تدعو بأن أتزوجها وأنا لا أريدها

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فيمكن اختصار مشكلتك في النقاط الآتية:

1- تعرَّفتَ على فتاة، واتفقت معها مبدئيًّا على الزواج، ثم تبين لك عدم صلاحيتها لك، فتركتها.

2- هي متعلقة بك جدًّا، وتزعجك برسائلها.

3- تدعو عليك، وأنت خائف من دعواتها أن تُصيبك، أو أن تعمل لك سحرًا يجذبك لها رغمًا عنك.

4- حرَّضك عليك صويحباتها، وصدَّقْنَها وأصبحن يدعون عليك.

5- قلتَ أمرًا غريبًا جدًّا؛ وهو أن شيوخ الدين يؤيدون مثلها في دعوتها.

6- كرهت حياتك، وتخشى أن تكون ظلمتها.

7- فكرت أن تشكوَها عند الشرطة، ولكنك تريد حلًّا غيره.

وبعد هذا المختصر لمشكلتك، أقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: ما دام أنه تبين لك عدم صلاحيتها لك كزوجة، فلك كاملُ الحق شرعًا وعقلًا في تركها نهائيًّا، وليس في ذلك أي ظلم لها.

ثانيًا: خوفك من استجابة دعواتها عليك في غير محله، بل هو أوهام؛ لأن الذي يُستجاب دعاؤه هو المظلوم فقط، وأنت لم تظلمها أبدًا.

ثالثًا: تعلقها بك إلى هذه الدرجة المفرطة، مع انصرافك عنها نهائيًّا - هو نوع من الابتلاء لك ولها، وإلا فالعاقل والعاقلة لا يتمسكون بهذه الطريقة الغريبة العجيبة بمن صرَّح لهم بعدم رغبته فيهم، بل يزهدون فيه ويتركونه إلى غير رجعة.

رابعًا: ما دام أنه اتضح لك عدم صلاحيتها لك، وانصرفت عنها، وأيضًا تصرفت معك هذه التصرفات غير اللائقة، فلا أنصحك أبدًا بالزواج منها، وإن تزوجتَها مُكرهًا، أو تحت تأثير أي أمر آخر غير مرغوب، فلا يُرجى لهذا الزواج النجاح.

خامسًا: أنصحك بالتمسك بالزواج من خطيبتك الحالية.

سادسًا: ما حصل لك من كلام بعض النساء فيك لعله من الابتلاء والتكفير لخطاياك، والنبي صلى الله عليه وسلم ابتُليَ بأعظم مما ابتُليتَ به؛ وهو اتهامه بالسحر والجنون، واتهامه في عِرض زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فصبر، ثم جاء الفَرَجُ.

سابعًا: لا تخشَ من تهديداتها أبدًا، ولكن عليك التمسك بالسياجات الشرعية المهمة جدًّا للحماية من كل شرٍّ؛ وهي:

1- المحافظة على الصلوات في أوقاتها في المساجد بما فيها صلاة الفجر.

2- المحافظة على الدعاء بهدايتها وبصرفها عن التعلق بك، وبكفايتك شرَّها، وهذا أقوى علاج على الإطلاق.

3- أيقِنْ بقوله سبحانه: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، وبقوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]، فانظر - رعاك الله - كيف أن الله سبحانه أمرنا في الآيتين السابقتين بالآتي:

• الإيمان بالقدر، وأنه لن يصيبنا شيء لم يكتبه علينا، ولو اجتمع علينا كل الأشرار من شياطين الجن والإنس والسحرة وغيرهم.

• وأمرنا سبحانه أيضًا بتحقيق التوكل عليه، ووعد المتوكلين بكفايتهم كلَّ ما أهمَّهم؛ وهذا هو معنى قوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه.

4- حافظ على أذكار الصباح والمساء؛ فهي - كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - أعظمُ من سد يأجوج ومأجوج في القوة.

ثامنًا: حاول أن تقطع كل ما يمكن أن يسبب لك إزعاجًا من هذه الفتاة، ومن ذلك إن استطعت أن تغير مقرَّ سكنك، وعملك، ورقم جوالك.

تاسعًا: إن بعد ذلك استمرَّتْ في الإزعاج، فقد تضطر مكرهًا لرفع شكوى فيها للجهات المختصة؛ لتأديبها ومنع إزعاجها.

عاشرًا: أما قولك: إن شيوخ الدين يؤيدون مسلكها ودعواتها، فهو غريب جدًّا، وغير صحيح، ولا يصدر إلا من جاهل بالعلم الشرعي، ولعله - إن صح - صدر من عُبَّادٍ ينقصهم العلم والتقوى.

حادي عشر: أما قولك أنك بدأت تحس بمَيلٍ لها، مع عدم قناعتك بها، فلعله من تأثير كثرة الضغوطات عليك منها، ومن غيرها، ومن تأثير خوفك من ظلمها.

حفظك الله، وفرَّج الله كربتك، وصرف الفتاة عنك، ورزقها زوجًا مناسبًا لها.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.