• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات تاريخية
علامة باركود

رسالة الإمام سعود الكبير التي وافقه عليها أهل مكة (1)

رسالة الإمام سعود الكبير التي وافقه عليها أهل مكة (1)
محمد أحمد عثمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/12/2012 ميلادي - 8/2/1434 هجري

الزيارات: 9907

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رسالة الإمام سعود الكبير التي وافقه عليها أهل مكة (1)

 

كتبه الإمام سعود الكبير بن عبدالعزيز عند دخوله إلى مكة المكرمة في سنة 1225هـ ردًا على ما كتبه إليه سليمان باشا والي الشام من قبل الحكومة العثمانية وفي آخر المنشور كتب علماء مكة وأعيانها وعلى رأسهم الشريف غالب بالموافقة على ما في هذا المنشور، وكذلك كتب تحت كتابة أهل مكة أهل المدينة المنورة من علماء وأعيان ووقع الجميع بأختامهم وخطوطهم بالموافقة وقد أخذت صورة هذا المنشور بآلة التصوير من أصله الذي كان عند الوجيه الفاضل الشيخ محمد نصيف ونص المنشور:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

من سعود بن عبدالعزيز إلى سليمان باشا:

(أما بعد) فقد وصل إلينا كتابكم وفهمنا ما تضمنه من خطابكم، وما ذكرتم من أن كتابنا المرسل إلى يوسف باشا على غير ما أمر الله به ورسوله من الخطاب للمسلمين بمخاطبة الكفار والمشركين و[1] الضالين وقسوة الجاهلين كما قال تعالى ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ ﴾ [آل عمران: 7].

 

ولسنا بحمد الله نتبع المتشابه من التنزيل، ولا نخالف ما عليه أئمة الأمة من التأويل. فإن الآيات التي استدللنا بها على كفر المشرك وقتاله هي من الآيات المحكمات في بابها لا من المتشابهات ولم يختلف أئمة المسلمين في تأويلها والحكم بظاهرها وتفسيرها، بل هي من الآيات التي لا يعذر أحد عن معرفة معناها. وذلك مثل قوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48] وقوله ﴿ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ﴾  [المائدة: 72] وقوله ﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ﴾ [التوبة: 5] الآية، وقوله ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ [الأنفال: 39].

 

وأما قولكم: فإنا لله الحمد على الفطرة الإسلامية والاعتقادات الصحيحة، ولم نزل بحمده تعالى عليها، عليها نحيا وعليها نموت كما قال تعالى ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [إبراهيم: 27] الآية - فظاهرنا وباطننا بتوحيده تعالى في ذاته وصفاته كما بيّن في محكم كتابه قال تعالى ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [النساء: 36] وقال - صلى الله عليه وسلم - "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله" الخ كما قال - صلى الله عليه وسلم - "بني الإسلام على خمس" الخ.

 

فنقول: غاض الوفاء، وفاض الجور، وانفرجت مسافة الخلف بين القول والعمل، وليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال فإذا قال الرجل: أنا مؤمن، أنا مسلم، أنا من أهل السنة والجماعة، وهو من أعداء الإسلام وأهله، منابذ لهم بقوله وفعله لم يصر بذلك مؤمناً ولا مسلما، ولا من أهل السنة والجماعة، ويكون كفره مثل كفر اليهود فإنهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم، فإن أصل الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ومضمون شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده، فلا يدعا إلا هو، ولا يستغاث إلا به ولا يتوكل إلا عليه، ولا يخاف إلا منه، ولا يرجى إلا هو، كما قال تعالى ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110] وقال تعالى ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18] وقال تعالى ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18]. فكل من دعا مخلوقا أو استغاث به، أو جعل فيه نوعا من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني أو انصرني أو اقض ديني، أو اشفع لي عند الله في قضاء حاجتي، أو أنا متوكل على الله وعليك، فهو مشرك في عبادة الله غيره، وإن قال بلسانه لا إله إلا الله وأنا مسلم. وقد كفّر الصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة وقاتلوهم وغنموا أموالهم، وسبوا نساءهم مع إقرارهم بسائر شرائع الإسلام، وذلك لأن أركان الإسلام من حقوق الله كما استدل به أبو بكر الصديق رضي الله عنه على عمر حين أشكل عليه قتال مانعي الزكاة، حين قال له: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها؛ وحسابهم على الله"؟ فقال أبو بكر: "الزكاة من حقها، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق". أخرجاه في الصحيحين وغيرهما من كتب الإسلام، فكيف بمن كفر بمعنى لا إله إلا الله وصار الشرك وعبادة غير الله هو دينه وهو المشهور في بلده، ومن أنكر ذلك عليهم كفروه وبدعوه وقاتلوه، فكيف يكون من هذا فعله مسلماً من أهل السنة والجماعة، مع منابذته لدين الإسلام الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، من توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، إلى غير ذلك من المجاهرة بالفسق والمعاصي واستحلال محارم الله ظاهراً، فشعائر الكفر بالله والشرك به هي الظاهرة عندكم، مثل بناء القباب على القبور وإيقاد السرج عليها وتعليق الستور عليها، وزيارتها بما لم يشرعه الله ورسوله، واتخاذها عيداً وسؤال أصحابها قضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفان، هذا مع تضييع فرائض الله التي أمر الله بإقامتها من الصلوات الخمس وغيرها. فمن أراد الصلاة صلى وحده ومن تركها لم ينكر عليه، وكذلك الزكاة. وهذا أمر قد شاع وذاع وملأ الأسماع في كثير من بلدان الإسلام كالشام والعراق ومصر وغير ذلك من البلدان.

 

وقد حدث ذلك في هذه البلدان كما ذكر ذلك العلماء في مصنفاتهم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة فمن ذلك ما ذكره أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي قال "لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت غيرهم. قال وهم عندي كفار بهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى عنه الشرع من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها وخطاب الموتى بالحوائج وكتب الرقاع فيها يا مولاي افعل بي كذا وكذا وأخذ تربتها تبركا وإفاضة الطيب على القبور وشد الرحال إليها وإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى. والويل عندهم لمن لم يقبل مهد الكف ولم يتمسح بآجرة مسجد الملموسة يوم الأربعاء، ولم يقل الحمالون على جنازته أبو بكر الصديق أو محمد أو علي أو لم يعقد على قبر أبيه أزجا بالجص والآجر ولم يخرق ثيابه إلى الذيل ولم يرق ماء الورد على القبر" انتهى.

 

فانظر إلى هذا الإمام كيف ذكر حدوث الشرك في وقته واشتهاره عند العامة الجهال وتكفيره لهم بذلك وهو من أهل القرن الخامس من تلامذة القاضي أبي يعلى الحنبلي ونقل كلامه هذا غير واحد من أئمة الحنابلة كأبي الفرج ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس.

 

وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي المالكي لما ذكر حديث أبي واقد الليثي ولفظه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل حنين ونحن حديثو عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴾ [الأعراف: 138] قال ﴿ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف: 138] لتركبن سنن من كان قبلكم.

 

قال الطرطوشي فانظروا رحمكم الله أين ما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمونها ويرجون البرء والشفاء من قبلها ويضربون بها المسامير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها انتهى. فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف حولها اتخاذ آلهة مع الله مع أنهم لا يعبدونها ولا يسألونها؛ فما ظنك بالعكوف حول القبر والدعاء به ودعائه والدعاء عنده؟ فأي نسبة بالفتنة بشجرة إلى الفتنة بالقبر لو كان أهل الشرك والبدعة يعلمون، وقال الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة الشافعي في كتابه "الحوادث والبدع" ومن هذا القسم أيضا ما قد عم به الابتداع من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد وسرج مواضع مخصوصة من كل بلد يحكى لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحداً ممن شهر بالصلاح والولاية فيفعلون ذلك ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لها وهي من بين عيون وشجر وحائط وحجر. وفي مدينة دمشق من ذلك مواضع متعددة كعوينة الحمى، وخارج باب توما والعمود المخلق داخل باب الصغير والشجرة الملعونة خارج باب النصر في نفس قارعة الطريق سهل الله قطعها واجتثاثها من أصلها فما أشبهها بذات أنواط التي في الحديث ثم ساق حديث أبي واقد الليثي المتقدم ثم ذكر ما صنعه بعض أهل العلم ببلاد أفريقية أنه كان إلى جانبه عين تسمى عين العافية كان العامة قد افتتنوا بها يأتونها من الآفاق فمن تعذر عليه نكاح أو ولد قال امضوا بي إلى العافية فتعرف فيها الفتنة فخرج في السحر فهدمها وأذن الصبح عليها ثم قال: اللهم إني هدمتها لك فلا ترفع لها رأسا. قال: فما رفع بها رأس إلى الآن.

 

وأدهى من ذلك وأمر إقدامهم على الطريق السابلة ويجيرون في أحد الأبواب الثلاثة القديمة العادية التي هي من بناء الجن في زمن نبي الله سليمان ابن داود عليهما السلام أو من بناء ذي القرنين وقيل فيها غير ذلك ما يؤذن بالتقدم على ما نقلناه في كتاب تاريخ دمشق ذكر لهم بعض من لا يؤمن به في شهور سنة ست وثلاثين وستمائة أنه رأى مناماً يقتضي أن ذلك المكان دفن فيه بعض أهل البيت وقد أخبرني عنه ثقة أنه اعترف له أنه افتعل ذلك فقطعوا طريق المارة فيه وجعلوا الباب بكماله مسجدا مغصوبا وقد كان الطريق يضيق بسالكيه فتضاعف الضيق والحرج على من دخل ومن خرج ضاعف الله نكال من تسبب في بنائه وأجزل ثواب من أعان على هدمه وإزالة اعتدائه اتباعا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هدم مسجد الضرار انتهى كلامه. فانظر إلى كلام هؤلاء الأئمة وما حدث في زمانهم من الشرك وأنه قد عم الابتلاء به في وقتهم ومعلوم أنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه. فتأمل كلامه في تخصيصه دمشق بما حدث فيها من الشرك والأوثان وتمنيه إزالة ذلك وهي بلده ومستوطنه.

 

وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه "إغاثة اللهفان":

ومن أعظم مكائده التي كاد بها أكثر الناس وما نجا منها إلا من لم يرد الله فتنته ما أوحاه قديما وحديثا إلى حزبه وأوليائه من الفتنة بالقبور حتى آل الأمر فيها إلى أن عبد أربابها فيها ثم جعلت تلك الصور أجساداً لها ظل ثم جعلت أصناما وعبدت مع الله وكان أول هذا الداء العظيم في قوم نوح. وأطال الكلام في ذلك إلى أن قال: وكان بدمشق كثير من هذه الأنصاب فيسر الله سبحانه كسرها على يد شيخ الإسلام وحزب الله الموحدين كالعمود المخلق والنصب الذي كان بمسجد النارنج عند المصلى يعبده الجهال والنصب الذي كان تحت الطاحون الذي عند مقابر النصارى ينتابه الناس للتبرك، وكان صورة صنم في نهر القلوط ينذرون له ويتبركون به وقطع الله سبحانه المسجد الذي عند الرحبة يسرج عنده ويتبرك به المشركون وكان عموداً طويلا على رأسه حجر كالكرة وعند مسجد درب الحجر نصب قد بني عليه مسجد صغير يعبده المشركون يسر الله كسره فما أسرع أهل الشرك إلى اتخاذ الأوثان من دون الله ولو كانت ما كانت ويقولون إن هذا الحجر وهذه الشجرة وهذه العين تقبل النذر أي تقبل العبادة من دون الله فإن النذر عبادة وقربة يتقرب بها الناذر إلى المنذور له ويتمسحون بذلك النصب ويستلمونه، ولهذا أنكر السلف التمسح بحجر المقام الذي أمر الله أن يتخذ مصلى كما ذكر الأزرقي في كتاب مكة عن قتادة في قوله تعالى ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125] قال إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه، ولقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم ذكر لنا من رأى أثره وأصابعه فما زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق انتهى.

 

وقال ابن القيم في كتابه المشهور بزاد المعاد في هدي خير العباد لما ذكر غزو الطائف وقدوم وفدهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم سألوه أشياء وكان فيما سألوه أن يدع لهم اللات ثلاث سنين لا يهدمها واعتذروا أن مرادهم بذلك أن لا يروعوا نساءهم وسفهاءهم فأبى عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما برحوا يسألونه سنة ويأبى عليهم حتى سألوها شهراً واحدا بعد قدومهم فأبى عليهم أن يدعها شيئا مسمى.

 

قال لما ذكر فوائد القصة:

ومنها أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحداً فإنها شعائر الكفر والشرك وهي أعظم المنكرات فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة ألبتة، وهكذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وأعظم شركا عند .... والله المستعان، ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق أو ترزق أو تحيي أو تميت وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة وأخذوا مأخذهم شبراً بشبر وذراعا بذراع، وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم ولما صار المعروف منكراً والمنكر معروفا والسنة بدعة والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير وهرم عليه الكبير وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام وقلت العلماء وغلبت السفهاء وتفاقم الأمر واشتد البأس وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين ولأهل الشرك والبدع مجاهدين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

 

ومنها جواز صرف الأموال التي تصير إلى هذه المشاهد والطواغيت في الجهاد ومصالح المسلمين، فيجوز للإمام، بل يجب عليه، أن يأخذ أموال هذه الطواغيت التي تساق إليها ويصرفها على الجند والمقاتلة ومصالح الإسلام. كما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - أموال اللات وأعطاها لأبي سفيان يتألفه بها. وقضى منها دين عروة والأسود.

 

وكذا يجب عليه هدم هذه المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثاناً، وله أن يقطعها للمقاتلة أو يبيعها ويستعين بأثمانها على مصالح المسلمين، وكذا الحكم في أوقافها، فإن وقفها والوقف عليها باطل، وهو مال ضائع، فيصرف في مصالح المسلمين، فإن الوقف لا يصح إلا في قربة وطاعة لله ورسوله. فلا يصح الوقف على مشهد ولا قبر يسرج عليه ويعظم وينذر له ويحج إليه ويعبد من دون الله ويتخذ من دونه. وهذا لا يخالف فيه من أئمة الإسلام ومن اتبع سبيلهم (أحد).

 

وقال الشيخ قاسم في شرح درر البحار - وهو من أئمة الحنفية -:

النذر الذي يقع من أكثر العوام، يأتي إلى قبر أحد الصلحاء قائلا: يا سيدي فلان، إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي، فلك من الذهب أو الطعام أو الشمع كذا - باطل إجماعاً، لوجوه: منها أن النذر للمخلوق لا يجوز، ومنها أن ذلك كفر - إلى أن قال: وقد ابتلي الناس بذلك لا سيما في مولد أحمد البدوي. انتهى كلامه.

 

وقال الأذرعي - في قوت المحتاج شرح المنهاج - وهو من أئمة الشافعية:

وأما النذر للمشاهد التي بنيت على قبر ولي أو شيخ، أو على اسم من حلها من الأولياء، أو تردد في تلك البقعة من الأنبياء والصالحين، فإن قصد الناذر بذلك - وهو الغالب، أو الواقع من مقصود العامة تعظيم البقعة أو المشهد أو الزاوية، أو تعظيم من دفن بها ممن ذكرنا أو نسبت إليه، أو بنيت على اسمه - فهذا النذر باطل غير منعقد فإن معتقدهم أن لهذه الأمكنة خصوصيات لأنفسها ويرون أنها مما يدفع به البلاء ويستجلب به النعماء، ويستشفى بالنذر لها من الأدواء، حتى أنهم ينذرون لبعض الأحجار لما قيل إنه جلس عليها واستند إليها عبد صالح[2] وينذرون لبعض القبور السرج والشموع والزيوت، ويقولون: القبر الفلاني أو المكان الفلاني يقبل النذر، يعنون بذلك أنه يحصل بالنذر له الغرض المأمول: من شفاء مريض أو قدوم غائب، أو سلامة مال، وغير ذلك من أنواع نذر المجازاة، فهذا النذر على هذا الوجه باطل لا شك فيه، بل نذر الزيت والشمع ونحوهما للقبور باطل مطلقا، من ذلك نذر الشموع الكثيرة العظيمة لقبر الخليل صلى الله عليه وسلم، ولقبر غيره من الأنبياء والأولياء، فإن الناذر لا يقصد بذلك إلا الإيقاد على القبر تبركا وتعظيما ظاناً أن ذلك قربة. وأكثر من ينذر ذلك يصرح بمقصوده فيقول: لله علي كذا من الشمع - مثلا - يوقد عند رأس الخليل أو على القبر الفلاني أو قبر الشيخ فلان، فهذا مما لا ريب في بطلانه، والإيقاد المذكور محرم سواء انتفع به منتفع هناك أم لا، لأن الناذر لم يقصد ذلك ولا مر بباله، بل قصده وغرضه ما أشرنا إليه، فهذا الفعل من البدع الفاحشة التي عمت بها البلوى. وفيها مضاهاة لليهود والنصارى الذين لعنوا في الحديث الصحيح[3] على تعاطيهم ذلك على قبور أنبيائهم عليهم السلام. انتهى.

 

فانظر إلى تصريح هؤلاء الأئمة بأن هذه الأعمال الشركية قد عمت بها البلوى وشاعت في كثير من بلاد الشام وغيرها، وأن الإسلام قد اشتدت غربته حتى صار المعروف منكراً والمنكر معروفاً. وأن هذه المشاهد والأبنية التي على القبور قد كثرت وكثر الشرك عندها وبها، حتى صار كثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى بل أعظم كفراً عندها وبها، وهذا مما يبطل قولكم: أنكم على الفطرة الإسلامية والاعتقادات الصحيحة ويبين أن أكثركم قد فارق ذلك ونبذه وراء ظهره، وصار دينه الشرك بالله ودعاء الأموات والاستغاثة بهم وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات والتمسك بالبدع المحدثات.

 

(يتبع)

 

المصدر: مجلة الإصلاح، أعداد متفرقة



[1] بياض بالأصل لم يظهر في الصورة الفتوغرافية.

[2] ذلك شائع كثير كما في مصر القاهرة سارية في المسجد الذي بناه الفاطميون ونسبوه كذبا إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما، تقول العامة إن هذه السارية كان يجيء البدوي ويقف عندها فيسمونها (بعمود السيد) ويتمسحون بها، وكذلك باب من أبواب سور القاهرة يعرف بباب (زويلة) تسميه العامة بباب المتولي ، ويزعمون أن القطب الذي يدعون كذبا أن الله ولاه الشؤون في الناس يقيم عند هذا الباب في بعض أيام السنة، ولذلك يتمسحون بهذا الباب وينذرون له ويعلقون عليه الخروق ويراهم علماؤهم على ذلك فلا يمنعونهم من هذا الشرك كما أنهم يقرونهم على غيره.

وباب المتولي إنما شهر بذلك، لأنه شنق عنده أحد المتولين لبعض الأعمال لأنه كان ظالما، وكان ذلك تشهيرا به ولكن العامة غيروا ذلك.

[3] يشير إلى حديث الصحيحين المتفق على صحته عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما صنعوا. قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره.

وإلى حديث عائشة أيضاً أن أم سلمة رضي الله عنهما ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية فذكرت ما رأت فيها من الصور. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح، أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رسالة الإمام سعود الكبير التي وافقه عليها أهل مكة (2)

مختارات من الشبكة

  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (الثقافة الإسلامية) - (مرحلة الماجستير)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (الاقتصاد والعلوم الإدارية) - (مرحلة الدكتوراه)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (الاقتصاد والعلوم الإدارية) - (مرحلة الماجستير)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (أصول الفقه) - (مرحلة الدكتوراه)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (أصول الفقه) - (مرحلة الماجستير)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (الفقه) - (مرحلة الدكتوراه)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (الفقه) - (مرحلة الماجستير)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (الثقافة الإسلامية) - (مرحلة الدكتوراه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (الاقتصاد والعلوم الإدارية) - (مرحلة الدكتوراه)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دليل الرسائل العلمية المسجلة بكلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود (الاقتصاد والعلوم الإدارية) - (مرحلة الماجستير)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب