• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

حول إعدام المفكرين العرب سنة 1916 م

حول إعدام المفكرين العرب سنة 1916 م
د. محمد مطيع الحافظ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/7/2014 ميلادي - 5/9/1435 هجري

الزيارات: 9767

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقائق تاريخية (1)

حول إعدام المفكرين العرب سنة 1916م

 

كَثُر الكلام حول إعدام المفكِّرين العرب سنة 1916م، بدمشق وبيروت بأمر جمال السَّفّاح، وهذا المقال يُجيب عن الأسئلة الثلاثة الآتية:

1- هل أفتى أحد لجمال باشا السَّفاح بإعدام هؤلاء المفكِّرين؟

2- كيف تصدَّى الشيخ بدر الدين الحسني بحزم ضد تصرُّفات جمال السَّفاح؟

3- كيف حلَّل الأمير شكيب أرسلان ما جرى في تلك المدَّة؟

 

وذلك من خلال الوثائق التالية التي تظهر الحقائق:

1- الرسالة التي كتبها الأمير شكيب أرسلان للشيخ تاج الدين الحسني.

2- وصف الدكتور منير شيخ الأرض الاجتماع الذي انعقد في الجامع الأُموي وحضرَه عدد من العلماء منهم: الشيخ بدر الدين الحسني، وحضره أيضًا: جمال السَّفاح.

3- ما ذكره الدكتور مازن المبارك عن المواقف الجريئة للشيخ بدر الدين في هذه القضية.


رسالة الأمير شكيب أرسلان إلى الشيخ تاج الدين الحسني

مرسين 13 حزيران 1922م

حضرة الفاضل الأمثل، الحسيب النسيب، سلالة أرومة الشرف والفضل السيد تاج الدين أفندي الحسني - أدامه الله.

 

تشرَّفت بكتابكم الكريم الذي بشَّرني بوجودكم مع مولانا الأستاذ الإمام الوالد، أيَّد الله به الإسلام بالعافية والهناء، وبكونه وإياكم لم تنسَيا هذا المحبَّ القديم، ولم تبرحاه دائرة الخاطر الكريم، فكانت عندي بشريينِ لا بُشرى واحدة، والله يعلم أنني طالَما كلفتُ بعض أصحابي الذين لهم اتصال بكم أن يُقبِّلوا عني أيديَه الطاهرة، ويلتمسوا لي منه الأدعيةَ الخالِصة، وأن يُقدِّموا عني واجب الاحترام لسماحتِكم، وما زال عندي الاعتقاد بأنه - أطال الله عمره - كان راضيًا عني، داعيًا لي بالخير، وأن دعاءه كان لي جُنَّةً واقيةً؛ فقد مرَّت بي في هذه الغربة المتطاولة أهوالٌ، ومررت بمآزق عراضٍ طوال، وكنت كُلَّ مرة أنجو منها بحول الله وقوته، وقد منَّ الله عليَّ أخيرًا باحتماع شملي، واتصالي بأهلي، ورأيتُهم - ولله المنَّة - على أحسن حال.

 

فأما ما ذكرتموه من أمر الذين أساؤوا الظنون، فلا أظنُّ أنهم جهلوا الحقائق إلى هذه الدرجة، ولكنهم تجاهلوها، ولأن الحسد مرض، والطبع غلابٌ، والمعاصرة - كما قالوا - حجاب، فهؤلاء وجدوا في أثناء هذه الضوضاء فرصةً لتنقُّص الأفاضل، وخدش سمعة مَنْ لا ذنب لهم عندهم سوى الفضائل، وظنوا أن الحقيقة تختفي في وسط هذه الجلبة، وأن العامة مِن عادتها أن تنقاد إلى كل ناعق، لا سيما أن الحرب انتهت بغير ما اشتهت الحكومة السابقة، والناسُ من شأنهم أن يُعطوا الحق للغالب، فلو كانت الحكومة السابقة هي التي غلبَت لكنتَ سَمعتَ من المديح لأنصارها، والطعنِ في أعدائها، والإزراء بالحلفاء، ما لا يُحصيه إلا الله تعالى، على أنه بالرغم من هذه الظروف التي تَقلِب الحق باطلاً والباطل حقًّا، لم يتمكَّن الحساد ومَنْ في قلوبهم مرض من إخفاء الحقائق إلى الآخِر، بل صارت هذه تتجلى يومًا فيومًا، حتى أقرَّ بها الحاسد والعاند والكافر بالنعمة والكاند، ولما نشرت مذكراتي في أميركا لم تنقلْها الجرائد الموالية لي فقط، بل نقلتها ثلاث أو أربع جرائد مسيحية علَّقت عليها بأن هذه المذكرات هي الرواية لحقيقة ما جرى؛ لأن الصحيح يصحُّ، والكذب يضمحِلُّ، وكانت جرائد أخرى مسيحية قد أوسعتْني سبًّا وشتمًا، فبعد صدور هذه المذكرات لزمتِ الصمتَ التام، وجاءتها الأسئلة مِن قرائها: ماذا تقولون في مذكرات الأمير شكيب أرسلان؟ فلم تحِر تلك الجرائد جوابًا؛ لأنها علمَت أنها لو تجرأت على المكابرة لكانت فضيحتها أعظم؛ وذلك لأني وعدت بإعطاء التفاصيل عن كل ما أجملتُهُ، ولا أزال أفكر في تحرير مذكرات مطوَّلة، وقد جاءني من كاتب شهير من أدبار المسيحيين هو داود أفندي الجاعص المقيم في تشيلي في أميركا الجنوبية، أنه لو كنتُ نشرتُ مذكراتي منذ انتهت الحرب، لكانت جعلت انقلابًا عظيمًا في أفكار الجالية السورية بشأن السياسة الشرقية، منذ بداية الانقلاب، ومؤخرًا كتب لي أحد الصحفيين المسيحيين من بيروت، أنه تذاكر مع الأديب المشهور [أمين] الريحاني[1] فقال له: قبل أن أقرأ هذه المذكرات كنتُ مُصدقًا تلك الأقاويل، ولكن بعد قراءتي إياها علمتُ الحقيقة.

 

ذكرتم لي تباين عبارتين منقولتين من كلامي، ولكن لم تُشيروا إليهما، فحبذا لو صرحتم لي، ونقلتُم كلاًّ من العبارتين اللتين رأيتم إحداهما تخالف الأخرى، فكنت أجاوبكم:

أنا لا أعتقد أن أحدًا دفع جمال باشا إلى قتل أو نفي أحد، حتى إن رفقاءه في الآستانة لم يدفعوه إلى ذلك، وهذا أمر تحقَّقته قبل نهاية الحرب، وبعد نهاية الحرب، وغاية ما هناك أنهم أظهروا أمامه الجبن والضعف وأنه كان مُعتمدًا على تحبيذ شبان التورانيين له في تلك الشدة التي نزَع إليها، ظانًّا أنه بكسب مَيلهم إليه يصير رجل الدولة الوحيد، فأمّا من أهل سورية فلست أنسب إلى أحد حتى ولا للشيخ الشقيري[2] أنه هو السبب في خطة جمال باشا هذه؛ فجمال باشا هو وحده أبو عذرة تلك السامة، ولكن الشقيري الذي هو أول طال قاووق -كما يقول الأتراك - كان يُحاول تغطية أعمال جمال وابتغاء العذر عنه؛ لتكون له خِدمة عنده، فتارةً كان يُشيع أن سبب قتل مَن قُتلوا هو أنور باشا عندما جاء إلى سورية، وطورًا كان يقول: إن حضرة الأستاذ الوالد عندما ترجى جمالاً بالعفو عن الذين انتهى الأمر بشنقهم.. بحقيقة أمرهم عاد فقبل عذره، وأحيانًا كان يُوسوس إلى بعض الشبان سرًّا أنني أنا لي يد في ذلك، وغير هذا من الدسائس التي ذلك الرجل معروف بها، وليس العجب أن يكون هذا دأبه، بل العجب أن يكون غير هذا... وأما مولانا الإمام فهو أعلى من أن تؤثر في اسمه مفتريات الشيخ الشقيري أو غيره.

 

وأرجو أن تنوبوا عني في تقبيل يدَيه وطلب دعائه ورضاه لي، ودائمًا تتكرَّموا بسائر رفاهيته ورفاهيتكم، وأطال الله بقاءكم.

 

أخوكم

شكيب أرسلان

بمرسين تركيا


وجريدة ألف باء نفسها في تعرُّضها لي ما أرادت إلا امتداد خدمة وإثبات فائدة وجودها للجهة التي هي تخدمها... لا غير.

♦    ♦    ♦


ترجمة الأمير شكيب أرسلان

(1286 - 1366هـ) (1869 - 1946م)

الأمير شكيب بن حمود أرسلان، من سلالة التنوخيِّين ملوك الحيرة، عالم بالأدب والسياسة، مؤرخ، من أعضاء المجمع العلمي العربي، ولد في الشويفات بلبنان، وتعلَّم ببيروت وعُيِّنَ مديرًا للشويفات، فقائم مقام في الشوف، وأقام مدة بمصر، وانتُخب نائبًا عن حوران في مجلس المبعوثان العثماني، وسكن دمشق في خلال الحرب العالمية الأولى، ثم برلين بعدها، وانتقل إلى جنيف (بسويسرة) فأقام فيها نحو 25 عامًا وعاد إلى بيروت فتوفيَ فيها، ودُفن بالشويفات.

 

عالج السياسة الإسلامية قبل انهيار الدولة العثمانية، وكان من أشد المتحمِّسين من أنصارها، واضطلع بعد ذلك بالقضايا العربية، فما ترك ناحية منها إلا تناولها تفصيلاً وإجمالاً، وقام بسياحات كثيرة في أوربة وبلاد الغرب، وزار أميركا وبلاد الأندلس، وهو في حِلِّه وترحاله لا يدع فرصةً إلا كتب بها مقالاً أو بحثًا.

 

له تآليف كثيرة منها: (الحُلل السندسية في الرحلة الأندلسية) و(غزوات العرب في فرنسة وشمالي إيطالية وفي سويسرة) و(السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة) و(شوقي أو صداقة أربعين سنة) و(مذكرات)، وله نظْم و(ديوان).

الأعلام (3 / 173)، مجلة المجمع العلمي العربي (22 / 86).

♦    ♦    ♦


وأمَّا ترجمة الشيخ تاج الدين الحسني فسأُفرد لها ترجمةً خاصة بعد هذا البحث.



ونشَرت مجلة (الأسبوع العربي) العدد: 624 بتاريخ أيار 1971 حول قضية إعدام أحرار العرب:

• حقائق مرئية عن شهداء 6 أيار:

في العدد 621 نشرتم تحقيقًا عن شهداء 6 أيار 1916م، ولدى مُطالعة بعض الصفحات من مذاكرتي الشخصية وجدت بعض ما له علاقة بالشهداء وبما يمكن أن يكون خدمةً للتاريخ:

في يوم من أيام شهر رمضان أقامت مديرية أوقاف دمشق حفلةَ إفطار في الجامع الأموي بدمشق على شرف أحمد جمال باشا، وقد صحبتُ خالي الدكتور عبدالرحمن شهبندر لحفلة الإفطار هذه وكان بين الحضور من المدعويِّن سماحة المرحوم الشيخ بدر الدين الحسني المحدِّث المشهور بدمشق والد المرحوم الشيخ تاج الدين الحسني رئيس جمهورية سورية الأسبق، وكان بين الحضور أيضًا الشيخ أسعد الشقيري مفتي الجيش الرابع، وكنت أجلس في جانب الدكتور شهبندر، وبعد الانتهاء من تناول الإفطار نهض المرحوم الشيخ بدر الدين الحسني وألقى كلمة استِرحام طلب فيها من أحمد جمال باشا الرأفة والرحمة بالزعماء المُعتقلين والتي تجري محاكمتهم في بلدة عالية اللبنانية، والعفو عنهم، فما أن انتهى من إلقاء كلمته حتى نهض الشيخ أسعد الشقيري وأفتى بكلمة قال فيها: "إن الشرع الإسلامي يُجيز قتل الثلثين من المسلمين من أجل إحياء الثلث إذا قضت الظروف لمن يَخون الدولة العلية العثمانية"، وجلس فخيَّم الوجوم على وجوه الحاضرين وأخذ بعضهم ينظر إلى الآخر بدهشة واستغراب وكآبة، فالتفت إليَّ خالي المرحوم الدكتور شهبندر وهمَس في أذني قائلاً: "قتلَهم وربك الشيخ أسعد بكلمته هذه التي يَعتبرها جمال باشا فتوى شرعية قاتلَه الله".

 

الدكتور منير شيخ الأرض[3] - دمشق

 

المحرِّر: بين المعلومات الكثيرة التي جمعناها عن قضية الشهداء كانت فتوى الشيخ أسعد الشقيري، لكننا آثرنا عدم نشرها لتحفُّظنا تجاه ما قيل عن فتوى خاصة أصدرها الشيخ أسعد الشقيري الذي كان - كما قيل لنا - خطيب الجيش الهمايوني الرابع أثناء الحرب العالمية الأولى، ولقد زاد في تحفُّظنا أيضًا أن بعض أصحاب المعلومات التاريخية قالوا لنا: إن الذي أصدر الفتوى هو الشيخ بدر الدين الحسني نفسه الذي تَذكُر أنت أنه كان، بالعكس، صاحب طلب الاستِرحام.

 

أما وأنك شاهد على الحادثة وترويها على مسؤوليتك فإننا ننشرها مع صورة الشيخ أسعد الشقيري التي كنا يومذاك قد استحصلْنا عليها ولم ننشرها في حينه، وشكرًا على اهتمامك.

 

• وحقائق مروية عنهم:

نشرتم في العدد 621 تحقيقًا عن شهداء 6 أيار، وفيه تساؤل عما إذا كان جمال شنق أحرار العرب بإرادته الشخصية دون إرادة السلطات والحكومة العثمانية، ولم يَرِد في التحقيق جواب صريح على التساؤل.

 

لقد أخبرني المرحوم أمين التميمي خبرًا فيه جواب صريح على ذلك وقال لي: إنه كان قد عُيِّن في سنة 1927 مفتشًا على بعض المناطق التي جرت فيها حوادث الأمن، وأخذ يتردَّد على دوائر الباب العالي للاطِّلاع على بعض الأمور والملفات، وبينما هو في سبيل ذلك همس له مدير الأرشيف قائلاً: "لعل الأفضل لك أن تقرأ هذا الملف وكان ملف قضية أحرار العرب"، وأنه قرأ في هذا الملف برقيتين مُتبادلتين بين أنور وجمال؛ حيث كتب الأول للثاني بما ترجمته: "إن خليل بك - وكان هذا وزيرًا للعدلية في الحكومة العثمانية - مستاء ويقول: إن جمال شنق رجال العرب بدون أن يقترن ذلك بالإرادة السنيَّة"، وحيث أجاب جمال بما ترجمته: "إنك تعرف كم أن خليل بك (مزمزا) والكلمة تعني مُتحذلق، مُتعب، متعنِّت، أمَّا الإرادة السنية ففي إمكانكم استصدارها في أربع وعشرين ساعة"، وهذا يبيِّن أن جمال باشا نفذ الحكم بإرادته.

 

محمد عزة دروزة، دمشق

 

وحول هذا الموضوع ذكر الأستاذ الدكتور مازن المبارك خلال ترجمته[4] للشيخ بدر الدين الحسني فقال:

لقد حاول جمال باشا أن يَحصل من الشيخ على فتوى بإعدام الذين يريد شنْقَهم من أحرار الأمة، فسأل الشيخ: ما حكم الذين يَخونون وطنهم؟ فتجاهل الشيخ سؤاله ولجأ إلى ما يُعرف في البلاغة بأسلوب الحكيم وقال: على الحاكم أن يحق الحق ويُقيم العدل، وفَّقك الله لخير المسلمين وأعانك على إقامة العدل[5].

 

لم يقتنع جمال باشا بالجواب، بل لم يكتفِ به وطلب من الشيخ أن يُزوِّده ببعض إرشاداته خطيًّا، وكأنه يريد بذلك الحصول على شهادة من الشيخ تُظهر للناس أن الرسائل بينهما مُتبادلة، وأنه حريص على فتاوى الشيخ وإرشاداته، فكتب الشيخ رسالة وبعث إليه بها مع الشيخ يحيى زميتا المكتبي وفيها: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى الأنبياء والمرسلين، أمَّا بعد؛ فعن جابر رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ((إذا ظلم أهل الذمَّة كانت الدولة دولة العدوِّ))؛ (رواه الطبراني)، وأُهدي حضرتكم جزيل السلام، راجيًا ممَّن برأ الأنام أن يجعل لكم التوفيق أعظم رفيق، وأن يجعلكم حصنًا لمنع الضلال ومنهلاً للفضل والكمال، وأن ينفع بكم العباد بسلوك السَّداد، فإن الظفر والنصر واستقامة الأمر باتِّباع الحق والعمل به بين الخلق، وإن الظلم وارتكاب المحرَّمات السبب الأقوى لنقْص الأرزاق وحلول أنواع البليَّات، والمَرجو دعاؤكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

محمد بدر الدين عفا الله عنه...

 

وحين قامت الحرب العالمية الأولى أعلن مفتي السلطنة الجهاد، وحثَّ الناس على التطوُّع، وألحَّ جمال باشا على الشيخ (بدر الدين) ليوجِّه نداءً بهذا الخصوص لأنها حرب دينيَّة فرفض الشيخ، فأرسل إليه ابنه الشيخ تاج وكان ابن ثلاث وعشرين سنة ومعه صحيفة عليها عشرات التواقيع من علماء كثيرين يحثُّون فيها على التطوُّع، وطلب إلى الشيخ بدر الدين أن يضع ختمه عليها فأبى الشيخ وكتب إليه كتابًا يقول فيه:

(الحرب الدينية هي أن تُدعى أمَّة وثنية إلى عبادة الله وحده فإن أبت قوتِلت قتالاً دينيًّا، أو أن يَحكم ملك شعبه بالظلم والجور والاعتساف فيُهدى إلى الصراط المستقيم وإن أبى تُعلَن عليه حرب دينيَّة.

 

فالحرب الدينية إنما كان مبدؤها رفع الجور والبغي، وحيث إن المظالم كثيرة في دولتكم فعليكم إزالتها أولاً قبل إزالة المظالم عن الدول الأخرى".

 

وهل هذه الفتوى إلا جهاد في قولة حق أمام حاكم جائر؟!



[1] أمين الريحاني: كاتب، خطيب مؤرخ، ت 1359هـ / 1940م؛ الأعلام (2 / 18).

[2] هو الشيخ أسعد الشقيري، تولى أولاً القضاء بعكا، ثم أصبح رئيسًا لمحكمة الاستئناف في مدينة أضنة، ثم عاد إلى عكا، وفي الحرب العالمية الأولى عين مفتيًا للجيش الرابع وأصبح مقربًا من جمال باشا السفاح، واتُّهم بأنه وشى جمال باشا ببعض أحرار العرب وأوغر صدره، توفي سنة 1940م.

[3] منير بن زكي شيخ الأرض، من مشاهير الأطباء، ومن مجاهدي الثورة السورية، ولد بدمشق 1317هـ / 1900م، تلقى دروسه الأولى في المدرسة الكاملية سنة 1327هـ، وتخرَّج بجامعة جنيف؛ (الثورة العربية الكبرى لأمين سعيد 132، سجل المدرسة الكاملية).

[4] العلامة الداعية والمصلح الاجتماعي المحدث الأكبر الشيخ محمد بدر الدين الحسني، طُبع بدار البشائر بدمشق، (ص: 38 - 39).

[5] نُشرت مقابلة جمال باشا للشيخ مفصَّلة في جريدة ألف باء بتاريخ 8 آب 1936م، وعنها نقل الأستاذ محمد رياض المالح هذه المقابلة في كتابه: عالم الأمة وزاهد العصر، (ص: 226، 273).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ماذا وراء اغتيال كنيدي؟
  • الاغتيال السياسي
  • صفحات مشرقات وحقائق تاريخية عن معركة ميسلون

مختارات من الشبكة

  • خطبة حول التبغ والتدخين ورسائل حوله(مقالة - ملفات خاصة)
  • القول الصحيح حول حديث رهن درع النبي صلى الله عليه وسلم وكشف الشبهات حوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: برنامج عن المتحولين إلى الإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من حكم شعرية في شعر فضيلة الشيخ الشاعر عبدالله بن علي العامري(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المؤتمر الأول حول الإسلام بالمكسيك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • النظرة العامة حول قضية " مفكر إسلامي "(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • هل حَوَلان الحول شرط لوجوب الزكاة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات الحداثيين العرب حول تدوين السنة النبوية والرد عليها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هرلد موتسكي وعبدالرحمن أبو المجد في حوار حول علم الحديث(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترجمة مختصرة للتقرير الياباني حول مؤتمر العاملين في مجال الدعوة سنة 1995 م(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
1- سؤال
أحمد صبري محمد السيد - مصر 27-06-2017 04:55 AM

أولا: أشكركم على هذا المقال التحقيقي..

ثانيا: أسأل عن مصدر رسالة شكيب أرسلان، وهل هي منشورة في مصدر من قبل أم أنها سبق لكم بنشرها هنا في هذا المقال

ثالثا: ما المقصود بمذكرات شكيب أرسلان في النص المذكور

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب