مسؤولية الناقل البري في نقل الأشخاص (دراسة مقارنة)

ملخص الرسالة

مسؤولية الناقل البري في نقل الأشخاص

مقدمة البحث:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فيعدُّ النقل بكافة وسائله: الجوية، والبحرية، والبرية، وثيقَ الصلة بحياة الإنسان وتطورها؛ فهو يؤدي دورًا أساسيًّا في تنمية وتطور الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للأفراد، وسواء أكان نقلًا للأشخاص أم للبضائع؛ ذلك لأنه الوسيلة التي تستخدم في نقل المنتجات من أماكن صنعها إلى الأماكن التي يكون الطلب عليها شديدًا، وهو بهذا يوفر فائدة للمُنتجِين والمستهلكين معًا.

غير أن أهمية نقل الأشخاص لا تقلُّ عن أهمية نقل البضائع، بل تفوقها؛ لأن عملية إنتاج وتداول البضائع لا تتمُّ إلا من قِبل أشخاص، ولو انعدم وجودهم، لما كان هناك نقل للبضائع، يُضاف إلى ذلك أن نقل الأشخاص ذو صلة مباشرة بحياتهم وسلامتهم؛ لهذا أصبح من الضروري وضع قواعد كافية لتنظيم عقد نقل الأشخاص، تلزم القائمين بعملية النقل باتخاذ أشدِّ الاحتياطات للمحافظة على سلامة الركاب وأرواحهم، وتضمن حقوق المتضررين منهم، فيما لو تعرَّضوا لمخاطرَ أثناء عملية النقل.

وعقدُ نقل الأشخاص ينشأ بين طرفين، هما: الناقل، والراكب، وهو بهذا يختلف عن عقد نقل البضائع - وإن كان كلٌّ منهما تجاريًّا - إلا أنه يفترض في عقد نقل البضائع وجود شخص ثالث مع المرسل والناقل؛ ألا وهو المُرسَل إليه[1].

والمملكة العربية السعودية اهتمَّت بهذا الشأن في بداية الأمر، فوجدت المؤسسة العامة للسكك الحديدية (١٣٧١ هـ) والشركة السعودية للنقل الجماعي - سابتكو - (1399 هـ)، واستمرت دهرًا من الزمان دونما تطوير أو تجديد، حتى وصلنا إلى عام ١٤٢٤ هـ حيث أُعِيدَ النظرُ فيها بجدية؛ فأعدَّت دراسات، ونظمت هيئات، نَتَج عنها إنشاءُ الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) وقطار المشاعر في الحرم الشريف، حتى أصبح النقل للأشخاص داخل الجامعات السعودية، بحيث يتنقَّلُ منسوبوها من وإلى الكليات عبر وسائل النقل الحديثة، مما يحتِّم على الباحثين السعوديين البحث في هذا العقد، ولو مع ضعف وركاكة أنظمته، وعدم تواكبها مع التطورات الحديثة.

أهمية الموضوع:

إن أهمية هذه الدراسة تتجلَّى فيما يلي:

١- أن وسيلة النقل البري هي الأصل من بين وسائل النقل، وهي الأقدم من حيث التاريخُ في استخدام النقل بوجه عام.

٢- أنه يشكل جزءًا مهمًّا وكبيرًا من تعاملات الناس؛ فلا يخلو أحد من استخدام النقل البري، إما في سفره، أو في نقل أمتعته وبضائعه، وما قد ينشأ عن هذا التعامل من خلافات تحتاج إلى حلول.

٣- أن هذا الموضوع يبحث جانبًا مهمًّا من جوانب النقل البري، الذي هو عصب حركة تنقلات الناس وتبادل ثرواتهم، فلا يتأتَّى لهم الانتقال أو تبادل المصالح إلا بالانتقال من مكان إلى آخر، أو بتبادل الأشياء وانتقالها، ولا بد لهذا الانتقال من مسؤوليات والتزامات.

٤- أن هذا الموضوع يضبط العلاقة الناشئة بين شركات النقل - ذات الجانب الأقوى - وبين الأفراد - ذوي الجانب الضعيف - فيُحدد مسؤولية والتزام كلِّ جانب بما يزيل اللَّبس.

٥- أن هذا الموضوع له مساس كبير بالمصالح الاقتصادية للدول المستغلة والمستفيدة من مرافق النقل البري.

٦- أنه يبيِّن حلولًا للحالات التي ينتج عنها فقد للأرواح والأموال، ويبين كيفيَّة التعامل معها، وخصوصًا أن هذا المجال يَكتنِفُه كثير من المخاطر.

٧- أنه يُبيِّن الأحكام الفقهية الشرعية للمعاملة الواقعة بين الناقل البري وبين المتعاملين معه؛ فيُحدِّد المسؤولية تحديدًا شرعيًّا، ويُبيِّن كيفية التعويض الشرعي للأضرار الناتجة من جرَّاء النقل البري أو الحوادث أثناء النقل وبعده.

أسباب اختيار الموضوع:

١- تَجدُّد الموضوع وأهميته؛ حيث إنه من المواضيع المعاصرة التي يَكثُر التساؤل حولها.

٢- عدم وجود دراسات تناولت هذا الموضوع من الناحية النظاميَّة والشرعية الفقهيَّة، حيث إن الدراسات الموجودة إنما تناولت وسائل النقل الأخرى "البحري والجوي"، وأهمَلَت النقل البري.

٣- الإسهام في إثراء المكتبة الإسلامية بدراسات نظاميَّة مقارنةً بالشريعة الإسلامية، خاصة وأن مسؤولية الناقل البري لا تزال محلَّ خلاف نظامي.

٤- بيان سَعَة الفقه الإسلامي وكماله، وتلبيته لحاجات الناس والمستجدات التي تظهر في حياتهم، ويكون هذا البحث بمثابة الردِّ على مَن يدعي ويصف الفقه الإسلامي بالجمودِ وعدم تلبيته لحاجات البشر ومستجدات الحياة.

أهداف الموضوع:

١- التعريف بعقد النقل البري للأشخاص وتوصيفه.

٢- طبيعة عقد النقل البرِّي، وبيان أركانه.

٣- بيان آثار عقد النقل البري للأشخاص في الفقه والنظام.

٤- بيان كيفية انعقاد عقد النقل البري للأشخاص في الفقه والنظام.

٥- بيان الالتزامات المُترتِّبة على عقد النقل البري في الفقه والنظام.

مشكلة البحث:

تنتج عن عقد النقل البري إشكاليَّات، تتمثَّل في جوانب إجراءات التعاقد أو الانعقاد للعقد، أو الالتزامات المترتبة على التعاقد، وهذه الإشكاليَّات تحتاج إلى دراسة وبحث لوضع الحلول المناسبة؛ تحقيقًا للعدالة بين المتعاقدين، وتحقيقًا للمصلحة العامة.

الدراسات السابقة:

لا توجد دراساتٌ علميَّة قد بحثت هذا الموضوع، حيث إنني بَحثْتُ في المكتبات المعتمدة في المملكة العربية السعودية فلم أجِدْ ما يدل على أن هذا الموضوع قد تم بحثُه، إلا في المعهد العالي للقضاء بقسم السياسة الشرعية، حيث بُحِثت بعض جزئياته، وكانت تحمل العنوان الآتي:

مسؤولية الناقل البرِّي في نقل البضائع دراسة مقارنة؛ للباحث: إبراهيم بن عبدالعزيز الدهيش، إشراف: أ.د/ منصور نصر قموح، عام ١٤٢٠ هـ.

وهذه الرسالة كما يتضح من عنوانها قد تخصصت في نقل البضائع فقط، بَيْدَ أن بحثي يتحدث عن الأصل في الناقل البري؛ وهو مسؤولية الناقل البري في نقل الأشخاص مقارنًا بالفقه الإسلامي، حيث إن عملية تداول وإنتاج البضائع لا تتمُّ إلا عن طريق الأشخاص، ولو انعدم وجودهم، لَما كان هناك بضائع.

منهجية البحث:

أولًا: أساليب البحث:

ألتزم في بحثي بما يناسبه من الأساليب الآتية:

الأسلوبُ الاستقرائي التحليلي المقارن، وذلك بتَتبُّع الأجزاء والوصول إلى قاعدة كلية.

ثانيًا: إجراءات البحث:

١- البدء في كل مسألة بدراستها في النظام السعودي وأبرز الأنظمة العربية الأخرى، ثم مقارنة ذلك بالفقه الإسلامي.

٢- جمع المادة العلمية من مصادرها الأصلية.

٣- إيراد التطبيقات القضائيَّة في ثنايا البحث قدر الإمكان.

٤- صياغة البحث بأسلوب علمي دقيق واضح.

٥- العناية بتعريف الألفاظ الغريبة والمصطلحات العلمية الواردة في البحث.

٦- توثيق النصوص والمنقولات من مصادرها، وتوثيق الآراء والأفكار، ونسبتها إلى أصحابها.

٧- عزو الآيات القرآنية الكريمة، وتخريج الأحاديث والآثار من دواوينها، مع الحكم عليها.

٨- بيان وجه الدَّلالة من الأدلة مع التوثيق.

٩- العناية بالمسائل الخلافية، بتحرير محل الخلاف وسببه أولًا، ثم ذكر الأقوال بأدلتها ومناقشتها، ثم الترجيح.

١٠- المقارنة بين الفقه والنظام، مبتدئًا بما يقتضيه البحث في النظام أولًا ثم الفقه، ثم المقارنة.

١١- ذكر الجديد والنازلة التي لها علاقة بالموضوع، وذكر أقوال العلماء المعاصرين فيها.

١٢- ترجمة الأعلام.

١٣- ألتزم علامات الترقيم المُتعارَف عليها.

١٤- وضع خاتمة في نهاية البحث تتضمَّن نتائج البحث والتوصيَّات المناسبة.

١٥- عمل الفهارس اللازمة - بطريقة الترتيب الأبجدي.

١٦- إخراج البحث وطباعته وفق تعليمات القسم والنموذج المعتمد.

١٧ - اتباع التوثيق العلمي في الهامش.

١٨ - الالتزام بمناهج البحث العلمي، ومن ضمنها ما ذكر.

خطة البحث:

جاء هذا البحث مشتملًا على مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة:

مقدمة، وتشتمل على الآتي:

♦ أهمية الموضوع.

♦ سبب اختياره.

♦ أهدافه.

♦ الدراسات السابقة له.

♦ منهج البحث.

♦ خطة البحث.

الفصل التمهيدي: وفيه تعريف بمفردات العنوان، وبيان تكوين العقد وآثاره والأنظمة الحاكمة له، وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: التعريف بمفردات العنوان، وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: التعريف (بالمسؤولية).

المطلب الثاني: التعريف (بالناقل البري).

المطلب الثالث: التعريف (بالأشخاص).

المطلب الرابع: التعريف المركب (مسؤولية الناقل البري في نقل الأشخاص).

المبحث الثاني: تكوين عقد نقل الأشخاص وإثباته وآثاره، وموقف الفقه من ذلك، وفيه تمهيد، وأربعة مطالب:

المطلب الأول: تكوين عقد النقل البري للأشخاص.

المطلب الثاني: إثبات عقد النقل البري للأشخاص.

المطلب الثالث: آثار عقد النقل البري للأشخاص.

المطلب الرابع: موقف الفقه الإسلامي من تكوين العقد وإثباته.

المبحث الثالث: الصور التي يتمُّ فيها نقل الأشخاص وتمييزها عن غيرها.

المبحث الرابع: الأنظمة والاتفاقيات الحاكمة لعقد نقل الأشخاص برًّا، وموقف الفقه منها.

الفصل الأول: طبيعة المسؤولية للناقل البري في نقل الأشخاص، وفيه تمهيد، وثلاثة مباحث:

المبحث الأول: طبيعة المسؤولية في فرنسا قضاء ونظامًا.

المبحث الثاني: طبيعة المسؤولية في مصر قضاء ونظامًا.

المبحث الثالث: طبيعة المسؤولية في المملكة العربية السعودية فقهًا ونظامًا.

الفصل الثاني: أساس مسؤولية الناقل البري، وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: نظرية الخطأ، وموقف النظام منها.

المبحث الثاني: نظرية الضمان، وموقف النظام منها.

المبحث الثالث: نظرية الضرر كأساس للمسؤولية، وموقف النظام منها.

المبحث الرابع: موقف الفقه الإسلامي من أساس مسؤولية الناقل البري، والأنظمة الموافقة له.

الفصل الثالث: سريان مسؤولية الناقل البري من حيث الزمانُ، وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: لسريان المسؤولية في النقل بالسيارات قضاءً ونظامًا.

المبحث الثاني: لسريان المسؤولية في النقل بالسكك الحديدية قضاءً ونظامًا.

المبحث الثالث: لفترة انقطاع النقل مؤقتًا في النظام وموقف الشُّرَّاح منه.

♦ الخاتمة: وأبين فيها أهم النتائج.

♦ الفهارس: وتشتمل على:

• فهرس الآيات القرآنية.

• فهرس الأحاديث النبوية الشريفة.

• فهرس الأعلام.

• فهرس المصادر والمراجع.

• فهرس الموضوعات.

فهرس الموضوعات