ليس الأمر كذلك (1) التنبيه على بعض أغلاط وأوهام المحققين مما يتعلق بالعلامة السيوطي جلال الدين

ليس الأمر كذلك (1)

(التنبيه على بعض أغلاط وأوهام المحققين مما يتعلق بالعلامة السيوطي جلال الدين)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فقد يسر الله تعالى لي الوقوف على كتاب (الخصال الموجبة للظلال) تأليف العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي تـ902 هـ رحمه الله، وهي الطبعة الأولى للكتاب سنة 1432 هـ، بتحقيق الشيخ الفاضل عامر حسن بن سهيل حسن عبد الغفار، وأصله رسالة علمية تقدم بها المحقق لنيل درجة الماجستير في الكتاب والسنة، وهو منشورات جمعية دار البر بدبي بدولة الإمارات.

وأثناء تصفحي للكتاب وجدت العلامة السخاوي في آخره قد قال في معرض ذكره لمن نظم تلك الخصال الموجبة للظلال[1]:

وقال ابن الكمال الأسيوطي ممن تردد إليَّ وقتاً:

وزدْ معَ ضعف من يضيف وعزبة[2] لأيتامها ثم القريب بوصلهِ وعلم بأن الله معْه وحبه لإجلاله والجوع معْ أهل حَبلِهِ[3] وزهد وتفريج وغض وقوة صلاة[4] على الهادي وإحياء فعلهِ[5] وترك ربا سحْت زنى ورعاية لشمس، وحكم للأناس كمثله وصوم وتشييع لميْت عيادة فسبّعْ[6] بها السبعات يا زين أهله وحُب[7] عليٍّ ثم ذكر إنابة وأمر ونهي والدعاء [8]لسبْله ومن أول الأنعام يقرا[9] غداته ومستغفر الأسحار يا طيبَ[10] فعله وبرّ وترك النّمّ والحسد الذي يشين الفتى، فاشكرْ لجامع شمْلهِ وزد بعد ذا قاضي الحوائج صالح ال عبيدِ وطفلا والشهيد بقتلهِ وأَمَّا وتعليماً أذانا وهجرة فزادت على السبعين من فيض فضلهِ

انتهت الأبيات، وقال العلامة السخاوي معقباً عليها:

وأدرج فيها ما لا تصريح بالمراد منه في أحاديثه كالزهد وقضاء الحوائج وصالح العبيد والإمام المرضي للمأمومين والمهاجر، فلفظه في الأول: جلساء الله غدا أهل الورع والزهد، وفي الثاني: إذا كان يوم القيامة أجلسوا على منابر من نور يحادثون الله والناس في الحساب، وفي الثالث والرابع: ما قدمته في حامل القرآن، وفي الخامس: أن للمهاجرين منابر من نور يجلسون عليها يوم القيامة قد أمنوا من الفزع، لكنه مُشعرٌ، ولو أريد[11] استيفاء ما يشبهها لزادت كثيرا، بل ربما يتوهم من النظم أن الطفل والشهيد قتلا، والمعلم والمؤذن من نمطها، وقد علمت مما قدمته خلافه.انتهى.

أقول:

قال المحقق الفاضل معلقاً على قوله: قال ابن الكمال الأسيوطي:

لعله علي بن محمد بن أبي بكر أبو النجاد الأسيوطي، ممن سمع من السخاوي بالقاهرة (الضوء اللامع: 5\297).انتهى.

وليس الأمر كذلك.

بل المراد به العلامة جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر السيوطي الشافعي المتوفى سنة 911 هـ رحمه الله وطيب ثراه.

ومعلوم ما كان بينه وبين الإمام السخاوي مما ذاع وشاع وملأ الأسماع، فلهذا كان الإمام السخاوي لا يسميه ولا يكنيه، وسبق أن كتبت مقالاً يتعلق بهذا الأمر ونشر على الألوكة[12]

والأسيوطي بالهمزة إحدى الأوجه الجائزة في نسبته رحمه الله.

فلتصحح هذه الحاشية في الطبعات الآتية للكتاب، وتكتب وترفق مع الطبعات الحالية نصحا للعلم وأهله، والله الموفق.

تنبيه:

للعلامة السيوطي رحمه الله كتابان يتعلقان بهذا الباب:

أولهما:تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش، وهو مسند مطول.

وثانيهما: بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال، وهو مختصر الأول، وهما مطبوعان.

وقد وردت فيهما الأبيات مختلفة عن التي أوردها الإمام السخاوي رحمه الله في كتابه، وسأقتصر في تجريد الأبيات الواردة في (تمهيد الفرش)، وهي[13]:

1 - وَزِد مَعَ ضِعفٍ مَن يُضيفُ وَعزبَةٍ لأَيتامِها ثُمَّ القَريبُ بِوَصلِهِ 2 - وَعَلِمَ بَأَنَّ اللَهَ مَعهُ وَحُبُّهُ لإِجلالِهِ وَالجوعُ مَع أَهلِ حَبلِهِ 3 - وَزُهدٌ وَتَفريجٌ وَغَضٌّ وَقُوَّةٌ صَلاةٌ عَلى الهادي، وَإِحياءُ فِعلِهِ 4 - وَتَركُ رَباً سُحتٍ زِنا وَرِعايةٌ لِشَمسٍ وَحُكمٌ لِلأُناسِ كَمِثلِهِ 5 - وَصَومٌ وَتَشييعٌ لِمَيْتٍ عِيادةٌ فَسَبِّع بِها السبعاتِ يا زَينَ أَهلِهِ 6 - وَزِد سَبعَتَينِ الحُبُّ لِلَّهِ بالغاً وَتَطهيرُ قَلبٍ والغَضوبُ لأَجلِهِ[14] 7 - وَحُبُّ عَلِيٍّ ثُمَّ ذِكرُ إِنابَة وَأَمرٌ وَنَهيٌ وَالدُعاءُ لِسُبْلِهِ 8 - وَمَن أَوَّل الأَنعامِ يَقرَا غَداته وَمُستَغفِرُ الأَسحارِ يا طيبَ فِعلِهِ 9 - وَبَرٌّ وَتَركٌ النّمِّ وَالحَسَد الَّذي يَشينُ الفَتى، فَاشكُر لِجامِعِ شَملِه 10 - وَزِد بَعدَ ذا قاضي الحَوائِج صالِحَ ال عَبيدِ وَطَفلاً وَالشَهيد بِقَتلِه[15] 11 - وَأَمّاً وَتَعليماً أذاناً وَهَجرَةً فَزادَت عَلى السَبعينَ مِن فَيضِ فَضلِه

• • •

نسأل الله تعالى أن يسبغ علينا من إنعامه وفضله، وأن يظلنا يوم القيامة بظله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى صحبه وأهله.