• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات فكرية
علامة باركود

وسائل إظهار جوهر الإسلام وعرضه في إطار جديد

أ. د. مقداد يالجن

المصدر: كتاب "منهاج الدعوة إلى الإسلام في العصر الحديث"

تاريخ الإضافة: 7/4/2008 ميلادي - 30/3/1429 هجري

الزيارات: 8522

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وسائل إظهار جوهر الإسلام وعرضه في إطار جديد

لا يكفي أبدًا أن نضع منهاجًا ما، دون أن نبيِّن كيفيَّة تحقيقه ووسائل تنفيذه؛ لأنَّ المنهج الذي لا يُمكن تطبيقُه ينبغي ألا يوضع، إنَّ عقولنا يَجِبُ أن تتفكَّر دائمًا وأبدًا فيما يُمكن، وألا تُحلِّق في نظريَّات خياليَّة بحتة لا تمت إلى الواقع بصلة، وما ضاعت المجهودات العقلية - فلسفية كانت أم علمية - إلا بسبب بَحثِ أصحابِها في تَخيُّلات بعيدةٍ عن الواقع، أو كان تَحقيقه أقرب إلى الاستحالة منه إلى الإمكان.

ولهذا فإنَّني حين وضعتُ هذا المنهاج؛ كنت أفكر في كل نقطة من نقاطه، وأبحث فيها من حيثُ مدى إمكان تنفيذِها، فما وجدتُه غَيْرَ مُمْكِن التنفيذ لم أضعه في بحثي، نعم، قد يبدو بعضها صعبًا إذا أخذناه كوحدة مستقلة، ولكن عندما نعتبره جزءًا من كُلٍّ، مع ترتيبه بين أجزائه؛ فإننا لا نستبعده عند ذلك عن مجال التطبيق.
وقد عقدت هذا الفصل من أجل بيان وسائل تنفيذ هذا المنهاج الذي أوضحته في الفصول السابقة؛ لأنني لو لم أرسم هذه الوسائل لكان من الممكن أن يرى القارئ أن تنفيذ ذلك غير ممكن.

هذا وقد وجدت - بعد بحث طويل - أهم الوسائل ثلاثًا، وفي مجال تطبيق هذه الوسائل يجب تطبيقها تدريجيًّا بالترتيب؛ فالأول ثم الثاني ثم الثالث، ويجب ألا نبدأ بالثاني قبل الانتهاء من الأول، وهكذا، وفيما يلي هذه الوسائل أذكرها بالترتيب الذي يبدأ بالأولى فالأولى.

(1) إنشاء أكاديمية إسلامية
كيفية تكوينها: تتكون هذه الأكاديمية من مجلس عمومي، يختار أعضاؤه من أبرز العلماء الموجودين في العالم الإسلامي، وتكون لها فروع في كل قطر من الأقطار الإسلامية، يختار أعضاء كل فرع من أبناء ذلك القطر الذي يكونون فيه، ويكونون في نفس الوقت أعضاء في المجلس العمومي للأكاديمية إن أمكن، وإلا فرؤساؤها على أقل تقدير، وبذلك تكون هذه الفروع حلقة اتصال بينها وبين الشعوب الإسلامية، فتنقل القضايا والمشاكل الموجودة فيها إلى الأكاديمية؛ لبيان حُكْم الإسلام فيها، وتترجم كل أعمالها إلى لغات شعوبها.

ويكون لها أيضًا رئيس يختاره المجلس من بين أعضائه بالانتخاب، كما يكون لها مقر رئيسي يختاره مجلس الأكاديمية في أحد الأقطار الإسلامية، حيث يراه مناسبًا من حيث تأمين اقتصادياتها، وإتاحة الفرصة لنجاحها في مهمتها.
تمويلها (نفقتها): من الممكن أن تقوم دولة من الدول الإسلامية بدفع المبالغ التي تحتاج إليها، وإذا لم تقم فمن الممكن جمع تكاليفها المالية من الشعوب الإسلامية، وأما نفقات فروعها، فكل قطر يتحمل نفقة الفرع الموجود فيه.

ومهما كان من أمر، فإن المسألة المالية ليست من المشاكل العويصة في نظري؛ بل هي بالنسبة لغيرها تعتبر من أسهل المشاكل التي سوف تقابلها؛ ذلك أن هذه التكاليف لا تكون باهظة تعجز عنها أية دولة من الدول الإسلامية.
وظيفتها: تنحصر وظيفتها في الكشف عن جوهر الإسلام، بعد استخلاصه من الشوائب، ثم وضعه في صيغة وإطار جديدين، وبيان حكم الإسلام لجميع القضايا الراهنة في الوقت الحاضر، وفي كل هذا تسير وفقًا للمنهج الذي رسمناه في الفصول السابقة، ثم تترجم جميع الكتب التي أصدرتها إلى لغات الشعوب الإسلامية عن طريق فروعها الموجودة في كل قطر.

ولكي تستطيع أن تقوم بهذا الدور كاملاً، ولتكون أعمالها مقبولة لدى الشعوب - يجب توفر الشروط الآتية فيها:
أولاً: أن تتوفر في جميع أعضائها الكفاءة العلمية، وليس من الضروري أن يكون عالم الدين فقط؛ بل ينبغي أن يتعاون علماء الدين مع علماء الاقتصاد والاجتماع والسياسة والقانون؛ لتكون هناك دراسة مقارنة أيضًا، ولكن من الضروري أن تكون جميع الأحكام الصادرة منها في هذه المجالات أحكامًا إسلامية.
ثانيًا: يجب ألا يكون هناك تأثير خارجي في أعمالها وأحكامها.
ثالثًا: أن يسود فيها الاتجاه العلمي البحت؛ وهذا يتطلب عدم الانحياز لأي مذهب من المذاهب الإسلامية، والتحرر من التعصب لأية فكرة أو طائفة قبل إصدار حكمها الأكاديمي عليها.

أهميتها: إن إظهار روح الإسلام وفلسفته، وبيان حكمه على جميع الأحداث والقضايا الراهنة على النحو الذي بينته فيما سبق، ووضعها في إطار جديد يلائم عقلية ومقتضيات العصر الحديث - يمثل أهم شيء في هذا المنهاج؛ غير أنَّ القيام بِهذه المهمَّة كاملاً لا يُمكِنُ لأحدٍ اليوم، مَهْمَا كان عالِمًا مُجتَهِدًا، ولوِ استطاع فرضًا، فإنَّ تعبيره وآراءه الخاصة حول المشاكل المحيطة بنا اليوم لا يُؤخذ مأخذ القبول في جميع الأقطار، ولا تكون لرأيه قوة يفرض نفسه على جميع الأقطار الإسلامية؛ الأمر الذي جعلني أرى تطبيق هذا المنهاج عن طريق شخص واحد مستحيلاً أو قريبًا من المستحيل.

ومن أجل هذا رأيت خير طريق لهذا هو تنفيذ ذلك عن طريق الأكاديمية الإسلامية؛ فإننا وإن لم نستطع أن نعثر على مجتهد واحد من بين هؤلاء العلماء، إلا أنَّ اجتماع هؤلاء على رأي، والقيام بعمل موحد - يكون أقوى وأوثق من رأي مجتهد واحد.

وإذا حَصَلَ اختلافٌ بين هؤلاء حول موضوعٍ ما - وهذا بلا شكٍّ يُنتَظَرُ وقوعُه - فإنَّنا عند ذلك نأخذ برأي الأكثر، ومن غير شكٍّ في أنَّ الدَّورَ الذي ستَلْعَبُه هذه الأكاديميَّة سيكون كبيرًا وهامًّا في حياةِ الأُمَّة الإسلاميَّة، لا يُمكِنُ القِيامُ به بغَيْرِها بأيِّ حالٍ من الأحوال.

إمكان تكوينها: وللاستدلال على إمكانيَّة تَحقيق مثل هذه الأكاديميَّة، نسوق دليلَيْنِ؛ الأوَّل: عقلي، والآخر: واقعي.
أمَّا الدليل العقلي: فإنَّ العقل لا يَسْتَبْعِد تَحقيق مثل هذه الأكاديمية؛ بل لا يرى فيه صعوبةً كبيرة؛ لأنَّ كُلَّ الشروط التي شرطناها معقولة.
وأما الدليل الواقعي: فأقربه إلينا إنشاء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ولا ينبغي أن يفهم أن الأكاديمية ستكون على غرار مجمع البحوث؛ إذ إن هناك فروقًا كبيرة بينهما:

أولها وأهمها: الفرق المنهجي؛ فإن منهجه ليس كمنهجنا هنا.
وثانيها: إنشاء فروع لها في الأقطار الإسلامية؛ وليست للمجمع فروع.
وثالثها: أنَّ الكفاءة العلميَّة غَيْرُ متوفِّرة في كثيرٍ من أعْضاء المَجمع.


 وإنما أتخذ المجمع كدليل واقعي لإمكان تكوين الأكاديمية، من حيث إنه استطاع أن يجمع أعضاء من الأقطار الإسلامية المختلفة، واستطاع أن يعقد بهم مؤتمرات متعددة.
هذا وتوجد هناك أكاديمية للمسيحيين؛ فلماذا لا ننشئ نحن للمسلمين؟

(2) تعليم الإسلام في مجال التعليم والتثقيف
ليس تكفي أبدًا إعادة صياغة المبادئ الإسلامية، ووضعها في إطار جديد وفقًا للمنهج المرسوم بواسطة الأكاديمية الإسلامية - إذا لم تدرس هذه الكتب التي تصدرها الأكاديمية، وتعلم في المجالات الثقافية؛ لأنه بغير ذلك كأننا لم نفعل شيئًا سوى أن عبَّرنا عن الإسلام تعبيرًا صحيحًا، ووضعناه في ثوب جديد يناسبه، ولكن ما الفائدة إذا لم يُقدَّم هذا العمل للجيل الناشئ، ولم تُفهَم هذه الحقائق، وهذا لا يمكن إلا إذا أدخلناه في مجال التعليم، ونشرناه في المجالات الثقافية العامة.

إذًا فإن إدخال الإسلام في مجال التعليم ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، إن أردنا أن نكيف حياتنا وفقًا للمفاهيم الإسلامية ومبادئ الإسلام العامة؛ ذلك أنه ليس من الحكمة مطالبة أناس بتطبيق مبادئ لا يثقون بصلاحيتها للتطبيق، أو يثقون ولكنهم يرون أن غيرها أصلح منها وأجدى، وأكثر ملاءمة لروح العصر وعقليته.

إننا إن فعلنا ذلك فلن تجدي مطالبنا شيئًا، ولن يستجاب لها أية استجابة، وإذا حاولنا تطبيقه بالقوة فإن تطبيقه ينتهي حيث تنتهي القوة؛ فالقوة لا تستطيع أن تُكرِه الناسَ دائمًا وأبدًا على الخضوع للقوانين والمبادئ التي لم تتخذ مكانها في قلوبهم، فهم في هذه الحالة يطبقون المبدأ عندما يرون القوة مائلة أمامهم، وإذا أمنوا منها في مكان ما فيتركونه وراء ظهورهم، ويفرون منها فرار المظلوم مما يكرهه.

ولا خير في تطبيق مبدأ ما، لم يطبقه الناس أفرادًا وجماعات في كل زمان ومكان، يطبقونه من أنفسهم لا بقوة قاهرة عليهم، أما عندما يؤمن الإنسان بمبدأ ما إيمانًا صادقًا، ويتشبع به قلبه وروحه، إذا آمن به، بأنه خير مبدأ وأصلحه لخير المجتمع - فعند ذلك يطبقه في كل حين، سواء أمن من سطوة الحاكم أو لم يأمن، وسواء وجد الحاكم أو لم يوجد قط، ويصبح كل فرد في المجتمع حارسًا على مبادئه، محافظًا عليها أينما كان، وحيثما وجد.

ولا سبيل إلى هذا إلا بتعليم الجيل المبادئ الإسلامية الصافية من كل الشوائب، وإقناعه علميًّا بأن هذه المبادئ أصلح وأسمى من غيرها، وهذا الإقناع غير ممكن في نظري إلا إذا سرنا في تعليمنا وفقًا للنهج الذي رسمناه، وبذلك سيدخل الإسلام في مجال الحياة الواقعية، ويدخل الناس بطبيعة الحال في الحياة الإسلامية.

قد يقال: إن هذا المنهج منهج بطيء يحتاج إلى وقت طويل، حقًّا صحيح ما يقال، غير أنه لا يعتبر عيبًا في المنهج في نظري؛ ذلك أن هذا المنهج بالنظرة إلى النتيجة التي تترتب عليه، يعتبر أصح منهج وأسلمه؛ لأنه منتج إنتاجًا نافعًا، والمهم في المنهج هو الإنتاج أو الوصول إلى الهدف، كما أن النتيجة التي يؤدي إليها كفيلة بالبقاء؛ لأنه يعمل عمله بالقلوب لا بالقوة الخارجية.

هذا وينبغي أن نكون على حذر تام من الأعداء عند تطبيق هذا المنهج؛ ذلك أنهم لا يريدون أن يعود المسلمون إلى دينهم، ويكرهون الإسلام أشد الكراهة، لا يريدون أن يعودوا إلى دينهم الصحيح؛ لأن الإسلام إذا عاد إلى الحياة بمفهومه الصحيح، فإنه ولا بد أن يدفع عجلة التقدم في البلاد الإسلامية إلى الأمام بخطوات سريعة، ويمد إلى هذه الشعوب بالقوة والحياة والانطلاق، ويخلق في نفوسهم العزة والكرامة؛ لا يخضعون لمطامع أعدائهم بأي حال من الأحوال، مهما كلفهم ذلك من تضحيات، فهم يبيعون كل غالٍ عندهم من أجل المحافظة على حرياتهم وسلامة أوطانهم، والاعتزاز بمبادئهم وثقافتهم.

فكم من دعوات الإصلاح قامت في الأقطار الإسلامية فإذا بالأعداء يقفون أمامها، ويخلقون في طريقها مشكلات عويصة؛ مشكلات فكرية، وسياسية، واقتصادية.
ولا ينبغي أن نغفل أيضًا عن عملاء الأعداء الذين يعيشون في المجتمع الإسلامي، إذ إن الاستعمار ينكل أحيانًا بزعماء الإصلاح بواسطة هؤلاء الذين يُظهِرون أنفسهم بأنهم من أتباع الإصلاح، فإذا بهم يعملون ضدهم من خلف الستار.

وهكذا يجب أن نحترز من كيد أعدائنا، ولا نهتم بالبلبلة التي يحاولون إثارتها؛ ليقفوا أمام الإصلاحات، وأن نثق دائمًا بأنفسنا، ونعتمد عليها في تقدمنا والإصلاحات التي نحاول القيام بها، سواء كانت إصلاحات دينية أم علمية، قد عرفنا نواياهم؛ أنهم لا يريدون بنا الخير مهما أظهروا من الصداقة، وقدموا من المساعدات؛ فإنهم إنما يقدمونها إما ليشتروا بها حريتنا، أو ليمتصوا خيرات بلادنا.

ولست أقصد أن نعلن العداوة، وأن نقطع علاقاتنا معهم؛ وإنما أريد أن أقول: إنه لا يصح أن نعتمد عليهم في كل شيء، وأن نكون دائمًا في يقظة حيال مؤامراتهم ودسائسهم الخفية.
وكما ينبغي أن نحترز من هؤلاء، ينبغي أن نحترز أيضًا من العقلية الجامدة الموجودة في المجتمع الإسلامي، التي لا تفهم الدين على حقيقته، ولا تسترشد بنور العلم والمعرفة في حياتها المعاصرة، وتجعل الدين أداة للتواكل والتخلف في الحياة الاجتماعية، بدلاً من أن يكون مصدرًا للطاقة والقوة فيها.

(3) قيام الدولة بحماية الإسلام 
وهذه الوسيلة ضرورية أيضًا من الضرورات لتطبيق الإسلام في مجال واقع الحياة؛ ذلك أن الإسلام بدون دولة - لا تكتمل سلطته على الأمة، ولا تشمل سطوته على جميع أفراد الجماعة؛ لأن الناس لا يستوون في التمسك بالإسلام ولا الإيمان به.

ولهذا فإن روح الإسلام مهما سادت وسيطرت على عقول الناس وقلوبهم، فلا يخلو المجتمع من ضعاف الإيمان، وممن يضيقون بقيود الأديان، ولا سيما الإسلام الذي يحد دائمًا من حرية الأفراد الشهوانية، ونزواتهم الفاسدة، ويقف أمام الاتجاهات المنحرفة، فإذالم يوجد هناك من يؤدب هؤلاء ويعاقبهم ويمنعهم من هذه الاتجاهات المنحرفة - فلا بد أن ينشأ هناك صراع في داخل المجتمع الإسلامي بين الخيرين والأشرار، بين المتقين والمفسدين، بين المستقيمين والمنحرفين.

ولا شك أن وجود الاتجاهات المختلفة والصراع المبدئي الظاهر في مجتمع ما - يؤخره عن التقدم، ويثبط الهمم، ويقلق راحة الجماعة.
أما إذا اتخِذ الإسلام مبدأ في الدول الإسلامية وسارت على هداه، وصانته من أيدي اللاعبين به، وعاقبت الخارجين عليه؛ فلا بد أن تختفي هذه الاتجاهات المنحرفة وذلك الصراع القائم بين هؤلاء وأولئك.

وبذلك يكتسب الإسلام قوتين: قوة روحية، وقوة مادية، فمن لم تزجره القوة الروحية عن الانحراف والفساد، تزجره القوة المادية، ولهذا قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "إن الله يَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن".

ولهذا جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه من بعده - رضي الله عنهم - الإسلامَ والدولة متلازمين، لا يصح فصل أحدهما عن الآخر في المجتمع الإسلامي، وإذا صح فصله في الأديان الأخرى فلا يصح في الإسلام؛ لأن الإسلام ليس نظامًا روحيًّا فقط، وإنما هو نظام روحي واجتماعي معًا، إن الإسلام ليس عبارة عن عبادة وأخلاق؛ كالمسيحية واليهودية، وإنما هو عبادة وأخلاق ونظام حياة على حد سواء.

جاء الإسلام لينظم المجتمع من جميع الجهات، ولكن الذين يجهلونه يظنونه كالأديان الأخرى، والذين فصَلُوا الدين عن الدولة، ومن ينادي بذلك - قد تأثروا بالاتجاهات الغربية التي رأت أن المسيحية غير قادرة على تنظيم المجتمع؛ لأنها خالية من المبادئ السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وإذا كان يقول بعضهم: إن النظريات الإسلامية المتعلقة بتنظيم الشؤون الاقتصادية والسياسية والإدارية - غير كافية، فإنهم لم يتدبروها بدقة وإحاطة، ولو أنهم تدبروها لعلموا أنها كافية، ولعدلوا عن قولهم هذا.

إن النظريات الإسلامية قد حددت تلك الجوانب تحديدًا عامًّا، وليس من الضروري أن يحدد جميع القوانين الفرعية الداخلة تحته؛ فإن هذه الأمور متروكة للساسة يحددونها تحت المفاهيم العامة المحددة، وفقًا لحاجة الناس، ومقتضيات الظروف الموجودة من عصر إلى عصر، ولا ضير في هذا طالما أنها مستمدة من روح الإسلام ونظرياته العامة.
بل إن قلة النظريات تساعد على مسايرة التطور الطبيعي للبشرية، ولو أن كل جزئية من الجزئيات حُدِّدت في عصر الرسول، ومنع كل تطور يحصل في العصور التالية بحجة أنه لم يحدث مثله في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لو حُرِّم هذا لما أمكن تطبيق الإسلام في العصر الحديث؛ لأن هناك حوادث كثيرة لا يمكن أن نجد مثلها في العصر القديم من حيث الحوادث نفسها.

من هذا كله يتبين لنا أن الدولة ضرورة للإسلام لا غنى عنها؛ لحمايته من أعدائه، ومن الذين يتخذونه وسيلة لمآرب أخرى، ولتطبيقه في مجال الحياة ودوام تطبيقه فيها، وأنه بدون حمايتها يبقى كاليتيم بين أهله وأبنائه ووطنه.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل المكتوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقاطع الصوتية التعليمية وسيلة من وسائل تعليم الكتابة والهجاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وسائل الإعلام المقروءة ( الكتاب )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الهجوم على الإسلام في وسائل الإعلام العربية (إسلاموفوبيا الداخل)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • طرق الإلزام الأخلاقي وتنوعها (أو وسائل الردع والزجر) في الإسلام(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • وسائل التنصير لمقاومة الإسلام وعرقلة مسيرته(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصين تحظر استخدام الكلمات المناهضة للإسلام عبر وسائل الإعلام الاجتماعية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الأحكام الشرعية بين وسائل الإعلام والإسلام (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
2- الأمر أسهل من ذلك
أبو عبدان - مصري مقيم بالإمارات 14-04-2008 08:35 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا علي هذا الطرح الطيب وهذه المحاولة الجادة للخروج بهذه الأمة من مرحلة التيه . ومن بحر الظلمات التي أغرقت فيه بأيدي أبنائها و ...........,
ولكن الأمر أسهل من ذلك ألا تري أن كل البلاد العربية والإسلامية حوت الشئ الكثير من الجامعات العلمية في كل المجالات . ألا تري أنه من الأولي أن ينصلح حال هذه الجامعات بمن فيه وتوجه كل الطاقات العلمية الموجودة فيها . للعمل من أجل الدين ونصرة الإسلام في كل المجالات , ألا تري أن هذا يتناسب مع قول ربنا جل في علاه
(( وأعدوا لهم ما اسطتعتم من قوة )) والقوة هنا نكرة في سياق الإثبات فهي تفيد القوة المادية والقوة المعنوية , ومن أين ستأتي هذه القوة إلا من علماء هذه الأمة ومثقفيها الحريصين عليها ,
ثم بعد ذلك يكون ما ذكرت من اجتماعهم علي أمرٍ واحد وأتمني أن يحدث وإلا فقد اتفقوا علي أن لا يتفقوا ولا حول ولا قوة إالا بالله , وسامحني فهي نفثة مصدور وزفرت مكلوم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- تأييد وإضافة
أبوسعد بوشعيب - المغرب 10-04-2008 08:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد, فإني أشكرك أولا على هذا الطرح الذي أراه جد مناسب, من حيث المنهج والخطوات والتوقيت ..
ومن جهتي أركز على الناحية التعليمية في البرنامج: فلا يهم الزمن المستغرق للتنفيذ, لأننا سنهيئ أجيالا, وإني أرى أن نركز على مادة بعينها, من بين مواد المناهج التعليمية, وهي مادة التربية الإسلامية. منذ المراحل التعليمية الأولى, إلى أعلى مستوى, ندرس فيها السيرة النبوية العطرة, وعلوم القرآن الكريم, والتاريخ الإسلامي.. على حسب مستوى كل مرحلة تعليمية . ونعطيها أكبر المعاملات عند التقييم .. ثم العمل على أن تكبر هذه الأجيال وقد وضعت القرآن الكريم, والسنة النبوية المطهرة منهج حياتها ودستورها.. ولذلك يجب التمحيص في اختيار رجال التربية والتعليم الذين ستناط بهم هذه المهمة الجليلة .. فالقدوة شيء أساسي في هذا المقام . هذا دون أن نهمل جانب علوم العصر التي يجب أن يكون لنا فيها أيضا الباع الطولى ..
وعلى الله قصد السبيل.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب