أدب حمزة شحاتة ( ١٣٢٨ - ١٣٩١ هـ )

ملخص الرسالة

أدب حمزة شحاتة

(١٣٢٨ هـ- ١٣٩١)

دراسة تحليلية

Hamza Shehata s Literary Works

Analystic Study

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، أما بعد:

فمن الغريب أن يعد عالم فلكي بحثاً علمياً عن الكواكب، فينسى الشمس، أو القمر في تعداده، بل إن هذه الغرابة قد تمتد إلى اتهام بالتقصير أو العجز، ذلك أنهما أشهر الكواكب، وأكثرهما حضوراً لدى الناس؛ رؤيةً وتفكراً وتعجباً، ومن الغريب أن ينتظم عقد من الدراسات الأكاديمية عن الأدب السعودي، والحجازي منه خاصة، ويسقط اسم حمزة شحاتة من ذلك العقد.

دافع الغرابة أن حمزة شحاتة لم يكن أديباً ممن يمكن تجاوزه أو نسيانه في خضم الدراسات، فلا تكاد سيرة الأدب في الحجاز تفتح إلا قفز اسمه أمام السطور وعلى الأذهان؛ علماً من الأعلام، ورائداً من الرواد، وشاعراً من الفحول، ونجماً من النجوم، فما كاد العهد العثماني ينتهي بانطلاق ثورة الحسين حتى بدأ الحجاز ينفض عنه غبار السنين العجاف، وما جاء العهد السعودي حتى كان الحجاز مستعداً على خط البداية، ليبدأ سباق النهضة بعزيمة أبنائه المتوثبة، أبنائه الذين شكلوا صورة الفكر الحجازي، وساهموا بقوة في تشكيل صورة الفكر السعودي الأولى، والتي انطلق منها نحو آماد لا حصر لها، كما يشاهده العالم اليوم.

من أولئك الأبناء الذين سطروا أسماءهم في تاريخ الحجاز، محمد سرور الصبان وأحمد الغزاوي وعبدالوهاب آشي ومحمد حسن عواد وحمزة شحاتة وأحمد قنديل وغيرهم، ومن هنا جاء الاهتمام بهم كرواد للنهضة، وجاءت الدراسات لتشملهم بالاهتمام؛ تنقيباً وتحليلاً ونقداً، فجاءت أكثر من دراسة للعواد، وأخرى للقنديل وأخرى للغزاوي وهكذا.

غير أن حمزة شحاتة لم يكن له حظ من تلك الدراسات، رغم أن الباحث في الأدب الحجازي، لا يكاد يمر على مرجع من المراجع الحجازية كـ(أعلام الحجاز) لمحمد علي مغربي أو (شعراء الحجاز في العصر الحديث و الشعراء الثلاثة في الحجاز) لعبدالسلام الساسي أو (التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية) لعبدالله عبدالجبار أو (حمزة شحاتة قمة عرفت ولم تكتشف) لعزيز ضياء، أو على غيرها من المؤلفات الكثيرة، إلا ويجد تمجيداً لحمزة شحاتة الشاعر والأديب، فيوصف بالعلم والرائد والفحل والنجم الشعري والفكري اللامع.

من هنا نشأ التساؤل، فكان شرارة الرسالة الأولى، واستحال - بعد العزم على المضي في حمزة شحاتة رسالةً أكاديميةً لدرجة الماجستير - إلى بؤرة تولد الأسئلة، والأسئلة تولد الأسئلة، وهكذا بدأ العقد في الانتظام.

أول الأسئلة الني فرضها التساؤل/ البؤرة هي: من هو حمزة شحاتة، ولمعرفة حمزة شحاتة معرفة وافية، كان لا بد أن يركز الباحث على ثلاثة عناصر رئيسية: تكون الأدب كمولودلين العظام؛ باعتبار العصر الناهض حديثاً من سبات عميق، وحياة حمزة في ذلك العصر، ونتاجه الأدبي، وهذه العناصر هي ما كونت التمهيد ثم الفصل الأول من الرسالة، إذ ألقى التمهيد الضوء على الحركة الأدبية في الحجاز، وكيفية نشوئها، وأهم العوامل المؤثرة في ذلك النشوء، وأبرز روادها حتى عصر حمزة شحاتة، وتناول الفصل الأول حياة حمزة شحاتة بشيء من التفصيل، كما خصص لمؤلفاته مبحثاً عرض فيه أبرز ما ضمته تلك المؤلفات.

ولأن التساؤل/ البؤرة لم يولد إلا من كنف الأدب، فكان لزاماً أن تتكاثر الأسئلة حول أدب حمزة شحاتة، ففيه تكمن الإجابات على الأسئلة، ولعل الإجابة على السؤال الرئيسي تكمن فيه أيضاً، ولذلك كان له نصيب الأسد، فركز الفصل الثاني على العوامل المؤثرة في أدبه، في محاولة لربط السياقات بعضها ببعض، وإعطاء كل شيء حقه من غير زيادة أو نقصان، ومّثل كل عامل من العوامل مبحثاً مستقلاً، ليتكون الفصل من أربعة مباحث هي: شخصيته، بيئته، ثقافته الخاصة، إحساسه بالغربة، وتناول الفصل الثالث السمات الأدبية التي تُميز أدب حمزة فجاءت كالتالي: الحس الديني، هاجس الوطنية، سلطة الضمير، النظرة النقدية، حضور المرأة الطاغي، أما الفصل الرابع فكان أصعب المراحل، إذ ارتكز على سؤال مهم، مفاده: هل كان حمزة شحاتة فيلسوفاً؟ ولأن التأمل -كفعل عقلي- يمثل مرحلة أولى قبل الفلسفة كان له السبق في مباحث هذا الفصل، ليأتي الدور بعد ذلك على المقولات الفلسفية التي طرحها حمزة في أدبه، وهو ما أدى أيضاً إلى بروز الحكمة في أدب حمزة، مستخدماً الجد في مواضع، والسخرية في مواضع أخرى، لنفث حكمه ومقولاته، ومثلت الحكمة والسخرية المبحثين الأخيرين من هذا الفصل الذي حمل عنوان (الملامح الفلسفية في أدب حمزة شحاتة)، أما الفصل الخامس - والأخير - فتناول الخصائص الفنية في أدب حمزة، حيث ركز على: اللغة، والأسلوب، والموسيقى والإيقاع، والمنحى الجمالي، كمباحث كونت هذا الفصل، لتنتهي الرسالة - وما انتهت الأسئلة - بخاتمة لخصت بعض ما جاء في الرسالة.

لم يتناول بحث أكاديمي غير دراسة الدكتور عبدالله الغذامي الرائدة حول حمزة شحاتة (الخطيئة والتكفير) أدب حمزة شحاتة كموضوع مستقل أبداً، حتى إن دراسة الدكتور الغذامي لم تسلط الضوء على أدب حمزة، بقدر ما استفادت من أجزاء من حياة وأدب حمزة كنموذج لتطبيق نظرية نقدية حديثة، وهي على هذا أفادت الرسالة فائدة جمة، لكن آخرين قاسموا الدكتور الغذامي ودراسته الفضل - بعد فضل الله الأول والكامل - على الرسالة، من أولئك الدكتور عبدالرحيم أبوبكر وكتابه (الشعر الحديث في الحجاز)، والدكتور إبراهيم الفوزان وكتابه (الأدب الحجازي بين التقليد والتجديد)، والدكتور عاصم حمدان وكتابه (قراءة نقدية في بيان حمزة شحاتة الشعري)، والأستاذ عبدالفتاح أبو مدين وكتابه (حمزة شحاتة ظلمه عصره) وغيرهم الكثير ممن تناولوا بعض الجوانب من أدب حمزة شحاتة في مؤلفاتهم.

ولأن الفضل لا ينسى أوليه، فمن الضروري التأكيد على دور كريمة الشاعر الأستاذة زلفى حمزة شحاتة وأبنائها الأفاضل، لما قدموه من تسهيلات وجهود مشكورة، وعلى دور المسؤولين في مراكز المعلومات في كل من (صحيفة المدينة المنورة)، و(صحيفة عكاظ)، و(صحيفة البلاد)؛ لأن ما قدموه من خدمات جعل الرسالة تضع يديها على الكثير مما لم يكن موجوداً، والشكر موصول لأساتذتي بأسمائهم: الدكتور جميل مغربي؛ المشرف على الرسالة، والأب الأحنى، والصديق الأوفى الذي تحمل ما لا يتحمله غير الأوفياء، وقدم ما لا يقدمه غير الأكارم، والدكتور عاصم حمدان؛ على ما قدمه من اهتمام بالرسالة، فاق - في كثير من الأحيان - اهتمام صاحب الرسالة، والدكتور عبدالمحسن القحطاني، والدكتور عبدالله المعطاني، والدكتور عبدالعزيز السبيل، والدكتور حسن النعمي، والدكتور عبدالله السلمي، والدكتور حمدان الزهراني، والدكتور مراد عبدالرحمن، والدكتور محمد عرفة، وزملائي الأعزاء فرداً فرداً، شكر الله لهم وجزاهم خير الجزاء.

بين يديك، ثمرة جهد هؤلاء كلهم، بالإضافة إلى أمهات ثلاث وأب؛ أمي الكبرى رعاها الله وأدام علي نعمة وجودها وصحتها، وأمي الوسطى، أم نجلاء، زوجتي، التي يقف أمثالها أمام وجوار وخلف كل رجل عظيم، وأمي الصغرى نجلاء التي أكملت - حين أكملتُ الرسالة - ستة أشهر من عمر مديد ملهِم، وأبٍ علمني قراءة الكتب مع شموخ الشمس، أطال الله عمره.

وبعد...: فهذا حقلٌ مليء بالثمرات، نثر بذوره رجل يسمى (حمزة شحاتة) يوماً من الأيام، وترك لنا مشقة ومتعة حصاده عبر السنين، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وستر عيوب عملي الكثيرة، إنه ولي ذلك.

الفهرس