• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

شوقي أبو خليل: المؤرخ والمفكر الذي فقدناه

شوقي أبو خليل : المؤرخ والمفكر الذي فقدناه
عبدالكريم السمك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/4/2014 ميلادي - 18/6/1435 هجري

الزيارات: 10695

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شوقي أبو خليل المؤرخ والمفكر الذي فقدناه


لكثرة عطاء هذا المؤرخ الكبير، الذي أثرى به مكتبة التاريخ الإسلامي طوال أربعة عقود من الزمن، واتسم عطاؤه هذا بلون جديد من لغة الكتابة التصويرية والجغرافية على قاعدة الأصول المنهجية، فمن حقّ هذه المدرسة اليوم أن تحاجج به وبعطائه مدارس التاريخ الإسلامي على مرّ الدهور والعصور في ثراء عطائه التاريخي والفكري، وأكتب عنه ولم ألتقه رحمه الله، وإنما عرفته من موروثه العلمي الكبير، ذلك هو شوقي أبو خليل، الذي نعاه كثير من الشعراء والأدباء والمؤرخين والمفكرين، وواحد منهم الدكتور وليد قصاب - الشاعر المعروف - الذي أقتطف من قصيدته هذه الأبيات.

ما مات أهل العلم والآثار
أسماؤهم تحيا مدى الأعصار
شوقي بحرف النور خلد اسمه
وأضافه بجلالةٍ ووقار
ما مر ثم مضى كأن لم يأتنا
أو كان في الدنيا من الأغمار
حيث اتجهت ثماره مزروعة
ما غادر الدنيا بغير ثمار

 

بيسان وشوقي وولادته:

خلّدت لنا ذاكرة التاريخ الإسلامي اسم سهل بيسان بعظيم الذكريات، فهو جغرافياً حلقة وصل بين وادي الأردن شرقاً وسهل مرج ابن عامر غرباً، وهو يحتضن مدينة بيسان، إضافةً إلى تسع وعشرين قرية فلسطينية، وهو قاعدة لشبكة اتصالات فلسطين بما يجاورها من الشمال والشرق، فمدينة بيسان قاعدة هذا السهل، فتحها المسلمون سنة 13ه/ 634م على يد القائدين العظيمين عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، ولعلّ هذا السهل يحتضن في ترابه آلاف الصحابة ومقاتلي المسلمين الذين ذهب فيهم طاعون عمواس سنة 18ه، ومنهم شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، حيث لا يزال قبرا هذين الصحابيين موجودين، وفي زمن الحروب الصليبية استرده المسلمون بعد معركة حطين، وقد جاء ذكر هذا السهل على لسان كثير من الرحالين المسلمين والجغرافيين، وبعد إعلان بريطانيا انسحابها من فلسطين، لتقوم على أثر انسحابها دولة إسرائيل بعد إقرار الأمم المتحدة بقيامها، وذلك عام 1948م، وضمن خطة تهويد مناطق فلسطين، ومنها سهل بيسان، فقد هاجمت قوات الهاجاناه اليهودية السهل وقراه وقاعدته مدينة بيسان في فجر يوم 1/5/1948م، وكان عددها ثلاثمئة فرد، فاحتلت حصن المدينة، وفي يوم 12/5/1948م احتلت القوات اليهودية المدينة، وبعد شهر من هذا الاحتلال طلب اليهود من أهل بيسان مغادرة المدينة والمنطقة، ومن امتنع عمدت القوات اليهودية إلى حمله في عربات نقل بقوة السلاح، ورمته على الحدود السورية، ويومها كان الدكتور شوقي ابن سبع سنين، فكان من هؤلاء المرحلين من بيسان؛ فبيسان موطن ولادته سنة 1360ه، بما يوافق شهر مايو عام 1941م، ودمشق الشام دار هجرته؛ فقد عاش فيه سنواته السبع، لكن اليهود سرقوا منه حياة الطفولة التي عاشها فيه، وفي دمشق موطن هجرته أودع فيها ما في جعبته من ذكريات طفولته، ولم يبق له من بيسان إلا الذكرى الأليمة ليوم اقتلاعه منه.

 

وفي دمشق كانت حضانته؛ فقد وسعت من قبله المقدسيين الذين استوطنوها أيام الحروب الصليبية؛ فلماذا لا تفتح دمشق قلبها لهذا الطفل الوديع الذي أحبّ فيها السيف الأموي، ومع نشأته العلمية سبح في بحار مجد تاريخ هذا السيف، فمضى في دراسة تاريخ الدولة الأموية حتى هيأ الله له سبيل الكتابة عن ذلك المجد العظيم من باب ردّ الجميل لهذه المدينة العظيمة قاعدة الحكم الأموي، وقاعدة الخلافة الثانية في الإسلام. ففي ظلّ هذا العهد العظيم حكمت دمشق أكبر متسع جغرافي شعّ نور الإسلام في جنباته، وهذا المتسع لم تصله دولة من دول العالم لا في القديم ولا في الحديث؛ إذ كانت حدوده من الصين شرقاً إلى الأطلسي غرباً، جاعلاً عنوان الكتاب مرتبطاً بمدينة دمشق، والكتاب هو: (دمشق 93 للهجرة: الشمس في ضحاها). والكتاب غنيّ عن التعريف، وكأنه أراد بكتابته هذه كمّ أفواه الذين نالوا من حكام دمشق في ذلك العهد، وصفحاتهم البيضاء في تاريخ الإسلام وانتشاره وتلك هي قصة شوقي أبو خليل من موطنه حتى دار هجرته.

 

نشأته وطلبه العلم:

فتحت مدارس دمشق أبوابها لشوقي أبو خليل وإخوانه ممن هاجروا من فلسطين، فدرس فيها المراحل الثلاث حتى حصل على الثانوية. وبعد حصوله على الثانوية التحق بجامعة دمشق، كلية الآداب، قسم التاريخ، فحصل منها عام 1965م على الليسانس في التاريخ، وبعد تخرّجه عمل مدرساً في ثانويات دمشق، ثم رئيساً لقسم الامتحانات في مديرية تربية دمشق، ثم موجّهاً عاماً لمادة التاريخ. ولسمو مكانته العلمية في التاريخ اختير عضواً في مديرية المناهج والكتب المدرسية في وزارة التربية. ومن خلال عمله التعليمي تابع دراساته العليا، فحصل على الماجستير والدكتوراه في التاريخ والحضارة الإسلامية من أكاديمية العلوم في جمهورية أذربيجان. وبحصوله على الدكتوراه هيأ الله السبيل لأن يكون أستاذاً للحضارة الإسلامية والاستشراق في كلية الدعوة الليبية، كما عُيّن محاضراً في كلية الشريعة بجامعة دمشق، واختير أميناً عاماً لجامعة العلوم الإسلامية والعربية السودانية في دمشق، إضافةً إلى عمله مديراً عاماً للنشر في مكتبة دار الفكر بدمشق من عام 1991م، إلى أن لقي وجه ربّه - رحمه الله - في 14 رمضان سنة 1431ه (24/8/2010م). كانت الواجبات عند شوقي أبو خليل أكثر من الأوقات؛ فيومه كله عمل؛ فهو لا يغادر مكتبه عندما يدخل إليه إلا بعمل تكليفي، أو عندما يريد الذهاب إلى بيته مساءً؛ فالوقت عنده له قيمة، ولا تفريط عنده فيه.

 

علاقته بالكتاب وصداقته له:

ابتدأت صداقة شوقي أبو خليل للكتاب منذ المرحلة الإعدادية عام 1954- 1955م؛ ففي هذه المرحلة الدراسية - كما يقول عن نفسه - "كنت أجمع مصروفي، وخاصة منه ما كنتُ أدفعه للحافلة، حيث أتكلف عناء السير على قدمي في سبيل التوفير، وكنت أشتري بما توفر لي الكتب، ولم تنقض المرحلة الثانوية حتى أصبح لديّ مكتبة من أربعة أرفف، جمعتها كلها من مصروفي. وأول ما دخل مكتبتي من الكتب هي سلسلة كتب (اقرأ)، التي كانت تصدر في مصر. والكتاب الذي أتذكرّ أنني اشتريته ب(ليرة وربع) سورية هو كتاب (فتوح الشام) للواقدي". ثم مضى بعد تخرّجه في الجامعة في اقتناء كتب الاختصاص من أمّات كتب التاريخ الإسلامي. ومن الكتب التي تأثر بها وأحبها كتاب (التفكير فريضة إسلامية) للمرحوم عباس محمود العقاد، وكتاب (أباطيل وأسمار) للمرحوم محمود محمد شاكر، والكتاب في محتواه هو دفاع عن أصالة الأمة ضد التغريب والعامية، وقد ردّ فيه على كل من: طه حسين، ولويس عوض. ولعلّ الواقع الذي آل إليه حاله وحال أمته في فلسطين وفي خارج فلسطين هو ما دفعه إلى السعي إلى استنهاضها عن طريق بعثها من جديد من بوابة التاريخ الحضاري لها في ماضيها؛ لتتجاوز ما آل إليه حالها اليوم، فمضى في هذا الطريق باحثاً وكاتباً ومؤرخاً، وقد أثرى بعمله هذا مكتبة التاريخ الإسلامي، حتى بلغت مؤلفاته فيه ما يربو على الأربعين كتاباً.

 

أما يخصّ مكتبته الخاصة، فهي ثرية بما تحتويه من نفائس الكتب فيما ينفعه في الكتابات التاريخية؛ فقد ضاق بها بيته ومكتبه الذي يعمل فيه؛ فهو كباحث ومؤرخ يرى أن الباحث لا غنى له عن القراءة واقتناء الكتاب، فكان هذا من أسباب بناء مكتبة خاصة به. ويرى أبو خليل أن المكتبة البيتية من أفضل المغانم للباحث في توفير الوقت له؛ فمن يكون الكتاب لديه، مالكاً له، ليس مثل من يذهب إلى المكتبات العامة؛ مما يسبب له ضياع الوقت ذهاباً وإياباً.

 

أبو خليل والتاريخ وعطاؤه العلمي:

لعلّ الواقع الذي نزل بفلسطين وأهل فلسطين، وأبو خليل من هذا الشعب الذي نُكب بطرده من أرضه ومسكنه، دفعه إلى الاهتمام بالتاريخ، ولعله أدرك أن الأمة لو وعت تاريخها بشكل جيد فلن يصيبها ما أصاب بلده وشعبه. وعندما دخل أبو خليل مدرسة التاريخ أدرك مقولةً خالدةً للمؤرخ الألماني تريتشك عندما قال: "لا أكتب التاريخ إلا في سبيل المجد الوطني والعزة القومية، ولولا هذا لكسرت قلمي".

 

