• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات طبية وعلمية
علامة باركود

رحلات حمد الجاسر للبحث عن التراث

أ. عصام الشنطي

المصدر: نشر بمجلة العرب (ج3، 4س33 - رمضان، شوال سنة 1418هـ/ كانون2، شباط (يناير، فبراير) سنة 1998م)
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/2/2010 ميلادي - 7/3/1431 هجري

الزيارات: 18686

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
(كتب الأستاذ الكريم عصام محمد الشنطي - أحد الأساتيذ الأجلة المتخصصين بالشؤون المتعلقة بالمخطوطات العربية - هذا البحثَ المستفيض عن كتاب "رحلات حمد الجاسر للبحث عن التراث"، ونشر في الجزء الثاني - رجب 1417 (تشرين الثاني 1996م) - من المجلد الأربعين من "مجلة معهد المخطوطات"، التي تصدرها (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) في القاهرة ص 245 إلى 281، ولكون كثيرٍ من قراء مجلة "العرب" لا يطَّلعون على مجلة المعهد، ورغبةً في إطلاعهم على هذا البحث الممتع، وتقديرًا لكاتبه الأستاذ الجليل الشنطي؛ رأت "العرب" إعادة نشره).

الشيخ حمد الجاسر من قمم المشتغلين بالتراث العربي، ومن قمم من قدَّموا لهذا التراث خدماتٍ جليلةً.

علاقتُه بالمعهد منذ تأسيسه علاقةٌ متينة، تجاوزت الباحثَ الذي يطَّلع على مقتنياته ويُصوِّر منها؛ فهو عضو فاعلٌ في مجلسه الاستشاري، وقدَّم من خلاله للمعهد فوائدَ عظيمة.

لقد نال هذا العالِم الجليل، في رمضان 1416هـ (كانون الثاني 1996م)، جائزة الملك فيصل العالمية في أدب الرحلات، ووجب على المعهد أن يشارك في التهنئة والتكريم، وها هو يقدِّم لقرَّاء مجلته المتخصصة هذا البحثَ الذي كتبه الأستاذ عصام محمد الشِّنْطِي، في جانبٍ من جوانب رحلاته؛ إسهامًا متواضعًا لتكريمه.

نعلم أن كتب الرحلات عند العرب، يمكن تقسيمها عمومًا إلى أقسام ثلاثة:
الأول منها: رحلات جغرافية يرصد العالِمُ فيها أحوالَ الناس والعمران.
وثانيها: رحلات بحرية، رواها تجَّار وملاَّحون، تضمنت معلوماتٍ مفيدةً عن البحار وأسماكها وأصدافها، والأقوامِ الذين يسكنون على شواطئها.
وثالثها: رحلات برية تخترق الأمم والبلدان - إسلامية وغير إسلامية - عن طريق البَر وفي القوافل، وهي رحلات كثيرة، أشهرها رحلتا ابن جُبَيْر في العالم الإسلامي، ورحلة ابن بطوطة وما توغل فيه من القطار النائية، كبلاد البلغار والمغول، والهند والصين[1].

أما رحلات الشيخ حمد الجسر - علاَّمة الجزيرة العربية - فهي الأخرى متنوعة الأهداف، ومختلفة الدواعي والمقاصد؛ فهي إما إلى بلاد عربية أو إسلامية، أو أجنبية أوروبية وأمريكية؛ بقصد الاطِّلاع على التراث العربي متمثِّلاً في مخطوطاته، يصف ما تخيَّره منها، ويصوِّر ما يستطيع، أو رحلات داخل بلاده من الجزيرة العربية؛ ليحقق مواضع تاريخية، أو أصول قبائل، أو رحلات للعلاج والاستشفاء - عافاه الله وشفاه - وقد خصَّ هذا الكتاب الذي بين أيدينا لرحلاته من أجل البحث عن التراث، دون الأهداف الأخرى.

ولعلِّي لا أُغالي إذا عددتُ هذا الكتاب من أنفع وأمتع ما صنَّفه الشيخُ المؤلِّف من كتب، ونَشَرهُ من بحوث ومقالات، وما حقَّقه من نصوص تراثية وعقَّب عليها، على كثرتها وتنوُّعها.

والحق أن كثيرًا من مباحث هذا الكتاب كان قد نشره المؤلفُ منجَّمًا في مجلته التراثية النفيسة "العرب"، ثم نشرها مجمعةً بين دفَّتَيْ هذا الكتاب عام 1400هـ (1980م)، وجاء في ما يزيد على أربعمائة صفحة من قطع فوق المتوسط، منها نحو خمسين صفحةً صنعها للفهارس، فجعل الأول منها لموضوعات الكتاب، والثاني لأسماء الأعلام، أفرادًا وجماعاتٍ، والثالث لأسماء الكتب، والأخيرة لأسماء المواضع، ولا يخفى على الباحثين ما للفهارس من قيمةٍ بالِغة تكشف عن فوائد الكتاب، وتسهل الانتفاع بها، خاصَّةً ما يتعلق بالمخطوطات العربية التي اطلع عليها، وأسماء مؤلفيها، والمكتبات التي زارها ووجدها فيها.

ولا يبخس من قيمة الكتاب، أو الحديث عنه، أنه صدر في طبعته الأولى، منذ ستَّ عشرة سنة، فالكتاب بجانب نفاسته وإمتاعه، حافلٌ بالفوائد الثرَّة نحو موضوع عزيز وأصيل، وهو البحث عن المخطوطات العربية، والتنقيب فيها، ووصفها، واستخراج ما فيها من كنوزٍ وذخائرَ، خاصةً أن موضوع تغريب التراث العربي، وبعثرة مخطوطاته خارج العالمَيْنِ العربي والإسلامي ما زال قيد النظر، ويحتاج إلى مزيد من البحث والتقصِّي والحصر، فهذا الكتاب من الكتب التي يرجع إليها الباحثُ المتخصص في كل حين؛ لأنه كالصُّوَّة أو المنارة على الطريق، تهدي كلَّ مسافر راكب وراجل.

لقد خصَّ المؤلف هذا الكتابَ برحلاته خارج الجزيرة العربية لمهمة جليلة، فطاف في كثير من أقطار العرب وأقطار المسلمين، والأقطار الأجنبية، وكان لا يبخل بشدِّ الرحال إلى كل صُقْع من هذه الأصقاع، فيه من المخطوطات ما يستحق أن يشدَّ الرحال إليه، وهو الشيخ المسنُّ، الذي أوصاه الأطباء - منذ زمن - بألاَّ يرهق عينيه بقراءة الكتب، فكيف بقراءة المخطوطات والتمحيص فيها؟ وهي تحتاج إلى أناة وصبر، وإلى عيون كعيون زرقاء اليمامة، أو إلى عيون صقر على أقل تقدير، ولعلَّ صنيعه هذا يذكِّرنا بما كان يفعله الأجداد الأوائل الذين كانوا يَشدُّون الرحال، ويطوفون الفيافي والقفار؛ من أجل التحقق من حديث نبوي، نصًّا أو سندًا، أو شاهِدِ لغة، أو خدمةِ علم من علوم العربية الأخرى في عصر التصنيف والتدوين، فضلاً عمَّا كان يتكبده المؤلف في سفره من نفقات يدفعها من حرِّ ماله في سبيل هذا الهدف العلمي الرفيع، مما يندر أن نلقاه عند القدامى والمحدَثين.

1- نفائس المخطوطات ومشكلاتها:
من يقرأ هذا الكتاب النفيس، يرى كيف أن المؤلف جاب أقطار الدنيا لهدفٍ واحد، وهو البحث عن المخطوطات العربية المبعثرة في أنحاء شَتَّى من مكتبات العالم، لا يشغله عنها شاغلٌ آخر.

والخطاب الأول في الكتاب هو خطاب المخطوطات العربية، والحديث عن نفائسها ومسائلها ومشكلاتها، وسنأتي في الكتاب إلى موضوعات أخرى طَرَقها المؤلف، لكنها موضوعات ثانوية لا تَرْقى إلى رغبته الملحة في السفر وتحمُّل المشاقِّ في سبيل هذا الهدف، وبهذا يتطابق هدفه من هذه الرحلات مع تسمية كتابه: "رحلات حمد الجاسر للبحث عن التراث".

ويتَّضح اهتمام المؤلِّف بالمخطوطات العربية في أكثر من موضع من الكتاب؛ فحين يزور مدينة (بورصة) التركية، يقول: لا أريد الحديث عن جمال هذه المدينة، ولا عن حمَّاماتها ومياهها الحارة، ولا عن جبالها الشاهقة... فالحديث عن المكتبات[2].

ويكرر مثلَ هذا القول حين يصل إلى مدينة (قونية)، التي عدَّها من أجمل المدن التركية، وأبهجها في النفس؛ ولكنه مشغول عنها بما أتى من أجله[3].
أما أربُه من لندن حين يزورها، فمحصور - على حدِّ قوله - في زيارة بعض المكتبات[4].

وهو دائم التَّكرار في أن الغاية الأولى من رحلاته، هي البحث عن المخطوطات العربية؛ فحين يزور من أوروبا هولندا ولندن وبعضَ المدن السويسرية وألمانيا وإيطاليا، يرغب بعض إخوانه أن يتحدَّث عن مشاهداته هناك، فيضطر أن يسجِّل لمحاتٍ خاطفةً عن رحلته الأوروبية، تأتي بعيدة عن الطرافة التي يرغبها الإخوان، والتي اعتاد القارئ أن يجدها في أحاديث الرحَّالة إلى تلك البلاد، ويقطع بأن الغاية من رحلته تكاد تكون محصورة في البحث عن المخطوطات العربية، وهذه غاية بعيدة - في رأيه - عن الإطراف والتشويق للقارئ العادي[5].

ولم يَعقْه عن هدفه هذا ما كان يتحمَّل من مشاق، فقد كان يقضي الساعاتِ الطوالَ في التنقل من مطار إلى مطار، ومن مدينة إلى أخرى، وكان يتعرَّض لمشقَّات أشد، نَصَبًا وألمًا، حين تكون المسافات طويلة، يسافر مرة من إستانبول إلى مدينة (قونية) عبر أنقرة، فيقضي النهار، وهزيعًا من الليل، وهو في أكثر من (حافلة)، إلى أن يصل إلى مُراده، ويقضي مرة اثنتين وعشرين ساعة في القطار ساعيًا إلى مدريد من باريس؛ بهدف التردُّد على مكتبة الإسكوريال، التي تبعد عن مدريد نحو سبعين كيلاً، ويزورها أكثر من مرة، ويَطَّلع على كثير من مخطوطاتها، ويصفها، وينسخ منها، ويعلِّق على مادتها، ويصوِّر بعضها.

وكان حين يحطُّ رحاله في مدينة ليطَّلع على مخطوطاتها، يسمع أن بمدينة أخرى مخطوطاتٍ، ولم يكن في خطته زيارتها، فيسافر إليها غير يائسٍ من مظنة فائدة علميَّة يجنيها، على أن يعود إلى إكمال مأربه الأول.

قيل له وهو في الرباط مرة: إن بمراكش مخطوطات، فيسافر إليها، يقول: "ولقد كانت رؤية هذه المكتبة - مكتبة ابن يوسف العامة - من أقوى البواعث لزيارة مراكش؛ لعلِّي أن أرى في مخطوطاتها ما أستفيد بمطالعته"[6]، وكان يصل ليلاً إلى بعض هذه المدن التي يزورها، والمطر منهمر، والبرد شديد، فيقضي ساعات وهو يسعى ويشقى للحصول على غرفة في فندق، يأوي إليها[7].

ويندر أن يظهر في كتابه - وهو يشدُّ الرحال للمخطوطات - أنه جاء - بإزاء هذا الهدف الأول - للعلاج؛ فقد كانت المخطوطات تُنسيه نفسه، وتستنفد صحتَه وماله، فيرهق من كثرة المطالعة والنَّسخ، ويصرف الأموال في تصوير ما يريد منها.

يقول في مكتبة الإسكوريال بإسبانيا: "لم يعد لي أربٌ في المكتبة؛ فقد أرهقتْني كثرةُ المطالعة والنقل، ولم يبقَ معي من النقود ما يزيد عن حاجتي في العلاج، ولم أشاهد في الفهرس من أسماء الكتب التي أتطلع إلى معرفة محتوياتها ما يغريني بمراجعة المكتبة؛ ولهذا قررتُ السفر إلى روما"[8].

على أنه أمكنني أن أحصر هذه الرحلات تاريخيًّا، فأقدَمُها ممَّا ظهر في الكتاب وقَعَ في الربع الأخير من عام 1960م (1380هـ)، وأحدثُها وقع في صيف 1973م (1393هـ)، بمعنى أن الزمن الذي قُطعتْ فيه هذه الرحلات نحو ثلاثة عشر عامًا، وليس من هَمِّي هنا أن أسرد المكتبات التي زارها في رحلاته، ولو فعلتُ لصنعتُ قائمةً مطوَّلة، ربما تبعث على الإملال لغير المتخصص، فليس هذا مكانها من هذا العَرْض والتحليل، وسنأتي على ذِكر بعضها في تضاعيف الحديث عن تفصيلات هذا الكتاب.

وحسبنا أن نعلم هنا أنه ما كان يسمع عن مدينة أو مكتبة تضم مخطوطاتٍ عربيةً إلاَّ يسارع إليها، ويحدث أن يزور المدينة أكثرَ من مرة إذا ما أحسَّ أن زورة واحدة لا تشبع رغبتَه في الاطلاع، فيزور إستانبول ثلاثَ مرات؛ لأنها تحوي من تراث العرب والمسلمين ما لم تحوِه مدينة غيرها، يطوّف في مكتباتها، وينقِّب عن نفائسها، ومثلها باريس التي يزورها مرتين[9]، ومكتبة الإسكوريال في إسبانيا التي يزورها مرارًا في أعوام مختلفة[10].

وبإزاء ما يعلمه المؤلف من إشكالية هامة من إشكاليات المخطوطات العربية المتعددة، وهي توزُّعها في أنحاء شتى من العالم، دون أن نملك حتى الآن إحصاءً - ولو مقرَّبًا - عن أعدادها، حرَص المؤلف - كلما تيسَّر ذلك - على ذِكر أعداد مخطوطات المكتبات التي يزورها، ومن ثَمَّ يفصِّل في تاريخ هذه المكتبات، ونشأتها، ومصادرها[11]، وبهذا كان يسهم في وضع لبنة - وإن كانت صغيرة - للوصول إلى حلِّ هذه الإشكالية ووضوحها.

ومن الأمثلة على ذلك، ما سجَّله في كتابه من أن بالمكتبة السليمانية العامة في إستانبول ما يقارب عشرين ألف مخطوطة، ويفصِّل في مكونات هذه المكتبة وفهارسها، ومدى قدرةِ هذه الفهارس على الكشف عن كنوزها، ويذكر ما ضُمَّ إليها من مكتبات أخرى، تقدَّر باثنتين وتسعين مكتبة، ذكر منها سبعًا وعشرين[12]، ومما يبين أن دار الكتب الوطنية في تونس تحتوي على اثنتين وعشرين ألف مخطوطة، منها مخطوطات الأحمدية والعبدلية وحسن حسني عبدالوهاب، وفي المكتبة الوطنية في الجزائر 1987 مخطوطة، موصوفة في فهرس مطبوع[13]، وفي مكتبة ابن يوسف العامة بمراكش نحو 1600 مخطوطة.

وطبيعي أن تُفْضي هذه الإشكاليةُ إلى إشكالية أزلية كبرى للمخطوطات العربية، وهي قضية تغريب التراث العربي، وانتقال آلاف مخطوطاته إلى غير أماكنها الأصلية من العالمينِ العربي والإسلامي، واستقرارها في عالمينِ غريبين عنهما، هما العالم الأوروبي والأمريكي، فحين يزور مكتبة جامعة لَيْدِن في هولندا تثور في نفسه إشكاليةُ التغريب، متمثلة في قضية الشيخ أمين بن حسن الحلواني المدني الشهيرة، الذي باع مخطوطات عربية إلى مكتبة بريل.

وقد وضع لها المستشرق كارلو لندبرج فهرسًا يقع في 183 صفحة، يصف فيه 664 مخطوطة، وقد طبع في ليدن سنة 1883م[14]، وظلَّت هذه القضيةُ في فكره، وظلَّ يلاحق محاولة حصوله على كراسه طبعتْ قديمًا عن زيارة الشيخ أمين هولندا، وحضوره مؤتمر المستشرقين أثناء انعقاده سنة 1883م (1304هـ)[15].

كما ظلَّ - من ناحية أخرى - يلاحق انتقال بعض نسخ المخطوطات من المشرق العربي إلى مغربه، ومن ثَمَّ إلى أوروبا؛ فهذه مخطوطة "الحماسة البصرية" القابعة في مكتبة دير الإسكوريال في إسبانيا، وجد فيها ما يدلُّ على أنها كانت في شمال بلاد العرب، ثم انتقلت إلى غرب البلاد، فالمغرب الأقصى، ومنه نُهبتْ فيما نُهب من الكتب المغربية في البحر المتوسط، واستقرَّ قرارُها في هذا الدير[16].

ويلمس المؤلف إشكالية حادَّة ثالثة من إشكاليات المخطوطات العربية، وهي أن معظمها حتى الآن في المكتبات العامة، لم يتم إلاَّ فهرسة جزء بسيط منها، فضلاً عَمَّا في المكتبات الخاصة، ولو سَلِمتْ هذه الفهارس أو القوائم المصنوعة مما وقعتْ فيه من خلط وخطأ، لكان الأمر هَيِّنًا؛ فقد عانى المؤلف منها كثيرًا، واتضحتْ شكواه وضوحَ الشمس في ضحى يوم صائفٍ، وربما تتوجه معاناته أكثرَ ما تتوجه إلى فهارس المكتبات التركية؛ يقول في هذا الصدد: "وينبغي أن يلاحظ كلُّ من يزور إحدى المكتبات في البلاد التركية، عدمَ الاعتماد على الفهارس؛ فهي كثيرة الأخطاء"[17]، ويكرر عدم ثقته في هذه الفهارس في أكثر من موضع؛ فحين يزور مكتبة (نور عثمانية) في إستانبول، يقول: "ولها فهرس مطبوع، غير أنه لا يصحُّ الاعتمادُ عليه، وكثيرًا ما تتفق فهارس مكتبات إستانبول على الغلط"[18]، وتخرج دائرة عدم ثقته في فهارس تركيا إلى فهارس المخطوطات العربية عمومًا.

وتتعاظم هذه المشكلة عنده؛ نظرًا لاتساع أُفقه، ورحابة معارفه في التراث العربي، وتتنوع الأوهام في هذه الفهارس تنوعًا عجيبًا؛ فحينًا توضع المخطوطة في غير موضعها عند التصنيف؛ فمثلاً مخطوطة "محاسن المساعي، في مناقب الأوزاعي"، وضعتْ في فهرس مكتبة نور عثمانية في التصوف، لا في التاريخ والتراجم[19]، وكتاب "خلاصة الوفاء" من حقه أن يوضع بين كتب الجغرافية، لكنه وضع في الفهرس بين كتب (السِّيَر وقصص الأنبياء)، وكذا كتاب "أُسْد الغابة" الذي ينبغي أن يجعل ضمن كتب التاريخ والتراجم[20].

ومن أنواع أخطاء الفهارس نسبةُ المخطوطات إلى غير مؤلِّفيها، مما يكثر وقوعُه في فهارس مكتبات إستانبول[21]، ومن أمثلة ذلك أن مخطوطة "غلطات العوام" منسوبة في الفهرس إلى ابن الجوزي، ولكنه بعد مطالعته إيَّاها تبيَّن له أنها للسيوطي[22].

ونوع ثالث من أوهام الفهارس التركية، مما يشمل عنوان المخطوطة ومؤلفها، كأنْ يُذكَرَ الاثنان بصورة غير صحيحة؛ ففي فهرس مكتبة السلطان أحمد الثالث في إستانبول مخطوطة "فتوح اليمن"، للوزير إبراهيم سنان باشا، وبعد اطِّلاع المؤلف عليها تحقَّق أنها "الفتوحات العثمانية للأقطار اليمنية"، وهي نسخة ثانية من كتاب "البرق اليماني في الفتح العثماني"، لقطب الدين النهروالي المكي الحنفي، المتوفى 988هـ، وهي نسخة نفيسة؛ لأنها كتبت في حياة المؤلف.

ونوع رابع من الأوهام، وهو المتعلق بالمجاميع، الذي يضم المجلدُ منها كتابين أو أكثر، فيكتفي المفهرس بذكْرِ اسم الكتاب الأول، دون تسجيل عناوين الباقي منها وأسماء مؤلفيها[23].

وهذا كله يدل على جهل المفهرس جهلاً شديدًا بالتراث، وعلى قلة هذه الفئة من المفهرسين الأكْفاء، وفقداننا لأمثالهم، وأمام قصور هذه الفهارس يحسُّ المؤلف أن الباحث يحتاج إلى طول وقت، وشدة تعمُّق، وصبر وجلد، وهي أمور - على حدِّ تعبيره - لا تتاح لكلِّ إنسان.

ونعثر في كتابه على إشكالية رابعة من إشكاليات المخطوطات العربية، وهي تعرُّضها للتَّلف من أكلِ أرضة، وطمس رطوبة، الأمر الذي يدعو إلى الاهتمام بسرعة الترميم الفني والتصوير، قبل استفحال هذا التلف، أو قبل السطو عليها، يقول في مخطوطة اطَّلع عليها: "وقد أفسدتِ الرطوبةُ جلَّ صفحات القسم الأخير من الكتاب، بحيث لا يمكن قراءتها بسهولة، وعبثت العثة بورق الكتاب، فأصبح مهلهلاً، ثم رُقع جميع الورق بورق شفاف"[24].

ويلقى مخطوطة في مكتبة أيا صوفيا بإستانبول، وهي: "تصحيح التصحيف، وتحرير التحريف"، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصَّفَدي، المتوفى 764هـ، وهي بخطه، وما يلبث أن يضع يده على هذه النسخة النفيسة، ويستبشر بعلوِّ قيمتها، إلاَّ أن تتبدَّد في نفسه هذه الفرحةُ منقلبةً إلى أسف وحسرة؛ لأنه اكتشف أن النسخة قد سطتْ عليها يدٌ أثيمة، فنزعت أكثرها، بحيث لم يبق من الكتاب إلا من حرف الألف إلى نهاية حرف الزاي، في تسعين ورقة[25].

والمؤلف بدرايته الفذة بالمخطوطات العربية، وبسَعة خبرته حولها، يفتح عيونَ الخريجين من الشباب العرب، الذين لديهم استعداد للتوجُّه إلى التراث والنظر في المخطوطات اختيارًا وتحقيقًا ودرسًا، إلى مسائلَ لا يعرفها المبتدئ في هذا الميدان، وبهذا يعلِّمهم دروسًا نافعة فيه، ومن الدروس الأولى اهتمامه بالنُّسخ الأم النفيسة، وبرصد السماعات على العلماء، وذكر التملُّكات، والخطوط المسجلة على المخطوطة من قِبَل علماء معروفين[26]، ويتعقب في النسخ المخطوطة النَّسَّاخين العلماء، ويهتم بجمع تراجمهم وتنقُّلاتهم من أجل العلم إلى دمشق، ثم إلى مصر وغيرها، ويذكر مؤلفاتهم[27].

ويعرِّفنا بالمجاميع من المخطوطات، وهي التي تحتوي على أكثر من مخطوطة أو رسالة، ويلتقط بحسِّه التراثي العالي، النفيسَ منها، يطلع في الخزانة العامة بالرباط على مخطوطة "الرحلة إلى بيت الله الحرام"، لأبي مَدْيَن بن أحمد الدرعي، المتوفى 1157هـ، وهي ضمن مجموعة، وقد كتبت قبل وفاة مؤلفها بعام واحد[28]، ويصور من مكتبة الجزائر الوطنية رسالة بعنوان: "حكم قناديل المدينة"، للفيروزآبادي، وهي مكتوبة سنة 816هـ؛ أي: بعد وفاة مؤلفها بثلاث سنوات[29]، وبهذا ينبِّه إلى أهمية المجاميع والتنقيب فيها مخطوطةً مخطوطة، ورسالةً رسالة.

ويعرِّفنا أيضًا بأهمية نسخة المؤلف المهداة إلى سلطانٍ، أو زير، أو غيرِهما، وقريبٌ من هذا الباب يعرِّفنا ببعض مصطلحات التراث، كمصطلح النسخة الخزائنية التي كُتبتْ برسم خزانة ملك أو أمير، فتُزين طُرَّتُها، وتُزخرَف، وتزوَّق، ويُكتَب فيها اسمُ من كُتبت النسخة له، وكان قد اطلع على نسخة خزائنية من كتاب "الممالك والمسالك"، لأبي عبيد البكري، كُتبت برسم أحد أمراء المماليك في مصر[30].

ويولي عنايته بفروق النسخ، حيث تكون هذه الفروق في المادة نقصًا أو تمامًا، يقارن في هذه الحالة بين نسخة وأخرى في بلد آخر، كان قد رآها وسجَّل ملاحظاته عليها، والعجيب أن ذاكِرتَه تتَّسع لكثير من هذه الفروق، فيستطيع أن يقرر أن نسخة مكتبة كذا هي من أجود نسخ الكتاب[31]، نراه يكشف في الخزانة العامة بالرباط عن نسخة نادرة من "الحماسة"، للأعلم الشّنْتَمَرِي، فيطالعها ويقارن بينها وبين نسخة المكتبة الوطنية في تونس، ويربط بينهما بعد أن يقوم بوصف النسختين[32]، والأعجب من هذا قوة ذاكرته، وكثرة محفوظه، فما أن يسمع من عالمٍ عن نسخة من مخطوطة لابن خلدون من كتاب "العبر"، فيها زيادات على المطبوعة تتعلق بتاريخ البربر، حتى يذكر له فائدة عظيمة، وهي أن نسخة من الكتاب محفوظة في مدينة صوفيا (بلغاريا)، تحتوي على بضعة عشر فصلاً ليست في المطبوعة[33].

وتطول خبرة المؤلف، وتتَّسع دائرة معارفه في التراث اتساعًا عظيمًا، فنرى منه عجبًا حين ينقِّب في مخطوطة، فيكشف عن جديدها، أو يعرف مكنونها، أو يصحِّح خطأها دون الرجوع إلى مصدر من المصادر، ولا شك في أن مثل هذه الثمار هي حصاد سنين من القراءة والاطلاع والدرس، وينفع هذا كدرس خصوصي مجاني للناشئة؛ ليتحققوا من صحة المثل القائل: مثلما يزرعون يحصدون.

ويشيع في الكتاب أمثلةٌ كثيرة من هذا القبيل، يتضح فيها أن مغاليق المخطوطات قد فُتحتْ لهذا العالمِ، ونجتزئ هنا ببعض الأمثلة؛ يطلع على مخطوطة محفوظة في المكتبة الوطنية العامة في تونس، موسومة بـ "التحرير فيما وقع بين الفرزدق وجرير"، فيكشف عن أنه كتاب "النقائض"، لأبي عبيدة مَعْمَر بن المُثنى، وجاء أحدهم واختصره وجرَّده، وسمَّاه بهذا الاسم الآنف الذكر[34].

ويستطيع أن يصحح أسماء مؤلفات مثبَتة على المخطوطات خطأً؛ فكتاب "اقتضا الوفا بأخبار دار المصطفى"، يصححه باسم: "وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى"، وهو كتاب للسمهودي[35]، ويصحح أسماء مؤلفين أيضًا؛ ففي مخطوطة محفوظة في مكتبة أيا صوفيا في إستانبول، مثبت عليها اسم (جمال الدين أبو أحمد يعقوب بن أبي بكر الطبراني)، فيصوِّبه بالطبري[36]، وتَسوقه المعرفة إلى ملاحظاتٍ دقيقة، واجتهادات متميزة، يقول بعد الاطلاع على مخطوطة: "ويظهر أن الناسخ يمنيٌّ؛ فهو يُعنى بضبط بعض أسماء البلدان اليمنية"[37].

ومن دروسه التي لا تتوفر إلاَّ لمن طالت خبرتُه، وعظمتْ معرفتُه، درايتُه بِحِيَل الورَّاقين وتزويرهم، نراه في كتابه بصيرًا بهذه الحيل دون أن تنطلي عليه؛ اطَّلع على مخطوطة وقد كُتب في طُرَّتِها أنها نقلتْ من المسودة قبل تحريرها وترتيبها... كتبها مؤلفها، ويدقق في العبارة ويلاحظ أن عابثًا كشط كلمة (قبل) كشطًا خفيفًا، وكتب مكانها (بعد)؛ ليُبرز هذا العابثُ الذي فعل هذه الفعلة أن نسختَه تتَّصف بالكمال والندرة[38]، وفي مخطوطة أخرى ناقصة، يطلع عليها، تعبث بها يدُ عابثٍ، فتضيف نحو سطر بكتابة حديثة؛ لتبدو النسخة كأنها كاملة[39].

على أن الدرس الأكبر الذي يوجِّهه للناشئة من الشباب المتحمِّس لاقتحام ميدان التراث العربي، ألاَّ ينظروا إليه - بإزاء حماستهم له - بعين التقديسِ المطلق، بعيدًا عن النقد أو التصفية؛ فالمؤلف برغم ما نرى فيه من شغفٍ كبير بالتراث، وتقديرٍ عظيم له، تلقَاه غير متوانٍ عمَّا فيه من خرافات لا يصدِّقها ذو عقل؛ فهو ينفي قبول ما قرأه في كتاب "الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور بَرًّا وبحرًا"، للزياني، المتوفى 1249هـ، من خرافات كثيرة، منها أن (الكُسْكُس) - وهو من المأكولات المغربية الشعبية - اخترعه طبيب الجان لنبيِّ الله سليمانَ، لمَّا حصل له السَّهر والأرَق، فصنعه له، ولما أكله نام[40]، والعجيب أن هذا الكتاب من الكتب التي لها قيمتُها في المغرب، وقد نشرتْه وزارة الأنباء في منشورات (لجنة إحياء التراث القومي).

وكذلك حين يطالع مخطوطاتٍ في خواص الأحجار والمعادن، يراها تعجُّ بالتخريف، وهذه المؤلفات على قلَّتِها بين كتب التراث العربي، حُشيتْ بالخرافات، لا يُسْثنى منها - في رأيه - إلا بعض مخطوطات البيروني، والهمداني، وابن ساعدة الأنصاري، وضرب من الأمثلة على ما استنكره من تخريفِ هذه الكتبِ نصًّا نقله إلينا، يقول فيه: "باب حجر فيلقوس: هو كثير التلون، ويلمع باللَّيل كالمرآة، ما كان بموضع إلا هرب منه الجنُّ والوحش، وسائر الهوام"[41].

ويطَّلع على مخطوطة في مكتبة علي أميري بإستانبول، المحفوظة فيها برقم 2528، وهي "نسيم الصَّبا، ونديم الصِّبا"، لإبراهيم بن يوسف المهتار، من شعراء مكة في القرن الحادي عشر الهجري، ويقرأ فيه، في الورقة الحادية عشرة منها قصيدة فرج بن سعد الطائي، التي خاطب بها الجنَّ، بعد أن طرقتْه ليلاً، فسألتْه عن شيءٍ من غريب اللغة، بشعرٍ قالوه، فأجاب على كل بيت بمثله، فلا يتردد الشيخ المؤلف بحكمه العادل، أن "هذا من خزعبلات العرب"[42].

ولا شك في أن مثل هذا الفكر المستنير، يجعلنا نعتقد أن المؤلف لا يعدُّ التراث ذا قدسية مطلقة، وأنه بمنأى عن النقد، وهي دعوة منه صريحةٌ على أن هذا التراث لا يخلو من شوائبَ، لا بدَّ من تصفيته منها، وإقصائها عنها.

وكان يقف في مكتبة من المكتبات على مئات منها، فلا يطلب الاطِّلاع عليها كلها، لا لضيق الوقت فحسب؛ بل كان بعينه الباصرة يترك ما ليس فيه كبير فائدة، ويتوجَّه إلى النوادر منها[43]، وواضح من كتابه أنه كان يتوجَّه بالاهتمام - من حيث الموضوعات - إلى المخطوطات التي تتعلق بتاريخ العرب، وأنسابهم، وجغرافية بلادهم[44]، ويتوجَّه بصفة خاصة إلى تاريخ الحجاز وجغرافيته[45]، ومن هنا كان ينفذ باهتمامِه إلى المخطوطات التي تذكُر طريق الحج؛ لأنها عنده جديرة بالدراسة، لا لصلتها بالمشاعر المقدسة فحسب؛ بل لتعلُّقها بجغرافية بلاده وتاريخها، ولحاجة بعضها إلى التصحيح والتحقيق[46].

ولهذه الأسباب والتوجُّهات؛ اهتمَّ بمخطوطات الرحلات المغربية التي تتعلَّق بالحج، وبالحجاز على وجه الخصوص، وقد وجدها وفيرةً في مكتبات المغرب الأقصى؛ لأن علماء المغرب بزوا المشارقةَ في هذا الفنِّ، وكان حريصًا على أن يصوِّر منها كلما تيسَّر له ذلك، أو يسجِّل فوائدها عنده على أقل تقدير[47].

وقد اتَّصل اهتمامُه بتاريخ جزيرة العرب وبالرحلات إليها، أنِ اهتمَّ بالحصول على بعض المؤلفات المتأخرة المطبوعة المتعلقة بهما، فيستقصي - وهو في باريس - عن هذه المطبوعات، خاصًة رحلة شارل هوبر، والكتاب المتعلق بآثار الحجر[48]، وفي لندن يهتم بمؤلفات فلبي، ورحلَتَيْ دوتي Doughty وبركهات[49] Purkharft.

ولم يهمل شعر العرب، فكان يطلب للاطِّلاع والاختيار والتصويرِ دواوينَ الشعراء من النسخ النادرة، أو الدواوين غير المتداولة، أو للمغمورين منهم، كالذي وجده من نسخة ديوان ابن الحكاك، الشاعر المكي المغمور[50].

ومن المدهش حقًّا أن يزوِّد المؤلفُ القارئَ بمعلوماتٍ فلكية طيبة، ومهما كانت هذه المعلومات، فإنها تدلُّ على سَعة اطلاعه، وعلى تنوُّع معارفه[51].
والحق أنه في كتابه يكشف لنا بوضوح عن مجمل طريقته ومنهجه في اختيار المخطوطات والموضوعات أمام هذا الكم الهائل منها في المكتبات؛ يقول: "ومما ينبغي ملاحظته أنني في حديثي عن المكتبات لا أتعرَّض لوصف ما فيها من نسخٍ للكتب المشهورة المطبوعة أو المخطوطة، التي تكثر نسخها في المكتبات الأخرى؛ ولهذا تقلُّ المخطوطات التي أشير إليها أو أصفها، وينصبُّ حديثي في كثير من الأحيان على المؤلَّفات النادرة، التي لها صلة بتاريخ بلادنا (جزيرة العرب)، أو أدبها، أو جغرافيتها، في العهد القديم، مما هو غير معروف"[52].

وطبيعي أن نجده على اهتمامٍ بما يُعَدُّ من مكملات موضوع المخطوطات العربية، وهو حرصُه على اقتناء كتب التراث المطبوعة، والعناية بمراكز الدراسات العلمية واللغوية والجامعات المعنية بالتراث نصًّا ودرسًا، وما تُصدره من مجلات وبحوث ودراسات، ويحرص على زيارتها، ويَذكُر سنة تأسيسها وتطوُّرها، ومما زاره - على سبيل المثال - المركزُ الإسلامي الثقافي في مدريد، ويسأل عن منشوراته وبحوثه ومجلته الأكاديمية[53].

2- الاستشراق والمستشرقون:
وحين نخرج من دائرة المخطوطات العربية الواسعة، نراه يدخل في دائرةٍ أصغرَ ذات علاقة وثيقة بالتراث العربي وتحقيقه، وهي دائرة المستشرقين، فقد كان لهذا العالم صلة ببعضهم، وله رأيٌ سديد في غاياتهم وأعمالهم، ودورهم في خدمة التراث وتحقيقه ودراسته، وما وقعوا فيه من أخطاء.

وكان حريصًا على أن يزور مراكز الاستشراق والجامعات والمعاهد التي تعنى بنشر النصوص العربية والدراسات حولها، فحين يصل إلى هولندا يسارع إلى زيارة مدينة لَيْدِن؛ لأنها من أهم مراكز الاستشراق في أوروبا؛ ففيها مطبعة بريل ومكتبتها، التي تُعد من أكبر مطبعة أصدرتْ، وما زالت تصدر نوادر كتب التراث العربي، ومن أهم ما أخرجتْه "المعجم المفهرس لألفاظ الحديث"، و"دائرة المعارف الإسلامية"[54].

ويزور معهد الشرق للدراسات الإسلامية والعربية في روما، ومكتبة المجمع العلمي الإيطالي، ومؤسسة المستشرق الإيطالي الأمير كَايْتَانِي للأبحاث عن تاريخ الإسلام وحضارته، الواقعة في داخل المكتبة[55].

كما كان حريصًا على أن يلتقي بالمستشرقين في بلادهم، أو في مؤتمراتهم، كالمؤتمر الذي عقد في جامعة السوربون في صيف عام 1973م[56].

وممن التقى بهم في مدينة ليدن المستشرقُ الهولندي بروخمن، الذي يجيد اللغة العربية، وألَّف كتابًا عن "الشريعة الإسلامية في مصر الحاضرة"، وتحدث الشيخ حمد معه عن العرب وآثارهم، وعن الاستشراق والمستشرقين في هولندا.

وقد زار بصحبة بروخمن بيتَ المستشرق الهولندي المعروف سنوك هر غرونيه، الذي أُضيف منزله إلى جامعة ليدن، وأصبح تابعًا لقسم الدراسات الشرقية، وكان سنوك قد أتى إلى مكة متنكرًا في زي حاجٍّ، وتسمَّى باسم (عبدالغفار) في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وأقام في مكة خمسة أشهر ونصفًا، وألَّف عن تاريخها وعادات أهلها وجغرافيتها، كتابًا له شهرة كبيرة عند المستشرقين[57].

وممن التقى بهم في إيطاليا، في أواخر عام 1960 [58] ليفي دلافيدا، الذي يلقبه بشيخ المستشرقين في بلاده، وكان عمره آنذاك يقارب الثمانين عامًا بحساب السنين القمرية، وبيَّن المؤلف بهذه المناسبة شيئًا من إنتاجه ودراساته، والتقى في روما بالمستشرق غِبْرِيَلّي، وهو شيخ في سنِّ الخامسة والستين[59].

ولقي أيضًا ماريا نالِّينو الإيطالية، وهي ابنة المستشرق المعروف كارلو نالِّينو، ولها دراسات عربية، وهي التي جمعتْ شعرَ النابغة الجعدي، ونشرتْه مع دراسة وتعليقات عليه[60]، وجيوفياني أومان المشتغل بتحقيق كتاب الإدريسي في الجغرافيا، ولورا فيشيا فاغليري[61]، وكان في حديثه معهم جميعًا يدلُّ على عالم ذي باعٍ طويل في تتبع إنتاجهم، ودراية عميقة بمؤلفات العرب ومخطوطاتهم وتراثهم[62].

ويشيد بأخلاق بعض المستشرقين، وتقبُّلهم للنقد والانتفاع به بصدر رحب، وهو مدعاة عندهم للتواصل والتوادِّ، بينما لا يحتمل بعضُ علماء العرب نقْدَ أعمالهم، وتكون عندهم مدعاة للكراهية والعداوة، يقول: إن المستشرق الألماني رودلف زلهايم حين حقَّق كتاب "نور القبس"[63]، جرى التعارف بينهما بعد أن نشر المؤلف كلمةً عن ذلك العمل في مجلته التراثية "العرب"، أوضح فيها ملاحظات تتعلق بالكتاب، فكان هذا سبب التعارف والتواصل بينهما؛ بينما كانت كتاباته - على حدِّ قوله - عن بعض المطبوعات التي يقوم بها بعضُ الأساتذة والإخوان من العرب سببًا للقطيعة، ومدعاة للوقيعة أيضًا[64].

وبإزاء أخلاق المستشرقين الحميدة، التي تتقبَّل النقد، وتنتفع به وتقدِّره، أشاد بما لبعض فضلائهم من آثارٍ معروفة نافعة في مجال التراث، من أبرزها توجيه الدراسات التاريخية والأدبية واللغوية توجيهًا جديدًا، أمدَّت الثقافةَ العربية بحيوية وثروة، واتخاذ طريقة جديدة في إحياء التراث العربي تسهِّل للباحث الاستفادةَ منه بأسهل الطرق، والاهتمام بصنع فهارس شاملة للمخطوطات العربية في مكتبات بلاد الغرب، ونشر دراسات وافية عن نوادر المخطوطات، وعناية كثيرين منهم بدراسة تاريخ العرب من خلال آثارهم، والتنقيب عنها، ورحلاتهم في أنحاء مختلفة من الجزيرة العربية وغيرها.

غير أنه ينبِّه إلى أن الدافع لكل ما تقدَّم، لا يخفى على أحد، لقد كانت هذه الوسائل - في أول الأمر - بهدف السيطرة على الشعوب، بأي نوع من أنواع السيطرة؛ سياسية، أو فكرية، أو دينية، ثم اتَّجه بعض أولئك المستشرقين - وقليلٌ ما هم - وجهةً أخرى، هي الوجهة العلمية الخالصة، بعد أن تطورت الحياة، وتغيَّرتْ أساليبها، وانتفضتِ الشعوبُ انتفاضة القوة والعلم، ووجد بين العرب أنفسهم من العلماء من لا يقلُّ معرفةً وسعة اطلاع عن كبار أولئك العلماء منهم؛ بل يفوقهم بفهمه لكثير من أحوال أمَّته، ومن هنا يصحُّ القول - عنده - بأن دور المستشرقين قد انتهى، ولا يعني هذا إنكار ما لفضلائهم من الفضل، وسَعة العلم، والتجرُّد من كل غاية تنحرف عنه[65].

وبجانب هذا التحذير حول نشأة الاستشراق، فإنه لا يغْفُلُ أيضًا عن سلبيات بعض هؤلاء المستشرقين؛ فهو ينقد بحوثَ مؤتمرِهم الذي عُقد في باريس في صيف عام 1973م، ويصفها بالضعف عامةً، كما يبدي استغرابَه من شدة عناية بعضهم بدراسة اللهجات العربية، وتوجيه بعض طلاَّبهم من العرب لدراسة هذه اللهجات، ويظن أن مثل هذا التوجُّه ليس للفائدة التي يمكن أن تتحقَّق من دراسة اللهجات من الناحية اللُّغوية الصرفة، ويقيم الدليل على هذا الشك بأنهم يطلقون على بعض لهجات الشعوب التي تجمعها لغةٌ واحدة، لغةً بدلاً من لهجة، فيقولون - مثلاً -: اللغة المصرية، والحقيقة أنها لهجة، وليست لغة[66].

وتعقب أخطاء المستشرقين فيما صنعوا من فهارس المخطوطات العربية، والتي يقول: إننا نأخذها عنهم دون تمحيص وتدقيق، ويضرب على ذلك بعض الأمثلة[67].

3- الآثار والحركة الثقافية:
وإذا خرجنا من دائرة علاقة المؤلف بالمستشرقين، وتقييمه لإنجازاتهم في التراث، دخلْنا في دائرةٍ أصغرَ، وهي دائرة الآثار، ولم يكن هذا في الغالب هدفَه؛ بل كان يتوجَّه إليها إذا ما أحسَّ في رحلة من رحلاته أنه يملك وقتًا فارغًا، أو لا يُمَكَّن من الاطِّلاع على المخطوطات ويصوِّر منها، يذهب لزيارة بعض معالم باريس الأثرية حين يخفق في تصوير المخطوطات من المكتبة الوطنية فيها؛ لكثرة طلبات التصوير من أساتذة الجامعات وغيرهم[68]، ويزور الأماكن الأثرية في داخل دير الإسكوريال في إسبانيا حين يذهب مرة متأخرًا فيلقى المكتبة مغلقة[69]، ويزور متحف الأمة في برلين الشرقية، ويشاهد فيه آثارًا شرقية قديمة[70].

وفي طليطلة، بعد أن يصف موقعها وجمالها، يشاهد قصرها الأثري العظيم، ثم متحفها، وبعض آثارها الأخرى، ويتفحص نقوشَ أبنيتها التي كُتبتْ بخط كوفي وغيره من الخطوط، ويزور مسجدًا من مساجدها القديمة، ويفصِّل في وصفه[71].

ويهتم بآثار إستانبول من قصورٍ ومتاحفَ، ويشاهد فيها آثارًا من عهد الأمويين والقرن الثاني الهجري، ويمرُّ بمساجدها المشهورة الكثيرة، ويَلْفِت نظرَه بناؤها وعمرانها، وفنيتُها وزخرفتها، وخطوطُها من الداخل.

وفي مدينة مراكش يزور مسجدها العظيم، الكتبية[72]، وقصر البديع من آثار دولة السعديين، التي حكمت مراكش حقبة من الزمن، ولا يهتم بقبور السلاطين، ولا يعبأ بزيارتها، ويسأل عن قبر القاضي عياض (المتوفى 544هـ)، وهو من علماء المغاربة المرموقين، فلا يعرفه مرافقه[73]، وملاحظتنا العامة على رؤيته هذه الآثار، وعلى ما كان يشاهد من مبانٍ في أقطار المغرب العربي، قديمها وحديثها، أنه كان دقيقَ النظر، دقيق الملاحظة فيما يرى ويشاهد، وكأنه اكتسب هذه الصفة من همِّه الأول، وهو التدقيق في المخطوطات كشفًا واطلاعًا، ووصفًا وتحقيقًا ودرسًا.

ولم يهمل المؤلف في رحلاته الحركة الثقافية في بعض بلاد العرب، خاصةً أقطار المغرب العربي؛ فهو يقرر أن الصلة الثقافية بينها وبين المشرق العربي صلة واهنة؛ بل معدومة؛ بسبب الحدود بينهما، وكثير من القيود والتعقيدات والأحوال السياسية، الأمر الذي جعل الفكرَ العربي في دائرة ضيِّقة، والنشاط الثقافي بينهما مقطوعًا.

ويذكر في هذا المجال المؤسسات الثقافية، ومدى نشاطها في نشر الكتب العربية[74]، ويشير إلى المجلات الثقافية والصحف التي تصدر عن تلك الأقطار، ويعلِّق على بعض مقالات تلك المجلات، ويتابع تطور الفنون الأدبية كالقصَّة والمقال الأدبي[75].

4 - المجتمع الأوربي والعربي:
ولا نعدم في هذه الرحلات، برغم بعدها عن هدفه الأول، إعجابه بمظاهر التقدم الحضاري في أوروبا وغيرها، وما شاهده فيها من أنظمة وإنجازات إدارية ناجحة، مع ما نجده من نظرات ثاقبة، ونقدات صائبة في صميم حياتهم الاجتماعية، يدخل مدينة فرانكفورت (ألمانيا) لأول مرة، فيندهش ويقول: "أبرز مظهرٍ لفَتَ نظري في هذه المدينة محطةُ سكة الحديد التي يتفرع منها عشرات الخطوط الحديدية، والحركة الهائلة في تلك المحطة"[76].

وفي إستانبول يعجب بشباب تركيا المنهمك بالقراءة والدرس، فقلَّ ما كان يزور مكتبة فيها إلاَّ يجد الأمكنة المخصصة للمطالعة مزدحمةً بالشباب من فتيان وفتيات، يشاهدون منهمكين في المطالعة أو النَّسْخ[77].

ولكنه لم ينبهر، ولم يعشُ بصره بهذا التقدم الأوروبي، فيرصد بعضَ سلبيات حياتهم مما لا يرضى عنه، فهو في الوقت الذي يعجب بالتقدم في ألمانيا ينقد الحياة السياسية فيها، ويؤاخذهم لعلاقتهم بإسرائيل، وما دفعوه لها من تعويضات[78].

ويتغلغل في عادات الأوروبيين في بلادهم، ويُبدي رأيًا مخالفًا فيما يقال عن حسن معاملتهم وأمانتهم ونظافتهم، ويضرب الأمثلة من مدينة لَيْدن بهولندا[79]، ومن سكان باريس ولندن من طبقات الشعب، ومن حياتهم العامة، يشكو من زيادة الحساب في مطعم، ومن قلة النظافة في مطعم آخر، ويشاهد فأرة على مقربة من سور حديقة صغيرة تقفز أمام ابنته، مع كثرة القطط والكلاب، ولا يعجبه من عاداتهم ما كان يراه في الصباح الباكر من قيادتهم لكلابهم يطلقونها في الشوارع تفعل ما تشاء[80].

ويكشف عن رأيه هذا بصراحة، يقول: "وليس صحيحًا ما يقال عن نزاهة الأوروبيين وغيرهم، ولا عن حسن معاملاتهم على الإطلاق"[81]، ويكرر هذا الرأي بقوله: "توهمتُ - وخطأٌ ما توهمتُه - أن ما يقال عن نزاهة الغربيين في معاملاتهم كان حقًّا"[82]، والحق أنه لا يخص الأوربيين دائمًا بهذه الصفات، وإنما يعيدها إلى طبيعة الإنسان حيث كان، يقول: "فالمرء لا يعدم في أية بقعة من بقاع الأرض، من يحاول خديعته وغشَّه"[83].

وكانت بعض هذه المشاهد والنقدات في المجتمع الأوروبي وغيره، تُعيده إلى واقع بلاده العربية، ليقارن فيها أوضاعًا بأوضاع، ويسجِّل ما في أقطار العرب من سوء الإدارة، وسوء المعاملة والخدمات لمواطنيها وزوَّارها، وقلة الأمانة، وطلب الهدايا والرِّشوة، ويحزُّ في نفسه ما وَجَد عليه شبابَ العرب من ظروف سيئة، ويلاحظ كثرة المقاهي في الأقطار العربية، وازدحامها بروَّادها من الشباب العاطل عن العمل[84].

5- آراؤه وطباعه:
ونعلم من الكتاب بعضَ آرائه ومعتقداته في مسائل دينية، وإقباله على العلم، وخدمة أصدقائه في سبيله، وتعليقات علمية في اللغة والأنساب والجغرافيا، لا تخلو من فوائد.

ويدهشنا ما له من أفكارٍ متقدمة، وآراء جريئة، وهو إيمانه بأن يتَّجه رسم الكلمة العربية عند كتابتها على نحو ما نقرؤها، ويدعم رأيه هذا بما وجده في نصوص العلماء المتقدمين من أقوال تدل على كتابة الكلمة كما تقرأ؛ فالقواعد الإملائية - هذه - وسيلة لصحة القراءة، وليست غاية[85].

ولقد أخذ يطبق هذا الرأي في كتابته بجرأة واقتدار؛ فهو يكتب اسمَي ابنتيه: سَلْوَا ومُنَا، وكذلك الاسم يَحْيا، بألفات ممدودة، مع علمه بالقاعدة السائدة التي ترسمها بألفات مقصورة؛ ولكنه يؤثِر كتابتها كما ننطقها؛ رفعًا للخطأ، ودفعًا للبس عند قراءتها، ويشيع هذا التطبيق العملي لقاعدته بهذه الصور الجديدة في أكثر من موضع من كتابه[86]، ولا شك في أنه لو أخذنا بهذه القاعدة على إطلاقها، لحللنا كثيرًا من صعوبات الكتابة العربية، وسهَّلنا الأمر على أطفالنا وناشئتنا على وجه الخصوص.

والعجيب أننا نجد المؤلف في كتابه - وهو صاحب هذا الرأي الأصيل - حين ينقل نصًّا من نصوص المخطوطات، يرسم بعض كلماتها برسمها القديم، على نحو ما يجد صورتها الإملائية في النص، وَرَدَ مثلُ هذا في أكثر من موضع من الكتاب، مثل كلمة (إسماعيل) التي يرسمها بدون ألف بعد الميم[87]، والمؤلف سيِّد من يعلم أن من أسس قواعد تحقيق النصوص أن تُكتب الهيئة الإملائية لكلمات النص بصورتها الحديثة على نحو ما نكتب في الوقت الحاضر، ولا تختلف مناهج التحقيق الحديثة - مهما تنوعت - في هذه القاعدة، ولا نجد من يتشدَّد بالرسم القديم إلا حين يكتب الآيات القرآنية، كما لا نجد فائدة تُذكر في إبقاء النص على رسمه الأول، خاصة لو وضعنا نصب أعيننا التوجُّه إلى مطابقة الكتابة باللفظ، آخذين بقول المؤلف: إن القواعد الإملائية وسيلة لصحة القراءة، وليست غاية.

وله رأي موفَّق في التصوف المنحرف، والذي هو أقرب إلى الخمول منه إلى الحياة، ويهاجم زوايا الذِّكْر، فالمؤلف - بجانب أنه رجل دين وعلم - رجل دنيا وعمل، يؤمن بقوة الأمة في كل زمان؛ حتى تستطيع أن تشق طريقها في حياةٍ مِلْؤُها التقدمُ بالعلم والعمل، بعيدًا عن الخرافات.

في معرض حديثه عن القرن الحادي عشر الهجري في الوطن العربي، الذي عَمَّه الركودُ الفكري آنذاك، يعيد سببَ ذلك إلى شيوع ظاهرة التصوف، التي هي - في رأيه - ظاهرةٌ أقرب إلى الخمول منها إلى الحياة[88]، وفي تضاعيف تعليقاته على النشاط الثقافي في بعض البلدان العربية، ينقد تصوفَ ابن عربي؛ لأنه يدعو للخنوع والاستكانة، ويقارنه بشيخ الإسلام ابن تيمية - وهو عدو التصوف المنحرف - الذي كان يدْعو للقوة، وينهي تعليقه هذا برأي سديد، بقوله: "وما أحوجنا إلى القوة في كلِّ زمان"[89].

ولا شك في أن الشيخ حمدًا متأثرٌ بتوجُّه ابن تيمية، المتوفى 728هـ، وتلميذه ابن قيم الجوزية، المتوفى 751هـ، في موقفهما الشديد من الصوفية المنحرفين عن جادة الإسلام الصحيح، والبعيد عن منهج القرآن الكريم[90]، وطبيعي أن يحمل المؤلف - وهذا رأيه - على زوايا الذِّكْر مما له صلة بالتصوف، يقول: "وزوايا الذِّكْر أفضل منها المساجد التي أَذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه"[91]، ومن هذا القبيل نعرف رأيه في إقامة المساجد على القبور، والبناء عليها، وتزويقها وزخرفتها والكتابة عليها، كلها من الأمور المحرَّمة، ويذكر هذا في أكثر من موضع[92].

وكان مُحِبًّا للعلم، والحديث في موضوعاته، وكان ينغمس في حديثه مع العلماء ويستمتع به، وينسيه هذا صخبَ الحياة في المدن الأوروبية الكبرى، فينعم مع عالمين عربيين الْتقى بهما بحديث مطوَّل في أغوار التاريخ، ويمضي - كما يقول - سويعات سعيدة بهذا الحديث، بعيدًا عن مباهج باريس ومفاتن الحياة فيها[93].

وفي تونس يلتقي بالأصدقاء من المشتغلين بالتراث، فتنحصر أحاديثُه معهم فيه، وفيما يتَّصل به، ويسترسل استرسالاً يجعله لا يشعر بمرور الوقت حتى ينتصف الليل[94]، وكان بجانب ذلك متواضعًا تواضع العلماء، لا يأنف - وهو العالم - أن يسأل علماء البلاد التي يزورها عن فائدة يفيد منها، أو عن نسخ مخطوطة، أو نسبتها لمؤلفيها[95].

ومن باب حبِّه للعلم، وحديثه عنه، اهتمَّ بالِغَ الاهتمامِ بأصدقائه وتلاميذه من المشتغلين بالتراث، وكان وفيًّا لهم، كريمًا معهم، وفي فكره دائمًا أخبارهم العلمية، وما يحتاجون إليه من نسخ المخطوطات، وكان في تجواله للبحث عنها يصوِّر ما يحتاجه ذلك الصديق، أو أحد التلاميذ، دون أن يكون قد طلبه منه، ويهديه المصوَّرة دون مقابل، أو كان - على أقل تقدير - يكتب إلى الصديق أو التلميذ بفائدة وجدها، وهو يعلم أنها تهمُّه، أو يبعث إليه بخبر عن نسخة عثر عليها، أو ملاحظة يفيد منها[96].

ويذهب كَرَمُهُ العلميُّ، ورغبته الجامحة في خدمة العلم إلى أبعدَ من هذا، فيطلع في مكتبة أيا صوفيا بإستانبول على مخطوطة "العلل ومعرفة الرجال"، للإمام أحمد بن حنبل، وكان الجزء الأول منه قد صدر في أنقرة محققًا عن هذه النسخة الوحيدة، ولاحظ أن صعوبة قراءتها قد أوقع المحققين في كثير من التحريف، ويعلم أن من هذا الكتاب قطعة محفوظة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، فيبعث إلى صديقه هناك ليرسل إليه صورتها، ويقوم هو بدوره فيدفعها إلى المحققين؛ ليستعينا بها في تقويم معوج الجزء المطبوع[97].

ونلقى في كتابه تعليقاتٍ متناثرةً، وخواطرَ عابرةً مبثوثة تأتي مناسبة لمقتضى الحال، وفي هذه التعليقات فوائدُ لغويةٌ مما يدخل في علوم اللسانيات، منها ما يشير إلى نطق بعض الحروف في الأقطار العربية، ويقارنها بنطقها كما رُصدت في كتب التراث[98]، ومن هذا الباب اللغوي يعجبه استعمال المغاربة لكلمة (الحافلة)، ويقصدون السيارة الكبيرة لنقل المسافرين، ويبادر في استخدامها في كتاباته، يقول في هذا الصدد: "وهو اسم عربي اختير؛ ليحل محل كلمة (أوتوبيس) أو (لُوري) في بعض البلاد العربية، وليت اسم الحافلة يستبدل بذينك الاسمين؛ فهو أجمل منهما، وأسهل نطقًا"[99].

وفي الكتاب فوائد في الأنساب حول آل الطبري وآل ظهيرة، وهم من علماء مكة المعروفين، وفوائد جغرافية حين يذكر سوقًا من أسواق مكة، وحين يسمِّي المدن الكبرى بالمغرب الأقصى، وعدد سكانها[100]، وفوائد اقتصادية تكشف عن أحوال البلاد في هذا الميدان[101].

ويتَّضح في ثنايا الكتاب ميولُه الوطنية، وأخلاقه وطِباعه، ومسلكه مع الناس، كان انتماؤه العربي ظاهرًا، فحين يمرُّ به شابٌّ مغربي كان قد تعرَّف إليه في باريس، يقول: "مرَّ بنا أخونا العربي المغربي"[102]، فهو يحرص على ذكر صفة الشاب المغربي العامة، وهي انتسابه إلى العرب، ويتضح انتماؤه هذا أكثرَ حين يزور الجزائر، فيحزن لتغلغل اللغة الفرنسية فيها[103]، ويبتهج حين يراها تسير قدمًا نحو عروبتها وإسلامها، وتبعد عن المظهر الفرنسي، متجهة إلى المظهر العربي، وينشد أبياتًا يحفظها للإمام المصلح عبدالحميد بن باديس، يقول فيها[104]:
شَعْبُ  الجَزَائِرِ   مُسْلِمٌ        وَإِلَى  العُرُوبَةِ   يَنْتَسِبْ
مَنْ قَالَ حَاد عَنَ  اصْلِهِ        أَوْ قَالَ ذَابَ فَقَدْ كَذَبْ
أَوْ   رَامَ   إِدْمَاجًا    لَهُ        رَامَ المُحَالَ مِنَ  الطَّلَبْ
ومن طباعه أنه يغلب عليه الانقباضُ عن الناس، والرغبةُ في عدم مخالطتهم، يقول ذلك بنفسه: "يغلب على طبعي الانقباضُ وعدم الرغبة في مخالطة الناس"[105]، ولهذا اتَّصف أيضًا بخفة الظلِّ، وأبعد ما يكون عن الثقلاء، وكان لا يحب أن يثقل في رحلاته على أحد من معارفه، فيخفي اسم الفندق الذي يقيم فيه؛ ليتجنب إشغاله، أو الاستجابة لإكرامه في طعام أو غيره، ولم يكن يستجيب إلاَّ عند الضرورة القصوى، أو للتخلص من عتاب[106].

ومن صفاته اللازمة له أنه كان فكه الروح، لا يفقد هذه الروح في أحْلكِ الأوقات وأضيقِها، وكان يبتدع صورًا مضحكة ولو كانت على نفسه، وكأن طبعه الفكه يغلبه، فلا يضيع الفرصة لقولها، وتظهر مثلُ هذه المواقف الساخرة في أكثر من موضع من كتابه، وكأنها تجيء تخفيفًا لجدية الموضوع الأول فيه، وتحمل كثيرًا من معاني شخصيته البسيطة المتواضعة، البعيدة عن كل تعقيد، يقول حين لم يستطع الحصول في لندن بعد مشقة وطول عناء إلاَّ على غرفة صغيرة في فندق، ذات سرير صغير: "فرميت بجسمي فوق ذلك السرير القصير، وتقرفصتُ فيه - مع قصري - فاستغرقت في نوم عميق حتى الساعة السابعة"[107].

ويستعد لحضور مؤتمر المستشرقين في باريس، في يومه الأول، فيرتدي حلَّة جديدة، وكان حذاؤه قديمًا، كالح اللون، يبدو كجلد الأجرب، يقول في هذه الهيئة المتناقضة: "وكنت من تأثير ما أحسستُ به من عدم التناسق في لباسي أنْ سرت أركِّز نظري في أحذية من أُشاهده في الطريق؛ لعلِّي أرى من يماثلني، وكنتُ أتصوَّر أن كلَّ إنسان يقابلني يفعل فعلي، بلغنا مكان الاجتماع، ولحسن الحظ لم أجد واحدًا ينظر إلى وجهي، فضلاً عن قدمي؛ كل واحد منهم مشغول بشأنه"[108].

ويرسمه رسام في مطعم بباريس، ويهديه الرسم، فلما رأى صورته تداعى إلى ذهنه قصةُ الجاحظ والصائغ والشيطان[109]، وفي موقف آخر يستحضر في ذهنه قصة مشهورة لجحا، وغيرها[110].

7- أسلوبه وأدبه:
أما أُسلوبه حين يكتب، فهو أسلوب أديب، تأتي ألفاظُه عفوية، لا يقصد اختيارها أو انتقاءها، وعباراته سلسلة تأتي من باب السهل الممتنع، وأكثر ما يظهر أسلوبه الأدبي في الوصف المبثوث في تضاعيف الكتاب، ونراه ينمُّ حينئذٍ عن أديب حقًّا، كان يحسن الوصف فيما يرى في رحلاته من مدنٍ ومشاهدَ، وهو وصفٌ واقعي بعيد عن الوصف الخيالي الممجوج، ويأتي وصفه عامًّا، مقتضبًا حينًا، وملمًّا شاملاً أقل اقتضابًا حينًا.

ومن أوصافه العامة شديدة الإيجاز، قوله: "مدينة الإسكوريال من أجمل المدن وأنظفها؛ فهي واقعة في سفح جبل، وتحيط بها الحدائق، وفيها مطاعم نظيفة، وأخرى شعبية"[111]، ومثله وصفه من الطائرة غرب أوروبا وشمالها وصفًا عامًّا بعبارات موجزة، يقول: "تكاد المناظر التي يشاهدها راكب الطائرة تكون متشابهة، أراضٍ منبسطة ممتدة امتداد النظر، مكسوة بالنبات، وجبال قليلة الارتفاع، وتلال مستطيلة، وأنهار وبحيرات وأودية"[112].

وأجمل من هذا حين يصف الطريقَ إلى مطار فرانكفورت في ألمانيا، بشيء من البسط، بقوله: "ومرت الثلاث الساعات كلمح البصر، فقد كان الجو صافيًا، والبصر يمتدُّ إلى نهايته، متنقلاً بين غابات كثيفة بالأشجار الباسقة، وتلال مكسوة بالنباتات المختلفة الألوان، وأودية تزدان بانسياب المياه في أغوارها، وحقول منسقة، وقرى صغيرة وكبيرة منتشرة بمبانيها الجميلة في سفوح التلال وفي أعاليها"[113].

ولعلَّ من أجمل أوصافه للمدن والمشاهد، ما وصف به مدينة مرَّاكش بقليل من التفصيلات، نجتزئ منها بهذا القدر، يقول: "مرَّاكش - خارج المدينة القديمة - فسيحة الأرجاء، كثيرة الميادين والحدائق، واسعة الشوارع التي تزين جوانبَها الأشجارُ الكثيرة، ومنها ما هو مثمر كشجر النارنج، وتكثر (أشجار) النخيل عند مدخلها، ولكنها من النوع الذي لا يثمر، وقلَّ أن يرى المرء بيتًا لا حديقة له، ومع قربها من الجبال فهي شديدة البرودة، وأسواقها رطبة؛ بسبب كثرة الحدائق بداخلها، ومع ذلك فقد شاهدت السَّقَّاء بقربته يرش أرض السوق الكبير في المدينة القديمة"[114].

وأكثر ما يميز كتاباتِه كثرةُ محفوظه من الأشعار والأمثال، ويأبى محفوظُه من الشعر إلا أن يبدو للقارئ في كل موقف ومناسبة، كان يركب (الحافلة) إلى مدينة مراكش، فتثير مشاهدُ الطريق أشجانَه، فيرى المنظر يشابه بلاده لولا خصوبة هذه الأرض، ولكنه يتحسَّر - وهو ابن الصحراء - على صحراء الجزيرة العربية، التي أوشكت مظاهر البداوة أن تزول منها؛ بسبب الجفاف وقلة الأمطار[115]، وينشد حينئذٍ إطراء أبي العلاء المَعَرِّي البداوةَ، وهي أبرز مظاهر الصحراء، بقوله:
المُوقِدُونَ    بِنَجْدٍ     نَارَ     بَادِيَةٍ        لاَ يَحْضُرُونَ وَفَقْدُ العِزِّ فِي الحَضَرِ
وينشد كذلك قول أبي الطيب في جمال فتيات الصحراء:
أَفْدِي ظِبَاءَ  فَلاَةٍ  مَا  عَرَفْنَ  بِهَا        مَضْغَ الكَلاَمِ وَلاَ صَبْغَ الحَواجِيْبِ
7- خاتمة:
وهكذا أتينا على هذا الكتاب النفيس عرضًا وتحليلاً، وليس لي عليه إلاَّ مأخذان، أو عتابان:
الأول: ما يصادفه القارئ من أخطاء مطبعية بين الحين والحين، ولعلَّ هذا قد جاء من أحد تلاميذ أو مريدي الشيخ الجليل، الذي نهد بتصحيح تجارب الطباعة، فقام ببعض واجبه، وهو أمر - على كل حال - هيِّن يمكن تداركه في طبعة مقبلة.

أما العتاب الثاني: فهو متعلِّق بما جاء على غلاف الكتاب من أنه الجزءُ الأول، وبهذا يتضح أنه طال الانتظار للجزء الثاني، الذي نتمنى أن نراه في وقت غير بعيد، شريطة أن يكون أيضًا في رحلاته العلمية؛ للانتفاع به على نحو ما انتفعنا بهذا الجزء، وقد كان هدفي من هذا العرض إظهار ما حواه من فوائد لا حصر لها، مع تكريم متواضع للمؤلف لقاء ما قدَّم من جهد كبير في سبيل خدمة التراث العربي.
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] "الرحلات"، د. شوقي ضيف، ص 5، 6، دار المعارف، القاهرة، ط 4، 1987م.
[2] "رحلات حمد الجاسر"، ص158.
[3] المصدر السابق، ص191.
[4] المصدر السابق، ص219 - 220.
[5] المصدر السابق، ص 207.
[6] المصدر السابق، ص 93، وانظر: ص 78.
[7] انظر مثلاً: المصدر السابق، ص 16 وما بعدها.
[8] المصدر السابق، ص344، وانظر: ص336.
[9] المصدر السابق، ص 320.
[10] المصدر السابق، ص325.
[11] انظر مثلاً: المصدر السابق، ص 124 وما بعدها.
[12] المصدر السابق، ص125 - 128.
[13] المصدر السابق، ص19.
[14] المصدر السابق، ص 213.
[15] المصدر السابق، ص 313.
[16] المصدر السابق، ص 162، وانظر: أيضًا ص 169، 335.
[17] المصدر السابق، ص 202.
[18] المصدر السابق، ص 178، وانظر أيضًا: ص154.
[19] المصدر السابق، ص178.
[20] المصدر السابق، ص 155.
[21] المصدر السابق، ص 155.
[22] المصدر السابق، ص 141.
[23] المصدر السابق، ص 129.
[24] المصدر السابق، ص 175، وانظر أيضًا: ص 285.
[25] المصدر السابق، ص141.
[26] المصدر السابق، ص 159، 162، 334.
[27] المصدر السابق 248.
[28] المصدر السابق، ص 78.
[29] المصدر السابق، ص20.
[30] المصدر السابق، ص 188، وانظر: ص 131.
[31] المصدر السابق، ص 161.
[32] المصدر السابق، ص 74، 103 - 105.
[33] المصدر السابق، 314.
[34] المصدر السابق، ص 113 - 114.
[35] المصدر السابق، ص 79.
[36] المصدر السابق، ص 148، 149.
[37] المصدر السبق، ص 188.
[38] المصدر السابق، ص 173.
[39] المصدر السابق ، ص152.
[40] المصدر السابق، ص 89. ونص الزياني من كتابه في ص 280.
[41] المصدر السابق، ص 188.
[42] المصدر السابق، ص 146.
[43] المصدر السابق، ص 292، انظر: ص 133.
[44] المصدر السابق، ص 22، 79.
[45] المصدر السابق، ص 264.
[46] المصدر السابق، ص 168.
[47] المصدر السابق، ص58 وما بعدها.
[48] المصدر السابق، ص 312.
[49] المصدر السابق، ص233.
[50] المصدر السابق، ص 334.
[51] المصدر السابق، ص 293.
[52] المصدر السابق، ص 148.
[53] المصدر السابق، ص 345.
[54] المصدر السابق، ص 211، وانظر: ص 38.
[55] المصدر السابق، ص 272، 284.
[56] المصدر السابق، ص 296.
[57] المصدر السابق، ص 211؛ "العرب"، انظر عن مؤلفه هذا كتاب "رحالة غربيون في بلادنا"، ص 101 - 192.
[58] المصدر السابق، ص273.
[59] المصدر السابق، ص 283؛ "العرب"، وانظر عنه كتاب "رحالة غربيون في بلادنا"، ص 368.
[60] المصدر السابق، ص272.
[61] المصدر السابق، ص 285.
[62] المصدر السابق، ص 275.
[63] "نور القبس المختصر من المقتبس"، للمرزباني، اختصار الحافظ اليغموري، ط. فيسبادن، 1964م.
[64] "رحلات حمد الجاسر"، ص314، 315.
[65] المصدر السابق، ص 317 - 318.
[66] المصدر السابق، ص310 - 311.
[67] المصدر السابق، ص 221.
[68] المصدر السابق، ص 323.
[69] المصدر السابق، ص 325.
[70] المصدر السابق، ص266.
[71] المصدر السبق، ص 326.
[72] المصدر السابق، ص 98.
[73] المصدر السابق، 93.
[74] انظر، على سبيل المثال: ما ذكره من مؤسسات المغرب الأقصى، في "رحلات حمد الجاسر"، ص44 - 51.
[75] "رحلات حمد الجاسر"، ص33 وما بعدها.
[76] المصدر السابق، ص 258.
[77] المصدر السابق، ص 136.
[78] المصدر السابق، ص260.
[79] المصدر السابق، ص216.
[80] المصدر السابق، ص293.
[81] المصدر السابق، ص 323.
[82] المصدر السابق، ص 321.
[83] المصدر السابق، ص 323.
[84] المصدر السابق، ص 21، 41، 298.
[85] المصدر السابق، ص 231.
[86] انظر "رحلات"، ص 231، 279، 295، 306، 323، ويُذكَر أنه بقي على هذا الرأي إلى يومنا هذا؛ بل وسَّع تطبيقه وأمثلته وشواهده في مجلته الغرَّاء "العرب"؛ انظر المجلة، العدد 3، ط (معا)، رمضان - شوال 1416 هـ/ شباط - آذار 1996م ، ص 263 وما بعدها.
[87] المصدر السابق، 24.
[88] المصدر السابق، ص53.
[89] المصدر السابق، ص55.
[90] "مدارج السالكين"، لابن قَيَّم الجوزية، 1/7، تحقيق محمد حامد الفقي، ط 1375هـ/ 1956م.
[91] "رحلات حمد الجاسر"، ص 75، وعبارته إشارة إلى الآية 36 من سورة النور.
[92] "رحلات"، ص 92، 112، 135، 136.
[93] المصدر السابق، ص319.
[94] المصدر السابق، ص 106.
[95] المصدر السابق، ص 245.
[96] انظر "رحلات"، ص26 ،95، 331.
[97] المصدر السابق، ص 149.
[98] المصدر السابق، ص30.
[99] المصدر السابق، ص84.
[100] المصدر السابق، ص 97، 186، 187.
[101] انظر مثلاً: "رحلات"، ص12.
[102] المصدر السابق، ص 294.
[103] المصدر السابق، ص33 وما بعدها.
[104] المصدر السابق، ص 21.
[105] المصدر السابق، ص 251.
[106] المصدر السابق، ص29، 66؛ وانظر أيضًا: ص 344.
[107] المصدر السابق، ص 219.
[108] المصدر السابق، ص 296.
[109] المصدر السابق، ص 308، 309.
[110] المصدر السابق، ص 300، 301.
[111] المصدر السابق، ص 326.
[112] المصدر السابق، ص271.
[113] المصدر السابق، ص 258.
[114] المصدر السابق، ص 87.
[115] المصدر السابق، ص 86.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من الأجزاء المخطوطة النادرة
  • سلسلة التعريف بالمخطوطات (1)
  • سلسلة التعريف بالمخطوطات (2)
  • الرحلات
  • نحو علم مخطوطات عربي (عرض)
  • عصام الشنطي شيخ مفهرسي المخطوطات
  • من مجالس عالم الجزيرة الشيخ حمد الجاسر
  • كتاب (العربية والتراث)
  • إحياء التراث
  • رسالة إلى محققي التراث

مختارات من الشبكة

  • هولندا: فريق اليقين ينظم رحلة عمرة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الصين: تنظيم رحلات طيران لخدمة 14 ألف حاج(مقالة - المسلمون في العالم)
  • رحلات المستشرقين مصدرا من مصادر المعلومات عن العرب والمسلمين (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • رحلات ومشاهدات في الوطن العربي والأندلس (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رحلات ومشاهدات سائح في البلاد الأوروبية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من وحي رحلات إلى الولايات المتحدة الأمريكية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رحلات ومشاهدات في شرق آسيا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رحلات وذكريات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رحلات ثقافية لبلدان عربية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رحلات ابن كثير في الدعوة وطلب العلم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب