• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

الحملات الصليبية الفرنسية على شمال إفريقية

الحملات الصليبية الفرنسية على شمال إفريقية
أ. حسام الحفناوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/2/2012 ميلادي - 16/3/1433 هجري

الزيارات: 16601

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحَمَلات الصَّلِيْبِيَّة الفَرَنْسِيَّة على شَمال إفْرِيْقِيَّة

الجُذُور التَّارِيْخِيَّة لمَوْقِف الحُكُوْمَة الفَرَنْسِيَّة من الأُمَّة الإسْلامِيَّة (11)

 

لويس التاسع يَتَشَوَّف لحَمْل لِواء الصَّلِيْب من جديد:

لم يكن حَماسُ لويس التاسع الفَرَنْسِي في نُصْرة المَبادِئ الصَّلِيْبِيَّة[1] ليَجْعَلَه يَقْتَصِر على ما بَذَلَه من جُهُود كبيرة في حَمْلَته الفاشِلة على مصر، وما تَلاها من مُحاولاته اليائسة في إعادة تَقْوِيَة وَضْع الصَّلِيْبِيِّين في الشام، وإنما كان أول مُجِيْب لدَعْوة البابا كليمونت الرابع لحَشْد حَمْلة صَلِيْبِيَّة جديدة بعد الضَّرَبات المُوْجِعة التي سَدَّدَها السُّلْطانُ المَمْلوكي الظَّاهِر بيبرس البُنْدُقْدارِي إلى ما بَقِيَ بأَيْدِي الصَّلِيْبِيِّين من مُمْتَلَكات بالشام، وقَضائه على إمارة أَنْطاكِيَة الصليبية، وأَصَرَّ لويسُ على الاشْتِراك بنفسه في الحَمْلة التي دَعَت إليها البابَوِيَّة رُغْم ضَعْف حالته الصِّحِيَّة، وعَدَم موافقة البابا كليمنت الرابع في بادئ الأمر على مُشاركة لويس بنفسه؛ نَظَرًا لعَوامِل عديدة، ولكن إصْرارَ المَلِك الفَرَنْسِي جَعَل البابا يَضْطَّرُّ لقَبُول طَلَبه، وأَرْسَل له نائِبَه الذي سَلَّم للمَلِك لويس الصَّلِيْب في اجْتِماع كبير، جَعَله لويسُ في القاعة الكُبْرى في اللُّوْفر بباريس، وحَضَره أبْناء لويس الثلاثة: فيليب الجَسُور، وحَنَّا الحَزِيْن، وبُطْرُس، وأخوا الملك: شارل دانجو، وألفونس كونت بواتييه، وابن أخي لويس روبرت كونت أرتوا، وهو وَلَد الذي قُتِل في المَنْصورة من قَبْل، واسْتَلَم كلٌ منهم الصَّلِيْب أيضًا، واقْتَدَى بالمَلِك الفَرَنْسِي وأُسْرته مُلُوك كل من: أراغون، وقشتالة، والبرتغال، وابْنَي مَلِك إنجلترا، ومَلِك نفارة، والعديد من الكونتات، والبارونات، والأمراء، والفُرْسان الحاضِرِيْن، ولا شَكَّ أن كثيرًا ممن اسْتَلَموا الصَّلِيْب في الاجْتِماع المَذْكور لم يُشارِكوا في الحَمْلة فِعْلِيًّا، وكان عِبْؤها الأَكْبر على عاتِق لويس التاسع.

 

كُرْسِي البابَوِيَّة في أَيْدٍ فَرَنْسِيَّة:

ومن الجَدِيْر بالذِّكْر أن بابا رُوْما كليمنت الرابع الذي دَعا إلى الحَمْلة الجديدة كان فَرَنْسِيًّا، وكان على صِلَة قوية بالمَلِك لويس قبل انْتِخابه للبابَوِيَّة، وكذلك كان سَلَفُه البابا أُرْبان الرابع فَرَنْسِيًّا صَدِيْقًا للمَلِك لويس قبل الصُّعُود إلى كُرْسِي البابَوِيَّة، وهو الذي عَرَض على شارل دانجو أخي لويس عَرْشَ مَمْلَكة الصِّقِلِّيتَيْن؛ رَغْبَةً في التَّخَلُّص من خَطَر آل هوهنشتاوفن الأَلْمان أَعْداء البابَوِيَّة، وأَقْنَع أُرْبان الرابع لويسَ التاسع بأهمية هذه الخُطْوة في نَجاح المَشْروع الصَّلِيْبِي المُسْتَقْبَلِي للويس.

 

ونَظَرًا لوفاة أُرْبان قبل إتْمام ذلك؛ فقد تَمَّ زَحْفَ شارل دانجو على مَمْلَكة الصَّقِلِّيتَيْن في عَهْد كليمنت الرابع الذي كان مُؤيِّدًا وداعِمًا لما وَقَع من اتِّفاق بين سَلَفه أُربان الرابع وشارل دانجو.

 

إن مَوْقِف هذين البابَوَيْن الفَرَنْسِيِّين صَدِيْقِي لويس التاسع ليُذَكِّرُنا بمَوْقِف سلفستر الثاني الفَرَنْسِي الذي كان أول فَرَنْسِي يَعْتَلِي كُرْسِي البابَوِيَّة، وكان أول مَنْ يُفَكِّر بإعْداد حَمْلة صَلِيْبِيَّة لانْتِزاع بَيْت المَقْدِس من المسلمين، وهو ما تَمَّ بالفعل في عَهْد خَلَفه الفَرَنْسِي أيضًا أُرْبان الثاني، والذي اخْتار فرنسا لتكون مَهْدَ الدَّعْوة للحَمَلات الصَّلِيْبِيَّة كلها.[2]

 

حَمْلة لويس التاسع الفَرَنْسِي على تُوْنُس[3]:

رُغْم اتِّفاق لويس التاسع مع أَخِيْه شارل دانجو مَلِك صِقِلِّيَّة صاحب الأَطْماع التَّوَسُّعِيَّة الكبيرة على المَسِيْر معه للحَمْلة، رَغْبَةً في الاسْتِيْلاء على تُوْنُس، وتَنْصِيْر مَلِكها وشَعْبها بكافَّة الطُّرُق والوَسائل، ثم التَّقَوِّي بها لإكْمال الزَّحْف شَرْقًا إلى مصر، ثم إلى الشام، غَيْرَ أن انْشِغال شارل في تَحْقِيْق أَطْماعه التَّوَسُّعِيَّة، عن طريق الحُرُوب تارة، والدِّبلوماسِيَّة تارةً أخرى، اضْطَّرَّ لويس لعَدَم انْتِظار شُرُوع أَخِيْه في الاسْتِعْداد وبَدْء المَسِيْر للحَمْلة، فشَرَع فيها دُوْنَه في شَهْر مايو من سنة 1270م، فوَصَل شَواطئ تُوْنُس في شهر يوليو من نَفْس العام، ولَحِقَه أخوه شارلُ بأُسْطُوله فيما بعد، فوَصَل في يوم وفاة لويس على الشَّواطِئ التُّوْنُسِيَّة في شهر أغسطس.

 

لقد تَبَدَّدَت أَحْلَامُ لويس الصَّلِيْبِيَّة بوفاته عند السَّواحِل التُّوْنُسِيَّة وهو يُتَمْتِم بعِبارت الشَّوْق لأورشليم ـ أي القُدْس ـ وهَلاك ما يَقْرُب من نِصْف الجَيْش بالأَوْبِئة، والأَمْراض، وفيهم العديد من النُّبَلاء والأُمَراء، وفيهم الأَمِيْرُ حَنَّا الحَزِيْن أَحَدُ أَوْلاد لويس، وكذلك أُصِيْب وَلَدٌ آخر للويس في الوَباء هو الأمير فيليب الذي تَوَلَّى المُلْك بعد وفاة أبيه ـ وكان يُلَقَّب بالجَسُور ـ حتى أَشْرَف على الهَلاك، ووَصَل شارلُ بأُسْطُول صِقِلِّيَة يوم وفاة أخيه، فعَقَد صُلْحًا مع المُسْتَنْصِر الحَفْصِي، ورَجَعَت الحَمْلَة تَجُرُّ أَذْيالَ خَيْبَتها.[4]

 

وقد أَدْرَجَت الكَنِيْسةُ الكاثولِيكِيَّة لويسَ التاسع في مَصافِّ القِدِّيِسْين بعد خمسين عامًا من وفاته، ولا يَزالُ تَكْرِيْم لويس التاسع وتَبْجِيْله أَمْرٌ شائِعٌ في الغَرْب النَّصْرانِي الاسْتِعْمارِي؛ حيث يَنْسِبون إليه التَّقْوى والوَرَع، ويَعْتَبِرونه مِثالًا يُحْتَذَى به في الحِرْص على مُواصَلَة التَّقالِيْد الحقيقية التي سارت عليها الحَمَلات الصَّلِيْبِيَّة الأولى.

 

وقد احْتَفَل الفَرَنْسِيّون في باريس، والإيْطالِيّون في رُوْما في آن واحد بمُرور سبعمائة عام على وفاة لويس التاسع، وأقاموا المؤتمرات العِلْمِيَّة، والحَفَلات الموسِيْقِيَّة التِّذْكارِيَّة، ومَعارِض الذَّخائِر التَّارِيْخِيَّة، وعَقَد المَعْهَدُ الفَرَنْسِيُّ الكاثولِيْكِيِّ في روايامون مُداوَلَة بمناسبة ذِكْرى وفاة لويس التاسع، وأَعْلَنت الوزارةُ الفَرَنْسِيَّة لشؤون الثَّقافة سنة 1970م سنة القِدِّيْس لويس وَفْق تَعْبِيْرها، ودَعَمَت المُبادَرةَ التي تَبَنَّتْها جَمْعِيَّةُ العُلَماء المُهْتَمَّة بقَضايا تاريخ آسيا، والتي عَقَدَت جِلْسَةً احْتِفالِيَّة في الكُلِّيَّة الفَرَنْسِيَّة [كوليج دي فرانس]، وكان مَوْضُوعها "القِدِّيْس لويس والشَّرْق"، وما ذَكَرْتُه إنما يُمَثِّل نَماذِج من الجُهُود الكثيرة التي بُذِلَت لتَذْكِيْر الفَرَنْسِيِّين المُعاصِرِيْن بصُوْرة المَلِك المِثالِي النَّقِيِّ التَّقِيِّ الصَّادِق، الذي لا يَسْتَرْشِدُ إلا بالدَّوافِع الدِّيْنِيَّة النَّصْرانِيَّة، ويَحْرِصُ على تَحْرِيْر القُدْس، وحَمْل غير النَّصارَى على اعْتِناق النَّصْرانِيَّة[5].

 

حَمْلَةٌ صَلِيْبِيَّةٌ أُخْرى على تُوْنُس بقِيادة الفَرَنْسِيِّين:

قام الفَرَنْسِيُّون بقِيادة حَمْلة صَلِيْبِيَّة على مدينة المَهْدِيَّة بتُوُْنس في عام 792هـ، وقد شارك في الحَمْلة قواتٌ من مَمْلَكَتَي أراغون، وإنجلترا، ولكن الشَّرِيْكَ الأَكْبَر للفَرَنْسِيِّين فيها تَمَثَّل في جُمْهُورِيَّة جَنَوَة الإيْطالِيَّة التي كانت قُوَّة بَحْرِيَّة تُجارِيَّة وعَسْكَرِيَّة كُبْرى في ذلك الوقت، والتي لَعِبَت دَوْرَ المُحَرِّض الأَكْبَر للمَلِك الفَرَنْسِي شارل السَّادس على خَوْض غِمار تلك الحَرْب الصَّلِيْبِيَّة، وذَكَّرَ رَئِيْسُ السِّفارَة الجَنَوِيَّة المَلِك الفَرَنْسِي بما كان للفَرَنْسِيِّين من دَوْر سابق في مُواجَهة المسلمين، حتى ادَّعَى أن الدَّوْرَ الفَرَنْسِي في الحَمَلات الصَّلِيْبِيَّة ضِدَّ المسلمين قد جَعَل كلمةَ فَرَنْسِيٍّ تُرادِفُ كلمةَ نَصْرانِيٍّ لدى المسلمين.

 

لقد آتَتْ السِّفارَةُ الجَنَوِيَّة أُكُلَها؛ لمُوافَقَتها الأَهْواء السِّياسِيَّة الفَرَنْسِيَّة في ضَرْب مَمْلَكة الحَفْصِيِّين في تُوْنُس وما حولها من الشَّمال الإفْرِيْقِي في عُقْر دارها؛ حيث كان اعْتِلاءُ أبي العَبَّاس أحمد الثاني الحَفْصِي المُلَقَّب بالمُسْتَنْصِر عَرْشَ المَمْلَكة سنة 772هـ إيْذانًا ببَدْء عَصْر جديد من القُوَّة والتَّماسُك للمَمْلَكة الحَفْصِيَّة.

 

لقد قَطَع أبو العَبَّاس المُسْتَنْصِر ـ والذي يُمَثِّل الأَمِيْرَ السَّادس عَشْر من سُلَالة الحَفْصِيِّين بتُوْنُس ـ الإتاوةَ التي ظَلَّ عَدَدٌ من مُلُوك الحَفْصِيِّين قبله يَدْفَعُون بها زَمَنًا طويلًا شَرَّ مُلُوك صِقِلِّيَّة وأراغون النَّصارى عن الشَّمال الإفْرِيْقِي المسلم، وما رَضِيَ في مَجال العلاقات الخارِجِيَّة للدَّوْلة بالدَّنِيَّة، بل أَصَرَّ أن تكون المُعامَلَة مع مُلوك أوروبا النَّصارى من مُنْطَلَق القُوَّة والعِزَّة؛ لذلك تَغاضَى عن نشاط البَحَّارَة المُهاجِمِيْن لسَّواحِل الجَنُوب الأوروبِي وأَساطِيْل دُوَله، إن لم يكن قد دَعَمَهم وشَجَّعَهم؛ لِما أَزاحُوه عن كاهِله من عِبْء الدِّفاع عن سَواحل شَمال إفْرِيْقِية ضد قَراصِنة الدُّول الأوروبِيَّة الذين كانوا يؤذون مُسْلِمِي شمال إفريقية أَشَدَّ الإيْذاء، وأَصَمَّ أبو العَبَّاس أُذُنَيْه عن سَماع شَكْوى المَمالِك الأوروبِيَّة من نَشاط أولئك البَحَّارة، مُعامَلةً لهم بالمِثْل؛ حيث كان مُلوك أوروبا يفعلون نفسَ الشَّيء عندما يَشْتَكِي لهم مُلُوك الحَفْصِيِّين من هُجوم القَراصِنة البَحْرِيِّين الأوروبِيِّين على سَواحل الشَّمال الإفْرِيْقِي، وما كانوا يقومون به من سَلْب، ونَهْب، وسَبْي، وقَتْل، وتَدْمِيْر، وكان إغْضاءُ أبي العَبَّاس الطَّرْفَ عن نشاط أولئك البَحَّارة المسلمين التابعين لمَمْلَكته سَبَبًا رَئِيْسًا في الحَشْد للحَمْلة الصَّلِيْبِيَّة المَذْكورة.

 

لقد تَمَّ اخْتِيارُ لويس الثاني دوق بوربون والذي كان خالًا للمَلِك شارل السادس لقَيادة الحَمْلة؛ نَظَرًا لِما كان يَتَمَتَّع به من صِفات القِيادة من جهة، وما كان يُعْرَفُ به من التَّشَبُّع بالرُّوْح الصَّلِيْبِيَّة من جهة أخرى، والتي كان تَشَبُّعُه بها يُعَدُّ نِتاجًا طبيعيًا لتَأَثُّره بفِكْر الدَّاعِيَيْين الصَّلِيْبِيِّين الفَرَنْسِيِّين: فيليب دي ميزيير، ومارينو سانودو، وانْضِمامه إلى جَمْعِيَة أَحِبَّاء المَسِيْح، مما جَعَله من أَكْثَر المُشَجِّعِيْن للمَلِك شارل السادس على اشْتِراك فرنسا في الحَمْلة الصَّلِيْبِيَّة الجديدة على تُوْنُس، واشْتَدَّ إلْحاحُه على المَلِك، وتَوَسُّلُه إليه أن يُسْنِد له قِيادةَ الحَمْلة، رَجاء أن يَقْتَدِيَ بلويس التاسع، ويُقاتِل في نَفْس الأَرْض التي قَضَى القِدِّيْس لويس ـ وَفْقًا لاعْتِقادهم المَزْعُوم ـ نَحْبَه فيها، ولكن الحَمْلة مُنِيَتْ بفَشَل ذَرِيْع، ورَجَعت تَجُرُّ أَذْيالَ الخَيْبة بعد مُرور ما يَقْرُب من شَهْرَيْن ونِصْف الشَّهْر من نُزُولها بشَواطئ مدينة المَهْدِيَّة، ولله الحمد.[6]



[1] كانت بلانش والدة لويس قشتالية، نشأت في ظل المفاهيم الصليبية الإسبانية المفعمة بالبغض للمسلمين في الأندلس، ومن الواضح أنها أرضعت أولادها هذا البغض، وعلى رأسهم لويس، وشارل دانجو، والأخير كان يملك صقلية، وشارك في الحملة على المهدية مع أخيه كما سيأتي إن شاء الله تعالى. انظر: الحروب الصليبية في شمال إفريقية وأثرها الحضاري للدكتور ممدوح حسين (ص271).

[2] راجع ما ذكرته سابقًا في المقال المعنون بالصبغة الفرنسية للحملات الصليبية المشرقية، وهو المقال الثامن من سلسلة الجذور التاريخية لموقف الحكومة الفرنسية من الأمة الإسلامية.

[3] يجوز في نون تونس الحركات الثلاثة؛ فهي تُضَمُّ، وتُفْتَحُ، وتُكْسَر. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/60).

[4] الحقيقة أن الحملة وإن فشلت عسكريًا وسياسيًا، غير أن شارل دانجو قد حصل العديد من المكاسب المالية والمزايا الاقتصادية لمملكة الصقليتين التي يمكلها، مقابل الرحيل عن تونس. انظر عن الحملة الصليبية الثامنة: تاريخ ابن الوردي (2/185)، والخلاصة النقية في أمراء إفريقية للباجي (ص63،62)، والمؤنس في أخبار إفريقية وتونس لابن أبي دينار (ص128ـ130)، والأخبار السنية في الحروب الصَّلِيْبِيَّة لسيد علي الحريري (ص340ـ344)، والحروب الصليبية في المشرق والمغرب (ص134ـ139، 145ـ149)، ورحيل الصليبيين عن الشرق في العصور الوسطى للدكتور سعدون عباس نصر الله (ص112ـ114)، والصليبيون في الشرق لميخائيل زابوروف (ص318ـ326)، والحروب الصليبية لإرنست باركر (ص128ـ130)، وتاريخ أوروبا الحديث لجفري براون (ص238)، وموجز تاريخ الحروب الصليبية لمصطفى وهبة (ص54)، والحروب الصليبية في شمال إفريقية وأثرها الحضاري للدكتور ممدوح حسين (ص235ـ355)، وفيه بحث مفصل عن نص المعاهدة التي عقدها شارل دانجو مع المستنصر، ودارسة لآثارها السلبية.

[5] انظر: الصليبيون في الشرق لميخائيل زابوروف (ص311،310). وقد وصف المؤرخ إرنست باركر في كتابه الحروب الصليبية (ص112،111) لويس التاسع بأنه النموذج الخالص للصليبي المتدين.

[6] انظر: تاريخ ابن خلدون (6/400،399)، والخلاصة النقية في أمراء إفريقية للباجي (ص78،77)، والحروب الصليبية في شمال إفريقية وأثرها الحضاري للدكتور ممدوح حسين (ص514ـ579)، وهو كتاب ممتع، أفاض صاحبه في الحديث عن الحملة، وتوسع في البحث في مصادرها العربية والأجنبية، وقد وصف فرنسا ـ وصدق في وصفه ـ بأنها كانت العمود الفقري للحركة الصليبية، وأن الترابط والتلاحم كان وثيقًا بين كلا الطرفين، وأن حرب المائة عام بين فرنسا وإنجلترا والمشاكل الداخلية التي كانت تعاني منها فرنسا هي التي حالت دون استمرار المدد الفرنسي للحملات الصليبية بعد فشل آخر حملات لويس التاسع الفرنسي على تونس، ووفاته هناك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصبغة الفرنسية للحملات الصليبية المشرقية
  • فرنسا مورد الحملات الصليبية ومَعينها (أ)
  • فرنسا مورد الحملات الصليبية ومَعينها (ب)
  • الدعم الفرنسي الصليبي لمملكتي قطلونية وأراجون النصرانيتين بالأندلس
  • مجلة قراءات إفريقية وتوريث الخبرات
  • الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت بين الدوافع الحقيقية والمبررات المعلنة
  • أطفال أوروبا قادوا حملات صليبية!

مختارات من الشبكة

  • السرد الزمني لحملات الفرنجة (الحملات الصليبية)(مقالة - ملفات خاصة)
  • دور ذرية المعز ابن باديس في مواجهة الحملات الصليبية النورمانية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الاحتفال برأس السنة هو النسخة الحديثة من الحملات الصليبية(مقالة - ملفات خاصة)
  • بداية الحملات الصليبية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الحملة الصليبية الخامسة(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحملة الصليبية الألمانية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رؤية معاصرة للحملة الصليبية الأولى(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ميانمار: تراجع عدد مهاجري الروهنجيا بعد الحملات الأمنية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • قنوات دعوية: المعارض - مجالس الأمهات - الحملات الدعوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مالاوي: انتشار الحملات الرمضانية لمساعدة الفقراء والمحتاجين(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- جزيتم خيرا
شموسة - الجزائر 12-02-2012 12:48 AM

جزاكم الله خيرا .
ومعروف عن فرنسا حبها للتملك والسيطرة ودخلت الجزائر وقبعت أكثر من قرن زمنا، وخرجت ذليلة مكسورة مهزومة .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب