مباحث الإعجاز البلاغي للقرآن في كتب دلائل النبوة حتى نهاية القرن الخامس الهجري

ملخص الرسالة

مباحث الإعجاز البلاغي للقرآن

في كتب دلائل النبوة

حتى نهاية القرن الخامس الهجري

دراسةً وتقويمًا

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونتوب إليه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسولُه، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فلقد خلق الله سبحانه وتعالى عبادَه لحِكمةٍ جليلة وأمر عظيم؛ خلقهم لعبادته وحده لا شريك له، فلَم يَتركهم سدًى أو يُوجِدهم عبثًا، بل أرسل إليهم أنبياءه ورسلَه واسطةً بينه وبينهم، يبلِّغونهم أوامره ونواهيَه، ويبينون لهم طريقَ الهدى والضلال.

ومن هؤلاء الأنبياء رسول الهدى وخاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي أُرسل لجميع البشر، عربِهم وعجَمهم، أبيضهم وأسوَدِهم؛ ولذا كانت آيات نبوَّته متنوعةً للذين أُرسل إليهم، ومعروفةً لهم، ومناسبة لجميع الناس على اختلاف معارفهم وعقولهم واستعداداتهم، وأعظم تلك الآيات على الإطلاق: القرآن العظيم، فهو آيتُه العظمى التي لا تزال قائمة بيننا تُخرس كلَّ مبطِل، وتتحدَّى كلَّ جاحِد، وتثبت صفات الإيمان.

والقرآن هو كلام الله المعجِز للخلق في أسلوبه ونَظمه، وفي علومه وحِكمه، وفي تأثير هدايته، أنزله الله نورًا وضياءً لِعباده، فقد فتح به أعينًا كانت عميًا عن الهدى، وآذانًا كانت صمًّا عن الحق، وقلوبًا قد رانَ الجهلُ والشرك عليها.

وقد تناول كثير من العلماء هذا الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم؛ بُغيةَ اكتناه حقيقته، والوصول إلى سرِّ بلاغته، ومن هؤلاء العلماء أولئك الذين تحدثوا عن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودلائل نبوته.

ولمَّا كانت مؤلَّفات هؤلاء العلماء في هذا الباب تتضمن حديثًا مهمًّا عن الإعجاز البلاغي للقرآن، رأيتُ أن يكون موضوع هذه الدراسة:

مباحث الإعجاز البلاغي للقرآن في كتب دلائل النبوَّة حتى نهاية القرن الخامس الهجري دراسةً وتقويمًا.

وتنبع أهميَّة هذا الموضوع من كونه يسلِّط الضوءَ على كلام العلماء الذين تحدَّثوا عن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم - حول المعجزة الكبرى التي لا تزال قائمةً بيننا تُعجز كلَّ بليغ، وهي القرآن الكريم.

كما تَكمن أهميته في تقديم إضافة نوعيَّة على كتب الدراسات القرآنيَّة والبلاغية، من خلال دراسة الإعجاز البلاغي للقرآن في كتب دلائل النبوَّة، التي لم تَحظ بعنايةِ كثيرٍ ممَّن رصد تاريخَ البلاغة، وتطور علومها وموضوعاتها.

كما تَكمن أهميته كذلك، في أنَّ عددًا ممن أسهم في التأليف في دلائل النبوة هم من العلماء الذين لهم مشاركات في البحث البلاغي؛ كالجاحظ، وابن قتيبة، والقاضي الباقلاني، والقاضي عبدالجبار.

أسباب اختيار الموضوع:

كان لاختياري هذا الموضوع عدة أسباب، منها:

الأول: خدمة القرآن الكريم، والوصول إلى شيءٍ من أسرار إعجازه وبلاغته، من خلال عَرض كلام العلماء الذين تناولوا هذه القضيةَ، ودراسته وتقويمه.

الثاني: لم يُدرس على حدِّ علمي ما في كتب دلائل النبوة من مباحث الإعجاز البلاغي للقرآن دراسةً علميَّة، ترصد ما فيها من مباحث وقضايا تبيِّن منهجَ العلماء في الإعجاز البلاغي وموقفهم منه؛ فقد اتَّجهَت دراسات الإعجاز البلاغي للقرآن في مجملها إلى الكتب المؤلَّفة في الإعجاز فحَسب، بينما كُتب دلائل النبوة تناولَت هذا الموضوع بشيء من التفصيل، فأردتُ توضيحَ ذلك؛ حتى تَظهر جهودُهم في دراسة إعجاز كتاب الله تبارك وتعالى.

الثالث: تسليط الضوء على شخصيات تناولَت الحديث عن الإعجاز البلاغي للقرآن، لم تجد عناية في كتب تاريخ البلاغة.

الرابع: الكشف عن بعض المظاهِر التطبيقيَّة للإعجاز البلاغي في كتب دلائل النبوة.

الخامس: دراسة قضايا ذات صِلَة بالموضوع، غفل عنها كثير ممَّن درس الإعجاز البلاغي، مثل: القدر المعجز، والتفاضل بين الآيات في البلاغة.

الفهرس التفصيلي لموضوعات البحث