هموم مشرف منتدى

هموم مشرف منتدى

تحيرت كثيرًا في كيفية ابتداء الكلام عن هذا الموضوع، ثم لم أجد أفضلَ من هذا البيت الذي يلخص المشاكل التي يتعرض لها مشرفو المنتديات:

ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له ** إياك إياك أن تبتل بالماءِ

وذلك لأن المشرف -بمقتضى عمله- لا بد أن يحرّر ويحذف وينقل ويغير الأسماء، إلى آخِر القائمة المعروفة من مهمات الإشراف.

وبقية الأعضاء لا تكاد ترى من عمل المشرف ولا من تعبه شيئاً؛ لأنهم لا يعرفون بحذف ما يحذف، ولا بنقل ما ينقل، ولا غير ذلك، ولو رأى الواحد منهم ما يفعله المشرف مع غيره من الأعضاء لقدّر تعبَه وجهده وبذلَه.

أما العضو الذي كتب المشاركة المحررة أو المحذوفة، فهو دائمًا عدو المشرف! لأنه لا يمكن أن يقتنع بأنه على خطأ، وقل لي بربك من هذا الذي اقتنع يومًا أنه جاهل أو أحمق؟!

ومن هذا الذي فهم أنه على ضلال وزلل؟!

ومن الذي اعترف بضعف عقله وعلمه إزاء خلاف غيره له؟!

فالأعضاء ما بين قادح في المشرف وساكت عنه لهذا السبب الذي قدمته، فلا تكاد تجد مادحًا!

وإذا حاولتَ أن تبين عذرَك في بعض الأحيان تجد الإجابات الغريبة، والمناقشات الطويلة، والخطب العريضة، بل قد تجد الشتم والسب واللعن، بل قد تجد المباهلة أحيانًا!!

هذا فضلاً عمن يتصنع الإنصاف ويتعالم قائلاً: (هذا شيء لا يعرفه العرب؛ لأنهم تعودوا حكم الجبابرة)!!

فكثير من الأعضاء الأفاضل يسألون عند حذف بعض موضوعاتهم أو مشاركاتهم قائلين:

• ما سبب الحذف؟

• ما الذي يدعو للتحرير؟

• لماذا يحذف لي أنا دون غيري؟

• أين العدل والإنصاف؟

• هلا بينتم سبب الحذف؟

........ إلخ إلخ العبارات المعروفة.

وترى هذا العضو أو ذاك لا يفتأ يراسل المشرفين على الخاص، ولا يمل من الكتابة على العام، بالرسائل والمشاركات إما تصريحاً وتجريحاً، وإما غمزاً ولمزاً وتلويحاً.

وأحيانا لا يكتفي بذلك، بل يعيد كتابة الموضوع المحذوف عدة مرات، وكأن الأمر تحدٍّ!!

فلماذا لا يكلف العضو نفسه قليلاً من التفكير في سبب الحذف، أو حتى محاولة التماس العذر لإخوانه المشرفين في مثل هذا؟

• ألا يحتمل أن يكون الموضوع لا يلائم المنتدى؟

• ألا يحتمل أن يسبب الموضوع مشاكل لا تعرفها؟

• ألا يحتمل أن يكون الموضوع سببًا في وقوع المشاكل بين بعض الفرق الإسلامية؟

• ألا يحتمل أن يكون الموضوع قد نوقش كثيراً وقتل بحثاً؟

• ألا يحتمل أن يكون المشرف رأى في الموضوع ما لا تراه؟

• ألا يحتمل أن يكون الضرر من الموضوع أكثر من النفع؟

• ألا يحتمل أن يكون الموضوع مكتوبًا بطريقة غير مناسبة؟

• ألا يحتمل أن يكون المشرف أعمق نظراً منك فيعرف الآثار السيئة لموضوعك؟

• أليس من المحتمل أن يكون ما كتبته جهلاً مركباً وقعت فيه، فأنقذك بحذفه المشرف من الفضيحة بين الأعضاء، فتكون في فسحة للمراجعة؟

إلى غير ذلك من الاحتمالات الكثيرة.

طيب دعك من هذا!

• أليس من المحتمل أن يكون هناك عذر للمشرف في الحذف لا تعرفه أنت؟

طيب دعك من هذا!

• أليس من المحتمل أن يكون المشرف أخطأ في حذفه خطأً مغفورًا له؟

وليس العجب في إمكان هذه الاحتمالات، ولكن العجب حقًّا أنها لا ترد على خاطر صاحب الموضوع ولا شيء منها مطلقاً!!

وإنما يسرع إلى السبب الوحيد الجاهز في عقله، وهو قذف التهم بالظلم.. والبلطجة.. والعدوان.. والتحكم.. والإرهاب الفكري... ونحو ذلك.

وبعضهم يبالغ فيقول: المشرف يجعل كلامه كالوحي المنزل!

وبعضهم يقول: المشرف يجعل نفسه كالإمام الأعظم!

فإذا لم يكن مثل هذا قصورًا في التفكير، فليس في الدنيا قصور في التفكير.

وإذا كان كاتب الموضوع بمثل هذه العقلية، أفلا يستحق أن يحذف له موضوع؟!

وقد يسأل سائل:

ولماذا لا تبينون لصاحب الموضوع الأمر بهدوء ودون تعصب، وتشرحون له سبب الحذف؟

فالجواب:

أن ذلك يحدث كثيراً جداً، ولكن من غير الممكن أن نفعل ذلك دائماً؛ لكثرة الأعضاء وكثرة الموضوعات والمشاركات، لا سيما إن كان العضو قد نصح مرارًا ولم ينتصح، أو نوقش في مسائل سابقة ولم يوجد منه إلا سوء الظن والعجلة والتعصب.

وقد يسأل سائل:

ولماذا لا تحاولون مناقشته في أخطائه وتبينون له وجه الصواب بهدوء؟

فالجواب:

أن ذلك يحدث كثيراً أيضاً، ولكن من الصعب جداً -إن لم يكن محالاً- أن نفعل ذلك في كل الموضوعات.

وقد يسأل سائل:

إن كثيراً من الموضوعات المحذوفة يوجد ما هو شر منها وأسوأ، ومع ذلك لم يحذف؟

فالجواب:

أن ذلك ليس على إطلاقه، بل هي وجهات نظر، وربما يخالفك فيها المشرف، ولو سلمنا أن هذا صحيح لا يحتمل شبهة، فالمشرف لم يدع العصمة، فلا ينكر أن ينسى أو يغيب عنه شيء، ولذلك ترى في جميع المنتديات هذه الأيقونة المثلثة التي تستعمل لتنبيه المشرفين على موضوع به خلل، فإذا رأيت شيئاً من ذلك أيها العضو الكريم، فلا تبخل على إخوانك بالإفادة والتنبيه.

وقد يسأل سائل:

• إن هذه الطريقة فيها منهجية صارمة جدًّا في معاملة الأعضاء، وتوحي بتوجه الموقع إلى فكر أحادي لا يقبل الاختلاف في الرأي، ولا يرضى بمناقشة الرأي الآخر، وهذا لا يصح.

فالجواب:

أن نقول: لا نعلم مكانًا في العالم يبث فكراً إلا وهو ذو توجه فكري! ومن ظن خلاف ذلك فهو بعيد عن الواقع، وقد يكون التوجه الفكري أحياناً هو (عدم التوجه!) بمعنى أن صاحبه أو المشرف عليه لا يبتغي إلا الشهرة والانتشار دون الاهتمام بالأفكار المعروضة، وهذا أيضاً توجه فكري لكنه توجه مذموم.

ولا عيب في وجود التوجه الفكري، بل اللازم أن يكون للإنسان توجه فكري، هو اتباع منهج السلف الصالح علماً وعملاً ودعوةً ومعاملة، فلا يقبل الطعن في الثوابت، ولا يقبل الإزراء بأهل العلم، ولا يقبل بث الشبهات فيما لا يحتمل الخلاف.

وإذا رأيت أحدا يقول لك: كل شيء يحتمل الخلاف، فهو يكذب عليك من غير شك، وحتى لو افترضنا جدلاً أنه صادق، فلا شك أنه زنديق لا ينتمي إلى الإسلام؛ لأنه لا يشك مسلم في وجود أشياء لا تحتمل الخلاف.

وقد يسأل سائل:

إذا كان من حقكم الحذف، فليس من حقكم التعديل؛ لأن هذه أمانة علمية، والكلام ينسب لقائله لا لكم.

فالجواب:

أن هذا الكلام صحيح، ونحن نلتزم به قدر الإمكان، فلا نحذف ما يتعلق بسياق الكلام، وإنما نحذف ما فيه خروج عن الموضوع، أو إساءة إلى الآخرين، أو نحو ذلك، ومن حق العضو أن يتظلم إن كان الكلام بعد التحرير لا يناسبه.

وقد يسأل سائل:

ما الذي أعطاكم الحق في هذا الحذف والتحرير؟ المنتديات هذه مجالس عامة، لا فضل فيها لأحد على أحد.

فالجواب:

أن هذا توصيف خاطئ لمفهوم المنتديات، فالمنتدى كالجلسة الخاصة، الذي دعاك صاحبه إليه واستضافك، فأنت ضيف وهو مستضيف، وأنت زائر وهو مزور، وإذا كان من حق الزائر أن يكرَم، فمن واجبه كذلك أن يلتزم بقواعد صاحب الدار، فلا يحق له أن يتكلم بغير إذنه، ولا أن يتكلم في شيء لا يأذن له فيه، ولا أن يتكلم بالطريقة التي لا يأذن له فيها.

والله تعالى أعلى وأعلم، وبه الهداية ومنه التوفيق.