• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الاعتراف بحقوق العقل والتحاكم إليه

الاعتراف بحقوق العقل والتحاكم إليه
الشيخ أبو الوفاء محمد درويش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2012 ميلادي - 20/1/1434 هجري

الزيارات: 5438

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاعتراف بحقوق العقل والتحاكم إليه


غبر الناس حينًا من الدهر يخضعون لتقاليد يفرضها عليهم سادتهم - وكبراؤهم، ويلزمونهم الإيمان بها إلزامًا، ويفرضون اعتقادها عليهم - فرضًا، فإن تطلعت عقولهم إلى إدراك حكمة هذا التكليف، أو سر هذا الفرض، ألزموا بأن يقدعوها ويصدوها عن سبيل تطلعها، ويردوها على مكروهها صاغرة، ذلك بأنهم كانوا يرون البحث والنظر إثمًا وإلحادًا، وإعمال العقل في التكاليف والشرائع طغيانًا وكفرًا، فإن سألهم سائل عن شيء من ذلك عدوه خارجًا على سلطان الدين، مارقًا من تعاليمه، مستوجبًا أقسى العقوبات في الدنيا، والهلاك الأبدي في الآخرة.


كانوا يفرضون على أتباعهم أن يؤمنوا قبل كل شيء، ويوهمونهم أنهم إذا آمنوا كشف الإيمان لهم أسرار ما يجهلون وهداهم إلى حقيقة ما هم عنه سائلون.


وخفي عليهم أن الإيمان تصديق لا ترغم عليه النفس إرغامًا، ولا يكره عليه العقل إكراهًا.


لو أن الإيمان عمل من أعمال الجوارح لأمكن إرغام الإنسان على القيام به، وإكراهه على إتيانه إن لم يأته طائعًا مختارًا.


ولكن الإيمان انفعال يقوم بالنفس بعد التصور الصحيح المنتج، فإنك لا تستطيع أن تؤمن بأن البلس حلو إلا إذا تصورت البلس، وتصورت الحلاوة، ثم فكرت في الارتباط بينهما، فإذا عرفت أن البلس هو التين، ثم ذقته وتصورت إمكان الحكم بالحلاوة عليه آمنت بعد ذلك إيمانًا جازمًا لا يطوف بجانبه الشك بأن البلس حلو.


أما إذا أكرهت على القول بأن البلس حلو، وأنت لا تدري ما البلس، لم يكن لقولك هذا أثر في نفسك وقلبك، إنما قول باللسان، لا يصدقه الجنان.


وكذلك إذا أكرهت على أن (الآزوت) أخف من الهواء وأنت لا تدري ما (الآزوت) لم يكن قولك إيمانًا يطمئن به القلب، وتسكن إليه النفس، إنما هو قول بالأفواه لا يتجاوز الشفاه.


وكذلك ظل العالم ردحًا من الدهر ضاربًا في مهامه الجهالة، خابطًا في ظلمات العشوة، تائهًا في أرجاء حيرة عمياء، لا يهتدي فيها إلى الحق سبيلًا.


فلما انبلج فجر الإسلام، وأشرقت شمسه، وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحنيفية السمحة لم يطلب إلى الناس أن يؤمنوا إلا بما قامت عليه بينة العقل وأثبتته حجة النظر.


أراد أن يدعو الناس إلى الإيمان بالخالق، فلم يفرض ذلك عليهم فرضًا، ولم يكرههم عليه إكراهًا، إنما سلك بهم السبيل التي تفضي بهم إلى الإيمان، فنبههم إلى آثاره في الوجود؛ حتى إذا نظروا إليها وفكروا في أصلها، هداهم التفكير إلى الإيمان، وساقهم النظر إلى اليقين، ولم يكن إيمانهم اتباعًا ولا محاكاة، ولكن تصديقًا ويقينًا.


قال الله تعالى:﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [يونس: 101].

وقال تعالى:﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾ [الغاشية: 17 - 20].


وقال تعالى:﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنـزلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164].


هذا النظام المحكم البديع، وهذا الكون الرائع العجيب، سماء ذات فجاج؛ وليل ونهار قدرت أطوالهما تقديرًا دقيقًا، يختلفان قصرًا وطولًا طوعًا لاختلاف فصول العام، مع احتفاظ كل بالطول الذي قدره الله له، في الزمن الذي يأتي فيه فلا يزيد ثانية، ولا ينقص ثانية منذ خلق الله السموات والأرض والشمس والقمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.


وهذه الفلك تجري في البحر يستوي على ظهرها الناس والأمتعة والثمرات والمتاجر والغلات، ولو ألقي أدق دسار من دسرها في الماء لغاص إلى الأعماق، واستقر في قرار بعيد، ولكنها بالرغم من ثقلها تطفو على وجه الماء تبعًا لنواميس كونية خاصة أبدعها مبدع الكائنات وباسط الأرض، ورافع السموات، ذلك تقدير العزيز الحكيم.


وهذه الكرة الأرضية العظيمة التي فطرها بحكمته، وجعل نحو ثلاثة أرباعها مغمورًا بماء ملح أجاج لعلمه تعالى أن هذا القدر هو اللازم لتنظيم دورة المطر، وحركة التيارات البحرية، وما يترتب عليها من نتائج لازمة لنظام العمران.


لم يجعل ذلك الماء عذبًا لئلا يأسن وتنتشر منه أسباب المرض والموت على الأرض.


ثم اقتضت حكمته أن يسقط عليه أشعة الشمس فيتبخر، وأن يرسل عليه الرياح فتثير منه سحابًا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفًا ثم يزجيه إلى بلد ميت فينـزل به الماء فيحيي به الأرض بعد موتها ويخرج به من كل الثمرات.


كل هذه الظواهر آيات ناطقة بقدرته، شاهدة بحكمته، دالة قبل كل شيء على وجوده، وأقل تدبر لها يهدي العاقل إلى حقيقة الإيمان، ويسوقه إلى عين اليقين.


ولما أراد جلت قدرته أن يدعو الناس إلى الإيمان بالبعث والنشور، لم يكرههم على الإذعان، ولم يرغمهم على الإيمان.


بل ناجى عقولهم، وخاطب أفهامهم فقال تعالى:﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾ [القيامة: 36 - 40].


وقال تعالى:﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 78 - 83].


وقال تعالى:﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ﴾ [الأنبياء: 104].


وقال تعالى:﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [غافر: 57].


فهذه الآيات الكريمة تضمنت البراهين المقنعة، والحجج الدافعة؛ التي لو وجه الناس إليها أشعة عقولهم لساقتهم إلى حظيرة الإيمان الذي لا يجد الشك إلى العبث به سبيلًا، ولامتلأت أفئدتهم يقينًا بأن الله قادر على أن يعيد الناس إلى الحياة لتجزى كل نفس بما كسبت.


ولما أراد الله أن يدعو الناس إلى التوحيد الخالص، ونبذ الشرك ناجى عقولهم بهذه الحجج البالغة التي لا تدع للشك مجالًا إذا تدبرها أولو الألباب، واستبصر بها المستبصرون فقال تعالى:﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الروم: 28].


وقال تعالى:﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الحمد لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل: 75 - 76].


وقال تعالى:﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 22 - 24].


وقال تعالى:﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأحقاف: 4].


أي منطق أصدق، وأي برهان أنصع، وأي حجة أدفع من هذه الآيات التي تأخذ بأيدي الناس وتسلك بهم سبيل الحق في الاعتقاد إن كانوا يعقلون.


زعم كفار مكة أن النبي عليه الصلاة والسلام يتلقى القرآن من بعض أهل الكتاب؛ فردّ الله عليهم زعمهم، وأقام الحجة على فساد قولهم بهذه الآية البينة:﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النحل: 103].


فما أبلغه من رد وما أشد إفحامه للخصم؛ وما أقدره على رد كيد الكائدين!


أجل، هذا أبلغ رد على من يحمله الغباء على أن يزعم مثل هذا الزعم الباطل؛ لأن من لا يملك شيئًا لا يستطيع أن يمنحه لغيره أو كما يقولون: (فاقد الشيء لا يعطيه).


ولما زعموا أن القرآن أثر من آثار النبي صلى الله عليه وسلم وعمل من أعماله ردّ عليهم بالدليل العقلي المقنع؛ فقال تعالى:﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنـزلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [هود: 13 - 14].


فلما تبين عجزهم قال لهم: ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23].


فلما استبان عجزهم وقصورهم قال لهم:﴿ أتوا بآية ﴾ [1].


وتلك أقصى غايات الإنصاف في مجادلة الخصم مع الاختصام إلى حكم العقل، والاحتكام إلى الدليل العلمي الذي يؤيده الواقع فهل من وراء ذلك غاية تبتغى لتأييد العقل وأحكامه والتخاصم إليه؟


ولو رحت أسرد لك أدلة القرآن العقلية التي أدحض بها مزاعم الكفار وأبطل بها دعاواهم لكتبت سفرًا خاصًا في منطق القرآن وأدلته العقلية؛ ولضاق وقتي ووقتك وصحيفة الهدي النبوي فلأقف عند هذا الحد.


والسنة المطهرة حافلة بما ينصر العقل، ويؤيد ما له من حق، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس، اعقلوا عن ربكم، وتواصوا بالعقل، تعرفوا ما أمرتم به وما نهيتم عنه، واعلموا أنه ينجدكم عند ربكم"[2].


قال أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: "لا يعجبكم إسلام رجل حتى تعرفوا ماذا عقده عقله"[3].


جلس قوم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفاضوا في الحديث فأثنوا على رجل فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: "كيف عقل الرجل؟" فقالوا: نخبرك عن اجتهاده في العبادة وأصناف الخير وتسألنا عن عقله؟ فقال: "إن الأحمق يضل بجهله أكثر من فجور الفاجر، وإنما يرتفع العباد غدًا في الدرجات الزلفى عند ربهم على عقولهم"[4].


وصفوة القول أن الشريعة المطهرة قررت أن العقل مناط التكليف وأداة التمييز بين الحق والباطل.


وقد قال تعالى ناعيًا على من عطل عقله: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ [الأعراف: 179]، وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10].


وقليل من التأمل المنصف في هذه النصوص يقفك على أن هذا الدين الحنيف يحض على النظر والتأمل، والتفكير والتدبر، والاحتكام إلى العقل، والاهتداء بنوره.


ولاشك أن التفكر أول مدارج الرقي البشري، ولم يرتق الإنسان في سلم الحضارة والمدنية إلا باستعمال العقل والفكر، ولولا ذلك لبقي على فطرته الأولى.


نسأل الله أن يوقفنا للانتفاع بعقولنا والاستفادة بمواهبنا، والاستمساك بديننا حتى نهتدي سواء السبيل.

 


 

[1] لعل المقصود بالمعنى في قوله تعالى: ﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ﴾ [الطور: 34].

[2] رواه الحارث بن أبي أسامة (825).

[3] رواه القضاعي في مسند الشهاب (941 - 943).

[4] رواه الحارث (814). قال المناوي في المصنوع ص 256: موضوع.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإنسان بين العقل والأهواء
  • نعمة العقل ودوره في فهم النقل
  • درء تعارض العقل مع النقل
  • العقلانية.. هل هناك تعارض بين العقل والنقل؟
  • دور العلم والعقل في قيادة الناس
  • تحاكم المسلمين في الغرب أمام القضاء غير الإسلامي

مختارات من الشبكة

  • العلاقة بين القرآن والعقل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أوكرانيا: البرلمان يرفض الاعتراف بحق تتار القرم في الأرض(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من خصائص الإسلام : أنه دين يدعو إلى إعمال الفكر والعقل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العقل والقلب أين موقع "العقل" من جسم الإنسان؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العقل المظلوم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العقل في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مقتضيات تعظيم الوحي(مادة مرئية - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • صور من ذكاء وكمال عقل الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية العقل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مفهوم العقل في اللغة والاصطلاح(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب