• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صحة الفم والأسنان في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وعملية الترجمة
    أسامة طبش
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / الثقافة الإعلامية
علامة باركود

الفضائيات الإسلامية (سلبيات وتوجيهات) (1)

د. محمد يسري إبراهيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/3/2011 ميلادي - 30/3/1432 هجري

الزيارات: 20574

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفضائيات الإسلامية

(سلبيات وتوجيهات)


ظهور الفضائيَّات الدينيَّة المتخصصة والمتمحضة للدعوة والإعلام الإسلامي، كان بمثابة التطوُّر الطبيعي لوجود الفضائيات العربيَّة، ونزيدُ هنا بأنَّه كان أملاً انتعشتْ لتحقُّقه قلوبُ الغيورين، وإنجازًا تهلَّلتْ لحصوله وجوه الصالحين، وقد مارَستْ هذه الفضائيات الدينية أعمالَها، وقامتْ بأدوارها وَفْق رؤيتها ومنهجيَّتها، وخاضتْ غِمار التجرِبة الجديدة بما تيسَّر لها من كفاءاتها وأدواتها، ووسائلها المتاحة.

 

وتبايَنتْ بعد فترةٍ ردودُ الأفعال تجاهها من قِبَل عامة المتديِّنين وصفْوَتهم، فمِن مُتحمِّس قلَّ حماسُه وفتَر دَعْمُه، إلى متحفِّظ في نفسه وهَنَ إيمانُه بالفكرة وضَعُف إقباله، إلى مُنتقدٍ لها، ومتخيِّر من بينها، مُجاهر بنُصحها، إلى مصدوم فيها قد خابَ أملُه وتبدَّد حُلمه، وهو يرى جملةً من المخالفات الشرعيَّة إلى ازدياد، وأخرى من الانحرافات التربوية إلى اطِّراد، وثالثة من السوءات المنهجيَّة والسلبيَّات الفنيَّة إلى تجذُّر واعتماد.

 

وبغضِّ النظر عن المواقف النفسيَّة والتوجُّهات الفكرية لأصحاب تلك الملحوظات، فإنَّ واجبَ النصيحة يَقتضي بعد ذِكْر الإيجابيَّات وقفةً مع السلبيَّات، لا لمجرَّد ذِكْرها وتَعدادها فقد تكون محلَّ إقرارٍ وتسليم من القائمين على تلك الفضائيات؛ إنما ينبغي أنْ تكون مشفوعةً بتوجيهات وتوصيات؛ وذلك حتى يكون في هذا المسلك دعْمُ هذه الوسيلة الإعلامية الفعَّالة، وتعظيم الفائدة المرجوَّة منها.

 

وقديمًا قيل: "مَن ألَّفَ فقد استُهْدِف"، فكيف بمن يكون ما يؤلِّفه يُعرض ليلَ نهار على ما لا يُحصَى من خَلْق الله - تعالى؟ والتقييم والنقْد حقٌّ مكفول لكلِّ أحد - مدحًا وقدْحًا - ولا يَمنع هذا من أنَّ الأصل في التقويم أنْ يكون بعِلْمٍ لا بجهل، وبعَدْل لا بظُلم، وبإنصافٍ لا بتجَنٍّ، وأن يكون دوريًّا لا مستمرًّا ولا منقطعًا؛ لأن الأوَّلَ مَضيعة للوقت، والثاني يفوِّت مصلحة متابعة الانتفاع بالتوجيه والنقْد.

 

ويُمكن تقسيم هذه الملحوظات والانتقادات إلى ثلاثة أقسام رئيسة، كما يظهر في الورقات الآتية:

القسم الأول: ملحوظات منهجية

قد يشكُّ بعض الناس في وجود ما يُسَمَّى بالإعلام الإسلامي، والذي ينطلق من رؤية إسلامية شاملة لجوانب الحياة كافَّة، ويستوعب أنشطة الناس وحاجاتهم عامَّة.

 

وبغضِّ النظر عن بواعث هؤلاء المشكِّكين والموقف منهم، فإنَّ وجودَ الإعلام الإسلامي قد أصبحَ حقيقة تَفرض نفسَها منذ عقود، حيث لا يجادل فيها إلاَّ مكابر أو جاهل، ولا أدلَّ على وجوده من هذا التفاعل الفضائي الإسلامي، والذي يُعتَنى بتقويمه هذه الأيام.

 

قد يُقال - وبحقٍّ -: إنه دون المطموح، وأقلُّ من المأمول، ولكنَّ الثابتَ أنه يَفرض نفسَه، ويشدُّ إليه الأبصار، وتَتنامى شريحة المتابعين له، والمستفيدين منه.

 

وفيما يلي بعض الإشكالات المنهجية، مشفوعةً بنصائحَ وأفكار لمعالجتها، وتلافي آثارها:

1- غياب التخطيط الارتيادي لبعض الفضائيات الإسلامية:

لا شكَّ أنَّ كلَّ عملٍ كبير لا بُدَّ له من خُطة عمل رشيدة، تتَّضح فيها رؤية هذا العمل ورسالته، وتظهر من خلالها أهميَّته وأهدافه، وتُوضَع لأجل ذلك برامجه، وتتجدَّد أساليبه ووسائله، وتعالَج سلفًا نقاطُ الضَّعف فيه، كما يُستفاد من نقاط القوَّة والإجادة، ويستوعب أصحابه وأربابُه ذلك التخطيطَ، فينضبطون في أدائهم برؤيتهم ورسالتهم الإستراتيجيَّة.

 

والذي يبدو جَليًّا أنَّ كثيرًا من هذه القنوات لَم تعطِ جانب التخطيط أهميَّته، ولَم تجعلْ له أولويَّة[1]، ومَن اهتمَّ بذلك بشكلٍ نظري لَدَى البدايات، لَم يتقيَّد به عندما تشعَّبَتْ به المسارات، وتعدَّدت أمامه الاختيارات، أو زادتْ عليه الضغوطات، وهذا بدوره أحدثَ خروقات منهجيَّة، وأضعَفَ من أثرها، وقلَّل من قيمتها، كما أنَّ ضِيق الأُفق، ومحدوديَّة الرؤية، والتركيز على اللحظة الراهنة دون التطلُّع للمستقبل - أسهم سلبيًّا بشكلٍ كبير.

 

والذي لا ينبغي أن يغيبَ عن أرباب هذه الفضائيَّات: أنَّها تُعتبر وسيلة فعَّالة لاستعادة المبادرة والريادة الحضارية للأمة الإسلاميَّة، بعد أنْ أفلت الزمام مدَّة ليستْ بالقليلة، وهذه الوسيلة مع حَدَاثتها قد أثبتتْ فاعليتها كخطِّ دفاع قوي عن ثوابت الأمَّة، واخترقتْ واقع وحياة فئات كثيرة ظلَّتْ مستعصية على الوصول إليها عبر الوسائل التقليدية للدعوة والإعلام، وعليه؛ فإنَّ هذا يُشدِّد على أهمية بَلْوَرة الرؤية والرسالة الإستراتيجيَّة، بنفس الإصرار الذي يحمل على امتلاك ناصية هذه التقنية الإعلاميَّة.

 

فرؤية القناة الفضائيَّة الإسلامية يتعيَّن أنْ تَنبثقَ من عقيدة الإسلام قلبًا وقالَبًا، وأنْ تُخاطبَ العقل والقلبَ معًا، وأن تُلَبِّي حاجات النفس بتوازُن وتكاملٍ، من غير إفراط ولا تفريط، مع الدَّمْج بين نِشدان الكمال هدفًا، وإبراز الجمال وسيلة، وأنْ تَحتكم إلى الْحُجة والبرهان، في تقديم أصول الإسلام، والدفاع عن ثوابته وحُرماته.

 

ورسالة القناة الفضائية رسالة منضبطة بتحقيق العبودية، متجنِّبة لكلِّ مظاهر العبثيَّة، ولو كان ذلك في الترويح والترفيه، فلا بُدَّ من تبصيرٍ بعالمية هذا الدِّين، وصلاحية شريعته للعالمين، وتذكير المسلمين أولاً بعزَّتهم وحضارتهم، وأصالة دورهم في هذه الحياة، وإذكاء رُوح المبادرة الإيجابيَّة، والعِزَّة الإيمانيَّة، والعمل على ترميم الواقع الثقافي والأخلاقي للأُمة، وتوثيق أواصر المودَّة والرحمة والأخوَّة بين المسلمين في أرجاء المعمورة، والمنافحة عن قضايا الأقليَّات المسلمة، والعمل على ربْطهم بالجسد الإسلامي الكبير.

 

وبناءً على خُطوط الرؤية والرسالة العامة، تنشأ تلك البرامج، وتُتَّخذ تلك الوسائلُ والأساليب، التي تنضبط بضوابط الشرْع المطهَّر؛ حيث لا انفصال بين الوسيلة والغاية، ولا مساومة على الثوابت الشرعيَّة، في الوسائل والأساليب الإعلاميَّة.

 

وبكلِّ حالٍ، فإنَّ على أرباب القنوات الفضائية الدينيَّة أنْ يُعيدوا على أنفسهم أسئلةً، الإجابةُ عنها تمثِّل مبررًا للانطلاق والاستمرار، وهي بمجموعها تشكِّل تلك الرؤية الدقيقة والواضحة للقناة الفضائية؛ حتى تؤدِّي دورَها في البناء الحضاري لهذه الأُمة.

 

2- السقوط أمام التحديات المنهجية:

يواجِه الإعلام الإسلامي عامَّة تحديات كثيرة، وتواجِه الفضائيَّات الإسلامية منه تحدِّيات نوعية بشكلٍ أخصَّ، فالإعلام الإسلامي عليه أنْ يَجمعَ بين الجاذبيَّة والاستقامة، وبين الْجِدَّة والأصالة، فهو لا يتغذَّى على شهوات الناس ورغباتهم، كما لا يستطيع أن يُخادِعَ الناس أو يستغلَّهم[2].

 

وممَّا يمكن أنْ يُرصَد كأمثلة للضَّعف المنهجي أمام تحديات كثيرة:

• الضَّعف العام يَصبغ كثيرًا من أنماط البرامج الفضائية على مستوى المضمون، والذي يتبدَّى في ضَعف التأصيل، وهَشاشة المحتوى، وسطحيَّة الطَّرْح.

 

• الفَهم المغلوط لعددٍ من القضايا والأمور التي يتوجَّب معالجتها من المنظور الإسلامي، وتقديمها إلى الرأْي العام داخل العالَم الإسلامي، ومُخاطبة الرأْي العام العالمي بها.

 

• التحوُّلات المنهجيَّة في أساليب ووسائل بعض القنوات، فمِن رفْض فكرة الدراما إلى اعتمادها في البرامج، ومِن رفْض الإعلام المختلط إلى تطبيقه، ومِن استبعاد الموسيقا إلى الاكتفاء بها، وأخطر من هذا نِسبةُ هذه التحوُّلات إلى الإسلام!

 

• وعليه؛ فلعلَّه من الأجْدى أنْ تُنسبَ القنوات إلى أصحابها؛ لتُنسب الاختيارات إليهم، والنجاح والفشل إلى ذَواتهم، وليس إلى الإسلام.

 

• الارتجال والعفويَّة؛ بسب غياب المنهجيَّة في التخطيط، وعدم الأخْذ بالأسلوب العلمي في البحث والدراسة، والاعتماد على القُدرات الذاتيَّة، والرُّؤَى الشخصيَّة، وضَعف رُوح التكامُل والتنسيق.

 

• التضارُب بين البرامج ذاتِ الطابع الشرعي أو الفكري، وبرامج الفُتيا وتقرير الأحكام - ربما داخل القناة الواحدة - ممَّا أوْرَثَ قدرًا كبيرًا من التحيُّر والاضطراب، وفي هذا إشارة إلى أزمة المرجعيَّة الشرعية في العمل الإعلامي المعاصر.

 

• اضطراب سُلَّم الأولويَّات فيما يقدَّم من أفكار، أو في النسب بين البرامج النوعيَّة، أو في أساليب وطرائق المعالجة والتأثير.

 

وقبل مُغادَرة هذه النقطة، لا بُدَّ من توجيهٍ بضرورة أنْ تستلهم الرسائل الإعلامية معلوماتها ومعاييرها التي يُراد إيصالُها إلى الجمهور من مصادرها الموثوقة، وأنْ تنقلَ عنها بدقة وأمانة ومصداقيَّة، مع أهميَّة إبراز تلك الرسائل الإعلامية ومُعطياتها، باعتبارها منهجًا أصيلاً يتَّصِف بالوسطيَّة، وينأى عن الطَّرَفيَّة، ويختار ما يُعزِّز مَنحى التيسير والتبشير.

 

كما تتأكَّد العناية ببِناء القَناعات المنهجية، والمواقف التي يُراد تبنِّيها على أصول الإقناع الإعلامي المؤثِّر، وليس على العواطف المتشنجة، أو الإثارة المتعمدة، واعتماد سياسة النَّفَس الطويل في ترسيخ تلك القِيَم المجتمعيَّة والحضارية المهمَّة، وكلُّ ذلك لا يتنافى مع أنْ تُصَبَّ تلك البرامج في قوالب فنيَّة متنوعة ومشوِّقة وجذَّابة، مع مراعاة الضوابط الشرعيَّة والاجتماعية والتقيُّد بها[3].

 

3- ضَعف العناية بالخطاب الخارجي:

"إنَّ مَن يملِك الإعلام يملِك العالَم" هذه مقولةٌ عميقة الدَّلالة، فالإعلام الغربي اليوم من خِلال الإتقان الفائق للبرامج التي يُقدِّمها، ومن خِلال ما يتمتَّع به من قُدرة على التأثير، باتَ يملِك العقول والقلوب وتكوين الاهتمامات، ولو كانتْ هامشيَّة أو تافهة[4].

 

ولا شكَّ أنَّ القَناة الفضائيَّة الإسلاميَّة يتجاذَبُها في الاهتمامات طرَفان: طرف البناء الداخلي، وهي معركة كبيرة تتمحور فيها العناية حول الذات، والانكفاء على الداخل؛ بتصحيح المفاهيم المغلوطة تارةً، وببناء المفاهيم الصحيحة تارةً أخرى، ومواجهة التحدِّيات على هذا الصعيد.

 

والطرف الثاني: طرف المواجهة الخارجيَّة، وهو طرفٌ ذو شُعَب كثيرة، فمن مواجهة قنوات التنصير، إلى مكافحة حَمَلات الإساءة إلى ثوابت الإسلام ورموزه وحُرماته، إلى تحدِّيات فكريَّة تتعلَّق بالعولَمة والغزو الثقافي الوافد، إلى أزمات تتعلَّق بالأقليَّات المسلمة في الإعلام الدولي، علاوةً على قنوات فضائيَّة وافدة تَبيع الشهوات وتُسوِّق الْمُحَرَّمات.

 

وأخيرًا: فإنَّ تشكيل العقل الغربي في عالَم اليوم نحو الإسلام وأهله، مرهونٌ بقُدرة الإعلام الإسلامي اليومَ على مُخاطبته بلُغته أولاً، وبحقائق الإسلام ثانيًا، وبالأسلوب الأمثل ثالثًا؛ ذلك أنَّ الأمر لا يعتمد كثيرًا على ما نقوله بقَدْر ما يعتمد على طريقة إلقائه.

 

وهذا يدعو إلى إيجاد قنوات متخصصة تستفيدُ من تقنية الأقمار الصناعية، والتطورات الهائلة في وسائل الإعلام الدوليَّة؛ لتفتحَ حوارًا هادئًا مع القيادات الفكريَّة والثقافيَّة والإعلاميَّة في العالَم الغربي، ولتوجِّه رسائل واضحة عن الإسلام ونبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وثوابته، ولتقوم بواجب الردِّ على الشُّبهات الزائفة التي يُروِّج لها أعداءُ الإسلام، ولتُنافِح عن الأقليَّات المسلمة من جهة، ولتفيد من جُهدها في تَصحِيح الصورة والردِّ على الافتراءات؛ قال - جلَّ من قائل -: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].

 

وأخيرًا: فإنَّ أكبرَ التحديات والاهتمامات، وأفرض الواجبات - أنْ تردَّ قنوات إسلامية متخصصة على افتراءات مثل زكريا بطرس وأشباهه من مُنَصِّري العرب في قناة الحياة أو المعجزة وغيرهما، وكذا افتراءات جيري فالويل، وبرنارد لويس، وبنديكت السادس عشر وغيرهم؛ قال - تعالى -: ﴿ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾ [آل عمران: 118].

 

ولعلَّه من المفيد التأكيد على أنَّ قنوات البناء الداخلي عليها أن تتميَّز عن قنوات الدَّفع الخارجي؛ إذ لكلٍّ طبيعةٌ تخصُّه، ولكلِّ عملٍ لوازمُه وضوابطه وكوادرُه، والمشاركة على المستوى الدولي يجب أنْ تكون بشكلٍ مكافِئ للإعلام المضادِّ شكلاً ومضمونًا.

 

ومن اللافت الغريب أنْ يتقاعَسَ قطاعٌ عريض من قنوات فضائية منسوبة للسُّنة عن الردِّ على تلك الافتراءات، ويَعتني بذلك القاديانيون في قناة لهم (mta)، فتُخَصِّص برنامجًا للردِّ على برنامج القمص "زكريا بطرس" الذي أسْمَاه: "أسئلة عن الإيمان"، بعنوان: "أجوبة عن الإيمان"،

 

كما تُخَصِّص برنامجًا حواريًّا بعنوان: الحوار المباشر، للردِّ على افتراءات النصارى بشكلٍ عام[5].

 

وقد قال - جلَّ وعلا -: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38].

 

4- تكريس بعض الإشكالات المنهجية:

القنوات باعتبارها وسائلَ رُبَّما أعانتْ على تحقيق مصالحَ ومكاسبَ منهجيةٍ، ورُبَّما كرَّستْ أنواعًا من الْخَلل والإشكالات المنهجيَّة، وقد تتبدَّى هذه السلبيات في تحديد الجمهور؛ حيث يُفترض في القنوات الفضائية الدينية أن تتَّجِه إلى مشاهديها بمادتها الإعلاميَّة، وهي لا ترتدي سوى رِداء الإسلام الشامل والعام بعيدًا عن توجهات حزبيَّة، أو أقنعة مذهبيَّة، أو الْتزامات سياسيَّة، والأصل في هذه القنوات أنْ تخاطب الجماهير من خِلال منظومة التأثير من مؤسَّسات المجتمع الرسميَّة والشعبيَّة، وليس من مصلحة قناةٍ ما أنْ تخطَّ لها خطًّا خارجَ هذه المنظومة، أو تتناقَض بشكلٍ كامل معها، كما أنَّه ليس من الأمانة أن تسايِرَ هذه المنظومة بخيرها وشرِّها.

 

وظهور القنوات في لونٍ فئوي خاصٍّ، مع ادِّعاء الشمول والسَّعة في الطَّرْح والخطاب، أمرٌ مُرْبكٌ ومُتناقص.

 

على أنَّه ليس من حرَجٍ في أنْ تحدِّدَ القناة جمهورها بمواصفات تستهدفُهم من خِلالها؛ شريطة أنْ يكون هذا واضحًا في المقال أو لسان الحال، وسَعة نطاق الجمهور أو ضيق نِطاقه ليس مؤشِّرًا حقيقيًّا للنجاح؛ وإنَّما المعيار الأهم هو مدى التأثير على الجمهور المستهدَف[6].

 

ومن تلك السلبيَّات المنهجيَّة أيضًا الخضوع لسياسة صناعة الجمهور؛ فإنَّ الجمهور لا يُصنع إلاَّ بأنْ يُصَانع، ولا يُصَانع إلاَّ بأنْ يرضى ولو على حساب القضيَّة والرسالة.

 

ولا شكَّ أنَّ هناك تأثيرًا متبادلاً بين الفضائية الدينية وجمهورها، لكنَّ المهمَّ أن تعرِفَ الفضائيات جمهورَها وكيفيَّة الوصول إليه، وتَحُول دون أن يؤثِّر فيها غيرُ جمهورها، وكما يُحَذَّر من سياسة مُصَانعة الجمهور، فإنَّه لا يُطلب في نفس الوقت مُصادمة الجمهور.

 

ومن تلك السلبيَّات أيضًا صناعة النجوم بدلاً من صناعة الأُمة، وإخراج الأحداث الشخصية للشيخ أو الشخصيَّة بدلاً عن إخراج الأُمة، وكم هو مؤسِف أنْ ينزلقَ الشيخ المبجل؛ ليبحث عن كيف تَصنع منه الفضائيات نَجمًا، عِوَضًا من أنْ يبحث كيف يُخْرج نفسَه من ورطات الشهرة، وحبِّ قيام الجاه والمنزلة في قلوب الْخَلْق!

 

إنَّ صناعة النَّجم يجب أنْ يتحوَّل في فضائياتنا الدينية إلى صناعة الإنسان المسلم، وصوغ الفكرة الإسلامية، وأمَّا الرجال فليس فيهم قدوةٌ إلاَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

فإنْ كان لا بُدَّ من بحثٍ عن قدوات بشريَّة لَم تبلغْ رُتبة الرسالة، فإنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اقتدوا باللذَيْن من بعدي: أبي بكرٍ وعمر))[7].

 

ويجب أنْ يتعلَّم الجمهور أنَّ لكلِّ شخصٍ تَخَصُّصَه الذي يُحسنه، وأن يقومَ كلُّ إنسان في تخصُّص، فالمفتي له مقام، والمؤرِّخ له مقام، والداعية له مقام، والاقتصادي له مقام، والطبيب له مقام، وهكذا فإننا نصنعُ بذلك قادةً فاعلين، وليس قطيعًا تابعين، ولا نَختزل الأمة في شخص أو شخصين[8].

 

5-  الخلط بين منهجية التعليم والإعلام:

تقدَّم التنبيه على أنَّ الإعلام الفضائي مثَّل خيارًا وبديلاً معرفيًّا لا يُستهان به، إلاَّ أنه لا بُدَّ من إدراك بعض الجوانب المفتقَدة من هذه الوسيلة التعليميَّة التي يَسوقُها الإعلام، فإنَّ التعليم عبر وسائل الإعلام يُعتبر من أنواع التعليم عن بُعد، وهو بهذا يتضمَّن شيئًا من الفجوة بين الطالب وأستاذه، ورُبَّما فاتَ الطالبَ فيه ما لا يُمكنه تَداركُه بالسؤال المباشر، علاوةً على أنَّ الأصل في التعليم المباشر أنْ يخاطِبَ جمهورًا متجانِسًا من الطلبة في مرحلة دراسية معيَّنة، أما التعليم غير المباشر - عن بُعد - فإنه يخاطب جمهورًا غيرَ متجانسٍ، كما يلاحظ أيضًا فُقدان نمطِ التعليم التربوي في التعليم عن بُعد عبر وسائل الإعلام؛ ذلك أنَّ لقاءَ الشيخ بطلابه في المسجد وقاعة الدَّرْس ينقل المتعلِّم إلى قالَب تربوي متميِّز، له آثاره الأخلاقيَّة والسلوكية في نفْس المتلقِّي.

 

وكما كان التعليمُ عبر الإعلام عظيمَ النفْع لمسلمي تلك البلاد البعيدة عن دِيار الإسلام، ولأولئك الذين حُرِمَ شيوخُهم من التصدِّي المباشر في المساجد - كما هو في بعض بلاد العرب - فإنه قد رُصِدتْ ظواهرُ سلبيَّة من إعراض بعض الشباب عن مساجدهم، وعزوف طائفة منهم عن التلقي المباشر من شيوخهم، بحجة أنَّ الدروس منقولة فضائيًّا؛ فتكرَّستْ بذلك ظواهر من الفردية في التعلُّم، والسلبيَّة في الممارسة، وهذه الملحوظة تتجلَّى بوضوحٍ في قلَّة أعداد الحضور في تلك الدروس والمحاضرات المسجديَّة، والتي يُلقيها كِبارُ العلماء والدُّعاة، مقارنة بالحال قبل شيوع الانتفاع بالقنوات الفضائيَّة.

 

وأخيرًا: فكما أنَّ الإعلام الذي يُعرَض بطريقة التعليم يكون إعلامًا مُمِلاًّ وجامدًا وضعيفَ التأثير، فإنَّ التعليم الذي يُعرَض بطريقة الإعلام لا يكون كاملاً في جوانبه، ولا تامًّا في ثَمرته.

 

6-  التأرجُح بين الرسالة وأغراض أخرى:

إذا صحَّ في بعض القنوات العربية والأجنبية أنَّها قنوات اقتصادية أحيانًا، وترفيهيَّة أحيانًا، ومنوَّعة أحيانًا أخرى، فإنَّ القنوات الفضائيَّة الإسلاميَّة لا تكون إلا رساليَّة، ولا تنافي - بعد كونها  كذلك - أن تكونَ ذات اهتمامات نوعيَّة متنوعة.

 

ومما يؤسَف له أنْ تتحوَّل القناة إلى باحثةٍ عن المال على حساب الرسالة، أو باحثة عن الإثارة على حِساب الرسالة، أو باحثة عن رضا الساسة على حِساب الرسالة؛ إذ كلُّ ذلك ائْتِفَاكٌ عن الهدف، وانصِراف عن القضيَّة.

 

أمَّا عن التأرجُح بين الرسالة والمال، فلا يفوت أولاً أنْ نقرِّر هنا أنَّ الاستثمار الإعلامي في القنوات الفضائية، هو استثمارٌ رابحٌ بكلِّ مقاييسه متى ما كُتِب لها النجاح، وأنَّ بعضَ القنوات التي تحوَّلت جهةَ البرامج الدينيَّة قد حقَّقتْ أرباحًا طائلة، ثم بِيعَتْ بأرقام فلكيَّة، وأنه لا مانع من تحقيق دخْلٍ مناسب من خِلال الإعلانات التجارية، بشرط عدم الإسفاف لَدَى عرْضها، والابتعاد عن الابتذال في تقديمها، واجتناب كلِّ ما يحرم في بيع أو تسويق، ثم احترام الْمُشاهِد بترْك قطْع البرامج ذاتِ الطبيعة الشرعيَّة للترويج التجاري، وإحكام الرقابة على الرسائل القصيرة التي تخرُج من خلالها سَوْءَات ومُخالَفات كثيرة.

 

وهذا من جهةٍ أخرى يُوجِب على المصارف الإسلاميَّة أنْ تَدْعم الإعلام الإسلامي، فإنَّ المتابع للقنوات التنصيريَّة ونحوها لا يشاهد إعلانات عن منتجات استهلاكيَّة أو سلع تجارية؛ ذلك لاستغنائها بما تُدْعَم به.

 

ولقد نصَّت اللوائح التأسيسيَّة للمصارف الإسلاميَّة على تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات الإسلاميَّة - مجتمعةً ومنفردةً - وَفْقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وقد بلغتْ استثمارات المصارف الإسلامية لعام 2004م 300 مليار دولار.

 

أفلا يستحقُّ الإعلام الفضائي الإسلامي دعْمًا من قِبَل هذه المصارف، وهو يؤدي دورَه كرسالة، ويحقِّق أهداف الأمة الدعويَّة، ويكفي أنْ نعلمَ أنَّ عددَ ساعات التنصير التي قُدِّمَتْ على مستوى العالَم بلغتْ 192 بليون ساعة في عام 2004م، وأنَّ عددَ المستمعين في الساعة 1,195 بليون، وأنَّ عددَ المحطات التنصيريَّة بلغَ 679 مليون محطة لعام 2004[9].

 

وممَّا يُذكَر في هذا السِّياق النقدي أنَّ بعض هذه الفضائيات الدينيَّة قد تبحثُ عن شخصيات ذات شعبيَّة جماهيرية؛ ليخرج على شاشتها، بغضِّ النظر عن توافُق هذه الشخصية مع الرسالة التي تحملها القناة التي تنتَسِب إلى الإسلام.

 

وقد تلجَأ بعضُ هذه القنوات للإعلان عن فتْح باب التبرُّع، ورُبَّما طلبتْ أموال الزكاة من الجماهير التي قد تَثِقُ ببعض شخصيَّات قد زكَّتْ هذه القناة أو تلك، ثم يكتشف أنَّ الأمرَ قد ينطوي على مخالفات تصلُ إلى حدِّ الانحرافات، وأنَّ أموال التبرُّعات والزكوات تصبُّ في جيب شخص أو أسرة، وليس جهة أو هيئة أو قناة!

 

ووقوع مثل هذه المخالفات - وإنْ كان استثناءً - يُذْكَر ليُحْذَر، وقد قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء: 29].

 

أمَّا التأرجُح بين الرسالة والإثارة، فقد شَهِدت الفضائيات الدينية نوعًا من التأثر بثقافة الرأي والرأي الآخر، لدرجة أنْ وصلتْ بعض تلك البرامج إلى المساس بثوابت الدين ومُسلَّمات العقيدة، وذلك من خلال سلسلة من البرامج الحواريَّة والمناظرات وغيرها، بحيث إنَّه قد يُخذَل الحق بضَعْف صاحبه تارة، وبتسلُّط المذيع أخرى، وبتجرُّؤ المبطل وصفاقته ثالثة، بحيث تلتبس على المستمعين الدروبُ، وتشْتَبه عليهم الحقائق، وتهتزُّ لَدَيهم الثوابت، ويكفي أن يُستفتى المشاهدون أو الحضور في قضيَّة من القضايا الأصوليَّة؛ لتتزلزل في حسِّ البعض!

 

وأحيانًا يكون التأرجح بين الرسالة وأهواء الساسة، فتتحوَّل القناة الدينية إلى تحقيق مصالح سياسيَّة، بعيدًا عن الأهداف الرساليَّة، أو تتحوَّل الفضائية الدينيَّة إلى تملُّق شخصيات أو أحزاب أو نُظم؛ لمجرَّد دفْع شُبهة عن القناة، أو تحصيل دعْم ماديٍّ أو معنوي لها؛ حيث غَدتْ بعض هذه الفضائيات تعدُّ كقناة حكومية تُضاف إلى تلك القنوات الرسميَّة، وهذا بلا شكٍّ يقدَحُ في أمانة الكلمة، ونَزاهة الرسالة، وليس في هذا بطبيعة الحال دعوةٌ للاستعداء، وإنَّما هو تحذيرٌ من الاستجداء أو الاسترضاء، وقد قال - تعالى -: ﴿ وَلاَ تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 42]، وقد قال النبي - صلى الله علية وسلم -: ((إنَّ العبدَ ليتكلم بالكلمة ما يتبيَّن فيها، يزلُّ بها في النار أبعدَ ممَّا بين المشرق))[10]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - أيضًا: ((إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقِي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله لا يُلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم))[11]، وفي حديثٍ: أنَّ رجلاً سأل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أيُّ الجهاد أفضل؟ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلمة حقٍّ عن سلطان جائر))[12].

 

وأحيانًا يجري التأرجُح بين الرسالة والترفيه، فتَذُوب الثوابت، وتُنسَى الضوابط، وتتميَّع المواقف، وتنحدر المعاني، وتهبِط الممارسات، ويظهر الإسفاف، وأدْنَى ذلك احترافُ إضاعة الأوقات، وتزجية الأعمار، والترفيه إلى غير هدف، والسُّقوط في هُوَّة اللغو.

 

وقد قال - تعالى -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 3].

 

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ))[13].

 

7- ضَعف التنسيق والتكامُل:

إنَّ هذه الفضائيات الإسلامية هي طليعةُ العمل الإسلامي والدعوي في هذا المجال المؤثِّر والمهم، والذي يعمل على حِفْظ هُويَّة هذه الأمة، وهو أمرٌ يتطلَّب أن تتضافرَ الجهود، وأنْ تَجتمعَ القلوب، وأن تَلتقي العقول على تنسيقٍ كامل بين قِطاعات الإعلام ومؤسَّساته وقنواته الفضائية؛ قال - تعالى -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

 

وإلى يوم الناس هذا ما سَمِعنا بملتقى للعاملين في القنوات الفضائية الإسلامية على الشبكة العنكبوتية، ولا عرَفنا خبرًا عن مؤتمر القنوات الفضائية الإسلامية، إلاَّ مؤتمر كلية الشريعة بجامعة الكويت العام الماضي 1428هـ - 2007م، والذي كان باكورةً طيبةً، وبادرةَ خيرٍ، نرجو أن يكونَ لها ما بعدها - بإذن الله تعالى.

 

والمأمول أنْ يتحوَّل هذا التنسيق إلى فعاليات ملموسة، ومواثيق ملزمة لتلك الفضائيات الإسلامية - بل والعربيَّة - لحماية الدين وثوابته، وتعزيز الدعوة وقَضاياها، والمنافحة عن الثَّوابت المحكمات، وحِفْظ الدين والأركان من مفاسد وشرور الزمان.

 

وهذه الفضائيَّات الدينية الناشئة أحوَجُ ما تكون فيما بينها لتبادُل الخبرات، والتعاوُن في إقامة الدورات وتقوية التكامل بين التخصُّصات، والتعاون على توفير الموارد وتنميتها؛ لتستقرَّ التجربة، ولتتكامل ثمراتها، وليحسن توظِيفها في تشكيل وعْي الأمة بنُخبتها وصَفْوتها في جميع مجالات الحياة النافعة الهادفة، والله - تعالى - يقول: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].

 

والحاجة ماسَّة لهذا التنسيق الذي يُمكِّن من المراقبة للجودة تارة، وللانضباط بميثاق الفضائيات الإسلامية تارة أخرى.



[1] بل وُجِدتْ قنوات بدأتْ كقنوات منوعة، لا تحمل هُويَّة، ولا تتبنَّى قضية، فلمَّا التقتِ المصالِح، ولاحتِ المنافع، تحوَّلتْ جهةَ البرامج الدينيَّة، من غير رؤية تخطيطيَّة، أو دراسات إستراتيجيَّة.

[2] الاستثمار في الإعلام، مقال د. عبدالكريم بكار، موقع إسلام ويب في 14/9/2005م.

[3] نحو رؤية حضارية للإعلام الإسلامي، د. مصطفى محمد.

[4] الفضائيَّات الإسلامية - التحديات والمصاعب، بحث أعدَّه حمد الغماس، ضمن فعاليات مؤتمر الفضائيَّات الإسلامية واقعها وآفاقها، بكلية الشريعة جامعة الكويت، في الفترة من 28 - 29 / ربيع الآخر 1428هـ، 15-16/5/2007م.

[5] إنْ لَم تُدافع هذه الفضائيات الإسلاميَّة عن الإسلام، فغَلْقُها مفيد ومُريح؛ مقال للدكتور: محمود القاعود، على الشبكة العنكبوتيَّة.

[6] يُراجع ورقة عمل بعنوان: محددات القنوات الإيجابيَّة المؤثرة؛ أ. عادل الماجد، ضمن فعاليات مؤتمر كلية الشريعة بالكويت 15-16/5/2007م، (ص5 - 6).

[7] أخرجه الترمذي (3662) وحسَّنه، وابن ماجه (97)، وأحمد (5/382).

[8] محددات القناة الإيجابية المؤثرة؛ أ. عادل الماجد ( ص10).

[9] الفضائيات الإسلامية - التحديات والمصاعب؛ لحمد الغماس، نقلاً عن كتاب الفضائيات العربية التنصيريَّة، تركي الظفيري.

[10] أخرجه البخاري (6477) وهذا لفظه، ومسلم (2988)، وزاد: ((والمغرب)).

[11] أخرجه البخاري (6478).

[12] أخرجه النسائي (2409)، وابن  ماجه (4012)، وبنحوه أحمد (5/251)، وللحديث ألفاظٌ أخرى متقاربة عند الترمذي (2174)، وابن ماجه (4011)، وأحمد (4/314، 315) وغيرهم، وقد صحَّحه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (46)، 491.

[13] أخرجه البخاري (6412).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقدمة في الإعلام الإسلامي (وظيفته وخصائصه)
  • تقويم للفضائيات العربية
  • لماذا الحديث عن الفضائيات الإسلامية؟
  • الفضائيات الإسلامية (سلبيات وتوجيهات) (2)
  • الفضائيات الإسلامية (سلبيات وتوجيهات) (3)

مختارات من الشبكة

  • الفضائيات بين الإيجابيات والسلبيات(مقالة - ملفات خاصة)
  • الفضائيات الإسلامية ودعوة المساجد تكامل أم تضارب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خواطر حول الفضائيات الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أين الإسلام من الفضائيات والبنوك الإسلامية؟!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشعوذة في الفضائيات (خطبة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إذاعة مدرسية عن القنوات الفضائية والفضائيات(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فتنة الغناء والبرامج الغنائية في الفضائيات العربية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • همسة في أذن مشايخ الفضائيات: " حدثوا الناس بما يعرفون "(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص بحث: إعلام الطفل في مجال الفضائيات، واقعه وسبل النهوض به (بحث ثالث)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: إعلام الأطفال واقعه وسبل النهوض به "الفضائيات" (بحث ثاني)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)

 


تعليقات الزوار
1- عرض قيم
محمد حشمت - مصر 07-03-2011 05:17 AM

فضيلة الدكتور، جزاكم الله خيرا..
وللشيخ - حفظه الله- رسالة قيمة تتحدث عن هذا الموضوع بعنوان : (القنوات الفضائية .. رؤية نقدية) فليراجع .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب