• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

الحضارة الإسلامية في رؤية الأستاذ أنور الجندي

الحضارة الإسلامية في رؤية الأستاذ أنور الجندي
خالد برادة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/8/2015 ميلادي - 12/11/1436 هجري

الزيارات: 13774

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحضارة الإسلامية

في رؤية الأستاذ أنور الجندي


مما لا شكَّ فيه أنَّ كل أمة تسعَد بعُلمائها، فتنهل منهم ما شاء الله لها من نِعَم يُجزلها الله تعالى على أيدي أولئك العلماء الذين تشيد بهم الحياة فخرًا، ومن أجلِّ تلك النِّعَم: نعمة الفكر الإسلامي الأصيل، الذي قيض الله تعالى له من يحمل مشعلَه، ويجعله وهَّاجًا لا يَنطفئ رغم كيد الكائدين؛ ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8]، فيَبقى النور ساطعًا في الآفاق ليبدِّد الدلجة وسط ليل بهيم من الجهل الدامس، الذي أراد العدو أن يؤصِّله في الشعوب التي نهَب خيراتها، ولكن رجال الفكر الإسلامي يَقِفون مَصابيح الهدى في وجه الظلام، يَنشرون نور فكرهم، ليُنير الأرجاء، ويَبيعون أنفسهم لله تعالى، فتراهُم متجنِّدين في محراب الفِكر، لمواجهة عدو الله وعدوِّهم، وسلاحُهم أقلامهم، ومن هؤلاء الفرسان فارس الفكر الإسلامي الذي ترجَّلَ منذ ثلاث عشرة سنة، ليَلقى ربه فَرِحًا بما قدَّم لأمَّته، إنه المُفكِّر الإسلامي الكبير: أنور الجِندي.

 

وقد سبَق أن كانت لنا وقفة فكريَّة، جلَّينا من خلالها رؤية الأستاذ أنور الجندي للحضارة الغربية، وأوضحْنا موقفَه منها[1]، وفي هذه الدِّراسة سنَسير على المنهج نفسه، لنَستروِحَ مع الباحث الجنديِّ رؤيتَه الحَصيفة للحضارة الإسلامية، التي أولاها عنايةً في اهتماماته الفكرية، وعبَّر عنها في كتاباته السيالة، وقد آثرْنا أن نستشفَّها من خلال قراءتنا في ما كتبه الباحث حول الحضارة؛ ولذا هيأت الفكر لأتم المقال السابق بهذا؛ ليتضح لنا التصور الكامل لرؤية أنور الجندي للحضارتين (الغربية والإسلامية)، وخاصة الحضارة الإسلامية التي دافع عن أصالتها، وأوضح مقوِّماتها وخصائصها، وبيَّن فضلها على الحضارات الأخرى، مؤكدًا على أنَّ الإسلام قدَّم للبشرية مفهوم التحضُّر الأصيل، الذي يستهوي الناس جيلاً بعد جيل؛ إذ إن الحضارة النابعة من الإسلام، هي حضارة ذات شأوٍ شامخ من صفحات الانتصار، وسؤدد باذخ من آيات الازدهار؛ لأنها تستمدُّ مرجعيَّتها من وحي الله جل وعز.

 

ولذا فإن الحضارات الأخرى لم يَسَعْها إلا أن تدين للحضارة الإسلامية وتنهل منها ما وسعها ذلك.

 

وقد أحاط الأستاذ أنور الجندي مفهوم الحضارة بصفحات ضافية في موسوعته "مقدمات العلوم والمناهج"، فها هو يؤكد على أن "الحضارة الإسلامية قد قامت على روح واحد، وأصل الأصول فيها فكر التوحيد، وتحرُّر العقل مِن كل سلطان غير سلطان الله، فهو لا يتقيَّد بنظرة المجتمع والرأي السائد إلا إذا كان من عند الله تعالى، وتهذيب النفس التي تعد أصلاً من الأصول في الحضارة الإسلامية، وتحرير الإنسان من عبودية المادة وطغيانها، واعتماد الحضارة على نظرة خاصة إلى المنهج الاجتماعي المتميز، والنظرة الخاصة إلى الفضائل الأخلاقية، واعتماد الإسلام على بناء المسلم بالنظرة الشاملة إلى الحياة"[2].

 

وهكذا يقدِّم أنور الجندي صورةً حقيقيَّةً لبناء مفهوم واضح المعالم حول الحضارة الإسلامية.

 

وقد لفت الأستاذ أنور الجندي الأذهان إلى قضية التعاقب الحضاري، الذي يعسر معه أن تحدد وقتًا لبزوغ حضارة وأفول أخرى، ولكن الاستثناء الوحيد من تلك القاعدة هو الحضارة الإسلامية، وإليك قوله: "مهما أوغلنا في البحث والتنقيب فيما سلف من الحضارات، فلن نجد توقيتًا معينًا نستطيع أن نحدده بدءًا لحضارة أو تاريخًا لمولدِها، ولا أن نعيِّن حدًّا قاصرًا يميز بين حضارة ولت وأخرى أشرق عليها النور وتبدَّدت في الوجود، ولكنْ هناك استثناء واحدٌ، هو الحضارة الإسلامية"[3]، وهذا الاستثناء الحضاري الإسلامي له ما يُبرِّره في فكر الأستاذ أنور الجندي، ومردُّ ذلك إلى عامل التفرد الحضاري؛ فالحضارة الإسلامية "انفردَتْ وحدها بانتمائها إلى الحياة دون سابق عهد أو انتظار، وقد جمعت من فجر نشأتها كل المقومات الأساسية كحضارة مكتملة شاملة"[4]، وتفسير هذا الاكتمال والشمول الذي حوته الحضارة الإسلامية وانداح جوهرها على أصحابها، هو أنها "حضارة وليدةُ حدثٍ تاريخيٍّ فريد، هو تنزيل القرآن الكريم، وكان مردُّها إلى رجل فذٍّ في التاريخ، هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم"[5].

 

إن اكتمال الحضارة الإسلامية وشمولها جعل منها قوةً ذات ريادة عالمية، ولا ينبغي أن يُفهم من كون ميلادها المتميز عن الحضارات الأخرى أنها منزوية بنفسها، نائية بالانفتاح على غيرها، فمن مميزات الحضارة الإسلامية أن لها حصانة جعلتها في مأمن من الانزلاق وراء سراب حضارات أخرى، وهذه الحضارات لا ترتقي إلى الحضارة الإسلامية، بل إن الحضارات الأخرى تسعى إلى الأخذ من حضارة المسلمين بنصيب وافِرٍ؛ ولذا فلا خوف عليها إن هي انفتَحَت على الحضارات الأخرى[6] لتمدَّها بظلالها الوارفة، فتكون مفتاحًا للتطامن للإسلام، من أصحاب حضارات بُنيت بعيدًا عن الاهتداء بنور الإسلام، وأكثر من هذا فإن الانفتاح على الآخر المخالف لمِن شأنه أن يتيح للباحثين فرصة الاطلاع على الفكر الغربي من أجل الحد من الانجراف وراء تيارات الحداثة، فنُواجهها بالرفض المدين، ونهتم بالاستغراب الذي آن أوانه لندرس بنية الفكر الغربي، بعدما تمادى الاستشراق ردحًا طويلاً من الزمن في دراسة فكر المسلمين.

 

إظهار أنور الجندي لمقومات الحضارة الإسلامية:

يرى الأستاذ أنور الجندي أن الحضارة الإسلامية لها خصائص أصيلة، ومميزات جليلة؛ لأنها تستمد مقوماتها من القرآن الكريم الذي يمدها بالقوة والتماسك، وهي حضارة إنسانية جامعة، حضارة تقوم على التوازن بين أشواق الروح ومطالب البدن وفق ضوابط خُلقية؛ لأنها تقوم على التوحيد الخالص المستمَدِّ من الوحي الإلهي؛ ولذا فإنها شمولية غير جزئية، تعنى بالمرء وحياته كلها، ولا تنظر إليه من جانب دون آخر، فهي لا تقبل التبعيض والتجزيء في كل شؤون الحياة، وقد كان اهتمام الأستاذ أنور الجندي على أن يُظهر هذه الحقيقة بما سطره عن هذه الحضارة في إشادته بأنها قائمة على "الموازنة بين مقاصد الروح ومطالب البدن، كما أنها ربطت العلم بالدين، والسياسة بالأخلاق"[7]، فلا عجب بعد هذا أن تكون حضارة شمولية جامعة، لها مفهوم يتسم بالأصالة، فيُمكن وصفُها في آخر تحليل بأنها جامعة بين دنيا المرء وآخرته، وأن الأخلاق هي المحك الحقيقي الخليق بضمان حياة إيمانية، يأنس فيها المؤمن بربه، ويتآخَى في ظلالها مع أهله وحزبه.

 

وهذا يشهد للحضارة الإسلامية بما حباها به الوحي من أصالة وثبات، جعلها صامدةً أمام عواصف التغريب الهوج التي لم تَستطِع أن تهزَّ بنيانها.

 

وأنت ترى أن مقومات الحضارة الإسلامية التي جَلاها الأستاذ الجندي تكمن في خاصية التوحيد، واستمدادها المباشر من القيم الإسلامية؛ إذ إن التوحيد هو لب الإسلام وجوهره؛ فالتوحيد هو الذي يعطي للحضارة الإسلامية هُويتها وجوهرها، وهو الذي يربط بين أجزائها؛ لأن التوحيد قوة كبرى يعطي للحضارة الإسلامية طابعها المتميز، فما كان من الأستاذ أنور الجندي إلا أن أطلق عليها (حضارة التوحيد)، وقد عرض لأبرز التحديات التي تواجهها، فهي "تواجه اليوم من تحديات الإلحاد في مواجهة التوحيد، والإباحة في مواجهة الأخلاق، والعنصرية في مواجهة الأخوَّة البشرية، والتدين في مواجهة الانحلال"[8]، ثم نجده يؤكد على أن الحضارة الإسلامية تتميز بأنها ليست حكرًا على جنس دون آخر، وأنها تسعى إلى الاندماج في الشعوب لا السيادة عليها، فضلاً عن الترابط القائم بين الدين والعلم، وغير ذلك من الأمور التي لا تقبل الفصام النَّكِد؛ لأن الدين الإسلامي متكامل، وحضارته شاهدة على ذلك، بخلاف الحضارة الغربية التي فصَلت بين العلم والدين، وجعلت الكنيسة بعيدة عن المجتمع[9].

 

ولا يفوتنا أن نُشير إلى أهم مميز من مميزات الحضارة الإسلامية الذي يتجلى في سماحة الإسلام الذي استراح نسيمَه المسلمون وغيرهم؛ فقد اعتبر الجنديُّ أن حضارة المسلمين احترمت شعائر من هم على غير الإسلام من أهل الكتاب، وفسحت للتعايش معهم فسيح الأبواب، وهذا من مفاخر الحضارة الإسلامية التي شهد بها كُتَّاب الغرب أنفسهم، ولكن ما إن صار المسلمون أقلية في فترة من التاريخ حتى لاقوا مُعاملة على النقيض من تلك التي قدَّموها لليهود والمسيحيين لما احتَمى هؤلاء بالمسلمين، وما حصل في الأندلس دليل شاهد على الخسَّة والضغينة التي عامل بها المسيحيون من رحَّب بالتعايش معهم إبان بضعة قرون.

 

ونعود إلى القول بأن التوحيد الذي ركز عليه الأستاذ أنور الجندي باعتباره مِن مقوِّمات الحضارة الإسلامية هو نفسه الذي يؤسِّس للنهوض الحضاريِّ؛ حيث إنَّ الحضارة الإسلامية قامت على الربانية والإنسانية، فامتازت عن الحضارات الأخرى كاليونان، والرومان، والفرس، والحضارة الغربية المُعاصِرة، التي هي جماع الفكر البشري، والتي كان للفلسفات البشرية تأثير واضح في مسارها، فتباينَت واضطربت، أما حضارة التوحيد، فهي تنهل من الوحي وتَستضيء بجذوته، ويرتب الأستاذ الجندي على تلك الوحدانية أنها تضمَن الوحدة الإسلامية، من خلال وحدة الهدف والمنهج والتصور، ليصل إلى (وحدة القيم) أو قل: وحدانية القيم، وهل كان جهل الناس واختلافهم إلا لما تركوا اللسان العربي المبين، وزاغُوا عن النهج القويم، بحيادهم عن منبع الصفاء، ومَورِد النَّقاء، فمالوا إلى ألسن أخرى تحمل مفاهيم خاصة بأصحابها، وبدهيٌّ أنها مُباينة لفكر المسلمين؟ وهذا ما نبَّه إليه الإمام الشافعي (ت: 204 هـ)[10]، ونقله عنه الإمام السيوطي (ت: 911 هـ)[11]، وحقًّا ما ذهب إليه الإمام الشافعي؛ فاستبدال اللسان الأجنبي بالعربي، والفكر الآخر بالإسلامي يؤدِّي إلى الخلاف، والحضارة الإسلامية القائمة على المقوِّمات الأصيلة كفيلة بضَمان الوحدة الإسلامية لِما عرضناه آنفًا، ومن هنا تكون حضارتنا الإسلامية غير نسبية؛ ذلك أن الله تعالى هو الواحد الأحد، ولذا كانت القيم ذات مِعيار واحد، ولنَستمِع إلى الأستاذ أنور الجندي في تبيينه لهذا بقوله: "أما كون الله واحدًا، فمعناه عند العقل العربي أن القيَمَ تَحمل معيارًا واحدًا، لا يتأثَّر باختلاف الزمان والمكان، فالمِعيار واحد لكل إنسان أنَّى كان وحيثما كان، فليس لكل مجموعة من الناس معيارها الخلُقي ومعيارها الذي تعيش به"[12]، ومِن هنا يؤمن أنور الجندي بموضوعية القيم، وتَخليصها من قيود النسبية التي تختلف فيها المعايير باختلاف الظروف[13]، وبالتالي تكون الحضارة الإسلامية قد تميزت عن الحضارات الوثنية بخاصية الثبات، فأنَّى لها أن تهتز باختلاف البيئات والعصور؟

 

وإذا كان مفهوم الإسلام للقيم ينطلق من وحدانيتها؛ لأنها لا تجد انفكاكًا عن التوحيد، فقد وجدْنا من يُعرِّفها بأنها هي الفلسفة كل الفلسفة[14]، وقد عزا بعضهم هذه القيم إلى فكر الغرب وتصوُّراتهم لها[15]، وهي نتاج عقلية بعيدة عن التصور الإسلامي.

 

بيانه لفضل حضارة المسلمين على حضارات الآخرين:

إن للحضارة الإسلامية فضلاً - لا ينبغي أن نغض الطرف عنه - على الحضارات الأخرى، وقد كان هذا نتيجةً حتميةً لتمايز حضارة الإسلام من حيث خصائصها المتميزة التي أوضحناها، وقد أشار الأستاذ الجندي إلى أثارة من جملة حقائق عن أثَر الحضارة الإسلامية في التقدم المعاصر لا يمكن تجاهلها، وإليك هذه الحقائق في مثل قوله: "يرجع الفضل الأول في نجاح فاسكودي جاما ورحلاته الاستكشافية، ومن مدرسة الخرائط التي قامت في جزيرة ميروقة مُعتمِدة على جهود العرب فيه إلى ما أفاده من المَراجع الجغرافية العربية التي تُرجمت في إسبانيا السابقة، وفوق هذا كله فقد كان دليله الذي قاده من شرق إفريقيا وأوصله آمنًا إلى الهند هو الملاح العربي المشهور أحمد بن ماجد"[16]، ولم يَفت الجندي أن يُبرز تفوق أعلام الأمة الإسلامية على علماء الغرب، ومِن بينهم: "تفوق الإمام الغزالي على ديكارت في نقطتين هامَّتين؛ أولاهما أنه حدد العلم اليقيني قبل أن يتقدَّم في اختباراته وأبحاثه حتى يكون التحديد ميزانًا صادقًا يزن به العلم اليقيني من غيره، وثانيتهما: هي أن تعريف ديكارت للعلم اليقيني فيه ضعف، بل ما يدعو إلى الشك؛ إذ جعل مِعْيار صدق المعرفة وضوحها، ونسيَ أن الوضوح أمرٌ نسبي"[17].

 

وبالجملة فإن للحضارة الإسلامية قيمة أكيدة - لا مرية فيها - في إنارة الحضارات الأخرى؛ لأن "المسلمين قدموا للإنسانية المنهج العلمي التجريبي، الذي لم يَسبقهم إليه أحد، وأنه هو الحجر الأساسي لبناء الحضارة الحديثة"[18]؛ إذ لم يُفكَّ العقل الأوربي من عقاله إلا بمنهج التجريب، وهدم المنهج القياسي الأرسطي؛ لأنه عقيم لا يوصل إلى شيء، ولقد أخذ الغرب بمنهجنا التجريبي "الذي اصطنعه الحسن بن الهيثم ورفاقه مِن علماء الحضارة الإسلامية، أسلوبًا أمثل للبحث العِلمي في العصور الوسطى، ثم طوَّره علماء أوروبا المُحدَثون حتَّى أصبح أساسًا لمناهج البحث في العلوم المُعاصرة"[19]، وقد اعتبر الأستاذ أنور الجندي أنَّ من المغالطات الفكرية المضلِّلة محاولةَ حجب الدور الحقيقي للإسلام في الحياة العلمية؛ ذلك أن من "أبرز مظاهر التحامل على الإسلام ما ذهب إليه قادة الحضارة الغربية من اتهام الإسلام بأنه لم يكن له فضل على العلم، وأن دوره كان قاصرًا على نقل علوم اليونان والرومان، دون أن يُضيف لها شيئًا، وكان قول أغلبِهم: إن حضارة أوربا الحديثة في عصر النهضة اتصلت بحضارة أوربا القديمة - الحضارة الرومانية - وبينهما فترة أطلق عليها اسم العصور الوسطى مقدارها ألف سنة"[20]، وهذا يزيد الحضارة الإسلامية أصالةً قوية؛ حيث لم تتأثَّر بسواها من الحضارات، بل هي التي غذت الحضارات الأخرى بعلومها، وكان المنهج التجريبي - الذي أشرنا إليه آنفًا - سمةَ الحضارة الإسلامية، والذي يثير الدهشة أن العالم الغربي بعد أن نهل من منهج المسلمين التجريبي المثمر، أعطاهم بدلاً عنه منهج أرسطو، وفي ذلك يقول الأستاذ أنور الجندي: "إنَّ المسلمين قدموا للغرب المنهج التجريبي الذي بُني في عصر النهضة، وهدم مذهب أرسطو الذي كان مذهبًا نظريًّا تأمليًّا عاق أوربا عن التجريب حتى هداهم المسلمون إليه، فلما جاء الغربيون إلى الشرق كان همُّهم أن يقدموا للمسلمين مذهب أرسطو"[21]! وقد حمَّل الأستاذ الجندي رجال التغريب جريرة الذنب على خداعهم لأمَّتهم، بعملهم في مساعدة الغرب على هذه المقايَضة التي نجح فيها الغرب، فبين أن التغريبيِّين خانوا أمَّتهم، ولم يَصدُقوها؛ إذ "دعا لطفي السيد وطه حسين إلى هذا المذهب غاشين به أمَّتهم؛ ذلك لأن المسلمين من قبل نهضة أوروبا كانوا قد كشفوا عن زيف مذهب أرسطو"[22]، وقد لمستُ في الأستاذ أنور الجندي غيرته الشديدة على المنهج التجريبي، مذكرًا بأنَّ المسلمين هم أصحابه الحقيقيون، فحين "يَطلب المسلمون العلم التجريبي وصولاً إلى التكنولوجيا، إنما يطلبون شيئًا شاركوا في صناعته، وساهموا في بنائه وإنمائه، وهم اليوم حين ينقلونه إلى محيطهم وإلى لغتهم إنما يحقِّقون للعلم رسالته الربانية الأصيلة"[23]، مؤكِّدًا على أهمية حضارة المسلمين بمنهجهم المستمَدِّ مِن فكرِهم الإسلامي "الذي رفض المنطق الأرسطي الذي يقوم على القياس والاستدلال النظري، وأقام منطقًا جديدًا أكثر تعبيرًا عن خصائصه، هو المنطق الحسي التجريبي؛ فالفِكر الإسلامي فكر تجريبي أصلاً"[24]، بعدما أكَّد الجندي هذه الحقيقة، وبعدما أوضح أن المسلمين أعطوا لأوربا المنهج التجريبي، لا يفوته أن يذكر المعادلة السلبية، ومفادها - والأسى ملء الجوانح - أنَّ المسلمين لما "أعطوا لأوربا المنهج التجريبي الإسلامي ليُحييها، فلما عادت أوروبا أعطت المسلمين المنهج الأرسطي لتُميتَهم"[25].

 

وقد ردَّ الأستاذ أنورُ الشُّبهةَ الرائجة والزعم القائل بأنَّ حضارات الأمم الأخرى، كاليونان، والرومان، وسواهما.. قد كان لهما أثر بارز في الحضارة الإسلامية، وأن تلك الحضارات أحد الروافد الهامة في حضارة المسلمين، فهذه من الشبهات المطروحة في أفق الفكر الإسلامي، وقد روج لها المستشرقون وأضرابهم[26]، معتبرين أن الحضارة الإسلامية التي تمثل الفكر الإسلامي - المستمَد من الوحيين - كان للتأثير الغربي نصيب في تكوين الفكر الإسلامي المعبر عن حضارته، وقد رد هذه المغالطة الفكرية بتوضيحه أن "منهج الفكر الإسلامي كان قد تشكَّل وتكامل قبل ترجمة الفلسفة اليونانية، وأنَّ الفلسفة التي تُرجمت لم تكن هي الفلسفة اليونانية، بل هي مفاهيم السريان المسيحية التي أرادوا إدخالها والتبشير بها، ولا ريب أن هناك تعارضًا بين مفهوم الإسلام ومفهوم الفلسفة اليونانية في التوحيد والأخلاق، فضلاً عن تعارض الإسلام مع المذهب العبودي الذي هو حجر الأساس في الفلسفة اليونانية بعامة"[27].

 

وإذا كان الغرب قد تنكَّر للدور الكبير الذي قدمته الحضارة الإسلامية لهم، وما أسدته من فضل كبير في التقدم العلمي لحضارتهم، فإن مفكرنا أنور الجندي لم يفتْه أن يستثني أعلامًا من الغرب الذين أنصفوا الحضارة الإسلامية، واعترفوا لها بما يجب الاعتراف به، واعتبرهم ممن جهروا بكلمة الحق، فيقول: "أنكر الغرب حضارة الإسلام وفضلَها على حضارة أوربا الحديثة، ولكن عشرات من أعلام الفكر الغربي قاوَموا هذا الاتجاه وزيَّفوه، منذ كتب جوستاف لوبون كتابه حضارة العرب 1884 حتى اليوم بكتابات أرنولد توينبي في آخر مؤلفاته سنة 1954 الحضارة في فترة اختبار"[28].

 

وهكذا كان الأستاذ أنور الجندي ممن اعترفوا بجهود المفكِّرين الغربيين في إبراز أصالة الحضارة الإسلامية، فاعتبرهم ممن أنصفوا حضارتنا، واعترفوا لها بالتفوق والريادة[29].

 

كشفه عن أسباب ضعف الحضارة الإسلامية:

لا غرْو أن المِحَن التي تكالبَت على الأمة الإسلامية كان لها أثر في توهين الحضارة الإسلامية، فرقَّت في نفوس أصحابها، بعدما كان المسلمون الأسلاف الأوائل قمةً في التقدم الحضاري، ولكن ما لبث أخلافهم أن استكانوا إلى حياة الدَّعة والراحة، فعصفت بهم مكايد الأعداء، وقد بدأ ذلك بسقوط السلطان عبدالحميد الثاني، وإلغاء الخلافة العثمانية، فالمسلمون لما ابتعدوا عن الصراط المستقيم أصابتهم سنَّة الله تعالى في الخلق، فقد استفاقوا على هول الاستعمار الغربي لهم في عُقر دارِهم، ثم "تقاسم الغرب في مؤامرة خطيرة ميراث الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، وأقام وطنًا قوميًّا لليهود في قلب فلسطين"[30]، هذا هو السقوط الحضاري الذي مُني به المسلمون بعد أن كانوا مُسَيطِرين على العالم ردحًا طويلاً من الزمن.

 

ومردُّ هذا التأخُّر بعد التقدم، والضعف بعد القوة، إلى "الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، وكثرة الخلافات، وإعلاء القوميات، وانتقال السلطة من العرب إلى الفرس والترك والمماليك، وإهمال العلوم التجريبية وسواها..."[31].

 

لهذه الأسباب وغيرها ضاع مجد الحضارة الذي اعتراه التصدُّع بما كسبت أيدي المُنتسبين له، الذين تقاعَسوا عن استرداد مجد حضارتهم بحركة الجهاد الدائم الذي لا ينقطِع إلى يوم القيامة، وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، وذلك نتيجة ما جناه التغيير في فكرهم وأحوالهم؛ قال الله جل وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

 

ومِن هنا استطاع النفوذ الأجنبي أن يعمل جاهدًا على تغيير كثير من مفاهيمنا الحضارية، وعمل على احتوائها في أيديولوجياته، بعد أن كانت أمةً قائدة رائدة، وعاؤها الفكري كامن في لغتها، باعتبار أن اللغة لها دور مُهمٌّ في تشكيل الحضارة، وقد عمل الاستعمار على محاربة اللغة العربية، وإعلاء اللغة الأجنبية، فصارت لغةً رسميةً، وفشتْ على ألسنة الناس، وجدير بالذِّكر أن العودة إلى منابع حضارتنا، رهين بالعودة إلى لغتنا، وهذا هو الأمل المنشود؛ حتى لا يستمر الوهن في الأمة.

 

وقد يكون استمرار هذا الضعف لأنَّنا لم نَسلك بَعدُ الطريق القاصد إلى العلاج الصائب النافع، وهو يَقتضي ضرورة الوعي باللحظة الراهنة التي تحتاج إلى التنظير لها بما يُناسبها للخروج من الأزمة التي تعيشها، ليكون تنظيرًا يحقِّق مقاصدَها، وخاصة أننا في مرحلة الاستضعاف والاستلاب الحضاري، وهذا ما أوصى به أستاذنا الدكتور أحمد بزوي الضاوي[32] حفظه الله تعالى لما أطلقَ صيحتَه مُناديًا بضرورة دراسة (فقه المستضعَفين) والتعامل به في واقع الأمة الذي تَعيشُه، بدلاً من الاهتمام بفقه النصر والتمكين، والعيش على تعليل النفس بترديده، ولمَّا نَبلُغْ مرحلته بعد؛ لأنه لا يصلح في هذه الآونة والأمة مُستضعَفة.

 

إن ضرورة استحضار واقع الأمة، وما يوجه لثقافتها لتغيير معالمها مِن التيارات الوافدة - لمن شأنه أن يضمَن لنا تحليلاً لكثير من الحقائق التي نحسب أنفسنا أننا منها على بصيرة، ونحن أبعد ما نكون عن إدراكها؛ نتيجة التضليل المفاهيمي والفساد الثقافي الذي مُني به المسلمون، ويجب على الباحثين والتربويين أن يعملوا على تحصين الذات الإسلامية وحمايتها من الأخطار المُحدِقة بها، حتى ينهزم أصحاب المعاول الصدئة الذين يسعون إلى تغيير معالم المسلمين ومفاهيمهم، وهيهات لهم ذلك.

 

دعوته إلى إحياء الحضارة الإسلامية بالعودة إلى المنابع الأصيلة:

إنَّ الأمة الإسلامية لن ترسم طريق مجدها إلا على النحو الذي رسمه لها دينها الإسلامي، الذي تستمد منه قوتها وعزتها، ومن هنا كان لزامًا على المسلمين أن يعنوا بأسلمة ثقافتهم، وفي يقين الأستاذ أنور الجندي أن "أسلمة الثقافة غاية كبرى من الغايات الأساسيَّة في التحول من التبعية إلى الأصالة، وهي إحدى غراس الصحوة الإسلامية"[33]، معتبرًا هذه الأسلمة جزءًا من المشروع العام لأسلمة العلوم والمصطلحات، ويعتبرها هي القاعدة الثانية بعد قاعدة تصحيح المفاهيم على طريق الوصول إلى منهج إسلامي جامع[34]، وقد أدرَكَ الجنديُّ الدور الكبير الذي تلعبُه المدرسة في تشكيل الفكر، فعمل جاهدًا على بيان أن التعليم قد عبثَ به التغريب، فاستخدمه خَنجرًا مسمومًا طعَن به المسلمين، وهذا ما وصل إليه اعتقاد الأستاذ الجندي؛ "فالخنجر المسموم الذي طُعن به المسلمون هو التعليم وما يتصل به من شأن التربية والثقافة"[35]، ومِن ثم كان لا بد من أسلمة عامة لعلومنا، لتعود نقية لا تشوبها شائبة من لوثات التلبيس الغربي، والاستتباع الثقافي له.

 

وقد وجدناه يركز اهتمامه على العودة بالمسلمين إلى منابعهم الأصيلة التي تدلُّ على هُويتهم، وسمى ذلك بميراث النبوة، وهو: (القرآن الكريم، والسنة النبوية)؛ لأنه مصدر عقيدة المسلمين ومنهج حياتهم الذي تنهار حياتهم تمامًا عندما يتخلَّفون عنه، وأيضًا ذلك التراث الذي كتبه رجالنا الأفذاذ الأعلام على طول أربعة عشر قرنًا يَستمدُّون نهجه من ميراث النبوة، تفسيرًا واضحًا، وبيانًا بما يناسب العصور والبيئات، من خلال علوم القرآن والتفسير والفقه والسنَّة والتاريخ، وما قدَّمه المسلمون في مجال العلم التجريبي ومنهج المعرفة وعلوم السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية[36]، ومِن هنا يكون الأستاذ أنور الجندي رحمه الله تعالى قد فتح عيون قرائه على مقومات نصرة المسلمين إن تطامنوا لها، ليشهدوا العز والتمكين في هذا الدين، وإليك ما ذكره من أسباب للعودة إلى الريادة، للظفر بالسعادة؛ وذلك في نصرة هذا الدين لينتصر المسلمون؛ لقول الله تعالى: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ [محمد: 7]، ونسوق مقوِّمات النصر، وأبرزها: "عقيدة سليمة، وعبادة صحيحة، وكتاب منير، وأسوة حسنة، وشريعة عادلة، وأخلاق إيجابية، وجهاد في سبيل الله، وتربية صالحة لبناء الأجيال، ومفهوم شامل للحياة والمجتمع، وإيمان صحيح يربط العلم بالعمل، وبطولة في المواقف، وصمود في وجه العدو"[37].

 

وهكذا يؤكد الأستاذ أنور الجندي على أن ينهج المسلمون في العصر الحديث ما سلَكه أسلافُهم من وسائل النصر والتمكين؛ لكيلا نظلَّ مُستضعَفين، وبين أيدينا وحي رب العالمين، ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 4، 5].

 

ولعلَّنا بعد هذا التطواف في جوانب كشفِنا عن رؤية الأستاذ أنور الجندي للحضارة، نكون قد أسهمنا في تقديم صورة تُضيء للباحثين طريقهم عن موقف عَلَم من أعلام الفكر الإسلامي المَرموقين - في القرن العشرين - لحضارة الغرب والمسلمين، وهكذا نكون قد قدمنا في دراستنا هذه من نظر إلى الحضارة نظرةً موضوعية، استخرجناها من بعض ما وصَل بين أيدينا من كتب فكرية، دبَّجها صاحبها (أنور الجندي) طوال مسيرته الحياتية الحافلة بالعطاء، وما كان لهذا المفكِّر الإسلامي أن تفترَ عزيمته أو تخبُوَ همته عن إتمام مسيرته العلمية التي وقف نفسه لها منذ نضارة شبابه، حتى لقيَ ربه راضيًا بما قدم لأمته من قلم جفَّ مدادُه، ولم يجف الذي حمله منذ عشرات السنوات في خدمة قضايا أمته، فعزاؤنا اليوم في رحيل الأستاذ أنور الجندي هو من يحمل الراية ويتمُّ المسير، ويبدأ من حيث انتهى هذا المفكِّر النحرير في دراسة الفكر الغربي بعامة، والحضارة بخاصَّة، ويَسير على الطريق الذي عبَّده له هذا الرجل وأمثاله.

 

ويومَها سرعان ما تلبث ركائز أصحاب الفكر المارق من حظيرة دينِنا أن تنهزم، وراية الإسلام أن تعتلي وتنتصر بإذن الله تعالى؛ فهو القائل: ﴿ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].

 

ولا يَفوتنا أن نهيب بالغيورين على الفكر الإسلامي ألا يساهموا فيما تسعى إليه المؤسسات التغريبية من مؤامرة تجاهُلِ أعلامنا الجِلَّة؛ ولذا وجب الحرص على تقديمهم للأجيال الناشئة على أنهم نماذج تُحتذى؛ حتى لا نساهم في مؤامرة الصمت التي تُحاك تجاه أعلامنا، الذين أسهموا في الدفاع عن أصالة فكرنا، ولا بد من البحث عن مؤلفاتهم القيمة التي أغنت المكتبة الإسلامية، ودفع دور النشر إلى إعادة طبعها ونشرها، وهذا ما نوصي به هنا، ونخص بالذكر موسوعات المفكر الإسلامي أنور الجندي (رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأجزل مثوبته).



[1] انظر مقالنا: "الحضارة الغربية في رؤية الأستاذ أنور الجندي"، المنشور في "شبكة الألوكة"، على الرابط: http://www.alukah.net/culture/0/90397 /

[2] مقدمات العلوم والمناهج؛ أنور الجندي، دار الأنصار (4 / 754، 755) بتصرف كبير.

[3] المرجع نفسه (ص: 754).

[4] المرجع نفسه (ص: 754).

[5] مقدمات العلوم والمناهج؛ أنور الجندي، المرجع السابق (4 / 754، 755).

[6] إنَّ الانفتاح على الآخر هو من مميزات الحضارة الإسلامية؛ فالانفتاح كما يقول أحد الباحثين هو "بند من بنود تعقل المسلم الذي يَحميه من التزمُّت والتنطع، ويدفعه إلى التواضع الفكري، وهذا من جوهر الحضارة الإسلامية"؛ انظر: جوهر الحضارة الإسلامية؛ د. إسماعيل الفاروقي، مجلة الأزهر، رجب 1436هـ / مايو 2015م، الجزء 7، السنة 88 (ص: 1483، 1484، بتصرف يسير.

[7] الحضارة في مفهوم الإسلام؛ أنور الجندي، سلسلة على طريق الأصالة الإسلامية، رقم 4، دار الأنصار (ص: 8، 9).

[8] شُبهات التغريب في غزو الفكر الإسلامي؛ أنور الجندي، المكتب الإسلامي، دمشق، 1398هـ / 1978م (ص: 379).

[9] عرَض الأستاذ أنور الجندي لمميزات الحضارة الإسلامية بتفصيل في الجزء الرابع من موسوعته: مقدمات العلوم والمناهج (ص: 751، 752).

[10] وذلك في معرض حديثه عن خطورة ميل المسلمين إلى فلسفة أرسطو، وبذلك يكون الإمام الشافعي من أوائل المحذِّرين من الاحتواء في فلسفة اليونان التي لا تمتُّ بصلة إلى ما عند المسلمين، ويوحي كلامه بموقفه الرافض من تلك الفلسفة؛ لِما أدركه من تمايز الثقافتين بما يَحويه اختلاف اللسانين.

[11] انظر: صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام؛ جلال الدين السيوطي، تحقيق: علي سامي النشار.

[12] شُبهات التغريب في غزو الفكر الإسلامي؛ أنور الجندي (ص: 368).

[13] انظر: المرجع نفسه.

[14] وجدنا هذا التعريف عند بعض من خص القيم بالتأليف؛ كصاحب كتاب العُمدة في فلسفة القيم؛ د. عادل العوا.

[15] يردِّد أقطاب دعاة الفكر الغربي هذا الفهم للقيَم؛ كزكي نجيب محمود، وللوقوف على تصوره للقيم ومفهومه لها، انظر كتابه: نافذة على فلسفة العصر، ج 2، كتاب العربي (18)، 15 أكتوبر 2014م.

[16] صفحات مضيئة من تراث الإسلام؛ أنور الجندي، دار بو سلامة، تونس (ص: 143).

[17] المرجع والصفحة نفساهما.

[18] حضارة الإسلام تُشرق من جديد؛ أنور الجندي، سلسلة على طريق الأصالة الإسلامية، رقم 20، دار الأنصار، القاهرة (ص: 5).

[19] فلسفة العلوم بنظرة إسلامية؛ د. أحمد فؤاد باشا، كتاب العربية، رقم 130، المجلة العربية، الرياض، 1434هـ.

[20] الإسلام في غزوة جديدة للفكر الإنساني؛ أنور الجندي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، سلسلة: التعريف بالإسلام، الكتاب التاسع عشر، 1384هـ / 1964م (ص: 109).

[21] صفحات مضيئة من تراث الإسلام، أنور الجندي (ص: 137).

[22] المرجع والصفحة نفساهما.

[23] نفسه.

[24] الإسلام في مواجهة الفلسفات القديمة؛ أنور الجندي، الموسوعة الإسلامية العربية، رقم 11، دار الكتاب اللبناني، 1987م (ص: 13).

[25] صفحات مضيئة من تراث الإسلام؛ أنور الجندي (ص: 173).

[26] انظر بعضًا من تلك الشبهات فيما أورده المستشرق جولد زيهر في كتابه: التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية، ترجمة: عبدالرحمن بدوي.

[27] الإسلام في مواجهة الفلسفات القديمة؛ أنور الجندي (ص: 10).

[28] انظر: الإسلام في غزوة جديدة للفكر الإنساني، أنور الجندي (ص: 105).

[29] كان لأنور الجندي اهتمام بشهادات المفكرين الغربيين حول الإسلام، وقد أورَدها في كثير من مؤلفاته للتنويه بأعلام الغرب الذين شهدوا للإسلام وحضارته بما ينبغي الاعتراف به، وقد اعتبر شهاداتهم غزوَة جديدة للفكر الإنساني؛ ولأهمية تلك الشهادات فقد انتقى أحد الباحثين منها أروَعَها، وأفردها بالجمع في كتاب خاص، وأرمي بذلك إلى الكتاب الصادر حديثًا بعنوان: "دراسات غربية تشهد لتراث الإسلام"؛ وهو من إعداد الدكتور محمد عمارة، هدية مجلة الأزهر، شعبان، 1436هـ.

[30] عطاء الإسلام الحضاري؛ أنور الجندي، سلسلة دعوة الحق، رابطة العالم الإسلامي، العدد 163، السنة الرابعة عشرة، رجب 1416هـ (ص: 157).

[31] الإسلام وحركة التاريخ؛ أنور الجندي، دار الكتاب اللبناني، ضمن سلسلة: الموسوعة الإسلامية العربية، ط 8، 1999م، بتصرف.

[32] أفصح فضيلته لنا أنه مُهتمٌّ بدراسة هذا الفقه الغائب، وقد دعا - في أكثر من مناسبة - إلى إحيائه والتعامل به؛ فهو الحل المناسب لتجاوز أزمة الأمة الإسلامية في الحاضر، مقارنة بتاريخها الذي شهدت فيه كثيرًا من المِحَن والمعاناة، في سائر المجالات، وهو أشد بكثير مما تعيشه الأمة اليوم؛ وله دراسة حول فقه المستضعفين في القرآن الكريم.

[33] عطاء الإسلام الحضاري؛ أنور الجندي (ص: 135).

[34] انظر المرجع والصفحة نفسيهما.

[35] الخنجر المسموم الذي طُعن به المسلمون؛ أنور الجندي، سلسلة: في دائرة الضوء، دار الاعتصام (ص: 7).

[36] يفيد الاطلاع على مقال للأستاذ أنور الجندي؛ بعنوان: "التراث الإسلامي"، نشر في مجلة منار الإسلام، الإمارات، العدد 12، السنة 11، ذو الحجة 1406هـ، 1986م (ص: 69).

[37] بماذا انتصر المسلمون؟ أنور الجندي، الرسائل الإسلامية (2)، مؤسسة الرسالة، ط 2، 1403هـ / 1983م (ص: 9).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحضارة الغربية في رؤية الأستاذ أنور الجندي
  • وقفة مع كتاب

مختارات من الشبكة

  • تطور منهج التوثيق في الحضارة الإسلامية وواقع التوثيق في الحضارة الحديثة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحضارة الإسلامية ظلت الحضارة الأولى عالميًا لأكثر من عشرة قرون(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • حول مفهوم الحضارة(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • الحضارة الإسلامية حضارة سلام لا إرهاب (PDF)(كتاب - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإعلام والحضارة الإسلامية(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تاريخ النظم العلمي في الحضارة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الانبهار بالحضارة الغربية المادية (4)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحضارة عند مالك بن نبي(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • من مآثر الحضارة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- الحضارة الإسلامية والغرب
فريد - الجزائر 30-05-2024 11:18 PM

الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي في الأندلس كانت نموذجا راقيا يقتدى به من حيث التنوع والتعايش والعالمية جعلتها مرجعا ومنارة للعالم كله.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب