• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    هل يمكن أن يستمر الزواج بهذه التعاسة؟
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    حجاب أمي وأختي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات اجتماعية / استشارات في الصداقة / التعامل مع الأصدقاء
علامة باركود

لا أصدقاء لي رغم محاولاتي!

أ. عائشة الحكمي


تاريخ الإضافة: 2/4/2011 ميلادي - 27/4/1432 هجري

الزيارات: 100623

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم.
أنا بحاجة لردٍّ سريع؛ لأنَّني محتارة في أمري، فإنه يحصل لي شيء كنت قد اعتدتُ عليه، واستسلمت له، ولكن أُصبتُ بهوس منه بعدَ الاستغراب من واقعه.


سيدي الفاضل، ليس لي أصدقاء، أرجوك ساعِدْني هل من الممكن أن يكون أحدٌ ما عَمِل لي سحرَ ابتعاد الناس عني، وخاصة البنات والنِّساء؛ أقصد بهذا أنَّ حالتي غريبة، لا أصدقاء لي، رغمَ محاولاتي، ليس سوءًا ولا نقصًا في شيء، فواللهِ ليس لي ذنب في الذي يحصل!!

 

أكاد أُجنُّ، زملاء العمل والدِّراسة أصبحوا يعادونني، سئمتُ انتظار الفرج - والعياذ بالله - - أريد أصدقاء، لا أريد العيش وحيدة، وأنا لم أُسِئِ التصرُّف، ولم أعتدِ على أحد، ولم أوذِ أحدًا.

 

أنقذني!


أرجو الإفادة في حالتي، فقد مللتُ وأصبح أملي الوحيد ردَّكم.

 

وشكرًا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

حبُّ الناس أو معاداتهم لنا ليستْ إلاَّ إشارات سماوية إلى المدَى الذي يحبُّنا الله فيه، أو المدى الذي يُبغضنا فيه، وهذا ما يجب أن تنظري إليه، وتحقَّقي فيه بينكِ وبين نفسكِ، قبل أن تقولي: سِحْرًا، أو حقدًا، أو حسدًا؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله إذا أحبَّ عبدًا، دعَا جبريلَ، فقال: إني أحبُّ فلانًا فأحبَّه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إنَّ الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهلُ السماء، قال: ثم يوضَع له القَبولُ في الأرض، وإذا أبغض عبدًا دعَا جبريلَ، فيقول: إني أُبغض فلانًا فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنَّ الله يبغض فلانًا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضَع له البغضاءُ في الأرض))؛ رواه مسلم وأحمد والترمذي.

 

وقد قال الحكماء: "اعْرِف منزلتَك عند الله بمنزلتك عندَ الناس"، والشاعر يقول:

 

وَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ يَوْمًا عَبْدَهُ
أَلْقَى عَلَيْهِ مَحبَّةً لِلنَّاسِ

 

فالقضيةُ الكبرى إذًا ليست في حبِّ الناس لنا، بل في حبِّ ربِّ الناس، ولو بالقليل من المحبَّة، يقول أبو فراس الحمداني:

 

فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالحَيَاةُ مَرِيرَةٌ
وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالْأَنَامُ غِضَابُ
وَلَيْتَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَامِرٌ
وَبَيْنِي وَبَيْنَ الْعَالَمِينَ خَرَابُ
إِذَا نِلْتُ مِنْكَ الْوُدَّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ
وكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ
فَيَا لَيْتَ شُرْبِي مِنْ وِدَادِكَ صَافِيًا
وَشُرْبِيَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ سَرَابُ

 

وقد علَّمنا الله العظيم في كتابه العظيم كيف نحبُّه، وذلك باتِّباع عشر خصال محمودة يحبُّها الله، ويحب مَن يتصف بها، واجتناب عشر خِصال مذمومة، لا يحبُّها الله، ولا يحبُّ مَن يتصف بها:

أولاً: الخصال العشر التي يحبها الله، ويحب أصحابها:

1- اتِّباع الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31].

 

2- صفوف الجهاد: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4].

 

3- التقوى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 76] .

 

4- الإحسان إلى الناس: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].

 

5- الصبر: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].

 

6- التوكُّل على الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

7- المسارعة في التوبة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾ [البقرة: 222].

 

8- الطهارة والوضوء: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ [التوبة: 108].

 

9- الحُكْم بالقسط والعدل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة: 42].

 

10- دَماثة الخلق مع المسلمين، وغير المسلمين: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54].

 

ثانيًا: الخصال العشر التي لا يحبها الله، ولا يحب أصحابها:

1- الكفر: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾[آل عمران: 32].

 

2- الاعتداء على الآخرين بغير حقّ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190].

 

3- الظلم: ﴿ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 57].

 

4- التبختر والتفاخر: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].

 

5- الكبر والاستكبار عن الحقّ: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾ [النحل: 23].

 

6- الخيانة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ ﴾ [الأنفال: 58] .

 

7- الإفساد في الأرض: ﴿ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64].

 

8- الجهر بالسوء: ﴿ لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ ﴾ [النساء: 148].

 

9- الإسراف: ﴿ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141].

 

10- الفَرَح بكثرة المال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾ [القصص: 76].

 

هذا هو الميزان الحقيقي في حبِّ الله، وبالقليل من المراجعة ومحاسبة النفس ستُدركين مكمنَ الخطأ: هل تسارعين في التوبة حين تذنبين؟ هل صبرتِ على أقدار الله المؤلِمة؟ هل استعنتِ بالله على قضاء حوائجكِ، ولم تتوانَي أو تتواكلي؟ هل تعاملتِ مع الآخرين بغرورٍ وكبرياء؟ هل ظلمتِ أحدَهم، أو أسأتِ إلى سُمعتِه؟ هل اعتديتِ على أحدٍ ما بكلمة قاسية، أو نظرة جارحة، أو بيد متسلِّطة؟

 

لا تُزكِّي نفسكِ أختي العزيزة؛ ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾[يوسف: 53]؛ لأنَّه لا يمكن بحال أن يُحبَّنا الناس ونحن نَزْدريهم، ونتعالَى عليهم بمنصب أو نَسَب، أو علم أو مال، أو جمال، لا يمكن أن يحبنا الناس ونحن نَكذِب على هذا، ونخون هذه، ونحقِد على تلك، مستحيل يا دانة، أن تكسبي الآخرين من حولكِ وأنتِ تسيئين المعاملة، فالدِّين المعاملة، والله يغفر ما بينه وبين عباده إن لم يُشركوا به أحدًا، لكنه لا يغفر ما بين العباد؛ لأنَّ الأصل في الحقوق فيما بينهم: "المقاصة"!

 

روى البخاري في "صحيحه" في كتاب "المظالم": عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كانت له مظلمةٌ لأحد من عِرْضه أو شيء، فليتحللْه منه اليوم، قبل ألاَّ يكون دينار ولا درهم، إن كان له عملٌ صالِح أخذ منه بقدر مظلمتِه، وإن لم تكن له حسناتٌ أخذ من سيئات صاحبه، فحُمِل عليه)).

 

فلنحاسبْ أنفسنا اليوم قبل أن يحاسبنا الله غدًا، جرِّدي نفسكِ من الأهواء؛ لتري نفسَكِ على حقيقتها؛ لأني موقنةٌ أن كراهية الناس ونفورَهم منا ليستْ إلاَّ عقابًا سريعًا من الله - تعالى - تلمستُه لدى الكثير والكثير ممَّن حولي، ممن يظنون - مثلك - أنَّ نفور الناس منهم ليس إلاَّ حسدًا لهم على ما أعطاهم الله، أو غَيْرة من نجاحاتهم، أو سِحرًا، فهل يُعقل يا دانة، أن يبغضنا الناسُ؛ كلُّ الناس سِحرًا، أو حسدًا؟!!

 

السبب الثاني: في تجاذب الناس، وتنافُر بعضهم من بعض يكمن في قضية الأرواح؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((الأرواحُ جنودٌ مُجنَّدة، فما تعارَفَ منها ائتلف، وما تنَاكَر اختلف))؛ متفق عليه.

 

ذكر ابن حجر في "فتح الباري" قولَه في شرح الحديث: "قال الخطابي: يحتمل أن يكون إشارةً إلى معنى التشاكُل في الخير والشر، والصلاح والفساد، وأنَّ الخيِّر من الناس يحن إلى شكله، والشرِّير نظير ذلك يميل إلى نظيره، فتعارُف الأرواح يقع بحسب الطِّباع التي جُبِلت عليها مِن خير وشرّ، فإذا اتفقت تعارفتْ، وإذا اختلفت تناكرتْ".

 

قال مالك بن دينار: "الناس أشكال كأجناس الطير: الحمام مع الحمام، والبط مع البط، والصعو مع الصَّعْو[1]، والغراب مع الغراب، وكل إنسان مع شكله"، وفي هذا المعنى يقول الشاعر محمود بن حازم الباهلي:

 

وَقَائِلٌ كَيْفَ تَهَاجَرْتُمَا
فَقُلْتُ قَوْلاً فِيهِ إِنْصَافُ
لَمْ يَكُ مِنْ شَكْلِي فَفَارَقْتُهُ
وَالنَّاسُ أَشْكَالٌ وَأُلاَّفُ

 

والحديثُ أيضًا يحتمل معنى آخرَ غير التشاكُل، وهو مجرَّد الشُّعور بالارتياح من عدمه، فأحيانًا يكون الشخص الذي أمامَكِ خيِّرًا محبوبًا بين الناس، وتكونين أنتِ أيضًا خيِّرة ومحبوبة بين الناس، غير أنَّكِ لا تشعرين تُجاهَ هذا الشخص تحديدًا بالميل أو الارتياح.

 

ولعلَّ هذه إحدى الحِكم من مشروعية النظر إلى المخطوبة، فرفضُكِ مثلاً الزواج برجلٍ ما، ولو كان من أهل الدِّين والصلاح، إنما هو نوْع من عدم تعارف الأرواح وتآلفها، ومن المستحيل أن تتوافق الأجساد إذا لم تتوافق الأرواح؛ عن أنس بن مالك: أنَّ المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوَّج امرأة، فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اذهبْ فانظر إليها، فإنَّه أحرى أن يؤدمَ بينكما)).

 

السبب الثالث: اجتماع الناس على كراهية شخصٍ ما؛ لأنَّه من أهل البدع والزيغ، والمذاهب المنحرِفة؛ يقول – تعالى -: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 68]، وقد قال الإمام أحمد: "الذي أدركْنا عليه أهلَ العلم: أنهم يكرهون الجلوس مع أهل الزَّيْغ".

 

السبب الرابع: التوهُّم، وفقدان الثِّقة بالنفس، والنظرة المتشائمة إلى الناس والحياة.

 

السبب الخامس: يكمن في كراهية الناس وحسدِهم، وبُغضهم للناجحين، وكما يقول المتنبي:

 

وِلِلْحُسَّادِ عُذْرٌ أَنْ يَشِحُّوا
عَلَى نَظَرِي إِلَيْهِ وَأَنْ يَذُوبُوا
فَإِنِّي قَدْ وَصَلْتُ إِلَى مَكَانٍ
عَلَيْهِ تَحْسُدُ الْحَدَقَ الْقُلُوبُ

 

لكن حتى في هذا السبب أقول لكِ: يستحيل أن يجتمعَ الناس - كلُّ الناس - على كراهية شخصٍ ما، فقط لأنَّه ناجح ومميَّز، فالخير باقٍ في أمَّة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهناك مَن يحبُّ نجاحنا، ومَن يشجِّعه، ومَن يُثيب عليه، ومَن يُعجَب به، لكن تحقيق الرِّضا الكامل والتام هو المستحيل بعينه، وهو تفكيرٌ غير عقلانيٍّ من الشخص الناجح نفسِه.

 

أما السِّحْر، فلا علمَ لي به في الحقيقة.

 

أعرف أنَّ السحر يفرِّق بين المرء وزوْجه، أو بين شخصين، أمَّا أن يفرِّق بيننا وبين كلِّ الناس، فهذه لم أسمعْ بها من قبل! ولا أومن بها؛ لأني موقنة أنَّ قدراتِ السحرة والجن أقلُّ وأضعف من ذلك بكثير، والله - عزَّ مِن قائل - يقول: ﴿ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه: 69].

 

يبقى السؤال الذي كان يُفترض بكِ أن تسأليه، وهو: كيف أكسب محبَّةَ الناس؟

 

وجواب ذلك في النقاط التالية:

أولاً: الصِّدْق في حبِّ الله؛ ليحبَّنا الناس بعد ذلك، والوصولُ إلى هذا الحب الأعلى لا يمكن بحال أن يُنال بالمعاصي، والتساهل في ارتكاب الذنوب؛ ﴿ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [المائدة: 4]، بل بالإيمان الخالص، والعمل الصالح؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96].

 

ثانيًا: الدعاء، وسؤال الله أن يحبِّبَنا في الناس، وأن يحبِّبَ الناس إلينا؛ فقد سألها أبو هريرة - رضي الله عنه - كما سألها لأمِّه؛ روى مسلم في "صحيحه"، عن أبي هريرة قوله: "قلت: يا رسول الله، ادع الله أن يحبِّبني أنا وأمي إلى عبادة المؤمنين، ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللهم حبِّبْ عُبيدَك هذا - يعني أبا هريرة - وأمَّه إلى عبادك المؤمنين، وحبِّب إليهم المؤمنين))، فما خُلِق مؤمن يسمع بي، ولا يراني، إلاَّ أحبني"؛ رواه مسلم.

 

ثالثًا: الإحسان، وجميل الاعتناء، والاهتمام بالناس، والتودُّد إليهم؛ فعن سعيد بن المسيِّب قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((رأسُ العقل بعدَ الإيمان بالله التودُّدُ إلى الناس))؛ رواه البيهقي.

 

وقد قال الشاعر الحكيم أبو الفتْح البُسْتيّ:

 

أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ تَسْتَعْبِدْ قُلُوبَهُمُ
فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الْإِنْسَانَ إِحْسَانُ

 

رابعًا: الزهد فيما بين أيدي الناس؛ فقد رُوي عن سهل بن سعد الساعدي، قال: جاء رجل إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، دُلَّني على عمل إذا عملتُه أحبَّني الله، وأحبَّني الناس، فقال: ((ازهدْ في الدنيا يحبَّك الله، وازهد فيما عندَ الناس يحبَّك الناس))؛ رواه ابن ماجه.

 

خامسًا: مقابلة الإساءةِ بالعفو، والغضبِ بالصبر، والجهلِ بالحِلم؛ لقوله – تعالى -: ﴿ وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].

 

سادسًا: طلاقة الوجه، وحسن البِشْر والتبسم: عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلق))؛ رواه مسلم، وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تَبسُّمُك في وجه أخيك لك صَدقةٌ))؛ رواه الترمذي.

 

سابعًا: الكلمة الطيِّبة، والثناء على الناس، والاعتراف بفضلهم، وعدم الاعتداء على أيِّ حق من حقوقهم؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ﴾ [الإسراء: 53]، ولقوله – تعالى -: ﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ﴾ [الأعراف: 85].

 

ثامنًا: إفشاء السلام، والتوسُّع في المجالس، ومناداة الناس بأحبِّ أسمائهم إليهم: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أوَلاَ أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ رواه مسلم، وقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ثلاثٌ يُصفِّين لك ودَّ أخيك: تسلِّم عليه إذا لقيتَه، وتوسِّع له في المجلس، وتدعوه بأحبِّ أسمائه إليه))؛ رواه البيهقي، والحاكم.

 

تاسعًا: المبادرة بالهدية: فعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تهادَوْا فإنَّ الهدية تُذهِب وغرَ الصَّدْر))؛ رواه أحمد.

 

والشاعر يقول:

 

إِنَّ الْهَدِيَةَ حُلْوَةٌ
كَالسِّحْرِ تَجْتَذِبُ الْقُلُوبَا
تُدْنِي الْبَعِيدَ مِنَ الْهَوَى
حَتَّى تُصَيِّرَهُ قَرِيبَا
وَتُعِيدُ مُضْطَغِنَ الْعَدَا
وَةِ بَعْدَ بُغْضَتِهِ حَبِيبَا
تَنْفِي السَّخِيمَةَ عَنْ ذَوِي الشْ
شَحْنَا وَتَمْتَحِقُ الذُّنُوبَا

 

عاشرًا: طِيبة القلْب، وسماحة النفس، والتواضع، ولِين الجانب: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

ختامًا: قال الأصمعي: "لَمَّا حضرتْ جَدِّي عليَّ بنَ أصمع الوفاةُ جَمَع بنيه، فقال: يا بَنيّ، عاشروا الناس معاشرةً، إن غبتم حنُّوا إليكم، وإن مُتم بَكَوْا عليكم".

 

دُمتِ بألف خير، ولا تنسيني من صالح دعائكِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • إلى صديقي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تركني الجميع وبقيت بلا أصدقاء(استشارة - الاستشارات)
  • كيف يكون لك أصدقاء؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • زوجتي لديها أصدقاء من الرجال(استشارة - الاستشارات)
  • خطيبتي لديها أصدقاء(استشارة - الاستشارات)
  • كتاب تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق لابن بلبان(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • جراثيم.. ولكن أصدقاء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أصدقاء أم لحظات حميمية؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أصدقاء لا تعرفهم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • صفعني صديقي وسط أصدقائي(استشارة - الاستشارات)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب