• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

صفحات مشرقات وحقائق تاريخية عن معركة ميسلون

صفحات مشرقات وحقائق تاريخية عن معركة ميسلون
د. محمد مطيع الحافظ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/10/2014 ميلادي - 11/12/1435 هجري

الزيارات: 22950

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صفحات مشرقات وحقائق تاريخية

عن معركة ميسلون


من الواجب علينا أن نتعرف حقائقَ تاريخنا المجيد في القديم والحديث لنستفيد منه في مستقبلنا.

 

وإن معركة ميسلون كانت عنوان الفداء والتضحية والعزيمة، فيها الدلالة الواضحة بأن شعبنا قدَّم الكثير في سبيل الدفاع عن استقلالنا وعزتنا، فبذل أعز شيء عنده؛ الأرواح والأموال لتحقيق هذه الغاية.

 

وبعد:

فهذه وقائع معركة ميسلون التي استُشهد فيها يوسف العظمة أردت إظهار حقائقها برواية الثقات وشهود العِيان، وذكرت أهم الأحداث التي يجب معرفتها وذلك من خلال:

1- ترجمة الشهيد يوسف العظمة بقلم أخيه الأكبر عبد العزيز.


2- وصف للمعركة واستشهاد العظمة بقلم أخيه أيضاً من كتاب (التحديث بالنعمة في تاريخ بني العظمة).


3- ترجمة عبد العزيز العظمة.


4- وصف للمعركة بقلم شاهد العِيان، وهو الفريق حسن تحسين الفقير قائد الفرقة الأولى النظامية في معركة ميسلون: نقلاً من مذكراته.


5- ترجمة الفريق حسن تحسين الفقير.


6- ساطع الحُصْري وآراء معاصريه فيه.


7- ترجمة ساطع الحُصْري من كتاب الأعلام.

 

يوسف العظمة: ترجمته[1]

• يوسف بك ابن إبراهيم بن عبد الرحمن العظمة، شهيد ميسلون، من الوزراء ومن كبار الشهداء.


ولد في منتصف رجب عام 1301هـ - 9 نيسان 1884م، في دار أبيه بحي الصمادية (الشاغور) بمدينة دمشق، ولما ترعرع دخل المدرسة الابتدائية في الياغوشية بالقرب من دار أبيه، ثم دخل المدرسة الرشدية العسكرية في جامع يلبغا بحي البحصة، ثم انتقل إلى المدرسة الإعدادية العسكرية في جامع تنكز، وبقي فيها عاماً واحداً واضطر للسفر إلى الآستانة لإجراء عملية جراحية في فكه الأسفل، وتابع تعليمه العسكري في مدرسة (قله لي) الإعدادية العسكرية على شاطئ البوسفور، ثم بعد اجتيازه المدرسة الإعدادية دخل المدرسة الحربية وتخرج منها برتبة ملازم ثان، انتقل بعدها لمدرسة الأركان حرب مدة ثلاث سنوات وكان الأول بين رفاقه المتخرجين وأعطي المدالية الذهبية التي أحدثها السلطان عبد الحميد رحمه الله لمن يكون الأول في المدارس العالية وخرج برتبة (يوزباشي) أركان حرب سنة 1324هـ.


وهو يجيد اللغات العربية والتركية والفرنسية والألمانية قراءة وكتابة وتكلماً.


وتنقل في الأعمال العسكرية بين الآستانة وبيروت ودمشق، وأُرسل إلى ألمانيا للتمرن عملياً على الفنون العسكرية زهاء سنة ثم عاد إلى استانبول، ثم عين كاتباً للمفوض السامي العثماني المشير الثاني أحمد مختار باشا في مصر، وعندما أعلنت الحرب العالمية الأولى سنة 1914م ترك مصر وتطوع في خدمة الجيش في الآستانة فعين معاوناً لرئيس أركان حرب الفيلق الأول، ثم رئيساً أصيلاً له.


ثم التحق بجبهة القافقاس، واشترك بالحرب في جبهات مكدونيا وغاليسيا، ورومانيا، ونال بذلك رتبة قائد بكباشي، ثم عاد إلى الآستانة فرافق أنور باشا (ناظر الحربية العثمانية) في رحلاته إلى الأناضول وسورية والعراق.


وعندما عقدت الهدنة بين المتحاربين سنة 1918 قدم إلى دمشق بعد دخول الأمير فيصل بن الحسين إليها، فعين مرافقاً له، ثم معتمداً عربياً لدى المفوض السامي الفرنسي في بيروت.


ولما عاد الأمير فيصل من أوروبا واجتمع مع الجنرال غورو المفوض السامي الفرنسي في بيروت شكا له غورو من يوسف الذي أصبح ذا نفوذ عظيم في الساحل وأصبح مرجعاً محترماً للأهلين، وقال له غورو: إن يوسف رجل ممتاز جداً، وأقدر ضباط الأركان حرب في سورية لماذا لا تستفيد منه في الداخل، وكان قصده أن يبعده عن بيروت، ونتيجة لذلك نقل يوسف إلى دمشق وعين رئيساً لمرافقي الملك فيصل بعد إعلان الملكية.


قبل المعركة:

وعندما اتضح لحكومة الملك فيصل نيات الفرنسيين في سورية اضطرت لإيجاد جيش قوي فعُين يوسف العظمة رئيساً لأركان حرب الجيش العربي برتبة قائم مقام، ثم وزيراً للحربية برتبة زعيم (أميرالاي). بعد البيعة لفيصل بالملك على سورية.


كان يوسف العظمة يلتهب غيرة على الوطن واستقلاله، وكان يعتقد أن بإمكان سورية إذا نظمت دولتها وجيشها بملكية فيصل أن تكون نواة لدولة عربية كبرى تجمع حولها جميع الأقطار العربية، ولهذا بدأ يعمل في سبيل الدفاع عن سورية وإعلاء شأنها. على أن فرنسة كانت تبث الدعايات ضده بواسطة بعض الخونة المتآمرين مع فرنسة الذي دفعت لهم ثلاثة ملايين من الفرنكات الفرنسية اشترت بها ضمائرهم. (ذممهم).


إثر ذلك بعث غورو إنذاراً إلى الحكومة السورية تضمن تسريح الجيش وعدة مطالب أخرى، وبعد اجتماع الحكومة قررت الموافقة على ما تضمنه الإنذار وبدأت التنفيذ، بعدها هاج المتحمسون من الجيش والأهلون، وحاولوا دخول القلعة وأخذ السلاح.


ثم إن الجنرال غورو ادعى بأن برقية الموافقة على الإنذار الذي بعثه إلى الحكومة بدمشق لم تصله، وأمر حملته التي يقودها الجنرال (غوابيه) بالتقدم نحو دمشق ولما وصلوا إلى مجدل عنجر كان الجنود على أهبة الانسحاب إلى دمشق، حسب أوامر الملك، فتسلط عليهم الفرنسيون وجردوهم من سلاحهم وذخائرهم وأسروهم.


بعد ذلك قرر الملك والوزراء العدول عن قرارهم ورفضوا مطالب الجنرال غورو جميعها، وقرروا الدفاع ثانية مؤملين المقاومة بما تعهد به وجهاء البلاد من ألوف المتطوعة، مما جعل الملك والوزراء يحمسون يوسف العظمة بأن الوقت الآن وقت حمية وفداء لإنقاذ الوطن فوافقهم على تقديم روحه ونفسه في سبيل ذلك.


وأما الملك فذهب بنفسه إلى الجامع الأموي وخطب بالناس حاثاً على الجهاد، وقال لهم: ها أنذا ذاهب أمامكم، فازداد الحماس، وبدأ الناس يتطوعون، وأخذ المتطوعون يفدون بالمئات إلى الثكنة، ويطوفون في الأسواق مدججين بالسلاح والذخائر، ولكن الدعاية الفرنسية التي نشرها المتآمرون كانت لهم بالمرصاد، فرجع كثير من المتطوعين جراء ذلك.


ذهب يوسف العظمة حسب أمر الملك إلى ميسلون، وأخذ يعد العدة للدفاع بهمة عظيمة، ووصلت إليه النجدات التي وُعد بها، وبلغ عددها ثلاث مئة فارس من محلة الميدان، ومن أحياء دمشق الأخرى مع الشهيدين الشيخ عبد القادر كيوان والشيخ كمال الخطيب؛ بحيث أصبح عدد القوات مع العظمة ألف جندي تقريباً.


يوم ميسلون[2]:

في اليوم الثاني وهو يوم 24 تموز وصل الفرنسيون ميسلون وتبادل الفريقان نيران المدافع فعطلت المدفعية العربية دبابة فرنسية، وأصابت إحدى الطائرات وردَّتها، ثم أخذ جنود السنغال الفرنسيين يحملون على ميسرة الجيش المؤلف معظمه من المتطوعة، وسقطت خلال ذلك قذيفة من إحدى الطائرات على المتطوعة مما أدى إلى تفريقهم.


ثم إن أحد الخونة هاجم ميسرة الجيش من خلفها، وقضى على كثيرين، وسلب منهم أسلحتهم.


لم يعبأ يوسف بهذه المصائب، وبقي بهمته وثباته وعزيمته، وكان قد بث الألغام على رؤوس وادي القرن وهو ممر الجيش الفرنسي آملاً بأنه عند صعود الدبابات تنفجر الألغام، إلا أن الخونة قد سبقوا وقطعوا أسلاك الألغام، وقد قُبض على بعضهم وهم ينفذون خيانتهم، ولكن سبق السيف العذل، فلما اقتربت الدبابات أمر العظمة بإشعال الألغام، فلم تشتعل وتقدم ففحصها بنفسه فرأى أكثرها معطلة تماماً وأسلاكها مبتورة، ثم سمع ضجة من خلفه فالتفت فرأى أن الكثيرين من الجيش والمتطوعة قد ولوا الأدبار على أثر قنبلة سقطت من إحدى الطائرات فلم يسعه إلا أن عمد إلى بندقيته وهي آخر ما لديه من قوة فلم يزل يطلق نيرانها على العدو حتى سقط شهيداً يوم الأربعاء 7 ذي القعدة 1338هـ -24 تموز 1920م، تغمده الله برحمته.


وقد دفن في المكان الذي استشهد فيه، ومنع الفرنسيون بوساطة جندهم الدنو من قبره، فكتب أخوه عبد العزيز إلى الجنرال غورو يخبره بعزمه على إقامة ضريح له فوافق بشرط أن لا يكتب على الضريح شيئاً مهيجاً، وكان الأمر كذلك فأقيم الضريح من قبل أسرته وبمالها الخاص كقبور المسلمين، وكتب على شاهدة قبره بالعربية فقط: يوسف العظمة وزير الحربية في 7 ذي القعدة 1338هـ.


هذا ما كتبه السيد عبد العزيز العظمة باختصار، وهو أخو يوسف العظمة الأكبر، ونورد فيما يلي ترجمته للاطلاع على شخصيته ومكانته.

 

ترجمة عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد الرحمن العظمة:

إداري فاضل مؤرخ ولد بدمشق في 20 رجب سنة 1275هـ/ 1856م، وتعلم بمدارسها حتى المدرسة الرشدية ثم تقلد عدة وظائف، وبقي يترقى حتى رئاسة كتاب دائرة أركان الحرب سنة 1892هـ، وعهد إليه بالاشتراك في تحرير "جريدة سورية" الرسمية لمدة خمسة عشر عاماً، ثم عُيِّن مديراً للشعبة الأولى في إدارة الجيش العثماني السابع في اليمن، وبقي فيها أربع سنوات، ثم عُيِّن متصرفاً للواء العمارة في ولاية البصرة، فمتصرفاً للواء نابلس، وأخيراً متصرفاً للواء طرابلس الشام، حيث طَلب إحالته إلى التقاعد، وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى كلف برئاسة جمعية المدافعة الملية التي كلفت بتجهيز المستشفيات، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عاد إلى داره في المزة؛ حيث اعتكف وانكب على المطالعة والكتابة، ثم انتقل في أواخر عمره إلى منزل آخر في محلة الحبوبي، حيث وافته المنية في 7 ذي القعدة سنة 1362هـ ودفن بمقبرة الباب الصغير.


له كتاب (مرآة الشام: تاريخ دمشق وأهلها) مطبوع، و(التحديث بالنعمة في تاريخ بني العظمة) مخطوط.


أولاده الذكور خمسة وهم: إبراهيم وحيد، وأحمد خالد، وحسن هاني، ومحمد نبيه، وعمر عادل[3].

••••

 

معركة ميسلون كما وصفها الفريق حسن تحسين الفقير:

(وكان إلى جانب وزير الحربية يوسف العظمة عند استشهاده)..


عند صباح 24 تموز 1920م حوالي الساعة السادسة قبل الزوال، أي قبل انتهاء الهدنة بنصف ساعة نظرنا إلى جبهة الفرنسيين، فرأيناهم يعبئون مدافعهم من قمة الجبال ورشاشاتهم من سفوحها، فتأثر يوسف العظمة من تصرفات العدو وعدم محافظتهم على العهود، وأمرني أي أمر (حسن تحسين الفقير) أن أخرج مدافعي من أماكنها المستورة، مقابل مدافعهم، وأن أرميهم بها وأصر على ذلك، فأخرجت مدفعين فقط امتثالاً لأمره، وذلك بالتشاور مع قائد لواء المدفعية العقيد صدقي بك الكيلاني.


وفي تمام الساعة السادسة والنصف من يوم 24 تموز 1920م بدأت الحرب، وانطلقت بآن واحد طلقة من العدو وطلقة منا، وكان مقر القيادة (ومعي وزير الحربية رحمه الله، وقائد اللواء الأول للمشاة، وقائد لواء المدفعية) فوق قمة تل الشراطيط، وأمامنا صخرة بارتفاع متر تسترنا بها، ومركز الهاتف بقربنا، وكنا على بعد 50 متراً من الخط الأول تشجيعاً للجند، وأمرت فوراً أن توجه المدفعية نيرانها على مدافع العدو الأربعة، ولم تمض نصف ساعة على بدء المعركة حتى استطعنا القضاء على مدافعه، ولقد سر وزير الحربية أيما سرور لهذه النتيجة، وكان يفقش بيده اليمنى من شدة سروره، ويقول: برابو برابو...


ثم حمي وطيس القتال وفي الجناح الأيسر انسحب المتطوعة الخيالة، وأما الجناح الأيمن فلم يظهر منه أدنى قتال، وأما جبهة القلب فثابرت على القتال بشدة لإسكات مدافعه ورشاشاته، وحوالي الساعة التاسعة والنصف ظهرت علينا من وادي القرن أربع دبابات فرميناها بالمدافع وكسرنا الأخيرة، وتقدمت الثلاث الباقية، وعندها التفت إلي يوسف بك وقال: لقد اقتربت الدبابات الثلاث ولم تُصَب، فأجبته: إن لدينا ألغاماً ثلاثة متتابعة سنكون لها بالمرصاد، غير أنه خاب ظننا عندما اقتربت من الجسر، ومرت عليه لم تنسف وهكذا بقية الألغام.


وتألم يوسف بك من تهاون ضابط الاستحكام الذي قصر بواجبه، ونزل باتجاه مكان الألغام نحو المدفع الجبلي السريع وأمر النائب الذي كان بينه وبين الدبابات العدوَّة مسافة لا تزيد على الخمسين متراً أن يوجه المدفع نحو الدبابات، واتجهت الدبابات نحونا، ووقف رحمه الله مشيراً بيده إلى الدبابات وهو يقول: ارمِ هذه ولكن المنية عاجلته حيث وجهت الدبابات نيران رشاشاتها عليه فأصيب بصدره ورأسه، وخَرَّ شهيداً كما أصيب نائب المدفع وخر شهيداً إلى جانبه، وكان رحمه الله عند سقوطه سند ظهره للمحرس وأدار وجهه نحوي، وفيه بقية من الحياة، والدم يتدفق من فمه، فحالاً أمرت الصدّاح (المبوق) النائب محمد الترك أن يذهب بسيارتي ليأخذ وزير الحربية قبل أن يصل إليه العدو، ولما أرادت السيارة أن تدور أصابتها قنبلة مدفع أذهبت بابيها الخلفيين، وعاد سائقها ولم يتمكن من أخذ الوزير الذي أمال رأسه وسقط مسلِّماً روحه الطاهرة [4].

••••


هذا ما ذكره الفريق حسن تحسين الفقير عن معركة ميسلون واستشهاد يوسف العظمة باختصار. ونورد فيما يلي ترجمته للاطلاع على شخصيته العسكرية وإخلاصه.


الفريق حسن تحسين باشا ابن صالح الفقير:

قائد عسكري، من أبطال معركة ميسلون، أصله من عشيرة الفقير في جوار مدائن صالح، ولد بدمشق عام 1297هـ / 1880م، وتعلَّم بها بالمدرسة الثانوية، ثم التحق بالكلية الحربية في استانبول وتخرَّج بها برتبه ملازم ثان، ثم أصبح ضابط ركن، واختير مدرساً في الكلية الحربية العثمانية.


وبعد إعلان الحرب العالمية الأولى نقل للعمل في وحدات الجيش العثماني المقاتلة، ورقي إلى رتبة قائم مقام (عقيد )، وقاتل مع الفرقة العربية العاملة في الجبهة الأوربية في البلقان ورومانيا، واخترق بقواته نهر الدانوب ثم أصبح قائداً للفرقة العربية، وأعطي وسام القيادة الألمانية، وعدة ميداليات، ثم عاد إلى دمشق سنة 1918م، وكان من رؤساء الضباط العرب السوريين الذي أسسوا الجيش العربي السوري الأول في عهد الملك فيصل ابن الشريف حسين، وعُيّن قائداً للفرقة النظامية الأولى في الجيش المكلفة بالدفاع عن لواء دمشق.


شارك في معركة ميسلون وكان من قوادها، وبعد استشهاد وزير الحربية يوسف العظمة تابع قيادة المعركة مع عدد قليل من المقاتلين.

 

بعد معركة ميسلون حكم عليه الفرنسيون بالسجن غيابياً لمدة 7 سنوات حيث اضطر لمغادرة سورية والتجأ إلى شرق الأردن محتفظاً بعلم معركة ميسلون.

 

وفي الأردن كلّفه الشريف حسين بتشكيل قوات من السرايا للدفاع عن أراضي الحجاز.

 

ثم عمل في الأردن أيضاً مع عدد من الضباط العرب على إنشاء الجيش العربي الأول في شرق الأردن، وأصبح قائداً للجيش في معان وعمّان، ورُفع إلى رتبة أمير لواء (جنرال) ومنحه الملك عبد الله لقب "باشا"، ثم كُلف بالسفر إلى جُدة لمساعدة علي بن الحسين بالدفاع عن الحجاز، وبعدها عُين وزيراً للحربية سنة 1342هـ في حكومة الحجاز، وفي سنة 1930م طلبه إمام اليمن للاستعانة بخبرته في تطوير الجيش اليمني، واستمر في هذا العمل حتى سنة 1944م، صنف خلالها كتاب "التربية العسكرية" وطبعه في صنعاء. ثم عاد إلى دمشق وحضر احتفالات عيد الجلاء.


قام بتسليم علم معركة ميسلون (العقاب) في عام 1946م إلى وزير الدفاع نيابة عن رئيس الجمهورية السيد شكري القوتلي، وذلك في احتفال أمام مدخل المتحف الوطني بتاريخ 28/ 9/ 1946م.


خلال 1946-1948م راعه ما تقوم به الصهيونية من اغتصاب للأراضي الفلسطينية فقام بالتداول مع الرئيس شكري القوتلي بإنشاء جيش وفرقة نظامية تحت إمرته وتزويد المجاهدين على رأسهم الزعيم فوزي القاوقجي بخبرته العسكرية.


توفي يوم الأربعاء 14 رمضان 1367هـ 21/ 7/ 1948م بعد إعلان الهدنة الأولى بين الدول العربية ودولة العصابات الصهيونية.


ويقول أبناؤه: أمر وفاته يثير التساؤل، وذلك أن هذه الوفاة حصلت نتيجة زيارة اثنين من الأوربيين بدعوى أنهما طبيبان قدِما من ألمانيا لزيارته وعيادته، وبعد قيامهما بفحصه ادعيا أنه أصيب بنوبة دماغية نتيجة لارتفاع ضغط دمه، وبناء على هذه الدعوى قاما بحقنه بإبرة خاصة، إلا أنه فارق الحياة بعد حقنه بقليل، وذلك بعد أن اختل توازنه عند دخول الحمام، ووقع على الأرض وتفجر الدم من فمه وأنفه وغادر الرجلان المنزل بعد أن فحصوه ثانية وهو مستلق على أرض الحمام وتأكدا أنه فارق الحياة.


دفن رحمه الله في مقبرة الباب الصغير بعد أن صلي عليه في الجامع الأموي بجنازة رسمية بمشاركة وحدات من الجيش والشرطة والدرَك[5].


قال الأستاذ خير الدين الزركلي في وصفه: "كان طيب القلب، فيه نزعة صوفية".

••••

 

أما ساطع الحُصْري فقد ذكر في كتابه " يوم ميسلون" ما حدث فقال[6]:

إن بدء اليوم الرابع والعشرين من تموز كان موعد انتهاء الهدنة التي عقدناها مع الجنرال غورو، فكان من الطبيعي أن يبدأ هجوم الفرنسيين على ربى ميسلون في فجر ذلك اليوم.


وأخذت تتوارد علينا بعض الأخبار – عن المعركة التي بدأت فعلاً – في الوقت المذكور، منذ الصباح الباكر.


وما كنت أستطيع أن أمنّي نفسي بأي أمل في الانتصار، بعد أن علمت ما علمت من أحوال جيشنا، وشاهدت ما شاهدت من عُدد الجيوش الفرنسية، وما كنت أجد مجالاً للشك في النتيجة الأليمة التي ستنتهي إليها المعركة، ولكني مع هذا كنت أتمنى أن تطول المعركة على قدر الإمكان، أمنّي نفسي بمعركة عنيفة تُساعد على حفظ شرفنا العسكري على أقل تقدير.


ولكن النتيجة لم تبطئ كثيراً: فقد وردت الأخبار قبل الساعة العاشرة بانكسار الجيش واختراق الجبهة.


وقالوا: يوسف العظمة قُتل في ميسلون.


فقلت: بل إنه انتحر هناك!... واستشهد؛ على كل حال.


هذا ما قاله ساطع الحصري.

••••


يقول محمد مطيع: الذي يظهر لي أن الحُصري أساء التعبير، ويمكن أن نفسر كلامه بأنه عندما بدأت المعركة أدرك أن المعركة لم تكن متكافئة بين الطرفين، ولذلك كانت هذه النتيجة؟!


ولكن يوسف العظمة أثبت أن أمتنا لا يمكن أن تستسلم دون مقاومة مهما كانت الظروف والتضحيات وبلغت النتيجة، ودخل المعركة وهو مؤمن بأنه ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ ﴾.

••••


لا بد لي هنا من الإشارة إلى بعض الأمور عن ساطع الحُصْري ومواقفه:

1- ذكر الأستاذ علي الطنطاوي في ذكرياته[7]: وهذا الرجل سابق من السابقين من الموجهين والمربين من العرب، وإن عاش حياته الطويلة جداً ومات وهو لا يحسن العربية لا نطقاً ولا كتابة، مفكر ممتاز كان شيخ المشتغلين بالتربية من عام 1908 في تركيا، ثم في الشام على العهد الذي أتحدث الآن حديث ذكرياته، ثم في العراق، وقد تسلّم (المعارف) من بابها إلى محرابها، وأصدر يومئذٍ مجلة كانت أولى مجلاتها، ثم أشرف على (المعارف) في سورية بعد الاستقلال، وهو نسيب الزعيم سعد الله الجابري، ثم عمل في مصر في جامعة الدول العربية.


هذه مزاياه، أما: هل أحسن أم أساء؟ وماذا كان موقفه من الإسلام؟ الجواب لا يرضيه لو كان حياً، ولا يُرضي تلاميذه ومحبيه، ولكنه الحق ولا يضر الحق إن كثر أعداؤه وكارهوه.


كان العقل المفكر لفتنة القومية، التي لم يأت منها إلا أننا كنا أمة واحدة هي (أمة محمد صلى الله عليه وسلم) فصرنا جمعية أمم، وكنا إخوة يجمعنا الحب في ظلال الإيمان، فصرنا أعداء، تفرقنا هذه الدعوة الجاهلية، ولقد أفسد مناهج التعليم في سورية لما دعا بعد الاستقلال لإصلاحها.


2- ذكر لي الدكتور شكري فيصل رحمه الله أن الأستاذ سعيد الأفغاني رحمه الله لما زار الجامعة العربية بالقاهرة شاهد أحد أساتذة قسم اللغة العربية خارجاً من غرفة ساطع الحصري فنظر إليه نظرة قاسية تدل على غضبه واستيائه.


3- في أحد لقاءاتي مع الدكتور عدنان الخطيب الأمين العام لمجمع اللغة العربية بدمشق أعلمني أنه يعمل على إخراج دراسة عن ساطع الحصري وأعماله وخفاياها التي أساءت للأمة، وأنه بعد البحث قال: يجب إعادة النظر في أصوله والتحقيق في أعماله وما أراد بها.


4- وقال المشرف على طباعة كتاب "الأعلام [8]": بعد وفاة مؤلفه الزركلي رحمه الله: "للاطلاع على خطر الدور الذي قام به ساطع الحصري، والمهمات التي اضطلع بها أثناء العهد الفيصلي في سورية انظر كامل كتابه "يوم ميسلون" وخاصة المقدمة.

••••


ترجمة ساطع بن محمد هلال الحُصْري (أبو خلدون):

قال الزركلي في ترجمته: كاتب باحث، من علماء التربية تترَّك ثم تعرَّب، ولد بصنعاء سنة 1300هـ - 1388هـ، وتعلم في استانبول، وتنقل في التعليم والإدارة ووضع 12 كتاباً بالتركية.


ولما انفصلت سورية عن الحكم العثماني 1918م دعته إليها حكومة الشريف (الملك فيصل بن الحسين) فجاءها وجدّد عهده بالعربية، وعُين وزيراً للمعارف. ولما احتل الفرنسيون سورية سافر إلى بغداد، فكان مديراً لدار الآثار ورئيساً لكلية الحقوق، وأجبر على مغادرتها سنة 1941م، فعاد إلى حلب، ودعي مستشاراً فنياً في وزارة المعارف بدمشق فزاولها 1944-1946م، وانتقل إلى مصر فعهدت إليه جامعة الدول العربية بإنشاء معهد الدراسات وإدارته، وصنف أكثر من 50 كتاباً عربياً، كان أصدقاؤه يساعدونه في إصلاح لغتها قبل الطبع، بعضها عن ابن خلدون، وبعضها عن القومية العربية، وبعضها في التربية والتعليم، توفي ببغداد سنة 1388هـ-1968م[9].

••••


خاتمة:

وأختم البحث معرفاً عظمة المعركة ونتائجها وبطولة يوسف العظمة، وذلك كما قال د. إحسان هندي[10]: وعلى كل حال فإن هذه المعركة لم ينظر إليها المسؤولون السياسيون والعسكريون السوريون في ذلك الوقت كمعركة لصد وإيقاف الوحدات الفرنسية، وإنما نظروا إليها كرمز فقط، رمز يجسد معنى الفداء في سبيل الوطن، المعنى الذي يمثله بيت الشعر العربي المحفور على قاعدة تمثال يوسف العظمة، القائم في حديقة نادي ضباط[11] موقع دمشق[12]:

تقضي الرجولة أن نمد سيوفنا ** جسراً فقل لرفاقنا أن يعبروا


ويقول:

ومع ذلك فقد كانت الإصابات الفرنسية أكثر مما كان متوقعاً ولكن الإصابات العربية كانت أكثر، ومن بينهم العظمة الذي سقط شهيداً.

 

الشهيد يوسف العظمة


 


[1] باختصار من كتاب "التحديث بالنعمة في تاريخ بني العظمة"، تأليف عبد العزيز العظمة.

[2] من كتاب "التحديث بالنعمة ".

[3] من كتاب التحديث بالنعمة ص 25-39.

[4] لمزيد من التفاصيل يرجع إلى مذكرات حسن تحسين الفقير: (الانتداب الفرنسي الغاشم على سورية ص 66-67).

[5] هذه الترجمة مقتبسة من مقدمة كتاب ( الانتداب الفرنسي الغاشم على سورية) التي كتبها أبناؤه

وللتوسع في ترجمته انظر: مجلة الأدب والفن، السنة الثانية، الجزء الثاني ص 30، جريدة ألف باء، 16 رمضان 1367هـ، 23 تموز 1948م، منتخبات من التواريخ لدمشق 900، أعلام العرب 56، من هو في سورية 1/ 480، الأعلام لخير الدين الزركلي 2/ 185.

[6] ص 147.

[7] الذكريات 1/ 65.

[8] الأعلام 3/ 70.

[9] الأعلام 3/ 70 - للتوسع يُنظر:

• كفاح الشعب السوري د. إحسان الهندي- معركة ميسلون. د. إحسان الهندي.

• الحكومة العربية في دمشق. د. خيرية قاسمية. خطط الشام لمحمد كرد علي.

• يوسف العظمة. غسان كلاس. من ميسلون إلى الجلاء لمنير المالكي.

• الذكريات للشيخ علي الطنطاوي ( الفهرس).

[10] الأعلام 3/ 70.

[11] ثم نقل إلى ساحة رئاسة الأركان عند ساحة الأمويين.

[12] كفاح الشعب السوري د. إحسان الهندي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حول إعدام المفكرين العرب سنة 1916 م
  • أبو محمود الحارس (قصة من دمشق)

مختارات من الشبكة

  • الأعظمية وصفحة جديدة من صفحات الطائفية في العراق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صفحات مشرقة من حياة المحدّثين(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • صفحات مشرقة من تاريخ الدعوة: الزاد الإيماني (الدعاة الأيوبيون أنموذجا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفحات مشرقة من سيرة أبي هريرة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صفحات مشرقة من حياة المحدّثين(محاضرة - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • محاضرة (صفحات مشرقة من حياة المحدثين) للشيخ الدكتور سعد بن عبدالله الحميّد(مقالة - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • صفحات رمضانية(مقالة - ملفات خاصة)
  • صفحات منسية من تاريخ الإسلام في روما والأملاك البابوية (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صفحات من حياة الفقيد العالم الزاهد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب