• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر

التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
محمد صادق عبدالعال

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/5/2025 ميلادي - 3/11/1446 هجري

الزيارات: 447

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التحقيق في ملحمة الصديق (7)

دلالات وعبر


التحقيق التاسع والعشرون:

يقين الأنبياء:

﴿ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

 

وعلى الرغم من أن الأسباط العشرة كانوا صادقين هذه المرة؛ لكن يعقوب الوالد قد كال لهم بمكيال قديم، وأزاح أستار الكذب عن فرية أكل الذئاب ليوسف ودمهم المكذوب بقميصه؛ إذ هو على اتصال دائم بربه، يستبصر أنواره في حنادس الشك وظلمات الكذب والباطل، فيُناجيه ويناديه ويغلب على ظنه أنه ما زال حيًّا يُرزَق وسوف يعود بيقين تام من رب كريم، وحتى لما فرطوا في بنيامين من بعده ما جعل الله للشيطان عليه من سلطان أو إياس من مخاض الأمل في عودة "يوسف وبنيامين" معًا؛ بل ضم الاثنين إلى صدره المطمئن بمناجاة ربه ليقول لهم: ﴿ يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، والتحسس فعل خماسي متعدٍّ بحرف مطلق ليناسب اتساع دائرة البحث والتقصي (وفي قاموس المعاني): "تحسَّس أخباره: تتبعها". ﴿ يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ ﴾ واليقين عند يعقوب عالٍ بدرجة إيمانه بربه، فلم ينسَ يوسف حين عرض وفرض عليهم التماس الأخبار بل ذكره قبل بنيامين المعلوم مكانه والقريب زمانه في البعد "من يوسف وأخيه" كأنه يقول لهم بأن ما تنعتوني به من ضلال قديم هو ذاته يقيني الحاضر الذي لا يغيب أبدًا! فالله معي وسامعي في سري وعلني، فسبحان من يهب أصفياءه من جميل الصبر ما يجعلهم يمرُّون على النوائب مرور الكرام على الأسقام! بل علَّمهم درسًا في اليقين بإنجاء الله لعباده حتى ولو انقطعت أسباب وحبائل الوصال، فما زال في القلب إيمان راسخ بأن مالك الملك سبحانه له تصاريف أخرى تخرج عن نطاق عقول البشر المحدودة التصور، فها هو جدهم الخليل "إبراهيم" عليه الصلاة والسلام أُلْقي في النار وظن أهل "أور" أنه لا محالة هالك؛ فالنار من عظيم لهيبها كانت تتصيد الطير المحلق من فوقها من جبروت صهدها الذي يحرق الوجوه وما صرف ذلك الشر المبرم الشنيع إبراهيم عن يقينه بربِّه، وهو القائل: ﴿ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56]، قالها ردًّا على الملائكة لينفيها بشكل عام؛ بل يجلي نظرية في الصبر الجميل بها ﴿ قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ ﴾ [الحجر: 55]، وكأن الأنبياء والرسل على سجية من اليقين تجعلهم يستعذبون الصبر على مرارة مذاقه!

 

التحقيق الثلاثون:

المواجهة الثانية: ﴿ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ﴾ [يوسف: 89]:

﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ * قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ * قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين ﴾ [يوسف: 88 - 92].

 

مشهد شديد السطوع في البنية السردية القصصية، ومن المشاهد التي تكنى بالفاصلة المؤثرة، علاوة على فيض عظيم من المشاعر حيال الغالب والمغلوب، فما يوسف بمن يشتفي في أخوته الذين جاؤوا طالبين الميرة وما معهم من مكافئ ولا مقابل لقاء ذلك غير بضاعة مزجاة كما يزعمون؛ فهم على تخوُّف من أن يعاقبهم بالمنع لقاء جريرة "بنيامين"، فيرجعوا صفرًا خائبين، وعلى الجانب الآخر يتهيَّأ يوسف للمواجهة والإفصاح عما يخفيه، ويريد أن يكبح جماح نفسه التي ظلمت بغير نفس. ولعلنا نتساءل: ما الذي حدا بيوسف عليه السلام أن يقول لهم ذلك وهم مقبلون عليه، مشفقون، وكلهم أمل في الجبر؟! حتى نظرت في تفسير القرآن بشبكة الألوكة الطيبة الذي جمع في تفسير وتأويل تلك الآية عدة تفاسير أغلبها يذهب إلى أن يوسف لما رأى منهم هذا الاسترحام والاستعطاف وهو الكريم الذي لا يقابل السيئة بالسيئة، أفاض عما يكنه صدره تجاههم؛ «تفسير البغوي "معالم التنزيل": اختلفوا في السبب الذي حمل يوسف على هذا القول، قال ابن إسحاق: ذكر لي أنهم لما كلموه بهذا الكلام أدركته الرقة فارفض دمعه؛ فباح بالذي كان يكتمه. وقال الكلبي: إنما قال ذلك حين حكى لإخوته أن مالك بن ذعر قال: إني وجدت غلامًا في بئر من حاله كيت وكيت، فابتعته بكذا وكذا درهمًا، فقالوا: أيها الملك، نحن بعنا ذلك الغلام منه، فغاظ يوسف ذلك وأمر بقتلهم، فذهبوا بهم ليقتلوهم، فولَّى يهوذا وهو يقول: كان يعقوب يحزن ويبكي لفقد واحد منا حتى كُفَّ بصره، فكيف إذا أتاه قتل بنيه كلهم؟! ثم قالوا له: إن فعلت ذلك فابعث بأمتعتنا إلى أبينا فإنه بمكان كذا وكذا، فذلك حين رحمهم وبكى، وقال ذلك القول. وقيل: قاله حين قرأ كتاب أبيه الذي كتب إليه فلم يتمالك البكاء، فقال: ﴿ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيه ﴾ [يوسف: 89]؛ إذ فرقتم بينهما، وصنعتم ما صنعتم ﴿ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ﴾ [يوسف: 89] بما يؤول إليه أمر يوسف! وقيل: مذنبون عاصون. وقال الحسن: إذ أنتم شبان ومعكم جهل الشباب. فإن قيل: كيف قال ما فعلتم بيوسف وأخيه وما كان منهم ضرر إلى أخيه شيء وهم لم يسعوا في حبسه؟ قيل: قد قالوا له في الصاع ما رأينا منكم يا بني راحيل خيرًا. وقيل: لما كانا من أم واحدة، كانوا يؤذونه من بعد فقد يوسف»[1].

 

ولعلنا نتدارك وبشكل كبير نفس يوسف الطيبة وروحه الراقية التي لم تنعت أخوته في الأولى بغير ﴿ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا ﴾ [يوسف: 77] كصفة مؤقتة غير دائمة، وفي الثانية حينما تمت المواجهة وتكشَّفت الوجوه عن حقائقها بقوله: ﴿ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ﴾ [يوسف: 89] على اعتبار أن الطيش والاندفاع من منازل الجهل كأنه لا يبغي غير أن يخفف عن كواهلهم ثقل ما جنته أيديهم؛ فيالكرم الكرام إذا ما مكن لهم في الأرض!

 

﴿ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي ﴾ [يوسف: 90].

 

يظن البعض ممن لم يقفوا مليًّا على عظمة وبلاغة القصص القرآني أن ورود كلمة ﴿ وَهَذَا أَخِي ﴾ حشو زائد من الممكن الاستغناء عنه على اعتبار أن بنيامين أخوهم فيوسف كذلك! والشاهد- والله تعالى أعلى وأعلم- أن نبي الله يوسف لما عرف بنفسه لهم أراد أن يثبت لهم أنه من يتق ويصبر فسوف يجزيه الله خيرًا عن تقواه وصبره فقال: ﴿ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90]، والمن في الأصل على يوسف بوصوله لمكانة لم يتوقعوها له أبدًا كعزيز لأرض مصر ومهيمن على خزائنها في وقت كانت مصر من وجوه البلاد ومحط أنظار العباد؛ لكنه آثر أن يشرك أخاه في ذلك الفضل بقوله: ﴿ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ﴾، فبنيامين لم يكن معهم ساعة أن ﴿ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ ﴾ [يوسف: 15] لكونه صغيرًا ولو كان من أترابهم في السن ما شاركهم فعلتهم لما له من نفس كريمة كيوسف ابن أمه وأبيه. والله تعالى أعلى وأعلم.

 

﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92].

 

والتثريب لغةً (ثرب صاحبه وثرب عليه: لامه، عيَّره، وبَّخه على ذنب اقترفه – قاموس المعاني)؛ أي: لا لائمة عليكم اليوم، قمة التسامي والترفُّع عن إذلال وتأنيب من يستحقون ذلك جزاء بما فعلوه؛ لكنه قالها لهم من منطق العفو الكريم الذي لا يقابل السيئة بمثلها. ولعله يقصد لا تثريب عليكم اليوم اختصاصًا وابتهاجًا أنسياه مجرد اللوم المخزي لهم، والله عليم بذات الصدور.

 

التحقيق الواحد والثلاثون:

غدًا نلقى الأحبة يعقوب النبي وأهله. من كرامات النبوة:

﴿ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [يوسف: 93]، لا وقت لدى عزيز مصر الكريم بأن يعاتب أو يناصب أخوته العداء رغم وقوفهم موضع الإذلال لمن عنده المنع والعطاء، فمشتاق هو لمن عانى الأمرَّيْن من فراقه وقرة عينه وبصره الذي ذهب من البكاء ثم أخيه الذي استبقاه بأمر الله.

 

﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ﴾ [يوسف: 94]، وفي تفسير السعدي لتلك الآية ﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ ﴾ عن أرض مصر مقبلة إلى أرض فلسطين، شم يعقوب ريح القميص، فقال: ﴿ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ﴾؛ أي: تسخرون مني، وتزعمون أن هذا الكلام، صدر مني من غير شعور؛ لأنه رأى منهم من التعجب من حاله ما أوجب له هذا القول[2].

 

ومثل تلك النورانيات من خصوصيات وكرامات الأنبياء لا توهب لكثير من خلق الله إلا من خصَّه الله بها إرضاءً وإكرامًا لنفسه الطيبة وروحه الكريمة؛ فكون يوسف هناك في مصر فما إن يغادر بواباتها، وتقطع العير حاجز البلاد حتى تطير بها نسائم الروح ليعقوب النبي، فيجد ريح يوسف، والرائع أن يعقوب عليه السلام لم يقل: إني لأشم ريح يوسف؛ إنما قال مؤكدًا بلام التوكيد: لأجد، وكيف لا؟! وتلك من كرامات الله لأصفيائه وبخاصة يعقوب النبي الذي قال في شأنه في سورة الأنبياء بعد أن تحدَّث عن جده أبي الأنبياء وإنجائه من نيران النمروذ وهبوطه ونبي الله لوط إلى الأرض المباركة ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء:72- 73]، وفي تفسير الإمام الطبري يعني بالنافلة يعقوب "يقول تعالى ذكره: ووهبنا لإبراهيم إسحاق ولدًا، ويعقوب ولد ولده، نافلة لك. واختلف أهل التأويل في المعنى بقوله (نافلةً) فقال بعضهم: عنى به يعقوب خاصة[3].

 

وهذا التجلي الكريم ليعقوب باستشراف ريح يوسف عليه السلام الطيبة يذكرنا بوقوف سيدنا عمر بن الخطاب وقوله: يا سارية، الجبل الجبل.

 

وقولهم: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ﴾ [يوسف: 95]، لم يقولها الأخوة الأسباط بل قالها من معه النسوة والولدان ممن لم يسافروا أو يقطعوا الفيافي والقفار عروجًا إلى مصر، والشاهد في ذلك أن يوسف قد واجه الأسباط العشرة، وعرفوا يقينًا أنه يوسف أخوهم! فأنَّى لهم أن يقولوا لنبي الله مثل ذلك بعدما سطعت شمس الحقيقة واستبان نورها بعد سني كثيرة من التكذيب بأن يوسف ما عاد على قيد الحياة؛ ولكن المؤسف أن الجميع عدا يعقوب الوالد قد نفد لديهم رصيد اليقين بعودة يوسف!

 

التحقيق الثاني والثلاثون:

القميص في قصة الصديق عليه السلام:

ورد ذكر القميص في قصة يوسف عليه السلام خمس مرات؛ أربعة تصريحًا، وواحدة تلميحًا بضمير الغائب ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ ﴾ [يوسف: 96]، وعلى هيئات ثلاث بل إن شئت قل: بدايتها ليلة المؤامرة الكبرى على يوسف، ثم الثانية التي كان فيها سبب لإبراء سريرته من تهمة يعف عنها البشر العادي فما بالنا بنبي الله الصدِّيق! ثم في الثالثة وقت أن أوشك صبر يعقوب ويقينه بربه أن يؤتي ثماره ويقطع بالصدق حبائل افتراءات أخوته بأنه قد هلك بتقادم الزمن وأكد على ذلك الظن الشائن عندهم قول ربنا عز وجل: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِي ﴾ [يوسف: 85]، وحتى الغائية هنا تؤكد على يقينهم بأن دوام ذكر يوسف سوف يحدو به للموت كما حدا به لفقدان البصر. ومن هنا يمكننا القول بشكل عام والله المستعان:

إن كنية القميص في قصة يوسف ليست وفقط مجرد ثياب جاءت عفوًا في مواضع القصة الثلاثة في المفتتح ومن المنتصف حتى الختام لكنها دلالات مراحل عمر الإنسان التي يتقلب فيها وبها من حال إلى حال، فمن ظن أن لن ينصره الله بكذب وافتراء عليه، فالله جاعل من جلباب صبره التقي النقي قدوةً وشفاءً لمن لهم في عطاء الله رجاء، فيوسف لما صبر أجر، ويعقوب لما صبر ظفر، وكذلك يجزي الله المحسنين. ويحضرني في هذا المقام قول الشاعر السموأل رحمه الله:

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها
فليس إلى حسن الثناء سبيل

 

فكذلك نبي الله يوسف الكريم قميصه الذي تلطَّخ بالدم كذبًا فجاء القرآن واصفًا بالمصدر (كذب) دون اسم الفاعل (كاذب)؛ ليؤكد على ثبوت بطلان الادِّعاء وهو صغير ليس له بين هؤلاء المجمعين على إبعاده حول سوى نصرة ربه، هو نفسه صاحب القميص الذي لما شب وآتاه الله حكمًا وعلمًا ومكَّن له في عالي قصور مصر فلم يزغ بصره لما تزيغ له أنفس الشباب في مثل سنه من إرهاصات النرجسية والخيلاء! فكيف له أن يهبط إلى مدارك الجُهَّال فيرتكب المعصية المخزية؟! بالطبع لا، وأيضًا لما صار عزيزًا لمصر ومؤتمنًا حفيظًا وعلى خزائن الأرض، وفي قميصه العفيف النقي من أنوار النبوَّة والرسالة حتى يجعل الله في إلقاء قميصه هذا على عين يعقوب الكليم فيرتد بصيرًا، فسبحان من يصطفي من عباده عبادًا لا تحولهم الأحوال ولا تزيغ بهم الأهواء عن مرادات الله.

 

وعن القول بأن القميص الذي ردَّ الله به بصر أبيه يعقوب هو قميص سيدنا إبراهيم حيث أوردت كتب التفاسير أن يعقوب حين ضمَّ القميص إليه فرح به وقال: ذلك قميص جدي إبراهيم عليه الصلاة والسلام والذي دفعه لأبي إسحاق فدفعه إسحاق ليعقوب دون أخيه "لم يتطرق إليه القرآن لعموم الرسالة في حين أن تفسير الجلالين: في توضيح معنى وتأويل الآية 93 ﴿ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا ﴾ [يوسف: 93]، وهو قميص إبراهيم الذي لبسه حين أُلقي في النار كان في عنقه في الجب وهو من الجنة أمره جبريل بإرساله وقال: إن فيه ريحها، ولا يلقى على مُبْتلًى إلا عوفي ﴿ فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ ﴾ [يوسف: 93] يصِرْ ﴿ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [يوسف: 93][4]. ولقد أثبت العلم الحديث أن بعض الدواب تستطيع أن تشم وتستقبل رائحة الفريسة على بُعْد من الكيلو مترات، وأن الأم أو الأب ليميزان رائحة فلذة كبدهما إن غدا أو راح!

 

لفتة لغوية رائعة: ﴿ يَأْتِ بَصِيرًا ﴾ [يوسف: 93] ﴿ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ﴾ [يوسف: 96]، القرآن الكريم حينما يريد التعبير عن سرعة وقوع الحدث فإنه ينتقي الفعل الأكثر تأثيرًا والأسرع وقوعًا وتحقيقًا لمراد رب العباد؛ فالقرآن لم يقل: (يصبح أو يمسي بصيرًا)، أو (يرجع بصيرًا) لما في تلك الأفعال من فترة تحتمل الاستغراق الزمني أو تظهر البعد المكاني بل قال: ﴿ يَأْتِ ﴾ دلالة لغوية على سرعة الوقوع والإنجاز.

 

وكذلك الفعل ﴿ وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ قالها يوسف على نحو من الشغف واستباق إشراقات اللقاء، وقالها عزيز مصر مرتين بنفس الفعل الموحي بسرعة إنفاذ الأمر: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ﴾ [يوسف: 50]، ذلك لما فسَّر لهم يوسف عليه السلام بظهر الغيب عنه: رؤيا البقرات والسنبلات التي عجزت جهابذة التأويل والتفسير وقتها عن توضيح مدلولاتها في منامه، وفي الثانية: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ﴾ [يوسف: 54]، لما وقف على عفة ونقاء نفس يوسف والظلم الواقع عليه جراء مكر زليخا زوج العزيز فأدرك أن خلف تلك الأسوار في السجن نفسًا لا يجب أن تكون في غير مواضع الإجلال والإكرام والتمكين، وقالها يعقوب عليه السلام بعدما ذهب بنيامين مذهب يوسف، قالها بقلب لم يعرف الجزع ولا الهلع ﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 83].

 

وكذلك الفعل (فارتد)، فمعلوم أن الردة من سرعة رد الفعل وفي قاموس المعاني (ارتد: (فعل)/ ارتد/ ارتد عن يرتد، ارتدد/ ارتد، ارتدادًا، فهو مرتد، كقولهم في لغة أهل الكرة: (هجمة مرتدة)؛ أي: سريعة الدفع، وهي من رد الشيء لسيرته الأولى، فانظر للصياغة اللغوية في قصص القرآن الكريم، والله تعالى أعلى وأعلم بمراده.

 

التحقيق الثالث والثلاثون:

صفح يوسف وتربية يعقوب!

إن ما فعله أخوة يوسف بيوسف من إقصاء وإبعاد رجاء التعلُّق بحبائل أمل هشة أهلكتها السنون، وقطعت أواصرها الظنون، كلما دخلوا على يعقوب المكلوم لم تكن يومًا هادية لهم، ولا مرسلة لريح طمأنينة طيبة، فهم أبناء نبي، وذراري الأنبياء الأصفياء، ففعلهم شائن بكل المقايس؛ لكنهم لما دخلوا على يوسف في المرة قبل الأخيرة وأمعن فيهم موبخًا توبيخ المحب لمن أحب وبسجية الأخوة وآصرة القربى، ومصدعًا جدار البعد والشك الذي صنعوه بأيديهم وأرادوا من يعقوب الوالد أن يقتفي أثرهم في هذا القنوط ﴿ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 90 - 92]، يالعظمة رد يوسف وحلمه وأناته، وكيف تغلب على وازع الانتقام بحسن الكلام، وإرساء شجرة اليقين الصحيح بمراد الله من تفضيل الخلق بعضهم على بعض! حتى ولو كانوا شركاء في النسب والعصب، فقوله: ﴿ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92]، رجاء لهم بالمغفرة والصفح بعد قوله: ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ﴾ [يوسف: 92]، دلالة قاطعة أنه عفا وصفح، وما أراد لهم مؤاخذة بعد، والشاهد النقلي على صدق ذلك الإقرار منه بقوله الجميل ليعقوب بعدما دخلوا عليه ليرفعهما على عرش مصر تحقيقًا لمراد الله في رؤياه الصادقة ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100]، هنا نحس ونرى بشغاف القلب عفو يوسف عن أخوته وتغاضيه عما يعكر تلك اللحظات الطيبة التي هي بيت قصيد في القصة كلها ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾ [يوسف: 100]، لم يذكر واقعة الجب وهي أحرى بالذكر لما فيها من خطر مهلك وحتى لا يعيد على أسباط يعقوب ألم التوبيخ ولاذع التأنيب ولم يقف عند ذلك بل أقل الأمر لبعيد عن مواطن التوبيخ وتداعيات التقليب في ظلمه وإقصائه فقال: ﴿ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ ﴾ [يوسف: 100]، ثم سرعان ما يلقي النقيصة رميةً واحدةً في حجر الشيطان ﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ﴾ [يوسف: 100]، ثم ختامًا عظيمًا بقوله: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100]، قال الإمام السعدي رحمه الله في تأويل ذلك ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ﴾ يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها، ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ ﴾ [يوسف: 100] الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها، وسرائر العباد وضمائرهم ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ في وضعه الأشياء مواضعها، وسوقه الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها[5].

 

أما عن يعقوب الوالد حينما طلبوا منه الصفح والعفو عما صدر منهم، فالأمر هنا مختلف باختلاف مكانة المؤنب ذاته وقرابته، فيوسف عليه السلام في موضع قوة من جميع الوجوه، فترفَّع عن التأنيب وتسويف الصفح عنهم فقال: ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ﴾ [يوسف: 92]، ودعا لهم بالمغفرة؛ أما الوالد المربي الأول الذي عجم أعواد وخلال عياله أدرى بهم والمعاقب بقدر حبه لهم، فإنه لم يزد عن قوله لهم مسوفًا عفوه بقبول ربه المغفرة لهم: ﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 98]، ويكأنه يقول لهم:

سيظل الاستغفار لكم معلقًا حتى تثبت أهلة نواياكم الصادقة من التوبة والأوبة حيال ما وقع من سقطة لكم سجَّلها عليكم الله تعالى في قرآنه لنبي يأتي من بعدكم ومن بعد عيسى اسمه (أحمد) إلى يوم القيامة، والله تعالى أعلى وأعلم.

 

التحقيق الرابع والثلاثون:

ثلاثيات في قصة يوسف عليه السلام:

إن الناظر في قصة يوسف عليه السلام ليجد هندسةً سرديةً قصصيةً لم يقف على رسمها ولا خطها بشر ذو فراسة وبيان إلا انحنى تعظيمًا وإجلالًا لهذا البيان الذي سجَّله وحفظه لنا رب العالمين في لوح محفوظ إلى يوم القيامة؛ فقصة سيدنا يوسف عليه السلام فيها من الثلاثيات المتتابعة والمتواترة ما يجعلنا نتعجب من هذا الرسم القرآني العجيب المذهل على بيانه غير قابل للتنظير ولا المقارنة مع نص أرضي أيًّا كان كاتبه! حتى نقول دون ارتياب "إن هذا لشيء عجاب"، فسبحان منشئ السحاب، ومسخر الألفاظ، ومنزل الإعجاز على حقيقة ومجاز، على قلب الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.

 

أولًا: القميص في القصة وقد سبق الحديث عنه وباختصار شديد هو على ثلاثة أغيار:

قميص في الصغر تلطخ بدم كذب، وقميص تقطع لقاء عفته وأمانته، وثالث موروث من صفوة الخلق رَدَّ الله به على يعقوب الوالد بصره. ولقد سمعت خاطرة للراحل الأمين الشيخ الشعراوي رحمة الله يقول فيها: إن قصة يوسف جملة تدور حول القميص بمختلف هيئاته وتحولاته!

 

ثانيًا: الرؤيا ثلاثة:

الرؤيا الأولى "الكواكب والشمس والقمر"، وهي محور الحدث ونقطة انطلاق القصة.

 

وقفنا على سنا وثنيات تلك الأنوار القصصية لنبي الله يوسف عليه السلام ورأينا أن رؤيا يوسف في صغره لم تكن مجرد تخيلات في رأس ومخيلة صبي صغير؛ بل صارت حقيقةً مرسلةً وبشارةً مؤجلةً لم يكن لها مانع من وقوعها ولا حاجز لحدوثها إلا الأجل الذي أجله الله إلى أمة معينة لتتحقق مرادات أمره من خلقه. فيوسف صبر وعفَّ واتقى فارتقى، ويعقوب ثابر وصبر ولم يخالج صدره شك في إنصاف ربه، وأخوة يوسف وجدوا عاقبة أمرهم ندامةً وحسرةً ليقروا بحول الله وقوَّته في إنفاذ أمره وولاية يوسف الصِّدِّيق عليهم.

 

والثانية "الفتيان الساقي وخازن الملك"، وهما دلالة التعلم والفهم والتطبيق لما علمه ربه من تأويل الأحاديث، وما منعه الظلم الواقع عليه من الصدع بدعوة التوحيد وتفسير الرؤيا للفتيين بعدما أحسَّا أنه من الصالحين وصاحب التأويل الحق غير المبتذل، وقد استهلَّ التفسير بطرح قضية التوحيد ﴿ يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [يوسف: 39] استفهام إنكاري داعٍ لمن عرض عليه التفكر قبل التنكر من وجود إله واحد قالها بمنطق العقل قبل النقل احترامًا لعقليتهم التي لم تستوعب بعد مشارف التوحيد الحق.

 

والثالثة رؤيا الملك (البقرات السبع والسنبلات السبع والنيل) والتـأويل هنا خطير؛ إذ هو متعلق بأمن مصر القومي والغذائي ومن حولها من البلاد، فلم يبخل يوسف عن تعبير وتفسير الرؤيا كما عَلَّمه ربُّه، وفي كل واحدة من الثلاثة حكمة بالغة على تبشير يعقوب النبي له بأن الله سوف يعلمه من تأويل الأحاديث والتمكين في الأرض.

 

ثالثًا: البئر والسجن والقصر:

ثلاث محطات في حياة نبي الله يوسف قدر الله عز وجل ليوسف أن يطأها، وله مع كل موقع منها قصة في الصبر الجميل، وحلم الكريم.

 

(البئر): فأخوته هم من ألقوا به عدوانًا وظلمًا، وكان لخروجه منها قصة، وامرأة العزيز هي من زجَّت به في السجن أيضًا، وما كان له في الموقعين من ذنب اقترفه فاستحَقَّ به العقاب غير والدٍ أحبَّه نافلة عن أخوته؛ لصغر سنه وفقدان أمه.

 

(السجن): لكونه عفيفًا طاهرًا لم يرض أن يكون من الجاهلين!

 

والثالث (القصر) وهو على شاكلتين: قصر العزيز، وقصر الملك، وفي كليهما يوسف هو يوسف التقي الورع المخلص لمن اجتباه واختاره، فما زاده التمكين والرفعة غير ترفُّع عن كل شائن حتى تزيَّن بالجمال خلقًا وخلقةً.


أخوة يوسف وزليخا ويعقوب:

وهم من شخوصها القوية ومحور أحداث ومناط انطلاق للسرد القصصي من تصاعُد وتحوُّل لحياة يوسف الصدِّيق عليه السلام، فأخوة يوسف عليهم ما عليهم بما صدر عنهم تجاه يوسف؛ وزليخا عليها ما عليها تجاه ما صدر عنها حيال يوسف الصدِّيق، وأما يعقوب فهو بيت القصيد وآية في الصبر والجَلَد، زكَّاه ربُّه وسمَّاه من الصالحين.

 

كما نلحظ آيات السورة مائة وإحدى عشرة آية؛ أي: تقبل القسمة على ثلاثة، ربما تمُرُّ علينا وعلى كثير مرور الكرام؛ لكن القرآن الكريم العظيم المتجدِّد العطاءات يكشف كل يوم عن أنواره وإشراقاته البيانية والبلاغية وسبحان من هذا كلامه.

 

التحقيق الخامس والثلاثون: ﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 22]:

﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ﴾ [يوسف: 100]، وعند الآية المائة تكون أحداث القصة القرآنية قد أسدلت ستائرها النورانية عن أسرة من فرع النبوة جدهم خليل الله إبراهيم الذي منح شهادة تقدير ربانية لم ينلها بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي أو رسول ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ﴾ [النحل: 120] إمام مكتمل الفضائل، فمن نسل ذلك النبي المكتمل الفضائل كان يعقوب بن إسحاق الذي شاء الله له أن يُبتلى كما ابتُلي جدُّه الخليل من قبل وصار حديث (أور) ومن حولها من القرى لما أُلْقي في النار ولم تضره! وقد ذكرت كتب السِّيَر أن نبي الله إبراهيم عليه السلام تخيَّر لإسحاق زوجة طيبة من أهله وهي بنت أخيه "ناحور" بعدما رأى من إثم امرأة لوط ابن أخيه التي أصبحت من القوم الظالمين. فنسل يعقوب ويوسف طيب كريم.

 

﴿ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ﴾ [يوسف: 100]: والسجود هنا ليس سجود عبادة ولا نِدِّيَّة لله تعالى حشاهاه أن يقبل بهذا؛ لكنه سجود امتثال أمام حكمة الله في تحقق الرؤيا التي استكثروها على يوسف منذ صغره، وإنهم ليرونها الآن عيانًا كنور الشمس التي سجدت هي الأخرى مع القمر في منامه الصادق، ولما رأوا من تجلٍّ لنور الحق في صورة يوسف، فسجدوا امتثالًا لرب العالمين.

 

سورة يوسف من المكيات، والآيات من بعد المائة وواحد، وهي ختام السورة خطاب مباشر لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانت السورة كلها موجهة إليه لينذر بها أم القرى ومن حولها، ولو نظرنا بعين متبتلٍّ في آخر ما قاله يوسف عليه السلام بعد تمام نعمة ربه عليه وعلى آل يعقوب من نداء ودعاء لكان خليقًا بنا أن نتذكره دائمًا ولا ننساه أو نتغافل عنه في خضم الحياة ومعتركاتها وتناوب النائبات على أجسامنا وقلوبنا، أو حين تصفو لنا الحياة من بعد كدر كما صفت لمن قبلنا، فنتبوأ من الأرض ملكًا أو من الناس مكانةً تكون لنا فيها الكبرياء أو الكلمة العليا والحكمة المسموعة ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]، ذكر يوسف فضل ربه ولم ينكره أبدًا، فبدأ أول ما توجَّه تلقاء ربه بكلمة (رب) كلمة ما أجملها! وما أعذبها! متى خرجت من قلب سليم ونفس قانعة ليس لها في البغضاء من نصيب تحمله فضلًا عن إرجاع النعمة لمعطيها ومانعها ﴿ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ﴾ سرد جميل للنعم وتحقُّق للبشارات، فمن كيد للأخوة وكيد للنسوة وسجن بغير ذنب، وفوق تلك المكاييل من الظلم صبر جميل.

 

﴿ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]، والمتروك (أنت فاطر) إنما قالها يوسف دون ضمير المخاطب لعظم وجلال المخاطب ذاته فلم يحتَج إلى ذكر بتخصيص، فلا فاطر سوى الفاطر سبحانه وتعالى عما يصفون علوًّا كبيرًا، وفيها التفات جليل! والمتروك في القصة كثير إبرازًا للبلاغة وإعمالًا لكل عقل رشيد!

 

﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾ [يوسف: 102] مَنَّ الله بها على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما مَنَّ عليه أيضًا في ذكر قصة مريم ابنة عمران عليهما السلام ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [آل عمران: 44]، وفي كلتا الآيتين تذكير بفضل الله عليك يا محمد وعلى الناس جميعًا، فإن ذكر أخبار السابقين من النعم لاستباق الخيرات وتحاشي المنكرات التي قد توقع المؤمن في طريق الشيطان، فلا يسلم منها إلا بأذى في نفسه أو أهله أو ماله، تلك النفس التي كرَّمَها الله بالعقل، وزكَّاها بالقلب المنيب.

 

﴿ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ﴾ [يوسف: 111]:

ولقد أنعم الله عليَّ بنشر سلسلة عن مراد الله الأسمى من القصص الأعلى بشبكة الألوكة الطيبة المعارف الراقية النصوص؛ فالله سبحانه وتعالى يذكر نبيه وصفيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بتلك النعمة من إيراد قصص السابقين ممن لم ترهم ولم تسمع بأخبارهم من قبل يا محمد وإن كان كثيرُها مغلوطًا من أهل الباطل والضلال فضلًا عن تلفيق غير حقيق عن صفوة خلق الله، فكأن هذا الكتاب هو الشاهد بلسان عربي مبين لينذر العالمين، فقصصه حق مبين ليس بحديث يُفْترى ولا باطل يتخفى في ثياب الحق المبين ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110] نحن الأمة التي شَرَّفها الله وخصَّها بالشهادة على الغيب ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41].

 

«﴿ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ﴾ [يوسف: 111]: ولنضع تحت تلك المفردة القرآنية الكريمة ألْفَ خطٍّ وخط، ونتدبر معًا الفارق الشاسع والبون الواسع بين النصوص الأرضية التي يخطها بشر يصيب ويخطئ، وتتمايز عنده الأحداث في قيمتها حسب مدركاته، وطبائع مجتمعاته، ومعطيات الثقافة المحدودة عنده، وبين هذا الكلام الفصل المترفع عن كل افتراء وهزل، الممجد بلسان الحق، وبالتأكيد لن ترى أية مفاضلة، فشتان شتان بين الثرى والثريا! إن من مقومات جودة القصة الحديثة إحداث الإدهاش والتأثير، حتى ولو بشيء من الافتراء، وإقحام وقائع داخل الأعمال القصصية ربما لم يكن لها وجود أصلًا، فضلًا عن الخيال الممزوج بالواقع لأحداث ما سبق الإشارة إليها، وإن النصوص الأرضية التي تكتب على تنوُّع واختلاف أجناسها يتفنَّن كل سارد أو قاصٍّ أن يعطيها ملاحةً من الخيال المتوقع، أو الخيال نفسه غير محتمل الحدوث؛ لكي يكسب عناصر القص عنده ما يُسمَّى "بالدراما القوية"، التي هي من مستلزمات القص والمسرح هذه الأيام، فيزيد على الأحداث بالمبالغة أو الولوج في أعماق إنسانية؛ لجذب الانتباه، واستدراك أكبر عدد من المؤيدين لنصوصه.

 

وحتى في بعض وقائع التاريخ حين تدون بأقلام المؤرخين والحفاظ، فإن "التناول الدرامي" لها قد يختلف باختلاف وجهات نظر المعدين والمخرجين، فضلًا عن بعض الافتراءات والافتعالات لأحداث ربما لم تقع أصلًا، ولم تُدوَّن بشكل أعمق في كتب التاريخ؛ فنجد اختلافًا في العرض باختلاف الرؤى المرجعية، وغلبة الأيديولوجيات، وحسب الثقافات، فضلًا عن الدواعي الأمنية والاحتياطات من مغبة الإسقاط المتعمد، ناهيك عن تهميش الجوهر في القصة، والتعلق بثانويات البناء القصصي لأغراض أخرى.

 

إن المنصفين والمحققين لدور القصص القرآني يؤكدون أن قصص القرآن الكريم قد فرق بين معتقد الشرك وعقيدة والتوحيد، وبين الحق والباطل، وأعاد للقصة المأثورة عن الأمم البائدة لدى رواة العرب مسارها القصصي الصحيح والصادق، وقد كشف عن مفتريات في سردها، وخرافات في ذكرها، ولم تنل تلك الافتراءات البشر العادي فقط؛ بل تخطت الأنبياء والأصفياء والذات العلية من تهم ومواقف أُلْصِقَتْ بهم من خلال تحريف وتزييف للكتب السماوية والصحف»[6].

 

من مثل هذا القصص القرآني فلتتعلموا أيها الكتاب والقصاص ولا يحملنكم الإعراب الدقيق عن الحالة استحالة وجود العفاف في السرد والعرض وإبراز المساوئ بشكل فاضح وبدعوى المصارحة والمكاشفة فما شأن الدراما المعاصرة غير اتِّباع سبيل التربُّح والإغراء بغير مراعاة لمناحي الخلق الإسلامي القويم! فلنا في عفيف ذكر القرآن الحكمة والمثل العظيم، والله المستعان على ما تصفون!

 

وأخيرًا: حاولت جاهدًا أن أسعى بتوفيق من الله في جمع كثير من التحقيقات حول هذا القصص العظيم لنبي الله يوسف عليه وعلى نبينا محمد الخاتم الصلاة والسلام، فما تفَضَّل به الله عليَّ فبواسع كرمه وعظيم جوده، وما مَرَّ دون أن أراه فذلك أمر الله ومُبْتغاه يحجب عن عباده نصيبًا من الفهم وقد ادَّخَره لهم في وقت معلوم، فسبحان الله العظيم وعياذًا به من الشيطان الرجيم أن يكون هذا العمل لغير وجهه الكريم.

 

والحمد لله في بدء وفي مختتم.



[1] شبكة الألوكة/ آفاق الشريعة/ مقالات شرعية/ التفسير وعلوم القرآن/ تفسير القرآن الكريم/ تفسير: ﴿ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ﴾ [يوسف: 89].

[2] تفسير السعدي/ سورة يوسف آية 94/ موقع تقني.

[3] تفسير الإمام الطبري/ سورة الأنبياء، آية 72، ص 327، موقع تقني.

[4] تفسير الجلالين السيوطي والمحلي/ حققه ونسَّقه/ الشيخ محمد الصادق القمحاوي/ مطبعة الأنوار المحمدية القاهرة/ ص 203.

[5] تفسير السعدي/ سورة يوسف، آية 100، ص 247، موقع تقني.

[6] شبكة الألوكة/ آفاق الشريعة/ مقالات شرعية/ التفسير وعلوم القرآن / المراد الأسمى من القصص الأعلى (2) / محمد صادق عبدالعال.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحقيق في ملحمة الصديق (1) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (2) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (3) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (4) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (5) دلالات وعبر
  • التحقيق في ملحمة الصديق (6) دلالات وعبر

مختارات من الشبكة

  • التحقيق في تبرئة العلامة السيوطي من كتاب (الروض الأنيق في فضائل الصديق)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كتاب تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق لابن بلبان(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • حاجة كتاب (غاية النهاية) لابن الجزري للتحقيق ، وحاجة التحقيق للتنسيق(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • مخطوطة الوقوف بالتحقيق على موقف الصديق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • التحقيقات التي حظي بها كتاب البرهان للإمام الزركشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النظرة الدونية من الصديق لصديقه(استشارة - الاستشارات)
  • تعريف الملحمة الشعرية(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • الصديق الحقيقي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة التحقيق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كيف تشتري كتابا محققا؟ وكيف تميز بين تحقيق وآخر إذا تعددت تحقيقات النص؟(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب