• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

حقوق الإنسان

الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/2/2010 ميلادي - 9/3/1431 هجري

الزيارات: 18730

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الإنسان
بين عـدالة الإسلام وظلم أعدائـه


الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله.

وبعد:
لمّا استيقظت أوربا وأمريكا ومن سار في فلك تلك الدول بعد الحرب العالمية التي أذاقتها الويلات والتي نتجت عن التفرق والعنصرية والاستعلاء وتحكيم منطق الظلم والقوة فأدرك بعض عقلاء أصحاب القرار في تلك الدول أن ما تعانيه شعوبهم وحكوماتهم من جراء تلك الحروب المدمرة أمر خطير من الظلم والشر أدى إلى انتهاك حقوق الإنسان انتهاكاً كاملاً في دولهم فضلاً عن الآخرين، فتنادوا إلى اجتماع يضع حداً لذلك الظلم، فتكونت هيئة الأمم المتحدة ووضع المتزعِّمُون من أعضائها من الغربيين غير المسلمين ميثاقها الذي زعموا أنه يحفظ للإنسان حقوقه، والذي هو في الحقيقة اتفاق يتضمن في باطنه الإهدار الكامل لأهم حقوق الإنسان ما عدا المساعدات الرمزية التي تقدمها الهيئة للدول الفقيرة أو لغيرها في حال الكوارث.
 
ودليل ذلك أن الدول الغربية الكبرى وروسيا تَبَنَّت السّلب الحقيقي لأكبر حقوق الإنسان وذلك مُمَثَّلاً في أمرين:
الأمر الأول: أن تلك الدول جعلت لنفسها حق النقض (الفيتو) لأي قرار يتفق عليه أعضاء الهيئة رغم كثرتهم إذا كان لا يروق لواحدة من تلك الدول التي تملك حق نقض القرار أو أنه يرفع ظلم دولة ربيبة لواحدة من تلك الدول الكبرى كدولة اليهود في فلسطين مثلاً، فإننا نشاهد أن كل قرار يجمع عليه أعضاء هيئة الأمم لصالح الفلسطينيين يعيد لهم حقاً من حقوقهم المسلوبة واليهود لا يرغبونه يُقَابَل من قِبَلِ أمريكا بالنقض وربما ينضم إليها دولة أخرى ممن تملك ظلماً ذلك الحق المغتَصِب الذي يتضمن بكل المعاني حرمان الشعوب المضطهدة من حقها في الاستقلال، هذا من ناحية إضاعة حقوق الإنسان في ميثاق هيئة الأمم الصوري الذي لا حقيقة له، أما من ناحية الاغتصاب الأكبر لحقوق الإنسان فهو حاصل من قِبَل بريطانيا وفرنسا والنظام الشيوعي بعد ما تقاسمت تلك الدول تركة الرجل المريض كما يسمونه ومرض الدولة العثمانية قد أصيبت به منذ نشأتها في العقيدة رغم أنها في الفروع قد أخذت بالمذهب الحنفي، ورغم أنها عمرت الحرمين الشريفين ودافعت عن الأقصى وفلسطين ونشرت الإسلام في أوروبا بواسطة فتوحاتها وحروبها مع الصليبيين، لكن عقيدة سلاطينها قد تلوثت بالأفكار الصوفية الخرافية فلم يحموا حمى التوحيد ولم يحاربوا الوثنية المنتشرة في العالم الإسلامي رغم قدرتهم على ذلك، هذه الوثنية الموروثة عن الدولة الفاطمية الوثنية الملحدة والمتمثلة في البناء الحاصل على القبور وبناء المساجد عليها والطواف بقبور من يُعتقد فيهم الولاية والاستغاثة بهم وطلب الحاجات وتفريج الكربات منهم واعتقاد النفع والضر فيهم بل وعلم الغيب وتدبير الكون بالإضافة إلى البدع المأخوذة من النصارى والمجوس وغيرهم كعيد المولد وغيره، ومن أكبر البراهين على فساد عقيدة أكثر سلاطين آل عثمان: محاربتهم دولة التوحيد التي أسسها الإمام (محمد بن عبد الوهاب) والأمير (محمد بن سعود) جزاهما الله وذريتهما الذين ساروا على نهجهما إلى اليوم خير الجزاء، حاربوا هذه الدولة والدعوة إلى توحيد الله تعالى وإخلاص العبادة له وحده رغم ما بيَّنه لهم الإمام في رسائله لهم ولشريف مكة وعلمائها من الحق، وأنه واحد من رعية الدولة يدعو لها ويقوم هو والأمير بواجب الدعوة إلى توحيد الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكنهم لم يقبلوا دعوة الحق وإنما تقبلوا وشاية وتزوير علماء السوء المشركين والمبتدعين وعلى رأسهم كبير علماء مكة الذي ألَّف كتاباً كله زور وافتراء ضد الوهابية وأنهم خوارج ووزعه على الحجاج في موسم الحج.

تقاسمت كبار الدول الغربية البلدان التي كانت تحكمها الدولة العثمانية بعد سقوطها بتآمر الدول الصليبية مع عميلها الملحد (مصطفى أتاترك) فصارت الدول العربية باستثناء المملكة العربية السعودية التي حماها الله سبحانه بتحكيم شريعة الإسلام فيها وصارت دول الشرق الأوسط وشرق أوروبا ودول البلقان المسلمة مقسمة بين بريطانيا وفرنسا والنظام الشيوعي وفرضت كل دولة أنظمتها المخالفة للإسلام على شعوب تلك الدول.

الأمر الثاني: اعتبار النظام الديمقراطي الغربي الذي يلغي الحقوق الإنسانية الكبرى التي حفظها الله سبحانه وتعالى بالإسلام هو النظام المعترف به في ميثاق هيئة الأمم، وهو في الحقيقة هدم سافر لصرح العدالة حتى في انتخاب الحاكم الذي يعتمد على كثرة الأصوات التي لا تعتبر في الحقيقة إلا إذا كانت لرجل يرضى عنه الغربيون ولو كانت كثرة مزورة، أمّا لو كانت لرجل مسلم يعلم الغرب وعملاؤه عنه حب الإسلام والحرص على الحكم به فإن انتخابه يُرْفض من قبل الدول الغربية وعملائها، وإذا طالب الشعب المسلم بتفعيل هذا الانتخاب العادل لذلك الرجل العدل تدخل الجيش بقيادة ضباطه العلمانيين بإيعاز من أولئك الأعداء وأعلن الأحكام العرفية وإذا لم يوجد جيش يتدخل تدخلت تلك الدول أو بعضها تدخلاً سافراً ضد ذلك الحاكم ومؤيديه من المؤمنين حتى يلغوا حكومته ويقيموا مكانها حكومة علمانية عميلة تحكم بغير ما أنزل الله كما يحكمون.

ومما تجب معرفته أن مبدأ الشورى في الإسلام واجب ابتداءً من انتخاب الحاكم حتى ينتهي بالأمور اليسيرة، لكنه على أساس الأخذ بالكيف لا بالكم فالإسلام يعتبر الذين لهم الحق في أن يُستشاروا ويؤخذ برأيهم هم أهل العلم بشريعة الله عز وجل المعروفين بعدالتهم ونصحهم للأمة وكذلك أهل الحل والعقد من أشراف الناس الذين عرفهم المجتمع بالخبرة والنصح للأمة، أما الغوغاء من السفهاء والمنحرفين والجهال وهم أشر الناس فإنهم لا ينتخبون إلا من عرفوه بالانحراف لكي يحقق لهم مطالبهم المحرمة، فهؤلاء لا اعتبار لهم في جميع الشرائع التي أنزلها الله سبحانه بل ولا عند عقلاء الأمم الأخرى، ولهذا فإن الخلافة الإسلامية العظمى التي جرى فيها اختيار الخلفاء من بعد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تمت على هذا الأساس الإسلامي العادل العظيم فقد ترك الرسول صلى الله عليه وسلم تنصيب الخليفة على المسلمين من بعده لأفاضل الصحابة الذين شهد الله لهم بالصدق والنصح وكمال الإيمان بل قد بشرهم الله بالجنة، فما كان من هؤلاء الصحابة الأخيار إلا أن اختاروا أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم خليفة للمسلمين وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وتبعهم بقية الصحابة فبايعوه فكان من خطبته بعد بيعته: (أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني على حق فأعينوني وإن رأيتموني على باطل فَقَوِّمُوني أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم) ولما أحسّ بالوفاة أوصى أن يكون الأمر في اختيار الخليفة من بعده للستة الباقين من العشرة المبشرين بالجنة والذين هم أفضل الصحابة وكل الصحابة فضلاء عدول ويتميز هؤلاء الستة مع سبقهم في الإيمان بالله ورسوله ودينه بأنهم يمثلون القبائل الإسلامية وهم ساداتهم وجميع المهاجرين والأنصار راضون عنهم فاجتمع رأي هؤلاء على انتخاب (عمر الفاروق) رضي الله عنهم جميعاً فبايعوه وبايعه الناس وكان في مقدمة الذي بايعوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد كان يحبه ويشهد له بالسبق والأحقية ومن محبته وإعجابه به أنه زوجه بابنته وقال لما رآه يركض ليرد ناقة من إبل الصدقة هربت حتى ردها: (يرحمك الله يا عمر لقد أتعبت من يأتي بعدك) وقال لما توفي عمر رضي الله عنه ودخل عليه وهو مُغَطَّى: (أتمنىّ أن ألقى الله تعالى بمثل صحيفة هذا المُسَجّى) ثم بايع بقية العشرة ومعهم المسلمون (عثمان بن عفان) رضي الله عنه وبعده بايع المسلمون (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه فهو رابع الخلفاء الراشدين، ويجدر بنا بمناسبة ذكر بيعة الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم أن ندعو الشيعة إلى الحق لأن دعوتهم حق من حقوق الإنسان على الإنسان فنحن نحب لهم ما نحب لأنفسنا من سلوك صراط الله المستقيم وهو محبة الله عز وجل ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وزوجاته أمهات المؤمنين كما سماهن الله سبحانه ومحبة أصحابه أجمعين وعلى رأسهم المهاجرون والأنصار الذين شهد الله سبحانه وتعالى لهم في القرآن العظيم في آيات كثيرة بالإيمان الكامل واليقين الصادق وأعد لهم الدرجات العلا في الجنة وهكذا التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين وهم الذين ساروا على نهجهم المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن شهادة الله تعالى لهم وبشارته لهم بالجنة قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]، والآيات في مدحهم والثناء عليهم كثيرة جداً، وأما الذين ورد أنهم يُذادون عن الحوض فهم أهل الردة والخوارج الذين قاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ومعه في قتالهم علي وجميع الصحابة رضي الله عنهم، فنحن ندعو جميع طوائف الشيعة الإثني عشرية وغيرهم إلى الكف عن سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى محبتهم والترضي عنهم ومن تبعهم بإحسان، وهم الذين لا يستغيثون بميت مهما كانت منزلته ولا يذبحون لغير الله ولا ينذرون إلا لله ولا يعتقدون النفع والضر وعلم الغيب وتدبير الكون إلا لله وحده فهم يحبون أنبياء الله وأولياءه، وفي مقدمة الأولياء الأئمة من آل بيت رسوله ويتولونهم ولكنهم لا يعبدونهم بنسبة شيء مما تقدم إليهم لأن من يصرف شيئاً من العبادة لغير الله مشرك كافر وهم بريئون منه ولو ادعى محبتهم والتشيع لهم لأن شيعتهم على الوجه الصحيح هم أهل السنة والجماعة وليسوا الروافض الذين خذلوهم أحياءً وعبدوهم أمواتاً.

كما ندعو الشيعة إلى الأخذ بمنهج أهل السنة والجماعة وهو التمسك بالقران الكريم وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم المثبتة إثباتاً صحيحاً يوافق القران وتؤمن به العقول السليمة وهي الأحاديث المدونة في صحيحي البخاري ومسلم وصحيح السنن، أما كتب الشيعة التي هي مراجعهم مع الأسف فإنها جميعها مزورة مكذوبة على الله ورسوله وآل بيته ويكفي شاهداً على ذلك أن الذي وضع خطوطها العريضة والأسس التي بُنِيَت عليها هو اليهودي المنافق الزنديق عبدالله بن سبأ الذي أظهر الإسلام زمن خلافة الخليفتين عثمان وعلي رضي الله عنهما ليكيد للإسلام والمسلمين بأعظم مكيدة وهي التفريق بين المسلمين فأحدث مذهب التشيع واستغل جهل من اتبعوه في تزيين عقيدة الحلول وهي أن الله حلّ في علي رضي الله عنه ثم في أبنائه من بعده وجعل لهم صفات الله عز وجل ومنها: أنهم يعلمون الغيب ويدبرون الكون وفضَّلَهم على الأنبياء وادَّعَى لهم العصمة وادَّعَى أن الخلفاء الثلاثة ظلموهم واغتصبوا الخلافة منهم وادَّعَى أن القران الكريم الذي بأيدي أهل السنة والذي توارثوه جيلاً عن جيل بالتواتر منذ تلقوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا زيادة فيه ولا نقصان ادعى اللعين أنه منتقص منه ومحرف وقد كذب والله لأن الله سبحانه تكفل بحفظه فقال عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، ولذا فإن جميع نُسخ القرآن التي بأيدي أهل السنة نسخة واحدة في الدنيا كلها لا يختلف شيء منها بحرف واحد، وليعلم كل شيعي ممن أنار الله بصائرهم وعصمهم عن التقليد الأعمى للآباء الضالين و مشائخ الضلال أن مؤلفي الكتب التي هي مراجعهم جميعهم قد ورثوا ما فيها من الزور من زنادقة الدولة الفاطمية التي حكمت مصر والمغرب في القرنين الثالث والرابع وأول الخامس الهجري وتسمَّت بالفاطمية وادَّعَت التشيُّع، وفاطمة رضي الله عنها بريئة منهم لأن عقيدتهم عقيدة ابن سبأ ولأن مؤسسها (بنو القداح) ومنهم العبيديون الذين ادعى زعماؤهم الألوهية أصلهم من مجوس المشرق وهم الذين نشروا الشرك وعبادة أصحاب القبور باسم التوسل بالصالحين فانتشرت الوثنية في العالم الإسلامي إلى اليوم رغم سقوط دولتهم على يد صلاح الدين رحمه الله وقد تفرقت فلولهم وهم الفرق الباطنية الملحدة في العراق والشام وإيران وما وراءه واليمن، وقد طهر الله بلاد الحرمين الشريفين من الوثنية الظاهرة بدولة التوحيد التي أسسها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود جزاهما الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

ثم انتهت الخلافة وصارت ملكا يتوارثه الحكام لما تغيرت أحوال المسلمين لكن تحكيم الشريعة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان باقياً والحمد لله رغم ما يحصل من أثرة واستبداد في بعض الأزمان وفي بعض البلاد الإسلامية، ومن الأدلة على اعتبار الشورى في الإسلام قوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]،  وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الشورى: 37، 38].

أما الأسس التي تقوم عليها ديمقراطية الغرب التي أقرتها أوربا وأمريكا ومن تبعهم من الدول وجعلتها الدعائم التي بُنِيَ عليها ميثاق هيئة الأمم فهي الإلغاء الكامل لجميع حقوق الإنسان الحقيقية التي تكفل الله سبحانه بحفظها في دين الإسلام وفي مقدمتها: الحقوق الخمسة الكبرى وهي: العقيدة والنفس والعقل والعرض والمال.

فحفظ عقيدة الإنسان التي فطره الله عليها وركزها في عقله قبل أن يولد وهي الإيمان بالله رب العالمين والإيمان بأنه الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لجميع الأمور والمالك لكل شيء والإيمان بأنه الإله الحق وحده لا شريك له والإيمان بالصدق والعدل والأمانة وإن لم يعرف هذه الأمور العظيمة بأسمائها وتفاصيلها لكنه يؤمن بها في الجملة ثم يتعلمها بعد ما يكبر من وحي الله سبحانه الذي أنزله في القرآن الكريّم، قال الله تعالى مبيناً أنه خلق الإنسان مؤمناً به موحداً له وهو في صلب أبيه الأول آدم عليه السلام: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172، 173].

فقد بين الله سبحانه في هاتين الآيتين أنه خلق الإنسان مسلماً وأن فطرته التي خلقه عليها لا تقبل إلاّ الإسلام، فلو أُتِيَ بإنسانٍ عاقلٍ عاش في معزل لا يعرف أحداً فَعُرِضَتْ عليه الديانات والمذاهب لرفضها كلها واختار الإسلام لأنه الموافق لفطرته، لكن الانحراف عن هذه الفطرة السليمة يحصل نتيجة تربية الوالدين والمجتمع الذي يعيش فيه، وكذلك فإنه لا يكذب ولا يخاف ولا يخون إلا نتيجة تلقيه ذلك الانحراف من مجتمعٍ عاش فيه، ولهذا أنكر الله على المشركين الذين يعبدون غيره وأنكر على جميع الكافرين به في الآية الثانية المتقدمة حجتهم الباطلة وهي: أنهم وقعوا في الشرك وهو عبادة غير الله وتأليه ذلك الغير تقليداً لآبائهم عندما وجدوهم على هذا الانحراف وبين لهم أنه لا عذر لهم في التقليد الأعمى وقد أعطاهم الله عقولاً وفطرة سليمة هداهم بها إلى الحق لكنهم حادوا عنه إلى الباطل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه» ولم يقل: (أو يمسلمانه) لأنه وُلِد مسلماً، ولهذا قال العلماء: الأطفال كلهم في الجنة إذا ماتوا حتى أطفال الكفار على الصحيح.

ويبين الله سبحانه وتعالى في القرآن العظيم أن الذين يستغيثون بأصحاب القبور ويطلبون منهم الحاجات وتفريج الكربات وشفاء المريض ويعتقدون فيهم أنهم يعلمون الغيب ويدبرون الكون بحجة باطلة هي حجة مشركي الجاهلية الذين يقولونه عن آلهتهم التي يعبدونها وهي أصنام ترمز لأنبياء مثل عيسى عليه السلام وصالحين مثل مريم عليها السلام وود وسواع ويغوث ويعوق ونسراً يقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18]، ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]، يبين الله سبحانه أن هؤلاء الذين يعبدون أصحاب القبور ولو كانوا أنبياء أو أولياء وكذلك الذين يعبدون شيوخ الضلال من غلاة الصوفية يبين سبحانه أنهم كفار مشركون وإن كانوا يدَّعُون الإسلام وينطقون بالشهادتين ويصلون ويصومون ويحجون البيت، فيقول سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 13، 14]، ويقول سبحانه: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف:5، 6]، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وبهذا يتبين أن أعظم حقوق الإنسان التي تجب المحافظة عليها حمايةً له من الشقاء المحتوم في الدنيا والآخرة وحفظ عقيدته التي هي حق الله على عباده وهي أن يعبده وحده لا شريك له، وبهذا يعلم اليهود والنصارى والبوذيون والشيوعيون والعلمانيون وجميع المشركين وفي مقدمتهم زعمائهم أنهم قد أضاعوا أعظم حقوقهم وهو عدم دخولهم في الإسلام وتحكيم الشريعة الإسلامية التي جاءت في القرآن العظيم وأحاديث رسول الله تعالى إلى الناس أجمعين محمدصلى الله عليه وسلم وكان الواجب الأكبر على كل عاقل في العالم رئيس أو مرؤوس أن يعمل إلى جانب إنقاذ نفسه على إنقاذ الإنسان المنحرف عن عقيدة الإسلام بدعوته إلى الدخول فيه وتعلم القرآن العظيم وسنة سيد المرسلين محمدصلى الله عليه وسلم والعمل بذلك لكي يسعد في الدنيا والآخرة لأنه لا سعادة للإنسان إلا بتحرره من عبادة المخلوق إلى عبادة الخالق وهو الله رب العالمين الإله الحق وحده لا شريك له، وقد بسطنا الكلام في بيان العقيدة الصحيحة وما يضادها لأنها أعظم الحقوق التي أوجبها الله سبحانه على الإنسان، وخلقه من أجلها وأوجب على العلماء والحكام تعليمها للناس والمحافظة عليها.

والحق الثاني للإنسان الذي أضاعه النظام الديمقراطي الغربي هو: المحافظة على نفسه وذلك بتحريم قتله بغير حق وتشريع الجزاء الرادع ضد قاتله بالقصاص وهو قتل القاتل بغير حق كما شرعه الله سبحانه وأنزل به القرآن فقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]، وذلك لأن السبيل الوحيد لحقن الدماء هو قتل القاتل لأن من تحدثه نفسه بالقتل إذا علم أنه سوف يُقتل كفّ عن القتل فسَلِمَ خصمه من عدوانه عليه بالقتل وسلم هو من القصاص، ولهذا سمى الله قتل القاتل (حياة) أمّا عقابه بالسجن يأكل فيه ويشرب ويلهو حتى تنتهي محكوميته فإنه تشجيع له على معاودة القتل وتشجيع للآخرين على ارتكاب هذه الجريمة، وكما حرم الله قتل الغير بغير حق فقد حرم الانتحار وتوعد الله قاتل نفسه بالنار يوم القيامة.

ولم يقف إهدار دم الإنسان في أنظمة الغرب ومن على نهجهم على إلغاء القصاص فحسب بل تجاوزت تلك الدول الكبرى التي جعلت لنفسها حق (الفيتو) فاستباحت احتلال الشعوب بالقوة واستباحت دماء الأبرياء بما فيهم النساء والأطفال بهدم بيوتهم عليهم كما فعلت الشيوعية بالمسلمين والتي لم تكتفِ بقتلهم الجماعي بل حرمت عليهم أداء شعائر الإسلام وفي مقدمتها الصلاة منعوهم منها وهدموا المساجد على المصلين وحَوَّلُوها إلى مستودعات ومطاعم وغيرها، وكما فعلت أمريكا وبريطانيا وفرنسا من الإبادة الجماعية للشعوب التي طالبت بالاستقلال، وكما تفعل تلك الدول الآن في أفغانستان والعراق وفلسطين ودارفور وغيرها.

والحق الثالث للإنسان: المحافظة على عقله، فقد حماه الإسلام بتحريم شرب الخمر وغيره من المسكرات والمخدرات بل أكد هذا التحريم بتشريع جلد السكران أربعين جلدة كلما سكر فإذا لم ينتهِ فللقاضي أن يزيد في عقابه بما يردعه، أما النظام الديمقراطي فقد سمح بتقديم الخمر على موائد الطعام في الحفلات والبيوت والمطاعم رغم علمهم أن الخمر أم الخبائث يترتب على السكر بها القتل وهتك الأعراض وإضاعة المال، قال الله سبحانه وتعالى محرماً شرب الخمر وتناول جميع المخدرات ومحذراً الوقوع في شيءٍ منها لما يترتب عليها من تدمير عقله وجسمه وماله وأسرته ومجتمعه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90، 91]، ولما أنزل الله سبحانه وتعالى هاتين الآيتين على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قرأهما على أصحابه وكانوا يشربون الخمر في الجاهلية قبل الإسلام وكانوا مدمنين عليها فما كان منهم لما سمعوا هذا النهي من الله تعالى إلا أن قالوا: (انتهينا.. انتهينا) وأراقوا دنان الخمر في الأسواق حتى جرت كالماء ولم يشربوا بعدها أبداً، وهكذا يترك المدمنون وأصحاب العادات السيئة ما هم عليه من الكفر وسيء العادات إذا دخلوا في الإسلام وتابوا إلى الله تعالى صادقين تركاً جازماً بلا تردد ولا تدرج.

والحق الرابع للإنسان: المحافظة على عرضه وكرامته، فجاء الإسلام بتحريم الزنا واللواط أشد التحريم وحرم الله سبحانه الوسائل المؤدية إلى هذه الجريمة حفاظاً على شرف المرأة والرجل لكي لا يُنتهك، وحفظاً للمجتمع من أولاد الزنا لكي يبقى مجتمعاً مسلماً شريفاً يُعرف كل فرد فيه ذكراً أو أنثىً بأمه وأبيه الشرعيين، وشرع الله سبحانه في الإسلام الزواج ورغَّب فيه ورغَّب في تسهيل ذلك ونهى عن المغالاة في المهور لكي يتيسر الزواج لكل فتى وفتاة.

أما النظام الديمقراطي الذي اتخذته الدول الغربية ومن سار في فلكها فإنه يستبيح الزنا والاختلاط المحرم ودخول المرأة المرقص والمسرح ترقص وتغني أمام الناس وتفعل ما تشاء باسم الحرية الشخصية، ولو حاول وليها الشريف العاقل منعها من ذلك عوقب بالسجن حتى صارت المرأة في المجتمع الغربي وما شاكله دمية يلعب بها السفهاء! ولم يكتف النظام الغربي الكافر بالله سبحانه وبشريعته التي أنزلها في جميع كتبه وأرسل بها رسله بترك الحبل على الغارب لسفهاء الرجال والنساء يفعلون كما يشاؤون من المنكرات باسم الحرية الشخصية؛ بل حرموا هذه الحرية على المؤمنات الشريفات فمنعوهن الحجاب وألزموهن الاختلاط المحرم ومنعوا المؤمنين من الرجال من التدخل دون هذا المنع الظالم المحاد لله ورسله وكتبه.

الحق الخامس الذي حفظه الإسلام للإنسان أكمل الحفظ هو: حق تملك المال والتصرف فيه على الوجه المشروع الذي يحصل به التكافل الاجتماعي وزيادة الإنتاج والقضاء على البطالة وتشجيع المنتجين ومنع المتآمرين المحتالين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل وهم جلوس لا يعملون، وهؤلاء هم اللصوص المكشوفين الذي يتعاملون بالربا والقمار في البنوك وأماكن الفساد وشركات التأمين وغيرها، وهذا الحفظ المثالي لحق الإنسان في المال كسباً وإنفاقاً يتمثل في الدين الإسلامي بأن الله أوجب على الإنسان أن يعمل وأن ينفق كسبه على نفسه وزوجته وأولاده ووالديه إن كانا حيين أو أحدهما وهما بحاجة إليه، ونهاه أن يكون كسلاناً بطَّالاً عالةً على المجتمع وفتح له أبواب الكسب الحلال الكثيرة كالزراعة والصناعة والتجارة وتربية الماشية والعمل في الوظائف الشريفة لدى الدولة والشركات ورجال الأعمال، وأوجب عليه أن يكون مخلصاً في عمله أميناً لكي ينفع نفسه ومجتمعه ولكي يكون كسبه حلالاً طيباً يبارك الله له فيه ويأجره عليه في الدار الآخرة، وحرم عليه المكاسب المحرمة ومنها الربا والقمار والسرقة والغش في المعاملة والكسب من المهن المحرمة والعادات القبيحة المحرمة كالزنا واللواط وتعاطي السحر والتعامل في المسكرات والمخدرات والرقص والغناء والمتاجرة في المحرمات الأخرى كالصور الخليعة والأزياء المحرمة ونحو ذلك، وحرم عليه في الإنفاق أن يكون بخيلاً يضر بنفسه وأهله وأولاده بمنع ما يحتاجونه من المأكل والمشرب الحلال والملبس وهو يقدر على ذلك، وفي مقابل ذلك يحرم عليه التبذير والإسراف وشراء الأشياء المحرمة، وأمره بالصدقة على الفقراء والمساكين والأيتام وفي المشاريع الخيرية.

أما النظام الرأسمالي الذي أقرَّه ميثاق هيئة الأمم ويتعامل به الغرب ويفرضونه على الناس فهو في غالبه الحرام بكل المعاني كسباً وإنفاقاً لأن أكثر معاملته محرمة في دين الإسلام وفي التوراة والإنجيل وفي مقدمتها التعامل بالربا وهو بيع النقود بالنقود مع زيادة على المشتري مقابل التأجيل، وقد صارت المعاملات في جميع البنوك في العالم بالربا فانتشرت البطالة واستَعْبَدَ المرابون الفقراءَ وحَمَّلُوهُم ما لا يطيقون من الديون وكسدت الزراعة والصناعة والتجارة المشروعة وقلَّ الإنتاج، وقد نزل القرآن مُعلناً تحريم الربا والوعيد الشديد على المتعاملين به وأنهم يُبعثون كالمجانين يوم القيامة، هذا إلى أن المرابين الذين يأكلون الأموال الحرام في هذه الحياة هم أشقى الناس بكسبهم المحرم فهم معذبون به في الدنيا قبل الآخرة قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 275، 276]، إلى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 281] وقد جاء في الحديث الصحيح أن الله عز وجل لعن في الربا خمسة: «آكِلَه ومُوكِلَه وكاتبه وشاهديه» والكاتب مثل موظف البنك المختص بكتابة القروض الربوية، وقد دخل الكاتب والشهود في اللعنة رغم أنهم لم يأكلوا الربا لأنهم رضوا به وصاروا أساساً في اعتبار عقده وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].

وقد حرم الله سبحانه الميسر، وهو القمار وما في حكمه من المكاسب المحرمة التي تحصل نتيجة المراهنة بين من يلعبون الشطرنج أو الورق أو ما يسمونه باليانصيب وما يشبه ذلك من الأباطيل التي يُزَوِّرها المحتالون ومن ذلك التأمين على الحياة أو البضائع أو السيارات فتأخذ شركة التأمين المبالغ من المُؤَمِّن بصفة مستمرة مقابل قيام الشركة المُؤَمِّنَة بدفع ما يحصل على المؤمن من غرامة أو خسارة نتجت عن حادث أو غير ذلك، وإذا سلَّم الله المشترك ذهب ما دفعه سُدى، وإن حصل عليه خسارة كبيرة أضعاف ما دفعه لشركة التأمين دفعت الشركة هذه الخسارة فصارت القضية غالباً أو مغلوباً بالمجازفة والمغامرة والفراغ الذي لم يحصل فيه بيع ولا شراء ولا أي سبب يبرر هذه المعاملة تبريراً مشروعاً وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]، وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُون} [المائدة: 90، 91]، ودين الإسلام يحرم المعاملات التي فيها جهالة وغبن ومخاطرة تؤدي إلى إلحاق الضرر بأحد الطرفين على وجه غير مشروع، هذا بالإضافة إلى ما في التأمين من تشجيع المتهورين على الوقوع في الحوادث لأننا شاهدنا عياناً أن كثيراً من الشباب وبعض السائقين وخاصة الذي يقودون سيارات الغير لا يبالون بالتصرفات المؤدية إلى الحوادث لعلم السائق أن السيارة التي يقودها قد أُمِّنَ عليها وأن شركة التأمين ستدفع تكاليف الحادث فيذهب ضحية ذلك النفوس البريئة والأموال الطائلة.

وما يحتجُّ به من يجيز التأمين على السيارات بأنه إنقاذ للسائق من السجن إذا كان لا يستطيع دفع تكاليف الحادث وإنقاذ لأسرته بإطلاق سراح عائلهم لكي يكتسب وينفق عليهم: هذا احتجاج باطل من أساسه لأن الإسلام قد حل هذه المشكلة ليس بسجن السائق حتى يسدد وإنما هو حل عادل بعدة اختيارات إذا لم يكن له مال يدفعه، من هذه الاختيارات:
● أن تجعل الدولة صندوقاً لتسليف أصحاب الحوادث على أن يسددوا المبلغ أقساطاً.
● إن كان السائق أجيراً عند شخص أو مؤسسة أو عند الدولة فإن تكاليف الحادث المحكوم بها عليه تُقتطع من مرتبه.
● يُنظر في ممتلكاته فما وُجِد منها زائداً عن حاجته وحاجة أسرته الضرورية يُباع ويُدفع تكلفةً للحادث.
● إذا ثبت أنه لم يكن السبب في الحادث تُدفع التكلفة من الزكاة سواءً من بيت المال أو من الأفراد أو من إعانات الدولة للكوارث.
● أن يُجعل صندوقٌ خاص للحوادث يُجمع فيه تبرعات المحسنين والسائقين أنفسهم تُدفع منه تكاليف الحادث عن السائق الذي يثبت عدم تسببه في الحادث.
● سحب رخصة القيادة ممن عُرف تهوره أو عدم مبالاته وتُترك مطالبته لخصمه والذي يحكم عليه القاضي به يُنفذ.. إلى غير ذلك مما يراه أهل العلم من الحلول الشرعية.

أما أصحاب البضائع ونحوهم فيُجعل لهم ما يَصْلُح لهم من الحلول المتقدمة ويُضاف إليها ما يراه أهل العلم والخبرة من الحلول الشرعية والله أعلم وهو المستعان.

هذا وقد بلغني أن بعضاً من المفتين بجواز التأمين قد قاس دفع النقود لشركة التأمين على دفعها للحارس الذي يمر على حراسته مدة طويلة دون أن يحصل منه مجهود لطرد سارقٍ ونحو ذلك، وهذا قياس فاسد (أي فاسد الاعتبار) وذلك أن الحارس يأخذ مقابل سهره ومراقبته لما هو مستحفظ عليه من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن وجوده سبب لسلامة المال من السرقة لكون السارق يخاف الحارس فلا يقرب المكان المحروس، هذا وقد صدرت الفتاوى بتحريم التأمين المذكور من الجهات والمرجعيات الإسلامية المعتبرة كهيئة كبار العلماء والمجامع الفقهية الأخرى.

عودة إلى استكمال حفظ الإسلام لحقوق الإنسان؛ لم يتوقف حفظ الإسلام لحقوق الإنسان عند الضرورات الخمس المتقدم ذكرها وهي: العقيدة، والنفس، والعرض، والعقل، والمال؛ بل حفظ له جميع الحقوق ومنها:
السادس والسابع من حقوق الإنسان التي حفظها الإسلام: حفظه لأمن الإنسان على نفسه وأسرته وماله في بيته وطريقه وسفره، وحفظه لحق الإنسان في الدفاع عن نفسه وذلك الحفظ في الإسلام كان بإيقاف اللصوص وقطاع الطريق وسائر المعتدين عند حدهم بتشريع العقاب الرادع الذي شرعه رب العالمين العالم بما يُصْلِح عباده وهو أرحم بالجاني والمجني عليه على حد سواء، فمن رحمته بالجاني أن جعل إقامة الحد عليه كفارة لذنبه فلا يُعاقب عليه يوم القيامة إذا كان مسلماً، وجعل إقامة الحد على الجاني رحمة بالمجتمع لأنه لا سبيل لحمايته من شر المفسدين إلا بإقامة عقاب الله عز وجل الذي شرعه في القرآن العظيم وسنة خاتم المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى في القرآن العظيم: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]، وقال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33]، ومن يعترض على قطع يد السارق بقوله إنه يبقى عالة على المجتمع؛ يُجاب بأن السارق وقاطع الطريق عضو فاسد في المجتمع فإذا قُطع استراح المجتمع من شره ومن شر أمثاله الذين تحدثهم أنفسهم بالسرقة أو قطع الطريق، فإذا كان الإنسان الذي يقرر الأطباء قطع يده أو رجله المصابة بالآكلة (الغرغرينة) -أعاذانا الله منها ومن كل سوء- إذا كان المصاب يوافق على بتر يده أو رجله لسلامة جسده فإن قطع يد السارق ويد ورجل قاطع الطريق الذين ينشران الرعب والخوف في الآمنين في بيوتهم وطرقاتهم هو من باب أولى هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن من تحدثه نفسه بالسرقة أو قطع الطريق إذا علم أن عقابه القطع أو القتل فإنه يكف عن هذه الجريمة ويأمن الناس من شره ويأمن هو على نفسه ويبحث عن طريق شرعي ليكتسب المال، أما إذا علم من تحدثه نفسه بالسطو على المنازل والمتاجر وإخافة الآمنين إذا علم أن عقابه إذا قُبض عليه سجن يأكل فيه ويشرب ويلهو حتى تنتهي محكوميته ثم يخرج فإنه لن يكف عن ارتكاب هذه الجريمة حتى بعد خروجه من السجن، وشرع الله سبحانه في الإسلام حق الدفاع عن النفس والأهل والمال حتى الموت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتِل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِل دون أهله فهو شهيد»[1] وقال رجل: يا رسول الله أرأيت لو أن رجلاً أراد أخذ مالي؟ قال صلى الله عليه وسلم: «لا تعطه مالك» قال الرجل: أرأيت إن قاتلني؟ قال صلى الله عليه وسلم: «قاتله» قال الرجل: فإن قتلني؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أنت في الجنة وهو في النار».

الحق الثامن: حفظ الله سبحانه للإنسان حقه في حرية المأوى فلا يصح لأحد أن يدخل عليه في منزله بدون إذنه بل ولا يصح لأحد أن ينظر إلى داخل منزله بدون إذنه أو يتجسس عليه بالاستماع لما في بيته، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [النور: 28]، فانظر أيها العاقل إلى الأدب العظيم الذي يؤدب الله به عباده في دين الإسلام، ومن ذلك إعطاء الحرية لصاحب المنزل أن يقول لمن يطرق عليه الباب يريد الدخول في وقت لا يريد مقابلة أحد أو أن يكون المستأذن غير مرغوب في دخوله أعطاه الله الحرية أن يقول ارجع، وبين سبحانه للمستأذن أن رجوعه وعدم دخوله حينئذ خير له، وفي الوقت نفسه يجب أن يرجع بنفس راضية ملتمساً العذر لصاحب المنزل وأن من حقه أن لا يأذن لأحد في الوقت أو الحال التي لا يريد دخول أحد عليه فيها.

الحق التاسع: حفظ الله سبحانه في الإسلام كرامة الإنسان رجلاً أم امرأة وعِرضه، فحرم رميه بالكلام القبيح الذي يقدح في عدالته وكرامته كأن يتهمه بالزنا أو اللواط أو يتهمه بالخيانة كالسرقة أو غيرها وهو بريء أو يسبه سبَّاً قبيحاً ويلعنه أو يكَفِّره ويخرجه من دين الإسلام، وجعل الله لكل شيء من هذه الاعتداءات جزاءً رادعاً كل منها بقدره، فجعل حد رميه بالزنا أو اللواط ثمانين جلدة وجعل جزاءه في غير ذلك بتأديبه حسب ما يراه القاضي من جلد أو سجن، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4]، إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور : 19]، وقال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12].

الحق العاشر: حفظ الله سبحانه في الإسلام للإنسان مكانته فجعله كغيره من بني الإنسان في الميزان فلا يجوز أن يُفضَّل أحد على أحد بكثرة المال ولا بالمنصب ولا بالجمال الجسدي ولا باللون وإنما التفضيل بتقوى الله تعالى والإيمان به فمن كان مؤمناً بالله تعالى مسلماً حقاً فهو الأكرم عند الله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

ضمن الإسلام للمستعبدين من البشر حريتهم، فبعد أن كان الرق منتشراً في الجاهلية وعند غير المسلمين من الغربيين وغيرهم انتشاراً أساسه الاستعلاء والظلم العظيم، فسَدَّ الإسلام جميع أبواب الرق كلها وفتح له باباً واحداً لمصلحة الرقيق نفسه وهو غير المسلم الذي يقع أسيراً في أيدي المسلمين عند حربه لهم، فقد رحمه الله بالإسلام بأن أباح استرقاقه بدلاً عن قتله لكي يعيش في بيت مسلم أوجب الله على أهله الإحسان إليه وإكرامه حتى يرى تعاليم الإسلام السمحة العادلة وحتى يزول عنه الجهل المؤدي به إلى الشقاء فيدخل الإسلام عن اقتناع فيكون ممن أخبر عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم «بأنهم يقادون إلى الجنة بالسلاسل» فإذا أسلم وطلب الحرية أمر الله سيده بعتقه صدقة أو مكاتبه، وفتح الإسلام مع هذا الباب أبواباً كثيرة لتحرير المماليك ذكرها الله سبحانه في القرآن الكريم، منها:
1- كفارة قتل الخطأ.
2- كفارة الحنث في اليمين.
 3- كفارة الجماع في نهار رمضان.
 4- كفارة الجماع وقت الإحرام بالحج.
 5- كفارة الظهار من الزوجة.
 6- كفارة الإساءة إليه.
 7- أبواب أخرى. 

الحق الحادي عشر: حفظ الله سبحانه وتعالى في الإسلام للوالدين (الأم والأب) حقهما على أولادهما كل الحفظ، فألزم الابن والبنت باحترامهما والعناية بهما وقضاء حاجاتهما والإنفاق عليهما إن كانا فقيرين والتلطف معهما في الكلام والصبر على ما يحصل منهما من أذى أو تعب، ووعد الله تعالى في القرآن وأحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم البار بوالديه المحسن إليهما الذي يرضيهما بدخول الجنة بعد الموت وبصلاح أولاده في حياته فيبرونه ويحسنون إليه عند الكبر جزاء بره بوالديه، وتوعد الله المهمل لوالديه العاصي لهما بالعذاب في النار بعد الموت وبالشقاء وعصيان أولاده له في الدنيا، قال الله تعالى في القرآن العظيم: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24].

وأوجب الله على الإنسان أن يصل أقاربه ويحسن إليهم كالإخوان والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات تكريماً لوالديه، وكذلك ألزمه بإكرام أصدقاء والديه.

الحق الثاني عشر: حفظ الله في الإسلام حق الجار ولو كان غير مسلم وذلك بالإحسان إليه والمحافظة على أسرته وبيته خصوصاً عند غيبته عن البلد، وأمره بالتعاون معه وقضاء حاجته وحرم أن يؤذيه بالفعل أو القول أو أن يتطلع على بيته ويتجسس عليه، قال الله تعالى في القرآن العظيم: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36]، ففي هذه الآية الكريمة وغيرها أوجب الله على المسلمين أن يوحدوه بعبادته وحده لا شريك له ونهاهم عن الشرك به، وأوصاهم بالإحسان كل الإحسان إلى الوالدين (الأم والأب) وكذا بالإحسان إلى الأقارب كالأقارب من جهة الأم (الجدة والخالة والخال) والأقارب من جهة الأب (الجد والعم والعمة) والإخوة والأخوات من جهة الوالدين أو أحدهما، وأوصى الله سبحانه في هذه الآية بالعناية التامة بالجار والإحسان إليه مادياً ومعنوياً، وأوصى بإكرام الزوجة وإكرام الرفيق في السفر، وأوصى بإكرام الغريب المسافر وقضاء حاجته وإطعامه وإيوائه، وأوصى بالإحسان إلى الخادم والمملوك وإكرامه، وحذر كل التحذير من الكبر وظلم الناس والترفع عليهم، وأمر الله المسلم بالتواضع مع كل أحد عامة ومع الضعفاء والفقراء خاصة، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» وكان لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم جار يهودي فمرض فزاره ودعاه إلى الإسلام فأسلم فخرج من عنده فرحاً وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار».

الحق الثالث عشر: حفظ الله في الإسلام حقوق الإنسان عامة والمسلمين خاصة فأوجب على المسلم أن يدعو غير المسلمين إلى الإسلام لكي يكون بذلك مُنقذاً لمن يستجيب له ويدخل في الإسلام فينجو من النار ويدخل معه الجنة، وأوجب الله على المسلم أن يكرم الضيف ولو كان غير مسلم ممن له عهد عند المسلمين أو ولي أمرهم مثل المعاهد والقادم للعمل في بلاد المسلمين بأمان منهم أو من ولي أمرهم (رئيس الدولة) وحرم الاعتداء عليه وحرم غِشَّه في المعاملة، وتوعد الله من قتل ذمياً وهو اليهودي أو النصراني الداخل في ذمة المسلمين أو معاهداً وهو الكافر غير اليهودي أو النصراني الذي أعطاه ولي الأمر أو المسلمين الأمان.. توعد الله من قتله أو عذبه أو غشَّه في المعاملة بالعذاب بعد الموت، وأوجب على الحاكم معاقبته ودفع ديته وأوجب على الحكومات الإسلامية وعلى المسلمين إطعام الجائعين وسد حاجاتهم ولو كانوا غير مسلمين في أي مكان من العالم، وحرم الله على الأقوياء أن يؤذوا الضعفاء على مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة، وحرم الله الظلم أشد التحريم قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]، وحرم الله الاعتداء على الإنسان ولو كان غير مسلم وحرم ظلمه كل التحريم، بل حرم تعذيب الحيوان والطير وأمر بالإحسان إلى كل شيء، قال الله تعالى في القرآن العظيم: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وقال الله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]، وقال نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت، لا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها حتى تأكل من خشاش الأرض».

الحق الرابع عشر: حفظ الله سبحانه عقيدة الإنسان التي هي البقاء على فطرته التي خلقه الله عليها وهي الإسلام، وحماه من شر نفسه ومن شر شياطين بني الإنسان والجن الذين يدعونه إلى الشرك بالله وعبادة غير الله كما تقدم وذلك بأن شرع الله في الإسلام وفي جميع الأديان قبل الإسلام دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، أما المعادون للإسلام وأهله الذين يمنعون الدخول في الإسلام فقد شرع الله جهادهم في سبيله لإعلاء كلمته وذلك من أجل إظهار الحق وهو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له وطاعته، فهو في الحقيقة رحمة للبشر الذين يشركون مع الله بعبادة غيره وتأليه غيره معه كما هي حال اليهود والنصارى والمجوس عباد النار والبوذيين عباد بوذا وعباد القبور ممن يَدَّعُون الإسلام والشيوعيين والعلمانيين والليبراليين دعاة الإباحية والإلحاد الكارهين لدين الله تعالى (الإسلام) والمتمسكين به، فالجهاد في الإسلام رحمة بهؤلاء الكفار رجاء قبولهم الحق وإيمانهم بالله والتوبة إلى الله من الكفر بدخولهم في الإسلام وفي هذا إنقاذهم من النار هذا من وجه، ومن وجه آخر فإنه لم يُشْرَع في الإسلام قتال الكفار المسالمين الذين لم يعتدوا على المسلمين ولم يحاربوا الدعوة إلى الإسلام، بل حرم الله الاعتداء عليهم وأوجب دعوتهم ببيان الإسلام لهم وأنه لا نجاة لهم ولا سعادة في الحياة الدنيا قبل الموت وفي الحياة الآخرة الخالدة بعد الموت وبعث الأجساد وإعادة الله تعالى أرواحها إليها إلا إذا أسلموا، لأن الناس سيبعثهم الله أحياء بعد موتهم ويحاسبهم ويدخل المسلمين المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والبعث بعد الموت والحساب والجزاء.. يدخلهم الجنة دار النعيم الخالد، ويدخل الكفار المنكرين للبعث العاصين لله ورسله النار دار العذاب نعوذ بالله منها، قال الله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التغابن: 7، 10].

الحقوق الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر: حقوق الإنسان في حرية الدين وحرية الرأي والحرية الشخصية.. فأما حرية التدين فقد جعلها الله سبحانه في الإسلام لأهل الكتاب وهم اليهود والنصارى بعد دعوتهم إلى الإسلام وإقامة الحجة عليهم ببيان كفرهم بتأليههم لغير الله ونسبة الولد إليه سبحانه وأن الله أمرهم في التوراة والإنجيل بتوحيده وتنـزيهه عن الشريك والزوجة والولد والوالد، وأمرهم باتِّبَاع رسول الله إليهم وإلى جميع الناس محمد صلى الله عليه وسلم والدخول في دين الإسلام، فمن لم يُسلم منهم بعد هذا البيان يُتركون على دينهم وعبادتهم في كنائسهم بثلاثة شروط، الشرط الأول: أن يكفوا عن أذية المسلمين والاستهزاء بشيء من الإسلام، ومن أسلم منهم لا يمنعونه ولا يؤذونه، والشرط الثاني: أن لا يتظاهروا بين المسلمين بشعائر كفرهم بل يختفون بذلك مثل رفع الصليب على كنائسهم أو لبسه أمام المسلمين ولا يشربون الخمر مجاهرة ولا تخرج نساؤهم عاريةً متبرجةً بالزينة بين المسلمين ولا يتظاهرون بمنكر بين المسلمين، الشرط الثالث: أن يدفعوا الجزية للدولة الإسلامية التي تحكمهم وهي مبلغ يسير يدفعه كل غني مرة في السنة مقابل بقائه على دينه وحمايته، أما الفقير فلا يؤخذ منه شيء بل تقوم الدولة بمساعدة فقرائهم وعلاجهم كالمسلمين، أما غير أهل الكتاب من الكفار فإنهم يُدعون إلى الإسلام ويحسن إليهم المسلمون ترغيباً لهم في الإسلام، فإذا أصروا بعد إقامة الحجة عليهم على البقاء على كفرهم ومحاربة الله ورسوله فإن المسلمين بقيادة الحاكم يقاتلونهم بأمر الله لهم حتى لا تكون فتنة وتحدي لله ولدينه الحق وعباد الله المسلمين.

أما حرية الرأي: فإن الله أوجب على المسلم أن يقول كلمة الحق لا يبالي في ذلك بأحد ولو كان الحاكم، لكنه مأمور في الإسلام بحسن الخلق وحسن المناصحة فلا يُقْبَل منه التشهير على المنبر أو في المجالس أو في وسائل الإعلام بالحاكم أو بأي مسلم وإنما يناصحه سراً مشافهة أو بخطاب يكتبه له، أما فيما يتعلق بالأمور العامة والدعوة إلى الخير والنهي عن الشر فإنه مأمور أن يعلن ذلك في كل الأحوال، أما أن يتكلم الإنسان بالباطل المخالف للقرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم أو يدعو إلى منكر فإن الإسلام لا يسمح له بذلك بل يمنعه ويجب على الحاكم معاقبته إذا لم يمتنع لأن ذلك من الفساد في الأرض والله لا يحب الفساد وليس ذلك من حرية الرأي في شيء.

وأما الحرية الشخصية: فقد أعطى الإسلام للإنسان رجلاً أو امرأة كامل الحرية في التصرف والاختيار بشرط أن لا يتجاوز الحدود الشرعية فجعل له حرية البيع والشراء والهبة والصدقة والتملك المشروع، وجعل لكل من الرجل والمرأة حرية اختيار الزوج وحرية استقلال الزوجة في المسكن إلى غير ذلك من الأمور المشروعة، أما الأمور التي حرمها الله سبحانه مثل ارتكاب الفواحش كالزنا واللواط وتعاطي المسكرات والمخدرات ولبس الأزياء العارية أمام الناس والرقص والغناء والتعامل بالربا والقمار والسحر والمكاسب المحرمة فكل ذلك ممنوع لأنه خبيث وفساد في الأرض فيجب منع الإنسان منه حمايةً لدينه وشرفه وجسمه وأسرته وماله وحماية للمجتمع من شره.

الحق الثامن عشر: حفظ الله عز وجل للإنسان حق الانتفاع بكل شيء طيب نافع، وخلق من أجله كل شيء في الأرض وأحل له جميع المعاملات والتصرفات إلا ما كان ضاراً به أو بالمجتمع، فأحل جميع المأكولات والمشروبات إلا ما كان ضاراً أو مسكراً أو نجساً خبيثاً وأحل له جميع الملبوسات إلا ما كان محرماً لكونه يزري بالرجل ويحط من رجولته وكرامته كلبسه لباس المرأة أو العكس وهو لبس المرأة ما هو خاص بالرجل، وكذا حرم الله على المسلم أن يتشبه بغير المسلمين فيما هو من خصائصهم في اللباس وغيره لأن الإسلام أراد للمسلم العزة وعدم التبعية ولأن التشبه في الظاهر يورث المحبة في الباطن وقلة أو عدم إنكار الكفر بالله عز وجل، وقد فرض الله على المسلم حب الله وتوحيد الله وطاعته والمؤمنين بالله المتبعين لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبغض الشرك بالله وجميع الكفر والكافرين، وحرم الله على الرجل لبس الذهب والحرير لأنه حلية النساء، وحرم من المأكولات لحم الخنـزير والميتة والدم المسفوح وآكلة الجيف والنجاسات من البهائم والطيور وكل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع لما فيها من الضرر، وحرم من المعاملات ما تقدم ذكره من الربا والميسر وجميع المعاملات التي فيها جهالة وغش ومخاطرة.

الحق التاسع عشر: حفظ الله عز وجل للإنسان حقه في العلم فأوجب عليه أن يتعلم العلم المكتسب الذي لم يكن يعلمه بفطرته فكان أول آيات نزلت من القرآن الكريم أمر الله سبحانه لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقرأ وبين أن ذلك العلم للإنسان عامة.

وأول ما يجب على الإنسان معرفته: معرفته لربه وهو الله رب العالمين الذي خلقه ورزقه وأنه إلهه الحق وحده لا شريك له، ومعرفته للنبي الذي أرسله الله إليه وإلى جميع الناس وهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمي القرشي عليه الصلاة والسلام، ومعرفة دين الإسلام الذي هو الدين عند الله والذي دانت به جميع الرسل وأمرت أممها بالإيمان به وهو توحيد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وطاعة أمره واجتناب نهيه والبعد عن الشرك وجميع أنواع الكفر المتقدم ذكرها في الحق الخامس عشر وغيرها، وحب الله ورسوله ودينه والمتمسكين به من المسلمين وأن يبغض كل ما يبغضه الله ورسوله، قال الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1، 5]، وقال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19]، وقال الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]،   وقال رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» ومسلم هنا تعني جنس المسلمين ذكوراً وإناثاً.

وهذا العلم الذي ألزم الله به الإنسان هو العلم بربه وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبدينه لكي يعبد الله تعالى على الوجه الصحيح، أما العلوم المادية فهذه قد فتح الله للإنسان فيها باب اكتسابها عن طريق التجربة والتعلم، ولذا فإن جميع الرسل من أولهم إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم لم يشتغلوا بتعليم الناس أمور دنياهم وإنما أرسلهم الله سبحانه لتعليمهم الأمر العظيم الذي خُلِقُوا له وهو دينهم الذي هو زادهم إلى الدار الآخرة الخالدة بعد الموت، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنتم أدرى بأمور دنياكم».

الحق العشرون: حفظ الله سبحانه للإنسان عامة حقه بين بني الإنسان فجاء في القرآن العظيم وفي أحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم البيان الكامل لحق الإنسان فرداً وجماعة حاكماً أو محكوماً، فأمر الله المسلم أن يكون إنساناً صالحاً يتعدى نفعه وإصلاحه إلى جميع البشر حتى غير المسلمين حيث أمره الله أن يحسن إليهم بإنقاذهم من الكفر المؤدي بهم إلى الشقاء في الدنيا وفي الآخرة بعد الموت، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]، وقال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن: «إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، فإن هم أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» وقال صلى الله عليه وسلم: «لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيراً لك من حمر النعم» أي أغلى من جميع ما يحبه الإنسان من المال في الدنيا.

وهذا بخلاف المناهج البشرية لأنها تدعو الإنسان إلى أن يكون مواطناً صالحاً أي يقتصر إصلاحه على وطنه فقط.

وأمر الله سبحانه المسلم أن يرحم من في الأرض حتى الطير والحيوان؛ فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» وقال: «من لا يرحم الناس لا يرحمه الله» وحرم الله في الإسلام أذى الناس في طرقاتهم وفي أماكن اجتماعهم وفي متنـزهاتهم وفي كل أحوالهم، وأمر المسلم أن يزيل الأذى عن الطريق وأن يعين الضعيف وأن يطعم الجائع ويكرم الضيف ولو كان غير مسلم، وأمره أن يرحم الأيتام والعجزة وأن يكفلهم وقال صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وجمع أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام.

ولذا؛ فإن المجتمع المثالي هو المجتمع الإسلامي الذي مَثَّلَه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في زمانه وزمان الخلفاء الراشدين، فإن الناس في عيش هنيء متحابين متعاونين لا شقاق بينهم ولم يحتاجوا للقاضي إلا نادراً ولم يحتاجوا إلى بلدية لتنظيف طرقاتهم ومرافقهم لأن كل واحد يحافظ على نظافته ونظافة منزله وطريق المسلمين عملاً بحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وستون شعبة؛ أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» وقال صلى الله عليه وسلم: «حق المسلم على المسلم خمس؛ إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا عطس وحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فشيعه» وحرم الله سبحانه في الإسلام التهاجر والتقاطع وأمر بالصبر والإحسان ومقابلة الإساءة بالإحسان.

وبالجملة فقد أمر الله جميع المسلمين بالتعاون بينهم على جميع الأعمال الطيبة، وحرم عليهم التعاون على الإثم والعدوان والإساءة، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة : 2]، وقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: «إن الله في عون المرء ما دام في عون أخيه».

وأوجب الله سبحانه على الحكام العدل بين رعاياهم، والإحسان إليهم وتحكيم الشريعة الإسلامية فيما بينهم وألزمهم برعاية مصالحهم ونشر العلم بينهم وأن يأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر ويقيموا فيهم حدود الله تعالى.

وفي الوقت نفسه أوجب على المحكومين طاعة حكامهم، وحرم عليهم الخروج عليهم من أجل تقصير أو خطأ وأمرهم بمناصحتهم والدعاء لهم والصبر على أخطائهم مع بيانها لهم برفق وعدم تشهير لأنه لا أمن إلا بحاكم ولا حاكم إلا بطاعة إلا إذا أمر الحاكم بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلا يُطاع في المعصية ويُطاع فيما ليس بمعصية.

الحق الحادي والعشرون: أكرم الله سبحانه الإنسان في الإسلام بأن فتح له باب التوبة من أي ذنب يقع فيه حتى الكفر فإذا وقع في خطيئة فليتب إلى الله ويستغفره قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» أما إذا كانت الخطيئة في حق إنسان آخر فإنه يجب على المعتدي أن يطلب منه المسامحة فإن سامحه وإلا عوقب بما يستحقه من عقاب.

الحق الثاني والعشرون: ضمن الله سبحانه للمسلم المعتصم بالله السلامة من شرور الآخرين بل ومن الحشرات السامة ومن شر شياطين الجن إذا تحصن صباح ومساء وعند خروجه من المنزل ودخوله وعند النوم وعند نزوله في أي مكان.. إذا تحصن بتلاوته آية الكرسي، أو إذا قال: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) وقرأ سورتي (الفلق والناس) مخلصاً في ذلك لله عز وجل.

الحق الثالث والعشرون: أكرم الله الإنسان في الإسلام بأن فتح له باب التفكر في خلق الله العظيم في البر والبحر والسماوات بل وفي نفسه وما في جسده من العجائب لكي يستدل بذلك على عظمة الله الخالق العظيم وقدرته وألوهيته فيكون ذلك عوناً له على طاعته وعبادته، وأمره أن يقول عندما يرى شيئاً من هذه العجائب: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191].

وفتح له في الوقت نفسه المجال لإعمال فكره في تحصيل ما ينفعه وينفع الناس وفي الاختراع والإنتاج الذي ينتج عن مواهبه فيحصل به الخير له ولأسرته وأمته ويندفع عنه كل شر بإذن الله.

الحق الرابع والعشرون:
ذكَّر الله سبحانه الإنسان بنعمه الكبرى عليه والتي لا تحصى ومن ذلك أن حفظه وجعل كل شيء مسخراً له وخلق له كل شيء في الأرض من المأكولات والمشروبات والملبوسات وأباح له جميع المعاملات مع الآخرين إلا ما كان من هذه الأمور ضاراً بالعقل أو الجسم أو المجتمع فإن الله حرمه ونهاه عنه رحمة به، وكذلك ذَكَّره بأن سخر له جميع وسائل الركوب في البر والبحر والجو وأمره أن يشكر الله على هذه النعم بعبادته وحده وأن يستعين بها على طاعته، قال الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]، فمن اعترف لله تعالى بهذه النعم واستعان بها على طاعته زاده وأدخله الجنة ومن لم يعترف بها واستعان بها على الكفر والمعاصي عذبه عذاباً شديداً في النار بعد الممات نعوذ بالله من عذابه.

من حقوق المرأة في الإسلام:
ونختم الحديث عن حقوق الإنسان في الإسلام بحقوق المرأة إضافة إلى ما ذُكِر في (كتاب الإسلام) من حقوقها بالتفصيل وإضافة إلى أنها داخلة فيما تقدم ذكره من الحقوق لأن الإنسان يشمل المرأة والرجل..

ومن ذلك أن الله سبحانه رفع شأن المرأة في الإسلام وأكرمها بجميع الكرامات ومنها:
1- أن الله جعل حق الأم على أولادها يزيد على حق الأب ثلاث مرات فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي قال له: من أحق الناس يا رسول الله بِبِرِّي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» قال في الرابعة: ثم من؟ قال: «أبوك» ثم الأقرب فالأقرب من قرابتك، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «الجنة تحت أقدام الأمهات» فقد ألزم الله الابن والبنت إذا كبرا أن يكرما والديهما كل الإكرام بالقول والفعل وحرم عليهما إهمالهما والإساءة إليهما وتوعدهما بالعذاب إذا لم يحسنا إليهما وخصوصاً عند كبرهما وحاجتهما إلى أولادهما لرعايتهم.
2- جعل الله سبحانه للزوج الذي يربي البنات ويحسن إليهن من الأجر أكثر من تربية الأبناء.
3- أكرم المرأة باختيار زوجها فلا تُزوَّج بمن لا ترضاه.
4- جعل الله المهر وتكاليف الحياة الزوجية والنفقة على الزوجة والأولاد على الأب كاملة لأن وظيفتها في بيتها الحمل وتربية الأطفال وتهيئة المنزل والراحة لزوجها عندما يأتي من عمله.
5- حافظ الإسلام كل المحافظة على شرفها وكرامتها فأمرها إذا خرجت من بيتها أن تخرج متسترة محتشمة وأن لا تعرض نفسها للرجال بالاختلاط المُحرَّم بهم حتى لا ينتهك الفساق عرضها وكرامتها.
6- حرم عليها التشبه بالرجال والاختلاط المباشر لهم والخلوة بالرجل الذي ليس قريباً لها كالزوج والأب والابن والعم والخال والأخ حماية لعرضها وكرامتها.
7- لم يأذن الإسلام لها في الوظيفة ولا في العمل الشاق الذي يؤدي إلى إهانتها وانتهاك الرجال لحرمتها وإنما أذن لها في العمل الخاص بالنساء كتدريس البنات وعلاج المريضات ومع زوجها وأولادها في مزرعتهم أو معملهم الخاص بهم.
8- أعفاها الإسلام من الوظيفة الخطيرة التي تعرضها لإضاعة أسرتها وكرامتها كرئاسة الدولة والجندية في الجيش وجعل ذلك خاصاً بالرجل.
9- وكذلك أعفاها الإسلام من الشهادة لأنها تتعرض بها لحضورها لدى القاضي وإحراجها بإدخالها في مشاكل الحياة الخاصة بالرجال.
10- أوجب على الزوج إكرامها والإحسان إليها، قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».

هذا وقد تقدم ذكر حقوقها على التفصيل في الكتاب، والله المستعان، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
 
ــــــــــــــــــــــ
[1] رواه الإمام أحمد ومسلم وابن حبان عن سعيد بن زيد رضي الله عنه.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرائد الأول لحقوق الإنسان
  • حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق
  • حقوق الإنسان في دائرة حضارة الإنترنت
  • حقوق الإنسان في الإسلام
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان
  • حقوق الإنسان في الإسلام
  • حقوق الإنسان
  • خطبة حول حقوق الإنسان في الإسلام
  • حقوق الإنسان في الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتِّفاقيات حقوق الإنسان(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب