• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الثقافة الإسلامية

الشيخ عبدالرحمن الخاني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/11/2016 ميلادي - 13/2/1438 هجري

الزيارات: 5362

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الثقافة الإسلامية


محاضرة قيمة ألقاها فضيلة الأستاذ عبدالرحمن الخاني رئيس جمعية الشبان المسلمين في دار الجمعية يوم الجمعة في 19ذي القعدة واقتطفنا منها ما يلي:

الثقافة الإسلامية موضوع بعيد الغور، واسع الأرجاء متعدد النواحي، ليس في استطاعة أحد كائن من كان أن يحصرها في شأن من شؤون الحياة، فهي كما عنيت بالشؤون الدينية التهذيبية والعلمية؛ وأقامتها على دعائم ثابتة وأصول قوية كذلك عنيت من نواحي المدنية العمرانية والاجتماعية فأسستها على أركان من العدل والعمل الصالح المثمر، والصراط المستقيم. والذي أحاول التحدث عنه هو ما يقصه علينا التاريخ من أثر هذه الثقافات الإسلامية في تغذية الفكر الإنساني، ومسايرة التطور العلمي فأجلى صفحة من الحقيقة أضعها أمام نظر إخواني من شباب محمد صلى الله عليه وسلم تبصرة وذكرى عساها أن تحرك فيهم العزة والشمم، وتدفعهم إلى النظر في تاريخ أسلافهم الأكرمين. فيعلمون أنهم فيما يدرسون من سير غير سير أبطال الإسلام وحكمائه وعلمائه مخدوعون - أريدوا على البعد عن هذا الخير، فكانوا أسلس قياداً في أيدي الزائغين منهم في أيدي الناصحين الراشدين.

 

سطع نور الإسلام على وجه المعمورة فلم يُلف من ثقافات الأمم الغابرة شيئاً مذكوراً إلا أمشاجاً من حكمة اليونان وآداب الرومان وتعاليم المسيحية على ما أصابها من تحريف. بناء على حملة عنيفة حملها الملك (غوستنيان) على الفلاسفة والحكماء انتصاراً منه لآراء الكنيسة الغربية التي كان من قواعدها يومئذ اضطهاد العلم والعلماء والقسوة على الحكمة والحكماء. ففر من وجه العسف الروماني جم غفير من الفلاسفة أمّ بعضهم الإسكندرية ودخلوا مدرستها وأرغمتهم طبيعة الحوادث على ولوج معممة النـزاع الكنيسي فاستعملوا النظريات الفلسفية للدفاع عن آراء فريق من المسيحيين. حتى امتزجت نظرياتهم بهذه الآراء وكان منها مذهب (الأفلاطونية) الجديدة. وهو مذهب كنيسي أكثر منه فلسفي وهكذا أخذ أثر الثقافة القديمة يتضاءل أمام جور المتعسفين من حكام الرومان وقتلهم العلماء والحكماء بغير حق. والفرس والرومان هما الدولتان اللتان بقيتا تتذوقان طعم الحياة في ذلك الحين.

 

قام بناء الإسلام الشامخ في أقل من ربع قرن. أكمل الله فيه على خير أمة أخرجت للناس ديناً، وأنـزل على نبيها الكريم صلوات الله وسلامه عليه في يوم الحج الأكبر قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] إيذاناً منه جل شأنه بأن هذا الخير ليس بعده من لدن السماء خبر، من استمسك بعروته الوثقى رشد واهتدى، ومن تفلت عنه ضل وغوى؛ فكان ذلك حافزاً لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على استظهار القرآن الكريم – وهو المنبع الفياض بأسرار الكون - واستنباط ما حوى من حكم وأحكام مسترشدين بسنة النبي صلى الله عليه وسلم بأذهان سيالة، وقلوب واعية. فنبغ فيهم العلماء والحكماء، وظهر من بينهم القواد والأبطال، ونهد في صفوفهم الساسة الذادة، وأشرف على حياتهم أئمة قادة فكانوا – وهم نيف ومائة ألف – شمس الدنيا وريحانة الحياة الفاضلة.

 

الثقافة الإسلامية مرحلتان:

المرحلة الأولى:

تبتدئ المرحلة الأولى للثقافة الإسلامية من مشرق نور الإسلام، وتنتهي بقيام الدولة العباسية وفي هذه المرحلة تتجلى عظمة الإسلام، وتبدو ثقافته، تستمد نورها من مشكاة الذكر الحكيم.

 

امتازت هذه المرحلة أيها الإخوان بشيء يعده الباحثون من أعظم ما سجل التاريخ ذلك أنه في زمن لا يتجاوز العشرين عاماً وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أساساً قوياً للدولة الإسلامية من الأمة العربية التي كانت متفرقة شيعاً وأحزاباً فوحد أفخاذها وجمع شمل قبائلها تحت راية القرآن الحقة حتى كانت منهم أمة حملت علم الثقافة وضربت في الأرض، تؤدي الأمانة وتبلغ العالم أجمع رسالة الرسول الأعظم خاتم النبيين ففتح الله عليها من الممالك والأقطار في قليل من الزمن ما على مثله تحطمت سيوف الأكاسرة والقياصرة.

 

ولا ننس هنا أن نذكر السر في هذا النصر المبين ونقارن بين معاملة المسلمين للأمم المغلوبة على أمرها من الرفق والرحمة والحرية التامة وبين ما لطخ به التاريخ وجهة المسيحية القاسية أيام (دواوين التفتيش) وفظائعها التي تقشعر منها الجلود وأيام الحروب الصليبية من القسوة المرة والفظاعة الوحشية وهذا مما يعترف به المنصفون من علمائهم ومؤرخيهم فنبغ من المسلمين الخطباء المصاقع، والشعراء المبدعون والكتاب المجيدون وكان هذا العصر للغة العربية ميدان فضلها، ومظهر أسرارها، وثوب جدتها وهذه نهضة أحدثها القرآن العظيم لأن العرب لم يؤتهم الله من الفضائل على كثرتها فيهم أفضل من الفصاحة اللسانية والقوة الخطابية فكان أسمى شيء اعتزوا به وتسابقوا للمفاضلة في حلبته إنما هو الحياة اللغوية والمفاخرة فيها والتفنن في أساليبها. فأقاموا مدرسة (عكاظ وذي المجاز) وسواهما. فما جاءهم القرآن الكريم بأسلوبه الفخم، ولفظه الجزل، وإعجاز تراكيبه حتى شعروا أنهم أمام كتاب لا عهد لهم بأسلوبه ولا طاقة لهم ببلاغته على عظم ما وصلوا إليه في هذا المضمار وذكروا أن القرآن أتى ببلاغة تسمو على متناول ألسنتهم فتفننوا في الاقتباس منه وفطنوا إلى مواضع العبرة فيه والاستفادة من علو انسجامه وفصاحة نظامه والاغتراف من منهله العذب ومعينه الذي لا ينضب.

فاتجهت اللغة العربية اتجاهاً جديداً ودخلت في دور التأليف والتدوين ووضعت في قواعد علومها الكتب والدواوين، وتذكر الناس النحو والصرف وعلوم البلاغة والأدب فأينما توجهت وفي أي بلد إسلامي حالمت شعرت أنك في جامعة أدبية علمية زاهرة.

 

وظهر في هذه المرحلة نوع من الثقافة الاجتماعية لم يشهد التاريخ بمثلها لأمة من الأمم:

قال الكونت (هنري دي كسترى) في كتابه الإسلام سوانح وخواطر- إن أتباع (محمد صلى الله عليه وسلم هم وحدهم الذين استطاعوا الجمع بين الرفق في معاملة مغلوبيهم، والرغبة في انتشار دينهم وهذه الرغبة هي التي دفعت العرب إلى الفتوحات العظيمة فنشر القرآن رايته خلف جيوشه المظفرة ولم يخلفوا في طريقهم أثراً للجور). وقال فيلسوف فرنسا غوستاف لوبون:(من ينظر إلى أخبار معاملة «عمر بن الخطاب رضي الله عنه» لأهل بيت المقدس يعلم علم اليقين أن العرب كانوا يبالغون في حسن معاملة مغلوبيهم). وهذا يباين تمام المباينة معاملة الصليبيين للمسلمين أيام الحروب الصليبية).

 

وقد تجلت في هذا العصر العبقرية الحربية، وهي ضرب من ضروب الثقافة عند الأمم الحية فأنجبت جيوش المسلمين – وهي مدارسهم العسكرية - أبطالاً فخاماً، وقواداً باسلين. وحسبك في الحديث عنهم فخر الإسلام وسيف الله أبو سليمان خالد بن الوليد وبطل القادسية سعد بن أبي وقاص وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم. وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، وفاتح مصر عمرو بن العاص وغيرهم من أجلاء الصحابة رضي الله عنهم. وقد قارن هذه النهضة الحربية نهضة أدبية. والأدب أيها الإخوان مقياس حضارة الأمة وميزان رقيها تعني به ذلك النظام الذي ابتدعه الإسلام ورمى من ورائه إلى بث روح المساواة والوحدة العالمية التي جاء بها القرآن الكريم فقال تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» وغرسها النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس الأمة العربية حتى كانت الوصية بها في آخر مواقفه العامة في خطبة الوداع يوم الحج الأكبر:(أيها الناس! كلكم من آدم، وآدم من تراب. لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى).

 

وكانت أول خطوات الصديق رضي الله عنه في أول خطبة خطب بها المسلمين بعد ارتقائه أريكة الخلافة إذ يقول:

• (أيها الناس إني قد وليت أمركم ولست بخيركم)، وكان مظهراً أسمى لها حياة الفاروق ثاني الخلفاء وأول أمراء المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي نفخ في الأمة الإسلامية أفراداً وجماعات روح الاعتداد بالنفس بقوله في إحدى خطبه وهو أمير المؤمنين:(من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقومه) فقام إليه رجل وقال:(والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا).

 

فحمد الله على أن جعل في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يقوم اعوجاجاً أميرها لو رآه. وهل ذكر التاريخ أيها الإخوان في جميع عصوره أن المرأة أوتيت قسطاً من العلم والحرية تقف بها في وجه الخليفة تحاجه وهو يخطب في تخفيف مهور النساء حتى يقول على مرأى ومسمع من عامة المسلمين:

أخطأ رجل وأصابت امرأة؟؟ لعمر الحق إن هذا ضرب من ضروب التربية النفسية - إن أمة تعاطته في حياتها - نشأهم عليه القرآن العظيم بنشأة سادوا بها الأرض وقادوا الممالك ولم يحدثنا التاريخ من مبدأ الخليقة إلى عصرنا هذا الذي يتشوق فيه المتلقفون لقشور الغرب بما سمعوه من الديمقراطية أن سيداً مطاعاً وأميراً معظماً وخليفة إذا قال فعل، ملك شرق الأرض وغربها بجيوشه المظفرة كسيدنا عمر بن الخطاب يخطب رعيته بهذا القول الذي يبعث فيها حياة العزة والكرامة ويجعل لكل فرد منها مهما صغر مقامه حق الملاحظة على الخليفة وحق نقد أعماله وتصرفاته.

هذا هو الكمال الاجتماعي الذي يجب أن تتربى به الأمم التي تريد بحق أن تتبوأ مكانها حتى أديم السماء.

 

ومن مفاخر الإسلام في عصره الأول هذه التربية الفاضلة التي تربت عليها المرأة المسلمة فكانت المثل الأعلى في الكمال النسائي يجد منها الزوج شريكة في الحياة صالحة ويجد فيها لأولاده أماً رؤوما تغذيهم بالعلم وتثقفهم بالأدب ويحيط بها سرادق العفاف ويزينها الحياء يطالعنا التاريخ بالحالة السوء التي كانت عليها المرأة قبل الإسلام في جميع الأمم فلما جاء الإسلام فسح للمرأة مكانها في الحياة وفتح لها باب العلم على مصراعيه، وأشركها مع الرجل في خطاب التكليف مع ما يتفق مع تركيبها الجسماني. بل صرح القرآن الكريم بأنها هي والرجل سواسية في الحقوق والواجبات فقال تعالى:(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة) وهذه الدرجة هي درجة القوامة بالإنفاق والحماية المذكورة في آية أخرى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34] وهذا إرفاق بها ورحمة. وقد فهم المسلمون تقدير القرآن لمقام المرأة فكانوا يعاملونها بمنتهى الرقة والعطف ما دامت حافظة للغيب بما حفظ الله قائمة على حدود الدين والفضيلة حتى أن ابن عباس رضي الله عنه كان يقول:(إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي) فهل رأيتم إخلاصاً للمرأة واحتراماً لها مثل هذا الصنيع؟

 

شعرت المرأة بوجودها في الحياة وقدرت إنسانيتها، وشاركت الرجل في العلوم والآداب حتى نبغ من السيدات المسلمات كثيرات كن مرجعاً للعلماء والأدباء. أم المؤمنين (الحميراء) السيدة عائشة رضي الله عنها فهذه واحدة الدنيا علماً وفضلاً فما أشكل على المسلمين شيء من القرآن والحديث وأدب العرب وسير الماضين إلا وجدوا عندها به علماً وأما ذات النطاقين السيدة أسماء أختها فما قامت النساء على مثلها يقيناً وحزماً، وصرامة في الحق فهل سمعتم عن امرأة يدخل عليها ولدها وقرة عينها ليتعرف صبرها على فقده إذ يقول لها:(يا أماه خذلني الناس حتى أهلي وولدي ولم يبق معي إلا من لا دفع عنده إلا صبر ساعة من النهار، وقد أعطاني القوم ما أردت من الدنيا فما رأيك)؟

فتقول له: اخرج إلى القتال إن كنت تعتقد أنك على الحق. والله لضربة بسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل.

فيقول لها: أخشى أن يمثلوا بي بعد قتلي.

فتقول له: يا بني إن الشاة المذبوحة لا يؤلمها السلخ.

تلك هي أسماء بنت أبي بكر الصديق وابنها عبدالله ابن الزبير. وهل سمعت بامرأة ينعي إليها أولادها خرجوا ليجاهدوا في سبيل الله فتقول الحمد لله الذي شرفني بشهادتهم في سبيل الله. أجل تلك هي الخنساء شاعرة العرب، وأديبة المسلمات. هذه مثل من نفوس رباها الإسلام.

 

فهل علم المجددون أنهم عن الصراط السوي ناكبون؟!

وأجلُّ ما لهذه المرحلة من المحامد أن الثقافة الإسلامية فيها كانت كذلك فحسب وبعبارة أدق: إنها كانت إسلامية النشأة عربية التفكير والتربية فلم يكن للمسلمين عهدئذ مورد يستقون منه ثقافتهم غير كتاب ربهم الحكيم وما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم من الحكمة ولم يكن قادة الفكر يومئذ غير العرب والمستعربين الذين درجوا في أحضان تعاليم الإسلام ولم يرتضعوا لسواه ثدياً ولم يأخذوا عن غيره أدباً. فهو أصدق العصور للتعبير عن الثقافة الإسلامية وهو الدليل الناهض على أن للإسلام ثقافة مبتكرة مستقلة تستمد نورها من وحي الكتاب والسنة دون أن يكون لأية أمة من أمم الأرض على المسلمين يد فيها إذ لم يكن قد فتح على المسلمين باب النقل والترجمة من علوم الغابرين فكان للمسلمين فقه إسلامي أوسع ما عرف في علوم التشريع والاجتهاد، وأصحه نظراً وأصدقه مخرجاً وها هي مؤلفاتهم شاهد ناطق على صفاء أذهانهم واستنارة أفكارهم. فهل قرأتم في مدونة مالك ابن أنس رضي الله عنه وعرفتم كيف كان نظر أئمة المسلمين في المسائل وتخريج أحكامها بما ينطبق على مصلحة المجتمع ونظام الحياة؟؟ وهل نظرتم في كتاب الخراج لصاحب أبي حنيفة الإمام أبو يوسف قدس الله ثراه وعلمتم إلى أي حد وصل المسلمون الأولون من سعة العلم وقوة الإدراك، وهل اطلعتم على كتاب "الأم" للشافعي فتطمئنوا إلى الإيمان بعظمة علماء الإسلام ويظهر لكم سخف ما يزعمه خصوم الإسلام من أن الفقه الإسلامي أخذ شيئاً من مبادئ الفقه الروماني.

 

لندع فقهاء الشام والعراق ومصر ولننظر إلى فقهاء الحجاز في القرنين الأولين فمن أي طريق وصل الفقه الروماني إلى المدينة المنورة فأخذ عنه الإمام مالك وأصحابه هذا التشريع البديع؟

ومن أي السبل انتهى هذا الفقه إلى فقهاء مكة المكرمة فاستفادوا منه كما يزعم الزاعمون.

اللهم إن هذه فرية ما فيها مرية. وأقاويل يذيعها الذين نعوا على الإسلام فضائله ومزاياه.

 

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الثالثة، العدد العاشر، 1356هـ - 1937م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مفهوم الثقافة الإسلامية
  • تاريخ الثقافة الإسلامية
  • تعريف الثقافة الإسلامية
  • نشأة علم الثقافة الإسلامية
  • الثقافة التي نحتاج إليها

مختارات من الشبكة

  • تطور الكتابة التاريخية بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المسلم بين الثقافة الإسلامية والثقافة المزيفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القضايا التاريخية بين ميزاني الثقافة الغربية والثقافة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ائتلاف المنظمات الإسلامية يطالب الأمم المتحدة بإدخال الثقافة الإسلامية ضمن برامج الإيدز(مقالة - المسلمون في العالم)
  • عن ثقافة الأزمة وأزمة الثقافة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نشر الثقافة الإسلامية للمرة الأولى بمدينة ليفرمور(مقالة - المسلمون في العالم)
  • قضايا ومسائل طبية: منهج مقرر لمادة الثقافة الإسلامية للكليات الطبية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نشر الثقافة الإسلامية بمنطقة مورتون جروف بولاية إلينوي الأمريكية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • محاضرات عن الثقافة الإسلامية بمدينة سيفاستوبول بجزيرة القرم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • دورة تدريبية عن الثقافة الإسلامية للمدرسين بجزيرة القرم(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- أعجبني
جميلة - المملكة العربية السعودية 29-12-2016 06:00 AM

رائع جدا أعجبني, أحسنتم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب