• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الدور القيادي للعلماء والفقهاء

الدور القيادي للعلماء والفقهاء
د. محمد محمد بدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/1/2017 ميلادي - 20/4/1438 هجري

الزيارات: 5112

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدور القيادي للعلماء والفقهاء


كانت "الفكرة و"العقيدة" هي أساس الدعوة الإسلامية، فأقبلَ عليها من وهبهم الله الذكاء وتوقد البصيرة، وآمن بها "أُولو الألباب" الذين ترقى عقولهم إلى تذوق الأفكار، وترقى نفوسهم فوق التلهي بالحاجات اليومية الصغيرة التي تدور حول الغذاء والكساء والمأوى!

 

وحين نجحت الدعوة الإسلامية في إقامة الدولة، كانت هذه الدولة هي دولة "الفكرة" وتولى قيادتها "أولو الألباب" و"الفقهاء" الذي أحسنوا استعمال قدرات الأمة ودفعوا بها إلى التمكين والنصر، فأصبحت هي أمة الريادة البشرية التي بسطت جناح رحمتها على المجتمع البشري كله.

 

وهكذا هي كل أمة يتولى زمام أمورها "فقهاء" يفقهون قوانين بناء المجتمعات ويحسنون تطبيق هذه القوانين، فتتقدم أممهم وتنتصر «أما الأمة التي يتولى زمام أمورها "خطباء" يحسنون التلاعب بالمشاعر والعواطف، فإنها تظل تتلهى بـ"الأماني" التي يحركها هؤلاء الخطباء، حتى إذا جابهت التحديات لم يفقهوا ما يصنعون، وآل أمرهم إلى الفشل وأحلوا قومهم دار البوار»[1].

 

ولأن القيادة في الأمة بهذا القدر من الأهمية، فإن الإسلام يضع لها مواصفات خاصة وشروطًا دقيقة، لكي يضمن سير الأمة في الطريق الصحيح، ويحول دون تصادم وتناقض الأفكار والنشاطات في المجتمع مما يخلق العقبات أمام تقدم المجتمع، ويؤدي به إلى التخلف.

 

ولو نظرنا إلى الأمة الإسلامية اليوم لوجدناها تعاني من التخلف الشامل، وتزحف وراء غبار الركب البشري مع الزاحفين المنقطعين!! ورغم رسالتها الإلهية العظيمة وما حباها الله عز وجل من موارد هائلة وإمكانات عظيمة، رغم كل ذلك فهي فريسة الأمراض المادية والمعنوية من الداخل، وفريسة الغزوات من الخارج؟!.

 

ولا شك أنه في مقدمة الأسباب التي أدت بالأمة إلى هذا الواقع الأليم، أن الذين يتولون أمور الأمة (خطباء) لا فكرة لديهم إلا الاستبداد والسيطرة بالقوة، ولا يملكون روابط إلا روابط العصبية والحمية الجاهلية، ولا (فقه) لديهم لتقدير المواقف التي تمر بها الأمة، واستعمال قدراتها لمواجهة تلك المواقف!

 

وهم لا يملكون عند سماع نذير الصراع مع أعداء الأمة، إلا التشنج وإلقاء (الخطب)، مقلدين في ذلك إمامهم الأول أبا جهل الذي لم يفعل شيئًا حين سمع نذير المعركة مع المسلمين في بدر، إلا «التشنج وإلقاء (خطبته) النارية التي قال فيها: والله لا نرجع حتى نرد بدرًا، فنشرب الخمر، وتغنينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرتنا فلا يزالون يهابوننا أبدًا!!»[2].

 

وكما فعل أبو جهل، فعل ورثته من (الخطباء) ورأينا أحدهم حينما انطلق نذير الصراع في إحدى معارك الأمة، يطبق ارتجالية أبي جهل، ويلقي (خطبة) نارية يقول فيها: والله لا نرجع حتى ندخل تل أبيب، وتغنينا أم كلثوم، ونهزم إسرائيل ومن وراء إسرائيل!

 

إن هؤلاء (الخطباء) لا يفقهون «أن قوة المجتمعات إنما يحققها تكامل (الفكر والسياسة)، وتلاحم جهود الممثلين لكل منها طبقًا لقاعدة معينة خلاصتها أن السياسة تدور في فلك الفكر وأنه حين تنعكس هذه القاعدة تبدأ الحضارات في التخلف، والمجتمعات في الضعف حتى تؤول إلى الانحطاط والانهيار»[3].

 

ولأنهم لا يفقهون هذا القانون من قوانين بناء المجتمعات، فهم على قطيعة دائمة مع رجال الفكر، بل إن هذه القطيعة قد ترتفع إلى درجة الصدام وتحطيم الرؤوس المُفكرة، حتى إذا انفرد رجال السياسة في معارك التحديات مضوا مكبين على وجوههم - إلا من حداء المنافقين من الإعلاميين والصحفيين - ووقعوا ضحية الارتجال والجهل والهوى وآل أمرهم إلى الحبوط والفشل الذريع.

 

إن حاجة رجال السياسة إلى رجال الفكر حاجة شديدة وماسة، لأن الفكر هو الذي يمد القيادة السياسية بالسداد وحسن التدبير، ولذلك فإن الانشقاق بين رجال الفكر ورجال السياسة هو في حقيقته تدمير للقيادة الحكيمة في المجتمع، وتركه فريسة للأهواء والجهالة والارتجال.

 

ومن هنا فإن الأصول السياسية الإسلامية تؤكد أن (أولي الأمر) الذين قرن القرآن طاعتهم بطاعة الله والرسول هم: العلماء والأمراء، وليسوا الأمراء أو الحكام وحدهم.. بل إن ابن تيمية بعد أن يقدم عرضًا مطولًا لتفاسير علماء الصحابة لمعنى (أولي الأمر) يؤكد أن رأي الأكثرية هو أنهم العلماء وحدهم. وأن العلاقة بين رجال الفكر ورجال السياسية يضبطها قول الله عز وجل: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25].. فقوام الدين بكتاب يهدي، وسيف ينصر ﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 31].

 

ودين الإسلام: أن يكون السيف تابعًا للكتاب، فإذا ظهر العلم بالكتاب والسنة، وكان السيف تابعًا لذلك، كان أمر الإسلام قائمًا.. وأما إذا كان العلم بالكتاب فيه تقصير، وكان السيف تارة يوافق الكتاب، وتارة يخالفه، كان دين من هو كذلك بحسب ذلك...

 

ولقد كان عصر النبوة والخلافة الراشدة تطبيقًا للمعادلة القرآنية بين رجال الفكر، ورجال القوة. فقد كان (فقهاء الرسالة) يتصدرون مواقع الإمامة في الأمة ابتداء من إمامة الصلاة، حتى إمامة المجتمع كله... وكان النبي صلى الله عليه وسلم دائم التحذير من اختلال المعادلة بين رجال العلم، ورجال القوة، ومن خطورة هذا الاختلال على مستقبل الأمة المسلمة، ومن ذلك قوله: «خذوا العطاء ما دام عطاء فإذا صار رشوة في الدين فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه، يمنعكم الفقر والحاجة. ألا إن رحى الإسلام دائرة، فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم، إن عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم». قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: «كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم، نشروا بالمناشر، وحملوا على الخشب. موت في طاعة الله، خير من حياة في معصية الله»[4].

 

ولا شك أنه من الموضوعية أن نقول إن اختلال المعادلة بين رجال الفكر، ورجال القوة في الأمة الإسلامية، لا يقتصر على الدول وإنما يشمل أيضًا (بعض) الحركات والتجمعات الإسلامية «فهذه أيضًا تفترض العلم والحكمة والقدرة على التنفيذ في أصحاب القوة والثروة والمكانة الاجتماعية من أعضائها، في الوقت الذي تفتقر إلى المؤسسات المتخصصة بالفكر والبحث العلمي، فالفكر في أوساطها قضية فردية حيث يظهر المفكر الفرد بينها بشكل عشوائي ثم يكافح وينمو بجهوده ونفقاته الخاصة حتى إذا نضج فكره وشاع، استثمرت أفكاره لكسب مزيد من التأييد والانتشار[5]». وحيث ينتهي أمر المفكر ويتوقف إنتاجه ولا تحظى أفكاره بالقبول، أو يصيب التطرف تطبيقاتها، تتبرأ الجماعة من المفكر وأفكاره، وتلقى المسؤولية عليه وحده.. وتعود إلى الحركة القائمة على الارتجال وردود الأفعال لما تطرحه مؤسسات الإعلام المحلية والعالمية.. فتقتصر دعوتها على الخطابة والانفعال القائم على جهل بالنفس البشرية ومفاتيحها.. وتصبح وليس لديها «مؤسسات لإخراج من يدعو بـ(الحكمة).. أو مؤسسات لإعداد المفكرين المختصين بـ(الجدال الأحسن) الذي يخاطبون الفكر الإنساني كله بـ(أحسن) مما عنده، كما تفتقد هذه الحركات أية مؤسسات لـ(شهود) ما يجري في قرية الكرة الأرضية، و(قراءته) قراءة راسخة محيطة تمهد لـ(حكمة) التخطيط والتنفيذ[6]» القادرة على الإفادة من سنة التدافع الحضاري، وتسخير التخصص في خدمة الفكرة والعقيدة.

 

ولكي تصل الحركة الإسلامية إلى هذه (الحكمة) في التخطيط والتنفيذ، فإنه من الضروري أن توقف التباري بين فصائلها في القدرة على الخطب والحماس ورفع الأصوات وسماكة الحناجر.. وتبدأ بداية جادة في علاج واقعها وواقع الأمة الإسلامية، فتضع في قمة أولوياتها «إفراز (فقهاء) يحلون محل (الخطباء) لتحليل المشكلات ودراسة التحديات، وتبحث عن الموهوبين من الأجيال الناشئة، وتقوم بتنمية مواهبهم ورعايتها حتى تقوم (المدرسة الفكرية) و(القيادات المهنية) التي تُوجد (المؤسسات التطبيقية) المتخصصة وتوجهها، ثم تنظم العلاقة بين الطرفين في إطار الأمة الموحدة»[7].

 

وهكذا يصبح لدى الحركة الإسلامية «مجموعتان.. مجموعة فكرية، ومجموعة تطبيقية، فأما المجموعة الفكرية: فمهمتها ابتكار الإستراتيجيات اللازمة في جميع الميادين وتطوير هذه الاستراتيجيات حسب متطلبات الزمان والمكان.

وأما المجموعة التطبيقية: فمهمتها تنفيذ الجزء المتعلق بميدانها من الإستراتيجيات التي أفرزتها المجموعة الفكرية»[8].

 

ولا شك أن إفراز (الفقهاء) الذين يكون منهم المجموعة الفكرية والمجموعة التطبيقية يحتاج إلى عدة أمور:

يحتاج أولًا: «لنظام تربوي محكم يحسن تصنيف المصادر البشرية المتمثلة في الأجيال الناشئة، وإعدادها عقائديًا ونفسيًا ومهنيًا بحيث يراعي هذا الإعداد فرز (أولى الألباب) لميادين القيادة،.. كما لا بد مع هذا النظام التربوي من نظام تنموي يحسن توظيف الطاقات التي تنضج تبعًا لقدراتها العقلية واتجاهاتها النفسية واستعداداتها الجسدية وأدائها المهني بعيدًا عن مؤثرات العلاقات والروابط الشخصية ومقاييس العصبية والإقليمية الطبقية»[9].

 

ولأن صبغة الأمة ستترك بصماتها على نوعية الأفراد الذين يتسابقون إلى محور هذه الأمة وقطب رحاها، فإن إفراز (فقهاء) الأمة يحتاج ثانيًا: إلى تغيير (المحور) الذي يتنافس عليه أبناء الأمة من محور المال والترف، إلى محور العلم والعقيدة، فيكون تنافس الأفراد في العلم والعمل الصالح، ويكون تسابقهم نحو تزكية النفس، فتنمو القيادات الربانية، ويتسلم (الفقهاء) قيادة الأمة ولأن الحركة الإسلامية هي التمهيد الواقعي لدولة الإسلام، فلا بد أن تكون القيادة فيها لـ (أولي الألباب) و(الفقهاء).. ولا بد أن يكون الولاء فيها للمبدأ والفكرة وليس للشخص والمصلحة!!.

 

ولكي تحقق الحركة الإسلامية هذا الهدف، لا بد أن يكون اختيار القيادة فيها تبعًا لما تقدمه هذه القيادة من (برنامج عمل) يستطيع الوصول بالحركة الإسلامية إلى أهدافها بأيسر السبل وأفضلها.

 

ولا شك أن هذه الطريقة التي تختار برنامج العمل قبل اختيار (الشخص) الذي يمثله، ستؤدي بالضرورة إلى إعادة الفكر إلى المكانة اللائقة به. «فعلى صعيد القادة ستدفع هذه الطريقة في الاختيار كل قائد إلى أن يتحرى بدقة مناهج العمل الإسلامية وظروف الحركة الإسلامية، والواقع السياسي والثقافي الذي يحيط به، وسيدفعه ذلك إلى القيام بدراسات واسعة ليحدد خيارًا واضحًا يراه المنهج المفضل للعمل.. وعلى صعيد أفراد الحركة الإسلامية، ستؤدي هذه الطريقة في اختيار القادة إلى أن يدرسوا برامج العمل المطروحة عليهم، ويوازنوا بينها، ويختاروا الأصلح منها.. وهذا - بلا شك - يُغني (فكرهم) ويدفع عقولهم إلى التفكير والاهتمام.

 

كما أن هذه الطريقة في الاختيار ستجعل من يجلس في مكان القيادة، يجلس تبعًا لـ(أفكاره) و(برنامج عمله)، وليس تبعًا لـ(شخصه)، أو تبعًا لاختيارات غامضة لا يُعرف كنهها بدقة ووضوح.. فيؤدي ذلك إلى تحجيم ظاهرة الولاء للشخص إلا أن يكون هذا الشخص هو صاحب البرنامج الأفضل والأكثر سدادًا وخبرة وحكمة[10].

 

إن هذه الطريقة في اختيار القيادات هي التي تدفع الحركة الإسلامية من مرحلة المبادئ إلى مرحلة البرامج، وتنقل خطواتها من «مرحلة الخطب وزعامة المنابر إلى مرحلة الخطط ودراسة الاحتمالات ووضع الحسابات الدقيقة لكل حركة، أي: وضع الخطط المرحلية على ضوء رؤية شاملة للظروف المحيطة والإمكانات المتاحة، وإعطاء الزمن الكافي لإنضاج كل مرحلة وعدم استعجال الثمرة[11]» مما يحقق للحركة الإسلامية إحدى - بل أهم - عوامل الحيوية، وهي الاستراتيجية[12] الصائبة التي تهتم باكتشاف الواقع، وتحديد ردود الفعل المتوقعة أثناء العمل، كما تحاول تذليل العقبات والصعوبات التي تعوق الحركة، وتعمل على مواجهتها والتغلب عليها.

 

«إن النوايا الطيبة لا تكفي في الوصول إلى الأهداف، بل لا بد من (الصواب) وهو العمل المدروس المخطط له سلفًا الذي تؤخذ فيه كل الاستعدادات بدءًا من العلم الشرعي وانتهاء بالاستعداد المادي»[13]. والاستفادة من الرجال الذين جربوا الأمور وقلبوها ظهرًا لبطن.

 

«إن الدولة - أية دولة - لا تتكون إلا وَفْق ما يتهيأ لها من العوامل الفكرية والخلقية والمدنية في المجتمع، وكما لا يمكن أن تكون الشجرة منذ أول أمرها إلى أن يتم نماؤها شجرة كمثرى أو ليمون مثلًا، ثم إذا آن أوان إثمارها انقلبت شجرة تفاح أو رمان، كذلك الدولة الإسلامية، فإنها لا تطهر دولة إسلامية بطريقة خارقة للعادة بل لا بد لإيجادها وتحقيقها من أن تظهر حركة شاملة مبنية على نظرية الحياة الإسلامية وفكرتها، وعلى قواعد وقيم خلقية وعملية توافق روح الإسلام وتوائم طبيعته[14]» ولا بد أن يقوم بأمر هذه الحركة (فقهاء) لهم من علو الهمة، ونبل النفس، وإنكار الذات، ما يدفعهم إلى الاهتمام بأمور المسلمين، وتبني هموم الأمة.

 

«(فقهاء) يخططون للعمل الإسلامي آخذين في اعتبارهم الاستهداء بنور القرآن والسنة دون إهمال الأسباب المادية، حتى لا تسقط ثمرات العمل الإسلامي قبل نضجها. (فقهاء) يدركون أن القوة ليست بالحماس والانفعال، ولكن بالسعي الدائب للوصول إلى الهدف، والتخطيط لذلك، وضبط النفس أمام التحديات الخارجية التي تحاول الانحراف بالحركة الإسلامية عن خطتها من خلال الضغوط التي تمارسها ضدها من تشريد وقتل، لتخرجها عن توازنها، وتستدرجها إلى الصدام مع أعدائها قبل الإعداد له.

 

(فقهاء) يحاولون الوصول إلى أهداف الحركة الإسلامية بتوازن يحكم إحجامهم كما يحكم إقدامهم، فهم لا يستسلمون لزهو البطوة الانفعالي الذي يدفع الإنسان إلى اتخاذ المواقف من خلال سياسة اللحظة السريعة، وليس من خلال سياسة النفس الطويل»[15].

 

(فقهاء) يدركون ما في أيديهم فلا تختلط عندهم (الأمنيات) بـ(الإمكانيات)، وهم يبذلون الجهد لتحسين الإمكانيات، وإحداث التكامل بين جهود أفراد الأمة، والحفاظ على طاقاتهم من الإهدار.

 

(فقهاء) يوقنون أن القيادة الحقيقية هي قيادة القلوب وليس قيادة الأبدان قيادة الرضا وليست قيادة الضغط.. قيادة التسليم وليست قيادة الإرهاب.

 

إن قيادة الأمة الإسلامية لا يصلح لها إلا الطليعة المؤمنة من (فقهاء) الأمة، ولا يمكن أن تكون هذه القيادة للخطباء «الذين يعتقدون بأن حل الأمور ممكن بالأقوال، متناسين أن من يزرع الأقوال لا يحصد إلا الأوهام»[16]!!.

 

وبكلمة: لقد عانت الأمة الإسلامية من التخلف، وأصبحت تزحف وراء غبار الركب البشري مع الزاحفين المنقطعين.. وكان من أهم الأسباب التي أدت بالأمة إلى هذا الواقع الأليم، أن الذين يتولون زمام الأمور فيها هم من (الخطباء) الذين لا يحسنون في مواجهة تحديات الأمة وأزماتها إلا الخطب النارية!!.

 

ولذلك فإنه لا سبيل إلى إحياء الأمة الإسلامية، وقيامها بدورها الحضاري، إلا أن يتولى قيادة الأمة (الفقهاء) الذين يتصفون بصفات المؤمنين والشهداء ويتحركون على أساس من الوعي بقيم الوحي (قرآنًا وسنة) مع الدراية بشؤون الواقع.. ويقومون بحشد طاقات الأمة، وتوحيد صفوفها، والاستفادة من جهود أفرادها في سبيل الوصول إلى الأهداف عبر رحلة التغيير.



[1] هكذا ظهر جيل صلاح الدين - د. ماجد عرسان الكيلاني ص 267.

[2] هكذا ظهر جيل صلاح الدين - د. ماجد عرسان الكيلاني ص 268.

[3] المصدر السابق ص 278.

[4] إخراج الأمة المسلمة - د. ماجد عرسان الكيلاني ص 99.

[5] المصدر السابق. ص 100 بتصرف يسير.

[6] المصدر السابق - ص 158.

[7] هكذا ظهر جيل صلاح الدين - د. ماجد عرسان الكيلاني ص 295.

[8] ماذا بعد موقعة الخليج؟ - مقال للمؤلف بمجلة (البيان) العدد 35.

[9] هكذا ظهر جيل صلاح الدين - د. ماجد عرسان الكيلاني ص 283.

[10] مسائل في العمل الإسلامي - محمد وليد سليمان ص 42 - 44 بتصرف.

[11] نظرات في مسيرة العمل الإسلامي. عمر عبيد حسنة ص 56.

[12] الاستراتيجية: فن الاستخدام الأمثل للإمكانات والموارد للوصول إلى أعلى مستوى من الكفاءة في تحقيق الأهداف.

[13] حركة النفس الزكية - محمد العبدة ص 151.

[14] منهاج التغيير الإسلامي - أبو الأعلى المودودي ص 20.

[15] خدعة الصدام المتعجل - مقال للمؤلف بمجلة (البيان) العدد 43.

[16] لمحات في فن القيادة - ج. كورتوا - تعريب الهيثم الأيوبي ص 61.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عناية الفقهاء بالمعايير
  • أبرز علماء الإسلام الذين أثروا العلم وأثروا بجهودهم العلمية فيمن بعدهم
  • أسباب اختلاف الفقهاء
  • الفقهاء والمحدثون يكمل بعضهم بعضا

مختارات من الشبكة

  • دور العلماء في التصدي للفكر التكفيري: تحليل شرعي وأدوات المواجهة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور علماء الحديث في الهند في حفظ السنة النبوية للشيخ محمد عزيز شمس رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العلماء ودورهم في أحوال المسلمين المعاصرة(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • دور العلماء والدعاة في المجتمع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مالي: دور فعال لاتحاد علماء أفريقيا بالقارة في الدعوة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • دور التقنيات الحديثة في زهو بعض الطلاب على العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور علماء المسلمين في تطوير المعايير الفلكية لدورتي الشمس والقمر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دور نخبة العلماء أهل والعقد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور العلماء والدعاة تجاه مخاطر البلوتوث(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • سيراليون: تثمين دور علماء المسلمين في التوعية ضد مخاطر الإيبولا(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب