• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

إعارة الكتب

عبدالعال سعد الشليّه

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/6/2015 ميلادي - 22/8/1436 هجري

الزيارات: 19107

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إعارة الكتب


• فليحذر المُعارُ له من التطويل بالعارية، والإبطاء به عليه إلا بقدر الحاجة.

قال الزهري: إياك وغلولَ الكتب! قيل: وما غلول الكتب؟ قال: حبسُها[1].

 

• وعن الفضيل بن عياض قال: ليس من فِعال أهل الورع، ولا من فعال الحكماء أن تأخذ سماعَ رجل أو كتابه فتحبسه عليه، فمَن فعل ذلك فقد ظلم نفسه![2]

 

• قال محمد بن مزاحم: (أول بركة العلم إعارةُ الكتب).[3]

 

• قال وكيع: أول بركة الحديث إعارة الكتب.[4]

 

• قال ابن الجوزي: ينبغي لمن ملك كتابًا ألا يبخلَ بإعارته لمن هو أهلُه.[5]

 

• قال بدر الدين أبو عبدالله بن جماعة: يُستحب إعارة الكتب لمن لا ضرر عليه فيها ممن لا ضرر منه بها، وكره قوم عاريتَها، والأول أولى؛ لما فيه من الإعانة على العلم مع ما في مطلق العارية من الفضل والأجر، قال رجل لأبي العتاهية: أَعرْني كتابَك، فقال: إني أكره ذلك، فقال: أَمَا علمتَ أن المكارم موصولةٌ بالمكاره؟ فأعارَه.

 

وينبغي للمستعير أن يشكر للمعير ذلك، ويجزيه خيرًا، ولا يطيل مقامَه عنده من غير حاجة، بل يردُّه إذا قضى حاجته، ولا يحبسه إذا طلبه المالك، أو استغنى عنه، ولا يجوز أن يصلحه بغير إذن صاحبه، ولا يحشِّيه ولا يكتب شيئًا في بياض فواتحه أو خواتمه، إلا إذا علم رضا صاحبه.[6]

 

الناس في إعارة الكتب على قسمين: باذل، ومانع:

1- الباذلون:

• الحافظ الإمام القدوة مفيد بغداد أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدالباقي بن منصور البغدادي الدقاق المعروف بابن الخاضبة:

قال ابن سكرة: كان محبوبًا إلى الناس كلِّهم، فاضلاً حَسَن الذكر، ما رأيت مثلَه على طريقته، وكان لا يأتيه مستعيرٌ كتابًا إلا أعطاه أو دلَّه عليه.[7]

 

• الحسين بن محمد بن عبدالله الطيبي:

الإمام المشهور صاحب شرح المشكاة المتوفَّى سنة (743هـ) كان ذا ثروة من الإرث والتجارة، فلم يزل ينفق ذلك في وجوه الخيرات إلى أن كان في آخر عمره فقيرًا، وكان كريمًا متواضعًا، حسنَ المعتقد، شديدَ الحب لله ورسوله، كثيرَ الحياء، ملازمًا للجماعة ليلاً ونهارًا، شتاء وصيفًا، ملازمًا لأشغال الطلبة في العلوم الإسلامية بغير طمع، بل يُحذِيهم ويعينهم، ويعير الكتب النفيسة لأهل بلده وغيرهم من أهل البلدان، من يعرفُ ومن لا يعرف.[8]

 

• محمد بن الحسين بن عبدالرحمن الأنصاري:

الشيخ الفقيه الصالح الورع الزاهد أبو الطاهر المحلي، خطيب جامع مصر العتيق، وهو جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه.

 

حكى أن كتبه كانت كثيرة، وأنه كان يُعيرها لمن يعرف ولمن لا يعرف، سافر بها المستعيرُ أم لم يسافر بها، وكان يقول: ما أعرتُ كتابًا إلا ظننت أنه لا يرجع إليَّ، فإذا عاد عددتُ ذلك نعمة جديدة.[9]

 

• سليمان بن يوسف بن مفلح الياسوفي الشافعي:

كان ذكيًّا، فقيهَ النفس، كثير المروءة، محبوبًا للناس، معينًا للطلبة - خصوصًا أهلَ الحديث - على مقاصدهم بجاهه، وكتبه، وماله، وكان سهلَ العارية للكتب، كثير الإطعام للناس.[10]

 

• أحمد بن محمد بن أبي الخليل الأموي مولاهم يُعرف بالعشاب:

من أهل إشبيلية، قال لسان الدين بن الخطيب: كان نسيجَ وحدِه، وفريدَ دهره، إمامًا في الحديث، حافظًا، ناقدًا، ذاكرًا تواريخَ المُحدِّثين وأنسابهم، وموالدهم ووفاتهم، وتعديلهم وتجريحهم، كان زاهدًا في الدنيا، مؤثرًا بما في يديه منها، موسعًا عليه في معيشته، كثيرَ الكتب، جمَّاعًا لها في كل فن من فنون العلم، سَمْحًا لطلبة العلم، ربما وهب منها لملتمسه الأصلَ النفيس، الذي يعزُّ وجودُه؛ احتسابًا وإعانة على التعليم.[11]

 

• القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي الدمشقي:

كان وافرَ العقل، كتب بخطه المليح الصحيح كثيرًا جدًّا، وحصَّل كتبًا جيدة في أربع خزائن، وكان رأسًا في صدق اللهجة والأمانة، صاحبَ سنة واتباع ولزومٍ للفرائض، خيِّرًا ديِّنًا، متواضعًا، فصيحَ القراءة، وكان حليمًا، صبورًا، متودِّدًا، ويلاطف الناس، وله ودٌّ في القلوب وحبٌّ في الصدور، وكان باذلاً لكتبه وأجزائه، سَمْحًا في أموره.[12]

 

• عبدالوهاب بن جعفر الميداني الدمشقي:

كان لا يبخل بإعارة شيء من كتبه إلا بكتاب واحد، كان لا يسمح به، فاحترقت كتبه كلها، فاستحدث نسخًا من الكتب التي نُسخت من كتبه سوى ذلك المضنون به، فلم يَجِدْ له نسخة.[13]

 

• القاضي أبو الوليد الكناني:

قال عنه تلميذه سفيان بن العاصي الأسدي: فيما يغلب على ظني أنه كان إذا أعار كتابًا لأحد إنما يتركه عنده بعدد ورقاته أيامًا، ثم لا يسامحه بعد، ويقول هذه الغاية إن كنت أخذتَه للدرس والقراءة، فلن يغلب أحدًا حفظُ ورقة في كل يوم، وإن أردته للنسخ فكذلك، وإن لم يكن هذا ولا هذا، فأنا أحوط بكتابي، وأولى برفعه منك.[14]

 

• محمد بن محمود بن أبي بكر الوطري التنبكتي المالكي، عرف بيغبغ:

قال تلميذه العلامة أحمد بابا في كتاب "كفاية المحتاج، لمعرفة ما ليس في الديباج": كان يبذل نفائس الكتب العزيزة الغريبة للناس، ولا يفتش بعد ذلك عنها كائنًا ما كان من جميع الفنون؛ فضاع له بذلك جملةٌ من كتبه، نفعه الله تعالى بذلك، وربما يأتي لبابه طالبٌ يطلب كتابًا، فيعطيه له من غير معرفة، فكان العجب العجاب في ذلك؛ إيثارًا لوجهه تعالى، مع محبته للكتب وتحصيلها شراءً ونَسْخًا، وقد جئته يومًا أطلب منه شيئًا من كتب النحو، ففتش في خزانته فأعطاني كلَّ ما ظفر به.[15]

 

• جعفر بن محمد بن حَمْدان الموصلي أبو القاسم الفقيه الشافعي:

قال الحموي: حسن التأليف، عجيب التصنيف، شاعر، أديب فاضل، ناقد للشعر، كثير الرواية، له عدة كتب في الفقه على مذهب الشافعي.

 

وكانت له ببلده دارُ علم قد جعل فيها خزانة كتبٍ من جميع العلوم، وقفًا على كل طالب للعلم، لا يُمنَع أحدٌ من دخولها إذا جاءها غريبٌ يطلب الأدب، وإن كان معسرًا أعطاه وَرَقًا ووَرِقًا، تفتح في كلِّ يوم، ويجلس فيها إذا عاد من ركوبه، ويجتمع إليه الناس فيملي عليهم من شعره وشعر غيره ومصنفاته.[16]

 

• محمد بن داود بن ياقوت الصارمي ناصر الدين أبو عبدالله:

كان رجلاً صالحًا، فاضلاً، عالمًا، مفيدًا لطلبة الحديث، باذلاً كتبَه وخطَّه للمشتغلين، سمع كثيرًا، وكتب مجلداتٍ وأجزاء كثيرةً، وطبقات السماع التي بخطه من أحسن الطباق وأنورها وأصحِّها.[17]

 

• الحاج حسين بن عمر بن حسين العيتاني بهيم الشافعي:

ينتمي الحاج حسين إلى عائلة جمعت الكرمَ، والوَجاهة، والثروة، وحبَّ الأعمال الخيرية، وكان منذ حداثته كلفًا بتحصيل المعارف والاجتماع بأهل الأدب والفضل، فقرأ على جَهابذة زمانه، فبرع في فنون الإنشاء على اختلافها، ثم نظم الشعر، فصارت له به مَلَكة راسخة بحيث كان يقوله ارتجالاً.

 

وكان حريصًا على اقتناء الكتب النادرة حتى جمع مكتبة عظيمة، وهو لا يمنع طالبًا من إعارة ما يريده منها، بحيث كان الكتاب يبقى لدى المستعير أعوامًا - وربما تناساه - واشتهر بالصلاح، ومناصرة العلماء، وإغاثة المحتاجين من أي مذهب كانوا.[18]

 

2- المانعون:

كم من كتاب شريفٍ ضاع عاريةً = فصرت مِن بعده في الناس حيرانَا

 

• وقال آخر:

ألاَ يا مستعير الكتْب دعْني
فإن إعارتي للكتْب عارُ
ومحبوبي من الدنيا كتابٌ
وهل أبصرتَ محبوبًا يُعارُ

 

• ومنهم مَن يجعل أبياتًا في رقعة، فإذا جاء من يطلب الإعارة دفع إليه الرقعة، وهو فعل بعض أهل الأدب، فإذا قرأها مضى، وهي:

ألا أيها المستعير الكتابَ
ألا ارجعْ بغير الذي تطلبُ
فلمسُ السماءِ وأخذ النجومِ
بكفِّك من أخذه أقربُ
فدُمْ ما بقيتَ على اليأس منه
فليس يعار ولا يوهبُ
ومن كان يغضب إن لم يُعَرْ
فقل من قريب له يغضبُ
إذا أنا كتْبي أعرتُ الصديق
ثلاثةُ أرباعها يذهبُ
فما كل يوم أنا واجدٌ
كتابًا ولا كاتبًا يَكتبُ

 

• قال مسافر بن محمد البلخي:

أجود بجل مالي لا أبالي
وأبخل عند مسألة الكتابِ
وذلك أنني أفنيتُ فيه
عزيز العمر أيام الشبابِ

 

• عبدالرحمن بن محمد بن أصبغ بن فطيس:

قاضي الجماعة بقرطبة، يكني أبا المطرف، كان لا يعير كتابًا من أصوله ألبتة، وكان إذا سأله أحد ذلك وأحلف عليه أعطاه للناسخ فنسخه وقابله، ودفعه إلى المستعير، فإن صرفه وإلا تركه عنده.[19]

 

• إبراهيم بن أحمد بن الغرس الشافعي:

كان عنده من الكتب والأجزاء وتصانيف شيخه ما لم ينتفع به، بل وعطل على غيره الانتفاع بها لعدم سماحه بعاريتها، حسبما استفيض عنه، حتى نقل عنه أنه كان يقول: إذا عاينتُ الموت ألقيتها في البحر، وبعد موته تفرَّق الناس كتبه بأبخس ثمن.[20]

 

• قال بعض الشعراء:

إني حلَفت بربِّ البيت والحرم
هل فوقها حلفة ترجى لذي قَسَمِ
ألا أعير كتابًا فيه لي أربٌ
إلا أخا ثقةٍ عندي وذا كرمِ

 

• كان أحدهم يقول، ويكتب على كتابه:

كم من كتاب سهرت في طلبهْ
وكنت من أبخل الخلائق بهْ
حتى إذا مت وانقضى أجلي
صار لغيري وعُدَّ من كتبهْ

 

لا تعيرنَّ كتابًا
واجعل العذر جوابَا
مَن أعارنَّ كتابًا
فلعمري ما أصابَا

 

• محمد بن علي بن محمد المؤدب ويعرف بابن سكر:

قال عنه السخاوي رحمه الله: وكان لا يسمح بعارية كتاب ولا بمطالعته.[21]

 

طرائف ولطائف:

• ومن أطرف ما يُحكى في الإعارة أن أبا بكر عتيق بن أحمد بن ميسرة الفرغليطي استعار من أبي العباس بن بقي (مشرف أشبيلية) كتابًا، وجال في خاطره ليلة أن يذمَّ الرجل، فسوَّر ذلك في ورقة، فكان من ذلك: والعجب من هذا المشرف المسرف الخائن الحائن، أنه يدعي الانتهاض في شغل السلطان والأمانة، ومرتبه في الشهر عشرون دينارًا، ولقد أعطاني مرة ثلاثين دينارًا، فمن أين تلك العشرة؟ وما أنفق في ذلك الشهر؟ ثم أخذ في ذمِّه، وذكر وخيمَ منشئه، وكيف تدرج إلى أن ولي الأعمال، وداس رقاب الرجال، ثم نسي وجعل تلك الورقة بين ورق الكتاب المستعار، وردَّه إلى أبي العباس فوجدها وقرأ ما فيها، وكاد يخرج من عقله من شدة الحنق، ثم استدعاه، وأوقفه عليها وأنبه، فقال له غير مكترث: هذه عادة أهل الأدب، فأمَرَ غِلمانه فصفعوه، وقال: يا فقيه، وهذه عادة خُدَّام السلطان، والأيمان تلزمني لا خرجت من الثفاف (الحبس) حتى لا يبقى عليك مما أعطيتُك درهم واحد، فما خرج من حبسه حتى قبض منه ثلاثين دينارًا.[22]

 

• محمد بن أحمد بن علي تقي الدين أبو الطيب المكي الحسني الفاسي:

مؤرخ، عالم بالأصول، حافظ للحديث، أصله من فاس، ومولده ووفاته بمكة، ولي قضاء المالكية بمكة مدة، وكان أعشى يُملي تصانيفه على مَن يكتب له، ثم عمي سنة (828هـ)، قال المقريزي: كان بحرَ علم لم يخلف بالحجاز بعدُ مثله.

 

اشترط في وقف كتبه ألا تُعار لمَكيٍّ، فسُرِق أكثرُها وضاع [23].

 

• قال ابن الداية: حدثني أحمد بن وليد، قال:

ودَّعْتُ إسحاق بن نصير العبادي في بعض خرجاتي إلى بغداد، فأخرج إليَّ ثلاثةَ آلاف دينار، وقال: إذا دخلتَ بغداد، فادفع ألفَ دينار إلى ثعلب، وألف دينار إلى المُبرِّد، وصر إلى قصر وضَّاح فانظر إلى أول دكَّان للورَّاقين، فإنك تجد صاحبَها - إن كان حيًّا لم يَمُتْ - قد شاخ، فاجلس إليه، وقل له: إسحاق بن نصير يقرأ عليك السلام، وهو الغلام الذي كان يقصدُك كلَّ عشية راجلاً من دار الروميِّين، بدراعة وعمامة ونعل رقيقة، فيستعير منك الكتاب بعد الكتاب، فإذا اقتضيتَه كراء ما نسخ منه قال: (اصبر عليَّ إلى الصُّنْع)[24]، فإذا استقرت معرفتي في نفسه، دفعتَ إليه هذه الألف الدينار، وقلت له: (هذه ثمرة صبرك عليَّ).

 

قال لي أحمد بن وليد: فلما دخلت بغدادَ، ودفعت الألفَيْ دينار إلى ثعلب والمبرد، مضيتُ إلى قصر وضَّاح، فألفيتُ الدكان التي وصَف لي قفرًا ليس فيه كتابٌ، ورأيت فيها الشيخ الذي وصفه لي في حال رَثَّة، وثياب خلقة، وقد أفضى به الأمر إلى التوريق للناس، فجلست إليه، وسألته عن حاله، فقال: يا أخي، ما ظنك بحال ما تتأمله فيَّ أحسن ما فيها؟ ثم خرجنا إلى المسألة إلى أشياء كان فيها خبر إسحاق بن نصير، فقال: قد كان يجيئني من دار الروميين غلام - ووصفه - فأسمَحُ له بالنسخة بعد النسخة يقال له: "إسحاق" وكان يَعدُني في كل شيء يأخذه إلى الصنع، وأخبرت أنه وقع بنواحي مصر، وما حصل لي منه شيء! فأخرجت الألف الدينار، وقلت له: يقول لك: هذه ثمرةُ صبرك، فكاد والله يموت فرحًا!

 

فقلت له: ليست دراهم وهي دنانير، وانصرفت عنه وهو أحسن مَن في سوقه حالاً، قال لي أحمد بن وليد: واجتزت بعد ذلك، فرأيت دكانَه معمورة، وهو متصدِّرٌ فيها على أحسن حال وأوفاها.[25]

 

• استعار رجل من أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الأسفرائيني الفقيه كتابًا، فرآه أبو حامد يومًا وقد أخذ عليه عنبًا، ثم إن الرجل سأله بعد ذلك أن يعيره كتابًا، فقال: تأتيني إلى المنزل، فأتاه فأخرج الكتاب إليه في طبق وناوله إياه، فاستنكر الرجل ذلك، وقال: ما هذا؟! فقال له أبو حامد: هذا الكتاب الذي طلبتَه، وهذا طبق تَضَعُ عليه ما تأكله! فعلم بذلك ما كان من ذنبه [26].

 

• الحافظ ابن حجر العسقلاني:

قال عنه تلميذه السخاوي: وأما عاريتُه للكتب فأمرٌ انفرد به عن سائر أهل مصره، حتى لا أعلم نظيره في ذلك، بل كان يعيرها لمن يسافرُ بها.

 

وقال: وقد ضاع له بسبب ذلك شيءٌ كثير جدًّا، بحيث أخبرني في سنة إحدى وخمسين - أي: وثمانمائة - أنه فقد من كتبه ما ينيف على مائة وخمسين مجلدة، وربما بيعت في السوق ويشتريها، ورأينا بعد نحو عشرين سنة من وفاته شيئًا من نفائس كتبه التي كنت أتلهَّف على الوقوف عليها عند بعض مَن استعارها، فاستمرت عنده حتى بِيعَتْ في تَرِكته.[27]

 

• العلامة الكبير أحمد تيمور باشا:

كان يجودُ بمخطوطاته على كل سائل، حيث استعار منه أحدهم النسخة الخطية من كتاب (الضوء اللامع) للسخاوي (قبل طبعه) ثم أبى أن يردَّها إليه إباء تامًّا، فإذا ما احتاج إليها يذهب إلى المستعير، فراجعها عنده كأن لم يكن ربَّها الأحقَّ بها![28]

 

• قال الخطيب البغدادي رحمه الله: وكان بعض أهل العلم يكتب على ظهور كتبه التي يعيرها: يا رب، مَن حفظ كتابي فاحفظه، ومن أضاعه فلا تحفظه.[29]

 

• ذكر ابن عساكر رحمه الله أن محمد بن عبدالله الصفار الأصبهاني كان يدعو في مسجده وهو رافعٌ باطنَ كفَّيْه إلى السماء، وهو يقول: "يا رب، إنك تعلم أن أبا العباس المصري ظلمني، وخانني، وحبس عني أكثرَ من خمسمائة جزء من أصولي؛ اللهم فلا تنفعه بتلك وبسائر ما جمعه من الحديث، ولا تبارك له فيه!" وكان أبو عبدالله مجابَ الدعوة.[30]

 

المرجع: (الشذرات في أخبار الكتب والكتاب والمكتبات).

عبدالعال سعد الرشيدي - الكويت



[1]السير (5/ 345).

[2]التاريخ الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة (176رقم 378) ط غراس.

[3]تهذيب تاريخ دمشق؛ لابن بدران (5/ 176).

[4]الآداب الشرعية (2/ 168).

[5]الآداب الشرعية (2/ 168).

[6]تذكرة السامع (168).

[7]تذكرة الحفاظ (4/ 1224رقم 1044).

[8]الدرر الكامنة (2/ 68رقم 1613).

[9]طبقات الشافعية الكبرى (8/ 55رقم 1072).

[10]الدرر الكامنة (2/ 166رقم 1869).

[11]الإحاطة في أخبار غرناطة (1/ 83).

[12]الدرر الكامنة (3/ 237رقم 609).

[13]لسان الميزان (4/ 86 رقم 159).

[14]الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع؛ للقاضي عياض (225) الكتاب في الحضارة الإسلامية (103).

[15]خلاصة الأثر للمحبي (4 /208رقم 1065)، المسارعة إلى قيد أوابد المطالعة (49).

[16]معجم الأدباء (2 /391 رقم 287).

[17]الوافي بالوفَيَات (3/ 52 رقم 959).

[18]خزائن الكتب العربية في الخافقين (1 /263)، تاريخ الصحافة العربية (1 /117) معجم المطبوعات العربية والمعربة (1 /621).

[19]كتاب الصلة؛ لابن بشكوال (1 /310 رقم 683).

[20]الضوء اللامع (1 /13)

[21]الضوء اللامع (9 /19رقم 55).

[22]اختصار القدح المعلَّى لابن سعيد (173)، تاريخ المكتبات في الأندلس (122).

[23]الأعلام؛ للزركلي (5/ 331).

[24]الصُّنْع: الفرج وتيسر أسباب الرزق.

[25]المكافأة وحسن العقبى (16رقم 7).

[26]تقييد العلم (149).

[27]الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر؛ للسخاوي (3 /118، 120) ط دار ابن حزم.

[28]النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين؛ د.محمد رجب البيومي (2 /9)، وقال عنه محمد كرد علي - رحمه الله -: كتب إليَّ مرة (29 جمادى الثانية 1342هـ) يقول: نقلت لك ترجمة الصدر الآمِدي من مخطوطين نادرين، ولا يبعد أن يكون السخاوي ترجَمَه أيضًا في (الضوء)، ولست على يقين من ذلك؛ لأن نسختي استعارها أحد الأصحاب من ثلاث سنوات، ولم تزل عنده ولا يريد ردَّها، وكلما احتجت إلى الكشف عن ترجمة أذهَبُ إلى عنده وأكشف عنها؛ (حياة العلامة أحمد تيمور باشا، ذكريات شخصية) بقلم محمد كرد علي (ص: 26) جمعها واعتنى بها الشيخ محمد بن ناصر العجمي.

[29]تقييد العلم (148).

[30]تاريخ دمشق (5 /437).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصغار يعبثون بالكتب ويفهمونها أيضا!
  • أزمة الكتاب ومصير الكتب
  • الحياة مع الكتب
  • الإيمان بالكتب السابقة وآثاره
  • الكتب التي ألفت في الإذاعة المدرسية
  • من كان وراقا أو عرف بنسخ الكتب
  • تنبيهات ومقترح حول طبعات الكتب والمفاضلة بينها
  • إعارة الكتب من منظور عاشق
  • ربيع الكتب
  • الولع والاهتمام بمؤلفات عالم معين
  • عشق الكتب
  • إعارة الكتب
  • مواقف من إعارة الكتب

مختارات من الشبكة

  • أدب إعارة الكتب واستعارته (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان بالكتب وآثاره الإيمانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالكتب(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • الكتاب بين الإعارة والاستعارة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المكثرون من الكتب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دليل الكتب السمعية (المكتبة المركزية للكتب الناطقة) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أنواع الكتب التي تتناول الخصائص النبوية(مقالة - ملفات خاصة)
  • روسيا: للمرة الثانية المحكمة الروسية تحظر حصن المسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من أحكام الإعارة والودائع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العارية ( الإعارة )(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب