• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

قراءة في موسوعة "اليهود واليهودية" (1)

د. بليل عبدالكريم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/6/2010 ميلادي - 27/6/1431 هجري

الزيارات: 10075

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قراءة في موسوعة "اليهود واليهودية" للأستاذ عبدالوهاب المسيري

الحركات الباطنية اليهودية الحديثة (1)

الحركة الفرانكية[1]


نسبة إلى جيكوب فرانك، التي تعود نشأتُها إلى عام 1759م، حين تَنصَّر فرانك هو ومجموعة من أتباعه على الطريقة المارانية[2]؛ أي: أظهروا النصرانية، وأبطنوا عقيدتهم الغنوصية.

 

ومنظومة فرانك الحُلُولية يصل الحُلُولُ فيها إلى مُنتهاه؛ إذ يحل الإلهُ في المادة، ويَموت وتصبح وحدة وجود ماديَّة كاملة، المادة فيها مقدَّسة تمامًا، والإنسان فيها إله، ومِنْ ثَمَّ فهي أيضًا النقطة التي تَسقُط فيها كلُّ الحدود، ويتساوى فيها المطلق والنسبي، والمقدَّس والمدنَّس، والمُحرَّم والمُباح، وتنقلب القيم رأسًا على عَقِب، ويتساوى الخير والشر، والوجود والعدم؛ لذا منظومة فرانك أكثر حداثة وجذرية من منظومة نيتشه على سبيل المثال.

 

ويتحدَّد إسهام فرانك في أنه خلَّص القبَّالاه من رموزها الكونيَّة المترابطة المركبة، ووضعها في مُصطلح شعبي مُزخرف، وفي إطار أُسطوري، بل طَعَّمها بصور نصرانية مألوفة لدى يهود شرق أوروبا، الذين اختلطوا بالفلاحين السُّلاف في الريف، وابتعدوا عن مراكز الدراسة التلمودية في المدن، وقد تأثَّر الفرانكيُّون بالفرق الأرثوذكسية الرُّوسية المنشقَّة، وخصوصًا الدوخوبور والخليستي.

 

وتدور العقيدةُ الفرانكية حول ثالوث جديد يتكوَّن مما يلي:

1 - الإله الخيِّر أو الأب الطيب، وهو إلهٌ خَفِيٌّ يَختبئ وراء ثاني أعضاء الثالوث، ولا علاقةَ له بعملية الخلق أو المخلوقات، فهو لم يَخلق الكون، فلو أنَّه خلق الكون، لأصبح هذا الكون خالدًا وخيِّرًا، ولكانت حياة الإنسان أبدية، وهو مقابل "الإين سوف" في العقيدة القبَّالية.

 

2 - الأخ الأعظم أو الأكبر، ويُسمَّى أيضًا: "هذا الذي يقف أمام الإله"، وهو الإله الحقيقي للعقيدة، الذي يُحاول العبد التقرب منه، ومن خلال الاقتراب منه يستطيع العابد أنْ يحطم هيمنة حكام العالم الثلاثة: قيصر روسيا، والسلطان العثماني، وحاكم إحدى القُوى العظمى الأخرى، ولعلها النمسا أو ألمانيا، الذين يُهيمنون على العالم، ويفرضون عليه شريعة غير ملائمة، والأخ الأعظم المقابل "للتفئيريت" أو الابن، ولبعض التجليات الأخرى - مرتبط بالشخيناه التي هي الأم التي يُقال لها (علماه).

 

3 - الأم (علماه)، أو العذراء (بتولاه)، أو (هي)، وهي خليط من الشخيناه والعذراء مريم، والواقع أنَّ صورة الأنثى في الثالوث الفرانكي جعلت العنصرَ الجنسي الكامن في القبَّالاه اللوريانية، أو في الحركة الشبتانية - عنصرًا أكثر وضوحًا، وقد استخلص الفرانكيُّون أنَّ التجربة الدينية الحقة لا بُدَّ أن تأخذ شكل مُمارسة جنسية، ولن يصل العالم إلى الخلاص إلا باكتمال الثالوث الجديد السابق، وهذا الثالوث أقربُ إلى شخصيات المنظومة الغنوصية: الإله الخفي "الديوس أبيسكونديتوس"، والمخلص "الكريستوس"، والحكمة "صوفيا".

 

وشبتاي تسفي نفسه - حسب التصور الفرانكي - ليس إلا أحد تجليات الإله، فهو تجسيد جديد للأَخِ الأعظم، ولكنه تَملَّكه الضَّعف، وهو بَعُدَ في منتصف الطريق، فلَمْ يستطع تحقيق أي شيء.

 

ووصولاً إلى الخلاص لا بُدَّ أن يظهر ماشيَّح جديد يُكمِّل الطريق، ولا بُدَّ أيضًا أن تظهر العذراء كتجسيد للعنصر الأنثوي، وحتى يتحقَّق الخلاص ينبغي أنْ يَسير المؤمن بالعَقيدة الفرانكية في طريق جديد تَمامًا، لم يطرقه أحدٌ من قبل، وهو طريق عيسو "أدوم"، الذي يُشار إليه في (الأجاداه) بلفظ "أدوم"، ويُستخدَم اللفظ نفسه للإشارة إلى "روما"؛ أي: القوى الكاثوليكية.

 

فعيسو رمز تَدفُّق الحياة، الذي سيُحرر الإنسان والحياة، فهو قوة لا تَخضع لأيِّ قانون، حالة سيولة كونية ورحمية.

 

وقد جاء في التوراة (تكوين 33/14) أنَّ يعقوبَ قال: إنَّه سَيَزُورُ أخَاه، ولكنه لم يفعل؛ لأنَّ الطريق كان صعبًا عليه، وقد حان الوقت لأَنْ يسيرَ الماشيَّح في ذلك الطريق، الذي يُؤدي إلى الحياة الحَقَّة، التي تَحمل كُلَّ معاني الحرية والإباحية، ولنلاحظ هذا الارتباطَ بين حالة السيولة الرحمية، والإباحيَّة الجنسية، وهو أمر مُتكرر في الأنماط الحلولية.

 

فالطريقُ الجديد يؤدي إلى عالَمٍ لا توجد فيه قوانين ولا حدود، عالَم تَمَّ فيه التجرُّد من كل الشرائع والقوانين والأديان، لكنه عالم ليس فيه حدود، وتُصبح العدمية والتخريب هما طريق الخلاص.

 

فهذا العالم الشِّرير لم يخلقه الإله الخفيُّ، وهو مادة دنيئة تَقِفُ في وجه وصول الإنسان إلى الأخ الأعظم، ويُلاحَظ هنا الأثر العميق للغنوصية.

 

وحتى يتم إنجاز هذا الهدف لا بُدَّ أن تُحطَّم كل القوانين والتعاليم والمُمارسات، التي تعوق تدفُّق الحياة؛ يقول مُؤسس الحركة: "لقد أتيتُ لأُحرر العالَم من كلِّ الشرائع والعادات الموجودة فيه، إنَّ مُهمتي هي إزالةُ كلِّ شيء؛ حتَّى يستطيعَ الإلهُ أنْ يكشفَ عن نفسه".

 

ثُم تظهر العدمية الدينية بشكلٍ أوضح في الحديث عن الطَّريق إلى الحياة الجديدة، فهو طريق جديد تمامًا، وكما يقول فرانك: "أينما كان يَخطو آدم، كانت تنشأ مَدينة، لكن أينما أضع أنا قدمي، يَجب أن يُدمَّرَ كلُّ شيء، فقد أتيت إلى هذا العالم؛ لأُدمِّر وأبيد".

 

والطريقُ الجديد طريقٌ غير مرئي، لا يكون إلاَّ في الخفاء؛ لذا يتعيَّن على المؤمنين أنْ يرتدوا رداءَ عيسو (أي: النصرانية)، فعليهم أنْ يتظاهروا بالتنصُّر، والواقع أنَّ التظاهر بدين واعتناق دين آخر من أهمِّ مُمارسات جماعة الدوخوبور من النصارى الرُّوس المنشقين.

 

والمؤمن الحق يَختبئ تحت "عباءة الصَّمت"، يَحمل الإلهَ في قلبه الصَّامت، فيعتنق الديانات الواحدة تِلْوَ الأخرى، ويُمارس شعائرها، لكن التغلُّب على الأديان الأخرى وتدميرها يتطلَّب من الفرد أنْ يكونَ صَامتًا تَمامًا ومُخادعًا: "فالإنسان الذي يرغب في غزو حصنٍ لا يفعل ذلك بالكلام والإعلان، بل يتسلَّل إليه في صمتٍ وسكون، لقد تَحدَّث الأجداد كثيرًا، لكنهم لم يفعلوا شيئًا؛ لذلك يَجب الآن تَحمُّل الصمت، وحينئذ لن يكونَ الفرد في حاجة إلى الدين"، ويتَّضح هنا أثر يهود المارانو المتخفِّيِين.

 

وحينما يُمارس المؤمنُ طقوس الديانات الأخرى، فدون أنْ يتقبل أيًّا منها، بل يُحاول أن يُحطمها من الداخل، فهو يؤسس الحرية الحَقَّة؛ إذ الواقعُ أنَّ الديانة المنظمة على أساس مؤسسي، التي يعتنقها اليهوديُّ المتخفي - ليست سوى عباءة يرتديها المرء، كرداء يُلقي به (فيما بعد) في طريقه إلى المعرفة المقدَّسة، وهي المعرفة الغنوصية بالمكان، الذي تُحطَّم فيه كل القيم التقليدية في تيار الحياة، في طريقٍ غيرِ مُرتَبِط بأي قانون، وإنَّما مُرتبط بإرادة فرانك وحدَه.

 

وإذا كان الإفصاحُ عن الإيمان بالنصرانية ضروريًّا، فإنَّ الاختلاط بالنصارى وكذلك الزواج منهم مَحظور.

 

وفرانك نفسه - في المنظومة الفرانكية - تجسيدٌ آخر للأخ الأعظم تقمَّصته الروح القدس، سمَّى نفسه "سانتو سنيورا"؛ أي: "السيد المقدَّس"، وروَّج للمفهوم القبَّالي اللورياني للشر، وهو مفهوم يرى أنَّ الشر ليس حقيقيًّا، وكل شيء - وضمن ذلك الشر نفسه - هو خير أو علقت به شرارات إلهية على الأقل.

 

ومن هنا، فقد أعلن فرانك أنَّ ظهور الماشيَّح أضفى القَداسة على كلِّ شيء في الحياة حتى الشر، وبهذا بَرَزت فكرة "الخطيئة المقدَّسة"، التي ترى أنَّه ينبغي الوقوع في "الخطيئة الكبرى"؛ حتى ينبثقَ عالَم لا مكان فيه للخطيئة، عالم هو الخير كله.

 

ولكي يصعد الإنسانُ، يَجب عليه أن يهبطَ أولاً: "إنَّني لم آتِ إلى هذا العالم؛ لكي أصعدَ بكم، بل لأهبط بكم إلى قاع الهوة؛ حيثُ لا يستطيع الإنسانُ أنْ يصعدَ بقُوَّته الذاتية"، أمَّا النُّزول إلى تلك الهوة، فهو لا يقتضي فقط ترك كلِّ الأديان والمعتقدات، بل يوجب أيضًا اقتراف أعمال آثمة غريبة.

 

وهذا يتطلب أنْ يتخلَّى الإنسان عن الإحساس بذاته، إلى درجةٍ تُصبح معها الوقاحة والفجور هما ما يقود إلى إصلاح الأرواح، وقد عَيَّن فرانك اثني عشر من الإخوة أو الحواريِّين أو الرُّسل، هم تلاميذه الأساسيون، مثل حواريي المسيح، ولكنه عَيَّن أيضًا اثنتي عشرة أختًا كُنَّ في واقع الأمر خليلاتِه، فمن الواضح أنَّ فرانك استمر في الممارسات الجنسية، التي كان يُمارسها بأروخيا، وأعلن أنه سيخلص العالم من كل النواميس الموجودة، وسيتجاوز كُلَّ الحدود، فقضى ببطلان الشريعة اليهودية، ورغم أنَّ الإله أرسل رسلاً إلى جماعة إسرائيل، فإنَّ التوراة تتضمن شرائع يصعُب مراعاتها، وثبت عدم جدواها، والشريعة الحقَّة هي إذًا "التوراة الروحية"، أو "توراة الفيض"، التي أتى بها شبتاي تسفي.

 

وشن فرانك حربًا شعواء على التلمود، وأعلن أنَّ الزوهار هو وحدَه الكتاب المقدَّس؛ لذا الفرانكيون يُدْعَوْن باسم "الزوهاريِّين"، ومع هذا وصلت العدمية بفرانك إلى مُنتهاها؛ إذ طلب من أتباعه التخلِّي عن الزوهار نفسه، وعن كل تراث قبَّالي.

 

كانت كل هذه الأفكار تعمل على إعداد أتباعه للتَّنصُّر الماراني الظاهري؛ حيث كان لهم شرط أساسي هو الاحتفاظُ بشيء من هُويتهم اليهودية العلنيَّة، كأَنْ يَمتنعوا عن حلاقة سوالفهم، وأنْ يَرتدوا الثيابَ الخاصة بهم، ويُبقوا أسماءَهم اليهودية إلى جانب أسمائهم النصرانية الجديدة، وألاَّ يأكلوا لحم الخنزير، وأن يستريحوا يوم السبت، ولعلَّ من المفارقات أن مثل هذه الشعائر السطحية كانت كلَّ ما تبقَّى من اليهودية بالنسبة للبعض.

 

كما طالبوا بإعطائهم رقعةَ أرض في شرق جاليشيا، تستطيعُ جماعتُهم أنْ تؤسِّس فيها حياتها الجديدة، وخصوصًا أنَّ مسرح الخلاص في الرؤية الفرانكية هو بولندا وليس صهيون.

 

هذا مع وضع برنامج لتحويل اليهود إلى قطاع مُنتج، وأكَّد فرانك أهميةَ الجوانب العسكرية في تنظيمه، ونادى بأن يترك اليهود الكتب والدراسات الدينيَّة، وأنْ يتحولوا إلى شعب مُحارب، وكان معظم أتباعِ فرانك من الفقرَاء، أو من اليهود الذين يشغلون وظائف هامشية لم يَعُد لها نفع، وكان هؤلاء قد فقدوا علاقتهم بالمؤسسة الحاخامية، وزادت علاقتهم بالفلاحين السلاف، حتى إنَّهم تأثَّروا بفكرهم ومعتقداتِهم، كما انضمَّ إليه عدد كبير من صِغَار الحاخامات، الذين لم يُحققوا ما كانوا يَطْمَحون إليه من نَجاح، وكانت الحركة تضُمُّ غير قليل من كبار التجار الأثرياء.

 

دواعي ظهور الحركة:

ظهرت الفرانكية تعبيرًا عن أزمةٍ كان يَجتازها كلٌّ من اليهود واليهودية:

1 - أما اليهودية، فمن المعروف أنَّها كانت قد وصلت مع انتصاف القرن الثامنَ عَشَرَ إلى طريق مسدود، فقد تَحولت إلى عبادة عقليَّة جافَّة، سيطر عليها الحاخامات بدراساتِهم التلمودية المنفصلة عن أيِّ واقع، وتَمثَّلت فيما يُشبه التمارين المنطقية، ورُبَّما كانت العدمية الواضحة في فكر فرانك تعبيرًا عن الملل والسَّأم من هوية يهودية دينيَّة قد تآكلت.

 

2 - بدأت الدراسات القبَّالية تحل محلَّ الدراسات التلمودية، ولكن القبَّالاه التي سادت كانت القبَّالاه اللوريانية بنَزعتها المشيحانية المتفجرة واتِّجاهها الحلولي المتطرف؛ لهذا لم تَصلُح كإطارٍ لحركة تَجديد وإصلاح اجتماعية.

 

3 - تَعرَّض اليهود لهجمات شميلنكي، ثم الهايدماك والفلاحين القوزاق، ولهجمات سكان المدن البولندية والكنيسة الكاثوليكيَّة، فلاذوا بمنطقة كانت تتنازعُها الدول المجاورة، وكانت مُقاطعة بودوليا، التي نشأت فيها الفرانكية وغيرها من الحركات - تابعة للدَّولة العُثمانية بعض الوقت، ولا شكَّ في أن هذا الوضع السياسي القلق سبَّب للجماهير اليهودية كثيرًا من الخوف وعدم الاطمئنان، جعلها تبحث عن مخرج.

 

4 - بدأت الجماعات اليهودية تَفقِدُ دَورها كجماعة وظيفية وسيطة تعمَل بالتجارة والوظائف الأخرى، وذلك بظهور عناصر بولندية محليَّة أخذت تَحل مَحلَّها ودورها، وبدأ وضع اليهود الاقتصادي يسوء تبعًا لذلك، وتنعكس الأزمةُ الاقتصادية للجماعة اليهودية في أزمة (القهال)، الذي تحوَّل إلى مُؤسسة مدنية تثقلها الأعباء المالية، وزادتِ التوتُّرات الاجتماعية بين اليهود، بدلاً من أن تكون مؤسسة لحلها.

 

5 - وبرغم تفاقُم الأزمة، فلم تظهر فرص اقتصادية بديلة، كما لم تظهرْ أشكال اجتماعية، داخل الجماعة اليهودية أو خارجَها، تحل لها أزمتها وتُساعد أعضاءَها على الاندماج في المجتمع مرة أخرى، من خلال الاضطلاع بوظيفةٍ إنتاجية مُحددة، توجد داخل المجتمع نفسه لا في مَسامِّه؛ لذا كانت الصيغة الشبتانية المارانية صيغةً مُلائمة للاندماج ولحل الأزمة، فما كان يقترحه فرانك هو تكوين جماعات (يهودية نصرانية)، تتساوى في الحقوق مع المواطنين كافَّة، ويُمكنها أن تذوب فيهم، وهدف هذه الصيغة التقليلُ من آلام الانتقال، فجماعة (يهودية نصرانية) تعيش داخل منطقة زراعية مقصورة عليها يُمكنها التكيُّف والاندماج، وفي نهاية الأمر الانصهار في المجتمع الأكبر، دون أنْ تضطر إلى تَبنِّي الأشكال النصرانية البولندية دفعة واحدة، والفرانكية تشبه في هذا الرُّبوبية والماسونية، وهما حركتان تستخدمان خطابًا دينيًّا يُخبئ مضمونًا عَلمانيًّا لتخفيف آلامِ الانتقال من عقيدة إلى أخرى.

ــــــــــــــــــ
[1] "ملخص مع تصرف من موسوعة اليهود واليهودية"، لعبدالوهاب المسيري.

[2] نسبة ليهود المارانو بالأندلس، وهم مثل المورسكيين المسلمين الذين أجبروا على التنصُّر عنوة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحركات الباطنية اليهودية الحديثة: الحركة الحسيدية
  • قراءة في موسوعة "اليهود واليهودية" (2)
  • أسطورة الوعد؛ أرض موعودة أم أرض مغتصبة؟!
  • معنى يهودية الدولة
  • الجيتو والكيبوتس في الوجدان اليهودي
  • أسطورة "الإسرائيليون الأوائل" تحت مجهر التأريخ الوثائقي
  • الدكتور المسيري: مع اليهود أم ضد اليهود؟
  • العلاقة بين المادية ووحدة الوجود عند المسيري
  • منظمات يهودية عبر التاريخ ‏(‏ إشارات وكلمات )‏

مختارات من الشبكة

  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أهمية القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملخص مفاهيم القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وقل رب زدني علما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القراءة المقبولة والمردودة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج الزمخشري في الاستشهاد بالقراءات القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قياس وتدريبات القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التوجيه الصوتي للقراءات القرآنية في كتاب "لطائف الإشارات لفنون القراءات" للقسطلاني، الصوامت نموذجا(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • سورة الصمد في الصلاة بين قراءتها عادة وقراءتها محبة!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بؤس القراءة الحداثية للوحي العزيز: قراءة في فكر محمد شحرور(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- بوركتم
سالم - اليمن 17-06-2010 03:07 PM

بارك الله فيكم على هذه المعلومات الجديدة والمفيدة وبانتظار جديدكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب