من جلد من العلماء

من جُلِدَ من العُلماء

سعيد بن المسيب أبو محمد القرشي المخزومي:

ضربه عبدالملك بن مروان مائة سوط، وصبَّ عليه جرة ماء في يوم شاتٍ، وألبس جبة صوف[1].

وكتب عبدالملك لهشام بن إسماعيل فقال: ما لكَ ولسعيد؟! ما كان علينا منه شيء نكرهه، فأما إذ فعلتَ فاضربه ثلاثين سوطًا، وألبسه تبان شعر، وأوقفه للناس؛ لئلا يقتدي به الناس، فدعاه هشام فأبى، وقال: لا أبايع لاثنين، فألبسه تبان شعر، وضربه ثلاثين سوطًا، وأوقفه للناس[2].

وقال أبو المليح الرقي: حدثني غير واحد أن عبدالملك ضرب سعيد بن المسيب خمسين سوطًا، وأقامه بالحرة، وألبسه تبان شعر، فقال سعيد: لو علمت أنهم لا يزيدوني على الضرب ما لبسته؛ إنما تخوفت من أن يقتلوني، فقلت: تبان أستر من غيره[3].

وقال ابن كثير: "وقد زوَّج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين لكثير بن أبي وداعة، وكانت من أحسن النساء وأكثرهم أدبًا، وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأعرفهم بحق الزوج، وكان فقيرًا فأرسل إليه بخمسة آلاف - وقيل: بعشرين ألفًا - وقال: استنفق هذه - وقصته في ذلك مشهورة - وقد كان عبدالملك خطبها لابنه الوليد فأبى سعيد أن يزوِّجه بها، فاحتال عليه حتى ضربه بالسياط"[4].

ومما ذكر من ذلك أيضًا ما قاله الواقدي: حدثنا عبدالله بن جعفر، وغيره من أصحابنا، قالوا: استعمل ابن الزبير جابر بن الأسود بن عوف الزهري على المدينة، فدعا الناس إلى البيعة - لابن الزبير - فقال سعيد بن المسيب: لا؛ حتى يجتمع الناس، فضربه ستين سوطًا، فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه ويقول: ما لنا ولسعيد؟! دَعْهُ"[5].

وقال عبدالواحد بن أبي عون: كان جابر بن الأسود عامل ابن الزبير على المدينة قد تزوج الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، فلما ضرب سعيد بن المسيب، صاح به سعيد والسياط تأخذه: والله ما ربعت على كتاب الله، وإنك تزوجت الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، وما هي إلا ليالٍ، فاصنع ما بدا لك، فسوف يأتيك ما تكره، فما مكث إلا يسيرًا حتى قُتل ابن الزبير[6].

عبدالرحمن بن أبي ليلى أبو عيسى الأنصاري الكوفي:

ضربه الحَجَّاج أربعمائة سوط ثم قتله[7].

قال الأعمش: رأيت ابن أبي ليلى وقد ضربه الحجاج، وكأن ظهره مسح، وهو متكئ على ابنه وهم يقولون: العنِ الكذابين، فيقول: لعن الله الكذابين، يقول: الله الله، علي بن أبي طالب، عبدالله بن الزبير، المختار بن أبي عبيد، قال: وأهل الشام كأنهم حمير لا يدرون ما يقصد، وهو يخرجهم من اللعن[8].

خبيب بن عبدالله بن عبدالله بن الزبير:

ضربه عمر بن عبدالعزيز بأمر الوليد مائة سوط، وذلك أنه حدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (( إذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلاً، اتخذوا عباد الله خولاً، ومال الله دُولاً))[9]، فكان عمر إذا قيل له: أبشر، قال: كيف بخبيب على الطريق؟![10]

أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان التميمي، ثم المازني البصري:

ضربه بنو أمية خمسمائة سوط[11].

ربيعة الرأي بن أبي عبدالرحمن فروخ أبو عثمان، ويقال: أبو عبدالرحمن القرشي التيمي:

روى مطرف عن ابن أخي ابن هرمز: رأيت ربيعة جلد وحلق رأسه ولحيته، قال إبراهيم بن المنذر: كان سببه سعايةَ أبي الزناد به[12].

عطية العوفي أبو عبدالله الحسين بن الحسن ابن المحدث عطية العوفي الكوفي:

قال الحافظ الذهبي: "ضربه الحجاج أربعمائة سوط على أن يشتم عليًّا - رضي الله عنه - فلم يفعل، وهو ضعيف الحديث"[13].

عبدالله بن عون:

قال مكي بن إبراهيم: " كنا عند عبدالله بن عون فذكروا بلال بن أبي بردة، فجعلوا يلعنونه، ويقعون فيه - يعني: لجوره وظلمه - قال: وابن عون ساكت، فقالوا له: إنما نذكره لما ارتكب منك! فقال: إنما هما كلمتان تخرجان من صحيفتي يوم القيامة: لا إله إلا الله، ولعن الله فلانًا"[14].

وقيل: كان مشغولاً بنفسه، وما سمعتُه ذاكرًا بلالَ بن أبي بردة بشيء قطُّ، ولقد بلغني أن قومًا قالوا له: يا أبا عون، بلال فعل كذا؟ فقال: إن الرجل يكون مظلومًا، فلا يزال يقول حتى يكون ظالمًا، ما أظن أحدًا منكم أشد على بلال مني، قال: وكان بلال ضربه بالسياط؛ لكونه تزوج امرأة عربية[15].

أبو حنيفة:

توفي في السجن بعد أن ضرب، وقيل: أُوجر سُمًّا[16].

مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر، أبو عبدالله الحميري، ثم الأصبحي المدني:

ضربه المنصور سبعين سوطًا في يمين المكره، وكان مالك يقول: لا يلزمه اليمين، وقال محمد بن جرير: كان مالك قد ضُرِب بالسياط، واختلف في سبب ذلك[17]:

فحدثني العباس بن الوليد، حدثنا ابن ذكوان، عن مروان الطاطري، أن أبا جعفر نهى مالكًا عن حديث: ((ليس على مستكره طلاق))[18]، ثم دسَّ إليه من يسأله، فحدثه به على رؤوس الناس، فضربه بالسياط.

وعن ابن سعد: حدثنا الواقدي قال: لما دعي مالك، وشُووِرَ، وسمع منه، وقُبِل قوله، حسد، وبَغَوه بكل شيء، فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة، سعوا به إليه، وكثروا عليه عنده، وقالوا: لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره: أنه لا يجوز عنده، قال: فغضب جعفر، فدعا بمالك، فاحتج عليه بما رفع إليه عنه، فأمر بتجريده، وضربه بالسياط، وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه، وارتكب منه أمر عظيم، فوالله ما زال مالك بعدُ في رفعة وعلو.

قال الذهبي: "قلت: هذا ثمرة المحنة المحمودة، أنها ترفع العبد عند المؤمنين، وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا، ويعفو الله عن كثير ((من يرد الله به خيرًا يُصِبْ منه))، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((كل قضاء المؤمن خير له))[19]، وقال الله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31]، وأنزل تعالى في وقعة أُحُد قوله: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران:165]، وقال: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [الشورى:30]، فالمؤمن إذا امتُحن صبر واتعظ، واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه، فالله حكم مقسط، ثم يحمد الله على سلامة دينه، ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له"[20]، وقد قيل: إنه جلد بمشورة محمد بن عبدالعزيز الزهري[21].

الإمام أحمد بن حنبل:

امتحن، وسجن، وضرب في أيام بني العباس[22]، كما ضربه المعتصم بالسياط[23].

أحمد بن أبي ظبية:

قال الدغولي: هو أحد أوعية العلم، حُمِل إلى المنصور، فضربه خمسين سوطًا، فمات بين يديه[24].

حماد بن إسحاق أخو إسماعيل بن إسحاق:

قبض عليه المهتدي محمد بن الواثق وضربه بالسياط، وأطاف به على بغل بسر من رأى؛ لشيء بلغه عنه[25].

أبو عباية رجل من الصالحين:

أمر بشر بن مروان بالمعروف، فضربه بالسياط حتى مات[26].

محمد ذو النفس الزكية: ضربه والي أبو جعفر المنصور:

قال ابن جرير: "وكان عمرو بن سعيد لما قدم المدينة ولَّى شرطته عمرو بن الزبير؛ لما كان يعلم ما بينه وبين عبدالله بن الزبير من البغضاء، فأرسل إلى نفر من أهل المدينة فضربهم ضربًا شديدًا، قال محمد بن عمر: حدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه قال: نظر إلى كل من كان يهوى هوى ابن الزبير فضربه، وكان ممن ضُرِب: المنذر بن الزبير، وابنه محمد بن المنذر، وعبدالرحمن بن الأسود بن عبديغوث، وعثمان بن عبدالله بن حكيم بن حزام، وخبيب بن عبدالله بن الزبير، ومحمد بن عمار بن ياسر، فضربهم الأربعين إلى الخمسين إلى الستين"[27].