• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

الإسلام ومشكلات النظام الزراعي (مقدمة)

الإسلام ومشكلات النظام الزراعي (مقدمة)
د. يوسف حسن سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/1/2016 ميلادي - 21/3/1437 هجري

الزيارات: 4259

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام ومشكلات النظام الزراعي

(مقدمة)


نظرة عامة: الإسلام وقضية العمران:

لكي يكون المدخل إلى البحث عقلانيًّا ومنطقيًّا، فلا بد من أن نبدأ بالنظر إلى الموضوع من الزاوية الواسعة على أن نرجع إلى المسار الضيق الذي يبدو مطلوبًا لهذه الندوة، خاصة وأنها موجهة إلى السودان بصفة محددة.

 

ففي الإطار الاقتصادي السياسي الكبير، لا بد لنا من البدء بالإشارة إلى العلم الحديث والمعروف باقتصاديات التنمية Economics of Development والذي أصبح من الركائز الهامة من تعليم الاقتصاد من الجامعات الأوربية والأمريكية، خاصة منذ الحرب العالمية الثانية، وانتشر منها إلى جامعاتنا ومعاهدنا، ولا شك أن كثيرًا من المثقفين عندنا في هذا الجيل قد التقوا به، ومنهم مَن تخصَّص فيه، وعلى أية حال لسنا بحاجة للإفاضة فيه بأكثر من الإشارة إلى بعض الجوانب التي تلتقي بموضوعنا، وخاصة مسألة التفاعل بين النظرة الفلسفية للإنسان والكون والحياة من ناحية، وبين التطور التاريخي للمجتمع على المدى الطويل من ناحية أخرى.

 

وذلك أن البحث في موضوع اقتصاديات التنمية المشار إليه يقودنا بدوره إلى النظر في حركة التاريخ بمعناها الواسع والتي في إطارها تجري التطورات الاقتصادية بمختلف أنشطتها الصناعية والزراعية والتجارية، وما يتبع ذلك من التحويلات الاجتماعية على مر الزمن[1].

 

فلا شك أننا جميعًا تساءلنا في طور أو آخر من أطوار التقائنا بالثقافة الغربية الحديثة، عن الأسباب التي أدت إلى التفوق الاقتصادي في الغرب، وأننا نحن المسلمين نعيش حتى اليوم على هامش النظام الاقتصادي العصري المتقدم، وأن الفجوة بيننا وبينهم كبيرة جدًّا بكل المعايير، ولا تزال في اتساع مستمر.

 

فإذا بحثت عن الإجابة على هذا التساؤل من خلال دراستك لما يسمى باقتصاديات التنمية، اصطدمت بتعليلات عجيبة لا تستطيع أن تستسيغها إذا ما احتكمت إلى معرفتك بالإسلام الذي تربيت عليه، حتى إذا كنت قد تعرضت لقراءة القرآن فقط على مستوى الخلوة، واستطعت أن تعيش معه فترة من الزمن ولو كانت وجيزة.

 

وذلك أن من أول ما يتعرض له الطالب لدراسة هذا العلم أنه يلتقي بنظريات كنظرية ماكس ويبر الاجتماعية التي اعتبروها هي المنطلق الفكري الأول للدخول في مثل هذه الدراسات، وهذا المفكر يدعي أن نقطة الانطلاق للتطور الاقتصادي الحديث في غرب أوروبا، إنما كان مردها لحركة الإصلاح الديني التي أفضت إلى نشأة مذهب البروتستانت المسيحي، وذلك أن اعتناقهم لفلسفة هذا المذهب وتخلقهم بأخلاقياته.

 

كان الحافز الأساسي لنشأة الروح التي دفعت عجلة التطور الاقتصادي من خلال النظام الرأسمالي والذي اعتمد على نزعات الادخار والاستثمار وكفاءة الإنتاج[2].

 

وقد أصبح هذا التعليل للتطور الاقتصادي من البديهيات المسلم بها عندهم في معالجة علم اقتصاديات التنمية الحديث، حتى ليشفق المرء المسلم من أن يكون الاستنتاج الطبيعي هو أن نعتنق هذا المذهب إن أردنا التنمية الاقتصادية التي من شأنها أن تؤدي إلى الرخاء والرفاهية التي ننشدها لبلادنا وأهلنا.

 

فإذا اندفع الدراس ليبحث في المكتبات الحديثة في الغرب؛ ليجد مخرجًا من هذا المأزق الفكري، تصيبه الدهشة عندما يلتقي ببعض الآراء المناقضة لرأي ماكس ويبر، فسيعثر مثلاً على كتاب ممفورد لويس[3] الذي يدعي أن تلك النهضة الاقتصادية إنما كانت منوطة بنشأة وانتشار الأديرة الكاثوليكية التي مهدت - في رأيه - بأساليبها في الضبط والربط لنظام المصانع الذي اعتمدت عليه الثورة الصناعية.

 

ثم إذا استمر في بحثه سوف تستبد به الحيرة عندما يلتقي بالرأي المناقض لهذين الرأيين تمام المناقضة والذي تقدم به ويرنر سومبارت[4] الذي قال:

إنما اليهود هم النصارى الذين تعهدوا نشأة الرأسمالية الحديثة بكل وسائلهم وفلسفاتهم (التي تتصل بديانتهم)، وبأخلاقياتهم التي تمكنوا من إدخالها في أوروبا، وبالتالي مهدوا بها للتطور الاقتصادي الضخم، بل دفعوه دفعًا، حتى أصبح النظام الاقتصادي كله يحمل بصماتهم في كل جانب من جوانبه، وبالتالي فإنهم هم المسؤولون عن التطور الاقتصادي الرأسمالي الذي أصبح هو السمة المميزة للحضارة الإنسانية المعاصرة والمهيمن عليها.

 

عند مجابهة هذه الأفكار لا بد للمسلم الذي يحمل في قلبه شيئًا ولو قليلاً من الغيرة على الإسلام، خاصة إذا كان ملمًّا بشيء من الثقافة الإسلامية، أن يفكر ويتأمل ويقارن، فهو إن فعل ذلك بحزم وجد، اكتشف أن النظام الفكري والفلسفي في الإسلام كفيل بكل ما يدعون أنه ضروري وأساسي للعمران، وذلك بدءًا من نظرة الإسلام إلى الإنسان والكون والحياة، ومن ذلك الآيات الكثيرة التي تؤكد أن كل شيء في هذا الكون مسخر للإنسان، وأن الإنسان خليفة الله في أرضه، ومن ذلك أيضًا الحث في القرآن والحديث على طلب العلم بكل الوسائل، ومن كل جهة ومن المهد إلى اللحد، وأنه مطلوب منه النظر في الكون لاكتشاف آيات الله فيه، ومن ذلك الحث على الضرب في الأرض وابتغاء الرزق من فضل الله.

 

هذا وإذا نظر كذلك إلى التطبيق العملي لهذه الأفكار حتى في مجتمعه الحالي مع تخلُّفه، يتبين له أننا لسنا في حاجة لنقل فلسفة للحياة من أي جهة كانت.

 

ولكن مع هذا فهنالك شيء محير، ولصاحبنا أن يتساءل:

وماذا دهانا إذًا؟ ولماذا نحن متخلفون؟ هذا تساؤل كبير لن نخوض فيه هنا، ولكن بغض النظر عن الإجابة على هذا التساؤل مباشرة، فلكي لا يصاب أحدنا باليأس والقنوط، عليه أن يكمل الصورة التي في ذهنه عن الإسلام وأثره على الحياة الاقتصادية بالاحتكام إلى التاريخ البعيد، ولسوف يرى العجب العجاب، وبما أن نقطة البدء التي قادت إلى هذا التساؤل هي ما يجري من تقدم اقتصادي، بل وعلمي في الغرب، فلننظر إلى جذوره التاريخية تمشيًا مع النظريات التي سلفت الإشارة إليها.

 

ولذلك فلا بد من البدء بما يسمى بعصر النهضة في أوروبا Renalssance؛ حيث كانت قاعدة الانطلاق إلى التقدم الاقتصادي الذي نشاهده اليوم.

 

والكتب التاريخية الأولية التي تعرضنا لها في مدارسنا الثانوية أو حتى التي تدرس في الجامعات حتى في الغرب، تصور هذه النهضة وكأنها حدثت في قفزة واحدة في القرن السادس عشر الميلادي، وأن مردها كان لاكتشافهم شبه المفاجئ لعلوم أسلافهم الأقدمين من الأوروبيين، خاصة الإغريق والرومان.

 

ولا يسع القارئ المفكر إلا أن يتساءل:

أولاً: كيف حدث ذلك؟ وثانيًا: لماذا حدث في ذلك القرن؟

فإذا تذرع بالصبر وتوسع في القراءة، فسيكتشف الحقيقة شيئًا فشيئًا، حتى يرجع بهذه النهضة إلى أصلها الحقيقي، كما سيأتي بعد قليل، وذلك أنه سوف يجد أنهم هم أنفسهم، كلما بحثوا في الأمر - ولو في شيء قليل من التجرد العلمي - اكتشفوا معلومات جديدة تجعلهم يرجعون بتاريخ هذه النهضة قرنًا فقرنًا إلى الوراء، ومن القرون التي وقفوا عندها طويلاً وشكَّلت مرحلة هامة لهذه القاعدة التي كان فيها المنطلق المشار إليه، نجد القرن الثاني عشر الذي يسميه بعض الكتاب «قرن الوعي المبكر»[5]، ثم يتوقفون مرة طويلة أخرى عند القرن العاشر الميلادي، وهنا يعترفون أكثر من ذي قبل بالتأثير المباشر للعالم العربي على أوروبا، علمه وأفكاره وتقنينه ويربطون ذلك - ولو في شيء من الغموض - بالحروب الصليبية، ثم نجدهم بعد ذلك يشيرون إلى الاتصال المستمر والمبكر بالأندلس وبجزيرة صقلية، في المغرب، بل وببغداد في المشرق، كما يذكرون تأثر أوروبا بهذه الاتصالات من كل الوجوه التقنية والعلمية والفلسفية، وحتى بالنسبة لحركات الإصلاح الدينية[6].

 

هذا ولدى التساؤل عن الجذور الفكرية والفلسفية والروحية التي شكلت الأساس للعلوم الطبيعية والإبداعات التقنية التي نقلتها أوروبا من المشرق والمغرب الإسلامي، وأصبحت من غير منازع هي بدء نهضتها، فيستحيل عقلاً أن نجد لها دافعًا أصيلاً غير الإسلام؛ إذ إن كثير مما نقله الغرب عن العالم الإسلامي لم يكن معروفًا للإنسانية قبل الإسلام؛ سواء في الحضارات القديمة السابقة للإسلام أو المعاصرة له، اللهم إلا بعض العناصر البدائية، مثل الأرقام الهندوسية التي أخذها المسلمون من الهند ومثل التقنيات التي أخذوها من الصين، والتي أبدعوا في تطويرها، والاستفادة منها في ابتكاراتهم وإبداعاتهم العلمية والتقنية التي وجدها الغرب جاهزة للنقل المباشر، ولذلك يمكن النظر إلى الحضارة الإسلامية كقنطرة من الواجهة الجغرافية بين الشرق الأقصى والغرب، ومن الوجهة الزمنية بين العالم القديم Antiquity والعالم الحديث.

 

وعلى ذلك فإنه لا يسع المؤرخ الاقتصادي أو الفلسفي أو العلمي المنصف الحر، إلا أن يرجع لبداية النهضة الإنسانية الحديثة إلى القرن السابع الميلادي، بل وبوجه التحديد إلى (سنة 622م - العام الأول للهجرة) - حيث كانت الثورة الإنسانية الكبرى والتي كانت هي الحد الفاصل في التاريخ البشري بين العصور القديمة Antiquity والعصر الحديث Modern Age، ولا يسعه أن يرى تخلفنا الحالي إلا عرضًا زائلاً، ولكل جواد كبوة ولكل سيف نبوة[7].

 

هذا باختصار شديد ما تقودنا إليه اعتبارات الإطار الاقتصادي السياسي والتاريخي العريض، والذي يحتوي داخله وبصفة تلقائية، كل أنشطة الإنسانية في المجال الاقتصادي، (وكذلك في غيره)، وما دور الزراعة طبعًا إلا واحدًا من أدوار النشاط الاقتصادي كدور الصناعة والتجارة، وأن هذا كله جزء لا يتجزأ من النشاط الحضاري العمراني الشامل.

 

وهذا موضوع كبير يحتاج بدوره إلى بحث تفصيلي تبرهن فيه هذه الدعاوى... ولقد طالما داعب خيالي، ولكن يكفي هنا التنويه به فقط، غير أننا لا بد من أن نختم هذا الجزء بإشارة ولو عابرة لمثال من النشاط الزراعي الصناعي، وهو من الأمثلة التي نقلت من العالم الإسلامي إلى أوروبا من مستهل النهضة المشار إليها، والمراجع التي تشير إلى مثل هذه الأمثلة لا حصر لها وكل يوم تكشف الأبحاث معلومات جديدة ومذهلة حقا في هذا المجال، والمصدر الذي اعتمد عليه في نقل هذا المثال هو كتاب تصادف أن وجدته، وقد نشر في عام 1962[8]، وتنعكس فيه نتائج آخر أبحاث عن التراث الإسلامي وصل إليها الباحثون الأوربيون في ذلك الوقت، ولو كان بين يدينا أحد البحوث الحديثة التي تمت خلال العشرين سنة الماضية منذ نشر هذا الكتاب، لرأينا أعجب من هذا بكثير.

 

وأول ما يستدعي انتباهنا مما أورده هذا المصدر هو السياسة التي اختطت للإصلاح الزراعي (Agririan Reform) في إسبانيا في تلك العصور الماضية، وهي سياسة تقدمية حتى بمقاييس القرن العشرين، وذلك لتوزيع الملكيات الكبيرة[9] للأراضي الإقطاعية على المزارعين الذين يفلحون الأرض.

 

وقد أدى ذلك إلى النمو المتعاظم والمستمر لكل أصناف الإنتاج الزراعي، مما كان له أطيب الأثر على ارتفاع مستوى المعيشة والرخاء الشامل في كل ربوع الأندلس الإسلامية، ولقد كان ذلك أساسًا للصناعات التحويلية التي تعتمد على المواد الخام من المنتجات الزراعية.

 

ثم يواصل المؤلف سرده بأن الأمر لم يقف عند سياسة الإصلاح الزراعي المشار إليها، وإنما كانت هذه جزءًا من سياسة زراعية شاملة، من تخطيط وتعمير وأبحاث، فقد أنشئت شبكات الري، وأدخلت المحاصيل المختلفة؛ مثل الحمضيات (الموالح) بأنواعها، والقطن وقصب السكر والنخيل والأرز، وعلى ذلك قامت كثير من الصناعات المعتمدة على هذه المحصولات؛ كصناعة الغزل والنسيج القائمة على الصوف والقطن والحرير.

 

ويختم المؤلف هنا بقوله: «كانت تشكل صناعة الغزل والنسيج في إسبانيا كغيرها من البلاد الإسلامية - الصناعة الرئيسية؛ حيث كان من قرطبة وحدها زهاء 13000 نساج».

 

ونضيف هنا أن هذه هي الصناعة التي نقلها اليهود وغيرهم إلى أوروبا مع غيرها من الأفكار الصناعية والزراعية والتجارية، كما جاء في كتاب سومبارت الذي سلفت الإشارة إليه، وكما جاء في مجموعة كتب المؤرخ البلجيكي هنري بيرين وغيرهما[10].

 

والواقع أن صناعة الغزل والنسيج هذه أصبحت هي القاعدة التي انطلقت منها غرب أوروبا، حتى أصبحت هي الأساس الذي قامت عليه الثورة الصناعية الشهيرة في القرن الثامن عشر، بل وأكثر من ذلك فإن هذه الصناعة - وخاصة القطنية منها - ظلت هي الصناعة الرئيسية منذ ذلك الوقت، وخلال فترة ما يسمى بالثورة الصناعية، واستمرت تحتل مكان الصدارة حتى مشارف القرن العشرين؛ حيث كانت تشكل أكثر من 60% من قيمة الصادرات البريطانية، مثلاً، بنهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين حتى بعيد الحرب العالمية الأولى.

 

وهذه حقيقة مهمة جدًّا لنا في السودان؛ حيث كانت هي الأساس الذي بُنيت عليه السياسة القطنية البريطانية في مصر والسودان على الأقل منذ منتصف القرن التاسع عشر (1860) وحتى منتصف القرن العشرين تقريبًا، وهي السياسة التي توجت بإنشاء مشروع الجزيرة[11].

 

وفي الحقيقة كانت هذه السياسة هي المنطلق والمبرر الاقتصادي الرئيسي لاستعمار بريطانيا لمصر والسودان، وبالتالي فهذه حلقة وصل هامة في موضوع بحثنا هذا، وعلى ذلك فإننا سنعود إليها في مكانها المناسب من القسم الآتي من هذه الورقة بعون الله.

 

مستل من بحث منشور في المؤتمر الأول لجماعة الفكر والثقافة الإسلامية - الخرطوم، السودان

29 محرم - 2 صفر 1403هـ



[1] قد بات معلومًا لأغلب المهتمين بهذه المسائل اليوم أن الأب الحقيقي لهذا العلم هو عبدالرحمن بن خلدون العربي المسلم الأندلسي الذي كتب مقدمته الشهيرة في القرن الرابع عشر أي قبل ظهور غرب أوروبا على مسرح التاريخ الإنساني.

[2] ماكس ويبر: (الأخلاقيات البرونستيفية والروح الرأسمالية)

MAX WEBER: The Protestant Ethic and the Spirit of Capitalism

[3] ممفورد لويس: التقنية والحضارة MUMFORDLEWIS TECHMICS AND CIVILIZATION

[4] ويرنرسومبارت: اليهود والرأسمالية الحديثة WERNER SOMBART

[5] التعبير بالإنجليزية The PRECSCIOUS CENTURY

[6] انظر مثلاً مجموعة الكتب التي أصدرها حوالي سنة 1935 المؤرخ البلجيكي هنري بيرين مثلاً كتاب «محمد وشرلمان»، والذي نجد فيه توثيقًا لتأثير الدولة العباسية في عهد الرشيد في القرن الثامن، هذا ومن النواحي الدينية والفلسفية نجد أن مدرسة ابن رشد في المغرب أثارت قلاقل فكرية عندهم جعلت البابا يكلف سان توماس أكوابناس وهو فيلسوفهم الأول في العصر الحديث؛ ليرد على ابن رشد ومدرسته التي سموها AVERROISLM، وكانوا يخافون منها في القرن الثاني عشر كخيفتهم من الجاكوينية في أول القرن التاسع عشر أو من الماركسية في القرن العشرين، كذلك فإن المطالب التي تقدم بها مارتن لوثر وكانت الشرارة التي بدأت حركة الإصلاح البروتستانتي، اشتملت على الأقل على بند واحد متأثر بالإسلام، وهو المطالبة بألا يكون هناك وسيط بين الإنسان وربه.

[7] ولكن إذا خضنا في الأسباب التي أدت إلى هذا التخلف الذي لحق بالعالم الإسلامي، فسيشكل استطرادًا معقدًا ومتشعبًا يخرجنا عن موضوع بحثنا الحالي، وقد سبق أن أشرنا في صفحة (5) أننا لن نخوض في هذه المسألة في هذا البحث.

[8] اسم هذا الكتاب هو: الإسلام: أصله وانتشاره بالخرائط والصور والكلمات (انظر الجزء الخاص بِإسبانيا وصقلية - (ص45 - 48) ISLAM & ORIGIN AND Sperad in World, Mnps and Pictnres By; Dr F.R.J VERHOEVEN Ponllage and Kegan Panl London (1962); see pp.45 - 48

[9] هذه الملكيات الكبيرة (LATIFUNDIA) لا تزال هي العقبة الكؤود في طريق الإصلاح الزراعي في كل أمريكا اللاتينية، وقد نقلت إليها من إسبانيا؛ حيث رجعوا إليها بعد الكنسة التي أصابتها بسبب النكبة التي أطاحت بالنظام الإسلامي في الأندلس، ويرجع هذا المؤلف إلى أصل هذه السياسة في الأندلس على الأقل إلى عبدالرحمن الثالث (أعوام 912 - 962م) ولم يكن هنا إلا تطبيقًا للمبدأ الذي نسميه اليوم «الأرض لمن يفلحها»، ونستطيع أن نرجع على الأقل إلى الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز الذي أخذه عن السنة النبوية وعن تطبيق الخلفاء، وخاصة عمر بن الخطاب؛ انظر «كتاب الأموال» للإمام ابن عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224هـ، تحقيق وتعليق محمد خليل هراس طبع دار الفكر القاهرة (1395هـ - 1975م).

[10] مثلاً: هنري بيرين: «التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لأوروبا في القرون الوسطى»، وكذلك كتبه الأخرى (HENRY PYREMME ECONOMIC AND SOGAL History of Medicval EURORD, NEW YORK, 1937)

ويبدو أن الأستاذ عباس محمود العقاد (رحمه الله) قد اعتمد على نتائج أبحاث هذا الرجل عندما ألف كتاب الشهر «أثر العرب في الحضارة الأوروبية» الذي نشر فيما أذكر سنة 1942م.

اما بالنسبة للنقول الأخرى في العلوم والأدب والفنون، وحتى في الاستفادة من الشريعة الإسلامية في تطوير القانون، فيمكن النظر إلى مجموعة المقالات التي يحويها كتاب التراث الإسلامي الذي نشر

[11] انظر رسالة الدكتوراه لصاحب هذا البحث (بالإنجليزية)

SAID, YOUSIF HASSAN

The role of Agiculture in the Economic Deuelopment of Sudan PHD, 1968, (UNIVERSITY OF WISCONSIN ECONOMICS, AGRICUCULTURAL)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسلام ومشكلات النظام الزراعي (وضع السودان ومشكلاته الزراعية نموذجا)

مختارات من الشبكة

  • أرجوزة منذرة الأنام في نظم نواقض الإسلام لشيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن النظام الاقتصادي في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النظام القضائي في الإسلام(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • النظام السياسي في الإسلام (PDF)(كتاب - موقع أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد)
  • النظام في الإسلام(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • النظام القانوني في الإسلام (باللغة الألمانية)(PDF)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • النظام القانوني في الإسلام (باللغة الألمانية)(WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • مفهوم النظام الأخلاقي في الإسلام(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • النظام السياسي في الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإسلام دين النظام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب