• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل ماجستير
علامة باركود

أبو الحسن الأشعري بين المعتزلة والسلف

هادي بن أحمد علي طالبي

نوع الدراسة: PHD
البلد: المملكة العربية السعودية
الجامعة: جامعة الملك عبدالعزيز
الكلية: الشريعة
التخصص: قسم الدراسات العليا فرع العقيدة
المشرف: الشيخ: محمد يوسف الشيخ
العام: 1399هـ - 1979م

تاريخ الإضافة: 7/8/2011 ميلادي - 7/9/1432 هجري

الزيارات: 62821

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

مقدمات

1- المقدمة الأولى: في بيان أسباب اختيار الموضوع وأهميته:

الحمد لله ربِّ العالمين كما هو أهله، لا نُحصِي ثناءً عليه، خلَق الكون وأحكَمَه، والإنسانَ وكرَّمه، هو الأوَّل قبل كلِّ شيءٍ بلا بداية، والآخِر بعد كلِّ شيء بلا نهاية، والظاهر فوق كلِّ شيء، والباطن فليس دُونه شيء، له الأسماء الحسنى والصفات العُلَى، جلَّ عن الشركاء والأنداد، وتقدَّس عن الصاحبة والأولاد؛ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1-4]، ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، ﴿ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]، ﴿ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ﴾ [الجن: 28]، ﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 120]، ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8]، خلَقَ الخلقَ وأعمالَهم، وقدَّر أرازقَهم وآجالَهم، لا إله إلا هو له الملكُ وله الحمد وهو على كلِّ شيء شهيد.

 

وأُصلِّي وأُسلِّم على عبده ورسوله محمد بن عبدالله البشير النذير، السِّراج المنير، المرسل رحمةً للعالمين، وهدايةً للمهتدين، أرسَلَه الله بالهدى ودِين الحقِّ ليُظهِره على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وجاهَد في الله حقَّ جِهاده حتى أتاه اليقين، وعلى آله الأكرَمِين، وأزواجه الطيِّبين، وأصحابه البرَرَة المتَّقين، وعلى التابعين لهم بإحسانٍ ومَن تبعهم إلى يوم الدِّين.

 

وبعدُ:

فمن توفيق الله - عزَّ وجلَّ - أنْ يسَّر لي الالتحاقَ بقسم الدراسات العُليا في الشريعة الإسلامية، بجماعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة، وكان من نظام الجامعة المتَّبَع أنْ يُقدِّم الطالب بقسم الدراسات العُليَا بحثًا علميًّا في مجال تخصُّصه لنيل درجة الماجستير، وقد كان تخصُّصي في فرع العقيدة الإسلامية، ومعلومٌ أنَّ العقيدة الإسلامية أساس الأعمال؛ إذ لا تصحُّ الأفعال من غير معتقد صحيح.

 

وكانت طريقة الرسل من أوَّلهم نوح - عليه السلام - إلى آخِرهم محمد بن عبدالله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كانت طريقتهم الدعوة إلى الله، وإخلاص العبادة له دون ما سواه، وكانوا في جدالٍ مرير مع قومهم، يَدعُونهم إلى الإيمان به وحدَه، وإلى دينه الخالص، ويُحذِّرونهم من عبادة الأصنام والأوثان، وكلٌّ منهم يقول لقومه، ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59].

 

فنوحٌ لَبِثَ في قومه ألفَ سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى إخلاص العبادة لله وحدَه، وترْك المعبودات المختلفة من الأوثان والأصنام.

 

وهكذا محمَّدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - دعا قومَه بمكة ثلاث عشرة سنة إلى قول: لا إله إلا الله، تصديقًا واعتقادًا وعملاً، وصَبَرَ على ما نالَه من أذى قومه، حتى فتَح الله عليه، ودخَل الناس في دِين الله أفواجًا، وتركَهُم على المحجَّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

 

أكمَلَ الله به الدِّين؛ قال - تعالى -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وقال - تعالى -: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب: 40].

 

ثم بعدَ وفاتِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بدأ يدبُّ الخلاف بين المسلمين، وتزايَد بمرور الزمن لا سيَّما بعد القرون الفاضلة، فقد تفرَّق المسلمون إلى طوائف مختلفة في مُعتَقداتها، وكان الباحثون في المذاهب والمقالات، والمؤرِّخون للفِرَقِ قبلَ أبي الحسن الأشعري بين مُقصِّر فيما يَحكِيه من أقوال مُخالِفيه، وبين متعمِّدٍ للكذب في الحكاية لإرادة التشنيع على مخالفيه، وبين تاركٍ للتقصِّي في روايته لما يرويه من اختلاف المختلفين.

 

فأخذ القوسَ باريها، ذلك هو أبو الحسن الأشعري؛ فقد كان من المحقِّقين في تاريخ المذاهب والمقالات، فهو من أعلم الناس بتاريخ الأديان ومذاهب الفِرَقِ، ومن أكثر الناس تأليفًا، وأصدقهم نقلاً.

 

وممَّا زادَه فهمًا للمذاهب الإسلاميَّة أنَّه قد عاصَر أطوارًا مختلفة ودرس مذاهبَ متعدِّدة، وكان له نضالٌ جدلي في هذه المذاهب، ونحن إذ نقصُّ عليك تاريخه المذهبي نقول: إنَّه كان أولاً معتزليًّا، ثم خرج عن الاعتزال رادًّا عليه، مُبيِّنًا مَعايِبه وانتهى به المطاف في النهاية إلى مذهب السلف، واستقرَّ أمرُه على ذلك، وأيضًا فإنَّ أتْباع الأشعري من أكثر الفرق الإسلاميَّة، ومذهبه أوسع انتشارًا في البلاد الإسلاميَّة.

 

ولَمَّا كان الإمام الأشعري بهذه المكانة رأيتُ أنْ أجعَلَه موضوع رسالتي لتحضير درجة الماجستير، وعنوانها "أبو الحسن الأشعري بين المعتزلة والسلف"، واستعنتُ اللهَ - تبارك وتعالى - وعملتُ الخطَّة وقدَّمتُها إلى مجلس الجامعة الموقَّر، وتمَّت الموافقة على ذلك - ولله الحمد.

 

وكان من أهم الأسباب التي دفعَتْني إلى الكتابة في هذا الموضوع ما يلي:

1- أنَّ الكاتِبين عن الأشعري يختلفون في تحقيق مذهبه، واختلافُهم مبنيٌّ على الأطوار المذهبيَّة التي مرَّ بها الأشعري، كما هو مبيَّن في مؤلَّفاته؛ إذ إنَّ مؤلفاته تختلف باختلاف الأطوار المذهبية التي مرَّ بها، فكان يُؤلِّف في كلِّ طورٍ مُؤلَّفاتٍ تُوافِق معتقده في الطور الذي كان فيه.

 

2- أنَّ الأشعري يَكاد يكون شُذوذًا عنيفًا بين أقْرانه، وذلك أنَّه درس الاعتزال وتمذهَبَ به، وألَّف فيه، ودافَعَ عنه، حتى بلغ الأربعين من عمره، وكون الأشعري كان معتزليًّا في حياته الأولى أمرٌ مُجمَع عليه من غير خلاف، وهذه الفترة من حَياته لسنا بصدد البحث عن مُعتَقدِه فيها، فإنَّه كان معتزليًّا ومع المعتزلة، ولا عجب أنْ يتعمَّق الأشعري في الاعتزال، فإنَّه عاش بالبصرة عاصمة الاعتزال ومنشأ فكرة المعتزلة.

 

وأيضًا فإنَّ شيخه أبو عليٍّ الجبائي كان زعيمَ المعتزلة في وقته، وكان الأشعري ربيبًا للجبَّائي ونشأ في حِجره.

 

وإنما العجب أنْ يُفاجَأ الناس بهجره لهذه المبادئ الاعتزاليَّة، بل وينقلب عليها حربًا ضَرُوسًا، بعدَ مُضِيِّه معتزليًّا أكثر من ثلث قرن، لا نقول ذلك رجمًا بالغيب، فكتُبُه التي بين أيدينا تُنادِي بصوتٍ صارخ بعُنف خُصومته للمعتزلة، ولا أكونُ مغاليًا إذا قلتُ: إنَّ الأشعري من أكبر خُصوم المعتزلة.

 

3- أنكَرَ بعض الباحثين نسبةَ بعض مؤلفاته إليه بقولهم: إنها مكذوبةٌ عليه، وزعَم البعض الآخَر أنَّه ألَّف بعض كتُبِه - كالإبانة - مداهنةً لبعض الحنابلة حين دخل بغداد، وسيأتي تحقيق هذا في موضعه - إنْ شاء الله تعالى.

 

4- شاعَ بين الباحثين أيضًا أنَّ هناك خلافًا شاسعًا بين رأي الأشاعرة وبين رأي الأشعري نفسه في العقيدة، وما زال أتْباعه المخالفون له ينتسبون إليه، وما زالوا أشاعرة.

 

لهذه الأسباب المتضارِبة اخترتُ الكتابة عن الأشعري من أجل إيضاح معتقده، وبَيان شيء من مسائل الخلاف بينه وبين أتْباعه، وإثبات ما نُفِي عنه من كتبه، واللهَ أسألُ أنْ يهديني سَواء السبيل.

 

2- المقدمة الثانية: في بيان الخطة ومنهج الرسالة:

سلكتُ في خطَّة الرسالة النحو التالي:

1- مقدمة أولى ذكرتُ فيها أهميَّة الموضوع، والأسباب الدافعة إلى الكتابة فيه.

2- مقدمة ثانية ذكرتُ فيها الخطة والمنهج الذي أسيرُ عليه في الرسالة.

3- تمهيد، ويشمل على بحوث أربعة:

1- البحث الأول: ذكرت فيه نسب الأشعري، ومولده ونشأته.

2- البحث الثاني: ذكرتُ فيه المكانة العلمية التي كان عليها الأشعري في عصره.

3- البحث الثالث: ذكرت فيه بعض مشايخ الأشعري وتلاميذه وأتْباعه.

4- البحث الرابع: ذكرتُ فيه مؤلفات الأشعري وتصحيح نسبة كتابه "الإبانة" إليه، وإنها من مؤلفاته المتأخِّرة.

 

4- بابٌ واحدٌ في آراء أبي الحسن الأشعري الاعتقادية، وفيه فصول:

1- الفصل الأول: بيان موقف أبي الحسن الأشعري من المعتزلة، وأسباب خروجه عليهم.

2- الفصل الثاني:

ذكرت فيه الأطوار الاعتقادية التي مرَّ بها أبو الحسن الأشعري بعد خروجه عن الاعتزال.

3- الفصل الثالث: طريقة الأشعري في الاستدلال على وجود الله.

4- الفصل الرابع: طريقة الأشعري في الاستدلال على الوحدانية.

5- الفصل الخامس: رأي الأشعري في الصفات الإلهية.

6- الفصل السادس: رأي الأشعري في كلام الله.

7- الفصل السابع: رأي الأشعري وأدلته على إثبات الرؤية.

8- الفصل الثامن: بيان كسب الأشعري.

9- الفصل التاسع: رأي الأشعري في مسألة الإيمان.

10- الفصل العاشر: بين الأشعري والأشاعرة.

 

وقد اقتصرتُ على هذه البحوث؛ لأنها أهم الأمور التي رُمِي الأشعري فيها بمخالفة السلف، لا سيَّما مسألة القُرآن، فإنَّ ابن تيميَّة يرى أنَّ الأشعري لم ينفرد بشيءٍ من الأقوال إلا ما قالَه في مسألة القرآن من موافقة ابن كلاب، أمَّا سائر المسائل فليس للأشعري بها اختصاص، وسيأتي في الفصل السادس ما نقلناه عن ابن تيميَّة من أنَّ الأشعري كان أعظم موافقةً للإمام أحمد بن حنبل في مسألة القرآن والصفات، وكذلك قال ابن القيم: أنَّ الأشعري وافق السلف إلا في مسألة الكلام، وقد قرَّرنا بوضوحٍ في هذا الفصل أنَّ الأشعري وافَق السلف حتى في مسألة القُرآن.

 

إذا ثبَت أنَّ الأشعري سلفيٌّ في هذه المسائل التي تحدثنا عنها فما عداها من المسائل التي أعرضنا عنها تابعةٌ لها، وداخلة في رُجوعه العام.

 

ولَمَّا رأيتُ أنَّ الأشعري مرَّتْ به مذاهب مختلفة: من اعتزالية، وكلابية، وسلفية، أدَّت إلى اختلاف الباحثين من أصحاب الفرق والمقالات في تقييم مذهب الأشعري واضطرابهم فيه.

 

1- فجماعةٌ من أتْباع الأشعري أنكروا سلفيَّته، وألصقوا به أمورًا يعتقدونها مثل: تأويل الصفات الخبرية، وقد تبرَّأ منها الأشعري، وأنكروا ذلك خوفًا من أنْ يقال: إنهم على خلاف مذهبه.

2- وجماعة من أعدائه سلكوا طريق التشنيع على أبي الحسن الأشعري، وأنكروا مذهبه السلفي، واتَّهموه بمخالفة السلف، بل نسبوه إلى المعتزلة ومذهبهم.

3- وجماعة آخرون كتبوا عن الأشعري مذهبه وفقًا لأطواره المختلفة، وحكوا عنه في عدَّةٍ من المسائل قولين أو أكثر، وفاتَهم ما استقرَّ عليه أمرُ الأشعري من هذه الأقوال؛ ونتيجةً لذلك حصل التوقُّف في مذهب الأشعري، أو حكم عليه بالتناقُض، أو بموافقة السلف في أمور، ومخالفتهم في أمورٍ أخرى.

 

لهذا الاضطراب، وهذا الخلاف حول مذهب الأشعري وتقييمه، فإنِّي لم أستطع أنْ أعتمد على ما كتبه أصحاب المقالات من كلِّ وجه، بل إنَّني آثَرتُ تقديم مؤلفات الأشعري في الكتابة عن معتقده وتقييم مذهبه، والموجودة بين أيدينا بعد التحقيق العلمي أنها من وَضعِه وتأليفه، وساعدَنِي على ذلك التمييز المتقدِّم والمتأخِّر من مُؤلَّفاته؛ ممَّا جعلني أجزم بما استقرَّ عليه أمر الأشعري في آخِر حَياته.

 

أمَّا ما كتَبَه عنه المؤرِّخون فاقتصرتُ منه على ما وافَق مؤلفات الأشعري المتأخِّرة، أو ما ذكروا فيه أنَّه كان على مذهب السلف وقد واجهت صُعوبات في هذا البحث: من حيث غُموض بعض الأمور في مؤلفات الأشعري، ومن حيث اضطراب الباحثين في تحقيق مذهبه، ولكنَّ الله أعانني على ذلك بتوفيقه، والحمد لله أولاً وأخرًا.

 

وهذه رسالتي أتقدَّم بها إلى مجلس الجامعة الكريم وأعضاء اللجنة المحتَرَمين، فإنْ كان صوابًا فمن الله وبفضله وإحسانه، وإنْ كان خطأً فمني، وأرجو الله المنَّ بعفوه وغُفرانه.

 

وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على عبده ورسوله محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

خاتمة في نتائج البحث:

نُبيِّن في هذه الخاتمة بعض النتائج المهمَّة التي توصَّلنا إليها في هذا البحث فنقول:

1- أنَّ الأشعري رجَع عن الاعتزال، وثبتَ رُجوعه إجماعًا، ولم يخالف في ذلك إلاَّ مَن لا يُعتَدُّ به من خصوم الأشعري والحاقدين عليه.

 

2- وبعد رُجوعه عن الاعتزال كان مذهبه مزيجًا من المذاهب المختلفة؛ فقد كان يأخُذ برأي السلف في بعض الآراء، ويأخُذ في بعضها برأي ابن كلاب، وكانت لدَيْه بقيَّة من الاعتزال، وقد يستقلُّ برأيه في بعضها الآخَر، وكان هذا في الفترة التي قَضاها الإمام الأشعري في البصرة.

 

3- وبعد نُزُوحه من البصرة إلى بغداد، وقد كانت بغداد معقل مذهب السلف والسلفيين، فاتَّصل بهم واطَّلع على مذهبهم اطِّلاعًا عميقًا من منابعه الأصليَّة، فاقتنع بمذهبهم عن بصيرةٍ وتعقُّل، وبقي على مذهبهم حتى وافَتْه منيَّته ببغداد، وهذا هو المأثور عن الأشعري في مراحل حياته العلميَّة.

 

4- لم يقف الأشعري في سلفيَّته عند العقائد الدينيَّة، بل كان سلفيًّا في استدلالاته ومسالكه المنهجيَّة.

 

5- أنَّ الأشعري قد اتُّهم بآراء هو منها بَراء، بل إنها آراء أتْباعه أُلصِقتْ به زورًا وبهتانًا، وقد كان بعض أتباعه يخالفونه في كثيرٍ من آرائه، فاستغلَّ خُصومه أراء أتباعه المخالفة للسلف ونسبوها إليه بغير حق؛ وكانت النتيجة التي يرمون إليها اتِّهامه بمخالفة السلف.

 

لهذا وقَع كثيرٌ من الناس خطأ فظنُّوا أنَّ الأشعري خصم للسلف؛ اغترارًا بما ألصقه به أتْباعه.

 

وقد كان مذهب الأشعري الصادق هو مذهب السلف، وكان ينتسب إلى الإمام أحمد بن حنبل وأصحاب الحديث، ولم يكنْ للأشعري مذهبٌ ينتحله غير مذهب السلف في حياته الأخيرة.

 

6- لقد كان المعتزلة أهل جدَل ومنطق، وقد يظهرون على السلف في الحجاج معهم مُؤيَّدون من أصحاب السلطان.

 

فلمَّا اعتزل الأشعري مذهب المعتزلة بعد أربعين سنة من عمره كان فيها لسان الاعتزال، وقد كان بصيرًا بأصولهم ومسالكهم الجدليَّة المنطقيَّة، أمكن له بعد تركه الاعتزالَ أنْ يُناظِر المعتزلة بسلاحهم المنطقي بالإضافة إلى قواعد النصوص الشرعيَّة، ومن هنا كان له فضل كبير على السلف؛ إذ كان شجًّا في حلوق المعتزلة في مجادلاتهم مع السلف؛ لذلك يقول بندار بن الحسين: إنَّ المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله الأشعري، فحجزهم في أقماع السمسم.

 

7- قد بان بالتحقيق صحَّة نسبة كتاب "الإبانة" إليه، وأنه من وضعه وتأليفه ومن آخِر مؤلفاته، وقد أبان الأشعري في هذا الكتاب عقيدته السلفيَّة بصراحةٍ ووضوح.

 

وقد نفى الكتابَ عن الأشعري جماعةٌ من المنتسِبين إليه؛ خوفًا من أن يُقال أنهم على خلاف مذهبه.

 

كما نَفاه آخَرون عنه لقصد التشنيع عليه واتهامه بمخالفة السلف.

 

8- لقد اختلف الناس في تحقيق مذهب الأشعري؛ ولعلَّ سبب اختلاف الباحثين في عقيدة الأشعري تقلُّبه في حياته على مذاهب مختلفة؛ فقد كان أولاً معتزليًّا، ثم ترك الاعتزال وصار مذهبه مزيجًا من المذاهب المختلفة من مذهب ابن كلاب وغيره، ثم هجر ذلك كله حينما انتقل أخيرًا إلى بغداد وصار سلفيًّا، فأولئك الذين اختلفوا في عقيدته قد يكون لهم من العُذر مروره على تلك المراحل المختلفة، والله أعلم.

 

"وأخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين".

 

محتويات الرسالة

الموضوع

الصفحة

شكر وتقدير

أ

فهرس الموضوعات

ب

المقدمة الأولى

1

المقدمة الثانية

6

تمهيد وفيه أربعة بحوث

11

البحث الأول: نسب الأشعري ومولده ونشأته

11

البحث الثاني: مكانته العلمية

13

البحث الثالث: مشايخ الأشعري وتلاميذه

16

البحث الرابع: مؤلفات الأشعري

19

باب واحد في آراء أبي الحسن الأشعري الاعتقادية وفيه عشرة فصول

 

الفصل الأول: بيان موقفه من المعتزلة ولماذا خرج عليهم؟

29

الفصل الثاني: إلى أين اتجه الأشعري بعد الاعتزال؟

39

الفصل الثالث: مذهب الأشعري في الاستدلال على وجود الله

48

الفصل الرابع: مذهب الأشعري في الاستدلال على وحدانية الله

56

الفصل الخامس: مذهب الأشعري في الصفات

60

الفصل السادس: مذهب الأشعري في كلام الله

82

الفصل السابع: مسلك الأشعري في إثبات رؤية الله

104

الفصل الثامن: في أفعال العباد

108

الفصل التاسع: رأى الأشعري في الإيمان

117

الفصل العاشر: بين الأشعري والأشاعرة

124

خاتمة الرسالة

132





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • من تراجم الشعراء (المتنبي - أبو فراس الحمداني - أبو الحسن الأنباري - ابن دريد - البحتري)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من فضل القرض الحسن: القرض الحسن كعتق رقبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا الحسن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة ديوان أبي الحسن علي بن الحسن الباخرزي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ترجمة الإمامين الحسن البصري ويحيى بن آدم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الامام أبي الحسن الأشعري(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من شيوخ القراء بدمشق الشيخ أبو الحسن الكردي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الكتاب الذي لا أنسى فضله: العلامة السيد أبو الحسن الندوي رحمه الله(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
5- عقيدة الأشعري
احمد كليب - اليمن 29-07-2015 08:24 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاه
أريد أن أسأل حول عقيدة أبو الحسن الأشعري هل هي موافقة تماما لعقيدة أهل السنة والجماعة ؟
هل أبو الحسن الأشعري يقر التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالأولياء ؟
هل أبو الحسن الاشعري يقر الاحتفال بالمولد ؟
لأني وجدت مجموعة على الفيس بوك ينتسبون للأشاعرة يقرون الموالد ودعاء والتوسل بالأموات

4- لا اله الا الله
شمه - egypt 31-10-2013 07:09 PM

روعة..

3- الاطور الفكرية لابي الحسن الاشعري
اكرم غانم - العراق 12-03-2013 10:20 AM

مر الأشعري في حياته الفكرية بثلاث مراحل :
● المرحلة الأولى : عاش فيها في كنف أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في عصره وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته . ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة .
● المرحلة الثانية : ثار فيه على مذهب الاعتزال الذي كان ينافح عنه ، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً ، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه ، وأعلن البراءة من الاعتزال وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل وفيها اتبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل : ( الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام ) ، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها .
● المرحلة الثالثة : إثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تبديل ولا تمثيل ، وفي هذه المرحلة كتب كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي عبّر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم ، الذي كان حامل لوائه الإمام أحمد بن حنبل .
ولم يقتصر على ذلك بل خلّف مكتبة كبيرة في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تقدّر بثمانية وستين مؤلفاً .
توفي سنة 324هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته : ( اليوم مات ناصر السنة ) .
وانظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة ، م 1 / ص 83 .

2- مسلك الأشعري في الاسلام والايمان
عبدالحفيظ عبالله عبدالحفيظ النظيف - ليبيا 18-08-2012 04:39 PM

سبق وأن قلت ، يبدوأن أباالحسن الأشعري عندما طاف وجال بين المذاهب خاصةالمذهب الاعتزالي وغير من المذاهب في نهاية جولته رسى على أن يتبع أهل السنة والجماعة .
أما الذين اختلفوا في مسلك الأشعري وعقيدته من البحاث ، فلهم العذر ، وفي نفس الوقت عليهم أن يقفوا وقفة تأمل لهذا الرجل الذي وضح لهم أن مسلك أهل السنة والجماعة أمام المذاهب الأخري مذهب معتدل ووضعهم ، في المحك والميزان عندما تقلُّب في حياته على مذاهب مختلفة؛ وإن كان أولاً معتزليًّا، ثم ترك الاعتزال وصار مذهبه مزيجًا من المذاهب المختلفة ثم هجر ذلك كله وصار سلفيًّا، فأولئك الذين اختلفوا في عقيدته قد يكون لهم من العُذر مروره على تلك المراحل المختلفة ، ومهما يكن فإن له الفضل في تبيان مذهب أهل السنة والجماعة ، هو المذهب الصحيح على الإطلاق ، كان عليه أن يسلك مذهب غير السنة والجماعة عند دراسته للمذاهب الأخرى ، ولكن فضل مذهب اهل السنة والجماعة خصوصا وأنه عند تعريفه للإسلام ، والإيمان كان قوله نفس قول أهل السنة والجماعة قائلا :
وهو يتحدث عن مذهب الأشاعرة عموما قال : لتعريفهم لمعني الإسلام بأنه : الانقياد ، والاستسلام ، أو هو الاستسلام لله بفعل كل طاعة موافقة للأمر .
ومن وجهة نظري يبدو أن اسم الإسلام يكون عاما لكل الطاعات يمكن أن يتقرب بها العبد لله من إيمان
وتصدق ، وفرض ، ونفل ، دون فعل أفعال الإيمان نفسها . ............. وللحديث كمالة لاحقا .

1- موقف الأشعري من اهل السنة
عبدالحفيظ عبالله عبدالحفيظ النظيف - ليبيا 12-08-2012 01:14 AM

يبدو أن أباالحسن الأشعري عندما طاف وجال بين المذاهب خاصة المذهب الاعتزالي وغير من المذاهب في نهاية جولته رسى على أن يتبع أهل السنة والجماعة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب