• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / الثقافة الإعلامية
علامة باركود

وسائل الإعلام ( التلفزيون )

وسائل الإعلام ( التلفزيون )
د. فهمي قطب الدين النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/7/2014 ميلادي - 15/9/1435 هجري

الزيارات: 102899

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وسائل الإعلام

الرائي (التلفزيون)


ظهوره:

كان في عام 1928م في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة؛ لذلك تُعَدُّ أكبر دولة في تصدير البرامج في العالم؛ إذ يُقدَّر ما تُصدره في السنة الواحدة بـ (130) ألف ساعة برامجية، بتكلفة 1000 دولار للدقيقة الواحدة، ثم ظهَر بعد ذلك في باقي دول العالم.


أما في البلاد العربية، فقد بدأ البثُّ في المغرب عام 1954م، وفي العراق عام 1956م، ثم توالى البثُّ في باقي البلاد العربية.


وقد بلغ عدد محطات الإرسال للرائي في الدول العربية 190 محطةً عام 1977م.


مميزاته:

يتميَّز الرائي بمُميِّزات خاصة استطاع بها جذب جمهور المذياع، وخاصة الأطفال والشباب، هذه الميزات هي:

1- أنه يجمع بين الرؤية والصوت والحرَكة؛ مما يَجذِب الانتباه ويُثير الحواس أكثر من أي وسيلة أخرى.

2- يُقدِّم الأحداث كما هي في الواقع زمَن حُدوثِها.

3- يَنقُل الأحداث إلى الأسرة داخل المَنزل بالصورة والصوت والحركة، وهو بهذا يوفِّر الوقت ويُعمِّم المعرفة.


وظيفته: تختلف النظرة إلى الرائي في المجتمعات حسب عقيدة هذه المجتمعات؛ فالمجتمعات الغربية ترى أن وظيفة الإعلام التلفزيوني الرئيسة هي (الترفيه، وملء أوقات الفَراغ)، وهذا الرأي ينطلِق من الأساس المادي للحياة الغربية، وأن على الإنسان أن ينتهِزَ فرصة الحياة الدنيا ليُمتِّع نفسه أقصى درجة التمتُّع، وهذه الحياة هي الغاية، وهي المصير، ولا حياة بعدها، أما المجتمعات الشيوعيَّة، فترى أن التلفزيون وسيلة ترفيه ودعاية بنفس الوقت؛ فالبرامج الترفيهية تُنسي الإنسان واقعه الاقتصادي المُتعب، وواقعه الاجتماعي المُتحلِّل، وتجعله يعيش في عالم خيالي، وتزيد من تَحلُّله الأخلاقي، وتَخلُق فيه رُوح اللامبالاة، أما الدعاية، فهي للفِكر الماركسي الذي عفا عليه الزمن، وثبَت أنه يُناقِض الحياة والفِطرة، ووظيفة الدعاية هذه هي وظيفة كل وسائل الإعلام في الدول الشيوعيَّة سابقًا.


أما عن وظيفة التلفزيون في المُجتمَع الإسلامي، وكما هو في الواقع الآن، فلا أظن أنه يَنطلِق من مبادئ معيَّنة؛ فهو يجمع بين الترفيه والتوجيه، وإن كان الترفيه هو الغالب في التلفزيون العربي حاليًّا.


وما أحوجَنا إلى تأصيل عقدي حقيقي لوظيفة التلفزيون في المجتمع الإسلامي الذي يسير وَفْق هدى الله، فهو لن يكون سوى وسيلة خير وهدى:

1- تَنشُر الدعوة الإسلامية في كل مكان.


2- تنشر التعليم، وتمحو الأمية.


3- تزيد في وعي أفراد المجتمع سياسيًّا وفكريًّا واقتصاديًّا.


4- تُحرِّر العقل الإسلامي مِن قيود الأوهام والخُرافات.


5- تُغيِّر المفاهيم الخاطئة التي تراكمَت بتأثير الإعلام المعادي.


6- تُروِّح وتُرفِّه عن النفس، مِن عناء التعب الجِسمي والعقلي، ولكن ليس بالأسلوب الغربي أو الشرقي غير الأخلاقي، بل بأسلوب نظيف، عن طريق المشاهِد الخلابة التي تُسبِّح الله، الناطقة بقدرة الله - عز وجل - وآياته في الكون والإنسان، وعن طريق القصص التاريخيَّة التي تُبرِز بطولات المسلمين، والقصص الاجتماعية التي تُظهِر السلوك الإسلامي المتميِّز في المعاملة والأخلاق الرفيعة.


وليس ضروريًّا أن نُلزم الإعلام التلفزيوني بالأخبار وتلاوة القرآن فقط، فيملَّ الناس وينصرفوا إلى ما هو أشدُّ منه ضررًا، وهو الفيديو، أو أي وسيلة أخرى فاسدة.


أثر الرائي على المشاهدين:

يتوقَّف تأثير الرائي على عوامل كثيرة؛ منها ما يتعلق بالبرامج التلفزيونية، ومنها ما يتعلق بالمُشاهِد ذاته.


أما العوامل المتعلقة بالبرامج، فالعلماء ما زالوا يُطوِّرونها، ويتفنَّنون في أسلوب عرضِها، لزيادة تأثيرها على المُشاهِدين، والعلماء الغربيُّون لهم باع طويل في هذا المجال؛ إذ إن الرائي بعرفهم وسيلة مُهمَّة من وسائل الترويح والترفيه عن جماهيرِهم.


أما العوامل التي تتعلَّق بالمُشاهِد، فترجِع أولاً إلى عقيدة المُشاهِد، ودرجة تعلُّمه، وسنِّه، وجنسه، ومن النتائج المهمَّة التي توصَّل إليها العلماء أن الرائي يزداد تأثيره على نوعين من أفراد المجتمع: الأطفال، وذوي التعليم المنخفِض والأميين.


وبصفة أن نسبة الأمية في المجتمع العربي خاصة - والمجتمع الإسلامي عامة - مرتفعة جدًّا من 70 - 75%.


وأن عدد الأطفال عام 1980م - وهم الذين بين الخامسة والرابعة عشر - بلغ 43 مليونًا.


إذًا، فإن الرائي يؤثِّر على نسبة كبيرة من أفراد المجتمع العربي، وخاصة إذا بقي بصورته الحالية وبرامجه غير الهادِفة، التي تَخلِط الصالح بالطالح، وقد ازداد خطورة الآن عندما انتقل البثُّ عن طريق الأقمار الصناعية، وتستطيع أجهزة الاستقبال التِقاط أي محطة يُريدها المُشاهِد من الغرب أو الشرقِ.


كل هذا يدفعُنا إلى الإسراع بتحويل الإعلام التلفزيوني إلى إعلام هادف ونظيف في الوقت نفسه، غايته الخير لا الشر، والأخلاق لا الانحِلال.


ولكن ما نوع هذه التأثيرات على المُشاهِد؟

لقد أكَّد العلماء والاختصاصيون في الإعلام أن للرائي مجموعة من التأثيرات، وليس تأثيرًا واحدًا، وكلها خطرة جدًّا على الكائن البشَري وعلى المُجتمَع، وهي تأثيرات فكرية وفسيولوجية واجتماعية واقتصادية وسياسيَّة[1].


أما تأثيره الفكري، فهو يُحدِّد ويَحصُر المعرفة الإنسانية، ويُغيِّر الطريقة التي يحصل بها الإنسان على معلوماته من العالم، وبدلاً من توفيرها لمعلومات طبيعيَّة متعدِّدة المصادر والأبعاد من مطالعة ودرس للكتاب، ومُشاهدة للطبيعة، وتَجرِبة واقعية، ومُحاوَرة مع أهل العلم والمعرفة، وغيرها من الوسائل، نجد الرائي يَحصُر العلم بناحية ضيقة داخل قنواته القاسيَة، وحسب ما يرغَب به معد البرنامج من عرض أنواع مُعيَّنة من المعلومات، وبسببه نعتقد أننا نعلم كثيرًا، ولكنَّنا بالعكس من ذلك لا نُحصِّل إلا معلومات أقل من أي وسيلة أخرى.


والرائي أيضًا يُحوِّل العقل الواعي عند الإنسان إلى عقل يُقادُ وكأنه مُنوَّمٌ مغناطيسيًّا، فيَصُبُّ فيه الرائي ما يريد من معلومات، فهو إذًا آلة لغسيل الدماغ وملئه بالمعلومات التي ترغَب بها الهيئة أو السلطة المسيطِرة عليه.


• ويَعقِد (جيري ماندر)، وهو أحد الاختصاصيِّين الإعلاميِّين ومؤلف كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون"، مقارنةً بين تلقي العلم من الكتاب وتلقي العلم من الرائي "التلفزيون"، فيقول: "وقراءة الكتب توفِّر نوعًا من التلقين الاسترجاعي أيضًا، إن الكلمات التي تقرؤها لا تُصَبُّ داخلك بعكس الصور والخيالات - الصادرة من الرائي - والسرعة يتحكَّم فيها القارئ وليس الكتاب، وعندما تقرأ فإنك تَقدِر على استرجاع ما قرأته، والتوقُّف للتفكير، وأخذ المهم، كل هذا يُوسِّع الوعي والانتباه للمادة المقروءة، ويبقى أمر اختيار المعلومات التي تبغي إبقاءها في عقلك الواعي راجعًا لك وحدك.


ويُصادِف في كثير من الأحيان أن نقرأ فقرةً من كتاب، ثم نُدرك أنا لم نَستوعِب شيئًا منها، وهذا يتطلَّب الرجوع ثانيةً إلى قراءة هذه الفقرة بتركيز أكبَر، إن الكلمات لا تَعني شيئًا للقارئ ما لم يتمَّ هذا بمَجهود واعٍ، ومشاركة مُباشِرة، وسرعة شخصيَّة في القراءة.


أما الصور التلفزيونيَّة، فلا تتطلَّب شيئًا مِن هذا القَبيل، ولا تتطلَّب سوى إبقاء عينَيك مفتوحتين وهي تدخل - أي الصور - لتُسجَّل في ذاكرتك - سواء فكرت فيها أم لا، إنها تُصَبُّ داخلك كما يُصَب سائل في وعاء، والوعاء هو أنت، والتلفزيون هو الذي يقوم بالصبِّ، وفي النهاية لا يكون المُشاهد سوى وعاء استِقبال، ولا يكون التلفزيون ذلك الوسط الثقافي والاجتماعي الذي كنا نودُّه، بل آلة تَزرع الصورَ في عالم اللاوعي من العقل، ونحن نُصبِح مُرتبطين بالصور المتغيِّرة، التي لا نفعَل شيئًا حيالَها؛ لأنَّنا لا نستطيع ذلك ألبتَّة"[2].


• وإذا لم يستطِع الرائي غسلَ دماغ المُشاهِدين، فهو يتركُهم في حالة ضياع وارتِباك، وأقل قدرة على تمييز الواقعي من الخيالي، ويُشتِّت إحساسَهم بالوقت والمكان والتاريخ والطبيعة.


• وما يُقال هنا ليس خياليًّا أبدًا، وإنما هو أمر واقعيٌّ، شعَر به الكثير من مُشاهدي التلفزيون، في الولايات المتَّحدة الأمريكية، ونُدلِّل على ذلك بالرسائل التي وصلت لمؤلف كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون" جيري ماندر، وهو إعلامي متخصِّص قضى خمسة عشر عامًا مدير دعاية وعلاقات عامة؛ لنستعرِض بعض العبارات التي وردت في هذه الرسائل حول التلفزيون وتأثيره:

(عند مُشاهَدة التلفزيون أشعر وكأنني مُنوَّم مغناطيسيًّا).

(إنه يَمتصُّ طاقتي).

(أشعر وكأنه يقوم بغسْل دماغي).

(أَشعُر كأنني نَبْتة وأنا جالس تُجاه التلفزيون).

(إن التلفزيون يُبعِدني عن واقعي كثيرًا).

(التلفزيون يُسبِّب الإدمان).

(إن أطفالي يبدون كالزومبيِّين عند مشاهدة التلفزيون (ويقصد بالزومبيِّين الذين في أجسامهم قوة خارقة تتحرَّك من خلالهم).

(إنه يُدمِّر عقلي).

(إن أولادي يَنتقِلون كأنهم في حُلْم بسبب التلفزيون).

(إنه يجعل الناس سُخَفاء).

(إنه يُحوِّل دماغي إلى شَتات).

(أشعر وكأنني مفتون بسِحره).

(إن التلفزيون يَستعمِر دماغي).

(كيف أستطيع إبعاد أطفالي عنه وإعادتهم للحياة)[3].


• أما التأثيرات الفسيولوجيَّة، فتتلخَّص بما أثبتَه العلماء بما لا يدع مجالاً للشك أن الضوء الداخلَ للجسم خلال العيون يؤثِّر في الخلايا، وليس هناك أدنى شكٍّ بأن التنوُّع في طَيف الضوء - كما هو حاصل في الضوء الصادر مِن التلفزيون - يؤثِّر في الخلايا، وليس هناك أدنى شكٍّ بأن الجُلوس أما التلفزيون والتحديق المُستمر بضوئه يؤثِّر في الخلايا بنفس الطريقة، وهناك دراسة للأطياف الضيِّقة للضوء التلفزيوني ونشوء السرَطان في الجِسم [4].


• أما تأثيراته الاجتماعيَّة والتربويَّة، فسيظهَر من خلال تأثيره على الأطفال في الفقرات التالية:

تأثير الرائي على سُلوك الأطفال:

اهتمَّ بهذا الموضوع كبارُ علماء النفس والإعلام والاجتماع، ودرَسوه وأجروا له التجارب الواقعية والعمَليَّة، وخرجوا بنتائج خطيرة، وعلى كل إنسان واعٍ أن يُدرِكها، ويحذر جيدًا من عواقبها، وقبل أن أُبيِّن نتائج دراسة العلماء لظاهرة التلفزيون وتأثيرها على الأطفال، أريد أن أهمِس بأُذُن ربِّ كل أسرة عاقل: إن هذا الجهاز الذي يضعُه في بيته، ليس أداةً مِن أدوات الزينة الجامدة، ولا هو باقة ورْد عَطِرة، لا يتعدَّى أثرها نَشْر الروائح الزكيَّة، إنه جهاز فعَّال ومؤثِّر في النفوس والقلوب والعقول خيرًا وشرًّا، وكما قُلنا عن المذياع، فإنه له حدَّين: حدٌّ للخير، وحدٌّ للشر، والغالب هو حد الشر والعياذ بالله، فعلينا جميعًا مُراقبة برامجِه - واختيار الأصلح منها لأبنائنا وبناتِنا وأزواجنا وإلا خَربت نفوسهم وقلوبهم وعقولهم - حتى لا نندمَ على (لا مُبالاتنا) تُجاهه، فيَكتسِِب أبناؤنا عادات أناس يُخالفوننا في العقيدة والأخلاق والعادات.


وعلى المسؤولين أيضًا عن هذه الوسيلة الخطرة أن يُراعوا حقَّ الله، ويتَّقوا الله في أبناء هذه الأمة، فلا يَعرِضوا فيه إلا ما يعود بالخير والصلاح على مُجتمعِهم وأمَّتهم.


وحتى يَطَّلِع الوالِدان المسلمان على مقدار تأثير التلفزيون على أطفالهم؛ نَعرِِض بعض نتائج بحوث العُلماء في هذا المجال.


نبدأ ببعض المعايير المُستقاة من نتائج البحث، يُمكن بفضلِها التنبؤ بالأثر التراكُمي المُحتمَل للتلفزيون على نظرة الأطفال للحياة.


يزداد تأثُّر الأطفال ببرامج التلفزيون كلما:

1- تَكرَّر عرض الصور.

2- عُرِضت الصور بشكل تَمثيلي.

3- ومال الطفل إلى اللون المعروض مِن المعرفة.

4- ونمَت استجابة الطفل للوسيلة الإعلاميَّة عمومًا[5].


وعندما نزِن بهذه المعايير واقعَ التلفزيون، نجد أن التأثيرَ حاصلٌ 100% من صفات برامج اليوم تَكرار عرْض الصور والمشاهِد وإعادتها، والمسلسلات التمثيليَّة أصبحَت تقليدًا يوميًّا لا يُستغنى عنه - بعرف المسؤولين - والجميع يَنتظرِها بشغف كبير.


والشَّغف بالتلفزيون ليس عِندنا فقط، بل سبقَنا الغربيون بهذا؛ لأنه أول ما وجد عندَهم، فأطفال الولايات المتحدة الأمريكية يَضرِبون الرقم القياسي بالجلوس إليه؛ إذ يُقدَّر زمن جلوسهم أمام الشاشة الصغيرة بأكثر من 40 ساعة في الأسبوع، أما الأطفال الفرنسيُّون، فيقضُون (16) ساعة في الشتاء و12 في الربيع.


ولا توجد إحصاءات دقيقة للمدة التي يَقضيها الطفل العربي أمام التلفزيون، ولكن يُمكن تقديرها، إذا كان المعدَّل اليومي من 2 - 3 ساعة في اليوم بالإضافة إلى يومي الخميس والجمُعة، في البلاد التي تُعطل يومين في الأسبوع؛ حيث يزداد البثُّ، وتزداد ساعات الجُلوس أمام التلفزيون - فتَصِل المدة إلى 24 - 36 ساعة أسبوعيًّا.


هذا مع العلم أن كثيرًا من البيوت لا يُغلِقون التلفزيون بتاتًا منذ أول افتتاحه إلى إغلاق البثِّ فيه، حتى إن تعبير (من العَلَم إلى العَلَم) أصبح تعبيرًا شائعًا يُطلَق على مَن يقضي كلَّ وقته أمام التلفزيون من أول البثِّ وحتى آخرِه.


فكان من نتائج الجلوس الطويل للأطفال أمام الشاشة الصغيرة: انخِفاض مستوى التعليم في السنوات الأخيرة في الغرب، وهذا ما قرَّره الباحثون الغربيون، وفي البلاد العربية أيضًا، وهذا ملحوظ في المدن؛ حيث يَكثُر وجود الأجهزة التلفزيونية؛ إذ يتفوَّق طلاب الريف على طلاب المدُن، وكيف يتفوَّق التلاميذ الذين سَهِروا الليالي أمام شاشات التلفزيون يتعاطُون برامج مُخدِّرة لعقولهم ونفوسِهم وقلوبهم جميعًا؟ إنهم يتعوَّدون على السهر، ويَذهبُون إلى مدارسِهم كُسالى، يَكادون أن ينامُوا في فصولِهم الدراسية، كما يُصابُون بأمراض مختلفة، أهمها السرَحان، وعدم التركيز، والاستِغراق في عالم الخَيال، وعندما يُقارِن التلميذُ بين الفصل الدراسي والمشهَد التليفزيوني، يجد أن المُدرِّس مملٌّ أشد الملل، وهو إذ يُطالبه بالترفيه يريد أن تكون المدرسة امتدادًا للتلفزيون وتَكرارًا لما يُشاهِده على شاشته، فإذا تَعذَّر ذلك - بطبيعة الحال - أصيب الطفل بالإحباط والمرض العصبي؛ مما يدفعه إلى القلق وتَشتُّت الانتِباه.


وهكذا يؤكِّد علماء النَّفْس وعلماء الإعلام أن التلفزيون يقوم بمُهمَّة تربوية سلبيَّة، جوهَرها التخدير وصرْف انتباه الأطفال عن الحقائق الواقعيَّة، ودفعهم إلى عالم خيالي[6].


جامعة الجريمة:

لذلك هاجَم كثير من العلماء (التلفزيون)، أو بالأصح البرامج التلفزيونيَّة المملوءة بالعنف واللصوصيَّة، وتمجيد المُجرِمين وتلميع وجوههم وسلوكهم، ومنهم (ستيفن بانا) الطبيب النفسي والأستاذ بجامعة كولومبيا؛ إذ يقول: "إذا كان السجن هو جامعة الجريمة، فإن التلفزيون هو المدرَسة الإعدادية لانحِراف الأحداث".


ويؤكِّد (جير هارد كلوسترمان) ذلك، فيقول: "إن تأثير التلفزيون وما ينشأ عنه من إيحاءات للطفل أمر خطير جدًّا في حالة الطفل المعوَّق، وهو عادة طفل عُدواني قوي، شرس، يَشعُر بالإحباط، ويتأثَّر بأفلام العنف تأثُّرًا مُباشِرًا، وعندما يُصاب الطفلُ بالإحباطِ ويشعُر بخيبة الأمل لعجزِه عن الحصول على ما يَعرِضه عليه التلفزيون، أو يفعل ما يفعله الآخرون، فإنه يُصاب بالتوتُّر والقلق؛ مما يؤدي مِن ثَمَّ إلى الانحراف.


وتوضِّح دراسات العالم الفرنسي (جان حيرو) أسباب سوء التكيُّف بين المُنحرِفين في باريس، ويرجع هذه الانحرافات إلى مُشاهَدة أفلام العُنف.


ويرى علماء الاجتماع أن التلفزيون يُشيع في النشء حبَّ المغامرة والتحرُّر مِن القيود، والاتصال بعالم الكبار، كما يقوِّي ميولَهم بأن يُصبِح لهم كِيان، ولكنهم يرون أيضًا أن التطرُّف بالمشاهدة قد يؤدِّي إلى الانحِراف[7].


وقد ثبَت مِن دراسات العلماء (أن أفلام العنْف والمغامرة والأفلام البوليسيَّة) تُخيف الأطفالَ وتُروِّعهم، حتى إن بعضهم يُحاول مغادرة المكان، والبعض الآخر يُصاب بالغثَيان، والبعض يُصاب بأمراض نفسيَّة كالتبول (اللاإرادي)، أو حالات الذُّعر والكابوس في أثناء النَّوم.


وتدلُّ الإحصاءات الأخيرة التي أُجريَت في إسبانيا أن 39% من الأحداث المُنحرِفين قد اقتبَسوا أفكار العنف من مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج العدوانيَّة، التي تدور أحداثها حول ارتكاب الجرائم، وطُرُق الاعتداء على الناس.


ويُدلِّل العلماء على آرائهم هذه بأمثلة كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:

• في مدينة (بوسطن) الأمريكية رسَب طفل عمره 9 سنوات في مُعظَم مواد الدراسة، فاقترح على والده أن يُرسِل صندوقًا من الحلوى المسمومة إلى المدرسة، وعندما استوضحَه والده ذلك، قال: إنه أخَذَ الفِكرة من برنامج تلفزيوني.


• في مدينة بون الألمانية قامت فتاتان في الثانية عشرة من عُمرهما بقتل صبي غريب عنهما، اتضح للمحقِّق في هذه الجريمة أنهما شاهدتا في اليوم السابق لارتكاب الجريمة فيلمًا تلفزيونيًّا، انتهى بجريمة قتل ضد نجم الفيلم.


• ومِن أحدث ما ذُكِر في هذا المجال أن طفلاً فرنسيًّا عمره خمس سنوات أطلق رصاصة على جار له عمره سبع سنوات وأصابه إصابة خطيرة، بعد رفض الأخير أن يُعطيه قطعة من اللبان، وقد ذكَر الطفل في أقواله للشرطة أنه تعلم كيف يَحشو بندقية والده عن طريق مُشاهَدة الأفلام في التلفزيون[8].


ونسأل: ما التفسير النفسي لتأثير التلفزيون على الأطفال في مجال أعمال العنف أو غير ذلك من التأثيرات السلوكية؟

وقد توصَّل العلماء إلى أن للتقليد والمُحاكاة تأثيرها على الطفل أو الناشئة؛ فعندما يَعرِض التلفزيون شخصيات مُعيَّنة، ويُبيِّن مشاعرَهم، ويُقدِّم قيمَهم بشكل درامي، فإن الأطفال مُستعدُّون لاستيعاب الأفكار والقيم عاطفيًّا، ففي المسلسلات التلفزيونية نُلاحِظ أن الشرير أو الوغد يَحصُل على كافَّة المزايا؛ الأرض والمال والمنازل والحدائق والنساء، وكل هذا نتيجة لاعتداءاته وغلظته، فالنمط السلوكي البراق هو النمط المُعادي للجميع.


ويذهب بعض علماء النفس أيضًا إلى أن المسلسلات العنيفة والبرامج (البوليسيَّة)، تَخلق في النشء شُعورًا بالبلادة وعدم المبالاة، ويَنجُم عن ذلك نوع مِن الشلل في الإحساس، والقيام بردود أفعال غليظة بعيدة عن أي شفقَة أو تَعاطُف[9].


وهكذا، فإن التلفزيون أصبحَ في مُعظم الدول مجرد جهاز ناقل لإنتاج فني ضَعيف هابط تتخلَّله إعلانات جذابة ومُثيرة للغرائز، ويذهَب بعضُهم إلى القول بأن الناس لا يأخُذون هذه البرامِج وهذه الإعلانات مأخَذَ الجِدِّ؛ وإنما يَنظُرون إليها على أنها مجرَّد تسلية، غير أن علماء النفس يؤكِّدون مِن ناحية أخرى أن ما لا يأخُذُه الناس مأخذ الجِد هو الذي يؤثِّر أبلغ الأثر، فليس الترفيه التلفزيوني بأمر ثانوي يُمكن أن نُهمِله أو نهوِّن من شأنه، فمثل التلفزيون كمثل الماء والنار، له جاذبية وسحر؛ لأنه يتحرك ويؤثِّر ويسحر ويَخلب الألباب، ويجعل الناس يُشاهِدون ما يُعرَض على شاشاته، وهنا تَكمُن الخطورة[10].


وفي دراسة لسلبيات التلفزيون في البلاد العربية، كان نتيجة الاستبيان الذي توصَّل إليه الباحث كما يلي[11]:

يؤدي التلفزيون إلى انتشار الجريمة والعنف

41%

يؤدي التلفزيون إلى انتشار ضعْف الإبصار

64%

يؤدي التلفزيون إلى انتِشار شيوع الرذيلة

41%

يشغل المُشاهِدين عن المطالَعة والقراءة

64%

يشغل التلاميذ عن الاستِذكار

63%

يؤدي إلى شيوع أساليب النصْب والاحتيال

47%

يؤدي إلى تقييد حركة الجسم وحِرمانه من الرياضة

44%

يؤدي إلى السلبيَّة والكسَلِ والتراخي

46%

بالنسبة لأفراد المجتمع يضرُّ أكثر مما ينفَع

72%


ونتيجة لهذه الدراسات العلمية؛ فإن كثيرًا من العائلات الغربية لا تَملِك جهاز تلفزيون في البيت رغم أن اقتناء هذا الجهاز أصبح اليوم في متناول الجميع، أما الذين لا يستطيعون الاستغناء عنه، فإنهم في الوقت نفسه يتعاملون معه بكثير من الصرامة، فيَختارون برامجَهم، ويُعلِّمون أطفالهم أن يتعاملوا معه بنفس الطريقة، بل تجري العادة اليوم أن يأوي الطفل الغربي إلى فراشه في ساعة مُبكِّرة، بغضِّ النظر عن وجود جهاز تلفزيون أو عدم وجودِه.


• وفي عام 1977م ظهر كتاب ذو أهمية في الأسواق الأمريكية من تأليف (ماري وين) وقد أسمته (المُخدِّر الكهربي)، وكان سببًا لضجة كبيرة عند الآباء وعلماء النفس والمربين؛ لقد أكَّد الكِتاب أن مشاهدة الأطفال للتلفزيون تُسبِّب عندهم نوعًا من الإدمان، وأنها تُحوِّل جيلاً كاملاً منهم إلى أشخاص من (الزومبي) - أي الذي دخلت أجسامهم قوة خارقةً فصارَت تتحرَّك من خلالهم - يتميَّزون بالسلبية وعدم التجاوب، ولا يَستطيعون اللعب والابتِكار، ولا يستطيعون حتى التفكير بوضوح[12].


• وفي دراسة حديثة لتأثير التلفزيون للمُؤلِّفة السابقة وآخرين، تقول بأن الأطفال الذين يُشاهِدون كثيرًا التلفزيون يُبدون تدهورًا واضحًا في الذاكرة والقُدرة على التعليم بطريقة صحيحة لاستيعاب اللفظ والكلام المكتوب، وربما دخلْنا في العصر الذي تُحشى فيه المعلومات مباشرة إلى العقل الباطن عند الجَميع[13].


رأي آخر عن تأثير الرائي (التلفزيون):

يرى بعضُ الباحثين المُحدَثين أن الطفل السويَّ لا يتأثَّر ببرامج العنف وغيرها من البرامج السيئة في التلفزيون، وليس هو الذي يتسبَّب في انحراف الأطفال، إلا أنه يساعد المُنحرِِف بطبيعته بأن يُقدِّم له الوسيلة التي تُساعِده في تنفيذ السلوك السيئ.


أما الأطفال الأسوياء الذين تربوا في بيئة نظيفة خيِّرة، وعندهم أساس من السلوك الخير، بالإضافة إلى التوجيه المستمر من الأسرة لأبنائها، فإن هؤلاء لا يؤثِّر فيهم التلفزيون إلا تأثيرًا طفيفًا، وتربية الأسرة هي الغالبة على تأثيره.


ويَرُدُّ على هذا الرأي الدكتور إبراهيم إمام بقوله: "تأخُذ الدول الغربية في معظمها بنتائج البحوث الأخيرة التي تُهوِّن من التأثير الضار للتلفزيون على جميع الأطفال باعتبار أن الطفل العادي الطبيعي السوي هو المعيار الذي ينبغي القياس عليه، ولكن الحقيقة أن وسائل الإعلام - وخاصة التلفزيون - أصبحَت جماهيريَّة بحكم طبيعتِها، ومِن ثَمَّ فإن تأثيرها وبائيٌّ عام، ولا يُمكن القول بأن الوباء غير ضارٍّ إذا نجا منه بعض الأفراد، وحتى المريض الذي يشفى من آثار الوباء ويظلُّ مُعتدلاً أو مصابًا بمضاعفات أخرى، لا يمكن إهماله أو التهوين من شأنه.


ولا شكَّ أن إصلاحيات الأحداثِ تُعطي لنا أمثلةً حيَّةً وواقعية لضحايا المُجتمَع من التلوث الإعلامي بوجه عام، والتلفزيون بوجه خاص، صحيح أن التلفزيون ليس هو السبب الوحيد للانحِراف وجنوح الأحداث، كما أنه ليس مسؤولاً وحده عن الأمراض النفسية والعُضوية التي قد تُصيب الأطفال، ولكن لا يُمكن في الوقت نفسه إنكار أثر التليفزيون في تلوث بيئة الطفل"[14].


القيم الإسلامية للرائي:

إن برامجَ الرائي بوضعها الحالي خطرة على كلِّ قيمة إسلامية، أخلاقية وتاريخية ولُغوية، وبنظرة واحدة نُلقيها على البرامج التلفزيونية العربية، سنَجِد رُكامًا هائلاً ورهيبًا من المسلسلات والأغاني المائعة والخليعة والتمثيليات، والصور الرخيصة، والمناظر الداعرة، وحتى أفلام الكرتون المخصَّصة للأطفال وأصبَح الكبار يُشاهِدونها، لا تخلو من المناظر الفاسِدة.


ماذا نَنتظِر من هذه البرامج، سوى فِقدان القدرة على التمييز بين الخير والشر، وبين النافع والضار، بين الأخلاق القويمة والأخلاق الزائفة؟


وننظُر مرة أخرى إلى واقع التليفزيون في أكثر البلاد العربية، فماذا نجد؟

1- إن التلفزيون لا يُقدِّر رجالَ الأمة من العلماء والمُهندِسين والأطباء وأساتذة الجامعات بقدر تقديره (للفنانات) والراقصين والراقصات، ونجوم الكرة والمُطرِبين والمُطرِبات، الذين يَحتفِل بهم دائمًا، ويُهيِّئ لهم المقابلات التلفزيونية في أجواء جذَّابة براقة تَخلب الألباب، بشكل يجعلهم قدوةً للجيل التليفزيوني.


2- إن البطل في تصوُّر جيل التليفزيون ليس هو الرجل المؤمن المُجاهِد، الذي لا يَخاف الموت، الجريء في الحق، مِن أمثال الصحابة والتابعين وأبطال الإسلام على مرِّ الزمان، بل هو من أبطال الأفلام والمسلسلات كما يُطلِق عليهم مُخرِجو الأفلام، الذين يقومون بأدوار خليعة، فاسدة، أو بأدوار مُجرمين يَقتلون الناس.


3- المسلسلات التليفزيونية، في معظمها تُظهِر المُمثلات الفاسِدات بأبهى صورة وكذلك المُمثلون، بينما تُظهِر رجال الإسلام من العلماء إن اضطروا لإظهاره - أو هم قاصِدون إظهاره - بأسوأ منظَر، وأسوأ سلوك، وكأنهم يقولون للمُشاهد: هؤلاء قدوتُنا ونماذجنا للحياة، لا أولئك!


4- أكثر المسلسلات تدور حول الحب والعِشق، بين الشباب والشابات مِن طلبة الجامِعات، وتُظهِر الاختلاط في النوادي والمُنتزهات؛ لتُعوِّد المشاهِدين على هذه المناظر، ويتقبَّلها على أنها لا بدَّ منها، وإن كانت حرامًا.


5- كثير من العادات السيئة، والأمور المُحرَّمة، يُبرِزها التلفزيون أثناء التمثيليات؛ مثل: (شرب الخمر والتدخين، وإطالة الشعر على هيئة الهيبيين)، وثبَتَ أن الشباب يُقلِّد فسقةَ المُسلسَلات في هذا.


6- تَشيع في التلفزيون القيمُ السلوكية الفاسدة؛ مثل (الكذب، والخداع، والتآمُر على الآخرين، والغيبة والنميمة بين النساء)، عن طريق الإعلانات والمُسلسلات التمثيليَّة، فيعيش عليها الأطفال والشباب، ونجد الصعوبة بعد ذلك في غرْس القيم الإسلامية الأصيلة في نفوسِهم.


7- اللغة العامية والسوقية التي يَستخدِمها التلفزيون في التمثيليات والمسلسلات يُقلِّدها الأطفال، وخاصة ما يُرافِقها من حركات مائعة وسلوك شائن، ويُردِّدها الأطفال في البيت والشارع والمدرسة، ولا تُجدي نصائح الأبوَين والمُعلِّمين في ترْك هذه الألفاظ؛ لأن التأثير التراكمي للتلفزيون أقوى أثرًا وأبعد مدى.


8- تزوير التاريخ الإسلامي في كثير من المسلسلات التاريخية، ويَصدُر هذا إما عن نيَّة خبيثة، وهذا هو الأرجح ما دام القائمون على التلفزيون بعيدين عن الإسلام وتصوراته، وإما لتلميع بعض المواقف - بنظرهم - حيث يجب ألا يَخلو الموقف التاريخيُّ أو المسلسل من مواقف الحب والغرام، والأمثلة على هذا كثيرة جدًّا؛ إذ إن كل المسلسلات التاريخية لا تخلو من هذا الأمر.


9- بعض المسلسلات تَخدم العدو اليهودي أكثر مما يُراد من إظهار قسوة العدو وتعذيبه وسجنِه بطريق غير مباشر، وخاصة تلك المسلسلات التي يظهَر فيها العدو وهو يُقدِّم أعداءه الفلسطينيِّين إلى المحاكم القضائية، مع حرية الدفاع عن أنفسهم، ونصْب المحامين لذلك، وتبرئة البعض وسجن البعض الآخر، وهذا تلميعٌ لوجه العدو.


10- وحتى البرامج المخصَّصة أصلاً للأطفال، مثل أفلام (الكرتون) أو القصص الأجنبية المُترجَمة، نجدها لم تُنتَج للأطفال المسلمين، وإنما لأطفال الغرب، بل إن المجتمع الغربي ذاته نبذ أنواعًا كثيرة منها، مثل أفلام الخيال العِلمي المثيرة، بل أفلام الفضاء، والقتال الدائر في الفضاء... إلخ، وتبيَّن للعلماء ضررُها في تخريب نفسية الأطفال؛ إذ تُسوِّغ أعمال العنف في نفوسهم، وتجعلهم يتعوَّدون عليها، فضلاً عن الاستغراق في الخيال وضرره على الأطفال، بالإضافة إلى كثير من أفلام الرسوم المتحرِّكة (الكرتون) تتضمَّن قصص الحب والغَرام، حتى بين الكلاب والحَيوانات الأخرى، والقتال مِن أجْل الأنثى، واللصوصيَّة والاحتيال والكذب وغيرها من الصفات غير الأخلاقية، فهل يدعونا هذا إلى إعادة النظَر فيها؟


وبعد، ما العمل؟

ها نحن قد عرفْنا هذه الوسيلة الخَطيرة، واطَّلعنا على آراء علماء النفس والاجتِماع والإعلام فيها، وقد ازدادت هذه الوسيلة خطورةً وشرًّا عندما انتقل البثُّ عن طريق الأقمار الصناعيَّة، ودخل الحدود بدون رقابة ولا حِراسة.


وإن تَسارُع ازدياد القنوات الفضائية ذو وتيرة مُقلِقة لكل الخيِّرين والمُصلِحين في العالم الإسلامي، فقبل سنتَين لم يكن هناك في أي بلد عربي سوى قناة أو قناتين محليتَين.


أما الآن، ماذا نجد؟ عشرات القنوات الفضائية الموجَّهة نحو المنطقة العربية، ويُخطَّط لتأسيس قنوات فضائية جديدة، فضلاً عن تلفزيون العرب الذي بدأ بثَّه التجريبيَّ من إيطاليا، الذي سيُنافس القناة المصرية وتلفزيون الشرق الأوسط، وكذلك (التلفزيون البريطاني) (بي.بي.سي) الذي بدأ ببثِّ برامجه العربية، وهذا (سيَزيد الطين بِلَّة)؛ كما يقول المثل بأخباره (المُقَولبَة) المُغرِضة كما رأينا عند حديثِنا عن الإذاعة البريطانية.


ونسأل بعد ذلك كلِّه: ما العمل؟ مع العلم أن هذه الوسيلة قد دخلَت بيوتَ جميع المسلمين إلا ما نَدَر، إن شئنا أم أبَينا.


للإجابة عن هذا السؤال، نحتاج إلى وقفة طويلة نُقدِّم بها بعض الحلول التي يُمكن أن تكون حاضرةً في أذهانِنا جميعًا.

• أول هذه الحلول: التقدُّم إلى جهاز الرائي وركله بأقدامنا وكسْره، والخلاص منه، أو عدم إدخاله إلى المنزل منذ البداية.

• وثاني الحلول: ترْكه وشأنه، غير مُبالين بما يُقدِّم من خير أو شر كما هو حال كثير من مُسلمي اليوم!

• وثالث الحلول: التعامل معه بأسلوب صارم وبحزْم للوقاية - ولو قليلاً - من شرِّه، والاستفادة مِن خيرِه.

• ورابع الحلول: أسلمَة هذا الجِهاز وتحويله إلى وسيلة خير، بعد أن كان وسيلة شرٍّ.


وإن الحلَّ الرابع، هو الحل الأمثل والواقعي؛ حيث يمكن الاستِفادة من الرائي، باعتباره وسيلة تقنية مهمَّة، لها أثرُها في جميع المجالات الإعلامية والعِلمية، وحتى الصناعية والتجارية، وضرره ليس بذاته ومادته؛ وإنما بما يُقدَّم فيه من شرٍّ، أما إذا قدَّم الخير، فوجوده أفضل من عدمه، وأقصد بأسلمة الجهاز - إن صحَّ التعبير - أن يكون القائمون عليه مِن المُسلمين المُخلِصين، فيُعبِّر عن تصوُّر دولة مُسلمة وأمة مُسلِمة، وتكون قضيته الأولى الدعوة إلى الله، وزيادة الوعي العِلمي والثقافي والتاريخي لدى جماهير المُسلِمين.


والدعوة إلى الله، لا تَقتصِر على وسيلة واحدة، بل يَجب استِخدام كل وسيلة؛ مثل القصَّة والحوار، والمشاهِد الجميلة لآيات الله في الأرض والسماء والبِحار؛ قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فصلت: 53].


وكثير مِن الدعوات الهدامة الآن يُلبِسونها الثوبَ الجَميل، والألوان البراقة؛ فيَنخدِع بها الناس، ويؤمنون بها، فمِن الأحرى أن يُقدَّم الإسلام بأسلوب جذاب وبكلمة طيبة لا مُنفِّرة؛ ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24].


هذا هو الحل الذي تتطلَّع إليه جماهير الصحوة الإسلامية الفتيَّة في كل البلاد العربية والإسلامية - بلهفة وشوق - طالبة الإسراع فيه لإنقاذ أجيال المسلمين مِن الضياع والبُعد عن طريقِ الله.


وحتى يتحقَّق هذا الأمل - بإذن الله - لا بدَّ مِن قَبُول الحل الثالث الذي يتضمَّن التعامل مع هذا الجهاز بصرامة وحزْم، حاثًّا الآباء والأمهات وجميع الرعاة في المجتمع على الاهتمام بالأبناء والبنات الصِّغار منهم والشباب، وأذكِّرهم بقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، وبقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته))؛ متفق عليه.


• ومن الرعاية للأبناء والأجيال القادمة الاهتمام الجِدِّي بهذه الوسيلة الخطيرة - إن وُجِدت - في بيوتهم، والتعامل معها بحزم لا هوادة فيه، وبالأسلوب الحكيم والتربوي، الذي لا ينقلب إلى ضده، فيُنفِّر الأبناء مِن آبائهم وأمهاتهم، مع مراعاة النقاط التالية:

1- تعويد الأطفال منذ الصِّغر على النوم المُبكِّر ليلاً، وهذا يَستدعي قفل الجهاز في ساعة معيَّنة مهما كانت البرامج التي تُقدَّم فيه.


2- تعويد الأطفال على عدم الجُلوس الطويل أمام الشاشة الصغيرة، وانتِقاء البرامج لهم.


3- تعريف الأبناء بأن الواجبات الدينيَّة، أهم مِن أي أمر آخَر، فلا يَشغَلهم الرائي عن الصلاة مثلاً، وكذلك الواجبات التعليميَّة، فلا يشغلهم عن أداء واجباتهم المدرسية.


4- تعليم الأبناء منذ صغرهم بالحلال والحرام، والخير والشر؛ حتى يستطيعوا أن يُميِّزوا ما يُعرَض عليهم في وسائل الإعلام جميعًا - ومنها الرائي - من خير أو شرٍّ، ويَزِنوا جميع الأمور بميزان الإسلام.


5- يَحرِص الأب أن يكون موجودًا - بقدر الإمكان - مع أبنائه، وإلا حلَّت الأم محله، وخاصة أثناء عرض بعض البرامج التي ظاهرها جيِّد، إلا أنها تَدُسُّ السمَّ في الدسم، فيَعترِض الأب أو الأم على كل موقف أو مشهد يَتعارَض مع الإسلام، ويُبيِّن موقف الإسلام منه، مثل: (سفور المرأة، والاختلاط، أو لَعِب الميسر، أو شرب الخمر)، مما يتخلَّل المسلسل أو الفيلم السينمائي، وموقف الأبوَين هذا يُرسخ في ذهن الطفل هذه المفاهيم، فيبدأ بعد ذلك الحكم بنفسه على ما يراه، ويُخفِّف كثيرًا من مضارِّ ما يُشاهِد.


6- يُعوِّد الأبوان أبناءهما على عدم سماع الأغاني الرخيصة للرجال والنساء والموسيقا، وذلك منذ الصغر، ويُكلِّفونهم بقفل الجهاز إن عرض ذلك، وحتى الموسيقا التصويرية التي تتخلَّل بعض المشاهد، فيَنخفِض صوتها، وخاصة أن هذا الأمر مُتيسِّر بواسطة الجهاز المرافق للرائي، والذي يُستعَمل عن بعد لاسلكيًّا، فإن تعوَّد الأبناء على هذا، فإنهم سيتصرَّفون بهذه الطريقة ولو غاب الأبوان عنهم.


7- يُنمِّي الأبوان في أبنائهما وبناتهما الهوايات المُفيدة؛ بحيث يشغلون فراغهم، فيَنصِرفون عن التليفزيون في أثناء ذلك، مِثل المطالعة للقَصص الدينيَّة المفيدة، أو إشراكهم في المراكز الثقافية، أو الاجتماعية، أو مراكز تحفيظ القرآن الكريم.


8- يُروِّح الأبوان عن أبنائهما أثناء الإجازات الأسبوعيَّة، فيَخرُجون معهم إلى النزهات؛ بحيث يَقضي الجميع وقتًا ما خارج المنزل، مع عدم إخراج جهاز الرائي معهم، كما هي عادة بعض الآباء الجَهَلة.


9- يعرف الآباء أبناءهم بأن أكثر البرامج في الرائي، وخاصةً المُسلسَلات والأفلام وحتى أفلام الرسوم المُتحرِّكة (الكارتون)، مصدرها الدول الأجنبية والتي أكثرها معادية للإسلام وللمسلمين، ولا تُريد خيرَهم أبدًا، وهدفها إفساد المسلمين في أخلاقهم، وإبعادهم عن دينِهم؛ حتى يبقوا تحت سيطرتهم وطغيانهم، مع إعلامهم أن اليهودية العالمية هي التي تُسيطر على جميع وسائل الإعلام والوكالات في الغرب؛ لذلك لا تُقدِّم لنا إلا الشر، ولكن بلباس برَّاق جميل.


هذه بعض النقاط التي أرى أن يُراعيَها رعاة المسلمين اليوم، وأقصد الآباء منهم، ولا شك أن الآباء الواعين عندهم أكثر من وسيلة لفائدة أبنائهم، وما هذه إلا ذكرى لعلها تنفَع المؤمنين.



[1] ارجع إلى كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون"؛ تأليف: جيري ماندر، ترجمة سعيد منيمنة، نشر دار الكلمة الطيبة، ط 1 1410هـ - 1990م (ص: 340)، وجيري ماندر إعلامي أمريكي قضى خمسة عشر عامًا مدير دعاية وعلاقات عامة، وقد عرَف بخبرته الطويلة خطر التلفزيون على الجنس البشري، وألف كتابه هذا لبيان هذا الخطر.

[2] المرجع السابق (ص: 210).

[3] المرجع السابق.

[4] المرجع السابق. (ص: 97) و(ص: 341).

[5] كتاب التلفزيون والطفل لمجموعة من المواطنين الغربيين (2: 8) مؤسَّسة سجل العرب 1967م.

[6] الإعلام الإذاعي والتلفزيوني؛ الدكتور إبراهيم إمام، من صفحة 241.

[7] المرجع السابق (ص: 245).

[8] المرجع السابق (ص: 247 - 248).

[9] المرجع السابق (ص: 238).

[10] المرجع السابق (ص: 233).

[11] الآثار النفسيَّة والاجتماعيَّة للتلفزيون العربي؛ د. عبدالرحمن عيسوي (ص: 114).

[12] ارجع إلى كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون"؛ (مرجع سابق) (ص: 169).

[13] المرجع السابق (ص: 208).

[14] الإعلام الإذاعي والتلفزيوني؛ الدكتور إبراهيم إمام (ص: 241 - 242).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطورة التلفزيون
  • التلفزيون في حياة الأطفال
  • دور وسائل الإعلام في التربية الأبوية

مختارات من الشبكة

  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل المكتوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وسائل الإعلام المقروءة ( الكتاب )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المقاطع الصوتية التعليمية وسيلة من وسائل تعليم الكتابة والهجاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأثير وسائل الإعلام على طالبات المرحلة الثانوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فعالية وسائل الإعلام والترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الصين تحظر استخدام الكلمات المناهضة للإسلام عبر وسائل الإعلام الاجتماعية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الترفيه في وسائل الإعلام(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تأثير السلطة الحاكمة على وسائل الإعلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ميانمار: قرار بمنع وسائل الإعلام من تغطية أخبار مسلمي الروهنجيا(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- مفيد
Rania - مصر 08-10-2019 01:53 PM

شكرا لكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب