: أين ذهبَتْ أخلاقي؟! وأين ذهَب التِزامي؟! هذه الأمور كلُّها خطأ في خطأ، أنا صِرت أجرح الآخَرين عن غير قصدٍ، وهم الذين يعزونني رغم أنِّي جرَحتُهم!

المهمُّ حاولت الاتِّصال به مئات المرَّات لكنَّه لم يجبْ، وفي أحد الأيَّام وجدته قد ألغاني كصديقةٍ في (الفيسبوك)، أنا لا يهمُّني هذا الأمر، لكنَّ رمزَ الإلغاء أثَّر فِيَّ كثيرًا؛ لأنِّي تأكَّدت من أنَّه صار يكرهني جدًّا، بل أحسست بالجرح الكبير؛ لذا فكَّرت في أنْ أُرسِل له رسالةً خاصَّة على الهاتف لأعتذر منه وأطلُب منه الوداعَ، لكنِّي تردَّدت كثيرًا، فهل يا ترى أفعلُ ذلك أو لا؟ أجيبوني أرجوكم.

ليس هذا حدًّا لقصَّتي، فأنا أشتركُ في موقعٍ آخَر، هذه المرَّة أعرفُ إخوانًا من جميع الدول، لكن عبر الإنترنت فقط؛ من أجل خدمة الإجابة عن الأسئلة، وحتى هم لم يسلَمُوا من تقلُّب مزاجي؛ فقد كتبت ذات يومٍ في رسالةٍ لأحدهم: أنا لا أحبُّ النِّفاق أبدًا، أنا لم أكُن أقصده بالكلام، لكنَّه أساءَ الظنَّ وحزن كثيرًا، وظنَّ أنِّي نعتُّه بالمنافق، حينها كتب لي رسالةً يطلب فيها الوداعَ، أحسستُ حينها بسمٍّ قاتل، كأنَّ شخصيتي تحوَّلت! ماذا جرى لي؟! صِرت أجرَحُ الآخَرين بدُون قصدٍ، بل أكثر، عضو آخَر لم أعرِفْلماذا نعتَنِي بأنِّي غير محترمةٍ، وحين اعتذرتُ له سألني: لماذا؟ فأجَبتُه بصراحةٍ: إنِّي أعتذرُ له إنْ كنتُ أسأتُ الأدب معه، حينها أحسست من ردِّه أنَّه غاضبٌ، وطلَب منِّي ألا أكلِّمه أبدًا، بل قطَع مُتابعتي، وذلك من خصائص الموقع، لم أعرفْ ماذا فعلت له؟ وهذا ما جعلَنِي أحسُّ بأنِّي أجرَحُ الآخَرين كثيرًا!

إلهي، ساعِدني، هل عِندما أعتذرُ للآخَرين أجرحهم؟! صِرت أندم على كلِّ لحظةٍ اعتذرت فيها، وأطلُب من الله - عزَّ وجلَّ - المغفرةَ؛ لأنَّ نيَّتي كانت للخير لا للشرِّ أبدًا، لماذا لا يفهمني أحدٌ؟!

أنا إنْ نطقتُ بأحزاني، فليس لشيءٍ، لا لإهانة، ولا جرح الآخَرين؛ لأنِّي لا أتحمَّل ذلك أبدًا، بل فقط لأنِّي أحسُّ بأنَّهم يمكنهم مُساعَدتي بدعْمي، لكن هيهات! لا أجدُ مَن يفهمني أبدًا، أنا لا أستطيع أنْ أتحمَّل حُزن الآخَرين، والدَّليل على ذلك جُرحهم؛ سواء كانوا أصدقاء حقيقيِّين في الواقع أو في عالم الإنترنت؛ لأنِّي أحبِّذ الخيرَ دومًا، ولا أحبُّ أنْ يحزن الآخَرون بسببي؛ لأنِّي ذُقتُ طعمَ الحزن.

أرجو أنْ تفهَمُوني؛ لأنَّكم الأمَلُ الوحيد بعدَ الله - عزَّ وجلَّ - في هذه الحياة؛ فأنا أخشى أنْ يستمرَّ الوضع، وأتحوَّل إلى إنسانةٍ تتلذَّذ بجرح الآخَرين دُون قصدٍ!

أرجو مناقشةَ موضوعي؛ لأنِّي أريدُ الإجابةَ المداوية، والتي تَشفِي ما بي، وهل أرسلُ رسالةَ اعتذارٍ لذلك الذي ألغى مُتابَعتي في (الفيسبوك) أو لا؟!

 

وأرجو أنْ يكون الردُّ سريعًا، أريدُ النَّصيحةَ، وأريدُ الدُّعاء، كما أريد التعقيب على كلامي، أرجوكم!

وجَزاكم الله كلَّ خيرٍ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أهلاً بكِ عزيزتي في (الألوكة).

 

واضحٌ أنَّكِ حسَّاسة جِدًّا، وبيئتك التي وصفتِها لنا في استِشارتك الأولى بانَ أثرُها في استشارتك هذه؛ فابتعادُك عن الناس وانقطاعك عنهم، ومواجهتك الدائمة لأقارب عُدوانيين وأصدقاء استِغلاليين، جعَلَكِ تشعُرين بأنَّك لا تستحقِّين هؤلاء الأصدقاء الطيِّبين الذين أحبُّوكِ لشَخصِك ورُوحك، ولم يستغلُّوك أو يسخروا منكِ كما فعل الآخَرون.

هذه الطيبة التي غمَرَك بها هؤلاء الأصدقاء فجأةً، والتي لم تعتادي عليها من قبلُ، جعلَتْكِ مُرتبكةً وخائفة من أنْ تتفوَّهي بأمرٍ يُبعِدهم عنكِ، وفي نفس الوقت أنتِ تَشعُرين في أعماقك بأنهم ربما سيستغلُّونكِ يومًا ما كما فعَل غيرهم؛ لأنَّه ليس معقولاً أنهم أحبوك وصادَقُوكِ بلا مقابل!

هذه الأفكار ظلَّت تدورُ في عقلك ما بين شَدٍّ ودفعٍ، مَرَّةً تُصدِّقينها ومَرَّةً تُكذِّبينها، ولا ألومُك في هذا؛ لأنَّ ما واجهتِه من علاقات في حَياتك لم يكن سهلاً، وفي ظِلِّ هذه الحَيْرة ومع حساسيتك المفرطة، أحسستِ بالذنب تجاه الأفكار التي تُراودك عن أصدقائكِ، وخاصَّة ذاك الصديقَ الذي قِيل لكِ: إنَّه يحملُ مشاعر تجاهك، فأرسلتِ رسالةَ اعتذارٍ قصدتِ فيها أنْ تعتذري من ظُنونك السيِّئة فيه، ولكنَّه لم يفهَمْها بطبيعة الحال؛ لأنَّه لا يعلم شيئًا عمَّا يدورُ بداخِلك، وأرسل لكِ ردًّا مُهذَّبًا فأيقظ فيكِ شُعوركِ بالذنب من علاقتك بالأولاد، ولكنَّ مشاعر السَّعادة والثقة كانت أقوى، فأرسلتِ له رسالةً تحمل كلَّ تجارب الماضي التي أثقلتكِ وأحزنتكِ؛ لأنَّكِ اعتبرتِه صَدْرًا حنونًا تتَّكئين عليه ويُشاركك همك وألمك.

ولكنَّه لم يفهَمْ قصدك، وظَنَّ أنَّه آذاك، واحترمك وآثَر الابتعاد، ومع ذلك لم ترتاحي، بل عاد لكِ تأنيبُ الضمير وشُعورك بالذَّنب تجاهه وتجاه نفسك، وهكذا تكرَّر الأمر مع صديقك الآخَر، ثم مع الموجودين في الموقع، وهكذا.

عزيزتي، طوال الوقت كان يتحكَّم بكِ أربعةُ أمور تتجاذبك وتقذفُك فيما بينها، هذه الأربعة هي:

• سعادةٌ غامرة بهذه الصداقات.

• شعورٌ بالذنب؛ إمَّا لأنَّكِ تُصادقين الأولاد، أو لأنَّكِ ربما جرَحتِهم بكلمةٍ ما.

• قلَّة الخِبرة في التعامُل مع الناس والأشخاص في الحياة.

• خوفك وألمك من خِبرات الماضي المختلفة.

ولأنَّكِ لم تُعالِجي هذه الأربعة وتتَعامَلِي معها بشكلٍ صحيح، وجَدتِ نفسك عدَّةَ مَرَّاتٍ في مواقف سيِّئة ومُحرِجة!

وسنتعلَّم معًا كيف تُعالِجينها واحدةً واحدةً؛ حتى تتحكَّمي أنتِ بها، ولا تترُكي لها المجال لتتحكَّم بكِ.

وسنبدأ أولاً بـ"خوفك وألمك من الماضي"؛ لأنَّ له تأثيرًا كبيرًا على قلَّة خِبرتك في التعامُل مع الناس.

ماضيكِ كان مؤلمًا فعلاً، ولكن إنْ عِشناه طوال الوقت وحملناه بداخِلنا دائمًا فسنَتعَب ونَنْهار، ولن نعودَ قادِرين على اكتِساب أيِّ أمرٍ جديد، أو الاستمتاع بأيِّ تجربةٍ ممتعة، وسيُصبح الفرَحُ سريعًا سطحيًّا، ولا مجالَ له ليتغَلغَلَ في الرُّوح ويُغلِّف القلب؛ لأنَّ أرواحنا ممتلئة بالماضي وآلامِه، وأرواحنا مُثقلة بالحزن والإحباط الذي عِشناه في الماضي.

هذا الأمر يجعلك دائمًا محبطة، دائمًا كئيبة، متشائمة وغير قادرة على العمل من أجل المستقبل، وما الفائدة إنْ كان الإنسان مُقيَّدًا بآلامِه ولا يتحرَّك خطوةً واحدة بدونها؟! هذا القيد يجعلُك تعمَلين وتتقدَّمين أبطأ من غيركِ في الحياة، تمامًا كمَن دخَل ماراثون جري، ولكنَّه ربط على قدميه أثقالاً، ثم حزن عندما لم يستطعْ أنْ يفوز!

ماضيكِ عليكِ أنْ تتخلَّصي منه وتتحرَّري من سَيْطرته عليكِ، هذا لن يكونَ بين ليلةٍ وضُحاها، ولكنَّه سيكون بالصراحة والصدق بينكِ وبين نفسكِ، بأنْ تجلسي وحدَكِ في مكانٍ مُرِيح وهادئ، معكِ ورقة وقلم وتسترجعين ذِكرياتك، ومع كلِّ ذكرى مُؤلمة تتذكَّرينها دوِّنيها على الورقة كعُنوانٍ جانبي، ثم اقسمي الفَراغ تحتها لقسمين، في أحدهما اكتبي كلَّ الأمور السلبيَّة التي أثَّرت عليك وآذَتْكِ، هل أحبطتكِ؟ هل جعلَتْكِ تشعُرين بأنَّك لا شيء وعديمة القيمة؟ هل شعرتِ بسببها بأنَّكِ سيِّئة أو بشعة؟ وهكذا إلى آخِر الأسئلة.

وفي القسم الثاني اكتُبي كُلَّ الأمور الإيجابيَّة التي تعلَّمتِها من هذه التجربة، هل جعلَتْكِ أقوى؟ هل زادت خِبرتكِ في أمرٍ ما؟ هل عَرفتِ بسببها معلومةً جديدة مهما كانت صغيرةً وتافهةً؟ وهكذا، لا تستهيني بحجم الفائدة، فمهما صغُرت فستظلُّ فائدةً استفدتِها من تجربتك!

هذا الأمر يا عزيزتي قد تستهينين به، ولكنَّه - بإذن الله - سيُساعدك على تصفية ذِهنك وقلبك ورُوحك، وسيُعِيدك للحياة وقد استَوْعبتِ الكثير وفهمتِ الكثير.

الأمر الثاني: قلَّة الخبرة في التعامُل مع الناس والأشخاص من حولك، وقد شرحتِ لي سببه في مشكلتك الأولى، وعِلاجه - بإذن الله - لن يكون صعبًا، فقط يحتاجُ منك لذِهنٍ مُتوقِّد وقلبٍ يبصر ويحسُّ.

الخبرة يا عزيزتي يكتسبُها الإنسان من المراقبة والمخالطة المستمرَّة، راقِبي الناس، تأمَّلي تصرُّفاتِهم ورُدودَ أفعالهم، تدبَّري في تَعابِير وُجوههم، حاوِلي أنْ تستَشِفِّي ردَّة فعلهم تجاه المواقف المختلفة التي يمرُّون بها، متى يفرحون ومتى يحزنون؟ ماذا يُضايِقهم؟ وماذا يسعدهم؟

وجودُك في المدرسة يتيحُ لكِ بيئةً خصبةً للتأمُّل والتدبُّر والمراقبة، فحولك الطلاب والطالبات والمعلِّمون وغيرهم الكثير.

وبالإضافة لهذا الأمر اقرَئِي الكتب التي تتحدَّث عن قواعد وأسس العلاقات الإنسانيَّة؛ "كيف تكسب الأصدقاء من حولك؟"، "الطرق المثلى للعلاقات الناجحة"، وغيرها من العناوين المشابهة التي ستجدينها إنْ ذهبتِ للمكتبة، أو حتى إنْ أردتِ أنْ تُحمِّليها من الإنترنت ككتبٍ إلكترونيَّة بصيغة pdf إنْ صعُب عليكِ الذهاب للمكتبة.

وبالنسبة لشُعوركِ بالذنب من مُصادَقة الأولاد، فهذا يا عزيزتي أمرٌ مهمٌّ وحسَّاس جدًّا؛ لأنَّ الحُكم الشرعي يقتضي أنْ تكون العلاقة رسميَّةً بين الذَّكر والأنثى، ولا يكون بينهم علاقات شخصيَّة دون رباطٍ شرعي يربطها، وكوني استشاريَّة نفسيَّة لا يُسمح لي بالحديث المفصَّل في الحكم الشرعي، ويمكن السؤال عنه بالتفصيل إنْ أرسلتِ بسؤالك للقسم الشرعي هنا في (الألوكة).

ولكن يا عزيزتي العلاقة بين البنات والأولاد أمرٌ شائك؛ لأنها نادرًا ما تكون بريئةً من أيِّ مشاعر بينهم ولو كانت خفيَّة، أنا لا أُشكِّك فيكِ ولا فيهم بقولي هذا؛ لأنَّ وجود المشاعر بداخلك تجاه رجلٍ ما لا يعني أنَّكِ غير مُهذَّبة أو عديمة الخلُق أو ناقصة دِين، أبدًا، ولكن طوال وقت وُجود هذه المشاعر فأنتِ مجبرة على إخفائها وعدَم إظهارها، إلا بطريقةٍ شرعيَّة وصحيحة، تضمَنُ عدم وُقوعِ الشخصين في الخطأ والمحظور، فلو كان هناك شابٌّ معجب بفتاةٍ ما، فلا يخبرها بمشاعِرِه حتى يتقدَّم لها رسميًّا، ويكون الأمر مُعلَنًا ومعروفًا عند والديهما، أمَّا لو كانت فتاةً، ففي هذه الحالة هي بالتأكيد لن تتقدَّم لخطبته، ولكن لأنَّ لنا في أمَّهات المؤمنين أسوةٌ حسنة، فإنْ وجدت الشخص الأمين الموثوق الذي يمتدحها لدى الطَّرف الآخَر ويرغبه لخطبتها، فلتفعَلْ، وذلك كما فعلت أمُّنا خديجة - رضوان الله عليها - ويَروِي ابن إسحاق عن هذا الزواج على لسان نَفِيِسَة بنت مُنْيَة فيقول:

"قالت نَفِيسَة: كانت خديجة بنت خُوَيْلِدٍ امرأة حازمة، جَلْدَةً، شريفةً، مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير، وهي يومئذٍ أوسط قريش نَسَبًا، وأعظمهم شرفًا، وأكثرهم مالاً، وكلُّ قومها كان حَرِيصًا على نِكاحها لو قَدَر على ذلك، قد طلَبُوها وبذَلُوا لها الأموال، فأرسَلتْنِي دَسيسًا إلى محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد أنْ رجَع في عِيرها من الشام، فقلت: محمَّد، ما يمنعك أنْ تزوَّج؟

فقال: ((ما بِيَدي ما أَتزوَّجُ به)).

قلت: فإنْ كُفِيتَ ذلك ودُعِيتَ إلى الجَمال والمال والشَّرف والكفاءة، ألا تُجيب؟

قال: ((فمَن هي؟)).

قلت: خديجة.

قال: ((وكيفَ لي بذَلك؟)).

قلت: عليَّ.

قال: ((فأنا أَفْعلُ)).

قالت نفيسة: فذهَبتُ فأخبرت خديجة، فأرسَلتْ إليه: أنِ ائتِ لساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمّها عمرو بن أسد ليُزوِّجها، فحضر؛ لأنَّ أباها مات قبل حرب الفِجار‏"، انتهى كلامُه - رحمه الله.

وهذا ما فعلَتْه أمُّ المؤمنين - رضوان الله عليها - وأكملُ نساء الأرض، ولنا فيها خيرُ قدوةٍ وخير معلِّم.

وأنتِ يا عزيزتي أعتقدُ أنَّكِ على معرفةٍ كافيةٍ بما في العلاقة بين الشاب والفتاة من سوء؛ فالمشاعر التي قد تنشَأُ بينهما لسنا قادِرين دائمًا على التحكُّم فيها والسَّيْطرة عليها، ولا نضمَنُ أنَّ الظروف ستكون مُواتية للزواج في أيِّ وقتٍ؛ لذا كان من الأَوْلَى قطع الطريق على هذا الأمر، وكفاية الإنسان من خطَر الخوض فيه دُون أنْ يضمن نهايته!

ما حصل بينكِ وبين أصدقائك الشباب قد حصل، لا تُراسِليهم مجددًا، ولا تجعلي العلاقة بينكما قريبةً وعفويَّةً، بل ارسمي الحدود والخطوط الحمراءَ لكِ أنتِ أولاً قبل أنْ تكون له.

وكُوني حريصةً وحَذِرةً بألاَّ تتعدَّى أحاديثكم حُدود الدِّراسة والواجبات، فقلبكِ ضعيف ولن يحتمل كلمة لطيفة، حتى وإن لم تكن مقصودةً، فإنها ستكبر في عَقلك، وتتبعها أفكار وأحلام تذهَبُ بكِ لمكانٍ وهمي لا يُوجَد إلا في عقلك.

أمَّا الكلمات التي تعتقدين أنها ربما جرَحتْ هذا أو ذاك، فحلُّها يكون كما قال سيدنا علي - رضِي الله عنه -: "إذا تكلَّمت بالكلمة ملكَتْك، وإذا أمسَكتها ملكتْها"؛ لذا فقبل أنْ تتكلَّمي بأيِّ كلمة، فكِّري فيها، وفكِّري في أثَرِها على الطَّرَفِ الآخَر، هل ستجرحه؟ هل ستُسعِده؟ هل سيفهَمُها بطريقةٍ خاطئة؟ ما هي العبارة المُثلَى التي أقولُها من خِلالها حتى لا يفهمها الآخَر خطأً؟

وهكذا كلَّما راجعتِ كلامك وفكَّرتِ فيه، قَلَّ خطَؤُكِ، وقلَّتِ المرَّات التي تضطرُّكِ للاعتذار.

وأخيرًا: سعادتكِ الغامرة بهذه الصَّداقات الجميلة التي دخَلت حياتك أمرٌ جميل، ويدفعكِ للحِفاظ عليها ومُداراتها، لكن أحيانًا ولفرط الحماس قد يدفعك للخطأ والزلَل؛ لذا كُوني واعيةً لكلامك وتصرُّفاتك، اعتذري عندما تُخطِئين فقط، وكُوني على ثقةٍ بصديقاتك؛ فالشك والخوف هما أساسا الدَّمار لكلِّ علاقةٍ في الدنيا، مهما كانت هذه العلاقة قويَّة ومَتِينة!

 

وفَّقَكِ الله عزيزتي، ورزقكِ الحكمةَ وحُسن القول والعمل.

وتابِعينا بأخبارك لنطمئنَّ عليكِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • ثقافة الاعتذار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القنديل السادس: البرنامج اليومي لشهر رمضان (5) في الحرص على كثرة قراءة القرآن(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الحث على كثرة الدعاء في شعبان (تهيئة روحية لشهر رمضان المبارك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلة والكثرة ودلالاتهما على الحق والباطل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كتيب: منهج الرسول في التعامل مع ظاهرة كثرة الديون "قصة جابر ووالده عبد الله أنموذجا"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة: ولو أعجبك كثرة الخبيث(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترك كثرة الفضول (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • من دلائل نبوته إخباره بكثرة الحروب بين المسلمين في آخر الزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا يستفيقون من غفلتهم ولا يرتدعون عن غيهم على كثرة نكباتهم(مقالة - آفاق الشريعة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب