جريمة الإبادة الجماعية وعقوبتها في القانون الدولي

ملخص الرسالة

جريمة الإبادة الجماعية وعقوبتها في القانون الدولي

"دراسة تأصيلية"

ملخص الدراسة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وجعله أفضل مخلوقاته، وبوأه الأرض ينعم بخيراتها حيث يشاء.

والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمة للعالمين، الذي اختاره اللهُ من البشر ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، واصطفاه لرسالته، وجعله القدوة والأسوة لكل البشر أجمعين.

أما بعد:

فلقد كرم اللهُ الإنسانَ، وجعله أفضل مخلوقات الأرض، وسيدًا عليهم، وأرسل إليه رسله، وأنزل عليه كتبه، ليسير على الخط المستقيم، ويحقق الخلافةَ في الأرض، يسير فيها بهدى رباني؛ ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].

لكن الإنسانَ إذا انحرف عن هذا السلوك الرباني، وزاغت به الشياطينُ، أصبح من أشدِّ المخلوقات عداوةً على أخيه، ليتعدى ويدمر ويفتك، ما لم يأت أحدٌ يكف يده عن البطش.

ظهر ظلمُ الإنسان وتعدِّيه على بني آدم في صورٍ عديدة، وتحت شعارات مختلفة، ولأسباب متنوعة، منها ما هو بسبب العِرق، ومنها ما هو بسبب اللون، ومنها ما هو بسبب الدِّين، ومنها ما هو بسبب المال.

ولما كان الإنسان معرضًا لضغوط من الشيطان والهوى، مما يحدو به إلى الميل ومخالفة شرع الله ومنهجه القويم، شرع اللهُ تعالى عقوبات وجزاءات تتلاءم مع ما يقترفه من جرائم، بغَرَض حماية المعتدَى عليه، وردع الجاني، وحفظ الأمن والاستقرار في المجتمع والأمة والعالَم بأسره، شرع اللهُ الحدودَ والقصاص والتعازير، ليحيط الضروريات الخمس بسياجٍ متين، في حال الحرب والسلم.

إن مما شاهده العالم ويشاهده من ذلك التعدِّي؛ التعدي بسبب الدين، أو العِرق، أو بدوافع سياسية، فكم أُبيد من شعب، وكم دُمرت من مدن، تحت شعارات مضلِّلة.

ولما كان موضوع "جريمة الإبادة الجماعية وعقوبتها في القانون الدولي" من المواضيع المهمة في هذا الزمان، وقد يتبادرُ لذهن بعض الباحثين أن الشريعة الإسلامية لم تتكلم في هذا الموضوع؛ لذا آثرت أن أكتب في هذا الموضوع، وأجمعَ شتاته في الفقه الإسلامي والقانون الدولي، مؤصِّلاً لأحكامه؛ لأن هذا الموضوع يشغل حيزًا مهمًّا في الفكر القانوني، وكذا في الفقه الإسلامي؛ لأبين عِظم هذه الشريعة الإسلامية التي كفَلت للبشر حقوقهم، وأنها صالحة لكل زمان ومكان.

والله الموفِّق ومنه نستلهِم السدادَ والعون، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أهمية الموضوع:

١) إن موضوع "جريمة الإبادة الجماعية وعقوبتها في القانون الدولي" موضوعٌ جديد على المستوى الدولي اصطلاحًا، وله مكانة كبيرة في المجتمع الدولي المعاصر، ورغم أهميته لم يَحظ باهتمام الباحثين في هذا المجال اهتمامًا يليق به، وللحاجة لتفصيل هذا الموضوع وبيان أحكامه، كان حريًّا أن يُدرس دراسة متكاملة، بيانًا لمسائله، وتأصيلاً له في القانون الجنائي الدولي.

٢) إن "جريمة الإبادة الجماعية وعقوبتها في القانون الدولي" موضوعٌ معاش وواقع في عدد من المجتمعات، وليس مقصورًا على إقليم معيَّن، وما جرائم اليهود في فلسطين، وكذا العراق، والشيشان، والصومال، بخافية على أحد.

٣) إن جريمة الإبادة الجماعية موضوعٌ تنبع أهميته من تعلقه بالإنسان في جميع مراحل حياته، فقد يتعرض له الجنينُ والطفل والشاب والكهل، ذكَرًا كان أو أنثى، فهناك على سبيل المثال الإجهاض والقتل والتهجير والاغتصاب، وكلُّ هذا مشاهد ومسموع فيمن يعتدى عليه.

٤) إن دراسة هذا الموضوع "جريمة الإبادة الجماعية وعقوبتها في القانون الدولي" فيه إظهارٌ لكفاية وغزارة ورقيِّ وشمولية أحكام الشريعة الإسلامية، وصلاحية تطبيقها في كل زمان ومكان، مما يعطي المجالَ للأخذ بأحكامها في صياغة المعاهدات الدولية.

أسباب اختيار الموضوع:

١) أن هذا الموضوع - رغم أهميته - لم يُبحث من قَبل بشكل مستقل.

٢) محاولة لمِّ شتات مسائل هذا الموضوع؛ من القوانين الدولية، وقرارات هيئة الأمم المتحدة، وكذلك الفقه الإسلامي.

٣) إبراز حدود وضوابط وعقوبات جرائم الإبادة الجماعية؛ للحدِّ من خطورتها والسعي لتطبيق الحق والعدل.

٤) إثراء المعرفة العلمية من خلال بحث هذا الموضوع الجديد، وإثارة التساؤلات التي تفتح آفاقًا علمية جديدة.

الدراسات السابقة:

بعد الرجوع إلى عدد من المكتبات المختصة في هذا المجال، كمكتبة الملك فهد الوطنية، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومركز الملك فيصل للبحوث، ومكتبة معهد الإدارة العامة، ومكتبة المعهد العالي، ومكتبة جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية، لم أقف على دراسةٍ مستقلة متخصصة في نفس المجال والموضوع؛ وإنما تعرَّض لها بعضُ من كتبوا في القانون الدولي، أو من تكلم في حقوق الإنسان.

ومن أهم الدراسات التي اطَّلعتُ عليها حول هذا الموضوع:

المسؤولية الدولية عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، للدكتور أيمن عبدالعزيز سلامة، وقد تكلم عن هذه الجريمة في القانون الدولي، ووثيقة الأمم المتحدة.

منهج البحث:

ويتضمن ثلاثة أمور:

أولاً: منهج الكتابة في الموضوع:

١) الاعتماد عند الكتابة على المصادر الأصلية - ما أمكن إلى ذلك - وتتبع مراجعها المتقدمة والمتأخرة.

٢) الموازنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي في تقسيمات البحث حسب الاستطاعة.

٣) في بحث المسائل الخلافية أحررُ مَحل النزاع وأذكر الأقوالَ في المسائل، مقتصرًا على المشهور من المذاهب الأربعة في الغالب، مع العناية بذكر ما تيسَّر الوقوف عليه من أقوال السلف الصالح، ثم أذكر الأدلةَ لكل قولٍ، مع بيان وجه الدلالة من الدليل، بعد ذلك أذكرُ ترجيحَ ما يظهر رجحانه، ويكون ذلك مبنيًّا على الموازنة بين الأدلة، ثم أذكر ثمرةَ الخلاف إن وجدت.

٤) العناية بذكر صوَر معاصرة لهذه الجريمة.

٥) يكون مقدار البحث لأيِّ مسألة حسَب ما يناسب مقام ذكرها في البحث.

٦) كتابة معلومات البحث بأسلوبي الخاص؛ بمعنى: أن أنقل عن المصادر بالمعنى لا بالنص، ما لم يكن المقام يتطلب ذلك، فأذكره بنصِّه على ما هو عليه وأضعه بين علامتي تنصيص " ".

ثانيًا: منهج التعليق والتهميش:

١) أعزو الآيات إلى سورها وأرقامها.

٢) تخريج الأحاديث والآثار من مصادرها الأصلية، وذلك بأن أُحيل على المصدر مع ذكر الكتاب والباب، ثم أذكر الجزءَ والصفحة، ورقم الحديث أو الأثر إن كان مذكورًا في المصدر.

٣) أذكر درجةَ كل حديث من حيث الصحة والضعف وذلك بذكر أقوال بعض العلماء المعتبرين - إن لم يكن في الصحيحين أو أحدهما - فإن كان في الصحيحين أو أحدهما فأكتفي بذلك.

٤) أعزو نصوص العلماء وآراءهم لكتبهم مباشرة، ولا ألجأُ للعزو بالواسطة إلا عند تعذُّر الأصل.

٥) توثيق نسبة الأقوال إلى المذاهب من الكتب المعتمدة في كل مذهب.

٦) توثيق المعاني اللغوية من معاجم اللغة المعتمدة، وتكون الإحالة عليها بالمادة والجزء والصفحة.

٧) توثيق المعاني الاصطلاحية، وما يرد من غريب الألفاظ من الكتب المختصة بها أو من كتب أهل الفن الذي يتبعه هذا المصطلح، أومن كتب المصطلحات المعتمدة.

٨) أترجم لكلِّ عالم يَحتاج لترجمة، أما من تغني شهرتُه عن ذلك فلا أترجم له وأتبع في ترجمة الأعلام أن تحوِيَ التالي:

• اسم العلم، ونسَبه، مع ضبط ما يشكل من ذلك.

• تاريخ مولده، ووفاته.

• شهرته، ككونه محدِّثًا، أو فقيهًا، أو لغويًّا، مع ذكر المذهب الفقهي والعقدي.

• أهم مؤلفاته، وخاصة التي برز فيها.

• مصادر ترجمته.

ويكون كل ذلك على وجه الاختصار وحسب الاستطاعة.

٩) تكون الإحالة إلى المصدر في حالة النقل منه بذكر اسمه والجزء والصفحة.

١٠) المعلومات المتعلقة بالمراجع "النشر، رقم الطباعة، مكانها، تاريخها..." أكتفي بذكرها في قائمة المصادر والمراجع، ولا أذكر شيئًا من ذلك في هامش البحث.

ثالثًا: ما يتعلق بالناحية الشكلية والتنظيمية:

١) الاعتناء بقواعد اللغة العربية والإملاء، ومراعاة حسن تناسق الكلام ورقي أسلوبه.

٢) العناية بضبط الألفاظ التي يترتب على عدم ضبطها شيءٌ من الغموض، أو إحداث لبس، أو احتمال بعيد.

٣) ضبط علامة الترقيم المتعارف عليها ما أمكن.

٤) عندما أثبت نصًّا من آيات أو أحاديث أو نصوص للعلماء أو نصوص نظامية، أميزها عن غيرها بأقواس مختلفة؛ بحيث يتسنَّى للقارئ لأول وَهْلة التمييز بينها.

فهرس الموضوعات