• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صحة الفم والأسنان في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وعملية الترجمة
    أسامة طبش
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الشكل والمضمون والجمال

أ. صالح بن أحمد الشامي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/7/2013 ميلادي - 22/8/1434 هجري

الزيارات: 173374

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشكل والمضمون والجمال


يعد هذا الموضوع من الموضوعات المهمة التي تناولها علم الجمال. وكان له أثره في فلسفة هذا العلم، بل تجاوز ذلك ليصل إلى الفنون الجميلة نفسها، وقد تزايد هذا الأثر في الآونة الأخيرة حيث سيطرت الفلسفات المادية على أجواء الفكر الغربي، وأضحت المادة كل شيء في بناء المدنية الحديثة.


و"الشكل والمضمون" هما قوام كل عمل فني جميل، سواء أكان لوحة أم تمثالاً أم قصيدة.. فالعمل من الناحية المعنوية، فكرة وعاطفة وإحساس، جُسِّد في هذا المنظر أو ذلك التمثال أو هاتيك القصيدة. فاللوحة والتمثال والقصيدة إن هي إلا المظهر الخارجي أو الشكل الذي من خلاله أمكننا أن نتعرف على تلك الأحاسيس والعواطف. وكلما كان العمل أكثر تعبيرًا وتجسيدًا لهذه الأحاسيس كلما كان العمل أكثر فنيةً وجمالاً.


وإذن: فنحن في العمل الفني أمام ظاهر هو "الشكل" الذي نرى به العمل وأمام فكرة نستشعرها من خلال الخطوط والألوان. أو النتوءات والتعرجات والانحناءات، أو اللفظ والقافية.


وعلى هذا يمكن القول بأن:

"الشكل: هو الصورة الخارجية، أو هو الفن الخالص المجرد من المضمون والذي تتمثل فيه الشروط الفنية.


والمضمون: هو كل ما يشتمل عليه العمل الفني من فكر أو فلسفة أو أخلاق أو اجتماع أو سياسة أو دين[1] ..".


إنه ما من شك في أن كلاً من "الشكل" و"المضمون" يؤدي دوره في إنتاج العمل الفني، والصلة بينهما وثيقة جدًا، فهما وجهان لأمر واحد، ولا يمكن لأحدهما أن يستغني عن الآخر.


ولكن بعض النقاد ذهب في إعطاء الأولوية للفكرة والعاطفة والإحساس وذهب بعضهم الآخر إلى تقديم الشكل والصورة. إذ بهما يظهر العمل الفني ويوجد. وانقسم النقاد إلى مدرستين:

"مدرسة الشكل: وهم الذين لا يرون في المضمون أية قيمة فنية.. ويحصرون أحكامهم في دائرة الصياغة الفنية وما يتحقق عنها من جمال.


ومدرسة المضمون: وهم يرون الفن كله مضمونًا. وحددوا المضمون تارة بما يلد، وتارة بما يتفق مع الأخلاق، وتارة بما يسمو بالإنسان إلى سماوات الفلسفة والدين، وتارة بما هو صادق في الواقع، وتارة بما هو جميل من الناحية الطبيعية المادية[2]".


ويبدو أن هذا البحث كان في بدء طرحه أقرب إلى البحث الفلسفي منه إلى الواقع التطبيقي، كالكثير من بحوث الفلسفة في علم الجمال.. ولكنه بعد ذلك بدأ يأخذ أبعاده شيئًا فشيئًا.. حتى كاد يسيطر على ساحة الفن في الآونة الأخيرة.


على أن كثيرًا من الفلاسفة والنقاد لم يروا في هذا التقسيم إلا وسيلة لدراسة العمل وبيان قيمته الفنية، ومدى التناسق بين الشكل والمضمون أو الصورة والمادة. إذ لا يمكن لأحدهما أن يستقل بنفسه، فالفكرة غير قادرة على القيام وحدها دون صورة تبرز من خلالها. كما أن الشكل الظاهر لا قيمة له إذا خلا من المعنى.


وهذا ما نتبينه واضحًا في قول "كانت" (1724 - 1804م):

"إن العاطفة بدون الصورة عمياء، والصورة بدون العاطفة جوفاء[3]".


ويذهب "هيغل" (1770 – 1831م) إلى قريب من هذا: "فالجمال عنده هو التجلي المحسوس للفكرة، إذ إن مضمون الفن ليس شيئًا سوى الأفكار، أما الصورة التي يظهر عليها الأثر الفني فإنها تستمد بنيتها من المحسوسات والخياليات، ولا بد من أن يلتقي المضمون مع الصورة في الأثر الفني. أبو بمعنى آخر: لا بد أن يتحول المضمون إلى موضوع، ولكي يتم هذا التحويل أو التشكيل يتعين أن يكون المضمون قابلاً لأن يظهر في صورة موضوع.. وإذن فالفن في مذهب هيغل هو وضع الفكرة أو المضمون في مادة أو صورة، وتشكيل هذه المادة على مثال لها[4] ...".


فإذا انتقلنا إلى "كروتشه" (1866 – 1952م) فإنا نجده لا يبعد من هذا الرأي. ففي رأيه "أن المضمون والصورة يجب أن يميزا في الفن، لكن لا يمكن أن يوصف كل منهما على انفراد بأنه فني. لأن النسبة القائمة بينهما هي وحدها الفنية[5]". وبتعبير آخر: "إن الروح الفنية لا ترى الصورة على حدة، ولا تستقر العاطفة على حدة، بل هي تمزج الإثنتين في وحدة فنية متسقة هي ما تسميه باسم: العمل الفني. وهنا يستوي أن يقال: إن الفن مضمون، أو إن الفن صورة، ما دام العمل الفني إنما يعني أن المضمون قد اتخذ صورة، وأن الصورة قد امتلأت بالمضمون. ومعنى هذا أنه لا بد للعاطفة- في العمل الفني - من أن تتخذ طابع صورة، كما أنه لا بد للصورة من أن تتسم بصبغة العاطفة[6]".


ويرى "ألبير كامي" (1913 – 1960م) "أن الإبداع الفني يستلزم توترًا غير منقطع بين الصورة والمادة... وكل عمل فني يطغى فيه المضمون على الصورة، أو تطغى فيه الصورة على المضمون إنما هو عمل فاشل لا ينطوي إلا على وحدة زائفة أو وحدة ساقطة[7]".


تلك نماذج من آراء الذين يرون العمل الفني وحدة قائمة بين "الشكل" وبين "المضمون"، وهي الفكرة التي سادت فيما مضى.


وواضح من هذا أن "الموضوع" احتفظ بكيانه كركن أساسي في العمل الفني طوال القرون الماضية. وما الآراء السابقة وغيرها كثير.. إلا البيان لهذه الحقيقة.


وشهد القرن التاسع عشر اهتمامًا متزايدًا بالشكل وتحولاً عن المضمون إلى الصورة، وذلك في أعمال كثير من الفنانين، الذين كان من أبرزهم "إدوار مانيه" (1832 – 1883م) المصور الفرنسي المشهور الذي آلت إليه الريادة في المدرسة التأثيرية أو الانطباعية.


وكان أول معارض "التأثيرية" قد أقيم بباريس عام (1874م) وكان من جملة معروضاته لوحة ل"كلود مونيه" (1840 - 1926م) باسم "أثر: شروق الشمس" ومن كلمة "الأثر" أطلق اسم التأثيرين على رواد هذه المدرسة، كما أن أحد الصحفيين أطلق اسم "الانطباعيين" على مصوري هذا المعرض.


"وتعنى الانطباعية - كما يشير اسمها - إلى إشباع العين من الطبيعة، أو رؤية وقتية للعالم، أو لمحة عن الأشياء الخارجية. أو بعبارة أخرى هي: تسجيل حسي للمظاهر، وتضع فعل الرؤية البسيط فوق الخيال، كما تضع الأبصار في مكانة أعلى من المعرفة[8] ...".


وهذا يعني أن الفنان في هذه المدرسة أو المصور إنما يُعن بتسجيل ما يرى لا ما يعرف، وذلك تطبيقًا للحكمة التي وضعتها هذه المدرسة وهي: "سجل الانطباع البصري تمامًا على نحو ما ترى[9]".


وبذلك يكون للشكل الأثر الكبير في إنتاج أي عمل فني، حيث بدأ الموضوع يغيب عن الساحة تحت طغيان الشكل.. وكان لهذا أثره البعيد في تطور الفن الحديث.


وكان من آثار "التأثيرية" في مطلع القرن العشرين في فرنسا ظهور ما عرف ب"التكعيبية" على يد المصورين: جورج براك (1882 – 1963م) وبابلو بيكاسو (1881 – 1975م).


و"التكعيبية" هي إبراز الأشكال جميعها - سواء أكانت لأشخاص أم لأشياء - على هيئة مكعبات صغيرة تغطي سطح اللوحة، متراصة فوق بعضها، أو متداخلة، تظهر فيها الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والارتفاع.. عن طريق اللون والظل..


وكانت لوحة بيكاسو (فتيات افينيون) عام 1907م بداية لهذا الفن الذي أصبح بيكاسو رائده الذي يشار إليه بالبنان.


وظهرت بعد ذلك التكعيبية التحليلية والتكعيبية التركيبية...


وغاب "الموضوع" أكثر وأكثر في اللوحات التكعيبية وسيطر الشكل على اللوحة سيطرة كاملة، وهذا ما جعل التكعيبية بداية لما عرف بعد ذلك ب(الفن التجريدي).


والتجريدية مدرسة قلبت موازين الفن رأسًا على عقب، فهي تعنى بالشكل لونًا وخطًا، ولا تهتم بالموضوع أبدًا، فقد استغنت عنه نهائيًا.


وهكذا تحرر الفن من الموضوع وأصبح الشكل كل شيء. سواء أكان يعني شيئًا، أم لا يعني شيئًا.


يقول "برتليمي": "الفن التجريدي هو الاستغناء عن الموضوع في اللوحة[10]". ثم تحدث بعد ذلك عن اللوحة التجريدية فقال: "إنها لوحة.. عبارة عن قطعة تصويرية فحسب، وما دامت لا تعبر عن موضوع ما، فإنها تصبح هي في ذاتها موضوعًا، قيمته في بنائه الداخلي وفي تنظيم عناصره وتماسك أجزائه، وهي تشبه في هذا قطعة موسيقية ليست في حاجة لكي تبرر وجودها إلى أن تعني شيئًا[11]".


ونتيجة لهذا عرف الفن التجريدي بأنه: فن بلا مضمون. ونستطيع أن نميز في التجريدية مذهبين:

(1) التجريدية اللونية: وقد تزعمها المصور الروسي "فاسيلي كاندينسكي" (1886 – 1944م)، الذي جعل الموسيقى مثله الأعلى في التصوير.


(2) التجريدية الهندسية: وقد تزعمها - أيضًا - المصور الروسي "كازيمير مالفيتش" (1878 – 1935م) وتعتمد على التركيز على الأشكال الهندسية، وهو صاحب اللوحة المشهورة والتي هي عبارة عن مربع أسود فوق خلفية بيضاء.


ويعد المصور الهولندي "موندريان" (1872 – 1944م) من البارزين في هذه المدرسة. يقول عنه برتليمي: "إنه ذهب إلى حد استبعاد كل عنصر تشكيلي غير الخط المستقيم والزاوية القائمة، واعتبار الخط المائل سرابًا لا لزوم له[12]".


ولئن تحرر الشكل من مضمونه في التجريدية ومقدماتها، فإن مذاهب أخرى اتجهت وجهة ثانية، حيث أرادت من الفنان أن يفرغ من الواقع فيرتقي فوقه، كما أرادت له أن يتحرر من الوعي ليبحث عن اللاوعي، وأصبح "الوهم" هو المطلوب. إذ هو المضمون الذي يبحث عنه الفنان ليلبسه الرداء المناسب من خزانة عقله الباطن...


هذه المذاهب هي ما عرف ب"الرمزية" و"السريالية"...


"فالرمزيون لا يهتمون بالموضوع كما هو في الخارج"، بل يحاول الفنان الرمزي أن يستبطن مشاعره وأن يعبر عنها دون التزام بحقيقة الموضوع الخارجي، فالفن تعبير شخصي. يقول سيزان: لم أحاول أن أكرر الطبيعة في عملي. - أي أن أقدم نسخة مطابقة لها - بل إني أعبر عنها. ا.هـ أي أنه لا ينقل عن الموضوع أو الإحساس المرتبط بالموضوع بل يلجأ إلى نفسه وإلى مشاعره الباطنية[13]".


وفي السريالية نجد "طرازًا من الفنانين السرياليين (فوق الواقعيين) يبلغ من اكتمال صفة الانطوائية ألا تداخله أية رغبة أخرى عدا التعبير - من خلال الآلية الذاتية الحركة لوجداناته - عن الصور الكامنة عنده في اللاشعور...


ويحاول الشخص السريالي إسقاط طاقته النفسية اللاشعورية على الأشياء الخارجية[14]".


وهكذا لم يعد الشكل يُرى كما هو في واقع الحال، ولم يعد المضمون يدرك من خلال العقل الواعي.. بل من خلال اللاوعي.. وضاعت هوية الشكل كما ضاعت هوية المضمون.


تلك كانت إلمامة سريعة بالخطوط العريضة لبحث "الشكل والمضمون". ويحسن بنا أن نقف وقفة تأمل نستطلع فيها الأسباب التي كانت وراء ذلك:

(1) إن الفن لم يكن في عزلة عن المجتمع في يوم من الأيام، ولذا فهو متأثر به ومتفاعل معه، رضيت بذلك المذاهب التي ترتفع بالفنان فوق البشر أم لم ترض.


وإذا كانت هذه حقيقة مقررة، فمما لا شك فيه أن الفن الحديث تأثر إلى مدى بعيد بالنظريات الفلسفية التي سادت الحياة الأوربية، وفي مقدمتها: نظريات المادة وفلسفات العبث. ويكفي أن نذكر على سبيل المثال أن "بيكاسو" رائد التكعيبية كان صديقًا ل"سارتر" (1905 - 1980م) أحد أعلام الوجودية، وكذلك لعذارئه "سيمون دي بفوار" - الوجودية الكبيرة - وواضح في الكثير من لوحات بيكاسو تأثره بعبث الوجودية وفلسفتها.


(2) إن كل فن له خصائصه التي تميزه، وميدانه الذي يعمل فيه، ولغته التي يعبر بها، وحينما نطلب من فن ما إن يؤدي مهمة فن آخر فإننا لن نصل إلى الإبداع إن لم نصب بالفشل.


وهذا ما حدث لفن التصوير أو الرسم إذ جعل بعض الفنانين هدفهم أن يصلوا به إلى مستوى فن الموسيقى، وجعل بعضهم الآخر هدفه الوصول به إلى مستوى فن المعمار، ومن المعلوم أن كلا الفنين (الموسيقى والمعمار) يتحد فيها الشكل والمضمون، أو لنقل إن الشكل هو المضمون. والرسم فن آخر غير الموسيقى وغير العمارة.


وقد أدى هذا الاتجاه إلى ظهور أعمال فنية نترك للقارئ الحكم على مقدار فنيتها كلوحة "مالفيتش" التي كانت مربعًا أسود فوق خلفية بيضاء، وكان من دفاعه عنها تجاه النقد الذي وجّه إليه: "بأن المربع كان مليئًا بكل المشاهد المرئية المرفوضة التي لم تظهر في اللوحة، فالمربع هو الغياب التام لكل شيء، وكان هذا المربع في حالة حمل لأنه كان مفعمًا بالمعاني، فهو ذروة التجريد الذاتي[15] ..".


ولكن "مالفيتش" الذي أتقن فلسفة الهندسة التي أعجب بها، غابت عنه فلسفة الألوان، فقد جعل مربعه باللون الأسود، واعتبره مليئًا بكل المشاهد.. وأنه الغياب التام لكل شيء.. ولكن "الأسود" ليس لونًا في رأي الفقيه ابن حزم الأندلسي[16] (384 - 456ه) (1066م). كما أكد ذلك فيما بعد بزمن طويل "أوجين شيفرول" عام (1839م) في كتابه (في قانون التزامن المتغاير لألوان الأشياء وعلاقة ذلك بالرسم) حيث برهن على أن "الأسود" غير موجود وأن لون الليل هو البنفسجي الغامق[17].


وإذا كان "الأسود" ليس لونًا فلن يُغيب شيئًا.


(3) إن الخروج على سلطان الكنيسة علَّم الأوربيين الخروج على كل شيء وأصبح التحلل من كل سلطان سمة العصر الحديث. وما المدارس الفنية المتعاقبة إلا البيان العملي لهذا التحلل، فكل مدرسة تريد التحلل من القيود التي فرضتها مدرسة قبلها.. حتى وصلنا إلى الدادية والسريالية والتجريدية.. وما كان عيبًا فنيًا في يوم من الأيام أضحى غاية وهدفًا وجمالاً...


(4) كما كان للثورة الأدبية في فرنسا أثرها الكبير في سير المدارس الفنية حتى بانت تسمية المدارسة الأدبية نفسها تسمية لبعض المدارس الفنية...


إن هذه الأسباب وغيرها كانت عوامل في تداعي الفن وهبوط مستواه وفقدانه الكثير من مقوماته. ولعل ما قاله "جوته"[18] عن آثار الثورة الأدبية في فرنسا على الأدب ينطبق تمامًا على الفن. قال جوته:

"لا يمكن تجنب التطرف في أية ثورة، فالثورة السياسية في مبتداها لا تبتغي غير إزالة الفساد، ولكنها توغل بعد في الإرهاب وسفك الدماء، وهذا شأن الثورة الأدبية الفرنسية اليوم، فهي لم تكن تبتغي في مبتداها شيئًا غير أن تظفر بقدر أكبر من الحرية في الشكل، ولكنها لم تتوقف عند تلك الطلبة بل تجاوزتها إلى رفض المضامين الموروثة ورفض الشكل معًا. لقد أخذوا يعدون تمثيل العواطف السامية والأعمال النبيلة ثقيلة على النفس وباعثة على التقزز فأبدلوا الموضوعات الجميلة.. وأتوا بموضوعات عن الشياطين والسواحر والجن. وأحلوا المشعبذين وعبيد البحر محلة أبطال القديم العظماء[19] ..".


ويبدي "برتليمي" حزنه الشديد لما آتت إليه حال الفن فيقول: "ما من شيء يبعث فينا الاكتئاب أكثر من بعض معارض فن يدعي أنه تجريدي، حيث لا نرى لوحة إلا نادرًا، ولا نرى فيها أية صورة، هذه تجربة عدم الكيان التشكيلي، وهي تجربة لا تعويض فيها[20]".



[1] فلسفة الجمال في الفكر المعاصر. العشماوي ص 152 - 153.

[2]المصدر السابق ص 153.

[3]فلسفة الفن في الفكر المعاصر. زكريا إبراهيم ص 50.

[4]فلسفة الجمال. أبو ريان ص 38.

[5]فلسفة الجمال. العشماوي ص 164.

[6]فلسفة الفن. زكريا إبراهيم ص 50.

[7]المصدر السابق ص 224.

[8]علم الجمال. الديدي ص 100.

[9]المصدر نفسه ص102.

[10]بحث في علم الجمال, برتليمي ص 256.

[11]المصدر نفسه ص 258.

[12]بحث في علم الجمال. برتليمي ص 257.

[13]فلسفة الجمال الهامش, أبو ريان ص 216 نقلاً عن الفن المعاصر هربرت ريد 51.

[14]التربية عن طريق الفن. هربرت ريد ص 137 - 138.

[15]علم الجمال. الديدي ص 132.

[16]انظر الملل والنحل لابن حزم 5/137 حيث تجد البحث مفصلاً في ذلك.

[17]مجلة الفيصل عدد 53 عام 1401ه ص 46 موضوع أعده د. فوزي الأحدب.

[18]جوته (1749 – 1832) شاعر وكاتب ومسرحي وروائي ألماني. يعدونه أعظم أدباء ألمانيا.

[19]في النقد الحديث. د. نصرت عبد الرحمن ص 136. مكتبة الأقصى عمان ط1.

[20]بحث في علم الجمال. برتليمي ص 258.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حقيقة الجمال
  • علم الجمال
  • خصائص الجمال ومقاييسه
  • الوجودية والجمال
  • الحق والخير والجمال
  • الإسلام والجمال
  • الألفاظ الجمالية ( التعريف بالجمال وحقيقته ومكانته )
  • الجمال مقصود
  • الجمال في الكون
  • وسائل جمالية
  • الفطرة .. والجمال
  • أثر الجمال في النفس
  • الجمال .. وسيلة اختبار
  • الجمال جزاء العمل الصالح
  • كلمة في المنهج والجمال (1)
  • كلمة في المنهج والجمال ( الإنسان )
  • الطبيعة في التصور الإسلامي
  • نتائج سلوكية للعلم

مختارات من الشبكة

  • ألعاب فترة الاستقبال للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • منهج المحدثين بين الشكل والمضمون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التذوق الأدبي بين الشكل والمضمون(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بناء النشرة الإخبارية في قناة اليمن الفضائية: دراسة في الشكل والمضمون (PDF)(رسالة علمية - ثقافة ومعرفة)
  • الظاهر والباطن .. الشكل والمضمون(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المصرفية الإسلامية: الشكل والمضمون!!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الشكل في نظرية الأدب القائد(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • التنقل أيضا شكل من أشكال الفنون(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من جماليات الشكل: الطيب والعطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من جماليات الشكل: العناية بالشعر وتقليم الأظافر(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وعرفان وطلب
الداودي محمد - الجزائر 10-05-2016 03:49 PM

شكرا لكم على المعلومة وأتمنى المزيد وبارك الله لكم وفيكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب