• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

عرض كتاب: عصر الإنكا

عرض كتاب: عصر الإنكا
محمود ثروت أبو الفضل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/3/2015 ميلادي - 21/5/1436 هجري

الزيارات: 24881

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرض كتاب

عصر الإنكا

 

♦ اسم الكتاب: عصر الإنكا.

♦ بالإنجليزية: Daily Life in the Inca Empire

♦ المؤلف: مايكل أ.مالباس.

♦ ترجمة: فالح حسن فزع.

♦ سنة النشر: 1433هـ - 2012م.

♦ دار النشر: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة).

♦ الطبعة: الأولى.

♦ صفحات الكتاب: 258.

 

تعد حضارة "الإنكا" (Inca or Inka) من أهم الحضارات القديمة التي ازدهرت في منطقة "الأنديز" بأمريكا الجنوبية، والتي شمل نفوذها أرض بوليفيا، والبيرو، والإكوادور، وجزءًا من تشيلي والأرجنتين، وكانت حضارة الإنكا أكبر الإمبراطوريات في أمريكا الجنوبية قبل قدوم الاحتلال الإسباني للمنطقة، الذي قضى على كافة مظاهر التراث الإنكي في المنطقة بقسوة بالغة، وذلك عام 1532م.

 

تميزت حضارة بلاد الإنكا بشمولية عجيبة، وقدرة على تكييف المجتمعات التي ضمَّتْها تحت مظلة الإمبراطورية؛ بحيث تركت لها حرية التصرف في أراضيها مقابل مساعدة الإمبراطورية الأم، والرضا بتنظيم أمورها من قِبَل الدولة؛ حيث طوَّع الإنكيون الثقافاتِ كلَّها التي عاشت في غرب أمريكا الجنوبية تحت سلطتها الرئيسية؛ مما أدى إلى استفادتهم بِجَعْبةٍ مكتنزة من الخبرات في القيادة العسكرية، والحكم، وإدارة البلاد التي فتحوها، مع قدرتهم على تنظيم موارد كل تلك البلاد بسلاسة، وأسلوب كفء، وجديرٌ بالإشارة أنَّ إسهام الحضارة الإنكية في تاريخ الإنسانية أمر مثير للإعجاب؛ حيث طور ملوكها نظام الطرق في المملكة ككل، رغم طبيعة المنطقة الجبلية؛ لتحسين التواصل بين مناطق الإمبراطورية المختلفة، وفي مجال الزراعة كان لاستخدام نظام "زراعة المصاطب" - عن طريق إنشاء مجموعات كبيرة من المدَرَّجات، والقنوات، وأعمال الري، في المناطق الجبلية شديدة الانحدار - أثرُهُ الكبير في تحسين نظام الزراعة، وإدخال محاصيل زراعية جديدة في منطقة "الأنديز" سادت القارة كلها، وصَبَغَتْها بنظام حضاري موحَّد، أما بشأن القيادة العسكرية، وتنظيم المجتمعات، فقد كان لسياسة المجتمعات المفتوحة، والتعايش بين المجتمعات المختلفة التي ضمتها تحت سلطتها الزمانية والمكانية - أثرُها البالغ في اتساع أملاكها في وقت وجيز؛ حيث كانت تنص شروط الإنكا السياسية للشعوب المغلوبة على أن أراضي الشعوب المفتوحة تَؤُول نظريًّا إلى ملك الإنكا، على أن لهذا الشعب حقَّ استثمارها، والمساهمة في دخل الإمبراطورية بحصة من نتاجها الزراعي أو الحرفي، مع تعهد ملوك الإنكا بالدفاع العسكري عن أراضيها، وتنظيم الأمور الإدارية لأراضي تلك المجتمعات؛ من سَنِّ قوانين، وتنظيم طرق، وبناء سدود، وقنوات ري، وغيرها، إلى جانب توسيع قاعدة الجيش الإنكي باختيار أفراد من تلك الشعوب؛ للاشتراك في الفتوحات الجديدة؛ لتفاعل أبناء تلك المجتمعات مع السمت العام للإمبراطورية، والدفاع عنها في المستقبل، وهو ما كفل لحضارة الإنكا هذا الانتشار الواسع في القارة الأمريكية، وتسيدها في فترة قصيرة، واستبسال أبنائها أمام الغزو الإسباني لفترة طويلة حتى رضخت مع توحش المعاملات القاسية للإسبانيين بعد إسقاطهم الملكية الإنكية التي استمرت طيلة أربعة عشر جيلاً متَّصلاً.

 

أما في مجال العمارة والبناء، فقد كان للإنكيين شهرة واسعة بأسلوبهم في صف أحجار البناء بإحكام لا يمكن للمرء معه تمرير نصل سكين بينها، وكانت هذه التقنية واحدة من عدة تقنيات في البناء خَصَّ بها الإنكيون مبانِيَهم الأكثر أهمية كالمعابد، ومباني الإدارة، والمساكن الملكية، ولعل الأبنية الضخمة التي ما زالت حتى وقتِنا هذا في المناطق الجبلية شديدةِ الوعورةِ والانحدار، تنْبِئ عن عِظَم العمارة الإنكية، التي ما زالت شاهقة رغم مرور القرون بدون أي تأثر بهِزَّات أرضية، أو عوامل زمنية.

 

يُقَدِّم "مايكل مالباس" في كتابه "عصر الإنكا" مقاربة تطبيقية في دراسة حضارة قديمة بحجم حضارة الإنكا، وهو منهج لاستكشاف تعقيدات دراسة الحضارات بالاستعانة بنصوص، وآثار، وشواهد تاريخية من عهد تلك الحضارات ذاتها، وهو ما يعطي مصداقية أكبر لمضمون الدراسة ونتائجها، وجاء تنظيم هذا الكتاب؛ ليكون وسيلة لإدخال القارئ إلى مظاهر ثقافة الإنكا المختلفة، "ولهذا الكتاب أهمية في مستويين اثنين: مقاربة تطبيقية لإعادة فحص وتحديث حضارة من حضارات العالم في أواخر العصر الوسيط الغربي، وفَجْر العصور الحديثة أو النهضة (من القرن الخامسَ عَشَرَ حتى القرن السادسَ عَشَرَ)، وتعريف بتفاصيل حياة جماعة اجتماعية أسست أكبر إمبراطورية في نصف الكرة الغربي قبل الاستعمار الأوروبي لأمريكا".

 

ويعتمد "مالباس" في دراسته على إعادة تخيُّل وبناء أكبر قدر ممكن من أسلوب الحياة القديمة لدى أهل تلك الثقافة، وليس على المظاهر السياسية والاقتصادية والدينية وحسْب، ويحاول هذا الكتاب أيضًا تقديم معلومات عن الإنكيين بوصفهم حكامَ إمبراطورية واسعة، فضلاً عن معلومات عن رعاياهم، وما محاولةُ المؤلف هذه إلا لتصويرِ ما كانت عليه طبيعة حياة أناس عاشوا فعلاً في إمبراطورية الإنكا، ويَحُثُّ الكاتب قارئه في ختام تلك الدراسة على أن يقرر بنفسه ما إذا كانت فكرة إعادة بناء أسلوب الحياة في العصر الإنكي هذه محاولة دقيقة أم لا؟!

 

وهذا الكتاب جزء من سلسلة أطلقَتْها دار نشر "غرينوود" بعنوان: "الحياة اليومية عبر التاريخ"، تقدِّم مقاربات أنثروبولوجية تطبيقية للحضارات والثقافات القديمة، ومقارنة بين نظم تلك المجتمعات، وأهم ابتكاراتها، وما أسهمت به حديثًا في صياغة تاريخ الأمم المعاصرة.

 

والمؤلف هو "مايكل مالباس" أستاذ أنثروبولوجيا، وباحث علوم اجتماعية بكلية "إيثاكا" بأمريكا، يتضمن اهتمامه البحثي أركيولوجيا أمريكا الجنوبية، وتاريخها الإثنولوجي (العِرْقيات)، والنظم الحضارية والزراعية، وتغير المناخ في مراحل ما قبل التاريخ لمجتمعاتها، وقد كتب عشرات الدراسات في مجال تخصصه، كما رَأَس العديد من حفائر التنقيب الأثرية في مناطق أمريكا اللاتينية، ويعمل حاليًا مستشارًا وباحثًا أثريًّا، حقق كتابه - موضوع العرض - "عصر الإنكا" أفضل المبيعات في الولايات المتحدة في عام 2009م.

 

أما المترجم، فهو الأستاذ "فالح حسن فزع"، حاصل على شهادة الماجستير في الفرنسية وآدابها، ودبلوم في الإنكليزية، عمل في التدريس، ويكتب ويترجم - منذ عام 1990 - دراسات ومقالات في النقد الأدبي، والسياسة، ومن أهم ترجماته كتاب "الإسلام" لدومينيك سورديل، و"سليمان القانوني"، و"صناعة المشاريع"، كما ترجم بالمشاركة كتاب "العالمَ بعد الحادي عشر من سبتمبر، والحرب على العراق" ليفجيني بريماكوف، وكتاب "إيران بعد ربع قرن: من الجمهورية الأولى إلى الثالثة" لويلفريد بوختا.

 

وصف الكتاب:

ضم الكتاب مدخلاً، وسبعة فصول مطوَّلة؛ اهتمت بتقديم وصف كامل لحياة الإنكيين، ونشاطهم وإسهاماتهم في التاريخ الحضاري بشكل مُبَسَّط، معتمدًا على المصادر الأركيولوجية، وحوليات الرحَّالة الإسبان، ويصف المدخل مصادر المعلومات الأساسية عن الإنكيين، مُبينًا مدى الصعوبة في استقصاء تاريخ حضارات أمريكا الجنوبية في ظل التطور العمراني الحديث، الذي يقضي على ما تبقَّى من آثار حضارات "الأنديز"، ويوفر المدخل أيضًا نظرة عامة عن الإنكيين، وإمبراطوريتهم، وطبيعة حضارتهم، وكيف تطورت هذه الإمبراطورية، ومَنْ هُمْ أبرز شخصياتهم.

 

ثم بدأ الكاتب في وضع تصور حياتي لحضارة الإنكا - بناءً على تلك المصادر - في فصول الكتاب التي تلت مدخل الدراسة، وذلك بإسهاب وتفصيل، استقصى كافة المظاهر الحضارية لشعب "الإنكا"، وجاءت عناوين فصول الكتاب على النحو التالي:

الفصل الأول: لمحة تاريخية.

الفصل الثاني: سياسة الإنكيين، ومجتمعهم.

الفصل الثالث: حياة الإنكيين الخاصة، وثقافتهم.

الفصل الرابع: ديانة الإنكيين، وعِلمهم، وتقويمهم.

الفصل الخامس: "ماتشو بيتشو": بلدة إنكية قديمة متلفعة بالسحاب.

الفصل السادس: الحياة اليومية في إمبراطورية الإنكا: إعادة بناء أنموذجين.

الفصل السابع: إسهام الإنكيين في ثقافة الأنديز الحديثة.

الخاتمة: الحفاظ على الماضي.

 

وضع الكاتب في الفصل الأول منطقة الأنديز بالشكل الذي كانت عليه في عهد إمبراطورية الإنكا، مستعرضًا جغرافية الإمبراطورية، ويناقش الفصل الثاني التطورات الثقافية، والحضارات التي سبقت حضارة الإنكا وكان لها تأثير في بلورة عناصر حضارتهم، ويُجدِي هذا الفصل في فهم الأسس الثقافية التي نهض عليها تطور الإنكيين، كما يفحص الفصل الثاني التنظيم السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي في إمبراطورية الإنكا، أما الفصل الثالث، فيقدم معلومات أكثر تفصيلاً عن الحياة اليومية للأفراد؛ إذ يقدم التمايز بين حياة الإنكيين الخاصة وحياة تابعيهم، كما أضيفت معلومات جديدة من أبحاث حديثة بيَّن فيها الكاتب مدى التحديث والمعاصرة التي أضيفت في الدراسات التاريخية الجديدة عن حضارة الإنكا.

 

أما الفصل الرابع، فتضمَّن الإسهامات الحضارية التي أضافتها حضارة الإنكا في أبواب الدين والعلم والتقويم، بشكل يُبَيِّن ثراء الثقافة الإنكية، ومدى تغلغل الديانة بشكل كبير في صبغ حضارة الإنكا بطابعها الخاص، أما الفصل الخامس، فيتضمن الحديث عن مدينة من أهم المدن التي أنشأها ملوك الإنكا، وهي مدينة "ماتشو بيتشو"، وهي أحد أكثر المواقع الأثرية إثارةً للإعجاب في تاريخ حضارات أمريكا الجنوبية، واخْتِيرت إحدى عجائب العالم السبعة الجديدة في عام 2007.

 

أما الفصل السادس، فيعرض الكاتب فيه نموذجَ محاكاة ليوم من حياة عائلة إنكية، ونموذجًا آخر موازيًا من حياة خَدَمِهم من إحدى المجموعات التي غزوها، ويحاول الكاتب أن يُلِم بكافة تفاصيل الحياة اليومية التي فصَّل أهم مظاهرها في فصوله السابقة، كتطبيق عملي في هذا الفصل، وهي إحدى أكثر المحاولات الحديثة لربط التاريخ بالحياة العامة في ذهن القارئ غير المتخصص، والطلاب المتخصصين، وفي هذا الفصل يترك الكاتب الفرصة للقارئ العام؛ ليقرر تقريرًا نقديًّا عما إذا كانت عملية بناء يوم من أيام الحياة اليومية للإنكا تبدو معقولة، أم تنطوي على معلومات غير دقيقة.

 

ويقوم الفصل السابع بمسح لإسهامات الإنكيين في مجتمع الأنديز المعاصر وبقية العالم، ثم يتناول الكاتب حضارة الإنكا بعد احتلال الإسبان لأراضيها، مرورًا بـ"العهد الكونيالي"؛ لبيان أنه رغم ممارسات الاحتلال الإسباني القاسية إلا أن طريقة حياة الإنكا حاولت مقاومة التأثير الثقافي بكافة الطرق؛ حتى استسلمت تمامًا مجتمعات الأنديز للغزو الإسباني بعد محاولات مُضْنية للتمرد، ولكن رغم ذلك سيرى القارئ أنَّ بعضًا من طريقة حياة الإنكا ما زالت حتى يومنا هذا في قُرى بلاد الأنديز وريفها.

 

وتعرَّضَ الفصلُ الثامن - وهو الخاتمة - للأزمة الحالية المتمثلة بتخريب المواقع الأركيولوجية في مناطق بلاد "الأنديز" في أمريكا الجنوبية، وغيرها من العالم، ومدى الخطر الذي يهدد ما تبقَّى من تاريخ هذه الحضارة الزاهرة التي حكمت ونظمت أمور شعوب أمريكا الجنوبية على مدى سبعمائة عام، ويقدم هذا الفصل بعض المقترحات لتخطِّي تلك الأزمة، والمحافظة على ما تبقى من الأماكن الأثرية.

 

وقد تضمن الكتاب في نهايته مسردًا بأهم التعابير الإنكية، والمصطلحات الأثرية المستعملة في الدراسة، كما وضع الكاتب حصرًا بيبلوجرافيًا بأهم الدراسات التي استعان بها في دراسته عن حضارة الإنكا، ويمكن للقارئ أن يستزيد من حضارة عصر الإنكا بالعودة إليها، واستذكار ما جاء فيها من معلومات ووثائق.

 

كذلك تضمنت ملحقات البيبلوجرافيا قائمة بمصادر موجودة على شبكة الإنترنت، وأخرى غير مطبوعة، التي قد تعين القارئ على العثور على معلومات إضافية، بخاصةٍ المرئيةُ منها عن الإنكيين، والثقافات الأخرى المتشابهة معها.

 

وأضاف الكاتب في نهاية كل فصل باب: "إقامة صلة بما مضى"، وهو عبارة عن مجموعة من الأسئلة يطرحها الكاتب على القارئ ترمي إلى توليد نشاط تفاعلي، ونقاش حيوي عن العلاقة بين الإنكيين ومجتمع اليوم، "وحث القارئ على التفكير في كيف يمكن لمعرفتنا عن الإنكيين أن تُغْني حيواتنا نحن".

 

أهم الأفكار الرئيسية بالكتاب:

مدخل لحضارة الإنكا:

تعد المصادر التي يعتمد عليها المؤرخون في سرد تاريخ الإنكا قليلة للغاية؛ حيث تقتصر المعرفة بتاريخ الإنكيين على ما يتناقله التراث الشفاهي، ولعل من أبرز تلك المصادر:

1- الشواهد الأثرية التي وُجِدت من عصر الإنكيين، والتي أكدت استيطان الإنكيين بحضارتهم منطقة "الأنديز" في وقت مبكر من العام 1200 بعد الميلاد بجوار العاصمة "كوزكو"، وابتدأ أول توسع للإنكيين خارج موطنهم في عام 1438 تقريبًا.

2- حوليات وكتابات الرحَّالة الإسبان، التي وصلت إليهم من طريق الإنكيين أنفسهم، وبعضها يتعارض في بعض الأحيان في نقاط معينة.

3- مصدر ثالث للمعلومات يتمثل بممارسات شعب الأنديز المعاصر؛ حيث نجد أن حياتهم شديدة الشبه بحياة أسلافهم الإنكيين في أمور كثيرة، تناقلوها عبر الأجيال، وحاولوا الحفاظ عليها.

يمكن توثيق الإنكيين أثريًّا كمجموعة بشرية مميزة منذ عام 1200م؛ حيث عاشت في المرتفعات الجنوبية في بيرو على مدى تاريخهم، وبدأت فتوحاتهم للدول المجاورة لهم كَرَدِّ فعل طبيعي بعد تعرضهم للهجوم على يد مجتمع منافس لهم، فقرروا توسيع إمبراطوريتهم على امتداد عهد ملوكهم، التي استمرت حتى الغزو الإسباني في عام 1532م.

 

وقد ذكرت المصادر التاريخية 13 ملكًا من ملوكهم تعاقبوا على حكم البلاد حتى الغزو الإسباني للبلاد، وذلك على النحو التالي:

1- مانكو كاباك.

2- ذنتشي روكا.

3- لوك يوبانكي.

4- مايتا كاباك.

5- كاباك يوبانكي.

6- إنكا روكا.

7- ياوار واكاك.

8- فيراكوتشا إنكا.

9- باتشاكوتي إنكا يوبانكي.

10- توبا إنكا يوبانكي.

11- وينا كوباك.

12-13: "واسكار"، و"أتاولبا"، وهما مَلِكان أعقبا كلاهما "وينا كوباك"، وكلاهما ادَّعَيَا المُلْك، وهزم "أتاولبا" "واسكار" في حرب أهلية، ولكن ما لبث أن عاجله الإسبان، وقاموا بأسْرِه بعد وصولهم إلى ساحل بيرو الشمالي، وطلب الإسبان فدية من الإنكا عبارة عن ملء غرفة من الذهب وغرفتين فضة لإنقاذ مَلِكِهم، ورغم دفع الفدية من قِبَل الإنكيين بالكامل فإن القائد الإسباني قتل "أتاولبا" عام 1533م، ونصَّبَ محلَّه مَلِكًا جعله الإسبان ألعوبة بأيديهم، وما لبث زعماء الإنكا المتمردون بعدها أن تولوا قيادة حركة المقاومة ضد الغزاة الإسبان، وفي عام 1537م أخمد الإسبان التمرد الأخطر ضدهم بقيادة الزعيم الإنكي "مانكو إنكا"؛ لتنتهي بذلك حضارة الإنكا عمليًّا، ويبدأ ساحل أمريكا الجنوبية الدخول في العهد الكونيالي الإسباني، الذي تولى فيه قادة الإسبان تنصير أمريكا الجنوبية بالقوة.

 

وتفيد أسطورة أصل الإنكيين بأن مؤسسيهم جاؤوا من مدينة تقع جنوب "كوزكو" تدعى "باكاريكتامبو"، فمن هناك خرج 4 إخوة و4 أخوات من كهف، وكان أبرزهم "مانكو كاباك" الذي صار أول ملك عليهم، ثم جاء بقية الإنكيين من كهفين متجاورين، والذين قادهم الملوك الثمانية إلى موقع "كوزكو"؛ حيث أسسوا عاصمتهم هناك، وكان أولُ التهديدات للإنكيين مجتمَعَيْن قويين عاشا إلى الجنوب منها، وهما "اللوباكا"، و"الكولا"، وكان كل فريق يرغب في التحالف مع الإنكيين، وبعد معركة بينهما أوقع "اللوباكا" الهزيمة بـ"الكولا"، وعقدوا بعدها معاهدة مع الإنكيين توسعت بها حدود المملكة الإنكية، وفي وقت آخر قامت قبائل "التشانكا" بمحاولة مهاجمة الإنكيين في عهد الملك الشيخ "فيراكوتشا إنكا"، الذي هرب من المدينة تاركًا ابنه "إنكا يوبانكي" يتولى الدفاع عن "كوزكو"؛ والذي استطاع هزيمة "التشانكا"، ونازع أخاه "إنكا أوركون" وأباه على العرش، واتخذ لنفسه لقب "باتشاكوتي"، ويعني "الزلزال" أو "الطوفان"، وقد جعلت هزيمة "التشانكا" الإنكيين أكبر نفوذًا، وأوسع رقعة، وعلى مدى 25 سنة اللاحقة وسعت جيوش "باتشاكوتي" من رقعة الإمبراطورية حتى وصلت إلى بحيرة "خونين" التي تقع شرقِيَّ مدينة "ليما" عاصمة بيرو اليوم، وتولى ولده من بعده "توبا إنكا" سلسلة من المعارك وسَّعَتْ من الإمبراطورية إلى المنطقة التي تقع فيها مدينة "كيتو" حاليًّا، وفي تلك الفترة تحقق فتح سواحل بيرو الوسطى والشمالية، قاهرًا "توبا" مجتمعاتِها، ضامًّا إياها تحت سيطرة الإنكيين ونفوذهم، وفي عهد "توبا إنكا" أيضًا وصلت إمبراطورية الإنكا إلى بوليفيا، وتوقفت فتوحاته عند وسط شيلي، وفي عهد ولده "واينا كاباك" الذي خلفه على الحكم، بلغت إمبراطورية الإنكا أَوْجَ اتساعها في عام 1525م بعد حوالي 87 عامًا فقط بعد انطلاق "باتشاكوتي" في فتوحاته الجريئة؛ حيث توسعت جيوش الإنكيين على امتداد ساحل "الأنديز" شرقي بوليفيا.

 

 

ويرى كثير من الباحثين أن السبب في توسع تلك الفتوحات وامتدادها في مدة قصيرة للغاية هو القوة العسكرية الكبيرة التي كانت للإنكيين، وخبرتهم في تنظيم الجيوش، وضم الشعوب المفتوحة إلى فِرَقِها، إلى جانب رغبة كل ملك في توسيع دائرة أملاكه؛ فقد ساد الاعتقاد بأن الملك الإنكي عندما يموت فإن فتوحاته وأملاكه من الأراضي، تظل ملكًا له في العالم الآخر، ويرثها أقاربه فيما عدا خليفته، ومن ثم يجب على الملك الجديد أن يجد بنفسه مصادر ثروة جديدة له تضاف لسجل إنجازاته وأملاكه، إلى جانب مهمته في توسيع حدود الإمبراطورية التي ورثها من أسلافه.

 

ويُقَدَّر عدد سكان الإنكيين في "كوزكو" وقتها زُهَاءَ 40.000 شخص، وما تَمَكُّنُ هذه المجموعة من إخضاع الملايين من شعوب أمريكا الجنوبية إلا مصداقٌ على فاعلية الإنكيين العسكرية، وقدرتهم على تنظيم رعاياهم، والسيطرة عليهم.

 

سياسة الإنكيين ومجتمعهم:

امتدَّت إمبراطورية الإنكيين على مساحة 3000 كم من عند الحدود الكولومبية الإكوادورية حاليًّا حتى أواسط شيلي، ومن المحيط الهادئ حتى مرتفعات الأنديز، وكان الإنكيون يسمُّون إمبراطوريتهم "تاوانتنسويو"، التي تعني بلغتهم الأصلية: "أرض المناطق الأربع".

 

ونجد أن الإنكيين استطاعوا السيطرة على تلك المساحات الواسعة باستعمالهم البِنَى السياسية والاجتماعية القائمة لدى الشعوب المفتوحة في حكمها، فعوضًا عن تغيير نظم حياتهم سعوا إلى الإبقاء عليها؛ كي يقللوا إلى أدنى قدر ممكن إحداثَ اضطراب في حياة رعاياهم، فقد كان الإنكيون يرغبون في أن تعمل تلك الشعوب لصالحهم، وفي المقابل يزودونهم بالخدمات، والبضائع والطعام، والملبس، ووسائل الترفيه؛ لذا كانوا يقلدون قادة الشعوب المفتوحة نفس مناصبهم الحكومية، ويكفلون حرية ممارسة عباداتهم ومعتقداتهم، وهو ما أدى إلى هذه السلطة الواسعة للإنكا على شعوب منطقة الأنديز.

 

وكان يجب على حكام الإنكا توفير الغذاء والتجهيزات للجنود، وقد تغلب الإنكيون على هذه المشكلة بربط الإمبراطورية بشبكة طرق مميزة في مختلف أجزائها، ووضعوا بمحاذاة الطرق مُدُنًا إنكية كبيرة؛ حيث يُخَزنون الغذاء واللباس، وكانوا يستثمرون العمال من الشعوب المفتوحة في إنتاج الغذاء واللباس للجيوش، وكذلك نقل هذه المواد إلى حيث تدور المعارك.

 

وكانت شروط الإنكيين قبل فتح أي مدينة شروطًا بسيطة؛ حيث تؤول ملكية أراضي الشعوب المفتوحة إلى ملك الإنكا، وتُقَسَّم الأرض على ثلاث حصص: واحدة للدولة الإنكية، وواحدة للديانة الإنكية، وواحدة لاستخدام الشعب المفتوح أرضه، وكانوا يُنَصِّبون الزعماء السابقين في نفس مناصبهم مع ضمان الولاء للإمبراطورية الإنكية، ويأخذون أبناء هؤلاء الزعماء إلى "كوزكو" ليدربوهم على السياسات الإنكية، ويُخرجوا جيلاً جديدًا يدين بالولاء للإمبراطورية الإنكية وملوكها.

 

وقد قسم الإنكيون إمبراطوريتهم إلى أربعة أقسام، تنطلق خطوط عزلها عن بعضها من مدينة "كوزكو" العاصمة، وكل منطقة تتكون من مقاطعات عدة، وكل مقاطعة تتكون من قسمين (sayas) أو ثلاثة، وفي بعض الأحيان إذا كانت المجموعة الإثنية صغيرة للغاية تُضَم إلى أخرى صغيرة بُغْيَةَ تشكيل قسم saya واحد متوازن، وتتألف الأقسام المثالية من 10.000 أسرة، بينما كانت المقاطعة الأم ربما توازي 20.000 أو 30.000 أسرة؛ حيث كانت الأسرة هي نواة مجتمعات الأنديز، ومن ثم كانت مجتمعات الأنديز مجتمعاتٍ قبليةً تَمُتُّ بصلاتِ قرابةٍ لبعضها البعض.

 

يقف على رأس الإمبراطورية الملِكُ الإنكي، ودون الملك مسؤولون أربعة من أقرباء الملك، أو خاصته ومستشاريه، يسمون "أبوس" apos، يتولى كل واحد منهم شأن منطقة من المناطق الأربع، وكان على كل مقاطعة حاكم مسؤول عنها من الإنكا، وكانت إمبراطورية الإنكا تضم 80 مقاطعة، وكان بِإِمْرَةِ كلِّ حاكمِ مُقَاطَعَةٍ مسؤولان اثنان يُسَمَّيَان "كوراكا"، يتولى كل واحد منهم قسمًا saya يضم زُهَاءَ 10.000 أسرة، وكان كل "سايا كوراكا" تحته بالتتالي مسؤولان "كوراكا" اثنان آخران؛ كل واحد منهما مسؤول عن قسم يضم 5.000 أسرة، وهذان "الكوراكا" بالتتالي تحتهما خمسة كوراكا يتولى كل واحد منهم إدارة 1000 من الأسر، وكان تحت هؤلاء "كوراكا" أصغر يتولى كل واحد منهم مسؤولية 500 و100 و50 و10 أسر، وكل هؤلاء الكوراكا غالبًا يُكَونون مجموعات إثنية تم فتحها من قِبَل الإنكيين الأصليين، ولك أن تتخيل هذا النظام المحكم في الإدارة في تسيير أمور الدولة، ورعاية شؤون أفرادها!

 

كان الإنكيون يحكمون بوسائل غير مباشرة، بدلاً من زجِّ ناسهم في المشهد السياسي بنحوٍ مباشر.

 

اللغة:

يتحدث الإنكيون اللغة الكيشوية "Queshua"، وهي مشتقة من اسم مجموعة إثنية تسمى "كيشوا" عاشت إلى الشمال من الإنكيين، ورغم أن مشكلة اللغة كانت عائقًا كبيرًا أمام الأباطرة الإنكيين في إخضاع الشعوب المفتوحة متعددة اللهجات واللغات، إلا أنهم تغلبوا عليها بأخذ أبناء زعماء القبائل وتعليمهم اللغة الكيشوية؛ لنقلها إلى قومهم فيما بعد، وقد استمرت الكيشوية بعد الغزو الإسباني، وهي اللغة الثانية في بيرو الآن، وهي لغة شفاهية لم يكتبها الإنكيون، وقام كُتَّاب الحوليات الإسبان بنقلها في كتاباتهم مع استبدال بعض حروفها بحروف من لغتهم.

 

أما بشأن الحساب، فقد كان لدى الإنكا وسيلة حسابية غريبة تسمى "الكيبو- Quipu"، وهو عبارة عن أداة حبال معقودة تتدلى من حبل رئيسي طويل، ويعتقد أن كل عُقدة كانت تمثل وَحدة حسابية معينة، والعدد الكلي للعُقَد في الجزء الرئيسي من "الكيبو" هو 3.005، وهو رقم قريب من عدد دافعي الضرائب البالغ 3000 من سكان المستعمرات، وحتى الآن ما زال العلماء يجهلون طريقة استعماله.

 

العادات والتقاليد الاجتماعية:

تتجمع الأسر الإنكية في "أيلوات- ayllus"؛ أي: مجموعات من أقاربَ أفرادًا وعائلات يتولَّوْن العمل في الحقول، ولهم أراضٍ معيَّنة يقيمون عليها، و"الأيلو" الأكبر هو زعيمهم، ويتولى تنظيم عمل أنشطة للعائلة تتعلق بالزراعة؛ مثل تنظيف الحقول، وتهيئة قنوات الري، وضبط أصول الزواج من خلال تعريف شخوص عائلته للعائلات الأخرى.

 

أما بشأن طقوس الزواج، فكان الإنكيون يكتفون في الأغلب بزوجة واحدة، بينما الملِك يتزوج بما شاء من النساء، ولكنه يُطْلَب منه أن يتخذ زوجة رسمية واحدة يُطْلَق عليها "coya"، وبعض المؤرخين رجح أنها قد تكون شقيقته أيضًا، ومنها يأتي وريث عرشه.

 

وكان يحتفل ببلوغ الصبيان والإناث سن الرشد بنحو مشترك، وكانت البنت تصبح بالغةً مع أول طمْث لها، وكان يُحتفَل بهذه المناسبة، ويمنحها أعمامها في الاحتفال اسمًا جديدًا، وتتلقى هدايا من الحاضرين، ويبدأ "الأيولو" زعيم الأسرة في جلب عريس لها.

 

أما الصبي، فيُحتَفل ببلوغه عند سن 14 عامًا، ويقام طقس مخصوص لهذا في شهر ديسمبر في عيد "كاباك ريمي" الرئيسي، وكان على الفتيان من أبناء الطبقة المالكة الحج لجبل "أواناكوري" المقدس خارج "كوزكو"، ويذبح حيوان لاما كأُضْحية، ويَعمِد أحد الكهنة لتعميد الفتية بدم الأضحية على وجوههم، وتكليفهم ببعض المهام الجديدة، وفي الأقاليم تجرى نفس الاحتفالات بشكل أبسط، ولكن دون الحج إلى الأماكن المقدسة.

 

أما بالنسبة للتعليم، فكانت الطبقات العالية هي مَنْ تُتِمُّ تعليمًا كاملاً يتناول تعلم "الكيتشوا"، والديانة الإنكية، واستعمال "الكيبو"، ومعرفة تاريخ الإنكا، وذلك على يد معلمين يطلق عليهم اسم "أموتا"؛ أي: الحكماء، أما الإناث، فكُنَّ يتعلمْنَ بجانب ذلك فنونَ الغزل، والنسيج، والطبخ، وصناعة "التشيتشا - جعَّة الذرة"، والدين، لمدة أربع سنوات.

 

وكان تنظيم الإنكيين الاجتماعي قائمًا على عدة مراتب:

• الإنكيون من الدم الملَكِي: يرتبطون بصلة قرابة مباشرة بملوك الإنكا، ويطلق عليهم (الباناكا).

• إنكيو كوزكو غير الملكيين: 10 مجموعات قرابة غير ملكية، تربطهم صلة نسب بعيدة بالإنكيين الملكيين، ويطلق عليهم (الأيلو).

• الإنكيون بالامتياز: مجموعات تتحدث "الكيشوية"، وتعيش على مقربة من وادي كوزكو.

• كوراكا: طبقة نبلاء متدنية، ومنهم مسؤولو الحكومة، وزعماء الشعوب المحلية الذين كانوا جزءًا من التراتبية الإدارية.

• عمال ومزارعون: شعوب مستعمرة.

 

وفي بعض الأحيان يعمد ملوك الإنكا إلى نقل بعض المجتمعات السكانية إلى مناطق أخرى؛ لزراعتها وتعميرها، أو إخماد ثورات بعض أهل تلك المناطق، وكانت هذه الشعوب التي نُقِلَت من أماكنها الأصلية يطلَق عليها "الميتيما".

 

الأنشطة المعيشية:

في مجال الزراعة أدخل الإنكيون زراعة نباتات مُوَطَّنة، وتربية حيوانات داجنة انتشرت في كل منطقة أمريكا الجنوبية؛ حيث كانت أهم المحاصيل لديهم هي الذرة، وكانت جعَّة الذرة - ويطلقون عليها "تشيتشا- chichi" - تُستَهلك كمشروب رسمي، وكانوا يزرعون أيضًا البطاطا، والكينوا، والأوكا، والأولوكو ullucu وهي محصول درني يشبه البطاطا في الشكل، وأنواعًا مختلفة من الفاصولياء، واليقطين، والمنيهوت، واليوكا، والطماطم، والفلفل الحار، والأفوكاتو، والفستق، إلى جانب زراعتهم للكوكا، وكان أبرزُ حيوانين مُدَجَّنَيْنِ لديهم هما "اللاما" و"الألباكا"، اللذان كانا يُستخدَمان في الركوب، وأيضًا يُستغل صوفهما في الملابس، كما كانوا يُرَبُّون البط، وخنازير غينيا كحيوانات تغذية، كما كانوا يصطادون البط والأيائل بالشراك، أو البولا (سلسلة من أحزمة جلدية تُربَط في أطرافها أحجار).

 

أما الحِرْفيون في الدولة، فكانوا ذوي أهمية خاصة، ومن أهمهم الفَخَّارِيُّون، وصانعو المنسوجات والمعادن، وأقام الفَخاريون مُجمَّعات صناعية في بعض المدن، وبرعوا في صناعة أنواع فخارية مختلفة من أبرزها الصحن، والإبريق الكبير ذو القاعدة المسنَّنة والعنق الطويل ذو الزخارف المكررة.

 

أما صانعو المنسوجات، فقد برعوا في صناعة الملابس من القطن، وأصواف حيوانات الألباكا، والفيكونة، واللاما المدجنة، واستخدموا المغازل والأنوال، وكان لكل مجموعة قبلية لباسٌ خاص تتميز به مرتبتها الاجتماعية، وكان من أكثر العلامات تعبيرًا عن الهُوية أغطيةُ الرأس، وفي بعض الأحيان يُسْتَخْدم القماش كأهم البضائع التي تُهدى للملوك، وزعماء القبائل، وقَبُول القماش كان يُعَدُّ بادِرةً جيدة للولاء للإمبراطورية.

 

وكان الرجال يلبسون تُنِك Tunic على قطعة تغطي العورة، ويُلَف على الخصر، وما بين الفَخِذين، والنساء يرتدين قطعة قماش تلُف أجسادهنَّ مشدودةً عند الخصر بحزام، ومشبوكة بدبوس عند الكتف، وقطعة قماش أخرى كعباءة توضع على الأكتاف، وتُثبَّت على الجبهة بدبوس كبير يسمونه "توبو tupu" يُصنع من النحاس، وللطبقة العليا يُصْنَع من الذهب، أو الفضة.

 

أما صناع المعادن، فكانوا يستعملون البرونز لصناعة الأسلحة؛ مثل: البلطات، والأزاميل، والسكاكين والملاقط، وهراوات الحرب، وكانوا يستعملون الذهب والفضة والنحاس في المراسيم الدينية، وكانوا يستخرجونها بالتنقيب في المناجم، وكان لدى الحرفيين علم بطرق السَّبْك والصَّهْر، والبرشمة واللحام؛ لتصنيع تلك المعادن الخام، واستخدموا أيضًا الترصيع والتلبيس بالذهب والفضة لإنجاز تصاميم معقَّدة.

 

وكان الإنكيون يوجبون على الأسر العمل لمدة معينة من الوقت كلَّ عام لصالح الإمبراطورية، وكان على كل أسرة تقديم فرد من العائلة للعمل في "الميتا"، وهو بمثابة الخدمة العامة للدولة، وما يقوم به الأفراد في الميتا يعتمد على مهاراتهم وما يجيدونه، وكذلك يطالَبون بالخدمة في الجيش، أو نقل الغذاء والسلع إلى المراكز الإنكية، وفي حال غياب فرد العائلة في "الميتا" يقوم بعمله في "الأيلو" فرد آخر من أفراد القِسم، وقد وُجِد نصٌّ يبيِّن المهارة الفائقة من جانب الإنكا في استعمال العمالة في خدمة مشاريع الدولة؛ حيث تم بناء جسر مركزي على أحد الأنهار يحتاج لجهد 600 فرد ميتا في 16 شهرًا فقط، وبأقل مجهود؛ حيث عَمِل كل 600 فرد ميتا مختار لمدةٍ قصيرة من الوقت، ثم يعود لعائلته؛ ليتم اختيار 600 آخرين، وهكذا حتى تم بناء الجسر في هذا الوقت القياسي، وبشكل هندسي مميز، وبأقل عدد من أقسام المجتمع الإنكي؛ حيث كان يُستدعى فقط 3 رجال من كل 100 أسرة في مستوى "الأيلو" كل مرة!

 

الهندسة والعمارة:

كان الإنكيون مهندسين مَهَرة، تشهد بذلك مبانيهم التي ما زالت باقية حتى اليوم في بيرو، ولم تتأثر بالعوامل البيئية في المنطقة من زلازل وأنشطة بركانية، وكان الإنكيون يبنون مبانيهم العامة، ومصاطب الزراعة المدرجة على الجبال، من الحجر؛ حيث كانوا يأخذونه من الأرض، ويفرشونه بالملاط أو اللَّبِن، أو الآجُرِّ الطيني، ثم تُوضَع طبقة من الطين أو الصلصال، وتُدهَن، وأشهرُ المباني الإنكية مُشَيدة من حجارة مصفوفة بعناية، إلى درجة أن الواحدة تلتصق بالأخرى بدقة بالغة.

 

 

وتتكون غالبية المباني الإنكية من طابق واحد، ووجدت في "كوزكو" مبانٍ بطابقين، وثلاثة، وكان السقف يُغطَّى بالخيزُران والقش، ويُصنَع بشكل مائل؛ لانزلاق مياه الأمطار، ومعظم مبانيهم الإنكية مستطيلة الشكل.

 

وكان "الكانتشا" - وهو مُجمَّع يضم ثلاثة مبانٍ أو أكثر - يُحاط بفناء مفتوح وسور، ويضم أغلب الأحيان بعض المساكن، ومعبدًا، أو مقرَّ إنتاج حرفي، وقد عُثِر على أماكن مقدسة في بعض "الكانتشا" في مدينة "ماتشو بيتشو"، وهي من أشهر مدنهم الأثرية التي أجريت بها حفائر أثرية.

 

 

وثَمَّة بناءٌ آخر متميز هو "الكالانكا"؛ أي: الصالة الكبرى، وهو عبارة عن بناية طويلة مستطيلة ليس لها جدران داخلية، تحتوي على أبواب متعددة، وعادة ما كانت تقام بجانب الأسواق الإنكية، ولها أبواب تُفتح على السوق، ولا يعرف فيما كانت تستخدم هذه المباني، وربما كانت لأجل تأدية بعض الطقوس.

 

ومن أهم المباني في المستوطنات الإنكية أيضًا "أوشنو"، وهي المنصة الرئيسة التي كانت تُستعمل كجناح عرض للملِك، وكمكان رسمي يستطيع فيه ملك الإنكا مقابلة الزعماء المستعمرين.

 

الديانة:

كانت المعابد مبانيَ هامة، وأهم البنايات هو معبد "كوريكانتشا"؛ أي: معبد الشمس، في "كوزكو"، ويؤوي المعبد أكثرَ الأرباب أهمية في الإمبراطورية، وهو "فيراكوتشا" - خالق العالم والسماء، الذي صنع الناس والحيوانات من طين - حسب اعتقادهم - فضلاً عن مومياء بعض ملوكهم، ويغلف الذهب جدرانه الداخلية.

 

وكان تحت فيراكوتشا ثلاثة آلهة كبار، هم "إنتي"؛ أي: الشمس، و"إلابا"؛ أي: الرعد، أو إله الطقس، و"ماما- كيلا"، وهي القمر، وكل منهم له وظيفة متعلقة بالنشاط الاجتماعي لقوم الإنكا، وكان الإنكيون يؤمنون بالأرواح، وتأثيرها، ويطلقون عليها "أواكا"، وكانت أجسام ملوك الإنكا تُحنَّط بعد موتهم، وتوضع في المعابد، ويقوم الكهنة بتنظيم الطقوس التعبدية لأرواحهم، وكان الطعام والشراب يقدم لمومياواتهم.

 

ويُعتقَد أن الإنكا قاموا بأضحيات بشرية من فتيات وأطفال في مناسبات نادرة؛ لإرضاء آلهات الجبال ذات السطوة، وفي ظروف استثنائية، وقد عُثِر عام 1995 على مومياء ضحية إنكية كانت قد قتلت بضربة على رأسها؛ وقُدِّمت قُربانًا على قمة جبل أمباتو بكامل حُلِيِّها وملابسها، ولقبها الأثريون باسم "خوانيتا Juanita ".

 

وقد اندثرت الديانة الإنكية تمامًا بعد غزو الإسبان، ونشْر النصرانية بالقوة؛ حيث كانوا يعتبرون الإنكيين قومًا وثنيين، ونشروا المُنَصِّرين بين الإنكيين، الذين تخلوا بمرور الوقت عن معتقداتهم البدائية.

 

الإنكا.. حضارة رائدة حكمت قارة:

عندما غزا الإنكيون معظم مناطق غرب أمريكا الجنوبية، عمَدوا إلى فرض نظام كانت له جذوره في نهج حياة مُشابِهٍ عمومًا لنهج حياة الشعوب المستعمرة، وكما تكررت الإشارة، حاول الإنكيون تفكيك نسيج طريقة حياة رعاياهم بأقل قدر ممكن، فقد كانت نظرة الإنكيين للحكم هي التصرف مثل جماعة واسعة النطاق تربطها قرابة، فكانت الدولة الإنكية مثل أسرة، على الفرد فيها توفير عمل وغذاء، وكانت هي بدورها تقدم الخِدْمات والأمن له ولأهله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عرض كتاب: التاريخ الإجرامي للمسيحية
  • عرض كتاب: التمويل الإسلامي (مقدمة في النظرية والتطبيق)
  • عرض كتاب: الجمهورية الإيرانية الإسلامية
  • عرض كتاب: باول ألين - رجل الفكرة: سيرة كفاح المشارك في تأسيس شركة مايكروسوفت
  • عرض كتاب : العولمة ما لها وما عليها
  • عرض كتاب: العولمة .. مقاومة واستثمار
  • عرض كتاب: عبدالله بن المعتز العباسي للدكتور محمد الكفراوي
  • عرض كتاب: التصحر .. تدهور الأراضي في المناطق الجافة
  • دراسة عن كتاب: الإنسان ذلك المجهول - ألكسيس كاريل
  • مشجرات في علوم القرآن لمشاعل العصيمي

مختارات من الشبكة

  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (التحقيق في كلمات القرآن الكريم) للعلامة المصطفوي (كتاب فريد)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عرض كتاب: صناعة الكتاب المدرسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (فكرة إعجاز القرآن منذ البعثة النبوية حتى عصرنا الحاضر مع نقد وتعليق)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • روسيا: تغريم محل لبيع الكتب لعرضه كتاب حصن المسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • عرض كتاب : الكتب الممنوعة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (معجم شيوخ الطبري الذين روى عنهم في كتبه المسندة المطبوعة) للشيخ أكرم الفالوجي(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الأصول في النحو(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- اين أجد هذا الكتاب ؟؟
باحث عن العلم - المملكة العربية السعودية 02-08-2016 03:27 AM

بعد السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
أحببت فقط السؤال هل توجد منه نسخ في الممكلة العربية السعودية و إن لم يكن فمن أين يمكنني الحصول عليه ؟؟ و ماهو سعر هذا الكتاب و تكلفة نقله في حال إمكانية ذلك؟؟

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب