• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الناجي الوحيد من أسرته من إعصار ليبيا
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    مصاب باكتئاب حاد
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تمارس العلاقة المحرمة عبر الإنترنت
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    أبي مدمن الأفلام الإباحية
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    لا أحب الخير لغيري
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    أبوها ذو فضيحة أخلاقية شاذة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تهينني
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    هل أقبل الزواج من جنسيات أخرى؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    هل بهذا أكون مارست العادة السرية؟
    أ. سارة سعد العبسي
  •  
    كيف أستعيد ثقتي بنفسي؟
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    علاقة سحاق أم صداقة؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ابتزاز بمقطع مخل
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات نفسية / مشكلات نفسية / الاكتئاب
علامة باركود

الناجي الوحيد من أسرته من إعصار ليبيا

الناجي الوحيد من أسرته من إعصار ليبيا
أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/6/2025 ميلادي - 19/12/1446 هجري

الزيارات: 262

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

♦ الملخص:

رجل فقد أسرته جميعًا في إعصار ليبيا، وبقِي وحيدًا، وعلى رغم إيمانه الكبير بالله عز وجل، فإن الحزن يشق قلبه، ويسأل: ما النصيحة؟

 

♦ التفاصيل:

أنا من مدينة درنة في ليبيا، وشهِدت يوم الإعصار، وتحطُّم السد، وقد اختار الله أسرتي جميعًا؛ أمي، وزوجتي، وابني الوحيد، وبناتي الثلاث، وأخي وزوجته، وأولاده الأربعة، ونجوت وحدي، ولم أعُد أملك في الحياة سندًا، وتغيرت حياتي تغيرًا جذريًّا، فكيف لي أن أُقاوم الحزن الذي يشق قلبي؟ على رغم إيماني الكبير بالله، ورضائي بقضائه وقدره.


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فنرحب بك أخانا العزيز من مدينة درنة، ونسأل الله أن يجبر مصابك، وأن يُثبِّت قلبك، وأن يُصبِّرك على ما أصابك، وأن ينفِّس كربك، وأن يفرِّج همك، وأن يصرف عنك ما تجد من ابتلاء، وأن يتقبل أسرتك، وذويك في الشهداء، وأن يجعلهم من أهل الجنة في الفردوس الأعلى، وأن يعطيك فرجًا ومخرجًا مما أنت فيه، إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيء قدير.

 

ما أصابك في هذا الإعصار من تحطم السد، وفقد كل عائلتك، أمرٌ قد قدره الله سبحانه وتعالى عليك، وقد كتبه قبل أن يحدث؛ قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22]، ولا شكَّ أن كل ما يحدث في هذا الكون لا يكون إلا بقضاء الله وقدره؛ كما قال سبحانه: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]، وهاتان الآيتان تُفضيان إلى الطمأنينة وراحة البال؛ بأن من أصابته مصيبة، وعلِم أنها بقضاء الله وقدره فصبر، واحتسب، ورضِيَ بقضاء الله، واستسلم، فإنه سيهدأ باله بهداية قلبه، وسيعوضه الله خيرًا من مصيبته، وسيخلف الله له ما أُخذ منه، أو خيرًا أكثر منه، نسأل الله أن يعوضك الخير الكثير فيمن فقدت.

 

والله سبحانه يختار من عباده من يصطفيهم، وعلى قدر أعمالهم، فلعل الله قد اختارك لهذا الاصطفاء، وأراد أن يختبرك، ويجزيك خير الجزاء؛ فأيوب عليه السلام اختاره الله للاصطفاء، وضرب به المثل في الصبر على ما ابتلاه الله في ماله وزوجه وجسده، وكل أبنائه؛ حيث فقَدَ عشرين ابنًا، وفقد معهم كل شيء، وصبر، فعوَّضه الإله الكريم أضعاف ما فقد؛ فقد قال عنه سبحانه: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44]، وعوَّضه الله بسبب صبره، وحسن عبادته، ودعائه؛ فقال عز من قائل: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 84].

 

وأوصى الله بالصبر على مصائب الدنيا، والصبر هو الحل الأمثل لها؛ فقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]، وفي هذه الآية الكريمة ثلاث بشارات عظيمة؛ فالله سبحانه بشر الصابرين بأن عليهم صلوات من ربهم، ورحمة، وأنهم مهتدون، وهذا أجر عظيم لا يصل إليه إلا من صبر، نسأل الله أن تكون منهم، ولم تكن أنت وحدك، فكثير ممن حولك أصابهم ما أصابك، وربما فُقد بعضهم في هذا الإعصار، هو وعائلته، فاحمَدِ الله حمدًا كثيرًا على أنجاك من هذا الإعصار المدمر، وهذا فضل عظيم، ومِنة من أكرم الأكرمين عليك.

 

والنبي صلى الله عليه وسلم عاش ألم الفقد صغيرًا بأبيه، وأمه، ثم جده، وفُجع في حياته بفقد جميع أبنائه، عدا فاطمة رضي الله عنها، ودمعت عيناه عند فراق ابنه إبراهيم، وتحلى بالسَّكينة، والرضا، والصبر، والاسترجاع بلا سخط؛ وقال صلى الله عليه وسلم في موت ابنه إبراهيم: ((إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لَمحزونون))؛ [البخاري: 1303]، وفقد زوجته خديجة رضي الله عنها، وكان يحبها حبًّا صادقًا؛ فهي أول من صدَّقه، وهي أم جميع أبنائه، وفقد الكثير من صحابته، وأقاربه، وعلى رأسهم حمزة بن عبدالمطلب، الذي كان يدعمه، ويسانده؛ فلم ييأس، ولم يبعده الحزن عن حياته الطبيعية؛ لأنه كان محسنًا ظنَّه بربه، ويعلم أن ما أصابه خير.

 

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه: (الشرح الممتع على زاد المستقنع 5/ 395، 396): "الناس إزاء المصيبة على درجات؛ الأولى: الشاكر، الثانية: الراضي، الثالثة: الصابر، الرابعة: الجازع.

 

أما الجازع: فقد فعل محرمًا، وتسخط من قضاء رب العالمين، الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، له الملك يفعل ما يشاء، وأما الصابر: فقد قام بالواجب، والصابر هو الذي يتحمل المصيبة؛ أي يرى أنها مُرة، وشاقة، وصعبة، ويكره وقوعها، ولكنه يتحمل، ويحبس نفسه عن الشيء المحرم، وهذا واجب، وأما الراضي: فهو الذي لا يهتم بهذه المصيبة، ويرى أنها من عند الله فيرضى رضًا تامًّا، ولا يكون في قلبه تحسرٌ، أو ندمٌ عليها؛ لأنه رضِيَ رضًا تامًّا، وحاله أعلى من حال الصابر، والشاكر: هو أن يشكر الله على هذه المصيبة"؛ [انتهى كلامه رحمه الله].

 

ولا بد من التحلي بالصبر عند الصدمة الأولى، وعدم الجزع، والتسخط، ولزوم الرضا بما قدره الله سبحانه، ويتجلَّى ذلك في حديث المرأة التي أمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تصبر، وكانت تبكي عند قبر ابنها المتوفَّى، قالت: إليك عني، فإنك لم تُصَب بمصيبتي، فأتت الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالت: لم أعرفك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى))؛ [البخاري: 1283]، ففَقْدُ وليدها أخرجها عن طورها، وجزعت عليه، فأصابها الكرب، والمؤمن الصابر يستسلم لأمر الله سبحانه وتعالى، راضيًا بقضائه وقدره، متوكلًا عليه، مُفوِّضًا أمره إليه، فلا بد من الصبر، والثبات، حتى يوفَّى الإنسان أجره كاملًا؛ يقول سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، ويعني هذا أن أجر الصابر غير محدد، وأكَّد سبحانه أن الصبر خيرٌ لمن صبر؛ فقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126].

 

ومن المهم عند حلول المصيبة الإكثار من قول: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وقول: (اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها)؛ يقول سبحانه: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 156، 157]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم تُصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها))؛ [مسلم: 918].

 

واعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يؤخرك في هذه الحياة إلا لحكمة؛ فلعل تأخيرك حتى تقوم برفع درجاتك، وذلك بكثرة عبادتك، وصبرك على مصيبتك.

 

ومن الأمور التي تعين على الصبر على البلاء:

1- الرضا بما قسمه الله لك؛ فالرضا هو سرور القلب على رغم مُر القضاء، وهي عبادة قلبية عظيمة، تغيب عن الكثير، ومن يفتقدها يُصَب بالحزن، والسخط، والضجر.

 

2- التركيز على نعم الله، وعدم الانشغال بالمفقود، وتذكر حالهم، واسترجاع ذكرياتهم، فأنت محاط بنعم الله الكثيرة والوفيرة من كل جانب، وإن صبرت فسيعوضك الله.

 

3- البلاء الذي وقع لك هو بمثابة الدواء الذي يشربه المريض، رغم مرارته، ولكنه يُشفى بعد تجرع هذا الدواء، والصبر عليه؛ يقول سبحانه: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، وقال تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، فأنت لا تعلم أين يكون الخير.

 

4- لم يرسل الله إليك هذا البلاء ليحزنك، أو يعذبك، بل لاختبار صبرك، ومعرفة تسليمك بقضاء الله وقدره، وليسمع منك تضرعًا، ودعاءً وابتهالًا، وشكوى إليه؛ فالمصيبة ابتلاء، وتطهير لأهل الإيمان، والله يحب أن يسمع شكوى عبده إليه فيجيبه.

 

5- هذه الدنيا جُبِلت على كدَرٍ؛ يقول الله سبحانه: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]، ومرارة الدنيا هي حلاوة الآخرة، وهي المنتهى، والدنيا اختبار، ولعلك أن تنجح فيما اختبرك الله فيه من فقدك لعائلتك، فأقدار الله مبطنة بالرحمات، تخيل أن الله قدر لك خيرًا عظيمًا وجميلًا، لكن الطريق إلى هذا الخير فيها الكثير من المصاعب؛ فلو نظرت إلى الطريق ومصاعبها، فسيستولي عليك الحزن، وستُصاب بالإحباط، ولن تصل إلى ما قدره الله لك من هذا الخير العظيم، وهنا يتجلى دور الصبر، لكننا للأسف قد ننظر إلى المصاعب، وننسى أنها طريق نمر بها إلى الخير، وننسى أننا نمشي في الطريق الذي يوصلنا إلى الخير.

 

6- الحزن أمر فطريٌّ، ومشروع، للتعبير عن ألم الفقد، ولكن بعض الناس تمتد أحزانهم لفترات طويلة، وهذا خطأ، لا بأس من إظهار الحزن على فقد الأحبة، ولكن لا يطغى ذلك على طول الحياة، فلا نعيش الحزن دائمًا، ولا ننظر نظرةً سوداوية إلى حياتنا.

 

7- البلاء الذي تعرضت له قد يكون خيرًا وتعجيلًا للعقاب في الآخرة، ورفعًا للدرجات، وتكفيرًا للسيئات؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا همٍّ ولا حزن، ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه))؛ [البخاري: 5641].

 

٨- لا تنظر إلى من لم يبتلِهم الله، وقد يسر الله كل أمورهم، فقد يكون استدراجًا لهم، وإبعادًا لهم عن رحمة الله؛ يقول سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 182]، ويقول أيضًا: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]، فالله فتح لهم كل أبواب الخير للاستدراج، نسأل الله أن يُعيذنا من ذلك.

 

٩- الله يربي عباده على السراء والضراء، والنعم والبلايا؛ ليرى صدق عبوديتهم في الخير والشر، وعلى اختلاف أحوالهم؛ يقول سبحانه: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].

 

10- المصائب تربط المسلم بربه، والوقوف ببابه، مع التضرع والاستكانة إليه؛ يقول سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [المؤمنون: 76]، وقال أيضًا: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [الأنعام: 42]، وعندما يكون ارتباط المسلم بربه قويًّا، يجد في قلبه لذة السعادة والراحة على الصبر الجميل، فيرتبط بالتضرع والدعاء، فعليك بكثرة الدعاء، فالله على كل شيء قدير، وقد أمر سبحانه بالدعاء، ووعد بالإجابة؛ فقال جل من قائل: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وقال أيضًا: ﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، فأكْثِر من الدعاء لنفسك، ولأسرتك التي فُقدت، والدعاء - بإذن الله - سيغير حالك إلى الأحسن، وسيبعد عنك الأحزان التي تعيشها.

 

11- مدافعة البلاء الذي أصابك بالصدقة، والذكر، والصلاة؛ يقول تعالى في الذكر: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]، ويقول أيضًا: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقال سبحانه في الصدقة: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 7]، وقال أيضًا: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92].

 

وذكر الله فلاح وفوز في الدنيا والآخرة، وعلاج للمصائب، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها لها أهمية كبيرة في الراحة النفسية؛ فقد كان صلى الله وسلم يقول: ((يا بلالُ، أقِمِ الصلاة، أرِحنا بها))؛ [صحيح أبي داود: 4985].

 

12- للاستشارة النفسية أهمية كبيرة، خاصة عند إصابة الإنسان بحزن شديد، أو اكتئاب، فمن المهم الذهاب إلى طبيب نفسي متخصص في علاج حالات الحزن؛ لعله أن يعطيك ما يعينك على علاج هذا الأمر.

 

13- ننصحك في المسارعة بالزواج، وأن تختار المرأة المناسبة، الصالحة؛ حيث ستكون عونًا لك - بإذن الله - على الخير، وتعويضًا لك عمن فقدت، لعل الله أن يجعل لك فيها ما يسليك عن فراق أسرتك، وعونًا لك على استكمال حياتك، وبعدًا عن الهم والحزن.

 

خاتمة:

هناك من يتصور أن ابتلاءه هو نهاية الحياة، وأنه لم يبتلَ أحد بمثل ما ابتلاه الله به، ويعتقد أنه من أسوأ الناس حظًّا، وهذا تجده دائمًا غارقًا في الحزن، وساخطًا على المجتمع، وقد تغيرت حياته كلها، ونهايته قد تكون سيئة، خاصةً إذا لم يلتجئ إلى الله سبحانه، ويتوكل عليه ويسلم بقضائه وقدره، والإيمانُ بالله والقضاء والقدر ليس قولًا فقط، بل إيمان وعمل بما يقتضيه هذا الإيمان من البعد عن سيطرة الحزن، والحمد لله أن المصيبة لم تكن في دينك، وسيعطيك الله الثواب العظيم والأجر الكبير، إذا صبرتَ، ولم تجزع، ومن المهم في هذه المرحلة عمل ما يمكن أن يخفف عليك، بالبحث عن صحبة صالحة، تُعينك على ما أصابك، وتُبعِد عنك الهموم والأحزان، وقد يكون من بينهم من يجيد التعامل بإيجابية، ولا بد من البحث عن الدواء لهذا الحزن بكل الطرق الممكنة، ومن أهمها التضرع إلى الله سبحانه، ومعرفة أن هذه طبيعة الحياة، وأن البلاء مهما عظُم، فإن له حكمة، وله مخرج، وإذا ازداد الحزن، كان هذا الحزن دافعًا ومُعينًا على التغيير، وأن الصبر ليس استسلامًا للأحزان، بل طريقًا إلى إبعادها، وما لا يمكن أن تعالجه يمكنك التعايش معه، ولا بد من تجديد الثقة في النفس، والاستعانة بقراءة القرآن، والالتجاء إلى الله سبحانه، وقراءة الكتب التي تزيد في العقيدة الصحيحة، وإرسائها.

 

ولتعلم أن من يبحث عن الراحة والسعادة في حياته، فلن يجدها إلا بالعودة إلى طاعة الله ورضوانه؛ يقول سبحانه: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3]، ويقول سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

وهذه الدنيا دار ابتلاء؛ قال تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ [العنكبوت: 2]، ولا بد أن تؤمل دائمًا في فضل الله سبحانه، وإحسان الظن به، واحتساب ما أصابك عنده.

 

نسأل الله لك التوفيق، والسعادة، والعيش برغد، وطمأنينة، وراحة بال، وتوفيق منه، وأن يصرف عنك ما حلَّ بك من أحزان، إنه على كل شيء قدير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حينما يعجز الرجل عن تأمين حاجات أسرته
  • هل علاقة خطيبي بأسرته مشكلة؟

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة حاشية على ديباجة الدر الناجي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الدر الناجي على إيساغوجي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كنز الراغبين العفاة في الرمز إلى المولد المحمدي والوفاة والفضائل والشمائل والمعجزات (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • دراسة حديث: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • مخطوطة كنز الراغبين العفاة في الرمز الى المولد المحمدي والوفاة والفضائل والشمائل والمعجزات (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة أسئلة متعلقة بأحاديث يرويها القصاص(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الإعصار آية من آيات الجبار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإلحاد: تعريفه، وأقسامه، وصوره، وكيف نواجه موجة الإلحاد المعاصرة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف نواجه كيد الشيطان؟(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/12/1446هـ - الساعة: 17:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب