• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    هل يمكن أن يستمر الزواج بهذه التعاسة؟
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    حجاب أمي وأختي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات نفسية / مشكلات نفسية / الاكتئاب
علامة باركود

الانتحار والاكتئاب

أ. عائشة الحكمي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/11/2009 ميلادي - 21/11/1430 هجري

الزيارات: 11699

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أمَّا بعدُ:
فمشكلتي ضخْمة جدًّا، الأمرُ يَتَعَلَّق بالاكتئاب الذي جعل حياتي جحيمًا، لقد فقدتُ الرغبة في العيش؛ إذْ أرى الحياة بشَكْلٍ مُظلم جدًّا، لَم يعدْ لِحَياتي معنى، أصبحتُ أعيش بدون هدف.

أما الأعراض الناجِمة عن ذلك فهي: الأرَق، فَقْد الشَّهِيَّة في الأكْل، فقْد الترْكيز في فِعْل الأشياء، الإحساس بالتعَب الشديد طيلة اليوم دون أيِّ سبَب يُفَسِّر ذلك... إلخ.

كلُّ هذه الأشياء جعلتْ من حياتي جحيمًا لا يُطاق، لكن ما يَجْعَلُها أَسْوَء منَ الجحيم هم عائلتي التي أسكن معها هنا في الدِّيار الإسبانية؛ (أخي وأختي، ومَن تبقَّى منَ العائلة فَهُم في المغرب)، الذين لا يَكُفُّون عن انتقادي.

أما سُؤالي فهو: إنِّي أظُنُّ أَنَّني قد أصل يومًا ما إلى وضْع حدٍّ لحياتي، وأَوَدُّ أن أعرفَ: هل أعتبر قتلْتُ نفسًا بِغَيْر حقٍّ؟ بغَضِّ النظَر عنِ المعاناة التي أعانيها مع المرض، وكذلك فإن 15 % من المصابين بالمرض يَلْجَؤُون إلى الانتحار.

أرجو ألا أكونَ قد أطلْتُ عليكم، وأن يكون أسلوب كتابتي مفهومًا، أنتظر إجابتكم بفارغ الصَّبر، وشكرًا على الاهتمام بمشاكل الآخرين. 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب:
أخي الفاضل، شرَح الله صدرك، وأجلى عنك حزنك.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أأنت أخونا الذي كَتَبَ لنا قبل عام؟! رحماك يا رب، ما زلتَ مكتئبًا حتى يومنا هذا؟! والله إنِّي لَيَحْزُنني بعد مُرُور كل هذا الوقت أن تقول: "أظن أنني قد أصل يومًا ما إلى وضْعٍ حدٍّ لحياتي"، إنك إن تفعل ذلك فلستَ تضع حدًّا، بل تَتَعَدَّى حدًّا من حُدُود الله؛ {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1]، وحين تَقْتُل نفسكَ فإنك لن تقتلها وحدها، بل تقتل معها في اللحظة ذاتها: إيمانك في قلبكَ، وجنتكَ عند ربكَ، وقلبًا في "المغرب" يحبك، هو قلْب أمك.

مهما تَضَخَّمَتْ لَدَيْنا المشكلات، واشتدَّتْ بنا الكرُبات، وضاقتْ صُدُورنا بما في الدُّنيا من أقدار مؤلِمة، وأحزان متتابعة، وآلام، كلما قلنا: انتهت، تَجَدَّدت - فلا يَحق لكَ ولا لأيَّة روح شهدتْ أنَّ الله ربُّ الناس، وأنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رسوله إليهم، أنْ تُنهي الحياة باختيار عبر اللجُوء إلى الانتحار؛ لأنه باب مُغلَق علينا كمسلمين، فليكُن لك واعظ من الله في قلبك يقول لك: كلما اقتربت لتفتحه: (ويحك، لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجْهُ).

يا أخي، أكنتَ تحسب نفسك خالدًا في الدنيا، كي تستعجل الموت بهذه الطريقة؟! إنه لا خُلد في الدُّنيا، فلقد مات فيها أحسنُ الخلْق أنبياء الله ورسله - عليهم الصلاة والسلام - إلى الخلْق؛ {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 34، 35].

أم حسبتَ أنَّ الموت سينساك لأنكَ تعيش في بلاد بعيدة؟! {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78].

اعلم أننا جميعًا مفرِّطون، كلنا قد ننسى الوعود والمواعيد، إلا ملك الموت الذي وُكِّل بقَبْض أرواحنا، فإنه لا ينْسَى أبدًا ولا يُفرِّط إطْلاقًا؛ {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61].

أسأل الله لكَ السلامة مِن أن تكونَ ظالمًا لنفسك بقتْلها، وكأن قتْلها سينهي عذابها، آهٍ لو تدري بأن العذاب الأكبر والعذاب الحقيقي إنما يبدأ عند تلك الساعة؛ {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93].

مالَك تُفَكِّر هكذا؟! أكنتَ تظن أنك المحزون الوحيد في هذه الدنيا؟! لك أن تعلمَ أن مشاعر الحزن والكآبة قد مرَّتْ بنا جميعًا.

هل فقدتَ الرغبة في العيش؟ صدِّقني لستَ وحدك، فلقد مسَّتْ تلك الأحاسيس يومًا الصِّدِّيقة مريم بنت عمران - عليها السلام -: {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي} [مريم: 23، 24]، فهل قتلتْ مريم نفسها لتنجوَ من ذلك الابتلاء؟ كلا؛ {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12].

أرقتَ وجافاكَ النوم؟ صدقني لستَ وحدك، فلقد أرق الخليل إبراهيم - عليه السلام – كثيرًا؛ {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 75 - 78]، فهل قَتَلَ إبراهيم نفسه؟ كلا، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 120، 121]. 

إنك لستَ الوحيد الذي يشعر بالتعَب طيلة اليوم، فلَقَد مسَّ الضرُّ والنصب نبيَّ الله أيوب - عليه السلام -: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41]، فهل قتل أيوب نفسه؟ كلا؛ {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44]. 

ولست الوحيد الذي فَقَد ترْكيزه، فلَقَد شرد ذهن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يومًا فلَمْ يرُدَّ السلام؛ روى أحمد في "مسنده"، عن سعد بن أبي وقاص قال: "مررتُ بعثمان بن عفان - رضي الله عنه - في المسجد، فسلَّمْتُ عليه، فملأ عينيه مني، ثُم لَم يرد عليَّ السلام، فأتيتُ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقلتُ: يا أمير المؤمنين، هل حدَث في الإسلام شيء؟ مرَّتين، قال: لا، وما ذاك؟ قال: قلتُ: لا، إلاَّ أنِّي مررتُ بعثمان - رضي الله عنه - آنفًا في المسجد، فسلَّمْتُ عليه فملأ عينيه مني، ثم لم يرد عليَّ السلام، قال: فأرسل عمر إلى عثمان - رضي الله عنه - فدعاه، فقال: ما منعك ألا تكون رددتَ على أخيك السلام؟ قال عثمان - رضي الله عنه -: ما فعلْتُ، قال سعد: قلتُ: بلى، قال: حتى حلف وحلفت، قال: ثم إنَّ عثمان - رضي الله عنه - ذكره فقال: بلى، وأستغفر الله وأتوب إليه، إنك مررتَ بي آنفًا، وأنا أُحَدِّث نفسي بكلمةٍ سمعْتُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة قال: قال سعد: فأنا أنبئك بها: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر لنا أول دعوة، ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتبعته، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ضربت بقدمي الأرض، فالتَفَتَ إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((مَن هذا؟ أبو إسحاق؟))، قال: قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((فمه؟))، قال: قلت: لا والله، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة، ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك، قال: ((نعم، دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك، إنِّي كنت من الظالمين، فإنه لَم يدعُ بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له)).

إنه عثمان الذي بُشِّر بالجنة على بلوى تصيبه، فهل قتل عثمان نفسه؟ كلا، ما زاد على أن قال: "الله المستعان"؛ كما جاء في البخاري وأحمد، ولقد مات مقتولاً شهيدًا - رضي الله عنه وأرضاه.

وبهذا تعرف الجواب عن سؤالك: "أود أن أعرف هل أُعتبر قتلت نفسًا بغير حق؟ بغَضِّ النظَر عن المعاناة التي أعانيها مع المرض؟" - من تلقاء نفسك.

لقد قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا} [النساء: 27 - 31].

وعنْ أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن تردَّى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردَّى فيها خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، ومَن تَحَسَّى سمًّا فقَتَل نفسه، فسمه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، ومَن قتَل نفسه بحديدة فحديدته في يده يَتَوَجَّأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا))؛ رواه البخاري.

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كان ممن كان قبلكم رجلٌ خرَج به خراج فجزع منه، فأخذ سكِّينًا فجرح بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، فقال - عز وجل -: عبدي بادرني بنفسه، حُرِّمَت عليه الجنة)).

تقول: "15 % منَ المصابين بالمرَض يلجؤون إلى الانتحار":
ما أفهمه أنا من هذه العبارة: أن لديك الاستعداد الكبير للبحث والتقصِّي عن الأعذار، أما البحث عن الحلول، أما السؤال عن العلاج، فليس من قائمة اهتماماتك المعرفية.

ما دمتَ - يا أخي الكريم - بصيرًا بنفسك، مستبصرًا بمشكلتك، فلن تجديك كل الأعذار والمعاذير يوم القيامة؛ {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 14، 15]. 

نصيحتي لك:
اقرأ سورة (يوسف)، واستَفِد من الحُلُول اليوسفية لعلاج الاكتئاب، وتخطِّي الأزمات، قبل ذلك تعرف على العقَبات والآلام التي واجهته - عليه الصلاة والسلام.

إنك تشكو إخوتك الذين لا يكفون عن انتقادك، فهل يؤذيك - يا أخي - أنهم ينتقدونك؟ ماذا تقول إذًا عن إخوة يوسف؟ {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ * إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [يوسف: 7 - 10].

تشكوهم وأنت في ريعان الشباب، وتستطيع الدفاع عن نفسك، أما يوسف - عليه السلام - فلقد كان غلامًا صغيرًا؛ {يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ} [يوسف: 19].

ترى نفسك غريبًا في إسبانيا؟ لقد تغرَّب يوسف - عليه السلام - في مصر، لكنْ فرق بين أن تُسافر بإرادتك، وبين أن تعيشَ في بلادٍ أتيتها بعد صفقة بيع؛ {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20].

ثم يُفتَن ويُراوَد عن نفسه، وبعد ذلك يُسجَن؛ {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42]، أرأيتَ الحجم الحقيقي لمشكلتك في ميزان قصة يوسف؟ فلنتعلم إذًا من هذا النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام - في واحدة من أحسن القصص؛ {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: 3].

أولاً: اعتَصَمَ يوسُف - عليه السلام - بالله، وأكثر من الدعاء؛ {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [يوسف: 33، 34]. 

ثانيًا: مارَسَ الدعوة إلى الله حتى في سجنه؛ {قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 37 -40].

ثالثًا: استَثْمَرَ مَواهبه ومهاراته (تأويل الأحلام)؛ لحلِّ مشكلته (الخروج من السجن)؛ {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ * وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ * قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ * وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 46 - 54].

رابعًا: مارَسَ العمَل الذي يجيده (الإدارة والاقتصاد)؛ {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55].

أضيف إلى هذه الروشتة النبوية ما يلي:
• تناول كبسولات Omega-3 الزيتية؛ كونها تعمل على تغذية خلايا الدماغ، وقد أثبتت الدِّراسات الحديثة تأثيرها الإيجابي على مُحَارَبة الاكتئاب، وهي مُكَمِّل غذائي يتوافَر على شكل كبسولات جيلاتينية في الصيدليات ومحلات الأطعمة الصِّحيَّة، ويمكن تناوُلها من خلال مصادرها الرئيسة؛ كبذور الكتان، والسلمون، وزيت السمك.

• مارِس الرياضة يوميًّا لمدة 30 دقيقة، وأفضل أنواعها وأكملها للصِّحَّتَيْن النفسية والجسدية: السباحة في البحر.

• تناول المشروبات المنشِّطة؛ كمشروب الزنجبيل، وعصير التفاح الطازج، والأطعمة الصحية المحفزة؛ كاللوز، والفواكه والخضار الطازجة.

• التعَرُّض لشمس الصباح ساعة الإشراق؛ فقد وجد باحثون في مركز جامعة ويست فوريست الطبي أن الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تساهم في تحفيز الأندورفين، كما أثبتت بعض الدراسات فوائد فيتامين (د) الناتج من التعرُّض للشمس في تحسين المزاج وعلاج الاكتئاب. 

ختامًا:
على التلِّ المعروف بإسبانيا باسم (زفرة العربي الأخيرة)، وقف أبو عبدالله الصغير آخر ملوك الأندلس، بعد أن سلَّم مفاتيح غرناطة ومُلك الأندلس إلى الملك فرناندو والملكة إيزابيلا، ثم أجهش بالبكاء، عندئذٍ قالت له والدته كلمتها الخالدة: (أجل، فلتبكِ كالنساء مُلكًا لَم تدافع عنه كالرجال).

اليوم أقولها لكَ وأنا أراكَ تضيِّع بنفسكَ أندلسًا أخرى في داخلكَ، هي صحتكَ النفسية، يجب أن تتذكَّر: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].

أسأل الله الرحيم أن يجعلَ القرآن ربيع قلبك، ونور صدرك، وجلاء حزنك، وذهاب همك، آمين، دُمْتَ بألف خير، ولا تنسنا من صالح دعائك.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرغبة في الانتحار
  • أكره الحياة وأخاف الموت
  • كيف أستعيد حياتي بعد الاكتئاب؟
  • اكتئاب ما بعد الطلاق
  • أفكار تتعلق بموت والدي وانتحاري!
  • أخي مريض بالتهاب المخ والأعصاب
  • أريد أن أتوب وأرتقي بنفسي
  • إدمان واكتئاب بسبب حادثة اغتصاب
  • الفقر ليس عيبا
  • اكتئاب وتقلبات مزاجية
  • الانطوائية والتفكير في الانتحار
  • مشاكلي منذ الطفولة أدت إلى التفكير في الانتحار
  • هل الانتحار هو الحل للاكتئاب؟
  • من أعراض الاكتئاب
  • لا أستطيع تحمل الفقر
  • فقدت الثقة في الآخرين بعد تعرضي للتحرش في الصغر
  • التفكير في الانتحار
  • صدمة نفسية شديدة
  • أفكر في الانتحار لأتخلص من وحدتي
  • التخلص من اليأس والإحباط
  • أفكر في الانتحار بسبب زوجي!
  • ذنب كبير دفعني لمحاولة الانتحار
  • الرغبة في الانتحار تلح علي
  • خمس عشرة عملية في المخ

مختارات من الشبكة

  • الانتحار: أسبابه وعلاجه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور الهدي الإسلامي في معالجة الظواهر الاجتماعية السلبية داخل الأسرة المسلمة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اكتئاب لدرجة الانتحار(استشارة - الاستشارات)
  • الانتحار وأسبابه والوقاية منه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التنمر: من الأذى إلى الانتقام أو الانتحار(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الانتحار في ضوء السنة النبوية: دراسة حديثة تحليلية (التعريف، الحكم، الصور، الأسباب، العلاج) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الانتحار (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • ضيقوا الخناق على فكرة الانتحار!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتح العزيز القهار في أحكام الانتحار (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف الأخيار بالرد المختصر لشبهة محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار(مقالة - آفاق الشريعة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب