الأحكام الفقهية المتعلقة بالتمر

ملخص الرسالة

الأحكام الفقهية المتعلقة بالتمر

المقدمة:

إن الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإن العلمَ الشرعيَّ من أشرف العلوم وأسماها، والسعْيُ في التفقُّه به من أفضل الأعمال وأزكاها، بل هو علامةُ خيريَّة العبد كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن يرد الله به خير ًا يفقِّهْه في الدين))[1].

وقد مَنَّ الله عليَّ بالالتحاق بالدراسات العليا في قسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض، في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ولما كان من متطلَّبات إتمام مرحلة الماجستير اختيارُ موضوعٍ ودراستُه وتقديمُه بصفته رسالة علميَّة إلى القسم - فقد أجمعتُ أمري في البحث عن "الأحكام الفقهية المتعلِّقة بالتمر"، بعدَ استخارةِ الله تعالى، ثم استشارة عدد من الأفاضل المختصين، جزاهم الله عني خيرَ الجزاء؛ وذلك لما للتمر من مكانة، فقد ورد فضلُ هذه الثَّمرة في الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ﴾ [مريم: 25، 26]، وقوله تعالى: ﴿ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ﴾ [ق: 10]، وكان صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يَمدَحُ النخلةَ ويُشبِّه بها، وأن ثمرتَها ليست كغيرها من الثمار، هذا بعض ما شدَّني إلى دراسة هذه الثمرة والتعمق في أحكامها، وفيما يلي بيان لأهمية الموضوع وأسباب اختياره.

أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

تظهرُ أهميَّة هذا الموضوع وأسباب اختياره في أمور عدة، منها:

1- فضلُ هذه الثمرة، وما ورد في الكتاب والسنة في شأنها.

2- أن التمرَ مما يَكثُرُ تعاملُ الناس به؛ فالحاجةُ مُلحَّة في معرفة الأحكام الفقهية المتعلِّقة به في جانب العبادات، والمعاملات.

3- كثرةُ المسائل الفقهيَّة المتعلقة بها، سواء أكان منها في باب العبادات أم المعاملات.

4- أن جزئيَّاتها متناثرة في أبواب الفقه، فكان من الضروري جمعُها في مؤلَّف واحد؛ حتى يَسهُل ذلك على طالبه.

5- أن بعض المسائل المتعلقة بالتمر تُعدُّ من النوازل المعاصرة التي ينبغي على طالب العلم البحثُ فيها، وبيانُ حكمِها للناس؛ لحاجتهم إلى ذلك.

6- أن هذا الموضوع لم يُسبَقْ تسجيلُه فيما أعلمُه بعدَ استقراءِ قوائم الرسائل الجامعيَّة، وما وُجِد هو تطرُّقُ بعض الباحثين لبعض الجوانب الفقهية المتعلِّقة به مع إغفال جوانب أخرى، فكانت الحاجة ماسةً إلى وجود دراسة مستقلَّة في هذا الموضوع.

أهداف الموضوع:

1- جمعُ أحكام التمر ودراستُها وإظهارها في مؤلَّف واحد، سواء أكان منها ما يتعلق بالعبادات أم بالمعاملات.

2- الإسهامُ في إثراء المكتبة الفقهيَّة بالبحوث المتخصصة.

الدراسات السابقة:

سبَقَتِ الإشارة إلى أني لم أجد في هذا الموضوع دراسةً خاصة به مفردة، إلا أن بعض الباحثين تطرَّق إلى بعض أحكام التمر ضمنَ بحثِه في موضوعٍ آخر؛ مثل:

1- أحكام الثمار في الفقه الإسلامي، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الفقه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ لفضيلة الدكتور: عبدالعزيز بن محمد بن لاحق الغامدي، وقد نوقشت بتأريخ 11/ 4/ 1425 هـ.

وقد قسَّم الدكتور رسالتَه إلى أربعة أبواب؛ الباب الأول جعله في أحكام الثمار في العبادات، وجعله في فصلَيْنِ، الأول: عن أحكام الثمار المتعلقة بالطهارة، والثاني: عن أحكام الثمار المتعلِّقة بالزكاة، وكان تطرُّقه للأحكام في الثمار عامةً، ويدخل تحتَها التمرُ في بعض أحكامِه المشتركة مع بقيَّة الثمار، بخلاف غيرها من الأحكام التي يختصُّ فيها التمر دونَ غيره، وجعل الباب الثاني في أحكام الثمار في المعاملات، وجعله في ثمانية فصول، ذكر فيها أحكامَ الثمار المتعلِّقة بالمعاملات، مبتدئًا بالبيع، ثم الرِّبا، والسَّلَم، والرَّهن وغيرها من المعاملات، وجعل البابَ الثالث في أحكام الثمار في الأطعمة، وقد جعله في خمسةِ مباحث تتعلَّق بالأحكام الفقهيَّة المتعلِّقة بالثمار في هذا الباب، أما الأحكامُ الواردة في باب الأطعمة، فلم يتطرَّقِ الدكتور حفظه الله إلى الأحكام الخاصة بالتمر - وهي كثيرة، ولها أهميتها العظمى التي لا تخفى على أحد - ولعلَّ ذلك لأن الرسالة لم تختصَّ بالتمر، ولم تُفرَدْ له وحدَه.

فمَكْمنُ الاختلاف بينَ بحثِي وهذه الرسالة أن التمرَ هو واحدٌ من الثمار التي درسها الدكتور وفَّقه الله، ولكن تطرُّقَه كان إلى بعض المسائل دون مسائل أخرى كثيرة تحتاج إلى رسالة مستقلَّة.

2- أحكام النبات والشجر في الفقه الإسلامي، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الفقه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ لفضيلة الدكتور صالح بن أحمد الوشيل، ونُوقشت بتأريخ 20/ 2/ 1417 هـ، وقد اتصلت بالدكتور صالح وأفادني - جزاه الله عني خيرَ الجزاء - أنه درس في أحكام النبات والشجر دون التطرُّق إلى أحكام الثمار بتاتًا، بل وأخبرني أنه نصَّ على ذلك في مقدمة رسالته.

3- أحكام النخيل في الشريعة الإسلامية؛ للدكتور فهد بن حمود العصيمي، بحث منشور في مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية – المغرب - الدار البيضاء، وقد قرأته كاملًا، ووجدته مكوَّنًا من ست وتسعين صفحة بالفهارس[2]، تناول فيه الدكتور حفظه الله بعضَ الأحكام المتعلِّقة بالنخل والتمر، جعل البابَ الأول عن فَضْل النخيل، وذكَر الأدلة من الكتاب والسنة على ذلك، ثم الباب الثاني في أحكامٍ شرعيَّة عن النخيل وثمرتها، تكلَّم فيه عن بعض مسائل الربا وبعض مسائل الزكاة المتعلِّقة بالنخيل والتمور، والسَّلَم وغيرها من المسائل الفقهيَّة لكن باختصار شديد، وتجاوز لبعض المسائل المهمة، ثم تكلَّم في الباب الثالث عن زراعة النخيل وتنميتِها وفوائدها، ثم تكلَّم عن أهمِّ مراكز أشجار النخيل في المملكة، وعرض بعض مشكلات النخيل وحلولها، ثم ختم بحثَه بخاتمة كان مما قال فيها: "وتعرَّضتُ لبعض الأحكام الشرعية التي لها عَلاقة بالنخل وثمرتها، ثم عرجْتُ على الطريقة المُثْلى لزراعة النخل مع بيان الفوائد التي تعود من زراعة النخل، وفي الواقع أن هذه الشجرة المباركة فيها خير كثير"، وفعلًا هذا ما لحظته في بحثه وفَّقه الله؛ فهو مُتناوِلٌ لبعض الأحكام، كما توسَّع في ذكر أمور كثيرة لا عَلاقة لها بالأحكام الفقهية؛ كذكر النخيل في المملكة وما يتعلق بها، وقد تواصلت مع الدكتور وتناقشت معه حول بحثه، فقال لي ناصحًا: إن موضوع التمر بحاجة إلى دراسة مفرَدَةٍ، وأنا لم أوفِ بذلك في بحثي، وحثَّني على البحث في أحكام التمر، وبخاصة من جميع الجوانب الفقهية.

منهج البحث:

المنهجُ الذي سوف أتبعُه إن شاء الله في هذا البحث هو المنهج الاستقرائي والتحليلي، وذلك وَفْق ما يلي:

1- تصوير المسألة المراد بحثُها قبل بيان حكمها؛ ليتضحَ المقصود من دراستها.

2- إذا كانت المسألةُ من مواضع الاتفاق، فأذكرُ حكمَها بدليلِه، مع توثيق ذلك من مظانِّه المعتبرة.

3- إذا كانت المسألةُ من مسائل الخلاف أتبعُ ما يلي:

أ- تحرير محلِّ الخلاف إذا كانت بعضُ صور المسألة محلَّ خلاف، وبعضُها محلَّ اتفاق.

ب- ذكر الأقوال الواردة في المسألة، وبيان مَن قال بها من أهل العلم، و يكون عرضُ الخلاف حسب الترتيب الزمني للمذاهب الفقهيَّة.

ج- الاقتصار على المذاهب الفقهيَّة المعتبَرة، مع العناية بذكر ما تيسَّر الوقوف عليه من أقوال السلف الصالح، وإذا لم أَقِفْ على المسألة في مذهبٍ ما أسْلُكُ مسلكَ التخريج.

د- توثيقُ الأقوال من كتب المذهبِ نفسِه.

هـ- جمعُ أدلة الأقوال، مع بيان وَجْه الدِّلالة، وذكر ما يردُ عليها من مناقشات، وما يُجاب به عنها.

و- الترجيحُ، مع بيان سببه، وذكر ثمرة الخلاف إن وجدت.

4- الاعتمادُ على أمَّهات المصادر والمراجع الأصيلة.

5- التركيز على موضوع البحث وتجنُّب الاستطراد.

6- العناية بضرب الأمثلة وبخاصة الواقعية.

7- تجنب ذكر الأقوال الشاذَّة.

8- الرجوع إلى المصادر الخاصة بالقضايا الطبِّيَّة.

9- عزو الآيات بذكر اسم السورة، ورقم الآية.

10- تخريج الأحاديث، وبيان ما ذكره أهل الشأن في درجتها إن لم تكن في الصحيحين أو أحدِهما، فإن كانت كذلك أكتفي حينئذ بتخريجه منهما.

11- تخريج الآثار من مصادرها الأصيلة، والحكم عليها.

12- التعريف بالمصطلحات الغريبة الواردة في البحث.

13- العناية بالقواعد العربيَّة والإملاء وعلامات الترقيم.

14- تكون الخاتمةُ عبارةً عن ملخَّصٍ للرسالة؛ يُعطي فكرةً واضحة عما تضمَّنته الرسالة، مع ذكر أبرز النتائج وأهم التوصيات.

15- ترجمة الأعلام غير المشهورين.

16- الفهارس، وتشتمل على:

• فهرس الآيات.

• فهرس الأحاديث والآثار.

• فهرس الأعلام المُترجَم لهم.

• فهرس المصادر والمراجع.

• فهرس الموضوعات.

فهرس الموضوعات