كيف أتخلص من مشاعري السلبية وأحقق النجاح؟

ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

يُسعدنا أن نُرحب بك في شبكة الألوكة، سائلين المولى القدير أن يُسددنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.

وأودُّ أن أشيد بما لمسته فيك مِن طموح ورغبة في التقدم والتميز، وقدرة على النقد المتوازن للذات وعدم جلْدِها، وكذلك قدرتك على تقييم مسارك في جميع النواحي النفسية والاجتماعية والفكرية والعلمية، وهو ما يَعكِس أن تركيبتك الشخصية والنفسية تقوم على أساس سليم وصحي؛ ولذلك أدعوك لتعزيز هذه المزايا وتنميتها والحفاظ عليها وعلى التوازن الذي تتحلين حاليًّا به من الانجرار إلى جلد وتوبيخ الذات وغير ذلك.

أما عن شعورك بالامتعاض مِن مشاعر الغيرة تجاه صديقتك، فيبدو مِن سياق رسالتك أنك قد اعتدت التميُّز بين معارفك، ليس بالشكل فقط، بل بقدرتك على الإنجاز والنجاح، والذي يدفعك إليه رغبتك في التحدي، بدليل اختيارك شعبة صعبة رغم اختيار زميلاتك الأخريات لشعبة أسهل، لكن اصطدامك بصعوبة الدراسة في هذه الشعبة، وعدم توقعك لإخفاقك فيها في البداية أصابك بمشاعر إحباط، وأجد أنك استسلمتِ لها فزاد هذا الأمر سوءًا لوضعك لأنك أضعتِ فيه المزيد من فرص النجاح بسبب التراخي والتكاسل الذي واجهت فيه هذا الإحباط، فتَسَبَّب كل ذلك في تراجع في نظرتك لذاتك، وبالتالي في ثقتك فيها، وهي أمورٌ تقود في كثير من الأحيان لإحياء مشاعر المقارنة مع الآخرين والغيره ممن يتميزون بمزايا معينة.

وإذا ما تفكرتِ يا عزيزتي في هذا التدرج والأسباب التي أوصلَتْك لما تنزعجين منه الآن مِن مشاعرَ سلبية، ستجدين أن حلَّ الأمر أسهل بكثير مما تظنين؛ لأنه يتوقف على تصحيح نظرتك للإخفاق الدراسي الذي وقعتِ فيه في بداية التحاقك بهذه الشعبة.

فعليك ياعزيزتي أن تُؤمني بأن الفشل والإخفاق والخطأ لا بُد أن يُصيبَ كل إنسان، وأن كلًّا منَّا أصابه وسيُصيبه من ذلك حتمًا، وأن مَن يعتقد أنه في منأًى عن ذلك يعيش في خيال ليس له صلة بالواقع، ولذلك على الإنسان أن يتهيَّأ لذلك فكريًّا من خلال تقبل فكرة الإخفاق، وعمليًّا مِن خلال تحليه بالإرادة والإصرار على تجاوز الفشل، وتحويله إلى خبرات للاستفادة منه وتفادي وقوع مثله ثانية.

وإني إذ أجد أن لديك من الصفات الشخصية والفكرية والقدرات ما يُؤَهِّلك لذلك، وهو ما يدل عليها سياق رسالتك، وكذلك صريح عبارتك: (داخلي شعور يدفعني لحب التعلم والاستزادة بالمعرفة)، فأني أنصحك بالانتفاض فورًا مما أنتِ فيه واتخاذ قرار مِن أعماقك بتصحيح وضعك كله من خلال العودة للمثابرة والاجتهاد الدراسي، وملء جل تفكيرك بكل ما يُساعدك على الدراسة، وكذلك بأحلامٍ يقظة إيجابية تجدين نفسك فيها في موقعٍ مهني مميز وناجح، يَقُودك إليه نجاحك وتفوقك الدراسي.

وعندها ستجدين بإذن الله تعالى أن جميع ما يُؤَرِّقك ويزعجك مِن المشاعر السلبية تُجاه صديقتك أو غيرها، قد تبددتْ، ولم يبقَ لها أيُّ أثر؛ لأنها ببساطة مشاعر اجتاحتك كردِّ فعلٍ على ظرف معين، بدليل وصفك لهذا الشعور بأنه (غريب)، ولا بد لك مِن الإصرار والعناد على محاولاتك في التغيير، وإياك إياك مِن الاستسلام لأيِّ إخفاق قد يُصادفك أو تهاوُنٍ تجدين نفسك قد استسلمتِ له، بل كرري المحاولة حتى تتخذي الخطوة الأولى ثم الثانية وما يليها، وقومي بمكافأةِ نفسك عند قيامك بأيٍّ منها، بأي أمرٍ ترغب فيه نفسك، لتعززي هذا النجاح في قدرتك على التغير.

وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يُصلِحَ شأنك كله، ويفتح لك أبواب الخير وينفع بك

وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة