• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / كتب / كتب الفقه الإسلامي
علامة باركود

من فقه المرافعات (4) الحاجة إلى معرفة المقاصد الشرعية لفقه المرافعات عند استمداد أحكامه، وبيان هذه المقاصد (PDF)

الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين

عدد الصفحات:2
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 6/4/2015 ميلادي - 16/6/1436 هجري

الزيارات: 17086

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

من فقه المرافعات (4)

الحاجة إلى معرفة المقاصد الشرعية لفقه المرافعات
عند استمداد أحكامه، وبيان هذه المقاصد

 

لصاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن سعد آل خنين [1]


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:


فإن الحديث تحت هذا العنوان يرتكز حول أمور، هي كما يلي:
• المراد بمقاصد الشريعة عامة. 
• المراد بمقاصد الشريعة في فقه المرافعات. 
• أقسام المقاصد الشرعية لفقه المرافعات. 
• الحاجة إلى معرفة المقاصد الشرعية لفقه المرافعات عند استمداد أحكامه. 
• بيان المقاصد الشرعية لفقه المرافعات.


أولاً: المراد بمقاصد الشريعة عامة:
هي المعاني والحكم ونحوها من الأهداف والغايات التي راعاها الشرع لتحقيق مصالح العباد في الدارين [2].


وبيان ذلك: ما قاله ابن عاشور (ت: 1393هـ): (مقاصد التشريع العامة: هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع، أو معظمها: بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة، فيدخل في هذا أوصاف الشريعة، وغاياتها العامة، والمعاني التي لا يخلو التشريع عن ملاحظتها، ويدخل في هذا - أيضاً - معانٍ من الحكم ليست ملحوظة في سائر أنوع الأحكام ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها) [3].


ثانياً: المراد بمقاصد الشريعة في فقه المرافعات:
هي المعاني والحكم ونحوها من الأهداف والغايات التي راعاها الشرع لتحقيق مصالح العباد في إجراءات المرافعة.


ثالثاً: أقسام المقاصد الشرعية لفقه المرافعات:
تنقسم المقاصد الشرعية لفقه المرافعات من جهة كليتها وجزئيتها إلى قسمين، هما:
1 - مقاصد كلية:
والمراد بها المقاصد التي تراعيها الشريعة وتسعى إلى تحقيقها في جميع أحكام المرافعات أو في جملة من أحكامها، وهذه المقاصد هي المقصودة هنا، وسوف نأتي على ذكرها.


2 - مقاصد جزئية:
والمراد بها: مقصد الشرع في كل حكم جزئي كلي للمرافعات من حظر وإباحة ونحوهما، وهي المعنية بحكمة التشريع.


وهذه المقاصد الجزئية تنطوي عليها الأحكام الجزئية وقد يصرح بها تعليلاً لحكم المسألة، أو تلتمس استنباطاً للاستئناس والإقناع.


رابعاً: الحاجة إلى معرفة المقاصد الشرعية لفقه المرافعات عند استمداد أحكامه:
إن لمقاصد الشريعة أهمية كبيرة في استعداد الأحكام وتقريرها، فهي أداة لإنضاج الاجتهاد وتقويمه، فمن أدركها وصار خبيراً بها مع إدراكه للأدلة الجزئية فقد صار من أهل الرسوخ في العلم، وسهل عليه استنباط الأحكام وتقريرها في وضوح تام.


يقول الشاطبي (ت: 790هـ): (فإذا بلغ الإنسان مبلغاً فهم عن الشارع فيه قصده في كل مسألة من مسائل الشريعة وفي كل باب من أبوابها فقد حصل له وصف هو السبب في تنزيله منزل الخليفة للنبي (في التعليم والفتيا والحكم بما أراه الله) [4].


وإذا فرط من يقرر الحكام في معرفتها والوقوف عليها أو الاعتداد بها بدا زَلَلُه، وكثر غلطه، فتجده (آخذاً ببعض جزئياتها) أي جزئيات الشريعة في هدم كلياتها حتى يصير منها إلى ما ظهر له ببادئ رأيه من غير إحاطة بمعانيها ولا راجع رجوع الافتقار إليها ...) ويعين على هذا: الجهل بمقاصد الشريعة، وتوهم بلوغ مرتبة الاجتهاد ...) [5].


ولا تقتصر المقاصد على إنضاج الاجتهاد وتقويمه، بل هي - أيضاً - أداة لتوسيعه وتمكينه، فتعين الفقيه على مواجهة النوازل الفقهية وتقرير أحكامها.


وقد أوضح ابن عاشور (ت: 1393هـ) أن الفقيه محتاج إلى معرفة المقاصد في فهم النصوص، والجمع والترجيح، وتعرف العلل للقياس عليها، وتقرير الأحكام التعبدية على ما هي عليه، والحكم فيما لا يشمله نص خاص ولا قياس، ثم أبان ذلك وشرحه، وكان مما ذكره في وظيفة المقاصد في الحكم فيما لا يشمله نص ولا قياس قوله: (أما النحو الرابع (أي: الحكم فيما لا يشمله نص ولا قياس فاحتياجه فيه ظاهر، وهو الكفيل بدوام أحكام الشريعة الإسلامية للعصور والأجيال التي أتت بعد عصر الشارع، والتي تأتي إلى انقضاء الدنيا، وفي هذا النحو أثبت مالك - رحمه الله - حجية المصالح المرسلة، وفيه - أيضاً - قال الأئمة بمراعاة الكليات الشرعية الضرورية، وألحقوها بها الحاجية والتحسينية) [6].


وإذا كانت هذه هي مكانة مقاصد الشريعة وأهميتها في إنضاج الاجتهاد وتقويمه وتوسيعه وتمكينه فإن الفقيه محتاج إليها عند تقرير أحكام فقه المرافعات، ولذا فقد اشترط بعض العلماء في الفقيه مجتهداً أو مقلداً معرفة مقاصد الشريعة [7].


خامساً: بيان المقاصد الشرعية لفقه المرافعات:
نتناول تحت هذا العنوان المقاصد الكلية لفقه المرافعات، وهي التي تراعيها الشريعة وتسعى إلى تحقيقها في جميع أحكام المرافعات أو في جملة من أحكامها.


وقد ظهر لي - بالتتبع والاستقراء - أن المقاصد العامة لفقه المرافعات ما يلي:
1 - تحقيق الوصول إلى العدل:
للعدل مكانة عظيمة في شريعة الإسلام، وقد أمر الله - عز وجل - بتحقيقه وإقامته، يقول تعالي: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ﴾ [النحل: 90].


والعدل: تعيين الحق لصاحبه، وتمكينه منه بيده أو يد نائبه، ومن مظاهره: إيصال الحقوق إلى أصحابها بطريق التقاضي، وقد جاء التحذير عن التهاون في إقامة العدل لأي سبب ولو كان رقة وليناً، يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135].


فالقضاء بالحق مقصد من مقاصد الشريعة في القضاء والتقاضي [8].


يقول السرخسي (ت: 490هـ): (اعلم بأن القضاء بالحق من أقوى الفرائض بعد الإيمان بالله - تعالى - وهو من أشرف العبادات ... وهذا لأن في القضاء بالحق إظهار العدل، وبالعدل قامت السموات والأرض، ورفع الظلم، وهو ما يدعو إليه عقل كل عاقل، وإنصاف المظلوم من الظالم، وإيصال الحق إلى المستحق، وأمراً بالمعروف، ونهياً عن المنكر) [9].


فيجب مراعاة هذا المقصد عند تقرير أحكام المرافعة وتفسيرها، وتنفيذها، يقول ابن عاشور (ت: 1393هـ): (وإن تلقي القاضي لأساليب المرافعة أحسنه ما أعانه على تبيين الحق) [10].


ومن أمثلة فقه المرافعة الذي يحقق هذا المقصد: مشروعية إدخال طرف ثالث في الدعوى طالباً مستقلاً، أو مدافعاً، منضماً لأحد الخصمين، أو كاشفاً ومعيناً للقاضي على زيادة الكشف والتحري عند غموض القضية وإشكالها: لأن ذلك مما يعين على ظهور الحق وإيصاله لصاحبه؛ ولذلك أجاز الفقهاء سماع دعوى ثلاثة في عين كل يدعيها لنفسه [11].


كما ذكروا بأن الدعوى إذا أقيمت في وقف على الطبقة الأولى من مستحقي غلته فللطبقة الثانية الدخول في الدعوى إذا كان الشرط واحداً وتسمع دفوعهم، ذكره الحنابلة [12].


ومنها: وجوب الخصومة في حضور الخصمين والمواجهة بينهما إلا من عذر [13].


وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي - رض الله عنه - لما بعثه إلى اليمين: (... فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء، قال: فما زلت قاضياً - أو: ما شككت في قضاء بعد) [14].


فقول علي - رضي الله عنه - نتيجة إنفاذ قول النبي صلى الله عليه وسلم في المواجهة بين الخصوم - (ما شككت في قضاء بعدُ) يبين مكانة المواجهة بين الخصوم في كشف الواقعة وإظهارها.


2 - ضبط إجراءات التقاضي وإتقانها:
الضبط والإتقان من المقاصد المعتد بها في التقاضي. 
ونعني به: ما يعين القاضي على إتقان الأحكام وضبطها، ولذلك جهتان:

الأولى: توثيق سير الإجراءات في كتابة الدعوى، والإجابة، والدفوع، والشهادات، والآجال، والأحكام، ونحوها: حتى لا تتعرض للجحود والنسيان فتعود الخصومات آنفاً وتضيع الحقوق[15].


الثانية: استيفاء القضية حظها من النظر والتثبت بتتبع وجوه الحق واستقصاء الحجج والبينات بقدر ما يستطيع القاضي ولو بحفظ بعض الحقوق دون بعض، فيخرج الحكم وقد استوفى ما يجب له من كمال، فلا يجد فيه متعقبه مغمزاً يوجب رده، أو يوهن من نفاذه، وقد نعى ابن عاشور (ت: 1393هـ) على قوم تكاثرهم بالأقضية مع إخلالهم بإتقانها فقال: (... للاحتراز عما يتوهمه كثير من الضعفاء في العلم أو المرائين من ضعفاء القضاة من الاهتمام بالإكثار من إصدار الأقضية تفاخراً بكثرتها في حين أنها لم تستوف ما يجب استيفاؤه من طرق بيان الحق حتى يجدها متعقبها مختلفة المبنى معرضة للنقض) [16]


ولذلك قرر الفقهاء أحكاماً في المرافعات تدعم هذه الجوانب وتؤكدها، فقرروا أحكام تدوين المرافعة القضائية، وأحكام تتبع الحق في استيفاء الدعوى والإجابة، والدفوع وشروطها وأحكامها، والبيانات وشروطها، وكافة ما يلزم لذلك جميعه.


وقد يكون في بعض ما يقرر من أحكام المرافعات للضبط والإتقان طول في التقاضي، ولكن يهون في سبيل ضبط إجراءات التقاضي وإتقانها، يقول ابن عاشور: (ولا شك أن في كثير مما أحدثه العلماء تطويلاً في سير النوازل، ولكن طوله قصر من التطويل الذي يحصل من مراوغات الخصوم وتحيلاتهم على إبقاء المتنازع فيه بأيديهم) [17].


وقد قال عمر بن عبد العزيز (ت: 101هـ) - رحمه الله - (يحدث للناس من الأقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور) [18] ، وهو يعني: أنه يقرر من الأحكام ما يكون فيه سد لذريعة الفساد، أو مراعاة للضرورات وعموم البلوى وغيرها.


3 - التعجيل بالفصل في القضية بعد اتضاحها: التعجيل بالفصل في القضية بعد اتضاحها مقصد من مقاصد الشريعة في القضاء، ولذا وجب أن تجرى أحكام المرافعات فيما يسدد هذا المقصد ويؤيده، لما يحققه التعجيل بالفصل في القضية من مصالح هي: 
( أ ) التعجيل بانتفاع صاحب الحق بحقه وسرعة اطمئنانه عليه.
(ب) التعجيل بإزالة إثم الظلم عن المحكوم عليه.
(ج) التعجيل بإزالة الضغائن ورفع الأحقاد بين المتخاصمين. 
(د) دفع التهمة عن القاضي بأن تأخره عن الحكم لعجزه عن إنفاذ الحكم، أو لإملال الخصم المحق لترك دعواه محاباة لخصمه.


كما إنه بتأخير الفصل في الدعوى يترتب على ذلك مفاسد هي بضد تلك المصالح السابقة.


ولذا وجب تجنب التطويل في إجراءات الخصومات، وذلك بحذف التشتيت، وسلوك أقرب الطرق وأسرعها في الوصول للحق [19]، يقول عبدالعزيز بن عبدالسلام (ت: 660هـ): (فلذلك كان سلوك أقرب الطرق في القضاء واجباً على الفور، لما فيه من إيصال الحقوق إلى المستحقين) [20]. ويقول ابن عاشور (ت: 1393هـ): (.. بقي علينا إكمال القول في مقصد التعجيل بإيصال الحقوق إلى أصحابها، وهو مقصد من السمو بمكانة؛ فإن الإبطاء بإيصال الحق إلى صاحبه عند تعينه بأكثر مما يستدعيه تتبع طريق ظهوره يثير مفاسد كثيرة ...) [21].


بقي أن نشير بأن المراد بتعجيل الفصل في القضية إنما يكون بعد اتضاحها باستيفاء ما يجب لها من الإتقان على نحو ما فصلناه في الفقرة الثانية من هذه المقاصد، وإذا حصل تعارض بين مقصد الإتقان والضبط ومقصد التعجيل بالفصل في القضية قدم مقصد الإتقان والضبط على مقصد التعجيل، فليس الإسراع من غير ضبط وإتقان منقبة، وليس الإبطاء مع ضبط وإتقان منقصة.


يقول ابن فرحون (ت: 799هـ): (واعلم أنه لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى ... والتساهل قد يكون بألا يتثبَّت ويسرع بالفتوى أو الحكم قبل استيفاء حقها من النظر والفكر، وربما يحمله على ذلك توهمه أن الإسراع براعة. والإبطاء عجز ومنقصة، وذلك جهل، فلان يبطئ ولا يخطئ أجمل به من أن يعجل فيضل ويضل) [22].


ويقول ابن عاشور: (فليس الإسراع بالفصل بين الخصمين وحده محموداً إذا لم يكن الفصل قاطعاً لعود المنازعة ومقنعًا في ظهور كونه صواباً وعدلاً) [23].


4 - قطع الخصومات:
والمراد به: الفصل بين المتخاصمين وقطع الشجار بينهما، وهذا مقصد في الشرع لفقه المرافعات من الأهمية بمكان؛ لأن في قطع الخصومات رفعاً للتهارج، ودفعاً للتقاتل، فكل يأخذ حقه ويصل إلى مستحقه عن طريق الإجراءات المرسومة للتقاضي فيقنع بما يصير إليه بهذا الطريق.


ثم إن قطع المخاصمة إزالة للمفسدة بدفع الظلم والضرر، فينقطع موجود المخاصمة [24].


يقول ابن تيمية (ت: 738هـ): (المقصود من القضاء وصول الحقوق إلى أهلها وقطع المنازعة) [25].


ويقول ابن عاشور (ت: 1393هـ): (فليس الإسراع بالفصل بين الخصمين وحده محموداً إذا لم يكن الفصل قاطعاً لعود المنازعة ..) [26].


ومن ذلك: ما يشترطه الفقهاء في الدعوى من كونها محررة معلومة المدعى به؛ وذلك حتى يمكن الفصل فيها بما يقطع المنازعة [27].


ومن ذلك: ما يشترطه الفقهاء في الحكم القضائي من الوضوح والبيان، والجزم والإلزام، حتى يكون قاطعاً للنزاع بين المتخاصمين [28].


5 - التيسير ورفع الحرج:
التيسير ورفع الحرج من المقاصد المقررة في فقه المرافعات؛ لأن في الحرج مشقة والمشقة غير المعتادة مرفوعة عن المكلف شرعاً، يدل لذلك قوله - تعالى - ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78].


وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه من شيء إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها) [29].


والمشقة المرفوعة هي المشقة المتجاوزة للحدود العادية، فالشريعة ليست بنكاية، أما المشقة العادية التي يستلزمها عادة تقرير الحكم وضبط إجراءات التقاضي وإتقانها فلا مانع منها، ولا يمكن انفكاك التكليف عنها؛ لأن كل واجب لا يخلو من مشقة [30].


ومن ذلك: تيسير إجراءات التقاضي باختصارها بقدر الإمكان حفظاً لجهد القاضي والخصمين وما لهما، ولا يقرر من الأحكام الإجرائية ما فيه مشقة على المترافعين أو أحدهما من غير مصلحة معتد بها تربو على هذه المشقة.


ومن ذلك: تصحيح الدعوى الناقصة باستكمال نقصها من غير إجبار الخصم برفع الدعوى من جديد، كما لو كانت دعوى المدعي غير محررة، فإنها لا ترد لعدم تحريرها، ولا يسار فيها من غير تحرير، بل يطلب من الخصم تحريرها على وجه الصحة ويستفصل منه القاضي ما يلزم لذلك.


6 - منع اللدد والمماطلة:
منع اللدد والمماطلة من الخصمين في الخصومة مقصد معتد به في فقه المرافعات؛ لأن اللدد والمماطلة يؤديان إلى تأخير الفصل في القضية.


واختلف في المراد به شرعاً على تأويلين:
أحدهما: أنه شدة الخصومة. 
والثاني: أنه الالتواء عن الحق [31].


والمعنيان متداخلان هنا، فاللدد في الخصومة يعني الالتواء عن الحق بأخذ جانب منها يؤدي إلى التطويل قصداً لإعنات القاضي أو الخصم وتأخير وصول الحق إلى صاحبه من غير فائدة.


والمماطلة في الخصومة: مدها وطلب تأخيرها.


واللدد أعم من المماطلة؛ إذ هو مع التأخير شدة والتواء.


فيحرم على الخصم إطالة أمد النزاع وتشعيب الخصومات من غير طلب حق، سواء بالإكثار من طلب الإمهال لجواب أو بينة، أو يدعي بينه يعرف أنها غير موصلة، أو يدفع بدفوع يعرف أنها غير صحيحة ليذهب القاضي في تحقيقها، وما فعل ذلك إلا إلداداً ومماطلة في الخصومة.


وفي عهد لأحد الولاة لقاضٍ ولاه أوصاه بأن (يحمل على الناس معاريض الوكلاء على الخصومات، أو يطرح أهل اللدد الظاهر منهم، ولا يحمل فضل حجاجهم عمن لا يقوم لهم) [32].


ففي هذا العهد بيان لمسلك بعض الخصوم وأنهم يدلون لدى القاضي بالمعاريض، فيجتنبون أصل الخلاف ويتمسكون بالمبهم الذي تضيع معه الحقيقة؛ ليطول أمد المرافعة ويمتد أجل الخصومة [33].


ولذلك جاءت أحكام الشريعة في فقه المرافعة بما يقطع وبمنع اللدد والمماطلة في الخصومة، ولقد كان قول عمر - رضي الله عنه - :(من ادعى حقاً فاضرب له أمداً ينتهي إليه) [34] أصلاً في هذا الباب.


والأحكام المقررة لتحقيق هذا المقصد كثيرة، منها:
الحكم على المستتر والهارب عن المحاكمة[35].


ومن ذلك: من ادعى بينة فإنه يمهل لإحضارها المدة الكافية في نظر الحاكم [36]، فإن أحضرها وإلا أمهله الحاكم مدة ثانية عدَّه القاضي عاجزاً عن إحضار البينة، وقضى عليه حسب المعمول به الآن بالمحاكم السعودية.


ومن ذلك أن الناكل عن الجواب، أو من أجاب جواباً غير ملاقٍ للدعوى ينذره الحاكم بالإجابة الصحيحة، فإن أجاب وإلا سمع البينة وقضى عليه، وهكذا يقضى عليه للنكول عن الجواب ولو لم يكن ثم بينة [37].


7 - منع التهمة عن القاضي:
المنع في اللغة: (أن تحول بين الرجل وبين الشيء الذي يريده) [38] فهو الحيلولة.


والتهمة - بضم التاء المشددة وبإسكان الهاء وفتحها - اسم من الفعل (وهم)، وهي في اللغة: الشك والريبة [39].


والمراد هنا: الحيلولة بين التهمة وبين القاضي من أن تصل إليه، صيانة له وللحكم القاضي من الوهن، أو العدول عن الحق، وهذا مقصد معتد به في فقه المرافعات [40].


وفي خطاب عمر - رضي الله عنه - (آس بين الناس في مجلسك ووجهك، وعدلك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا يخاف ضعيف جورك) [41] ، فصار هذا أصلاً في تحقيق هذا المقصد، ولذلك أمثلة كثيرة.


منها: منع القاضي لنفسه أو لأصوله و فروعه وغيرهم ممن يمنع القاضي من الحكم لهم [42].


ومن ذلك: وجوب تسبيب الحكم القضائي لنفي الحرج عنه بقدر الإمكان [43].


ومن ذلك: وجوب مساواة القاضي بين الخصوم في دخولهما عليه، وفي لفظه، ولحظه ومجلسه [44].


كما أن في وجوب التسوية عدم كسر قلب الخصم، وعدم حصره عن حجته.


8 - حفظ الحقوق والمتنازع فيها أثناء السير في الدعوى:
حفظ الحقوق المتنازع فيها أثناء السير في الدعوى مقصد معتد به في فقه المرافعات؛ وذلك حتى لا يتعرض الحق المتنازع فيه للهلاك، أو التلف، أو الإتلاف.


ومن ذلك، الحجر على المتنازع فيه مدة نظر الدعوى إذا قويت الدعوى، والمنع من الإحداث في المتنازع فيه، والإذن للمدعي بما يصلح المتنازع فيه [45]، وهكذا جميع أحكام الحجر التحفظي.


وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

نشر في مجلة الدعوة، الرياض، العدد 1901، في 17 جمادى الأولى 1424هـ - 17 يوليو 2003م، من ص 76 - 79



[1] القاضي بمحكمة التمييز بالرياض - الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء.

[2] مقاصد الشريعة الإسلامية لليوبي (37)، المقاصد العامة (79)، مقاصد الشريعة ومكارمها (7).

[3] مقاصد الشريعة (51)، وانظر: ص 146 من المصدر نفسه.

[4] الموافقات 4/ 106.

[5] الموافقات 4/ 174.

[6] مقاصد الشريعة 15.

[7] الفروق 2/ 107، الموافقات 4/ 106، الثبات والشمول 352.

[8] المغني 11/ 373، قواعد الأحكام 2/ 43، مجموع الفتاوى 35/ 355، تبصرة الحكام 1/ 12، مقاصد الشريعة 195.

[9] المبسوط 16/ 59 - 60.

[10] مقاصد الشريعة 195.

[11] الإنصاف 11/ 393، 396 شرح المنتهى 3/ 525.

[12] مطالب أولي النهى 6/ 530، مجلة الأحكام الشرعية (م/ 2142) 621.

[13] نظرية الدعوى 2/ 31.

[14] رواه أبو داود (3/ 301)، وهو برقم 3582، وسكت عنه، والترمذي (3/ 395)، وهو برقم 1346، وحسنه، وأحمد (الفتح الرباني 15/ 213).

[15] مقاصد الشريعة: 203، تدوين المرافعة - بحث من إعدادنا منشور في مجلة العدل الصادرة عن وزارة العدل السعودية العدد الثاني ص 86.

[16] مقاصد الشريعة 201.

[17] مقاصد الشريعة 203.

[18] ذكره القرافي في الفروق 4/ 179.

[19] تفسير ابن العربي 4/ 43، قواعد الأحكام 2/ 43، 44 الأحكام للقرافي 75، مقاصد الشريعة 300.

[20] قواعد الأحكام 2/ 43.

[21] مقاصد الشريعة 200.

[22] تبصرة الحكام 1/ 74، وانظر في المعنى نفسه: أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح 111.

[23] مقاصد الشريعة 202.

[24] مجموع الفتاوى 35/ 355، تبصرة الحكام 1/ 12.

[25] مجموع الفتاوى 35/ 355.

[26] مقاصد الشريعة 202.

[27] الفتاوى الهندية 2/ 332، فتاوى ورسائل 12/ 400.

[28] الفتاوى الهندية 2/ 332، فتاوى ورسائل 12/ 400.

[29] متفق عليه، فقد رواه البخاري (الفتح 6/ 566)، وهو برقم 3560، كما رواه مسلم (4/ 1813)، وهو برقم 77/ 2327.

[30] الموافقات 2/ 131 وما بعدها، مقاصد الشريعة 100، المدخل للزرقا 2/ 991.

[31] أدب القاضي للماوردي 1/ 351.

[32] المرقبة العليا 76.

[33] نظام الحكم للقاسمي 2/ 390.

[34] انظر الأثر بتمامه مخرجاً ومفسراً في كتابنا: (المدخل إلى فقه المرافعات) ص 237 - 255.

[35] المغني 11/ 412، 487، الإنصاف 11/ 298، 303 فتاوى ورسائل 12/ 317، 438.

[36] إعلام الموقعين 1/ 110، تبصرة الحكام 1/ 201، 106.

[37] الإنصاف 11/ 264، التنقيح 303، شرح المنتهى 3/ 494.

[38] لسان العرب مادة (منع).

[39] المصباح المنير 88/ 674.

[40] شرح المنتهى 2/ 468.

[41] سبقت الإشارة إلى تخريجه.

[42] شرح المنتهى 2/ 473.

[43] مقاصد الشريعة 194.

[44] شرح المنتهى 2/ 469.

[45] فتاوى ورسائل 12/ 433، 434.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • من فقه المرافعات (3) استمداد فقه المرافعات (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من فقه المرافعات (2) ثمرة فقه المرافعات، وفضله، وحكم تعلمه على القضاة (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من فقه المرافعات (1) مكانة فقه المرافعات بين العلوم بعامة وعلوم الشريعة بخاصة (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من فقه المرافعات (5) مشروعية تنظيم فقه المرافعات والإلزام به، وضوابط صياغة وتأصيل تنظيم فقه المرافعات (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من فقه المرافعات (8) تتمة التعريف بأبرز المؤلفات التراثية المطبوعة المتعلقة بالمرافعات (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من فقه المرافعات (7) تتمة التعريف بأبرز المؤلفات التراثية المطبوعة المتعلقة بالمرافعات (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من فقه المرافعات (10) تفسير نظام المرافعات (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • من فقه المرافعات (6) الإفادة من التراث الفقهي عند تنظيم فقه المرافعات، والتعريف بأبرز المؤلفات التراثية المطبوعة المتعلقة بالمرافعات (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • المدخل إلى فقه المرافعات (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • تقرير مختصر عن كتاب: (المدخل إلى فقه المرافعات) للخنين(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب