أنواع الكتب التي ألفت عن الرسول صلى الله عليه وسلم

أنواع الكتب

التي ألفت عن الرسول صلى الله عليه وسلم

تمهيد:

المقصود بالخصائص:

لا بد لنا من كلمة موجزة عما كتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نحدد المقصود بالخصائص.

ومن المعلوم أن ما كتب عنه صلى الله عليه وسلم لا يمكن إحصاؤه لكثرته وتنوع موضوعاته. وقد بدأت عملية الكتابة بجمع عام تناول كل ما يتعلق به، ثم بدأت عملية التمييز، بحيث انضوى كل نوع تحت عنوان خاص به يميزه عن غيره.

فكان من نتيجة ذلك ظهور فرعين كبيرين: السنّة، والسيرة.

الأول: السنّة.

السنّة أو علم الحديث، ويتناول أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته. وما تفرع عن ذلك من علوم شتى. غايتها الثبت من صحة النص ونفي الكذب عنه والدخيل.

ولهذا كان: "علم الحديث أوسع العلوم على الإطلاق:

• ولتقريب الطريق للوصول إلى علومه، وضع المحدثون علم الفهرسة والفهارس..

• ولمعرفة متن الحديث لفظاً، وضعوا الأطراف.

• ولمعرفته لغة، وضعوا المعاجم.

• ولمعرفته حكماً، وضعوا الجوامع.

• ولمعرفة سند الحديث جرحاً وتعديلاً، وضعوا معاجم الرجال.

• ولمعرفته صحة وضعفاً، وضعوا التخاريج.

• ولمعرفته اصطلاحاً وضعوا أصول الحديث.."[1].

ولكثرة كتب السنّة وعلوم الحديث، الأمر الذي يصعب معه الإلمام بها، قام العلاّمة محمد بن جعفر الكتاني (ت 1345هـ) بوضع رسالته المشهورة للدلالة على هذه الكتب وقد أسماها: "الرسالة المستطرفة، لبيان مشهور كتب السنّة المشرفة" وقد اشتملت على أربعمائة وألف كتاب من مشهور كتب علوم الحديث، وعلى قريب من ستمائة ترجمة من مشهور تراجم علماء الحديث.

الثاني: السيرة.

وتتناول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء من ولادته وحتى وفاته، بحسب التسلسل الزمني، وتعرج على بيان سلوكه في تلك الوقائع والأحداث، وما صاحب ذلك من معجزات ودلائل على نبوته صلى الله عليه وسلم، مع بيان للمعارك التي خاضها. والاتفاقات التي أبرمها، وبيان للوفود التي وفدت عليه.. إلخ.

وقد تفرعت الكتابة في السيرة أيضاً إلى فروع متنوعة، تناول كل واحد منها جانباً معيناً من سيرته صلى الله عليه وسلم، واستقل تحت عنوان خاص به.

ومن ذلك:

1- المغازي:

والمراد بها غزوات النبي صلى الله عليه وسلم:

وقد اقتصرت بعض الكتب على بيان هذا الجانب من حياته صلى الله عليه وسلم.

وأشهر ما ألف في هذا الباب: "مغازي ابن إسحاق" و"مغازي الواقدي".

وقد ذكر الدكتور المنجد في كتابه "معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثلاثة وثلاثين كتاباً، كلها يحمل هذا العنوان.

2- السير:

وهذا النوع من الكتب يلتقي مع كتب المغازي في ذكر الغزوات. إلا أنه يعرج على الأحكام الفقهية المستنبطة من ذلك. من عرض الإسلام على الأعداء قبل بدء القتال، وكيفية توزيع الغنائم، وأحكام الجزية، وأحكام الذميين، وأحكام الأمان...

ومما ألف في هذا الباب: "السير" للإمام الأوزاعي، و"السير الكبير" و"السير الصغير" للإمام محمد بن الحسن الشيباني.

3- دلائل النبوة:

وتحت هذا العنوان أفرد المؤلفون، كل ما فيه دلالة على نبوته صلى الله عليه وسلم من أحداث أو أخبار أو معجزات، ومن الكتب المشهورة في هذا الباب كتاب: "دلائل النبوة" لأبي نعيم الأصفهاني، و"دلائل النبوة" للإمام البيهقي.

وقد ذكر الدكتور المنجد أكثر من أربعين كتاباً تحت هذا العنوان.

4- الخصائص:

وقد تناول المؤلفون تحت هذا العنوان، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم مختصاً به. مثل كونه خاتم النبيين، ونزول القرآن عليه، واختصاصه بعدم التقيد بعدد الزوجات، وما اختصت به هذه الأمة من جعل الأرض مسجداً وطهوراً.

وللسيوطي كتاب كبير في هذا الباب معروف باسم "الخصائص الكبرى".

وقد ذكر الدكتور المنجد ثلاثين كتاباً في هذا الباب.

5- السيرة النبوية:

ويشمل هذا النوع من الكتب ذكر حياته صلى الله عليه وسلم ابتداء من الولادة، وحتى الوفاة، وأشهر الحوادث، بما في ذلك الغزوات. ومن أشهر الكتب في هذا الباب: "السيرة النبوية" لابن هشام. والكتب في هذا الباب كثيرة. استغرق ذكرها من كتاب الدكتور المنجد أكثر من ثلاثين صفحة.

6- حقوق النبي صلى الله عليه وسلم:

ومن أشهر الكتب في هذا الباب كتاب: "الشفا في تعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض. وأكثر الكتب في هذا الباب، هي شروح لهذا الكتاب.

7- الشمائل والأخلاق:

وقد تناول المؤلفون تحت هذا العنوان أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه. وكذلك وصف جسمه والأدوات التي كان يستعملها. ومن أشهر الكتب في هذا الباب كتاب: "الشمائل" للإمام الترمذي، وكتاب: "الأنوار في شمائل النبي المختار" للبغوي.

وإذا كانت هذه الكتب قد أفردت لكل موضوع أبوابه الخاصة به، فكثيراً ما يحصل التداخل بينها. فكتب السنّة تشتمل على أحداث السيرة، وفي كتب السيرة كثير من الأحاديث، وكتب الشمائل كثيراً ما تناولت المعجزات والخصائص، وهكذا.

والسبب واضح في هذا الأمر، وهو أن جميع هذه الكتب موضوعها هو شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد تكون الواقعة الواحدة تشتمل على الخلق الكريم، وعلى الخصوصية، وعلى المعجزة.. وهكذا يتكرر ذكرها في الكتب المتنوعة[2].

وبعد تحديد موقع "الخصائص" على خارطة كتب السنّة والسيرة، أعود إلى بيان المقصود بالخصائص.

فالخصائص: جمع خصوصية. وهي ما انفرد به صاحبه دون غيره.

والخصائص في اصطلاح الفقهاء وكتَّاب السيرة تطلق على ثلاثة أمور:

الأول: المسائل التي انفرد بها صلى الله عليه وسلم في الحكم عن عامة المسلمين.

والمثال على ذلك: إباحة تعدد الزوجات إلى أكثر من أربع.

الثاني: المسائل التي انفرد بها صلى الله عليه وسلم في الحكم عمن سبقه من الأنبياء.

والمثال على ذلك: إباحة الغنائم له ولأمته، ولم تحل لنبي قبله.

والثالث: ما خصَّ به تشريفاً وتفضيلاً منه سبحانه وتعالى له.

والمثال على ذلك: عموم رسالته في الدنيا: والشفاعة في الآخرة.

يضاف إلى ذلك:

ما خصت به أمته صلى الله عليه وسلم إكراماً له، وبانتسابها إليه. مثل كونها شاهدة على الأمم يوم القيامة.

وبناءً على هذا التفصيل: فإن الخصائص في جملتها ترجع إلى نوعين:

1. خصائص الأحكام.

2. وخصائص الفضائل.

وقد يجتمع في الخصوصية الواحدة الأمران معاً.