زوجي يفتعل المشاكل بحجة الضغط النفسي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ في الآتي:

1- تزوجتِ منذ عامين، وسعدتِ مع زوجكِ.

2- بعد ولادة المولود الأول تغير زوجكِ عليكِ، وأصبح عصبيًّا يسبُّ ويضرب، ومشاكلكم لا تنتهي.

3- حصلت مشكلة في شهر رمضان، وبسببها طردك من البيت، ثم طلقك.

4- اعتذر عن ذلك بالصوم والعمل.

5- جاء من العمل متوترًا، فرمى طفلكِ عليكِ، فغضبتِ، فضربكِ.

6- بعد ذلك خرجتِ لبيت أهلكِ، ولم يعتذر لكِ، بل وأصبح يلومكِ.

7- يقول: إنه غير مرتاح معكِ، ولا يحبكِ، وأنكِ لا تطيعينه ولا تطبخين.

8- أهله يُلِحُّون عليه بإعادتكِ بالقوة.

9- لا ينفق عليكِ ولا على طفلكِ، ويقول: ارفعي عليه قضية عدم دفع النفقة.

10- وأخيرًا تقولين أنكِ كرهتِهِ، ولا تريدين العودة له أبدًا، فهل تطلبين الطلاق؟

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: يبدو من وصفكِ لحياتكما السعيدة جدًّا، ثم التغير المفاجئ والحاد جدًّا بعد ولادة الطفل أن بكما شيئًا غريبًا جدًّا جدًّا، ما هو؟

يوجد احتمال ليس ببعيدٍ بوجود حسدٍ بينكما، خاصة إن كان أحد من أقاربكِ أو أقاربه لا يُرزقون بذرية أبدًا، أو لا يُرزقون إلا بالإناث.

ثانيًا: ما حصل منه من التغير بعد ولادة الطفل مخالفٌ تمامًا لِما جرت العادة به من زيادة محبة الزوجة في قلب زوجها، ومحبة الطفل أيضًا، والفرح به، وهذا من الأسباب التي دعتني للقول باحتمال وجود سبب خارجي.

ثالثًا: لا تستعجلي في طلب الطلاق، وبدلًا منه عالجا نفسيكما بالآتي:

1- الدعاء؛ وهو أعظم وأقوى سبب.

2- الإكثار من الاستغفار.

3- الاسترجاع.

4- الصدقة.

5- المحافظة على الصلاة في أوقاتها، وأذكار الصباح والمساء، وأذكار دخول المنزل والخروج منه، والإكثار من تلاوة القرآن؛ فهي مجتمعة تهدِّئ البال وتُريح النفس؛ كما قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

رابعًا: إن كان زوجكِ لا يُصلي أو متساهلًا بالصلاة، أو مُدخنًا، أو يتعاطى المسكرات أو المخدرات، فكل هذه المعاصي ممقوتة عند الله سبحانه، وتُوجِبُ غضبه عز وجل، وتُورِثُ قلقًا وتوترًا شديدًا لمن يقارفها، فيُناصح عما قد يكون ارتكبه منها.

خامسًا: ارقوا أنفسكم بالرقية الشرعية.

سادسًا: تفقدِّي علاقتكِ به، ولا تُزكِّي نفسكِ، فإن كان ما يقوله عنكِ حقًّا من التقصير وعدم الطاعة، فاستغفري الله، وتوبي إليه سبحانه.

سابعًا: اعتذاره عن تعصيبه وغضبه بالصيام والعمل غير صحيح أبدًا، ومردود عليه؛ فكل الناس يصومون ويعملون، وهم في غاية الراحة والسكينة.

إذًا هناك أسباب أخرى غير الصيام والعمل، ففتِّشي عنها، قد تكون من سلوككِ معه، تثيرين حفيظته وغضبه بمطالبَ لا يقدر عليها، أو هو متوتر بسبب مشكلة واجهته في العمل، وزدتِ عليها بمطالبكِ، وقد يكون بسبب طبيعته من الغضب والحساسية المفرطة، وضعف الصبر والتحمل، أو غير ذلك، المهم لا بد من تحديد السبب ليسهل العلاج.

ثامنًا: أما سؤالكِ عن المطالبة بالنفقة، فهذه مسألة لا أعلم فيها تفاصيل ما حصل منكِ ومنه، والذي يفصل فيها القضاء.

تاسعًا: الأولَى الإصلاحُ بينكما من قِبل عقلاء العائلتين، بشروط تُكتب ويُشهد عليها، تتضمن حسن العشرة من كلٍّ منكما، وعدم اعتدائه عليكِ بالضرب الذي لا مبرِّرَ له، وإنفاقه عليكِ وعلى الطفل، وأهم من ذلك محافظته على الواجبات الشرعية، وترك المنكرات الواقع فيها.

عاشرًا: فإن تعسَّرَ الإصلاح مطلقًا، وكرهتِهِ تمامًا، ولا تُطيقين العيش معه أبدًا، فالحل هنا هو طلب الخلع، وأن تفتدي نفسكِ بإعادة المهر، أو ما تتفقون عليه، ولكن عليكِ قبل هذه الخطوة أن تستخيري الله كثيرًا مستحضِرَةً مصلحتكِ، ومصلحة زوجكِ ومصلحة طفلكِ.

حادي عشر: في مثل ظرفكِ تُطِلُّ صويحبات يوسفَ برؤوسهن وألسنتهن المُعوجَّة، ويُفسدْنَ ولا يُصلِحْنَ، فلا تلتفتي لهن أبدًا.

حفظكما الله، وأعاذكما من شرور شياطين الجن والإنس.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.