• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

الطبقات التي تكون منها المجتمع المصري في عصر المماليك

الطبقات التي تكون منها المجتمع المصري في عصر المماليك
د. جمال بن فرحان الريمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/4/2015 ميلادي - 6/7/1436 هجري

الزيارات: 48931

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطبقات التي تكوّن منها المجتمع المصري في عصر المماليك

 

لقد كان المجتمع المملوكي مجتمعاً طبقياً تَميَّز بكَثْرَة طبقاته، إذ أنّ طبيعةَ حكم المماليك الأغراب عن تلك البلاد، وانعزالهم عن أهل البلاد وعن انخراطهم في سلكهم، أدى إلى ظهور طبقة مُتمَيّزة في المجتمع، تمتلكُ زِمامَ الحكم فيه وهي طبقة المماليك أصحاب السيادة والنفوذ، كما ظهرت أيضاً الطبقات الأخرى، ويمكن تقسيم سكان مصر في العصر المملوكي إلى ثمان طبقات[1]:

1- طبقة المماليك.

2- طبقة المعممين.

3- طبقة التجار.

4- طبقة طوائف السكان أرباب المهن في المدن.

5- طبقة أهل الذمة.

6- طبقة الفلاحين.

7- طبقة الأعراب.

8- طبقة الأقليات الأجنبية.


أولاً: طبقة المماليك (السلاطين):

اعتبر المماليك أنفسهم الطبقة العسكرية الممتازة؛ نظرًا لحكمهم مصر، فسيطروا على البلاد وأهلها، ونظروا إلى الأهالي على أنهم أقل منهم درجة لا ينبغي أن يشاركوا في الحياة الحربية، وإذا سمح لبعضهم بالمشاركة في شؤون الحكم فبالقدر المحدود الذي تخوله صلاحيتهم.


ولهم في أصلهم ونشأتهم وطريقة تربيتهم وأسلوبهم الخاص في الحياة وعدم اختلاطهم بأهل البلاد الأصليين سياج يحيط بهم ويجعل منهم طبقة ذات خصائص تعزلها عن محيطها الذي تعيش فيه[2]، ولقد تمتع أمراء المماليك بمكانة كبيرة في المجتمع ومنزلة رفيعة عند السلاطين[3]، واستكثر السلاطين من استجلاب المماليك رغبة منهم في الإكثار من مماليكهم حتى يكونوا سندًا لهم يعتمدون عليهم، فضلاً عن رغبتهم في تملك أعدادًا عظيمة من الجند والحاشية، وكان السلطان إذا اشترى مماليكًا فإنه يرسلهم ابتداءً إلى الطبيب لفحصهم ثم ينزلهم في طبقة جنسهم ثم يرسل إليهم فقيهًا لتعليمهم القرآن الكريم والخط والأحكام وآداب الشريعة، فإذا بلغوا بدأ تعليمهم فنون الحرب، وعندما ينتهي المملوك من هذه المرحلة انتقل إلى الخدمة ويترقى حتى يصبح من الأمراء.


كما أن المماليك تمتعوا بثروة كبيرة من الإقطاعات السخية التي كان يجريها السلطان للأمراء كلٌ حسب درجته ومرتبته، ولم تكن الإقطاعات هي المصدر الوحيد لثروة الأمراء وأرزاقهم بل رتّب السلطان للأمراء الرواتب الجارية من اللحم والتوابل والخبز والزيت والكسوة السنوية وغيرها مع تفاوت مقادير كل ذلك بحسب المراتب[4].


أما من ناحية اختلاطهم بأبناء البلاد من المصريين فإن الأمراء ومماليكهم لم يحاولوا الزواج من أهل البلاد من المصريين بل اختاروا زوجاتهم وجواريهم من بنات جنسهم اللائي جلبهن التجار غالبًا.


هذه العزلة التي عاش فيها المماليك جعلتهم دائما يشعرون بأنهم أغراب أهل البلاد، وعليه فلا عجب أن بعضهم لم يعرف العربية إلا قليلاً، وهذه العوامل مجتمعة أدت إلى شدة الترابط بين المماليك بعضهم ببعض[5].


كما أن العزلة الاجتماعية التي عاشوا في ظلالها جعلتهم يحتفظون بأخلاقهم وطباعهم على مرّ السنين دون أن يتأثروا بطباع وعوائد وأخلاق أهل البلاد، كما ظل المماليك المجابون من الخارج موردًا مستمرًا يحيي فيهم طباعهم الأولى ويذكرهم دائما بأصولهم، لذلك فمماليك القرن السابع هم نفس مماليك القرن العاشر إلا ما شذ[6].


وتجدر الإشارة إلى أن لفظ مملوك كثيرًا ما فقد معناه الحرفي في ذلك العصر فإن من السلاطين من لم يمسّه الرق ومع ذلك كان ينعت نفسه بالمملوك من باب التواضع والطاعة بل أصبح من أهل البلاد من المصريين من ينعت نفسه في الأوراق الرسمية بالمملوك تسهيلاً لهم على قضاء حوائجهم في عصر صارت الطبقة الممتازة ذات النفوذ والسلطان هي طبقة المماليك[7].


ثانيًا: المعممون:

الفئة الثانية في بناء المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك هم المعممون من أرباب الوظائف الديوانية والفقهاء والعلماء والأدباء، كما أُطلِق عليهم أرباب الأقلام تمييزًا لهم عن غيرهم من الطوائف[8].


وقد امتازت هذه الطبقة خصوصًا العلماء منهم بميزات معينة طوال عصر المماليك إلا أنهم أحيانًا تعرضوا للامتهان نتيجةً لحقد بعض طوائف المماليك عليهم، وأهم الامتيازات التي تمتع بها المعممون:

1- نفوذهم في الدولة.

2- احترام السلاطين وإجلالهم لهم.

3- السَّعة في الحياة نتيجة للرواتب التي أغدقها سلاطين المماليك عليهم، وتعود هذه السَّعة إلى:

1- إحساس المماليك بأنهم أغراب بين أهل البلاد وحاجتهم إلى دعامة يستندون إليها في حكمهم، وطبيعي أن تكون هذه الدعامة هم فئة العلماء بحكم ما للدين ورجاله من سطوة وقوة في نفوس الناس، وقد سبق معنا أن الظاهر بيبرس أحيا الخلافة العباسية في مصر كرمز للشرعية[9].


2- الأوقاف والأحباس التي أوقفت على المؤسسات العلمية والدينية كالمدارس والمساجد أو على الأشخاص أنفسهم فيتوارثون المرتبات ابنًا عن أب[10].


أما عن مكانة المعممين من العلماء والقضاة وغيرهم عند عامة المجتمع المماليكي، فلم تَقِل عن مكانتهم عند السلاطين؛ ذلك أن الناس أكرموا العلماء وأضفوا عليهم مختلف ألقاب التقدير والتفخيم مثل "فقيه زمانه" "عالم عصره" "انتهت إليه رياسة العلم" "انتهت إليه رياسة المذهب"، ولعل أقوى دليل على إحساس الناس بمكانة العلماء أنهم قصدوهم لقضاء حوائجهم وتوسلوا بهم للشفاعة لهم عند أهل الدولة، وهذا الاحترام الذي حظي به العلماء في عصر المماليك جعلهم يعتَدّون بأنفسهم ويصمدون في وجه الأمراء والسلاطين[11].


ومن مظاهر احترام سلاطين المماليك للعلماء أن الشيخ أحمد الذرعي دخل على السلطان الصالح إسماعيل ابن الناصر محمد سنة 745هـ طالباً إبطال عدة مظالم ومكوس فأجابه السلطان إلى كل ما طلب، وحكى ابن بطوطة من أنه سمع بمصر أن الناصر محمد بن قلاوون قال لجلسائه: إني لا أخاف أحدًا إلا شمس الدين الحريري[12] قاضي قضاة الحنفية[13].


وتَمَتُّعُ المعممين بهذه المكانة لم يكن باضطراد طوال العصر المماليكي بل تخللته حوادت وخاصةً في النصف الثاني من القرن الثامن؛ حيث ظهر فيها حقد المماليك على العلماء بسبب قربهم من السلاطين، وبناءً على ذلك أخذ المماليك يتعرضون للعلماء بالنقد والتهكم في مجالسهم ومنعهم من ركوب الخيل حتى طلب المماليك من سلاطينهم أن ينادى في شوارع القاهرة أن معممًا لا يركب فرسًا كما حدث عام 781هـ - 791هـ، وأذعن السلاطين لطلبهم، وكثيرًا ما كانت جموع من المماليك في شوارع القاهرة تعتدي على الفقهاء والمعممين وتنزلهم عن خيولهم وتسلبهم إياها، ولكن سرعان ما تعود الأمور إلى مجاريها عقب خمود الفتنة واستقرار الأوضاع فيستعيد العلماء مكانتهم ويركبون خيولهم[14].


ثالثًا: طبقة التجّار:

هي الفئة الثالثة التي أسهمت في بناء المجتمع المصري، ومن المعلوم أن مصر كانت مركزًا للنشاط التجاري بين الشرق والغرب في عصر الدولة المملوكية، وهذا أدى إلى ثراء التجار وجعلهم طبقة ممتازة إلى حدٍ بعيدٍ جدًا، وقد شعر سلاطين المماليك بأن التجار هم المصدر الأساسي الذي يمد الدولة بالمال لاسيما في ساعات الحرج والشدة فعمدوا إلى تقريب التجار منهم، واصطفوا منهم ندماء وجلساء؛ وبذلك تمتَّع التجار باحترامٍ كبيرٍ ومكانة بارزة في مختلف المدن والبلاد المصرية، إلا أنَّ كثرة الثروة في أيدي التجار جعلتهم دائمًا مطمعًا لسلاطين المماليك فغالوا في فرض الرسوم عليهم كما أكثروا من مصادرتهم.


ومن هذه الرسوم ما يؤخذ من التجار عند خروج الجند إلى الغزو حتى بلغ من قسوة المطلوبات الغاشمة أن دعا بعض التجار على أنفسهم أن يغرقهم الله حتى يستريحوا مما هم فيه من الغرامات والخسارات وتحكم الظلمة فيهم[15].


رابعًا: طبقة الصُنَّاع وأرباب الحرف:

في عصر المماليك وجدت طائفة كبيرة من العمال والصناع وأصحاب المهن الخاضعة لنظام النقابات السائد بين أفراد كل حرفة، فأهل الحرفة الواحدة يكونون نقابة لها نظام ثابت يحدد عددهم ومعاملتهم فيما بينهم بعضهم وبعض، وفيما بينهم وبين الجمهور، كما يكون لهم رئيس أو شيخ يرأسهم ويفض مشاكلهم ويرجعون إليه في كل ما يهمهم ولا يدخلون أحدًا في حرفتهم إلا أن يكون من أبنائهم حتى لا ينافسهم أحد في حرفتهم[16].


خامسًا: طبقة العوام:

اكتظت المدن المصرية في العصر المملوكي بجمهور من الباعة والسوقة والسَقّائين والمكاريين والمعدمين أو أشباه المعدمين ويصطلح على تسميتهم في المصادر الحديثة بالعوام.


وبالعموم فإن العوام عاشوا في ضيق وعُسْر قياسًا بالمماليك وغيرهم من الطبقات المُنَعَّمة، حتى إن بعضهم كان في طرقات القاهرة بلا مأوى، كما أن كثيرًا منهم احترفوا مهنة الشحاذة، وقد دفعتهم الحاجة والعوز والجوع إلى انتهاز الفرص في السلب والنهب وخطف كل ما تصل إليه أيديهم، كما أنهم استفادوا أحيانًا من المنازعات بين أمراء المماليك حيث حاول بعض الأمراء أن يكتسب العوام إلى جانبه، ولكن العوام لم يقنعوا بأن يكونوا أداة في خدمة المغدقين عليهم بل حدث أيام الغلاء سنة 798هـ أن هددوا المحتسب حتى انقطع أيامًا في بيته لا يجرؤ على مغادرته خوفًا على نفسه من العوام، وكان إذا مات أحد الولاة الظالمين دفنته الدولة في مقابر النصارى خوفًا عليه من العامة أن تحرقه لظلمه وتعسفه[17].


ويضاف إلى ما سبق أن سلاطين المماليك جعلوا للفقراء نصيبًا من ثروتهم من باب التقوى والزلفى على عادتهم مثل الوقف الذي أوقفه السلطان بيبرس لتغسيل فقراء المسلمين وتكفينهم ودفنهم، كما أوقف وقفًا آخر لشراء الخبز وتوزيعه على المعدمين، وفي أثناء المجاعات أمر بتوزيع الأموال بسخاء على المساكين والمعدمين[18].


سادسًا: طبقة أهل الذمة:

أهل الذمة من اليهود والنصارى كانوا أقلية ذات أهمية في المجتمع المصري، وقد احتفظ الأقباط بنظمهم الخاصة في الحياة وكذلك احتفظوا بكنائسهم الكثيرة في القاهرة وغيرها، كما احتفظت الكنسية القبطية بطقوسها القديمة[19].


أما اليهود فقد كانوا أقلية كذلك يشتغلون في مختلف الأعمال لاسيما التجارة، واتساع ثروة مصر وتجارتها جلبت كثيرا من يهود القسطنطينية وبغداد ودمشق وغيرها حتى صار لليهود سيطرة كبيرة على النشاط المصرفي والأعمال المالية، وقد احتفظ اليهود في مصر بمعابدهم وعوائدهم ونظمهم الموروثة.


ومن المعروف أن أهل الذمة في مصر وغيرها منذ الفتح الإسلامي أصبحوا أسعد حالاً مما كانوا عليه تحت حكم البيزنطيين بسبب ما لاقوه من تسامح ديني، واستمرت سياسة التسامح حتى العصر المملوكي حيث ظهرت بعض الاضطهادات العنيفة ومرجع ذلك إلى عدة أسباب منها:

1- الحروب الصليبية التي أثارت روح العداء بين المسلمين وغير المسلمين في مصر والشام.


2- رغبة سلاطين المماليك في مصر في الظهور بمظهر حماة الدين لدعم مركزهم في نظر المسلمين[20].


3- وربما كان من الأسباب –أيضًا- أن بعض سلاطين المماليك حسدوا أهل الذمة على ثروتهم وطمعوا في الاستيلاء عليها وهم مطمئنون إلى أنهم لن يتعرضوا إلى نقد أو معارضة من الفقهاء، وهذه الاضطهادات لم تكن سمةً بارزة في عصر المماليك بل كانت بشكل زوابع تظهر بين حين وآخر[21].


وفي المقابل فإن أهل الذمة لم يستسلموا على الدوام لبعض تلك الاضطهادات بل لجأوا إلى بعض الأعمال الاستفزازية والانتقامية مثل إحراق بعض أحياء القاهرة أو بعض مساجدها[22]، وإذا فشل أهل الذمة في تحقيق أغراضهم عن طريق العنف حاولوا دفع البلاء عنهم بمختلف الوسائل السلمية والتي منها دفع الأموال الطائلة لأهل الدولة، ومنها إظهار الإسلام حتى يستردوا مركزهم الأدبي في المجتمع ويستريحوا من ذلك العناء المظني[23].


سابعًا: طبقة الفلاحين:

كان الفلاحون في العصر المملوكي هم السواد الأعظم في المجتمع المصري، أما نصيبهم في المجتمع المماليكي لم يكن سوى الاحتقار والإهمال[24].


وإذا تولى أحد أمراء المماليك المتشددين على بعض الأقاليم فإنه لا يسمح لأحد الفلاحين أن يلبس مئزرًا أسود أو يركب فرسًا أو يتقلد سيفًا، ويبدوا أن هذه المعاملة أثّرت في نفوس أهل الريف حتى أصيبوا بالشعور بالنقص، وبالتالي فقد عاش الفلاح في عصر سلاطين المماليك مربوطًا إلى الأرض التي يفلحها ويفنى حياته في خدمتها وليس له من خيراتها إلا القليل؛ لأن أراضي مصر الزراعية ظلت نهبًا موزعًا بين سلاطين وأمراء المماليك، وفي بعض الأقاليم لم يكن للفلاح سوى العمل والمسخرة ودفع الأموال وهم صاغرون[25].


ومما زاد حالهم سوءًا كثرة المغارم والمظالم التي حلت بهم من الولاة والحكام فأخذوا منهم على غير العادة أضعافًا، كما أن الفلاحين لم يسلموا من أذى العربان وبطشهم، فكثيرًا ما أغار العربان على القرى وفعلوا بالفلاحين ما لا تفعله الخوارج، ولم يخفف عن الفلاحين مما سبق سوى أن يصادف مرور السلطان ببعض القرى للنزهة أو الصيد فيتقدم إليه الفلاحون بالشكوى من تعسف الولاة والحكام المباشرين وكذلك أذى العربان، وفي هذه الحالة يعزل السلطان الوالي أو المباشر ويعين بديلاً عنه ولكن هذا الوالي لا يلبث أن يستأنف سياسة الظلم والبطش بالفلاحين.


ولعل هذه المظالم هي من الأسباب التي دفعت كثيرين من أهالي القرى إلى ترك قراهم والهجرة إلى المدن ما حدا بحكومة السلطان المناداة بين حين وآخر بخروج أهل الريف من القاهرة وعودتهم إلى الريف ولكن لم يتم العمل بمثل هذه الأوامر[26]، وبالرغم مما سبق فإن الأمراض والأوبئة والفيضانات كانت تودي بحياة الكثيرين وتعطل أجسام آخرين.


ثامنًا: طبقة الأَعْراب:

الأعراب في مصر بلغوا عددًا عظيمًا في العصر المملوكي وانتشروا في مختلف أنحاء البلاد وقد أَنِفَ الأعراب من الخضوع لدولة المماليك ووصفوا السلطان أيبك بأنه "مملوك قد مسَّه الرق"[27]، وقالوا عن المماليك بشكل عام أنهم عبيد خوارج، ثم بلغ الأمر بهم أنهم اجتمعوا وأقاموا أحدهم حاكمًا، ولكن المماليك قاتلوهم وهزموهم ومن ثم بدأ الصدام بين المماليك وطوائف العربان بصورة متقطعة طيلة العصر المملوكي، ولذلك ظل العربان طوال العصر المملوكي عنوانًا للإخلال بالأمن والإضرار بالنظام والاعتداء على الأهالي الآمنين حتى الحجاج لم يسلموا من القتل والنهب في طريقهم أثناء الذهاب إلى المشاعر المقدسة[28].


كما أن مدن مصر وقراها لم تسلم من عبثهم واعتداءاتهم ونهبهم بل إن العاصمة القاهرة لم تنجو من ضرهم؛ فكثيرًا ما أغار العربان على أطراف القاهرة ونهبوا وخطفوا كل ما وصل إلى أيديهم حتى عمائم الناس وأثوابهم.


أما ما فعله سلاطين المماليك لدفع شر الأعراب فإنهم قربوا إليهم مشايخ العربان وأجزلوا لهم العطاء حينًا وأرسلوا الحملات لردعهم أحيانًا أخرى، ومع ذلك لم يهدأ للأعراب بال طيلة عصر سلاطين المماليك[29].


تاسعًا: الأقليات الأجنبية:

بالإضافة إلى ما سبق فقد وجد في عصر سلاطين المماليك مجموعة كبيرة من الأقليات الأجنبية، ومن هؤلاء الأجانب:

1- المسيحيون الغربيون أو اللاتين.

2- المسيحيون الشرقيون أو الروم.

3- المسيحيون الوافدون من جورجيا والحبشة وأرمينية وغيرها من البلاد[30].


وقد اختار الأوربيون الإقامة بصفة خاصة في المدن التجارية والثغور على شاطئ البحر المتوسط، واتخذوا لهم فنادق يسكنون فيها، وقد تمتع هؤلاء التجار داخل فنادقهم بقسط وافر من الحرية؛ إذ سمحت لهم السلطات المماليكية بإحضار الخمور في سفنهم وإنزالها إلى فنادقهم، وقد اشتُرِط عليهم بعض التعليمات والقيود وشدد عليهم في تنفيذها، منها: إغلاق أبواب فنادقهم مساء كل يوم ووقت صلاة الجمعة، كذلك لم يسمح للأجانب داخل البلاد بارتداء ما يختارون من الملابس أو بركوب الخيل، وإنما فرض عليهم ركوب الحمير شأن أهل الذمة من المواطنين.


وقد اعتبر السلاطين أولئك الأجانب رهينة لدى الدولة، فإذا أصاب المسلمين أذىً أو اعتداء من جانب البلاد المسيحية يكون الاقتصاص في هذه الحالة من الفرنج الموجودين بمصر، كذلك عندما يحيط بالبلاد خطر الغزو كانت تفرض الحيلة الشديدة على الأجانب وتعلو الدعوة إلى قتلهم أو طردهم[31].


ولم يكن جميع الأجانب في ذلك العصر من التجار بل شهدت المدن المصرية الكبيرة جاليات من عناصر مختلفة استوطنوا البلاد واشتغل كثير منهم بأعمال متنوعة أهمها عصر الخمور.


أخيرًا: هذا عرض عام للطوائف والفئات التي تكوَّن منها المجتمع في مصر في عصر سلاطين المماليك، ومن الواضح أن هذه الطبقات متميزة بعضها عن بعض في خصائصها وصفاتها ومظاهرها فضلاً عن نظرة الدولة إليها ومقدار ما تتمتع به من حقوق أو تقوم به من واجبات.



[1] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، د/ سعيد عاشور، ط/ دار النهضة العربية، 1992م، ص/16.

[2] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، ص/ 17.

[3] المصدر السابق، ص/ 28.

[4] المصدر السابق، ص/ 17 ـ 25.

[5] المصدر السابق، ص/ 29ـ30.

[6] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، د/ سعيد عاشور ص/ 31.

[7] المصدر السابق ص/ 34.

[8] المصدر السابق ص/ 35.

[9] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، د/ سعيد عاشور ص/ 36.

[10] المصدر السابق ص/ 40.

[11] المصدر السابق ص/ 38.

[12] شمس الدين محمد بن عثمان بن أبي الحسن الدمشقي الحريري قاضي الديار المصرية، كان رأسًا في المذهب الحنفي، عادلاً مهيبًا، ولد في صفر سنة ثلاث وخمسين وستمائة، ومات في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، انظر ترجمته في: حسن المحاضرة، ج/1 ص 468.

[13] رحلة ابن بطوطة، المطبعة الأزهرية بمصر، ط/1، 1346ه ـ 1928م، ج/1 ص 25.

[14] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، د/ سعيد عاشور ص/ 39.

[15] المصدر السابق ص/ 42 ـ 43.

[16] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، د/ سعيد عاشور ص/ 43.

[17] المصدر السابق ص/ 46.

[18] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك ، ص/ 47.

[19] المصدر السابق، ص/ 47 ـ 48.

[20] المصدر السابق، ص/ 49.

[21] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، ص/ 51.

[22] المصدر السابق، ص/ 53.

[23] المصدر السابق ص/ 54.

[24] المصدر السابق ص/ 57.

[25] المصدر السابق ص/ 58.

[26] (المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، د/ سعيد عاشور ص/ 60) ، (موسوعة التاريخ الإسلامي لـمحمود شاكر، ج/5 ص/ 238.

[27] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، د/ سعيد عاشور ص/ 60.

[28] المصدر السابق ص/ 62.

[29] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، ص/ 63.

[30] المصدر السابق ، ص/ 64.

[31] المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، ص/ 65.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المماليك البحرية
  • المماليك الجراكسة (البرجية)
  • الحياة العلمية في عصر المماليك
  • مقتطفات من الطبقات
  • الطبقات الاجتماعية في الإسلام
  • مكانة الفلاح في المجتمع الريفي في بلاد الشام عصر المماليك

مختارات من الشبكة

  • القسم بركوب طبق عن طبق (2)(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • الهند: طائفة "المنبوذين" وجدت في الإسلام العدل والمساواة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • طبق عن طبق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الطبقات الكبرى (ج ١٥)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب الطبقات للخليفة ابن خياط(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الطبقات الكبرى (ج12، 13)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الطبقات السنية في تراجم الحنفية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الطبقات الكبرى (ج 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب