• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    رجل مطلق يحبني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات نفسية
علامة باركود

الحديث مع النفس

أ. عائشة الحكمي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/9/2008 ميلادي - 9/9/1429 هجري

الزيارات: 97476

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
والله، لا أدري: من أين أبدأ رسالتي؟ وكيف أقص لكم حالتي؟
أشعر بانهيار تام، وأن جميع الأبواب قد سدت عليَّ. 

مشكلتي أني الآن أريد التخلص من حالةٍ مَقيتةٍ اعتدتها منذ الصغر، وهي الحديث مع النفس؛ قد ألِفْتُها، بل قد طغَت عليَّ بشكل أصبحتُ أخاف أن أصبح مجنونة بسببه.

منذ الصغر كانت تحدُث لي مواقف، وحينما أعود إلى منزلي أريد الهروب من تذكُّر موقف ما، فأسرح مع نفسي في عالم آخر، كنت قديمًا أشعر بالراحة وأنا أقوم بهذا الفعل، لكني اليوم أشعر بالإحباط؛ لسببين:
أولهما: أني أصبحت أتحدَّث مع نفسي في الصلاة.
والثاني: أني انتبهت أكثر من مرَّة، وأنا أحرك رأسي أو يدي كأني أحدث شخصًا معينًا.

بدأت أعتقد جازمة أن الفشل عنوانُ حياتي، وأني إنسانة فاشلةٌ في كل شيء.

تخلَّيْت عن دراستي في الجامعة بسبب الاختلاط، ومكثت في البيت مدةً، ومع هذا فأنا أحاول أن أذكر الله بصوتٍ مرتفعٍ؛ لإجبار نفسي على عدم التحدث، أو إشغالها باستماع الأشرطة، وأجعل صوت المذياع عاليا.

قرَّرْت أن أشغل نفسي بحرفة معينة، وكان مدير المكان ذكرا وليس أنثى، كان يحاول التقرُّب منِّي بالرغم أني كنت متجلبِبَة، بل أغطي وجهي، حاولت الاستمرار، وبقيت طيلة هذه المدة على وَجَلٍ شديد من الفتنة، وكنتُ أحاول الخياطة بجلبابي وبغطاء وجهي، ولكني تركت المركز بسبب ذلك المدير.

ذهبْتُ لأحد المساجد لأحفظ القرآن، ولم أستطع الإكمال؛ لأن المسجد فيه بدع كثيرة للمتصوفة وغيرهم، الكل يعجب منِّي؛ لأني بالنسبة لهم إنسانة قوية، أنا أتكلم بصوت مرتفع، وأقول: هذه بدعة.

أنا أبدو لأي شخص في كلامي، في جلوسي، في حركاتي أني قوية جدًّا، لكن في داخلي شخص منهزمٌ فاشلٌ.

أُصِبْتُ بحالة من الانهيار جعلتني أكره كل شيء، حتى الأمور العادية، كالطبخ وأمور البيت، حتى إني إذا قمت بطبخ أي شيء - وإن كان معتادًا عاديًّا - فشلت فيه.

لا أدري: لِمَ؟ وماذا يحدث لي؟

لكم أن تتصوروا أني لا أحسن شيئًا، ولا أستطيع أن أحسن شيئًا.

أصبَحت أبكي من أي شيء، بل بلا شيء.

أردتُ الخروج من هذا، فأردت التسجيل في أحد المواقع الدينية أشغل بها نفسي.

وبعد طول تنقل، أخذت أبحث هنا وهناك عن موقع نسائي؛ لأني لا أريد موقعًا مختلطًا، أعلم جيدًا أني سأُفْتَنُ فيه فدخلت في موقع علمي، تصوَّروا، وصلتني رسائل أني سيئة الأدَب في الردُود، وأن مشاركاتي تحدث إغضابًا وحزازاتٍ في نفوسهن، لماذا؟ لم يكن قصدي أبدًا الظهور، أو أن أبرز جَهْلَهن، بل كنت مؤدبة في جميع ردودي وكتاباتي، لا أدري: لِمَ عاملوني بهذا الشكل؟

علِمْت حينها أني فاشلة، لا أحسن شيئًا، ولن أستطيع فعل شيء، في داخلي أُقِرُّ أن هذا شيءٌ تافهٌ، لا بد ألاَّ أعيره أيَّ اهتمام.

هذا من المفروض ولكني لا أستطيع.

أنا الآن لا يهمني أي شيء من الدنيا إلا صلاتي، كيف أتخلص من هذه العادة؟ كيف أعود كما كنت على الأقل لأؤدي صلاتي بشكل حسن؟

أنتظر إرشاداتكم بفارغ الصبر، وسأكون لكم شاكرَة.
الجواب:
أختي العزيزة، ذات "القلب المحب":
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حياكِ اللهُ بيننا، وحيا الله أهلَ الجزائر البيضاء (الجزاير = الدزاير) كيفما نُطِقت، شرقية أو غربية.

قرأتُ استشارتك، وأنا مشدودة إلى براعة تفكيرك المنظم، وإلى طاقة الحزن الهائلة التي صِيغَت بفصاحة هذه الكلمات المثقلة بالهَمِّ، المفرطة في الجمال، الحق، يا ذات القلب المحب، أنكِ جزائرية حتى النخاع؛ فهذه الشجاعة، وهذا الإصرار، وتلك الإرادة التي تتحلَّين بها هو ما يميز المرأة الجزائرية الشامخة، حين وقفتْ صامدةً أمام طوفان الاحتلال والتغريب والبدع، لكأنما قد تمركزت بدواخلِكُنَّ قوى الطبيعة مجتمعة، قوة "البحر المتوسط"، وقوة "جبال الأطلس"، وقوة "الصحراء الكبرى".

تقولين: "إني فاشلة، لا أحسن شيئًا، ولا أستطيع فعل شيء"، لكن أدق تعبير لوصف حالك هو قول توماس إديسون: "كثير من الفاشلين في الحياة، هم أناس لم يدركوا: كم كانوا قريبين من النجاح عندما فشلوا".

مشكلتك الحقيقية: أنكِ تتراجعين في اللحظة الأخيرة، تستسلمين قُبيل النجاح بساعة، تتركين الجامعة وأنت على وشك التخرج، تتركين مصنع الحياكة وأنت على وشك الحصول على شهادة الخبرة، تغادرين المسجد بعد أن أفحمتِهم بالحق.
هذا هو السبب في شعورك بالفشل، فقط تعوزك الثقة بالنفس، يا غالية.

هذا، ومما نهى عنه شرعنا الحنيف أن يهدم المرء ما بناه، أو يرجع بعد جد السير؛ قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92]، وقال – صلوات ربي وسلامه عليه – في دعاء السفر: ((اللهم، إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحَوْر بعد الكَوْر))؛ رواه النسائي وغيره، ومعناه أعوذ بك من النقصان بعد الزيادة.

اسمحي لي قبل أن أنتقل إلى مشكلتك الرئيسة أن أعلِّق سريعًا على المحطات المؤلمة، التي مرَرْتِ بها في طريق حياتك:
المحطة الأولى: الجامعة المختلطة:
في الجزائر لا مناص من الدراسة المختلطة، بدءًا من الابتدائية، مرورًا بالإعدادية والثانوية، وانتهاءً بالجامعة، وما دمتِ قد قطعتِ كل تلك الأشواط بحجاب والتزام وغضٍّ للبصر، ولم يبقَ أمامك سوى شوطٍ واحدٍ، أي: سنة دراسية واحدة، فلِمَ تركتِ الدراسة؟ لقد أحزنتِني كثيرًا.

لكن، إن كنت مقتنعة بداخلك أنكِ قد تركتِ الدراسة لله؛ خشيةً وتقوى، فثقي تمام الثقة أن الله سيُعَوِّضك خيرًا منها؛ فعن سالم عن أبيه مرفوعًا: ((ما ترك عبد شيئًا لله، لا يتركه إلا له، عوض الله منه ما هو خير له في دينه ودنياه))؛ أخرجه أبو نعيم في الحلية، والله - عز وجل - يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3].

المحطة الثاني:
التحرش في مقر العمل:
لا يوجد قانون يسمح لرجل وقِح بمصادرة حقِّك بالعمل دون سبب مقنع، أو تركه هكذا دون حساب أو عقاب، وما دمتِ في مأمَن من الخلوة بوجود زميلاتِ عملٍ معك، خصوصًا أنه مصنع حياكةٍ، ولا أظن أن شباب اليوم يمارسون شيئا كهذا، وما دمتِ قد رسَّمت الحدود بينكِ وبين مديرك، وتعاملتِ معه بحزمٍ مترجمٍ في نظرات عينيك، ونبرات صوتك، وطريقة تعاملك، فلن تسنح له الفرصة بالإضرار بفتاة مثلك.
على أية حال ما دمتِ قد تركت العمل الآن، فأرجو الله أن يعوضكِ بوظيفةٍ أخرى، تجدين فيها مبتغاكِ ورزقَكِ وراحةَ بالِك.

المحطة الثالثة
: البدع في المساجد:
إذا كان الحق لا يُصْدع به في بيوت الله، فأين سيصدع به إذن؟ أنْ يصل الأمر إلى تهديدك بالشرطة فهذه مصيبة، لكني لا أشجِّعكِ إطلاقًا على تحدِّي أمثال هؤلاء الناس، فأنتِ، يا عزيزتي، أضعف من أن تواجهي دهاء السياسة بقلبك المحب هذا.

زوايا الصوفية ومشيختها مدعومون اليوم في الجزائر، في خطة ماكرة تهدف إلى إقصاء روح السلفية، بعيدًا عن وجدان الجزائري، لا أرغب بالخوض في مثل هذه المواضيع، لكن هذا هو واقع الحال لديكم، أردتُ فقط أن أقول لكِ: خذي مثل هذا النوع من التهديدات على محمل الجد، نحن نريدك مجاهدة حرَّة، لا مجاهدة سجينة، اتفقنا؟

المحطة الرابعة
: خلافات المنتديات الإسلامية:
الاختلاف سنَّة، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، أليس كذلك؟ فلِمَ حملتِ أمتعتك عند أول نقد وُجِّه إليكِ؟ كان عليكِ أن تتقبلي النقد برحابة صدر، والله، لو تعلمين حجم الانتقادات اللاذعة التي أتلقاها لأدركتِ أنكِ محظوظة بالفعل، أجد حالي في بعض الأحيان كما يصِف عمر بن الخطاب: "إنني أصبحُ كلَّ يومٍ، ونصفُ الخلقِ عليَّ ساخطٌ"؛ لأن رضا الناس غايةٌ لا تُدْرَك؛ لذا عودي لتلك المنتديات، وشاركي فيها مجددًا، على أن تتذكري أن الانترنت عالم مختلط من الأفكار والمذاهب والفرق، ومن الصعب إرضاء كافة الأطياف، لا بد أن تستبدلي ثقافة (الاتحاد والاتفاق) بثقافة (الاختلاف والائتلاف)، هذا أفضل برأيي.

كما يقولون: "سقسي المجرب، ومتسقسيش الطبيب"، شيفرة جزائرية.

والآن سأوضح لك بعض النقاط المهمة حول مسألة الحديث مع الذات؛ لنُمَيِّز فيها بين ما هو طبيعي وغير طبيعي:
1- الحديث مع الذات (النفس) وسيلة تعامل يلجأ إليها الإنسان، إما عن طريق الحديث الداخلي (أحلام اليقظة)، أو من خلال الحديث بصوت مسموع، الطريقتان طبيعيتان، والهدف منها كما يقول د. عبد الله السبيعي، استشاري وأستاذ الطب النفسي بكلية الطب - جامعة الملك سعود بالرياض: "إعادة هضم - بلغة الطب - لمواقف لم تُهْضَم".

2- هناك فرق بين الحديث مع الذات، والحديث مع آخر غير موجود فعليًّا؛ نتيجة لهلوسات سمعية؛ لأننا في الحالة الثانية نكون قد خرجنا من الصورة الطبيعية للتفريغ الفكري، إلى الصورة المرضية للضلالات الذهنية، والتي قد ينتهي تشخيصها كعرض لأحد الأمراض العقلية؛ كالفصام Schizophrenia على سبيل المثال.

3- اتفقنا على أن الحديث مع الذات أمر طبيعي، والدليل أنكِ كنت تشعرين في طفولتك، وفي عدة مراحل من حياتك بالارتياح لهذه الحيلة الدفاعية، لكن ومع تزايد الضغوط النفسية الرهيبة التي مررتِ بها، والإحباطات المتتالية، وانهياراتك الداخلية المتعاقبة أمام الصعوبات والمشكلات، أصبح هذا الدواءُ داءً، حين خرج من وضعه الطبيعي إلى وضعه القسري المؤلم، معيقًا لصلاتك وحياتك، مع قناعتك بأنك مرغمة على فعل ذلك، وليس بإرادتك كالسابق، إن كان الأمر كذلك فهذا لا يعني سوى شيء واحد هو: إصابتك باضطراب الوَسْواس القهري، والذي يرمز له اختصارًا بـ OCD، وقد صدقتِ حين وصفته بـ(حالة مقيتة).

4- العرض الإكلينيكي للوسواس القهري، الذي يظهر لديك يأتي في صورة اندفاعات Impulses، أي: أن الحديث مع الذات يأتي نتيجة لحثٍّ مسيطرٍ مُلِحٍّ، لا طاقة لكِ لدفعه، شفاك الله وعافاكِ. 

نصيحتي لكِ:
توجهي لطبيبة نفسية؛ وذلك لسببين:
أ- أن 50% من علاج الوسواس القهري معتمد على العلاج الدوائي، والذي لا أستطيع أنا أن أصفه لكِ.

ب- أن 71% من مرضى الوسواس القهري تصحبهم أعراض اكتئابية، وهي التي أتلمَّسها من كلامك حين تقولين: "أنكِ تشعرين بالحزن الدائم، والبكاء بلا سبب، وانعدام الرغبة في عمل أبسط الأشياء التي كنتِ معتادة على أدائها.. إلخ"؛ ولذلك ستعمل أدوية الوسواس القهري - التي هي في الأصل مضادات اكتئاب - على استهداف الأعراض المرضية للاضطرابين معًا بإذن الله، هذا إلى جانب العلاج النفسي، الذي سأشرح لكِ بعض طرقه في الأسطر التالية: 

العلاج النفسي للوسواس القهري:
 
1- أخبريني: ماذا كنت ستتصرفين لو أنكِ كنتِ عائدة إلى منزلكِ، وإذا بصوت المذياع عاليًا إلى حد الجنون؟ هل ستصرخين بصوتٍ عالٍ؛ كي لا تسمعينه؟ أو تقومين بالضغط على زر القفل لإطفاء المذياع؟ بالتأكيد ستضعين حدًّا للصوت المزعج بإيقاف زر التشغيل، أليس كذلك؟ ما تفعلينه في علاجك، لحديثك مع نفسك بصوتٍ عالٍ يشبه تمامًا مَن يلجأ إلى إسكات صوت المذياع بالصراخ؛ هل سيسكت المذياع؟ طبعًا لا، سيستمر الصراع بصورة مزعجة للغاية، وسيزيد الأمر سوءًا لو أن أحدهم جاء لمناداتك، بالتأكيد لن تتمكني من سماع أحد؛ لأنك مشغولةٌ بإسكات صوتك الداخلي العالي بصوتٍ أعلى، هو صوت الشيخ في المسجل، والنتيجة الطبيعية أن هذا المنادي سيضطر إلى التحدث معك بصوت أعلى من صوتك وصوت شيخك؛ لتتمكني من سماعه، هل تخيلتِ مدى الإزعاج؟ إذن توقَّفي عن إيقاف صوتك الداخلي بالاستماع إلى أصوات خارجية، توقفي فورًا؛ فالطريقة - فضلاً عن كونها غير مجدية - هي طريقة مزعجة للآخرين، ومضرَّة بصحتك، لا تَنْسَيْ أن ما يصدر عن هذا المذياع أو هذا المسجل ليس سوى موجات كهرومغناطيسية ضارة، أرجو أن تتأكَّدي من سلامة أذنَيك بسبب الترددات الصوتية المرتفعة التي تنامِين على هديرها.

2- العلاج السلوكي Behavioral therapy:
أ- بأسلوب التعرض المباشر ثم الامتناع Exposure – Prevention، وهو المفضل في حالة الوسواس القهري، ويدَّعي بعض رواد المدرسة السلوكية تشابه نتائجه مع العلاج الدوائي.
ب- (العقاب) Punishment + (الثواب) Positive Reinforcement

وتتلَّخص الطريقتان معًا على النحو التالي:
توجهي للقبلة وكأنك تريدين الصلاة – وذلك خارج أوقات الصلاة للتدريب – وَادخُلي في الصلاة بشرط أن تكوني حاضرة بذهنك وإرادتك، (التعرض المباشر هنا = الصلاة)، ومتى شعرتِ بأنك مندفعة للحديث مع نفسك امتنعي تمامًا، وتوقفي عن الكلام، (الامتناع هنا = الامتناع عن الحديث مع النفس)، كَرِّري هذا التمرين مرتين أو ثلاثة في اليوم، مع أي عمل تشعرين أن حديثك مع نفسك يقطعه كالصلاة، ونحو ذلك، وإذا شعرتِ بأنكِ قد نجحت ولو لمرَّة واحدة فكافئي نفسَك بمكافأة مجزية كتناول طعام تحبينه مثلاً، وبالمثل عاقبِي نفسك بالحرمان من شيء تحبينه إذا ضعفت مقاومتك وإرادتك، واستسلَمْت للحديث مع نفسك، وأنت تُصَلِّين، علمًا أن (العقاب والثواب) أسلوبان منفصلان تمامًا عن أسلوب (التعرض ثم المنع)، ولكنِّي دمجتهما معًا؛ نظرًا لتقدم حالتك وصعوبتها، أرجو أن تكون الفكرة قد وصلت بشكل صحيح، جَرِّبي ذلك لمدة أسبوعين إلى ثلاثة على الأقل، قبل أن تحكمي على مدى جدواها، ومع مرور الوقت سيَقِلُّ حديثك مع نفسك تدريجيًّا، ولا تتوقفي حتى تصلي إلى الوضع الطبيعي.

3- العلاج الديني: عن أبي العلاء: أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، يلبسها علي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ذاك شيطان يقال له خِنْزِبٌ، فإذا أحسستَه، فتَعَوَّذْ بالله منه، واتفُل على يَسَارِكَ ثلاثًا)) فقال: ففعلتُ ذلك، فأذهبه الله عني"؛ رواه مسلم في باب: "التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة".

4- هناك خطأ فادح آخر ترتكبينه في حق نفسك، وذلك عندما قلتِ: "إذا ما خلوتُ بنفسي خاصة قبل النوم عدت من جديد"، أتعلمين أن أخطر ساعات التأثير على العقل الباطن هي تلك التي تسبق النوم؟ لذلك ينصح الخبراء والمهتمون بدراسة سِحْر الدماغ وإدارة العقل تلاميذَ المدرسة قبل الامتحان، باستثمار الوقت الذي يسبق النوم بمراجعة النقاط المهمة، خصوصًا تلك التي يجدون صعوبة في حفظها؛ نظرًا لقدرة الدماغ الهائلة على تخزين المعلومات في اللاوعي قبيل النوم، تَأَمَّلي ماذا تخزنين أنتِ في دماغك: "في داخلي شخص منهزم فاشل"، "كل من حولي يكرهنِي، ومن يدعي حبي يجرحني"، "لا أُحسِن شيئًا، ولن أستطيع فعل شيء"، انظري إلى فظاعة العبارات السلبية، التي تُملِينَها على دماغك، لقد كبرت هذه المشاعر السلبية في داخلك مع مرور الوقت لشدة تكرارها؛ لذا أطلب منك راجيةً أن تتوقفي منذ الليلة عن تقزيم نفسك، مثلك يجب أن يفخر بنفسه، وبقدرته على الصمود أمام المغريات التافهة، يجب أن تُرَدِّدي: "أنا ناجحة بالتزامي وتديني، في زمان ومكان تموت فيه المبادئ والقيم والشرائع".

عِدِيني ألا تنامي الليلة إلا على أذكار النوم، وعلى عبارات تسمو بروحك عاليًا باتجاه السماء، رددي العبارات التي تشعرك بالسعادة والشجاعة، قولي مثلاً: "سأنجح، وأصلي بخشوع دون أن يقطع صلاتي أحد حتى نفسي، سأصمُد في مواجهة البِدع والخرافات، سأستمر في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، سأنجح في تطوير ذاتي ومهاراتي، سأبذل ما في وُسعي لأكون قلبًا محبًّا لا يحمل الضغينة لأحدٍ، سأسامح مَن أساء إليَّ، وسأعفو عمن ظلمني، سأطيع الله وأقدمه على روحي وقلبي وجسدي".

ثقي أنكِ ستهدئين وسترتاحين وستنامين بإذن الله بعمق؛ إذ ليس أجمل من راحة الجسد سوى راحة الضمير. 

عزيزتي، أَطَلْتُ عليكِ، ولكني رغِبْت أن تعلَمِي أن هناك مَن تحبُّك وتهتم لأمرك، رغم أنها تسكن في الجانب الآخر من الأرض، رغم أنها لا تعرفك، فكيف إذن بمن يعرفك؟

ثِقي أنني أشعر بمعاناتك؛ ولهذا أدعوك - بقلبٍ محبٍّ، يا ذات القلب المحب - أن تهتمي بصحتك النفسية والجسدية، وتسارعي بالكشف عن آلامها.

إن تَناوُل الدواء - مع استخدام طرق العلاج النفسي السابقة - سيعطيان نتائج ملموسةً بإذن الله، وأنتظر بشائر تحسُّنِك للأفضل، ومتى خطرتُ ببالك، فلا تنسيني من صالح دعائك.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أريد اسم الدواء؛ لأني لا أثق في العيادات النفسيَّة
  • ضعف التركيز بسبب المشاكل الاجتماعية
  • مشكلة التشاؤم

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة حديث عيسى ابن مريم وحديث الطير مع أبي بكر وحديث الضب مع النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تخريج ودراسة تسعة أحاديث من جامع الترمذي من الحديث (2995) إلى الحديث (3005) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • المدخل إلى دراسة علم علل الحديث لسيد عبد الماجد الغوري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأربعين القصار من أحاديث النبي المختار مع فوائد الحديث وتبيان غريب ألفاظه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التشويق الحديث لطلاب الحديث(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أقسام الحديث - الحديث الصحيح (1) (شـرح المنظومـة البيقونية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أقسام الحديث - الحديث الصحيح (2) (شرح المنظومة البيقونية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث الخامس من أحاديث الأربعين النووية (حديث النهي عن البدع)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أهل الحديث بين حفظ الحديث وتدوينه(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • من واجبات مدرس علوم الحديث في العصر الحديث في إيصال المعلومة(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب