بنية الشعر المسرحي في المشرق العربي (1967 - 2005)

ملخص الرسالة

بنية الشعر المسرحي في المشرق العربي

1967 - 2005

المقدمة

تعني دراسة الشعر المسرحي في إطار النظرة النقدية الحديثة، التعرض لفنين جميلين تهيأت لهما أسباب الامتزاج، حتى استحالا فنًا واحدًا، يتعذر الفصل بينهما، أن هذا الامتزاج التلقائي يعيدنا إلى جذور النشأة الأولى للشعر المسرحي، الذي ولد واحدًا، إذ لم ينفصل الشعر عن المسرح إلا في العصر الحديث.

لذلك فإن جمالية وروعة الشعر المسرحي تتجلى في هذا الاقتران أو الامتزاج التلقائي بين الشعر والمسرح. لقد كانت لدي رغبة كبيرة في دراسة موضوع الشعر المسرحي، فأدليت بدلوي في هذه البئر السحيقة الأعماق، وكان طموحي أن أفيد وأستفيد عسى أن أصيب شيئًا مما ابتغيت، ذلك أنني أرى أن هذا الموضوع لم ينل حظه من الدراسة والبحث، وهي دعوة أكثر ما فيها الاهتمام بالشعر المسرحي وكتابة المسرحيات شعرًا. لقد مثّل الزمن بين عام 1967-2005 مرحلة النضج لما كتب من مسرحيات شعرية عربية، بتأثير العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية وغير ذلك مما كان له أثرٌ مباشرٌ في مجرى الحياة العربية، ضمن هذه المدة.

وهذا ما كان وراء تحديدنا لزمن الدراسة هذا. لقد كانت صعوبة السفر والتنقل عقبة أمام حصولي على الكثير من المصادر، التي كنت أطمح في الحصول عليها، إغناءً للبحث. تقع هذه الدراسة في تمهيد وأربعة فصول: تناولت فيها عناصر بناء الشعر المسرحي، تنظيرًا وتطبيقًا من خلال النصوص المسرحية التي تضمنتها الدراسة. إذ بلغ عدد المسرحيات الشعرية التي شملتها الدراسة ثلاثًا وعشرين مسرحية. جاء التمهيد بعنوان في الشعر المسرحي، تضمن قضيتين أساسيتين هما ما بين الشعر والمسرح، وفيها تحدثت عن علاقة الشعر والمسرح قديمًا وحديثًا، أما القضية الأخرى فكانت: الشعر في المسرح، وتضمنت الأسباب التي أراها كانت وراء تفضيل الشعر على النثر في المسرح.

وقد جاء الفصل الأول بعنوان اللغة والحوار المسرحي وفيه أثرت دمج عنصري اللغة والحوار لتداخلهما الذي بان اتضاحه من خلال دراستي التحليلية للنصوص الشعرية المسرحية، وقد جاء الفصل في أربعة مباحث تناولت في المبحث الأول ثلاث قضايا هي: لغة الشعر بين القصيدة والمسرحية الشعرية، والانسجام بين اللغة والموضوع، ثم لغة الرمز بين الماضي والحاضر. أما المبحث الثاني فكان: اللغة والشخصية المسرحية، وقد تضمن ثلاث قضايا أيضًا هي: التوافق بين اللغة والموضوع، ورسم الشخصية وإضاءتها ثم استدعاء الشخصية الأدبية. وتناولت في المبحث الثالث قضيتين: الأولى اهتمت بدراسة الحوار من حيث: السمات والوظائف والأنواع، فيما تناولت الثانية الحوار الرامز. أما المبحث الرابع فكان اللغة الحوارية وتضمن قضيتين هما: لغة الحوار بين ضعف الشخصية وقوتها، ولغة الحوار بين تطور الحدث وتنامي الصراع.

وفي الفصل الثاني الذي كان بعنوان: الشخصية والصراع المسرحي الذي جاء في أربعة مباحث أيضًا تناول المبحث الأول الشخصية من حيث: المفهوم والصفات والوظيفة والأنواع والأبعاد ثم تطرقت فيه إلى مفهوم الشخصية المسرحية تاريخيًا. أما المبحث الثاني فقد تضمن الصراع من حيث المفهوم والسمات والوظيفة والأنواع. واشتمل المبحث الثالث الذي جاء بعنوان: الشخصية والصراع الداخلي على قضيتين هما: الصراع المنقلب والصراع العنيد. وقد تضمن المبحث الرابع الذي جاء بعنوان: الشخصية والصراع الخارجي ثلاثة أنواع من الصراع هي الصراع المتدرج، والصراع المتحول والصراع الصاعد. أما الفصل الثالث فكان: الحدث المسرحي، وتضمن ثلاثة مباحث: تناول المبحث الأول الحدث المسرحي من حيث المفهوم والسمات والأنواع ثم تطرقت فيه إلى ما بين الحدث والحبكة المسرحية من علاقة. وتناولت في المبحث الثاني الحدث المركب والحدث العبثي. أما المبحث الثالث فاشتمل على ثلاث قضايا هي الحدث الواقعي والحدث المركب والحدث الأسطوري. وفي الفصل الرابع تناولت الدراسة الفكرة المسرحية من خلال ثلاثة مباحث: تضمن المبحث الأول: مفهوم الفكرة وموضعها في العمل المسرحي ثم الفكرة المسرحية تاريخيًا. أما المبحثين الثاني والثالث فقد تناولا أنواع الفِكَرِ المسرحية مقترنة بقضايا مسرحية أخرى معتمدة على تحليل النصوص الشعرية المسرحية فكانت: الفكرة الرمزية والحدث الواقعي، والفكرة الواقعية والحدث الواقعي، والفكرة الرمزية والحدث الرمزي، ثم الفكرة الاجتماعية والحدث التاريخي.

أما الخاتمة فقد تضمنت أهم ما توصلت اليه الدراسة من نتائج ومقترحات.

وختامًا فلأستاذي المشرف الدكتور سعيد عدنان مني خالص الشكر والامتنان، لما أولاه لهذه الرسالة من رعاية كريمة، ومن صبر على الباحث وأنات وتوجيه كانت ثمرته هذا الجهد المتواضع، فجزاه الله عني خير الجزاء. وما توفيقنا إلا بالله، فهو الموفق والمعين.

الخاتمة

يمكن إجمال أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة بما يأتي:

1. أن امتزاج الشعر بالمسرح هو امتزاج تلقائي، وأن المسرحيات الأولى إنما كتبت شعرًا.

2. ضرورة امتلاك الشاعر المسرحي للخبرة المسرحية على المستوى الأدائي، ذلك أن الأداء المسرحي جزء متممٌ لعمل الشاعر المسرحي في كتابته لمسرحيته الشعرية.

3. أن الشعر أصلح للمسرح من النثر لتوافره على قدرات فنية لا يمتلكها النثر.

4. تقدم الشخصية المسرحية على الحدث المسرحي، إذ أن الشخصية هي التي تضع الحدث المسرحي.

5. ليس بالضرورة أن تتطور كل الشخصيات في المسرحية الشعرية، إذ أن ذلك يرتبط بوظيفتها أو بمقتضى الحال.

6. اختلاف الشخصيات المسرحية وكذلك الصراع المسرحي في المراحل التاريخية المتعاقبة بتأثير اختلاف حياة الانسان.

7. أن الصراع في المسرحيات الشعرية هو امتداد للصراع الإنساني الأول مع الطبيعة من أجل البقاء.

8. ارتباط الفكرة المسرحية بالبيئة، وبظروف عصرها ومعالجتها للقضايا الانسانية.

9. أن اللغة في المسرحية الشعرية وسيلة لغاية وليست هي الغاية كما في القصيدة الشعرية.

10. ضرورة انسجام اللغة في المسرحية الشعرية مع العناصر المسرحية الأخرى وبالأخص الشخصية والموضوع.

11. تتجلى أهمية اللغة في المسرحية الشعرية في تركيب الأحداث ولا يكون تأثيرها فاعلًا خارج الحدث المسرحي، إذ أن الكلام في المسرحية متمم للحركة.

12. كانت اللغة التي كتب بها الشعراء المسرحيون مسرحياتهم ميسرة الفهم ولم تشكل حاجزًا يحول دون تحقق موضوع التلقي.

13. أدى الحوار في المسرحيات الشعرية وظيفته المسرحية في الكشف عن الشخصيات وتصوير دواخلها وإظهار تأزمها فضلًا عن تصويره الصراع وتطوره وفكرة العمل المسرحي.

14. كان تنوع الأحداث والفِكَرِ المسرحية فيما بين المسرحيات الشعرية المتناولة ضرورة أملاها البناء الفني والموضوعي للمسرحيات الشعرية.

15. أن تنوع الصراع في المسرحيات الشعرية مردّه اختلاف وتنوع الشخصيات المسرحية واختلاف ظروفها ونوازعها.

16. كان التاريخ قديمه وحديثه مصدرًا مهمًا وظفه الشعراء المسرحيون في كتابة مسرحياتهم الشعرية.

17. في المسرحيات الشعرية التي تناولت التاريخ أو التراث، تمكن الشعراء من جعل ما تم توظيفه مسرحيًا جزءًا من النسيج الفني للبناء المسرحي.

18. تفاوت درجات وجود الغنائية في المسرحيات الشعرية، ذلك أن الشعراء المسرحيون هم في الأصل شعراء غنائيون.

19. كان الإنسان وقضاياه الحياتية الموضوع الأول الذي تناولته المسرحيات الشعرية المدروسة، فكان أن أدى الشعر المسرحي وظيفة إنسانية.

فهرس المحتويات