• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

الأزمة المالية: أسبابها وعلاجها

د. علاء شعبان الزعفراني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/8/2015 ميلادي - 17/10/1436 هجري

الزيارات: 310588

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأزمة المالية

أسبابها وعلاجها


لما ذاع في الأفق خبر الأزمة المالية التي تهاوت فيها بنوك كبرى ومؤسسات مالية عظمى، وانحدرت فيها البورصات العالمية، وتبخرت تريليونات، وطارت مليارات من أسواق المال، فما هي أسباب هذه الأزمة المالية؟

 

المبحث الأول: التعريف بالأزمة المالية:

هي الانخفاض المفاجئ في أسعار نوع أو أكثر من الأصول. والأصول إما رأس مال مادي يستخدم في العملية الإنتاجية مثل الآلات والمعدات والأبنية، وإما أصول مالية، هي حقوق ملكية لرأس المال المادي أو للمخزون السلعي، مثل الأسهم وحسابات الادخار مثلاً، أو أنها حقوق ملكية للأصول المالية، وهذه تسمى مشتقات مالية، ومنها العقود المستقبلية (للنفط أو للعملات الأجنبية مثلاً).

 

فإذا انهارت قيمة أصول ما فجأة، فإن ذلك قد يعني إفلاس أو انهيار قيمة المؤسسات التي تملكها.

 

وقد تأخذ الأزمة المالية شكل انهيار مفاجئ في سوق الأسهم، أو في عملة دولة ما، أو في سوق العقارات، أو مجموعة من المؤسسات المالية، لتمتد بعد ذلك إلى باقي الاقتصاد[1].

 

ويمكن إجمال ما حدث حتى تفجرت الأزمة في النقاط التالية[2]:

[1] شجع الازدهار الكبير لسوق العقارات الأمريكية ما بين عامي 2001م - 2006م، البنوك وشركات الإقراض على اللجوء إلى الإقراض العقاري مرتفع المخاطر، والذي يقوم على منح المقترضين قروضًا بدون ضمانات كافية، وبمخاطر كبيرة مقابل سعر فائدة أعلى (عوائد ربوية أكبر)، والهدف هو تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح (عوائد الربا) لمؤسسات الإقراض، وقد بلغت تلك القروض نحو 1.3 تريليون دولار في مارس 2007م.

 

[2] توسعت المؤسسات المالية الكبرى في منح القروض للمؤسسات العقارية وشركات المقاولات والتي زادت عن سبعمائة مليار دولار.

 

ومنح هذه القروض كان قائمًا على فرضية عدم وجود خسارة أبدًا، حتى لو لم يتمكن المقترض من سداد قرضه، فإن سعر المسكن سيزيد مع الزمن، وسيتمكن هذا المقترض من بيع بيته أو يتم الحجر عليه وبيعه بسعر أعلى.

 

[3] أدى ارتفاع سعر الفائدة إلى تغيير في طبيعة السوق الأميركية، تمثل في قلة الطلب على العقار نتيجة ارتفاع أسعاره المبالغ فيها، وبالتالي بدأت أسعاره تتهاوى، وتزايد عدد العاجزين عن سداد قروضهم العقارية في الولايات المتحدة.

 

[4] أدرك المواطن الأمريكي أنه أمام خيارين: إما أن يستمر في تسديد قرض أصبح أعلى من سعر منزله فيما لو سدده دفعة واحدة، أو يمتنع عن التسديد ويترك منزله لكي يستولي عليه البنك، وهو الحل السليم في نظره.

 

فبلغ حجم القروض المتعثرة للأفراد نحو مائة مليار دولار.

 

[5] تبع ذلك ازدياد عروض المنازل المرهونة للبيع، مما أدى معه إلى الضغط أكثر على أسعار العقار، وزاد عدد المنازل المعروضة للبيع في الولايات المتحدة 75% عام 2007م، حيث بلغ عددها 2.2 مليون منزلاً.

 

[6] أصبحت شركات التأمين في مأزق كبير، بسبب تأمينها على تلك القروض المعدومة.

 

[7] شعر المواطن الأمريكي الذي كان يربط ودائعه بالبنوك –وهم المقرضون للبنوك بالفائدة الربوية - بخطر شديد، وبدأ بفك ودائعه من البنوك.

 

[8] ضعفت قدرة البنوك على تمويل الشركات والأفراد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي، وهدد بحدوث كساد كبير. وبالتالي انخفضت إيرادات البنوك، وبدأت في تسريح الموظفين.

 

[9] أصبحت مطلوبات البنوك وشركات التأمين أكثر من إيرادتها، وهو ما أدى إلى إعلان بعض البنوك إفلاسها، للاستفادة من نظام إفلاس الشركات المعمول به في أمريكا، وذلك لحمايته من دائنيه، والهروب من المطالبات المستقبلية.

 

المبحث الثاني: نتائج الأزمة المالية:

1 - إفلاس عدد من شركات الإقراض العقاري الأميركية مثل:

New Century Financial Corporation.

American Home Mortgage Investment.


2 - لجوء الكثير من الشركات العقارية إلى تسريح عدد كبير من موظفيها، ومن بين هذه الشركات شركة (Countrywide)، كبرى مؤسسات القروض العقارية في الولايات المتحدة، التي قررت تسريح خمس موظفيها بواقع 12 ألف وظيفة لمواجهة نحو 1.2 مليار دولار من الخسائر التي لحقت بها جراء أزمة الرهن العقاري.

 

3 - ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين أميركي يواجهون خطر فقدان منازلهم.

 

4 - شركة (Merrill Lynch) الاستثمارية الأميركية تتكبد خسائر بقيمة 14.1 مليار دولار.


5 - Bank of America يشتري بقيمة أربعة مليارات دولار (countrywide bank) أكبر ممول للرهن العقاري في الولايات المتحدة، في خطوة من شأنها تفادي حدوث واحدة من أكبر حالات الانهيار في أميركا جراء أزمة الإسكان.

 

6 - تدهورت البرصات أمام مخاطر اتساع الأزمة، بينما أعلنت عدة مصارف كبرى عن انخفاض كبير في أسعار أسهمها.

 

7 - قررت جميع البنوك الأوروبية تجميد صناديقها العاملة في المجال العقاري في الولايات المتحدة، حيث جمد بنك (BNP Paribas) أكبر بنك فرنسي مدرج بالبرصة استثمارات قيمتها (2.3) مليار دولار.

 

8 - بنك (IKB Deutsche Industrie) الألماني تكبد خسارة تقدر بـ 954.818 مليون دولار.

 

9 - أقدمت الحكومة البريطانية على تأميم بنك " Northern Rock" للتمويل العقاري لمنع إشهار إفلاسه، وهي المرة الأولى منذ سبعينيات القرن الماضي التي يتم فيها تأميم شركة بريطانية.

 

10 - بنك JP Morgan Chase"" أعلن شراء بنك الأعمال الأميركي " Bear Stearns " بسعر متدن مع المساعدة المالية للاحتياطي الاتحادي.

 

11 - باعت مؤسسة " " citi group 7.5 مليار دولار من السندات إلى هيئة استثمار أبو ظبي الإماراتية الحكومية.

12 - خسائر مصرف credit suisse السويسري سجلت أرقامًا قياسية.

13 - الحكومة اليابانية تعلن أن خسائر مؤسساتها المالية نتيجة لأزمة قروض الرهن العقاري تضاعفت إلى 5.6 مليارات دولار بالأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2007م!!

 

المبحث الثالث: أسباب الأزمة المالية:

إن أسس الهندسة المالية التقليدية المنبثقة من فلسفة المذهب الاقتصادي الرأسمالي الحر لها الأثر الأكبر فيما حصل، وقد لا يبدو أثر تطبيقات هذه الهندسة المالية التقليدية إلا كفقاعة تظهر هنا وأخرى تظهر هناك، لكن تدحرج كرة الثلج يزيد من حجمها ويصبح أثرها واضحًا، وقد يذهب هذا الأثر بالأساس الفكري للمذهب الاقتصادي، وعليه فيمكن إرجاع الأزمة المالية إلى الأسباب التالية:

أولاً: الربا:

لقد ارتبطت بوادر الأزمة بصورة أساسية بالارتفاع المتوالي لسعر الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي منذ عام ٢٠٠٤، وهو ما شّكل زيادة في أعباء القروض العقارية من حيث خدمتها وسداد أقساطها. وتفاقمت الأزمة بحلول النصف الثاني من عام ٢٠٠٧م، حيث توقف عدد كبير من المقترضين عن سداد الأقساط المالية المستحقة عليهم.

 

وهذه نتيجة طبيعية لأن الربا عنصر خفي محفز على التضخم. وقد نبه اقتصاديون غربيون كبار لهذا الأثر المسيء لكن جشع المؤسسات والأفراد أعمى بصيرتهم بتفضيل المصلحة الفردية بصورة مطلقة على المصلحة الجماعية (العالمية).

 

فالتوسع الهائل في الإقراض لجني الأرباح، دمر الاقتصاد، وتزايدت حجم المديونيات حتى صارت أكبر من نمو الاقتصاد الحقيقي نفسه.

 

فمنذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد (Maurice Allais) إلى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة "الليبرالية"[3] معتبرًا أن الوضع على حافة بركان، ومهدد بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة (المديونية والبطالة). واقترح للخروج من الأزمة وإعادة التوازن شرطين هما:

• تعديل معدل الفائدة إلى حدود الصفر.

• مراجعة معدل الضريبة إلى ما يقارب 2%.

 

وهذا ما يكاد يتطابق تمامًا مع إلغاء الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي.

 

وقد تقدم بعض صوره في باب الربا والصرف، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 130] [4].

 

فالربا من أكبر الكبائر في شريعتنا، وقد أعلن الله الحرب على أصحابه في قوله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279] [5].

 

وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار[6].

 

وتنكير الحرب للتعظيم، وزادها تعظيمًا نسبتها إلى اسم الله الأعظم، وإلى رسوله الذي هو: أشرف خليقته[7].

 

ثانيًا: التوسع بالدين:

من أسباب الأزمة المالية عملية بيع الديون العقارية وذلك من خلال تصكيكها  - تجميعها وتحويلها إلى أوراق مالية لا يمكن لأي مستثمر في العالم شراؤها - وهو أمر مألوف في الاقتصاد ويسمى توريق الديون التقليدي ومن ذلك حسم السندات والكمبيالات. لكن الأمر توسع على الصعيد المصرفي الدولي وصيرته مصارف الولايات المتحدة ظاهرة في نهاية الثمانيات سمي: "بجنون الثمانينات" بسبب تكالب المصارف على توريق ديونها[8]. وهذا ما يفسر انعكاس الفشل المالي في السوق الأمريكية على السوق الأوربية بشكل مباشر.

 

وبعبارة أكثر وضوحًا يتم تحويل الديون بعد تصكيكها إلى سندات مالية، ويعمل لها تأمين مخاطر، وتباع كأوراق ائتمانية على شركات استثمارية وعلى مستثمرين، ومع رهن يربط بها.

 

وهذه القروض الجديدة تقوم بنوك أو مؤسسات مالية تحصل بها على قروض جديدة، وهكذا، حتى تكونت أصول مالية ساقطة رديئة، تثمينها صعب، وشراؤها عسير.

 

وإذا ما راجعنا مسألة "بيع الدين الحال لمن هو عليه بدين آخر"[9] وتطبيقها المعاصر علمنا كيف نظمت الشريعة هذه المسألة المهمة بخلاف الاقتصاد الغربي الذي تسبب في هذه الأزمة.

 

ثالثًا: البيوع الوهمية (البيع بدون تقابض):[10]

الاقتصاد العالمي مبني على وهم مستندات مالية لا مقابل لها، وقيمتها مرتبطة سياسيا بحجم الطلب، في سيل من المضاربات من دون تسلم فعلي للمواد.

 

هذه الشكلية من التعامل يدحضها النظام المالي الإسلامي بمعناه المادي، حيث أن في رأي كثير من الفقهاء، أن التاجر إذا اشترى حنطة مثلا ولم يستلمها، لا يسمح له أن يربح فيها عن طريق بيعها بثمن اكبر، ويجوز له ذلك بعد استلامها، مع أن عملية النقل القانونية تتم في الفقه الإسلامي بنفس العقد، ولا تتوقف على عمل إيجابي بعده، فالتاجر يملك الحنطة بعد العقد، وان لم يستلمها، ولكنه بالرغم من ذلك لا يسمح له فقها بالاتجار بها، والحصول على ربح ما لم يستلم البضائع، حرصا على ربط الأرباح التجارية بعمل، وإخراج التجارة من كونها مجرد عمل قانوني يدر ربحًا.

 

والشريعة نهت عن بيع الشيء قبل قبضه حتى يكون البيع حقيقيًا، فمن اشترى شيئًا فليس له أن يبيعه حتى يقبضه وينقله من مكانه.

 

وعند التأمل في "أحكام قبض المبيع" تحديدًا مسألة: بيع المبيع قبل قبضه من بائعه أو غير بائعه"[11].

 

فالنهي عن بيع ما لم يقبض له حكم بالغة يعجز النظام الاقتصادي العالمي عن وضعها، بما يكفل للشريعة الإسلامية التميز والمصداقية المطلقة في أنها من لدن حكيم خبير.

 

فأساس المشاكل المالية والمخاطر الدولية التي تهدد النظام المالي الدولي هو تخطي هذه القاعدة.

 

فإذا باع المشتري السلعة لآخر قبل قبضها، ثم باعها الثاني لثالث، والثالث لرابع وهكذا... كما يحدث كثيرًا في الأسواق المالية اليوم، نشأ عن ذلك هرم من الالتزامات التي يتكئ بعضها على بعض بصورة هشة جدًا.

 

فإذا أخفق الأول أو من يليه في تسليم المبيع، تسلسل إخفاق هذه العقود واحدًا تلو الآخر، وتحول هذا الهرم إلى هرم من الديون الحاَّلة التي يجب على كل مدين فيها سداد دينه فورًا، وكلما كبر هذا الهرم كلما ارتفع احتمال انهياره من أي موضع فيه.

 

وهذا من شانه أن يزعزع الثقة في أداء الاقتصاد واستقراره، فمنع الشارع الحكيم هذا التصرف من أساسه سدًا لهذا الباب.

 

ولذلك أصدرت الهيئة الفرنسة العليا للرقابة المالية  - وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك - في وقت سابق قرارًا يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إبرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي[12]، فهل من عودة إلى شريعة الله؟


رابعًا: إشهار الإفلاس:

إن قانون إشهار الإفلاس الذي أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية هو الطريقة الأسهل للقضاء على أية مطالب قانونية، وهو بمثابة ممحاة تمحو كافة العقود للمؤسسات لكنه يجعل من الصعب شطب ديون الشخص الذي أشهر إفلاسه الشخصي. وعليه، إذا أصبحت قوانين إشهار الإفلاس أكثر صعوبة فإن المصارف ستجد نفسها فجأة تمتلك قصورًا وبيوتًا وأشياء أخرى كثيرة لا تريدها حقًا، وستواجه مشاكل عديدة للتخلص منها لقد أشهر أكثر من مليوني أمريكي إفلاسهم عام ٢٠٠٥م.

 

والغريب أن القانون قد استبعد بشكل محدد الفيضانات كسبب لإشهار الإفلاس. وفي هذا تضييق شديد على الناس، فالأصح أن يشدد القانون على التوسع في الدين لأنه السبب، أما الإفلاس فهو نتيجة، فما الفائدة من توريط الناس ثم حصرهم في الزاوية إلا استعبادهم؟ ودليل ذلك ما ذكرته عضو الكونغرس الأمريكي (Sheila Jackson Lee): "أنفقت المصارف ستة وثلاثين مليون دولار لإصدار قانون إشهار الإفلاس، وأضافت شركات بطاقات الائتمان ثلاثة عشر مليون دولار أخرى، وبعدها أضافت جمعيات رجال الأعمال مئة مليون دولار أخرى. وأصبح المجموع مئة وأربعة وخمسين مليون دولار فقط لإصدار القانون"[13].

 

وقد سبق بحث أصل هذه المسألة في باب الحجر المسألة الأولى منه، فليراجع.

 

خامسًا: الإفساد:

والذي تسبب في سقوط شركات التأمين التي تم تأمين السندات عندها.

 

التأمين على مخاطر الديون الهالكة، فلكي يستغلوا الاحتياطي المرصود تفتقت عقول البعض على بيعها مع التأمين عليها، وهذا من أكبر أسباب انهيار شركة (AIG) أكبر شركة تأمين.

 

وقد كان لشركات التأمين نصيب كبير من حجم الخسائر؛ إذ إنها كانت حلقة الوصل بين المقترضين وبين البنوك.

 

فكان المقترضون يؤمنون ممتلكاتهم في حالة حدوث عجز عن تسديد مستحقاتها.

 

وكذلك كانت البنوك تؤمن قروضها كي تضمن تسديد قرضها إذا عجز المقترض عن ذلك!!

 

الجدير بالذكر إعلان شركة (AIG) مؤخرًا عن دفعها 11 بليون دولار كتعويضات، وتكبدها أكبر خسائر في تاريخها الذي يمتد إلى تسعين عامًا!!

 

ومن هنا يتبين لنا الحكم العظيمة في تحريم هذا النوع من التأمين[14]، لما يشتمل عليه من غرر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"[15].

 

سادسًا: التوسع في الإنفاق:

تنبني الفلسفة الاقتصادية الرأسمالية على الإنفاق الاستهلاكي من خلال خلق الطلب من خلال جعل (التسوق متعة)، ويقدر خبراء أن ثلثي الاقتصاد الأمريكي مبني على الإنفاق. لذلك يتوجه الاقتصاد التقليدي إلى جانب العرض فيتوسع فيه من خلال توجيه وسائل إعلامه لترويج ثقافة كيف تنفق؟ ولو أدى ذلك إلى توجه المستهلكين نحو الإسراف والتبذير.

 

بينما تنبني فلسفة الاقتصاد الإسلامي على الضغط على الطلب بترشيد الاستهلاك، لذلك فهو يمنع الإسراف والتبذير لدورهما في توليد التضخم كما يمنع التقتير لدوره المسيء في انكماش الطلب الكلي.

 

ويشكل الإنفاق الحربي أكبر نزيف عالمي للسيولة في العالم، فقبل عام ١٩١٤م كانت إنكلترا تشرف وتوجه نظام الذهب العالمي حتى أطلق عليه (نظام الإسترليني)، وبعد الحرب العالمية الأولى ونتيجة النفقات العسكرية ضعف مركز بريطانيا في مجال الإقراض الدولي وازداد قوة الولايات المتحدة الأمريكية المالية لتحتل المركز الأول في العالم.

 

وعزا Professor robert travian - مؤسس نظام النقد الأوربي وأستاذ الاقتصاد في جامعة (بال) لأكثر من ثلاثين عامًا - جذور أزمة التضخم في بداية ثمانينيات القرن الماضي إلى المبالغ المالية الضخمة التي اضطرت واشنطن إلى إنفاقها أثناء الحرب الفيتنامية. وكذلك بسبب التوزيع غير العادل للسيولة بين الدول الغنية والفقيرة، فمن المعلوم أن حصة الدول الصناعية من السيولة العالمية تبلغ 97%.

 

وفي مطلع القرن الحالي ونتيجة النفقات العسكرية على الإرهاب والعراق وأفغانستان  - انظر: الجدول رقم (١) الآتي - جاءت الأزمة المالية العالمية الحالية نتيجة الإنفاق الأمريكي المجنون لتعلن نهاية حقبة جيوسياسية وبدء تشكل أقطاب جديدة.

 

فالولايات المتحدة تنفق كل ثلاثة دقائق مليون دولار لحربها على العراق. مما يعني نزيف للسيولة العالمية، وتمويله يكون باقتراض الحكومة الأمريكية من دول العالم ومن سوقها الداخلي. وذلك بإصدارها سندات خزينة (اقتراض ربوي)، ولهذه السندات سمعة عالمية كبيرة مصدرها اسم الولايات المتحدة الأمريكية واقتصادها القوي وهو اقتصاد يعتمد على الإنتاج والعلم واستخدام التكنولوجيا. لذلك يستثمر بها معظم بلاد العالم بلا استثناء.

 

السنة الحرب على العراق ألف دولار/ دقيقة الحرب على الإرهاب ألف دولار/ دقيقة ميزانية الدفاع الأمريكي
2003 93 54 438
2004 111 74 448
2005 164 100 507
2006 188 116 536
2007 245 166 611
2008 371 195 -  -

جدول رقم (1)


حجم الإنفاق العسكري الأمريكي  - المصدر (مجلة الفور بوليسي) عن مكتب خدمات البحث بالكونغرس لذلك تتفاقم المشكلة الاقتصادية في الاقتصاد التقليدي حيث الموارد (العرض) محدودة والحاجات غير متناهية (الطلب) لاتجاه هذا الاقتصاد بفلسفته نحو مزيد من الإنفاق وبالتالي إيجاد مزيد من الموارد ولو اضطر لاستخدام القوة العسكرية، كما يتوجه إلى تحفيز الطلب بشتى الطرق. ويشكل كل ذلك مدخلاً للأزمات وكأنها حلقة مفرغة[16].

 

المبحث الرابع: كيفية الخروج من الأزمة:

هذه الأزمة المالية الطاحنة التي ضربت العديد من دول العالم تمثل فرصة ذهبية للنظام الاقتصادي الإسلامي كبديل اقتصادي ناجح وهو ما يحتاجه العالم في الوقت الحالي.

 

فبعد فشل النظام الاشتراكي، ويتبعه حاليًا النظام الرأسمالي، أقوى دليل على أن النظام الاقتصادي الإسلامي هو الصالح.

 

فهو ينظر للفرد والجماعة معًا، ولا ينتظر وقوع الأزمات حتى تتدخل الحكومات بل يقي أصلاً من وقوعها.

 

كما يحترم الملكية الفردية ولا يكبتها كما في النظام الاشتراكي، ويؤهلها لتنمو في حضن القيم الإسلامية فلا غشَّ، ولا تدليسَ، ولا احتكارَ، ولا رِبا، ولا مقامرةَ، ولا غَبنَ، ولا استغلالَ، كما هو عليه نظام اقتصاد السوق[17].

 

وفي الوقت نفسه لا يُهمل دور الدولة كشريك للتنمية مع القطاع الخاص، من خلال اضطلاعها بمشروعات المنافع العامة التي تقوم عليها حياة الناس من خلال أفضل استخدام للموارد المائية والرعوية ومصادر الطاقة والثروة المعدنية، والحقيقة أن العقل والمنطق يقول إن هذا النظام هو الحل.

 

من المبادئ التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي[18]:

• أن المال مال الله والبشر مستخلفون فيه: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾ [19].

 

• ضمان حد الكفاية لكل فرد في المجتمع الإسلامي، حتى لغير المسلمين، فعن الْمُسْتَوْرِد يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ وَلِيَ لَنَا عَمَلًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةً فَلْيَتَزَوَّجْ، أَوْ خَادِمًا فَلْيَتَّخِذْ خَادِمًا، أَوْ مَسْكَنًا فَلْيَتَّخِذْ مَسْكَنًا، أَوْ دَابَّةً فَلْيَتَّخِذْ دَابَّةً، فَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ"[20].

 

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: "هَذَا يَتَأَوَّل عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدهمَا: أَنَّهُ إِنَّمَا أَبَاحَ اِكْتِسَاب الْخَادِم وَالْمَسْكَن مِنْ عُمَالَته الَّتِي هِيَ أُجْرَة مِثْله وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْتَفِق بِشَيْءٍ سِوَاهَا.

 

وَالْوَجْه الْآخَر: أَنَّ لِلْعَامِلِ السُّكْنَى وَالْخِدْمَة فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَن وَلَا خَادِم اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَنْ يَخْدُمهُ فَيَكْفِيه مِهْنَة مِثْله وَيُكْتَرَى لَهُ مَسْكَن يَسْكُنهُ مُدَّة مُقَامه فِي عَمَله"[21] اهـ.

 

• تحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ التوازن الاجتماعي بين أفراد المجتمع﴿ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ [22].

 

• احترام الملكية الخاصة للنساء والرجال سواسية،﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴾  [23].


• الحرية الاقتصادية المقيدة، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾  [24].

 

• التنمية الاقتصادية الشاملة للقطاعات والأنشطة كافة.

 

• ترشيد الاستهلاك والإنفاق مع مراعاة الادخار أيضًا، ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [25].

 

• تحريم الربا بكل صوره.

 

• تحريم الغرر بكل صوره.

 

• تحريم التعامل في الأمور المحرمة شرعًا (كالخمر والزنا...).

 

• تقاسم الربح والخسارة في الشراكة.

 

• الأمر بإخراج الزكاة من أرباب الأموال، وفيه التكافل وإعادة توزيع الأرباح ليكون لمستحقي الزكاة نصيب فيها.

 

• تحريم الاحتكار، وفيه التخلي عن الأنانية وحب التفرُّد، والقضاء على الطبقية المقيتة.

 

• تغليب المنفعة العامة على المنفعة الخاصة عند التضارب.

 

• تحريم بيع ما لا يمتلك الفرد لمنع المخاطرة أو المقامرة.

 

• مراقبة السوق المالي دون التدخل في تحديد السعر عن طريق ما يسمى بـ (المحتسب).

 

• منع كافة البيوع المحرمة: العينة، الغرر،... إلخ.

 

• وقد دعت كبرى الصحف الاقتصادية في أوربا لتطبيق الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي كحل أوحد للتخلص من براثن النظام الرأسمالي الذي يقف وراء الكارثة الاقتصادية التي تخبم على العالم.

 

ومن ضمن هؤلاء:

1 - Bofis Vanson رئيس تحرير مجلة (challenges) 4/ 10/ 1429هـ الموافق 5/ 10/ 2008.

 

ففي افتتاحية مجلة "تشالينجز"، كتب "بوفيس فانسون" رئيس تحريرها موضوعًا بعنوان:

(The pope or the Quran، أي: البابا أو القرآن) أثار موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط الاقتصادية.

 

فقد تساءل الكاتب فيه عن أخلاقية الرأسمالية؟ ودور المسيحية كديانة والكنيسة الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا المنزع والتساهل في تسويغ الفائدة، مشيرًا إلى أن هذا السلوك الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية إلى الهاوية.

 

وتساءل الكاتب بأسلوب يقترب من التهكُّم عن موقف الكنيسة ومستسمحًا البابا بنديكيت السادس عشر قائلاً أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلاً من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود.

 

2 - Rolan Laskin رئيس تحرير صحيفة (Le Journal de finance) بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة.

 

وفي مقاله الذي جاء بعنوان: (هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟)، عرض لاسكين المخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع، وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية.

 

3 - دعا مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا وقال المجلس في تقرير أعددته لجنة تعنى بالشئون المالية في المجلس أن النظام المصرفي الذي يعتمد على قواعد مستمدة من الشريعة الإسلامية مريح للجميع سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وأكد التقرير الصادر عن اللجنة المالية لمراقبة الميزانية والحسابات الاقتصادية للدولة بالمجلس أن هذا النظام المصرفي الإسلامي الذي يعيش ازدهارًا واضحًا قابل للتطبيق في فرنسا.

 

4 - وفي استجابة على ما يبدو لهذه النداءات، أصدرت الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية  - وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك - في وقت سابق قرارًا يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إبرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي.

 

5 - كما أصدرت نفس الهيئة قرارًا يسمح للمؤسسات والمتعاملين في الأسواق المالية بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامية في السوق المنظمة الفرنسية، والصكوك الإسلامية هي عبارة عن سندات إسلامية مرتبطة بأصول ضامنة بطرق متنوعة تتلاءم مع مقتضيات الشريعة الإسلامية [26].

 

6 - وتتوالى شهادات عقلاء الغرب ورجالات الاقتصاد للتنبيه إلى خطورة الأوضاع التي يقود إليها نظام الرأسمالي الليبرالي على صعيد واسع وضرورة البحث عن خيارات بديلة تصب في مجملها في خانة البديل الإسلامي، ففي كتاب صدر مؤخرا للباحثة الإيطالية لوريتا نابليوني بعنوان (اقتصاد ابن آوى) أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في إنقاذ الاقتصاد الغربي، واعتبرت نابليوني أن (مسئولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق والتي أدت إلى مضاعفة الآثار الاقتصادية)، وأضافت أن (التوازن في الأسواق المالية يمكن التوصل إليه بفضل التمويل الإسلامي بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يشبه الاقتصاد الإسلامي بالإرهاب، ورأت نابليوني أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني). وأوضحت أن (المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية، فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعا ويحتاج إلى حلول جذرية عميقة).

 

7 - ومنذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد "(Maurice Allais) إلى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة الليبرالية المتوحشة" معتبرًا أن الوضع على حافة بركان، ومهددًا بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة (المديونية والبطالة). واقترح للخروج من الأزمة وإعادة التوازن شرطين هما تعديل معدل الفائدة إلى حدود الصفر ومراجعة معدل الضريبة إلى ما يقارب 2%. وهو ما يكاد يتطابق تماما مع إلغاء الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي.

 

تأسيسًا على ذلك فإن المطلوب منا نحن المسلمين وعلماء الشريعة والاقتصاد أن نستغل هذه الفرصة ونجعلها في صالح المسلمين وننشر الإسلام ويجب أن يقوم مجموعة من الباحثين المسلمين وعلماء الاقتصاد في العالم الإسلامي بالاشتراك مع جميع المنظمات والحكومات الإسلامية لعمل خطة لحل الأزمة الاقتصادية ويكون الحل طبقًا للشريعة الإسلامية وعندما يقتنع الغرب بهذا الحل فإنهم سرعان ما يطبقونه لأنهم يغرقون في الخسارة والانهيارات وعند نجاح هذه الخطة في حل تلك الأزمة سوف يعيد الغرب التفكير والنظر في تطبيق الشريعة الإسلامية  - الجانب الاقتصادي بهدف مصلحته المادية - واستخدامها في باقي المجالات كالقوانين الجنائية والميراث وغيرها.

 

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يرى الحق حقًا ويرزق اتباعه، ويرى الباطل باطلاً ويرزق اجتنابه، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله وصحبه وسلم.

 


[1] انظر: نحو فهم منهجي للأزمة المالية العالمية (1 - 2)، إبراهيم علوش.

[2] انظر: ضوابط الاقتصاد الإسلامي في معالجة الأزمات المالية المعاصرة (28)، د. سامر مظهر قنطقجي، الناشر: دار النهضة بدمشق، الطبعة الأولى 1429هـ  - 2008م، ومؤتمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور الاقتصاد الغربي والإسلامي، جامعة الجنان، لبنان مارس 2009، ورقة عمل من الباحث: الدوادي الشيخ.

[3] انظر: حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها (236 - 316)، د. عبد الرحيم بن صمايل السلمي، الناشر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، الطبعة الأولى/ الإصدار الثاني 1430هـ  - 2009م.

[4] سورة آل عمران.

[5] سورة البقرة.

[6] تفسير القرآن العظيم (1/ 716).

[7] فتح القدير (1/ 503).

[8] تقدر حصة الفرد الأمريكي من الدين ٢٧,٤٣٩ دولارًا.

[9] انظر: المعاملات المالية عند الإمام ابن القيم، د. علاء شعبان الزعفراني (325)، الناشر: دار الصفوة بالقاهرة، الطبعة الأولى 1434هـ.

[10] انظر: الأزمة المالية محاولة للفهم، د. حازم البيلاوي، دراسة منشورة على موقع مداد القلم.

[11] انظر: المعاملات المالية عند الإمام ابن القيم، د. علاء شعبان الزعفراني (217) وما بعدها.

[12] انظر: الغرب يرى الإسلام منقذًا في الأزمة المالية العالمية المعاصرة، مصطفى الشيمي، نشر على موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.

[13] انظر: ضوابط الاقتصاد الإسلامي في معالجة الأزمات المالية العالمية (56 - 57).

[14] انظر: تفصيل القول في أحكام التأمين التجاري والتعاوني في "موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي" (363 - 395)، د. علي أحمد السالوس، الناشر: مجمع الفقهاء، الطبعة الثامنة 1426هـ  - 2005م.

[15] أخرجه مسلم (1513).

[16] ضوابط الاقتصاد الإسلامي في معالجة الأزمات المالية العالمية (60 - 62) بتصرف.

[17] دور القيم الإسلامية في معالجة الأزمة المالية العالمية (7 - 29)، إبراهيم يوسف يحيى القرعاني، بحث منشور على موقع: موسوعة الاقتصاد والتمويل.

[18] قراءة إسلامية في الأزمة المالية العالمية, بحث مقدم لندوة (الأزمة المالية العالمية من منظور إسلامي وتأثيرها على الاقتصادات) 1429هـ - 2008 م, جامعة الأزهر  - مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي) صـ 2 - 3.

[19] سورة الحديد، من الآية [٧].

[20] أخرجه أحمد (18015)، وحسنه الحافظ ابن حجر في تخريج مشكاة المصابيح (3/ 484).

[21] عود المعبود شرح سنن أبي داود، شرح الحديث رقم: (2556).

[22]سورة الحشر، من الآية [٧].

[23] سورة النساء، من الآية [29].

[24] سورة النساء.

[25] سورة الأعراف، من الآية [31].

[26] للتعرف على تفصيل أحكام الصكوك وأنواعها انظر: الأحكام الفقهية لسوق رأس المال (2/ 1 - 583)، د. علاء شعبان الزعفراني، الناشر: دار الصفوة بالقاهرة، الطبعة الأولى 1436هـ  - 2015م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي: الأزمة المالية تلقي مسؤولية على المؤسسات الإسلامية المتخصصة
  • بيان حول الأزمة المالية
  • - مجمع الفقه الإسلامي يعقد اجتماعًا تشاوريًّا حول الأزمة المالية العالمية
  • - دراسة هولندية: المساجد تساهم في حل الأزمة المالية
  • آثار الأزمة المالية تمتد للعقد المقبل
  • المصارف الإسلامية تواصل تقدمها رغم الأزمة المالية العالمية
  • رؤوس الأموال العربية تصارع الأزمة المالية العالمية
  • أزمة الغذاء والأزمة المالية العالمية .. التداعيات على الزراعة والفقراء
  • ماذا نحتاج في الأزمات‬؟
  • المال ظل زائل وعارية مستردة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • بين فكر الأزمة وأزمة الفكر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عن ثقافة الأزمة وأزمة الثقافة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: ازدياد حالات الانتحار بسبب الأزمة المالية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الوفاء للشيوخ والعلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أزمة قراءة ... أزمة نقد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • وقفات مع الأزمة المالية العالمية(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • اليونان: حياة مسلمي اليونان تزداد صعوبتها مع الأزمة المالية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • منعكسات الأزمة المالية على فرص عمل الشباب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأزمة المالية عززت من دور البنوك الإسلامية كبديل مناسب(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أزمة دعوة أم أزمة مجتمع؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
3- تحليل رائع، يندر بمنطقتنا العربية من يكتب بهذا الأسلوب
أحمد الدواس - الكويت 20-03-2020 02:16 AM

شكرا جزيلا دكتور علاء ، أسلوبك رائع ، أنا خريج اقتصاد عام 1973، وسفير كويتي سابق، وأكتب بصحيفة السياسة الكويتية منذ سنوات بأسلوب مبسط وسهل ومختصر، سررت للغاية بطريقة عرضك لهذا الموضوع، في منطقتنا العربية، كثير من الكتاب لا يكتبون بطريقة 1و2و3 المتتابعة وهي طريقتي، أي طريقة أ ثم ب ثم ج، وإنما يكتبون بطريقة: س ، ي ، ك .. بشكل يزعج القارئ فلا يخرج بنتيجة أو لايفهم المسألة، الله يحفظك ودمتم في محبة وسرور.

2- شكرا
أحمد 02-01-2017 09:49 AM

الموضوع شيق شكرا ِألف شكر

1- شكر
amal amoula - Algérie 08-10-2016 05:40 PM

شكرا على الموضوع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب