• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

تقديم عبدالعال عطوة لتحقيق كتاب (شرح مختصر الروضة)

د. عبدالعال أحمد عطوه

عدد الصفحات:11
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 31/3/2015 ميلادي - 10/6/1436 هجري

الزيارات: 16418

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

شرح مختصر الروضة

تأليف

نجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبدالقوي عبدالكريم بن سعيد الطوفي

المتوفي سنة 716 هـ


تحقيق

الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي

الجزء الأول

 

توزيع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المملكة العربية السعودية


كتب هذا التقديم في أول تحقيق د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي

لكتاب (شرح مختصر الروضة)

لنجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبدالقوي بن عبدالكريم بن سعيد الطوفي

المتوفى سنة 716هـ، من ص 9 إلى ص17

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله القوي المتين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بخير وإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

1- فقد كنا نقرأ فقرات مما ذكره نجم الدين الطوفي في شرح مختصر الروضة، نقلها منه مشاهيرُ علماء الأصول في كتبهم، مثل: المَرداوي في "التحرير" والفتوحي في "شرح الكوكب المنير"، فكنا نعجب لسهولة العبارة، ودقة التعبير، ووضوح المعنى، وجودة الصياغة التي كنا نفتقدها في كثير من كتب الأصول، وكنا نتمنى أن ينشر هذا الكتاب على الملأ، وأن يخرج من ضيق المخطوطات إلى سَعة المطبوعات.

 

وقد تحققت هذه الأمنية بفضل الله تعالى على يد أحد النابهين من علماء الأصول: ابننا الفاضل الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذي قام بتحقيق هذا الكتاب، والتعليق عليه ونشره، رغم مهامه الجسيمة، وقد أتيحت لي فرصة الاطلاع على قطعة منه، فألفيتُ التحقيق قد زاده جمالاً على جمال، وحسنًا على حسن.

 

2- ونجم الدين الطوفي صاحب هذا الكتاب هو: أبو الربيع سليمان بن عبدالقوي بن عبدالكريم بن سعيد، ينسب إلى طوفا، وهي قرية من أعمال صرصر - التي ينسب إليها أيضًا - تقع على مسافة فرسخين من بغداد، التي ينسب إليها أيضًا، لكن اشتهرت نسبته إلى القرية التي ولد بها، وهي: طوفا.

 

3- والطوفي من فقهاء القرن الثامن الهجري، فقد ولد في سنة 657 هـ، على ما ذكره ابن حجر في "الدرر الكامنة" وتوفي سنة 716 هـ على ما رجحه ابن رجب، وابن حجر، وابن العماد الحنبلي.

 

4- والطوفي فقيه حنبلي جاءت كل مؤلفاته في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ويعده المرداوي من كبار فقهاء الحنابلة ضمن أصحاب الإمام ذوي الرأي والاجتهاد في المذهب، كما كان أصوليًّا بارعًا؛ فقد ضرب في هذا العلم بسهم وافر: تأليفًا وتحصيلاً، ونقدًا وتحليلاً، كما يشهد بذلك مصنَّفه الذي نتحدث عنه، وقد أقر له بذلك مشاهير علماء الأصول الذين جاؤوا من بعده، لكن آثاره في هذا العلم اقتصرت على أصول مذهب الحنابلة فقط، وكان إلى جانب ذلك ذكيًّا شديد الذكاء، قوي الحافظة، حرًّا في تفكيره، لا يخشى من إبداء رأيه في كل مسألة بحثها وانتهى فيها إلى رأي، كما يبدو ذلك واضحًا من مقدمة كتابيه: "الإكسير في قواعد التفسير" و"شرح الأربعين النووية"، وكان إلى جانب ذلك كله متفننًا، واسع الاطلاع، مشاركًا في علوم كثيرة غير الفقه والأصول، مثل: أصول الدين، والجدل، والتفسير، والحديث، والنحو، واللغة، والأدب، والشعر؛ فلا عجب أن يترك ثروة علمية تزيد على الأربعين كتابًا في مختلف العلوم المذكورة وغيرها.

 

5- ومن هذه الكتب: كتابه القيم "شرح مختصر الروضة القدامية"، وهو في الحقيقة كتابان، لا كتاب واحد؛ متن وشرح، كلاهما لنجم الدين الطوفي.

 

6- أما المتن: فهو مختصر كتاب "روضة الناظر، وجُنة المناظر" لشيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، وهو كتاب في أصول الفقه على مذهب الحنابلة، ويعرف هذا المتن باسم "البُلبل"، كما يظهر ذلك من نسخة مجردة مسجلة على "فيلم" محفوظ بمعهد إحياء المخطوطات العربية، عنوانها "البلبل في أصول مذهب أحمد بن حنبل".

 

ويمتاز هذا المختصر - البلبل - كما وصفه الطوفي نفسه بحق بالمميزات الآتية:

أ - قصر الحجم، وفسَّر الطوفي ذلك بأنه "كثير المعنى، قليل اللفظ" وهو الإيجاز المستحسن؛ إذ خير الكلام ما قل ودل، وأن هذا هو معنى الاختصار الوارد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أوتيت جوامع الكلم، واختُصِر لي الكلام اختصارًا))؛ أي: أوتيت المعاني الكثيرة الجليلة، في الألفاظ اليسيرة القليلة.

 

والطوفي بتفسيره هذا ينفي ما يوهمه التعبير بـ"قِصَر الحجم" من عدم وفاء المختصر بالمسائل الواردة في كتاب "الروضة"، وهو صادق في تفسيره وتعبيره، يتضح ذلك لمن يقوم بالمقابلة والموازنة بين الكتابين.

 

ب- تضمنه واشتماله على ما في كتاب "روضة الناظر، وجنة المناظر" من مسائل وقضايا وأدلة، لموفق الدين بن قدامة المقدسي، وواضح أن هذا الاشتمال والتضمن قد جاءا في المختصر على سبيل الإيجاز الذي لا يُخلُّ بما جاء في كتاب الروضة.

 

ج - اشتماله على فوائد قيمة زائدة على ما في "الروضة" لا تقتصر على ناحية معينة، بل هي في كل مجال: في المتن وهي القضايا والمسائل المستدل عليها، وفي الاستدلال بذكر أدلة من النصوص لم يتعرض لها صاحب الروضة، وفي نقل الخلاف وتحقيقه بتصويب عزو الآراء إلى أصحابها، وفي تعليل المسائل بذكر عللها وأدلتها من غير النصوص.

 

ولعل في تسمية المختصر "بالبلبل" إشارةً إلى هذه الزوائد القيمة، وأنها تُكمِّل الروضة، وتظهر رونقها وبهاءها، كما أن البلبل الغِرِّيد ذا الصوت الجميل، يكمل الروضة الغنَّاء، والجنة الفيحاء بتغريده، ويضفي عليها الرَّوْنق والبهاء، ولئن صح هذا الفهم فإن التسمية بالبلبل تنمُّ عن أدب رفيع، وفهم دقيق، وحس رقيق.

 

د- سهولة العبارة، ووضوح المعنى، والبعد عن الغموض والإبهام في العبارات والتراكيب؛ بحيث يفهم القارئ أو السامع المرادَ من العبارة بمجرد القراءة أو السماع، دون معاناة أو جهد في هذا الفهم، وهذه ميزة لا توجد في غيره من المتون التي يصل الإيجاز في معظمها إلى حد الإلغاز.

 

هـ- متابعة ترتيب المسائل في المختصر لترتيبها في الروضة غالبًا، إذ لم يخالف الطوفي في مختصره ترتيب الروضة إلا قليلاً، وهو في هذه المخالفة يعتمد على حسن المناسبة، وجمال التناسق، كما أنه أسقط المقدمة المنطقية الموجودة بالروضة من مختصره، وعلَّل ذلك بقوله: "إنه لا تحقيق له في فن المنطق، ولا أبو محمد له تحقيق فيه أيضًا، فلو اختصرتها، لظهر التكلف عليها من الجهتين، فلا يتحقق الانتفاع بها للطالب، ويضيع عليه الوقت"، ثم قال: "ولم نعلم أحدًا من المتأخرين تابع أبا حامد الغزالي على إلحاق المنطق بالأصول إلا ابن الحاجب في مختصره".

 

ومن الواضح أن الطوفي يقصد من قوله: "إنه لا تحقيق له في فن المنطق" عدم التخصص والتبحر فيه؛ إذ الثابت من تاريخه العلمي أنه قد درس المنطق، وله مشاركة فيه بكتاب ألفه عنوانه: "دفع الملام عن أهل المنطق والكلام"، كما أن نفيَ علمِه بمتابعة أحد من المتأخرين أبا حامد الغزالي في إلحاق المنطق بالأصول غير ابن الحاجب - مقصورٌ على المتأخرين في زمنه، وإلا فبعد قرن ونصف من وفاة الطوفي - تقريبًا - وضع الكمال بن الهمام - من أعلام الفقه والأصول في المذهب الحنفي - المقدمة المنطقية في صدر كتابه "التحرير"، كما فعل ذلك أيضًا ابن عبدالشكور في كتابه "مسلم الثبوت".

 

7- لكن هذه المتابعة لا تعني أن الطوفي قد التزم جميع آراء ابن قدامة في "الروضة"، بل إنه يخالفه في كثير من الآراء، ولكنه لم يضمِّن المختصر آراءه المخالفة لما في "الروضة"، ويرجع ذلك - في نظري - إلى قصر المدة التي ألف الطوفي فيها المختصر؛ إذ إنه بدأ في تأليفه في العاشر من صفر سنة 704هـ، وانتهى منه في العشرين من الشهر نفسه؛ أي: إنه ألفه في عشرة أيام، وهي مدة لا تسمح له بتسجيل الرأي المخالف والدفاع عنه، بالإضافة إلى أن تسجيلها يخرج عما التزمه من اختصار كتاب "الروضة" والالتزام بما فيه؛ إذ الاختصار يعني جمعَ المعاني الكثيرة من كتاب "الروضة" في ألفاظ قليلة، وآراء الطوفي المخالفة ليست جزءًا من كتاب الروضة حتى يضمنها كتابه المختصر.

 

8- وإذا كان ما التزمه الطوفي في مختصره - البلبل - لم يسعفه، ولم يسمح له بإبداء رأيه الخاص فيما يخالف فيه ابن قدامة صاحب "الروضة"، فإن شرحه قد أفسح له المجال في التعبير عما يراه، وتسجيله في حرية تامة، ودفاع قوي.

 

9- ولكن ما الذي دفع الطوفي إلى تأليف متن في الأصول، وأن يكون هذا المتن مختصرًا لكتاب "الروضة"؟

 

أما الدافع إلى تأليف المتن، فأغلب الظن أنه مجاراة الحركة العلمية والفكرية في هذا العصر في مجال تأليف الكتب؛ إذ كانت هذه الحركة تتجه إلى تأليف المتون، وهي الكتب المختصرة في العلوم المختلفة؛ وذلك تيسيرًا على الدارسين من طلبة العلم، وإظهارًا لبراعة المؤلف في القدرة على جمع المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة.

 

وأما أن هذا المتن كان اختصارًا لكتاب "الروضة القدامية" بالذات، فأغلب الظن - أيضًا - أن كتاب "الروضة" كان من أشهر الكتب المؤلفة في أصول مذهب الحنابلة، وقد ظفر بإقبال أهل العلم عليه، ولا بد لمن يؤلف في أصول الحنابلة أن ينسج على منوالهم؛ فلذلك أقدم الطوفي على اختصاره، مع إضافة بعض الفوائد المهمة، والزوائد القيمة، التي خلا منها كتاب "الروضة" كما أسلفنا.

 

10- وأخيرًا يقول الشيخ ابن بدران في وصف المختصر في كتابه "المدخل إلى أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل": إنه مشتمل على الدلائل مع التحقيق والتدقيق، والترتيب والتهذيب، ينخرط مع مختصر ابن الحاجب في سلك واحد...".

 

ولكننا لا نشارك ابنَ بدران رأيه في نظم مختصر الطوفي مع مختصر ابن الحاجب في سلك واحد؛ لأن المطلع على المختصرين يرى بينهما فروقًا، أبرزها: سهولة العبارة، ووضوح المعنى في مختصر الطوفي، على حين أن مختصر ابن الحاجب يصل الإيجاز في بعض عباراته إلى حد الإلغاز، وإن سعد بالشهرة والانتشار.

 

هذا، وقد طُبع البلبل أخيرًا طبعة غير جيدة وغير محققة، وبها خرم في أولها، وهو في حاجة إلى تنقيح وتحقيق.

 

11- أما شرح الطوفي لهذا المختصر، فإنه يمتاز بما يأتي:

أ‌- بسط العبارة وسهولتها، ووضوح المعنى، وحسن الأسلوب، ودقة التعبير، يشعر القارئ له كأنه يقرأ كتابًا أدبيًّا، ولا عجب في ذلك فالطوفي أديب شاعر ناثر، لا يستعصي عليه البيان، ولا يلتوي عليه التعبير.

 

ب‌- تحديد ما يقصد من كل عبارة في المتن، مع نفي ما تُوهِمُه من معانٍ غير مقصودة، وبيان المعاني اللغوية للألفاظ التي تحتاج إلى بيان، مع رد الكلمة إلى أصلها اللُّغَوي، مقتصرًا في بيان معناها على ما يقتضيه المقام، دون إفاضة في بيان بقية معانيها اللُّغَوية، ولا ينسى التنبيه على بعض الفوائد اللغوية، مثل قوله: "إن العلماء كثيرًا ما يفرقون بين المعاني والدلالات باختلاف الحروف، كقولهم: البيض كله بالضاد، إلا بيظ النمل بالظاء"، وهو في ذلك كله يستند إلى المصادر اللغوية الموثوق بها، وإن كان أكثر ما يعتمد عليه كتاب "الصِّحاح" للجوهري، وفي شرحه للاصطلاحات العلمية يعرِّف بها تعريفًا وافيًا، مبينًا ما يرد على التعريف من نقد ودفع، وجواب ورد، ونقص وتكميل، ويستمر في ذلك حتى يسلم له التعريف الذي يطمئن إليه.

 

ج- عرض المسائل عرضًا واضحًا، وتحرير محل النزاع فيها، وبيان آراء الأصوليين حولها، مع عزو الآراء إلى قائليها، وتصحيح ما وقع فيه غيره من خطأ في هذا العزو، بحيث تبدو المسألة المطروحة للبحث والاستدلال في غاية من الوضوح والبيان.

 

د- العناية الكبيرة ببيان وجوه الدلالة من النصوص على المطلوب، مستخدمًا في ذلك الصياغة المنطقية، من غير أن يحس القارئ أو السامع بثقل هذه الصياغة؛ لعرضها في أسلوب أدبي رائع، يندر أن تجد له مثيلاً بين كتب الأصول، ومثل هذه الصياغة المنطقية يستخدمها في عرض الأدلة العقلية، بل إنها تظفر من هذه الصياغة بالنصيب الأوفى، ولم يستطع الطوفي أن يتخلَّص من هذه الصياغة ما دام يؤلف شرحَه في أصول مذهب الحنابلة، وطريقتهم تنحو نحو طريقة المتكلمين - طريقة الجمهور - التي تحتفي بالمنطق احتفاءً كبيرًا، لكنه يبعد القارئ عن الإحساس بها بأسلوبه الأدبي الرائع.

 

هـ- التعمق في تحليل المسائل ببيان دقائقها، وما يحيط بها، مستخدمًا في كثير من الأحيان طريقة الاعتراض والجواب، التي تدفع القارئ أو السامع إلى الانتباه وتنشيط الذهن، وتشده إلى متابعة الموضوع بحرص واهتمام، فتراه يقول: "فإن قيل كذا، أو: إن قال قائل كذا، فالجواب، أو الرد عليه، أو قلنا كذا.

 

وقد يتولد من الجواب سؤال، فيُتْبِعُهُ بالجواب وهكذا، وهي طريقة أقرَّها البحث العلمي، واستخدمها العلماء في عرض بحوثهم، وتعرف عند المتأخرين باسم "الفناقل" جمع "فَنْقَلة"، وهي نحت لكلمة "فإن قيل" على غرار البسملة، والحوقلة، وغيرها.

 

و- ظهور شخصية المؤلف الأصولية ظهورًا واضحًا، تنطق بها صفحات شرحه في كل مجال، فتجدها أحيانًا في نقده لصياغة المسائل، وأحيانًا في سوق الأدلة، وتارة في الأجوبة غير المرضية، وأخرى في ترتيب المسائل والأدلة وعرضها، ونقدُه في كل ذلك وغيره نقدٌ بنَّاء؛ لأنه لا يترك نقده بدون تعليق، بل يُتْبعه بما هو الصواب أو الأصلح في نظره، كما تجد هذه الشخصية واضحة أتم الوضوح في ترجيح بعض الآراء أو التعريفات أو التراكيب ترجيحًا مدعومًا بالأدلة والتعليلات، وهي ترجيحات تغطي الكتاب كله.

 

12- والشرح المذكور - فوق ما تقدم - شرح استوعب فيه صاحبُه علمَ الأصول على نمط لم يسبقه إليه غيره - فيما نعلم - في قوة الأسلوب ووضوحه، وعرض المسائل وترتيبها، وسوق الأدلة والتعليلات ومناقشاتها، وبيان السليم المنتج منها، والتحليل الرائع لمفاهيم الاصطلاحات والألفاظ والعبارات، واختيار الأمثل في كل ذلك؛ بحيث يخرج الدارس المتفهم له أصوليًّا خبيرًا بالصياغة، ودقة التعبير، والقدرة على الجدل والمناقشة، وهو ما ننشده في طلبة العلم عمومًا، ودارس أصول الفقه خصوصًا.

 

وفي قيمة الشرح المذكور يقول الشيخ ابن بدران في كتابه "المدخل إلى أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل" عند كلامه على مختصر البلبل: "وقد شرحه مؤلفه في مجلدين، حقق فيهما فن الأصول، وأبان فيه عن باع واسع في هذا الفن، واطلاع وافر، وبالجملة فهو أحسن ما صنف في هذا الفن وأجمعه وأنفعه، مع سهولة العبارة، وسبكها في قالب يدخل القلوب بلا استئذان".

 

13- ولهذه القيمة العلمية العظيمة لهذا الشرح اعتمد عليه كثير من أكابر العلماء في مؤلفاتهم الأصولية، فمن هؤلاء: علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد المرداوي المتوفَّى سنة 885 هـ من كبار فقهاء الحنابلة، فقد اعتمد في كتابه "تحرير المنقول، وتهذيب علم الأصول" على الشرح المذكور، حيث نقل عنه كثيرًا، وقد نصَّ في آخر كتابه على اعتماده على هذا الشرح.

 

ومنهم تقي الدين الفتوحي المتوفي سنة 979 هـ أحد كبار فقهاء الحنابلة، انتهت إليه رئاسة المذهب في مصر، وولي القضاء بسؤال جميع أهل مصر، فقد نقل من الشرح المذكور كثيرًا في كتابه "شرح الكوكب المنير"، وحسبك باعتماد هذين الشيخين الجليلين على "شرح مختصر الروضة القدامية" ثقة به وتقويمًا له.

 

14 - والكتاب بعد هذا كله فوق ما وصف به، مما يجعله جديرًا باحتفاء كل دارس لعلم الأصول ومهتم به، وأخص من هؤلاء القائمين على أمر الجامعات الإسلامية، الذين يُرجى منهم أن يجعلوا هذا الكتاب على رأس الكتب التي تدرس بكليات الشريعة، وأقسام الدراسات العليا بها، وهو رجاء جدير بالتحقيق، وما إخالهم إلا مستجيبين له.

 

15- وأخيرًا أحب أن أنبّه على أمرين:

الأول: أن نجم الدين الطوفي قد اتهمه العلامة ابن رجب بالتشيع، ودافع عن هذه التهمة بعض الباحثين المعاصرين في رسالة علمية أجيزت بدرجة الامتياز من جامعة القاهرة، وسواء صح هذا أم لم يصحَّ، فإن شرحه لمختصر الروضة قد جاء كله جملة وتفصيلاً على أصول مذهب الحنابلة، ولا أثر للتشيع فيه في أي جزئية منه، وكفى بهذا تقويمًا للكتاب.

 

الثاني: أن نجم الدين الطوفي قد أثر عنه في شرحه لحديث ((لا ضرر ولا ضرار)) من كتاب الأربعين النووية أنه يرى تقديم المصلحة على النص والإجماع، وهو قول اجتهد فيه وأخطأ، ورد العلماء عليه هذه المقالة، ولكن هذه المقالة لم ترد في شرحه لمختصر الروضة، لا عند كلامه في المصلحة، ولا في أي مكان آخر من كتابه المذكور، فشرحه لمختصر الروضة القدامية خالٍ عن هذه المقالة؛ إذ جاء كله على وفق أصول مذهب الحنابلة التي يبرأ مذهبهم عن القول بها، والحمد لله تعالى.

 

16 - ولا يسعني في ختام هذه الكلمة الموجزة أشد الإيجاز، إلا أن أشكر محقق هذا الكتاب شكرًا جزيلاً على ما بذله من جهد وعناية ورعاية، في التحقيق، والتدقيق، والتعليق، حتى أخرج هذا التراث الأصولي الضخم للناس عامة، ولأهل العلم خاصة، ولعلماء الأصول وطلبته ودارسيه ومحبيه على أخص الخصوص؛ فأثرى بذلك المكتبة الإسلامية بسِفْرٍ كانت تفتقده من قديم.

 

ولا أريد أن أمتدح المحقق، أو أثني عليه، فحسبه عمله في هذا الكتاب ثناء ومدحًا، ولكنني أدعو له بكل خير، وبالمزيد من التوفيق في خدمة الإسلام، في ساحة الأصول بخاصة، وساحة العلوم الإسلامية بعامة، والله ولي ذلك، والقادر عليه.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • فرنسا: غضب كاثوليكي لتوقف مطعم شهير عن تقديم لحوم الخنزير وتقديم اللحوم الحلال(مقالة - المسلمون في العالم)
  • عبدالعال العنزاوي ( قصة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ربيع عبدالعال .. راعي البقر ( قصة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • العقد النفيس فيما يحتاج إليه للفتوى والتدريس (فتاوى ابن عبدالعال)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين - سورة يونس الحلقة الأولى: تقديم وتمهيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرياض: عرض وتقديم كتاب السيرة النبوية للسعدي وابن عثيمين بمكتبة الملك عبدالعزيز(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تقديم كتاب "علاقة الأمة بالنبي صلى الله عليه وسلم: مظاهر ومآثر" للدكتور عبدالحكيم الأنيس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تقديم كتاب (العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين) تأليف الدكتور عبد الحكيم الأنيس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اقرأ كتابك (عرض تقديمي)(كتاب - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تقديم كتاب (علماء أضراء خدموا القرآن وعلومه) تأليف الدكتور عبدالحكيم الأنيس(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب