• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الخداع البصري قبل عصر الليزر

أ. حسام الحفناوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/1/2010 ميلادي - 21/1/1431 هجري

الزيارات: 10112

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}[الأنعام:1]، والصلاة والسلام على نَبِيِّه المبعوث بالكتاب المُبِين، الموصوف بالنُّور[1].
قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ * قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[المائدة:15-16].
لقد وصف الله تعالى كتابه الكريم بالكثير من أوصاف المَدْح، المُشْتَمِلة على معاني الوضوح والبيان، وظُهور الحُجَّة، وقوة الدليل، والسلامة من الخَفاء والغُموض، والبراءة من اللَّبْس والإشكال، فوَصَفه بالنُّور، وبالكتاب المُبِيْن، وبالبُرهان، وبالفُرقان، وبالهُدى، إلى غير ذلك من كريم الصفِّات، ومَحاسِن النُّعوت.
وتَنْطَبِق تلك الصِّفات والمَحاسِن على سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم المُبَيِّنة لكتاب الله تعالى، وعلى دين الإسلام القائم عليهما، المؤلَّف منهما، وعلى شَخْص النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه الكتاب، وكان قرآنًا يمشي على الأرض، ومَثَّلَتْ أقوالُه، وأفعالُه، وتَقْرِيراته، وصِفاتُه الخُلُقِيَّة والخلْقِيَّة صلى الله عليه وسلم التطبيقَ العَمَلي للقرآن، والشرح التفصيلي لمعانيه.
وعاضَدَتْ السُّنَّة النبوية المُطَهَّرة كتابَ الله تعالى في وصف القرآن، والسُّنَّة، والإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم بالصِّفات الكريمة نفسها، ونَعتهم بالنُّعُوت الحَسَنة ذاتها.
أما الباطل، فيوصَف في القرآن والسُّنَّة بعكس تلك الصفات، ويُنْعَت فيهما بضِدِّ تِيك النُّعوت؛ فيوصَف بالظُّلْمة، والحَيْرة، والغُموض، ونحوها من الأوصاف المُلازِمة له، والخِصال المُقْتَرِنة بأهله.
تَضادٌّ في وسائل الدَّعْوة وتَبايُنٌ في سُبُل التَّبْشِير[2] بها:
من البَدَهِي أن تُضادَّ وسائل الدعوة إلى النور أساليب الدعوة إلى الظُّلْمة، وأن تُبايِن سُبُل التَّبْشِير بالخَيْر طُرُق التَّبْشير بالشَّر؛ فإن كل دعوة تتلازم مع وسائل إيصالها، لا تَنْفَك عنها.
فدعوة الحق تَنْهَج نَهَج الحُجَّة والبُرهان؛ تَماشِيًا مع حقيقتها الفِطْرِيَّة البَيِّنة، ودعوة الباطل تَسْلُك مَسْلَك الخِداع والالتواء؛ تواؤمًا مع كُنْهها المُتَكَلَّف المُبْهَم.
فلا يَفْتَقِر حاملُ الحَقِّ إلى إضْفاء شيء من فُنون الجَذْب على دعوته، ولا تَمَسُّ حاجتُه إلى تَطْعيمها بأصناف المُحَسِّنات؛ إذ جَذْبُها ذاتي غير مُفْتَعَل، وحُسْنُها طبيعي غير مُكْتَسَب {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم:30]، وإنما يُعْوِزُ المُبْطِلَ زُخْرُفٌ تَنْفُقُ به دَعْوَتُه، وتَنْقُصُه زِيْنَةٌ تَرُوجُ بها بضاعتُه، وهذه عِلَّة اقْتِران المِلَل الباطلة والنِّحَل الضَّالة بفُنون السِّحرْ القَوْلِي، وطَرائِق الشَعْبَذَة الفِعْلية.
فجُلُّ الدعاة لمِلَل الباطل ونِحَل الضَّلال يَشْتَغِلون بعُلوم البلاغة، ويَتَمَرَّسون بأساليب الخَطابة؛ سَعْيًا لسَبْي قلوب الأتباع، وتَكْثِير سَواد المُرِيدين، وإن كان الاشْتِغال والتَّمَرُّس المَذْكورَيْن مُشْتَرَكٌ بين أهل الحق وأهل الباطل؛ فيُداري به هؤلاء عَورات ومَساوئ، ويَزِيد به أولئك في تَحْبِير فضائل ومَحاسِن.
وأكثر المُبْطِلين والمُضَلِّلين يَتَشَوَّفون إلى فَلْسَفة اليونان، ومَنْطِقهم؛ بُغْيَة إيهام مُسْتَمِعيهم حِيازة نُبُوغ يَعْجَز عنه غيرهم، والاسْتِئْثار بمَدارِك تَقْصُر دونها العُقول، وتَتَضاءَل أمامها الأَفْهام؛ فلا يَمْلِك المُسْتَمِع المُخَدَّر إلا التَّسْليم لمَنْ حَسِبَهم يفهمون ما لا يَفْهم، والانْقِياد لمَنْ ظَنَّهم يُدْرِكون ما لا يُدْرك، فيَبْذُل الطاعة المُطْلَقة مُخْتارًا، ويُعْلِن التَّبَعِيَّة التَّامَّة مَحْبورًا.
كما يَعْمَد أئمة تلك المِلَل والنِّحَل إلى تَوظِيف حَواسِّ النَّظَر والشَّمِّ والسَّمْع في إحاطة مادتهم الدَّعَوِيَّة المَطْروحة في مَعابدهم بهَالة من الجَلال المُصْطَنَع، والعَظَمة المَوْهومة، فيُصَوِّرون من التَّصاوير ما يَخْطِف الأبصار ويُسْكِرها، ويَنْشُرون من العُطور وأَعْواد البَخُور ما يُخَدِّر الأطراف، ويُفَتِّر العقول من عظيم انْشِراح الصُّدور لعَرْفه، ويَضْرِبون من المَعازِف ما يُطْرِب برِقَّتِه آذان الحاضرين، ويَسْبِي بمَلاحَته قلوبهم.
ولا يتركون سبيلًا من سُبُل التَّزْيين إلا سَلَكوه، ولا طريقًا من طُرُق التَنْمِيق إلا طَرَقوه؛ فللحِيَل عندهم نَصيب وافِر، ولخَوارِق العادات في أديانهم حَظٌ كبير، فما عساهم أن يصنعوا وقد أَعْوَزَتْهُم الحُجَج؟ وهل يَمْلِك الدَّجاجِلَة من وسائل جَمْع الأَتْباع، وتَكْثِير الأَشْياع غير سِحْر القول والفعل؟
لقد ذَهَب أولئك مَذاهب أَبْعَد مما ذُكِر، واسْتَحَلُّوا - خِداعًا لأتباعهم - ولوجَ أبواب مُبْتَكَرة من التضليل، ولربما عجزت شياطين الجانِّ عن مُجاراتهم فيما أبدعوه من وسائل الإضلال، ومُحاكاتهم فيما أَحْدثوه من طَرائِق الإغواء، ولسان حالهم:
وكُنْتُ فَتىً مِنْ جُنْد  إبْليس  فارْتَقَتْ        بي الحالُ حتى صار إبْليسُ من جُنْدي
فلو عِشتُ يومًا كنتُ  أُحْسِنُ  بعده        طرائقَ  فِسْقٍ  ليس  يُحْسِنُها   بعدي

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في إغاثة اللهفان (2/289،288) وهو يتحدث عن سخافات النصارى: ثم إنك إذا كشفت عن حالهم، وجدت أئمة دينهم ورُهبانهم قد نَصَبوا حَبائِل الحِيَل؛ ليقتنصوا بها عقول العوام، ويتوصلوا بالتَّمويه، والتَّلبيس إلى استمالتهم، وانقيادهم، واسْتِدْرار أموالهم، وذلك أشهر وأكثر من أن يُذْكَر.
فمن ذلك: ما يعتمدونه في العيد الذي يُسَمّونه عيد النور، ومَحِلُّه بيت المقدس، فيجتمعون من سائر النواحي في ذلك اليوم، ويأتون إلى بيت فيه قِنْديل مُعَلَّق لا نار فيه، فيَتْلوا أحبارهم الإنجيل، ويرفعون أصواتهم، ويَبْتَهِلون في الدعاء، فبَيْنا هم كذلك، وإذا نار قد نزلت من سقف البيت، فتقع على ذُبالة القِنْديل[3]، فيُشْرِق، ويُضِىء، ويشتعل، فيَضِجُّون ضَجَّة واحدة، ويصلبون على وجوههم، ويأخذون في البكاء، والشَّهيق.
قال أبو بكر الطُّرْطُوشِي[4]: كنت ببيت المقدس، وكان واليها إذ ذاك رجلًا يُقال له: سقمان[5]، فلما نَما خَبَرُ هذا العيد إليه، أَنْفَذ إلى بَتارِكَتهم[6]، وقال: أنا نازل إليكم في يوم هذا العيد؛ لأكشف عن حقيقة ما تقولون، فإن كان حقًا، ولم يتضح لي وَجْه الحِيْلَة فيه، أَقْرَرْتُكم عليه، وعَظَّمْتُه معكم بعِلْم، وإن كان مَخْرَقة[7] على عوامِّكم، أَوْقَعْتُ بكم ما تكرهونه، فصَعُب ذلك عليهم جدًا، وسألوه أن لا يفعل، فأبى، ولَجَّ[8]، فحَمَلوا له مالًا عظيمًا، فأخذه، وأعرض عنهم.
قال الطُّرْطُوشِي: ثم اجتمعت بأبي محمد بن الأقدم بالإسكندرية، فحدثني أنهم يأخذون خَيْطًا دقيقًا من نُحاس ـ وهو الشَّريط ـ ويجعلونه في وسط قُبَّة البيت إلى رأس الفَتِيلة التي في القِنْديل، ويَدْهنونه بدُهْن الْبان[9]، والبيت مُظْلِم بحيث لا يُدْرِك النَّاظرون الخَيْط النُّحاس، وقد عَظَّموا ذلك البيت، فلا يُمَكِّنون كل أحد من دخوله، وفي رأس القُبَّة رجل، فإذا قَدَّسُوا[10]، ودَعَوا، ألقى على ذلك الخَيْط النُّحاس شيئًا من نار النِّفْط، فتجرى النار مع دُهْن البان إلى آخر الخَيْط النُّحاس، فتَلْقَى الفَتيلة، فيتعلق بها[11].
فلو نَصَح أحدٌ منهم نَفْسَه، وفَتَّش على نَجاته، لتتبع هذا القدر، وطلب الخَيْط النُّحاس، وفَتَّش رأس القُبَّة؛ ليرى الرجل، والنِّفْط، ويرى أن مَنْبع ذلك النُّور من ذلك المُمَخْرِق المُلَبِّس، وأنه لو نزل من السماء، لظهر من فوق، ولم يكن ظُهوره من الفَتيلة.
ومن حِيَلهم أيضًا: أنه قد كان بأرض الرُّوم في زمان المُتَوَكِّل كنيسة، إذا كان يوم عيدها يحُجُّ الناس إليها، ويجتمعون عند صَنَم فيها، فيُشاهدون ثَدْي ذلك الصَّنَم في ذلك اليوم يخرج منه اللَّبَن، وكان يجتمع للسَّادِن[12] في ذلك اليوم مالٌ عَظيم، فبَحَث المَلِك عنها، فانكشف له أمْرُها، فوجد القَيِّم[13] قد ثَقَب من وراء الحائط ثُقْبًا إلى ثَدْى الصَّنَم، وجعل فيها أُنْبوبة من رُصاص، وأصلحها بالجِبْس؛ ليُخْفِي أمرها، فإذا كان يوم العيد، فتحها، وصَبِّ فيها اللَّبَن، فيجرى إلى الثَّدْي، فيَقْطُر منه، فيعتقد الجُهَّال أن هذا سِرٌّ في الصَّنَم، وأنه علامة من الله تعالى لقَبول قُرْبانهم، وتَعْظيمهم له، فلما انكشف له ذلك، أمر بضَرْب عُنُق السَّادِن، ومَحْو الصور من الكنائس، وقال: إن هذه الصور مَقام الأصنام، فمن سَجَد للصورة، فهو كمن سَجَد للأصنام.
ولقد كان من الواجب على مُلوك الإسلام أن يمنعوا هؤلاء من هذا، وأمثاله؛ لما فيه من الإعانة على الكفر، وتعظيم شعائره؛ فالمُساعِد على ذلك، والمُعين عليه شَريك للفاعل، لكن لما هان عليهم دِيْن الإسلام، وكان السُّحْتُ الذي يأخذونه منهم أحب إليهم من الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام، أَقَرُّوهم على ذلك، ومَكَّنُوهم منه. انتهى.
ثَمَّة طُرُق أَسْفَل مما ذكرناه وأَحَطّ، لا يَتَرَفَّع أولئك عن سُلُوكها؛ جَذْباً للأتباع، وتأثيرًا على المُرِيدين؛ فالمُتَشَيْطِن لا يَرْبَأ بنفسه عن قُمامَة، ولا يَتَرَفَّع عن قاذُوْرَة، ولا يَتَحَرَّج من نَجاسة، فما الذي يَحُول بينه وبين الاستعانة بكَفَرة الجِنَّ؛ بُغْيَة التَّلاعُب بعُقول السُّذَج والهَمَج؟ وما الذي يَرْدَعُه عن الإيفاء بعُقُود عَقَدَها مع الأبالِسة؛ رَوْمًا لأهداف خبيثة، وطَمَعًا في دُنيا دَنِيْئة، قال سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً * وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 112-113].
وهذه حِيْلَة قَديمة، تَلَبَّس بها كثير من كَهَنة المَعابد الشَّرْكية، وسَدَنَة الهَياكل الوَثَنِيَّة، وسَخَّرَها المُلوك لتَوْطِيد مُلْكِهم، ووَظَّفُوها لصِيانة سُلْطانهم، وما صَنِيع سَحَرة فِرْعون عنا ببعيد.
لقد صار المُتَمَسِّحون بلِباس التَّقَشُّف أَساطِين لفُنون السِّحْر المُسَمَّى بالسِّحْر الأَسْوَد، وأَضْحَتْ مَواطِن عبادتهم مَعاهد لنَشْر عُلومه، وإفْراز جَهابِذَته، فليَهْنِهم عاقبة ذلك في الدنيا، ومَغَبَّته في الآخرة.

قال تعالى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينا فَسَاءَ قَرِينا} [النساء:38].

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]
اختلف المُفَسِّرون في المراد بالنور في الآية التالية، فقال بعضهم: هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقال آخرون: هو القرآن الكريم.
[2] شاع في العصور الحديثة استخدام مصطلح التبشير في التعبير عن الدعوة إلى النصرانية، ودَرَج النَّصارى على وصف المُنَصِّرِيْن بالمُبَشِّرِيْن، حتى كاد بعض المسلمين أن يَنْفِر من وصف التبشير، وليس ذلك صوابًا؛ فإن الله تعالى وصف نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم في القرآن بالمُبَشِّر، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} [الأحزاب: 45-46]،  وقال عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفتح: 8-9]، وبَشَّر المسيحُ عليه السلام بني إسرائيل بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف: 6].
ولئن كان المُنَصِّرون قد وصفوا أنفسهم بذلك الوصف النبيل (المُبَشِّرون)، ووَسَموا دعوتهم بتلك السِّمة المُبْهِجة (التَّبْشير)؛ فلزَعْمهم صواب ما يعتقدونه، ولدعواهم صحة ما يدعون إليه، ولا يجوز لمسلم يعلم بُطلان مُعْتَقَدهم، وفساد مِلَّتهم أن يُتابعهم على وصف دُعاتهم بذلك الوصف، ووَسْم دعوتهم بتلك السِّمة.
نعم، هم يُبَشِّرون بالشِّرْك؛ وهو شَرٌ ما بعده شر، فيجوز وصفهم بالمُبَشِّرين إذا قَيَّدْنا ذلك ببيان الشَّر الذي يُبَشِّرون به؛ لأن البِشارة المُطْلَقَة لا تكون إلا بالخَيْر، وإِنْما تكون بالشَّرِّ إِذا كانت مُقَيَّدَة، كقوله تعالى: {فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21]، والتَّبْشِيرُ في عُرْف اللُّغَة مُخْتَصٌّ بالخَبَر الذي يُفِيدُ السُّرُور، إِلا أَنه بِحَسَب أَصل اللُّغَة عبارة عن الخَبَر الذي يؤَثِّر في البَشَرة تَغَيّرًا، وهذا يكون للحُزْن أَيضًا، كما قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58]. انظر: تاج العروس للزبيدي (10/185).
[3] ذُبالة القْنِديل: هي الفَتِيل الذي يُشْعَل منه.
[4] هو الإمام أبو بكر محمّد بن الوليد الطُّرْطُوشِي، أصله من طُرْطُوشة ببلاد الأندلس، ولد سنة إحدى وخمسين وأربع مائة تقريبًا، وصحب أبا الوليد الباجِي، وقرأ على أبي محمد ابن حزم، ورحل إلى المشرق سنة ست وسبعين وأربع مائة، وحَجَّ، ودخل بغداد، والبصرة، فتفقه على كبار الأئمة كأبي بكر الشَّاشِي، وغيره، وسكن الشام مدة، ودرس بها، وكان عالمًا عاملًا زاهدًا، ثم تُوفي سنة عشرين وخمس مائة بالإسكندرية. انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان (4/262ـ264)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (19/490ـ496).
[5] هو الأمير الكبير، سُقمان ـ ويقال: سُكمان ـ بن أرتق بن أكسب التركماني، صاحب ماردين، ولي إمرة القدس هو وأخوه الملك إيلغازي بعد أبيهما من قِبَل تاج الدولة تتش صاحب الشام، فضايقهما الوزير المصري الأفضل ابن أمير الجيوش، وأخذ مدينة القدس منهما قبل أخذ الفرنج لها بأشهر، فذهبا وتَمَلَّكا ديار بكر، وكان سُقمان دَيِّنًا حازمًا مجاهدًا، فيه خير في الجُمْلة، هزم الفِرِنْج هزيمة مُنْكرة في حَرَّان سنة سبع وتسعين وأربعمئة، وتوفي بالقرب من طرابلس في العام الذي يليه وهو سائر لغزوهم أيضًا. سير أعلام النبلاء (19/235،234)، وتاريخ الإسلام (34/67).
[6] أي بطاركتهم، جمع بطريرك، وهي كلمة يونانية تعني رئيس الآباء، وتطلق على كبار الأساقفة في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، والكاثوليكية، وهي تُطْلَق في الأصل على من يمارس السلطة الاستبدادية.
[7] المَخْرَقة: هي الدَّجل، والخداع، والمُمَخْرِق: صاحب الأباطيل، والشَّعْبَذة، والمَخاريق، والمِخْراق: شيء يُلْعَبُ به، إما مِنْديل يُلَفُّ، أو خشب، ويُقال: خَرَق الرجل: إذا كذب.
[8] أي أَصَرَّ، وتمادى في أمره، وأبى الانصراف عنه.
[9] البانُ: نوع من الشجر طيِّب الزَّهْر، واحدته بانَة، ويستخدم دُهْنُه كطِيْب، ويدخل في علاج كثير من الأمراض. انظر المحكم والمحيط الأعظم (10/508)، والمغرب في ترتيب المعرب (1/97)، ولسان العرب (13/62).
وسيأتي معنا في البداية والنهاية أنهم كانوا يستخدمون في الحيلة التي يصنعونها في ذلك العيد في ذلك المكان دُهْن البَلَسان، والبَلَسان: شجر له زَهْر أبيض صغير كهيئة العناقيد، ويُجعَل حَبُّة في الدّواء، ولحَبِّه دُهْن حارٌّ يُنافس فيه. انظر: العُباب الزَّاخِر للصَّاغاني، مادة (بلس)، والمعجم الوسيط (1/69)، وكلاهما ـ دهن البان ودهن البلسان ـ يستخدم في التركيبات الكيماوية والطبية القديمة.
[10] أي بدؤوا في صلواتهم، وتلاوة ما يُقَدِّسون به المسيح عليه السلام الذي يعدونه إلهًا، ومن المعلوم أن التقديس في اللغة هو التطهير والتنزيه، وصنيع القوم على الحقيقة لا يصلح لهذا الوصف؛ لما فيه من نسبة النقائص والعيوب لله تعالى، ولكنهم يُسَمُّون صلاتهم بالقُدَّاس كما لا يخفى.
[11] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في البداية والنهاية (11/390،389) في أحداث سنة سبع وتسعين وثلاثمائة: وفيها أمر الحاكم ـ أي الحاكم بأمر الله العُبَيْدي الإسماعيلي الخبيث ـ بتخريب قُمامَة، وهي كنيسة النصارى ببيت المقدس، وأباح للعامَّة ما فيها من الأموال، والأَمْتِعة، وغير ذلك، وكان سبب ذلك: البُهتان الذي يتعاطاه النصارى في يوم الفصح من النار التي يحتالون بها، وهي التي يُوهِمون جَهَلَتهم أنها نزلت من السماء، وإنما هي مصنوعة بدُهن البَلَسان في خيوط الإبْرَيْسَم ـ أي الحرير ـ والرِّقاع ـ أي الخِرَق ـ المَدْهونة بالكبريت، وغيره، بالصَّنْعة اللطيفة التي تَرُوج على الطَّغام ـ أي الأراذِل والأوغاد ـ منهم والعَوامّ، وهم إلى الآن يستعملونها في ذلك المكان بعينه.
[12] خادم كل مكان للعبادة يُسَمِّى سادِنًا، وسَدَن الكعبة: خدمها، وسِدانَةُ الكعْبَة: خِدْمَتُها، وتَوَلِّي أَمْرِها، وفَتْح بابِها وإِغْلاقُه، وكذا يُسَمَّى الحاجِب بالسَّادن؛ فالسَّدين هو الستر، وسدن ثوبه، أرسله ليستر نفسه، ولكن الحاجِب يَحْجُب وإذْنُهُ لغيرِهِ، والسَّادِن يَحْجُب وإذْنُه لنفْسِه، والمراد هنا: خادم تلك الكنيسة، والمسؤول القائم على خدمتها. انظر: تاج العروس (35/180).
[13] القَيِّم: هو من يقوم على أمر مكان ما، ويتَوَلَّى سياسة شؤونه، وتدبير أموره، والمقصود به هنا السَّادِن المذكور آنفاً.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الظهورات الوهمية وأحلام البسطاء
  • طرق علاج ضعف البصر
  • عذابات الخداع

مختارات من الشبكة

  • خداع على خداع (مسرحية للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الخداع في الزواج(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الخداع الفكري بين مطرقة العلم الشرعي وسندان الواقع(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أوكرانيا: خداع مسلمي القرم للمشاركة في الصلوات النصرانية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المظاهر والخداع(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • في التحذير من الكذب والخداع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مغالطة المفسدين وخداعهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل كان حبه خداعا؟(استشارة - الاستشارات)
  • خداع المرايا (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ترجمة الإمامين الحسن البصري ويحيى بن آدم(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
3- فائدة
حسام الحفناوي - مصر 12-01-2010 11:24 AM
وقفت على مثال لأحد أنواع السحر المذكورة أعلاه في رحلة ابن جبير رحمه الله تعالى، وهو قوله رحمه الله تعالى عن زيارته لجزيرة صقلية ـ وكان ذلك بعد أن صارت تحت سيطرة النصارى: ومن أعجب ماشاهدناه بها من أمور الكفران كنيسة تعرف بكنيسة الأنطاكي، أبصرناها يوم الميلاد، وهو يوم عيد لهم عظيم، وقد احتفلوا لها رجالاً ونساء، فأبصرنا من بنيانها مرأى يعجز الوصف عنه، ويقع القطع بأنها أعجب مصانع الدنيا المزخرفة جدرها الداخلة ذهب كلها، وفيها من ألواح الرخام الملون مالم ير مثله قط، قد رصعت كلها بفصوص الذهب وكللت بأشجار الفصوص الخضر ونظم أعلاها بالشمسيات المذهبات من الزجاج، فتخطفت الأبصار بساطع شعاعها، وتحدث في النفوس فتنة نعوذ بالله منها.
2- بارك الله بكم
لامعة في الأفق - المملكة العربية السعودية 10-01-2010 09:35 PM
بارك الله بكم ونفع شكرا لكم
1- شكر
حمد - السعودية 09-01-2010 04:37 PM
جزاك الله خيراً
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب