رسالة تواضع واحترام من الأستاذ محمد المبارك من باريز إلى الشيخ صلاح الدين الزعيم بدمشق

رسالة تواضع واحترام من الأستاذ محمد المبارك من باريز

إلى الشيخ صلاح الدين الزعيم بدمشق[1]

كان الأستاذ المبارك قد أُوفد إلى السوربون لدراسة الأدب الفرنسي وغيره، وبقي على صلة وثيقة مع الشيخ صلاح الدين الزعيم، فكتب إلى أستاذه هذه الرسالة، وفيها خواطر عن المجتمع الأوربي، وعن السوربون، وأساتذته، وغيرها من الأمور التي يعاني منها الطالب العربيُّ في دراسته بأوروبا.

وهذه الرسالة تتضمَّن أمورًا كثيرة؛ من أهمها:

• مدى التقدير الكبير من الأستاذ المبارك للأستاذ الداعية الشيخ صلاح الدين الزعيم.

• اطِّلاع الأستاذ المبارك على المجتمع الأوربي وتقاليده وأخلاقه وعلومه.

• الجديَّة في الدراسة.

• الأستاذ المبارك أول سوريٍّ مسلم نال شهادة الأدب الفرنسي من السوربون.

• الذين نالوا هذه الشهادة في السابق كلُّهم من خريجي المدارس الإفرنسية بدمشق، وكلهم من المسيحيِّين، وهم قلائل.

• الأساتذة الفرنسيون لا يَرحمون الأجنبيَّ في هذه الشهادة.

• تحضير الأستاذ المبارك لشهادة علم الاجتماع.

• قضاء عطلة عيد الميلاد برحلة بجبال الألب، وممارسته رياضة الانزلاق على الثلج.

• كان رفيقه في هذه الرحلة: السيد خلدون الكناني.

• نجد الأدبَ الكبير عند الأستاذ المبارك، وما يُكنُّه من تقدير واحترام للشيخ الزعيم.

• بعد هذه المقدمة المختصرة أذكر ترجمة مختصرة لكل من الأستاذينِ القديرَين.

♦♦♦

ترجمة مختصرة للشيخ صلاح الدين الزعيم:

علامة داعية، مجاهد، مُصلح، شُجاع.

هو العلامة الشيخ صلاح الدين بن محمد رضا بن محمد الدقاق، الشهير بالزعيم (1300 - 1390هـ).

ولد في يبرود (والدته من يبرود)، ولما بلَغ الرابعة من عمره، سافر مع والده إلى طرابلس الغرب بحكم وظيفته، ثم انتقل مع أخيه خير الدين إلى "حماة" عند عمه محمود، ثم جاءا إلى دمشق، وتعلَّما فيها، ثم انتقل إلى حلب مع والده، ودرس فيها على شيوخها، وتلقَّى كثيرًا من الكتب على والده، ثم انتقل مع والده إلى مرعش، ثم سافر إلى مصر وقرأ فيها على الشيخ محمد شاكر، ثم رجع إلى دمشق، ودرَّس فيها في المدرسة العلمية الوطنية، ولما قامت الحرب العالمية الأولى أمَرَه والدُه بالتطوُّع في الجيش التركي، واشترك معه في حرب الترعة التي استُشهد فيها والده سنة 1334هـ، ثم إن المترجَم شارك في عدة أماكن بالحرب، ثم رجعت فرقته إلى دمشق، فعُيِّن إمامًا في مستشفى المزة، ثم عاد إلى يبرود، واشتغل معلمًا في مدرسة يبرود الابتدائية، ثم شارك في حرب ميسلون، ثم عمل في سلك التعليم، في منطقة القنيطرة، ثم أمره الشيخ بدر الدين الحسَني بالسفر إلى لبنان لإرشاد أهل القرى فيها، فكان يتجوَّل في القرى ثماني سنوات كان له فيها فضل عظيم، وفي سنة 1936م عيِّن في الكلية الشرعية ببيروت، وفي سنة 1947م، استقرَّ بدمشق وتوفي فيها سنة 1390هـ / 1971م.

كان شجاعًا جريئًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، محبًّا للخير، عطوفًا على الفقراء، يشجِّع الشباب على الطريق السويِّ والخير.

(تاريخ علماء دمشق 2 / 1176 الطبعة الثانية).

♦♦♦

ترجمة موجزة للأستاذ محمد المبارك:

علَّامة، وزيرٌ، مُرَبٍّ (1331 - 1402هـ).

هو فضيلة الأستاذ محمد ابن الشيخ عبدالقادر ابن الشيخ محمد المبارك الحسَني.

ولد بدمشق، ونشأ برعاية والده، وأفاد منه كثيرًا، خاصة في علم اللغة وفقهها، وكان يتردَّد على حلقات كبار العلماء، خاصة الشيخ بدر الدين الحسَني.

انتسب إلى كلية الحقوق ومدرسة الأدب العليا، وحصل على شهادتَيهما سنة 1354هـ، ثم أُوفد في بعثة لدراسة الأدب في جامعة السوربون، وحصل منها على درجة الليسانس في الآداب سنة 1357هـ، ودبلوم علم الاجتماع والأخلاق في السنة التالية، ثم عاد فعُيِّن مدرسًا للعربية في المدارس الثانوية بحلب، ثم انتقل بعد سنتين إلى دمشق مدرسًا للأدب العربي، وبقي كذلك حتى سنة 1365هـ، فكُلِّف بوضع مناهج التربية الإسلامية والعربية، ثم رشَّح نفسه للانتخابات النيابية وفاز بثلاث دورات، وبقي نائبًا حتى سنة 1378هـ، ثم كُلِّف بوزارة الأشغال، ثم الزراعة ، وقد عمل بالتدريس الجامعي منذ سنة 1378هـ.

ولما أُنشئت كلية الشريعة عيِّن أستاذًا، ثم تولى عمادتها سنة 1378هـ، وفي سنة 1381هـ انتُخب عضوًا عاملًا في مجمع اللغة العربية بدمشق، ثم عمل بالتدريس بجامعة أم درمان وجامعة الخرطوم، ثم مدرسًا بجامعة أم القُرى، وبقي هناك حتى آخر حياته.

له مؤلفات كثيرة، وكان عالمًا دؤوبًا وَقُورًا مفكِّرًا، داعية، مربيًا.

تُوفِّي بالمدينة المنورة بالسكتة القلبية، يوم الخميس 7 صفر 1402هـ، ودُفن بالبقيع بعد صلاة الجمعة.

(تاريخ علماء دمشق 3 / 421).

Save

Save