فاعلية برنامج مقترح قائم على الأنشطة اللغوية لعلاج الأخطاء الإملائية الشائعة لدى طلاب المرحلة المتوسطة

ملخص الرسالة

فاعلية برنامج مقترح قائم على الأنشطة اللغوية

لعلاج الأخطاء الإملائية الشائعة

لدى طلاب المرحلة المتوسطة

مستخلص الدراسة

هدفَت هذه الدِّراسة إلى التعرف على فاعلية برنامج مقترح قائم على الأنشطة اللغويَّة في علاج الأخطاء الإملائيَّة لدى طلاب الصف الثالث المتوسط.

ولتحقيق هدَف الدراسة أعدَّ الباحثُ اختبارًا تشخيصيًّا للأخطاء الإملائيَّة الشائعة لدى طلاب الصف الثالث المتوسط، طبِّق على (٤٩٨) طالبًا، وأعدَّ برنامجًا علاجيًّا لها قائمًا على الأنشطة اللغوية الصفِّية وغير الصفيَّة، وقام بتطبيقه وقياس فاعليته.

كما أعدَّ الباحثُ اختبارًا قبليًّا وطبَّقه على عيِّنة الدِّراسة التي بلغَت (٣١) طالبًا من طلاب الصف الثالث المتوسط، ثمَّ قام الباحث بتنفيذ البرنامج المقترَح لعلاج الأخطاء الإملائيَّة الشائعة، وبعد الانتهاء من تنفيذ البرنامج، تمَّ تطبيق الاختبار بعديًّا على عيِّنة الدِّراسة، وأسفرَت الدِّراسة عن نتائج، منها:

• تدنِّي مستوى الطلاب في الإملاء بصورةٍ واضحة؛ حيث كانت معظم المباحث الإملائيَّة ضمن دائرة الخطأ الشَّائع المعتمد في الدِّراسة الحالية، وهو (٢٥ %)، على الرغم من التفاوت في النِّسَب المئويَّة، ما عدا اللام الشمسيَّة واللام القمريَّة، والألف الليِّنة في الحروف، وحروف المد - فلم تَصل إلى درجة الشيوع المحددة.

• اتَّصف البرنامج بقَدرٍ ملائم من الفاعليَّة في علاج الأخطاء الإملائيَّة الشائعة لدى طلاَّب الصف الثالث المتوسط.

وأوصَت الدراسة الحالية بعددٍ من التوصيات، منها:

• إعادة النَّظر في طرائق تَدريس الإملاء المستخدَمة، والتركيز على التعلُّم الذَّاتي الذي يكون الطالب فيه محورَ العملية التعليمية.

• الإفادة من البرنامج العلاجي المقترَح في الإملاء، مع مراعاة المرحلة الدِّراسية للطالب.

• استخدام التقنيات الحديثة في تعليم الإملاء؛ لِما لها من تكوين اتجاهات إيجابيَّة نحو تعلُّم الإملاء مثل الحاسوب.

• التركيز على الجانبين النَّظري والتطبيقي في تعليم الإملاء.

كما اقترحَت الدراسةُ عددًا من الدِّراسات المستقبليَّة، منها:

• أثر استخدام برنامج قائم على الأنشطة اللغويَّة على مستوى تَحصيل طلاَّب المرحلة المتوسطة في اللغة العربية.

• تقويم طرق التدريس المستخدَمة في تدريس الإملاء في المرحلة المتوسِّطة بالمملكة العربية السعوديَّة.

• بناء برامج علاجيَّة، وتعرف فاعليَّتها في علاج الأخطاء الإملائية لدى طلاب المراحل التعليمية المختلفة.

• دراسة فاعليَّة البرامج الحاسوبيَّة في علاج الأخطاء الإملائية الشائعة.

مدخل الدراسة

المقدمة

ترجع أهميَّة اللغة إلى ما تؤدِّيه من دور مهمٍّ في حياة الفرد والمجتمع؛ فهي وسيلة الاتصال، وإدراك الحاجات، وتحصيل المآرب، كما أنَّها وسيلة التعبير عن الآمال والآلام والعواطِف، ووسيلة تسجيل للثَّقافة ونقلها بين الأجيال، كما أنَّها وسيلة تحصيل المعرِفة، وأداة التعليم والتعلُّم؛ حيث يَعتمد عليها الطالب في الاتصال ببيئته، وكَسب خِبراته، وبمقدار تمكُّنه منها وفق قواعدها وأنظمتها المختلفة يكون تقدمه دراسيًّا واجتماعيًّا.

واللغة - كذلك - أداة التَّفكير، والصِّلةُ بين اللغة والفِكر صِلة وَثيقة محكَمة، وعن طريقها يقوم الفرد بالعمليَّات العقلية المختلفة من إدراكٍ، وتخيل، واستنباط، وتحديد علاقات؛ (إبراهيم، ١٩٨٤، ٤٣).

واللغة أداة التعبير عن الفِكر والعاطِفة، وأداة التأثُّر والتأثير، وهي إن لم تكن وفق نظام وقوانين تَحكمها، فسيختلُّ التفكير، ويضطرب التعبير، ويَنعدم التأثير، ويُجمِع المختصُّون في علم اللغة على أنَّ "اللغة نِظام من رموز وعلاقات صوتيَّة وكتابيَّة، يستغلُّها النَّاس في الاتصال ببعضهم، وفي التعبير عن أفكارهم"؛ (الخطيب، 2003، 7).

واللغة العربيَّة - كغيرها من اللغات - "نظام تَحكمه قواعد وقوانين، تَخضع له ألفاظها وعباراتها، وعلى كلِّ مَن يستخدمها أن يلتزم بها التزامًا يؤدِّي إلى صحَّة التفكير وصحَّة التعبير، ويعِين على التفاهم وتبادُل الخبرات والمصالِح، وتشكِّل هذه القواعد والقوانين والأحكام أنظمةً فرعيَّة للُّغة؛ كالنظام الصوتي، والنظام الصرفي، والنظام النحوي، والنظام الدلالي، والنظام الكتابي"؛ (السيد، 1998، 74 - 85).

ونظرًا لأنَّ الأداء اللغوي يكون في شكلين: أولهما شفوي، والآخر كتابي، كان من الضَّروري الاهتمام بالكتابة وتعليمها وَفق القواعد والقوانين التي تَحكمها، وهذا ما أشار إليه قوتس وسدوكي (352 - 341، 1998، Goetz& Sadoki).

"وتدريب الطلاَّب على الكتابة في إطار العمَل المدرسي، يتركَّز في العناية بأمور ثلاثة: قدرة الطلاب على الكتابة الصحيحة إملائيًّا، وإجادة الخط، وقدرتهم على التعبير عمَّا لديهم من أفكار في وضوح ودقَّة؛ أي: لا بد من أن يكون الطالب قادرًا على رَسم الحروف رسمًا صحيحًا، وإلاَّ اضطربَت الرموز، واستحالَت قراءتها، وأن يكون قادرًا على كتابة الكلمات بالطَّريقة التي اتَّفق عليها أهلُ اللغة، وإلا تعذرَت ترجمتها إلى مدلولاتها، وأن يكون قادرًا على اختيار الكلمات ووضعها في نظامٍ خاص، وإلاَّ استحال فهم المعاني والأفكار؛ إذ الكتابةُ عمليَّة متكاملة في أبعادها الثلاثة: (الخط، الإملاء، التعبير)"؛ (خاطر، وآخرون، ١٩٨٩، ٢٧٧).

ومفهوم الإملاء - كما يدلُّ عليه لفظه - "يَنصرف إلى إملاء شَيء من المعلِّم على طلابه، ويمده بعض التربويين إلى الكتابة المطابقة للقواعد المتعارَفة في رسم الكلمات ولو كانت على سبيل النقل، فهو يتولَّى وحدات الكتابة بالرسم الصحيح"؛ (ظافر، الحمادي، 1984، 297).

وللإملاء أهميَّة لا تقل عن أهميَّة النَّحو والصرف، وله أثره في إبراز العمَل الكتابي بصورةٍ متكاملة بعيدة عن الأخطاء؛ لأنَّ الخطأ الإملائي قد يَحول دون الفهم الصَّحيح للمكتوب؛ ففهم المكتوب يتأثَّر بالصواب والخطأ في الرَّسم الكتابي؛ ومثال ذلك كلمة (عمرو) تتحوَّل إلى (عمر) إذا كُتبَت من غير واو، عندئذٍ يُصبح المعنى مشكلاً على القارئ، وقد تتغيَّر الحقيقة العلمية أو التاريخية أو الأدبيَّة أو غيرها؛ نتيجة الخطأ في الرَّسم الإملائي.

ومثال آخر يؤكِّد أنَّ صحَّة الإملاء في الكتابة ضرورة لأجل الفهم الصحيح، والاتصال اللغوي السليم، والخطأ الإملائي يؤدِّي إلى تغير المعنى في العديد من الحالات "فالهمزة المتوسطة تُكتب على السطر فيما يلي: (احترم الأبناء آباءهم)، ولو كُتبَت على واو لانقلب المعنى، فيصير المفعول به فاعلاً؛ أي: إنَّ الآباء هم الذين يَحترمون الأبناء؛ ولذا يعدُّ تعليم الإملاء عمليَّة مهمة في التعليم"؛ (شحاتة، 1992، 323).

ويؤكِّد نونان (Nunan) أنَّ خلوَّ الكتابة من الأخطاء الإملائيَّة يعزِّز اكتساب اللغة لدى الطلاب، فيَستطيعون تكوين الكلمات والجمَل المعبِّرة عن أفكارهم ومشاعرهم بصورةٍ سليمة، فتعليم الإملاء وتدريب الطلاَّب على قواعده بالشَّكل الصَّحيح يؤدِّي إلى سلامة الكتابة من الخطأ؛ إذ إنَّ الخطأ الإملائي يَحول دون فهم المادَّة المكتوبة ويشوِّهها، وقد يُلحِق الضَّررَ بالطالب، وربما يَحول دون ممارسته لأيِّ عمل وظيفيٍّ فيما بعد، وقد يؤدِّي إلى تخلُّفه في المواد التعليمية الأخرى، كما يؤثِّر في متابعة الطالب للتعليم في مراحل تعليميَّة لاحقة.

ولتعليم الإملاء أهدافٌ كثيرة، منها: تعليم الطلاَّب كتابة الكلمات بصورةٍ صحيحة، وتثبيت صورها في أذهانهم، فتسهل عليهم كتابتها من الذِّاكرة، واستعمال علامات التَّرقيم استعمالاً سليمًا، وإكسابهم عادات: الدقَّة، والنِّظام، والنَّظافة، والترتيب، وقوَّة الملاحظة، وتدريب الحواس على الإجادة والإتقان، وهذه الحواس هي: النَّظر، والسمع، واليد؛ فالأذن تَسمع ما يُملى عليها، واليد تَكتبه، والعين تَلحظ ما فيه من صوابٍ أو خطأ، وتمرين الطلاَّب على كتابة ما يَسمعونه في سرعة ووضوح، وصحَّة وإتقان، وتعويدهم على الإنصات؛ (سعيد، ١٩٨٩، ٦٠).

وممَّا يؤكِّد أهميَّةَ الإملاء ومنزلتَه عنايةُ وزارة التربية والتعليم بالمملَكة بتقريره في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة؛ فالإملاء يدرس بدءًا من الصفَّين الأول والثاني بالمرحلة الابتدائية ضمن تدريبات كتاب القراءة؛ كإملاء منقول "منسوخ"، وإملاء منظور، ثمَّ يستقل الإملاء بكتابٍ خاص في الصفِّ الثالث الابتدائي حتى الصف الثالث المتوسط، وقد قسم كل كتاب إلى جزأين في ضوء المفردات الخاصَّة بكلِّ فصل دراسي حسب التعميم الوزاري رقم 525 / 49، وتاريخ 25 / 6 / 1417 هـ.

وتؤكِّد مقدِّمات كتب الإملاء بالمرحلتين الابتدائية والمتوسطة على أهميَّة الإملاء، وتحدِّد أسس ومنطلقات التأليف ومنهجيَّته، والمحتوى والطريقة، والتدريبات والتقويم، والإخراج وتوجيهات للمعلم لضمان وفائها بالأهداف التربويَّة والتعليمية؛ (وزارة التربية والتعليم، ٢٠٠٥).

الإحساس بمشكلة الدراسة:

في ضوء ما سبق تَبدو أهميَّة الإملاء ودوره في صحَّة الكتابة، وما يحقِّقه من أهداف، وما يَلقاه من عناية تؤكِّد هذه الأهمية، مع ما جاء من التعميمات والنشرات وتوجيهات الإشراف التربوي لمعلِّمي اللغة العربيَّة حول تدريس مادَّة الإملاء، وإكساب مهاراتها لطلاَّب المرحلة الابتدائيَّة، وصقلها لدى طلاب المرحلة المتوسطة.

محتويات الدراسة