الألوان الأدبية في كتاب الكشكول لبهاء الدين العاملي

ملخص الرسالة

الألوان الأدبية في كتاب الكشكول

لبهاء الدين العاملي

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فمما لا شك فيه أن الإسلام الحنيف يحض على العلم والمعرفة، فكان تأليف الكُتُب وجمع العلوم والمعارف من سمات العلماء المسلمين؛ فمنذ بزغ فجر الإسلام وتوطدت دعائم هذا الدين، أخذ العلماء المسلمون على عاتقهم مهمة جمع العلم ونشره، وتأليف الكتب في كل المجالات العلمية، ومن بين تلك الكتب كتاب "الكشكول"؛ لمؤلفه "محمد بن حسين بن عبدالصمد، الملقب ببهاء الدين العاملي الهَمْداني.

وقد كان العاملي شخصيَّةً متعددة المواهب الفكرية والعقلية، فإلى جانب كونه شاعرًا وناثرًا وأديبًا وناقدًا، كان عالمًا ومُفكِّرًا، ومصلحًا ومؤلفًا؛ فقد ألف العديد من الكتب، ومن أشهر كتبه كتاب "الكشكول"، ويعتبر هذا الكتاب من كتب الأدب، ولكنه احتوى على العديد من العلوم والفنون؛ كالعلوم الدينية، والتاريخ، والهندسة والجبر، والطب، والحكم والأمثال، وغير ذلك من العلوم؛ فقد جمع فيه مؤلفه العديد من الموضوعات المتباينة، التي لم يكن يربط بينها إلا فكر مؤلفها، وقد وصف العاملي كتابه "الكشكول" في مقدمته؛ حيث قال عنه: "هذا الكتاب جمعت فيه نوادر تتحرك لها الطباع، وتهش لها الأسماع، وطرائف تسُر المحزون، وتزري بالدر المخزون، ولطائف أمضى من رائق الشراب، وأبهى من أيام الشباب، وأشعار أعذب من الماء الزلال، وألطف من السحر الحلال، ومواعظ لو قرئت على الحجارة لانفجرت، أو الكواكب لانتثرت، وفِقَرًا أحسن من ورد الخدود، وأرق من شكوى العاشق حال الصدود"[1].

وقد جاءت كل هذه العلوم والمعارف والفنون في كتاب الكشكول دون ترتيب أو ترقيم أو فهارس، فمؤلف هذا الكتاب لم يسر في تأليفه على المنهجية الواضحة والتخصص الموضوعي، بل سار في اتجاه جديد في جمع العلوم والمعارف على غير نظام أو ترتيب أو منهج؛ لذا وقع اختياري في هذه الدراسة على هذا الكتاب المليء بالفنون الأدبية من شعر ونثر، التي لم تأخذ حقها من الدراسة والترتيب والتنظيم، ولا شك أن هذا الكتاب فيه من الألوان الأدبية ما يعتبر مادة خصبة للبحث العلمي، وخصوصًا ما ضمه من شعر المؤلف الذي تناثر بين طيات هذا الكتاب، فمقصود هذا البحث هو تحديد الألوان الأدبية المتناثرة في هذا الكتاب وترتيبها، وفق دراسة منهجية منظمة؛ ليسهل على الباحث الوصول إليها، ولم أقف - حسب اطلاعي- على دراسة سابقة تتناول المادة الأدبية في كتاب الكشكول؛ فعزمت على دراستها، وسألت الله التوفيق.

وقد جاءت هذه الرسالة في ثلاثة فصول، وعدد من المباحث، يسبق ذلك كله مقدمة وتمهيد، وهي على النحو التالي:

التمهيد:

ويتضمن نبذة عن بهاء الدين العاملي؛ اسمه ونسبه، مولده ونشأته، وأهم أساتذته، ورحلاته، وتلامذته، ومؤلفاته، ومقام بهاء الدين العاملي ومكانته، ووفاته، ومنهج العاملي في كتابه "الكشكول".

الفصل الأول: المختارات الشعرية في كتاب الكشكول:

أخذت فيه بترتيب المختارات الشعرية الواردة في كتاب الكشكول وتنظيمها في المباحث التالية:

المبحث الأول: عصور الشعر الوارد في كتاب الكشكول، من العصر الجاهلي حتى القرن الحادي عشر.

المبحث الثاني: الشعر المنسوب لقائله والشعر مجهول القائل.

المبحث الثالث: أغراض الشعر الوارد في كتاب الكشكول: الغزل، الشعر الديني، الوصف، المديح، الرثاء، الحكمة، الهجاء، الفخر، الإخوانيات، الشكوى، الخمريات، الألغاز، التحسر على الشباب.

الفصل الثاني: شعر المؤلف "بهاء الدين العاملي":

المبحث الأول: ترتيب شعر بهاء الدين العاملي الوارد في كتاب الكشكول وتنظيمه حسب الأغراض.

المبحث الثاني: قيمة الشعر الوارد في كتاب الكشكول.

الفصل الثالث: المختارات النثرية في كتاب الكشكول:

المبحث الأول: الرسائل.

المبحث الثاني: الخطب.

المبحث الثالث: الحكم والأمثال.

المبحث الرابع: المواعظ.

المبحث الخامس: الوصايا.

المبحث السادس: القصص.

المبحث السابع: السوانح.

المبحث الثامن: التراجم.

المبحث التاسع: اللمحات النقدية.

ثم الخاتمة، وتتضمن نتائج البحث وتوصياته.

وقد كانت عنايتي منصبة في هذا البحث على تسليط الضوء على عالم وشاعر مهم من شعراء العصر العثماني، وذلك من خلال كتابه "الكشكول"، وكان تركيزي شديدًا على النصوص الأدبية في هذا الكتاب: ترتيبًا وتصنيفًا، فبدأت بترتيب المختارات الشعرية الواردة في كتاب "الكشكول" حسب العصور الأدبية مبتدئة بالعصر الجاهلي، حتى القرن الحادي عشر الهجري - عصر المؤلف - وترجمت خلالها لأغلب الشعراء الذين أورد لهم العاملي أكثر من مقطوعة شعرية، وبينت خلال ذلك الشعراء المشهورين، والأقل شهرة في كل عصر، وبعد ذلك ذكرت الشعراء غير المعروفين الذين أورد لهم العاملي بعض المقطوعات الشعرية، وبينت كذلك الشعر المنسوب نسبة غير تامة لقائل بعينه، كالشعر المنسوب للأعراب أو المغاربة والنساء وغيرهم، والشعر غير المنسوب، ثم بعد ذلك بينت الأغراض الشعرية الواردة في كتاب "الكشكول"، ورتبتها حسب كثرة هذه الأغراض ورودًا في كتابه؛ مبتدئة بالغزل، ثم الشعر الديني، متضمنًا الشعر الصوفي والمدائح النبوية، ثم الوصف، ثم المديح والرثاء، وأتبعته بشعر الحكمة، ثم الهجاء والفخر، وبعد ذلك تناولت شعر الإخوانيات والشكوى، ثم شعر الخمريات، وختمتها بغرض الألغاز والتحسر على الشباب، ثم انتقلت لترتيب شعر بهاء الدين العاملي مؤلف الكتاب حسب أغراضه الشعرية، وسلطت الضوء على بعض النواحي البلاغية في شعره، وقد تميز شعر العاملي بالجزالة والرصانة مع تجديده وتنويعه في القوافي واستخدامه الرمز في شعره الصوفي، ثم بينت قيمة الشعر الوارد في كتاب "الكشكول"، وأن العاملي أودع كتابه مختارات شعرية قيمة تضمنت العديد من الحكم والعبر والتوجيهات التي تنمي الذائقة الأدبية لقارئها، وتنمي كذلك قيمه وأخلاقه، وتُدخِل عليه المتعة الأدبية، ثم سلطت الضوء بعد ذلك على العديد من المختارات النثرية في كتاب "الكشكول" من الرسائل والخطب، والحكم والأمثال، والمواعظ والوصايا، والقصص والتراجم، واللمحات النقدية، وعلى سوانح العاملي النثرية، وبيَّنت ما احتوت عليه هذه المختارات النثرية من قيمة تاريخية وأدبية وأخلاقية.

وقد اعتمدت في بحثي هذا على كتاب "الكشكول" بتحقيق الشيخ الطاهر أحمد الزاوي، بجزئين كبيرين، يعدان ألف صفحة تقريبًا.

وفي الختام الشكر لله الذي أعانني على إكمال هذا البحث وإتمامه، ثم الشكر لجامعة أم القرى؛ حيث أتاحت لي فرصة الدراسة والبحث في هذا المجال، وأوكلت الإشراف علي فيه لفضيلة الأستاذ الدكتور مصطفى عبدالواحد؛ فلقد رافقني في هذا البحث باذلًا جهده في حل ما أُشكل، والأخذ باليد إلى مقاربة الأكمل، فجزاه الله عني خير الجزاء، وجعل عملنا وإياه خالصًا لوجهه الكريم، وفي ميزان حسناتنا يوم نلقاه، إنه سميع مجيب الدعاء.

وأشكر رئيس قسم الدراسات العليا الدكتور عبدالله الزهراني، والشكر موصول لكل فرد في هذه الكلية، وأشكر الأساتذة أعضاء لجنة المناقشة وأعضاء هيئة التدريس.

كما أتوجه بالشكر الخالص لمقام والديَّ الحبيبين اللذين غرسا فيَّ حب العلم منذ الصغر.

كما أتقدم بالشكر الجزيل لإخواني وأخواتي الذين وقفوا معي وأعانوني ماديًّا ومعنويًّا حتى أتممت هذا العمل.

والشكر كذلك لكل من قدَّم لي أيَّ جهد في تيسير الوصول إلى مصدر أو كتاب.

وبعد، فهذا جهد المقل، وحسبي أنني بشر، وعلم البشر لا يخلو من النقص والتقصير، فما كان فيه من نقص وعيب فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله منه، وما كان فيه من سداد وتوفيق فمن الله ورحمته وهو خير الراحمين.

والحمد لله أولًا وآخرًا.

قائمة المحتويات