صلة الاستعمار بالتيارات الفكرية الهدامة

ملخص الرسالة

صلة الاستعمار بالتيارات الفكرية الهدامة

المقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستففره ونتوب إليه جلَّ شأنه وتقدست أسمائه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وبعد...

منذ أن بدأ الله الخلق كان هناك صراع بين الحق والباطل، وكان الصراع في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حينما جمع قريشًا وخطب فيهم داعيًا ياهم إلى كلمة التوحيد، فناصبوه العداء، وأعلنوا الحرب على الإسلام، وكل هذا لما علمته قريش من ذهاب مصالحهم إذا اتبعوا الدين الحق "الإسلام".

ولأن الصراع مستمر بين الحق والباطل إلى يوم القيامة، فلقد ازدادت في عصرنا هذا الحرب ضراوة على الإسلام، وظهرت أفكار دخيلة على الإسلام والمسلمين، وكل هذا كان من وراء مخلفات الاستعمار، الذي ما فتئ محاربًا لدين الله عزَّ وجلَّ، وزرع من ينخر في صفوف المسلمين، ويفتت قواهم، ويضعف هيبتهم، فقد وضعوا لهم من يساندهم في نصرة باطلهم، ووجدوا في ذلك قبولًا من بعض المسلمين لضعف دينهم، وانجرارهم لمصالح فانية ومتاع زائل، فغرس الاستعمار فيهم ما يريد من تغيير لعقيدة الإسلام وتشويش الفكر الصواب والحق؛ لعلمهم أن سر قوة المسلمين يكمن في تمسكهم بعقيدتهم الإسلامية.

ولا يخفى على أي مسلم ذي عقل وفكر سليم ما تتعرض له الأمة الإسلامية العظيمة من غزو ومكر في السر والعلن سعيًا من أجل سلبها مكانتها التي فاقت بها كل حضارة وتقدم، ولقد كان للاستعمار والتيارات الفكرية الهدامة الدور الكبير في تبديل المفاهيم وإدخال المغالطات في عقول أبناء المسلمين، وتقسيم الاتجاهات والأفكار تمامًا كتقسيم الدول والمستعمرات، ولقد انتشرت الكثير من الحركات والتيارات الفكرية الهدامة قديمًا وحديثًا؛ بهدف القضاء على الفكر والتصور الإسلامي القويم، خدمة للاستعمار ومصالحه ولكنهم ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30].

ومن واجب المسلمين الذين أنعم الله عليهم بالعلم والدين أن يقفوا في وجه كل التيارات والأفكار الهدامة، ويوضحوا آثارها وأخطارها وكيفية توجيه جهود المسلمين وأصحاب الفكر السليم؛ لصد خطر هذه التيارات الهدامة عن المسلمين، ومعلوم أن خطر التيارات الفكرية الهدامة أشد من خطر الاستعمار نفسه، ومن هذا المنطلق فإني قمت وبعون الله عزَّ وجلَّ بتناول بعضًا من تلك الفرق والمذاهب وبينت خطرها على المسلمين التي تصب في مصلحة الاستعمار ومدى الصلة الوثيقة بينها وبين الاستعمار في بحث سميته "صلة الاستعمار بالتيارات الفكرية الهدامة" وكان ذلك سعيًا مني إلى مرضاة الله عز وجل وحسن ثواب الآخرة.

أهمية البحث وأسباب اختياره:

1) الكشف عن النوايا الحقيقية لهذه التيارات وعلاقتها بالاستعمار والأهداف الموجوة لأصحابها والمتبنين لها.

2) إظهار مدى خطورة علاقة هذه التيارات بالاستعمار وأثرها على الأمة الإسلامية وكيفية التصدي لها.

3) ازدياد خطر الاستعمار والتيارات الهدامة على أبناء الإسلام والأمة الإسلامية.

4) عدم وجود بحث مستقل بهذا العنوان في حدود علمي واطلاعي.

ولذلك وقع اختياري على البحث في هذا الموضوع من جميع النواحي التي تيسر إيصال الصورة كاملة للباحثين عن الحق والمدافعين عن هذا الدين.

الدراسات السابقة:

لم أجد حسب اطلاعي المحدود كتابات مستقلة بهذا العنوان ولكني عثرت على بعض المراجع التي تناولت الموضوع من بعض الجوانب دون الإلمام بالموضوع ككل ومنها:

أولًا: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي د.محمد البهي.

حيث تطرق الكاتب لحركتين ممالئتين للاستعمار وهي البهائية والقاديانية كما اعتبر الكاتب حركة جمال الدين الأفغاني وحركة محمد عبده حركتين مقاومتين للاستعمار ثم عرض لفكر التجديد منذ بداية القرن العشرين ثم عرض لحركة تحديد المفاهيم الإسلامية التي قام بها محمد إقبال في الهند.

ثانيًا: أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها د.عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني.

ولقد كانت الدراسة في هذا الكتاب عن التبشير والاستشراق والاستعمار وتناول الكاتب عناصر الغزو بالحيل ووسائل المكر غير المباشر وما يتعلق بالهجوم المباشر على الإسلام ودوافع الغزو وتوجيهات للمسلمين.

فمعظم الكتابات التي اطلعت عليها اقتصرت على جانب دون آخر أو تحدثت عن التيارات الهدامة أو الاستعمار بشكل عام دون تفصيل وسأسلط الضوء في هذا البحث على الصلة الخطيرة بين الاستعمار والتيارات الهدامة، وأثرها على الأمة الإسلامية وطرق مواجهتها.

منهج البحث:

سلكت الباحثة في هذا البحث المنهج الوصفي التاريخي، للتعريف بالاستعمار، والتيارات الهدامة، وبيان الصلة الحقيقية بين الاستعمار والتيارات الهدامة وتأثيرها على المسلمين وكيفية مواجهتها.

طريقة البحث:

1) توثيق الآيات في متن الرسالة وتخريج الأحاديث النبوية الشريفة وذلك بعزوها إلى مظانها من كتب السنة ونقل حكم العلماء عليها إلا إذا كان الحديث في الصحيحين فسأكتفي بعزوه لهما.

2) ترجمة للشخصيات التي لها علاقة مباشرة بموضوع البحث.

3) بيان معنى المصطلحات والكلمات الغريبة وذلك بالرجوع لكتب اللغة.

4) عند توثيق المراجع لأول مرة سأكتب التوثيق كاملًا وذلك بذكر اسم الكتاب والمؤلف والجزء والصفحة ورقم الطبعة وبلد وتاريخ النشر وفي المرات اللاحقة أذكر اسم الكتاب فقط أما إذا ورد اسم الكتاب لأكثر من مؤلف فأميزه بذكر اسم المؤلف.

عند الاقتباس من المصادر والمراجع:

أ- إذا كان الاقتباس باللفظ كاملًا أضعه بين قوسين في المتن وأشير إلى ذلك في الهامش بذكر اسم المرجع وفي حال الاقتباس من نفس الكتاب مرة ثانية أختصر ذلك التوثيق.

ب- إذا كان الاقتباس باللفظ مع تصرف بسيط أو تقديم أو تأخير فأشير إلى ذلك بذكر اسم المرجع مع لفظ (بتصرف).

ج- إذا كان الاقتباس بالمعنى أشير في الهامش بلفظ انظر قبل ذكر اسم المرجع.

خطة البحث:

اشتمل البحث على مقدمة وتمهيد وأربعة فصول وخاتمة وقد اتبعت فيه الخطة التالية:

المقدمة وتشتمل على:

1) أهمية البحث وسبب اختياره.

2) الدراسات السابقة

3) منهج البحث

4) طريقة البحث

التمهيد: ويشتمل على:

أولًا: التعريف بالاستعمار

ثانيًا: التعريف بالتيارات الفكرية الهدامة.

الفصل الأول: الحركات الباطنية وصلتها بالاستعمار:

ويشتمل على خمسة مباحث:

المبحث الأول: الدروز.

المطلب الأول: نشأة الدروز

المطلب الثاني: أهم المعتقدات والأفكار

المطلب الثالث: صلة الدروز بالاستعمار

المبحث الثاني: النصيرية.

المطلب الأول: نشأة التصيرية.

المطلب الثاني: أهم المعتقدات والأفكار

المطلب الثالث: صلة التصيرية بالاستعمار

المبحث الثالث: البابية

المطلب الأول: نشأة البابية.

المطلب الثاني: أهم المعتقدات والأفكار

المطلب الثالث: صلة البابية بالاستعمار

المبحث الرابع: البهائية

المطلب الأول: نشأة البهائية.

المطلب الثاني: أهم المعتقدات والأفكار

المطلب الثالث: صلة البهائية بالاستعمار

المبحث الخامس: القاديانية

المطلب الأول: نشأة القاديانية.

المطلب الثاني: أهم المعتقدات والأفكار

المطلب الثالث: صلة القاديانية بالاستعمار.

الفصل الثاني: مذاهب فكرية هدامة وصلتها بالاستعمار.

ويشتمل على ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: العلمانية

المطلب الأول: نشأة العلمانية

المطلب الثاني: أهم المبادئ والأفكار

المطلب الثالث: صلة العلمانية بالاستعمار

المبحث الثاني: التغريب

المطلب الأول: نشأة التغريب

المطلب الثاني: أهم المبادئ والأفكار

المطلب الثالث: صلة التغريب بالاستعمار

المبحث الثالث: العولمة

المطلب الأول: نشأة العولمة

المطلب الثاني: أهم المبادئ والأفكار

المطلب الثالث: صلة العولمة بالاستعمار

الفصل الثالث: تنظيمات فكرية هدامة وصلتها بالاستعمار

ويشتمل على مبحثين:

المبحث الأول: الماسونية

المطلب الأول: نشأة الماسونية

المطلب الثاني: أهم المعتقدات والأفكار

المطلب الثالث: صلة الماسونية بالاستعمار

المبحث الثاني: الصهيونية

المطلب الأول: نشأة الصهيونية

المطلب الثاني: أهم المعتقدات والأفكار

المطلب الثالث: صلة الصهيونية بالاستعمار

الفصل الرابع: أثر التيارات الهدامة وطرق مواجهتها

ويشتمل على مبحثين:

المبحث الأول: أثر التيارات الهدامة على الإسلام

المطلب الأول: أثر التيارات الهدامة على العقيدة

المطلب الثاني: أثر التيارات الهدامة على الشريعة

المطلب الثالث: أثر التيارات الهدامة على الأخلاق.

المبحث الثاني: طرق مواجهة التيارات الهدامة

المطلب الأول: السبل الوقائية

المطلب الثاني: الطرق العلاجية.

الخاتمة: وتشمل أهم النتائج والتوصيات.

الفهارس: وتشتمل على أربعة فهارس:

1) فهرس الآيات

2) فهرس الأعلام

3) فهرس المصادر والمراجع

4) فهرس الموضوعات.

الخاتمة والتوصيات:

أولًا: الخاتمة:

وبعد أن من الله عز وجل علي بإتمام هذا البحث على الوجه الذي أسأله أن يرضيه عز وجل فقد أوجزت في هذه الخاتمة أهم النتائج التي توصلت إليها في البحث على النحو التالي:

1) عندما وجد الاستعمار محاولة جادة للنهوض بالأمة الإسلامية من كبوتها بدأ يخطط ويتحرك للقضاء على الإسلام.

2) لم يلق الاستعمار سلاحه بل لا زال يترصد بالمسلمين، ويضع الخطط ويبذل الجهد والمال للقضاء على الإسلام والمسلمين.

3) لقد دعت التيارات الهدامة إلى التعايش مع الاستعمار بمحبة وإخاء، وإلغاء فريضة الجهاد في سبيل الله، ونشر مبادئ وأفكار الاستعمار.

4) يعمل الاستعمار والتيارات الهدامة جنبًا إلى جنب على تحطيم المعنويات الإسلامية، ومحاربة كل إنسان يعي مشكلات بلاده.

5) كذلك يعمل الاستعمار والتيارات الهدامة على إثارة الفوضى والفلتان في البلد المستعر من خلال العملاء الذين تربوا في معاهد وجامعات الاستعمار.

6) تعد التيارات الهدامة عميلة للصهاينة اليهود فقد كان لهم دور كبير في احتلال فلسطين.

7) الدروز والنصيرية كفار باتفاق المسلمين، فهم لا يقرون بوجوب الصلوات الخمس، ولا بوجوب صوم رمضان، ولا وجوب الحج، ولا تحريم ما حرم الله عز وجل.

8) تقوم الفرق الباطنية كالدروز والنصيرية بقتل كل من يكشف أسرار عقائدهم.

9) أكثر عقائد الدروز مستقاة من العقائد الإسماعيلية الباطنية.

10) إن من أعظم المصائب التي أصابت المسلمين في دينهم ودولتهم تلك الفرق الباطنية المنحرفة والتي كان لها أثر كبير في تغيير كثير من العقائد الإسلامية الصحيحة.

11) أسلوب النصيرية في إعطاء مذهبهم لأتباعهم يشبه الأسلوب المتبع في الماسونية العالمية عند سقوط عضو جديد في شراكهم.

12) تعد الفرقة البابية من الفرق الضالة الكافرة التي تحارب الإسلام وقد انبثقت عن الشيعة الإثنا عشرية.

13) من الملاحظ أنه غالبًا ما تتفق أهداف التيارات الهدامة مع أهداف الاستعمار.

14) علاقة العلمانية بالدين علاقة سلبية؛ لأنها تقصي الدين عن جميع مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية.

15) يتعرض العالم الإسلامي إلى هجمة غربية صليبية صهيونية شرسة تحول دون وصول الإسلام لقيادة العالم وذلك بتعاون التيارات الهدامة مع الاستعمار.

16) كان تركيز الاستعمار والتيارات الهدامة على العقيدة الإسلامية؛ لأنها هي الأساس في بناء الإنسان المسلم، وكذلك ركزوا على الشرائع والأخلاق لأنها هي أساس بناء الأمم أو هدمها.

17) ركزت التيارات الهدامة أيضًا على المرأة لأنها هي مربية الأجيال فعملت على إخراجها من دينها وأخلاقها وعفافها.

18) لقد كان للصهيونية والماسونية الدور الكبير في التآمر لإسقاط الخلافة عن طريق الإطاحة بالسلطان عبد الحميد وزرع مصطفى كمال أتاتورك الذي فرض العلمانية على الأتراك وقطع كل صلة لتركيا بالإسلام.

19) تسعى التيارات الهدامة لنقض أحكام الشريعة الإسلامية ففرضها مبادئ تخالف الشريعة الإسلامية ومن ذلك المساواة بين الرجل والمرأة لإزالة الفوارق في الأحكام والحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة والتي أقرتها الشريعة الإسلامية.

20) ما زال الاستعمار والتيارات الهدامة يسعون إلى إفساد أبناء المسلمين باسم الحرية والترفيه وإشغالهم عن التفكير بالدين والعقيدة والمستقبل وحرية الأمة والوطن.

21) عمل الاستعمار على إنشاء ودعم المناهب والفرق الهدامة لإشغال المسلمين بها وإخراجهم من دينهم ليسهل السيطرة عليهم فلقد اخترق الاستعمار والتيارات الهدامة الأمة الإسلامية من خلال عقيدتها وفكرها وثقافتها بشتى وسائل الغزو الفكري المختلفة لتزييف الهوية الإسلامية.

22) يقدم الاستعمار المعونات المشروطة للبلاد المستعمرة حتى تبقى هذه البلاد تحت ضغط وسيطرة وهيمنة الاستعمار.

23) عملت التيارات الهدامة وبتخطيط من الاستعمار على نشر عقائد وأفكار جديدة وفاسدة لشق صف المسلمين ووحدتهم.

24) معظم الشخصيات التي لها دور في هدم الإسلام تنتمي إلى أكثر من تيار كالتغريب والماسونية والعلمانية ومن هؤلاء مصطفى كمال أتاتورك.

25) إن الجهل يساعد على انتشار التيارات الهدامة.

ثانيًا: التوصيات:

1) دراسة هذه التيارات على وجه التفصيل وبيان أضرارها وأخطارها.

2) على ولاة أمر المسلمين التصدي للتيارات الهدامة بكل قوة وحماية أبناء المسلمين منها.

3) مطلوب من العلماء تكثيف جهودهم الدعوية لكشف التيارات الهدامة والتحذير منها.

4) وضع خطة تربوية إسلامية ونشرها في المدارس والجامعات ومواقع الانترنت لتطهير وحماية أبناء المسلمين من آثار الاستعمار.

وبعد:

فهذا مجمل ما توصلت إليه في هذا البحث فما كان فيه من صواب فبتوفيق من الله وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان وأسأل الله العلي القدير أن يوفق المسلمين لما فيه خير دينهم ودنياهم وأن يكفيهم شرور أعدائهم وأن ينفع بهذا البحث ويجعله خالصًا لوجهه الكريم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وصلاة على المرسلين والحمد لله رب العالمين.