من هذا الباب ولج أبو خليل مدرسة التاريخ، وبخاصة التاريخ الإسلامي؛ فقد أحبه وأبغض من يبغضه أو لا يحبه؛ فهو بما كتبه في هذا التاريخ يعدّ رائداً من روّاد مدرسة التاريخ الإسلامي في تاريخنا الحديث والمعاصر من خلال عدد من الوجوه التي ميّزت أسلوب الكتابة المنهجية عنده ولم يعمل بها غيره، فقد تجنب التدليس وسرقة النصوص، متبعاً في أسلوب الكتابة طريقة الإسناد في الرواية إلى مصدرها، إضافةً إلى توثيق النص، مع المحاكاة والاستقراء والاستنتاج والتفسير لأي نص تاريخي. وقد مضى على دخول شوقي أبو خليل عالم الكتابة في التاريخ الإسلامي أربعة عقود ولم يذهب أحد إلى الطعن أو النيل من أي عمل من أعماله الجليلة، خصوصاً في هذا العصر الذي نعيشه؛ فهو عصر استلاب الملكية الفكرية وسرقتها، فقد استحق - رحمه الله - بموروثه العلمي شهادة الخلق له بمكانته وأهليته العلمية. ومن جانب آخر، فقد آلم أبو خليل ما أصاب التاريخ الإسلامي من سهام الحاقدين على هذا التاريخ من المستشرقين ومن سار على نهجهم من أبناء جلدتنا، الذين نظروا إلى هذا التاريخ ليس بعين واحدة، وإنما بربع عين، فمضوا في التشكيك فيه، والهجوم عليه، كأن التاريخ الإسلامي عندهم بعظيم عطائه، وطول زمن حياته، لم يجدوا فيه إلا الحديث عن القرامطة، وثورة الزنج، والبابكية الخرمية، وحركة الحشاشين، وشخصية هارون الرشيد كما صورتها (ألف ليلة وليلة)؛ فوقف في وجه هؤلاء في عدد من الدراسات النقدية لهم التي نُشرت ونالت القبول في الوسط العلمي. والذي دفعه إلى التصدي لهؤلاء هو ما اتصف به من حبه أمته وتاريخها؛ فقد وجد أن هذا اللون من الكتابة عند هؤلاء الجهلة إنما هو ضرب من ضروب الاختراق الثقافي لثوابت هذه الأمة، وصورة من صور الاستعمار والاستبدال الثقافي لهوية الانتماء؛ فالتاريخ في حياة الأمم هو أساس وجودها وحياتها، وأيّ مساس به هو ضياع لها ولوجودها؛ فتاريخنا هو حاضن حضارتنا الإسلامية التي نفاخر بها تواريخ العالم وحضاراته.

 

عاش أبو خليل حتى يوم وفاته - رحمه الله - مع موروثه العلمي بتنوع فنونه وعلومه أكثر من أربعة عقود. وقد جاء هذا العطاء المتنوع عنده على النحو الآتي:

علم التاريخ:

على الرغم من تنوّع عطاء شوقي أبو خليل - رحمه الله - فقد خصّ التاريخ الإسلامي بالجانب الأكبر، والاهتمام الأوسع، بعيداً في عمله هذا من التدليس أو السرقة؛ فهو صاحب منهج علمي فيما يكتب على طريقة الإسناد في الرواية؛ عملاً بعملية الكتابة التاريخية التي رسمها علماء الأصول في مناهج الكتابة التاريخية، لكنه - والحقُّ يُقال- مع عدم خروجه عن الكتابة المنهجية عمد إلى تحديث الكتابة في التاريخ الإسلامي من خلال الاستعانة بأكبر قدر ممكن من الخرائط الجغرافية، والاستعانة بالصور في بعض الكتب التاريخية، بعيداً عن أسلوب السرد الذي يكتب به بعض المؤرخين، سيراً على ما ذهب إليه الروائيون. فمع كثرة عطائه التاريخي هذا، الذي أخضعه للمنهج العلمي في أسلوب البناء للنص ولغة الكتابة، فقد سلم من أقلام النقاد من المؤرخين وألسنتهم.

 

بلغ عدد مؤلفات شوقي أبو خليل التاريخية نحو خمسة وعشرين كتاباً، جميعها معنية بحروب المسلمين وانتصاراتهم العسكرية في سبيل نشر رسالة الإسلام، ويُلحق بهذه الكتب التي أثرى بها مكتبة التاريخ الإسلامي خمسة أطالس تاريخية كان قد توّج بها أعماله التاريخية، فجعلها خاتمةً لها، مستعيناً بالجغرافية الخرائطية، وصور ورموز توضيحية، فكان له قصب السبق بهذا النوع من الكتابة التاريخية. وقد تُرجم عدد منها إلى عدة لغات أجنبية بموجب عقود تم توقيعها مع دار الفكر صاحبة الحق والامتياز. وهذه الأطالس الخمسة هي: أطلس القرآن، وهو الذي لم يسبقه فيه أحد، وقد ترجم إلى عدد من لغات العالم، وأطلس السيرة النبوية، وأطلس الحديث النبوي (أماكن - أقوام)، وأطلس التاريخ الإسلامي، وأطلس الدول الإسلامية.

 

أما الكتب التي ألّفها ونشرها، وكثير منها طُبع عدة طبعات، فهي: القادسية، واليرموك، ونهاوند، وذات الصواري، وفتح الأندلس، وبلاط الشهداء، والزلاقة، وفتح صقلية، ومصرع غرناطة، وبدر الكبرى، وغزوة أحد، وغزوة الخندق، وغزوة تبوك، وصلح الحديبية، وغزوة خيبر، وغزوة مؤتة، وفتح مكة، وحروب الردة، وعمورية، ووادي المخازن، والحروب الصليبية: أسبابها، أحداثها، نهايتها.

 

الفكر الإسلامي برؤية عصرية:

لا يختلف الاستعمار الثقافي واستلاب هوية أيّ أمة من الأمم عن الاستعمار العسكري، بل إن الإبادة الثقافية لأصحاب الحضارات الإنسانية هي أخطر ما تواجهه اليوم، وهو ما تعانيه أمتنا العربية اليوم من سياسة الاستبدال الثقافي؛ فسياسة التغريب هذه طالت كل شيء في حياة أمتنا العربية والإسلامية؛ فقد نالت سياسة الاستلاب الثقافي من ثوابت الأمة، وبخاصة الإسلام ورسالته. وأمام هذا الواقع المؤلم تصدّى أبو خليل لهذه الهجمة التغريبية في الفكر والثقافة للنيل من الإسلام ورسالته، فكتب ونشر عدداً من الكتب، هي: الإسلام في قفص الاتهام (تُرجم إلى الفارسية والإنجليزية)، والإنسان بين العلم والدين، وآراء يهدمها الإسلام، وغريزة أم تقدير إلهي؟، ومن صنيع القرآن، وهارون الرشيد، والأرَك، والعقاب، وعوامل النصر والهزيمة، والهجرة حديث غيّر مجرى التاريخ، وحسين والطائف، وتحرير المرأة ممّن؟، وأحب أن أكون، وأحب أن أعرف تاريخ أمتي، والإسلام نهر يبحث عن مجرى، والإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب، والحضارة العربية الإسلامية، والهولوكست الأول في التاريخ محرقة نجران.

 

النقد على قاعدة الأصول وعلم المصطلح:

هذه المجموعة من الكتب النقدية عند شوقي أبو خليل كان الدافع إليها هو غَيرته على دين الله ورسالة الإسلام، وحاضنه هو التاريخ الإسلامي لسلف هذه الأمة؛ فقد وقع هذا التاريخ في مرمى أعدائه من المستشرقين ومن سبح في فلكهم، فجاء ما كتبه في نقد أعمالهم في دراسات تمّ نشرها له ردّ فيها رميتهم بعد أن بيّن أن هؤلاء الطبقة من الكتّاب الذين قصدوا النيل من سلف هذه الأمة وماضيها العظيم إنما اعتمدوا فيما كتبوه على ما ذكره وكتبه بعض الشعوبيين من أمثال ناصر خسروا الفارسي - صاحب كتاب (سفرنامه) - ومن دار في فلكه. ومؤلفاته في هذا الجانب هي: فيليب حتي في الميزان، وكارل بروكلمان في الميزان، وآراء يهدمها الإسلام، وهارون الرشيد: في بيان قدره وفضله ودينه (رداً على الصورة الإعلامية والاستشراقية التي قدمتها شاشات التلفزة في هذه الأيام، كما قدمها كتاب: ألف ليلة وليلة)، والإسلام في قفص الاتهام (رداً على المفتريات المعاصرة التي نالت من الإسلام ورسالته في ظل المصطلحات الجديدة؛ كالإرهاب وصلته بالإسلام، والتطرف الإسلامي، وبيّن فيه - رحمه الله - مكانة الإسلام، وسمو رسالته الإنسانية).

 

كتب الأطفال:

لم يبخل الدكتور أبو خليل على الأبناء من أطفال هذه الأمة في رسالته الكتابية، فقد خصّ الصغار بما خصّ به الكبار، فكتب لهم في الجوانب التاريخية والتربوية والتوجيهية ما يحصّنهم من أي اختراق ثقافي غربي لا يستقيم وشريعتنا الإسلامية بعد أن غزت هذه الثقافات بلداننا وبيوتنا وأطفالنا من خلال المطبوعات، والروايات، والتلفزة، وغيرها من الرسائل والوسائط التغريبية. وقد تجاوز ما كتبه أبو خليل لهم أكثر من مئة كتيّب صغير، بهدف تنوير عقولهم وبصائرهم ضد أيّ هجمة تغريبية تريد النيل من هويتهم الثقافية التي تنتمي إلى واقع الثقافة الإيمانية والحضارة الإسلامية. وهناك عدد من الأعمال العلمية التي لم يتسع المجال لنا للحديث عنها، لكنها أعمال عظيمة، وجليلة، ومتنوعة المفاهيم والأغراض، خصّها أبو خليل بالدراسة لما لها من رسالة هادفة في الانتصار لماضي هذه الأمة؛ لتكون رسالة سلف عظيم لخلف كريم.

 

شوقي أبو خليل في عيون محبيه:

"شهادة الحق من شهادة الخلق".. هذا ما ذهب إليه عدد كبير من محبي أبو خليل؛ ففي سنة 2004م جرى له حفل تكريم كبير في دمشق حضره عدد من العلماء والمؤرخين وأهل الفضل، وفي الحفل ألقيت كلمات عدد من المشاركين، كلها تثني على الدكتور أبو خليل في بيان قدره وفضله بما خدم به أمته ووطنه من خلال تاريخ هذه الأمة العظيمة. والكتاب الذي صدر عن دار الفكر تحت عنوان: (علماء مكرمون: شوقي أبو خليل.. بحوث ومقالات مهداة إليه) احتوى على أكثر من عشرين بحثاً أُهديت إليه - رحمه الله - ونُشرت في الكتاب.

 

غرناطة وأبو خليل:

قدّمت ذاكرة التاريخ الأندلسي لشوقي أبو خليل الصورة الحقيقية لواقع النهضة الإسلامية التي عاشتها الأندلس في ظلّ الحكم الإسلامي؛ فقد خلد تلك الصورة في ذاكرته، وذات يوم قصد الرحلة إلى إسبانيا لزيارة الأوابد والشواهد الإسلامية التي ما زالت تتحدث عن صورة هذه الحضارة العظيمة، فزار غرناطة، ووقف عند ساحة باب الرملة التي أُحرقت فيها كتب ابن رشد الأندلسي، وامتلأ قلبه حسرةً من تلك الذكرى الأليمة. وفي المساء عاد ثانيةً إلى زيارة ساحة باب الرملة، وفي صباح اليوم الثاني حُمل إلى المستشفى ليرقد فيها عشرة أيام؛ نتيجة صدمة قلبية أصابته بسبب ما اعتراه من الألم والحزن لضياع هذا الماضي العظيم من تاريخ هذه الأمة، التي كانت معاهدها العلمية تستقطب أبناء أوربا للدراسة فيها يوم أن كانت أوربا يسودها الظلام والجهل.

 

الإسلام وحركات التحرر العربية:

هذا الكتاب كتبه أبو خليل عام 1975م، وهو من الكتب النفيسة؛ إذ كتبه في ظل ما أصاب الأمة من نكبات عندما غرق مفكروها في بحر الفكر القومي، متناسين فضل عدد كبير من علماء هذه الأمة وقدرهم في جهادهم ضد المستعمرين من إنجليز وفرنسيين؛ فقد تناول فيه ترجمة عظماء هذه الأمة من أبنائها العلماء الذين كان لهم شرف الجهاد ضد المستعمرين، وهو لم يستثن قطراً أو بلداً، بل تناول أعمالهم التي خلدت أسماءهم في ذاكرة تاريخ هذه الأمة؛ كالجزائري، والخطابي، وابن باديس، وعمر المختار، والشيخ محمد كريّم الذي واجه قوات نابليون في الإسكندرية، وأعدمه نابليون أمام الأزهر، وعمر مكرم. وفي فلسطين: الشيخ أمين الحسيني، والآلوسي من العراق، وسليمان الحلبي من سورية. وهو كتاب عظيم في تناول تراجم هؤلاء العلماء المجاهدين؛ فقد كانوا في طليعة قادة الجهاد لتحرير البلاد والعباد.

 

الهولوكست الأول في التاريخ محرقة نجران:

إن الهولوكست الذي تشهده فلسطين وأهل فلسطين على يد اليهود لم يكن هو الأول الذي قام به اليهود، فهناك أول هولوكست حفظه التاريخ في ذاكرته، ووثّقه كتاب الله تعالى في سورة البروج، التي تناولت قصة أهل نجران ومحرقة الأخدود؛ فقد برهن الدكتور أبو خليل على أن الهولوكست الذي يدّعي اليهودي أنهم عاشوه على يد النازيين كذبته كل الدراسات العلمية، ولم يكن في الحقيقة سوى خدعة إعلامية بصناعة يهودية، وكان من أعظم غنائم اليهود في الحرب العالمية الثانية، فقد عجّل هذا الحدث بإيفاء القوى الدولية وعدها في فلسطين، وكان لليهود ذلك، ثم جعل اليهود منه سيفاً مسلطاً على رقاب الإنسانية جمعاء، فمن ينكره يُدان بأنه من أعداء السامية. وساق أبو خليل البراهين على تكذيب هذا الهولوكست في مقدمة كتابه هذا، ثم جاء بالأدلة على محرقة نجران، وما أقدم عليه اليهود بحق نصارى نجران. واعتمد في توثيق روايته هذه على المصادر الحبشية، والرومانية البيزنطية، والقبطية، وتوّجها بكتاب الله العزيز، الذي تناول القصة كما أسلفت في سورة البروج؛ إذ خصهم الله بخصوصية تداول قصتهم إلى يوم الدين.

 

وفي الختام، رحم الله فقيدنا الدكتور شوقي أبو خليل، بوصفه رائداً من روّاد مدرسة التاريخ الإسلامي في تاريخنا الحديث والمعاصر؛ فقد جعل سلاحه قلمه في خدمة أمته ودينه وتاريخه؛ فالرصاصة تقتل نفساً واحدة أما القلم فإنه يحيي أمةً، وهو ما قصده فقيدنا بعد أن سطّر اسمه بحروف من ذهب، بما خلّفه من موروث علمي أثرى به مكتبة التاريخ الإسلامي، وإن ثلاثاً وأربعين سنة من حياته - رحمه الله - في التأليف لا تكفي مثل هذه الدراسة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدكتور شوقي أبو خليل
  • فؤاد سيد .. العالم الذي فقدناه

مختارات من الشبكة

  • هل يكفر السلفيون شوقي؟ أم شوقي هو الذي يكفر العلمانيين؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نهر النيل لأمير الشعراء أحمد شوقي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تلخيص كتاب المدارس النحوية للدكتور شوقي ضيف (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أندلسية - شوقي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عرض كتاب: ذاتية السياسة الاقتصادية الإسلامية وأهمية الاقتصاد الإسلامي للدكتور محمد شوقي الفنجري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العبقرية والقريحة أو شوقي وحافظ(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشوق إلى الله تعالى (2) شوق الصالحين إلى الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطأ لغوي في ديوان شوقي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الشوق إلى الله تعالى (1) شوق الأنبياء إلى الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الخصائص البلاغية في حكايات شوقي المنظومة للأطفال(كتاب - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب